ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 20/12/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


معادلة الدعم الغربي ورفض اسراسيل للسلام!

طارق مصاورة

الرأي الأردنية

19-12-2009

ايام الحرب الباردة كان المسؤول الاميركي يقول صراحة: لن نسمح للنفوذ السوفياتي أن يحقق انتصارا في الشرق الاوسط بهزيمتنا في اسرائيل. ولن نسمح للسلاح السوفياتي ان يهزم السلاح الاميركي والغربي في اسرائيل!!.

كان بعض العرب يقبلون بهذا المنطق، ربما لأنهم مع الغرب في الصراع الاميركي - السوفياتي، وليس بالضرورة أنهم مع اسرائيل. وكان اكثر العرب يقول: ترى لماذا كانت اميركا والغرب يدعمون العدوان الاسرائيلي أيام كنا كلنا حلفاء لأميركا والغرب، وقبل أن يدخل السلاح والنفوذ السوفياتي الى المنطقة؟!.

 

والسؤال الان مطروحا: ترى لماذا تدعم اميركا التوسعية الاسرائيلية، ورفضها المستمر للسلام في الوقت الذي انتهت به الحرب الباردة، واصبحنا كلنا من جماعة القطب الواحد؟؟ ألم تلاحظ ادارات اميركا المتعاقبة واوربيون مهمون كبريطانيا وفرنسا والمانيا ان التطرف الاسرائيلي ما يزال يتناسب طرديا مع حجم الدعم المالي والعسكري والاستراتيجي الغربي لاسرائيل؟؟.

 

في جلسة ضيقة في البندستاج مع رئيس لجنة الشرق الاوسط في المجلس الاتحادي كنا نتغدى ونحاول أن لا نصل في النقاش الى حد افساد الجلسة كلها. قلت له: لقد عشت فترة في برلين، وكنا نهتم بزيارة عاصمة المانيا الشرقية لاسباب ثقافية: الكتاب والموسيقى والمسرح. وابديت له اعجابي بمسرح سياسي كوميدي كان ينتقد حتى الحكومة الشيوعية. فقال: نعم، نعم لكن هذا المسرح لن يستمر لأن كلفته عالية وهناك اولويات.

واخذتني الدهشة لهذه البساطة التي يعالج فيها عضو برلمان قضية ثقافية هامة.

- كيف؟!.

- لا مال عند الولاية وبلدية برلين!!.

وقلت للنائب المحترم: لكن هناك مال لتقدموا لاسرائيل ثلاث غواصات تحمل رؤوسا نووية على صواريخ بولاريس المشهورة؟ بالضبط هدية قيمتها المعلنة 600 مليون يورو!!.

 

وفقد الرجل كياسته، وبدأ يخبص، فليس اسهل من استثارة المسؤول الاميركي والاوروبي حين تشير ولو تلميحا الى العلاقة غير الاخلاقية مع اسرائيل، وكلفتها الباهظة على الشرق الاوسط والعرب!!.

هذه الخواطر تواردت بعد قراءة تصريح الامير سعود الفيصل لصحيفة الهيرالد تريبيون. فهذا المسؤول الذي ادار الدبلوماسية السعودية خلال 35 عاما يقول بوضوح أن سياسات اميركا هي التي تشجع اسرائيل على رفض السلام!!.

============================

مواجهة امريكية ايرانية في العراق

رأي القدس

19/12/2009

القدس العربي

يعيش 'العراق الجديد' وضعا فريدا من نوعه بعد ست سنوات على احتلاله من قبل القوات الامريكية، فالعراقيون لا يعرفون متى سيعود الامن الى بلادهم، وتتوقف اعمال العنف التي تحصد ارواح العشرات وفي بعض الاحيان المئات شهريا. وجاءت سلسلة التفجيرات الاخيرة التي استهدفت بعض المصالح الحكومية في قلب العاصمة لتنشر حالة من الكآبة لما تؤشر عليه من احتمالات تصاعدها حتى يوم اجراء الانتخابات العامة في آذار (مارس) المقبل.

لا شك ان تزامن التصعيد الحالي في احداث العنف والارهاب مع الصراعات المتفاقمة بين الاحزاب، والكتل المشاركة في العملية السياسية والمتنافسة على مقاعد البرلمان الجديد، يوحي بان المعركة الانتخابية ربما لن تكون سلمية في ظل رغبة بعض الجهات في الاحتكام الى السلاح والسيارات المفخخة ضد خصومها.

وجاءت الانباء الاخيرة حول اقتحام قوات ايرانية للحدود العراقية، والاستيلاء على حقل نفطي متنازع عليه في جنوب العراق (حقل الفكة) لتضيف صداعا جديدا للحكومة العراقية التي تعاني من امراض عديدة بعضها قاتل مثل التفجيرات الدموية الاخيرة، وانهيار الخدمات العامة، وحدوث صراعات داخل الائتلاف الداعم لها.

هناك تفسيرات لمثل هذه الخطوة الايرانية المفاجئة في اهدافها وتوقيتها:

* الاول ان تكون الحكومة الايرانية تريد اضعاف حكومة المالكي لمصلحة تحالف المجلس الاعلى الاسلامي الاقرب اليها سياسيا وطائفيا، بفتح جبهة جديدة معها حول الحقول النفطية، والحدود.

الثاني: ان تكون الحكومة الايرانية قد بدأت تشعر بأن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الغربيين سيلجأون الى خيار الحصار الاقتصادي الخانق ضدها في مطلع العام الميلادي الجديد، كمقدمة لخيار عسكري موسع لاحقا، ولذلك قررت 'استفزاز' القيادة العسكرية الامريكية في العراق بالإقدام على هذه الخطوة على أمل ان تتدخل القوات الامريكية وتتصدى للقوات الايرانية التي استولت على الحقل ورفعت علم بلادها عليه.

من الصعب استبعاد أي من الاحتمالين المذكورين، وربما تأتي الخطوة الايرانية هذه لتحقيقهما معا، أي اضعاف حكومة المالكي لمصلحة خصومها في المجلس الاعلى الاسلامي، واستفزاز القوات الامريكية لجرها الى مواجهة عسكرية محدودة في توقيت لا تريده قيادتها.

الرئيس الايراني أحمدي نجاد يصدر اشارات قوية توحي بالثقة في مواجهة حال الارتباك الامريكي حول كيفية التعاطي مع الملف النووي الايراني، بعد فشل المحادثات السلمية في اقناع الايرانيين بالتوقف عن عمليات تخصيب اليورانيوم، وتسليم ما في حوزتهم من يورانيوم منخفض التخصيب الى روسيا ومن ثم الى فرنسا لتحويله الى يورانيوم عالي التخصيب لاستخدامه كوقود في الاغراض السلمية فقط.

فاطلاق ايران صاروخ 'سجيل' الذي يزيد مداه عن الفي كيلومتر قبل يومين، وهو الصاروخ الذي يصعب تدميره بالصواريخ المضادة للصواريخ، هو رسالة الى امريكا ورئيسها باراك اوباما، مثلما هو رسالة ايضا الى اسرائيل، تقول بأن ايران لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تعرضها الى هجوم عسكري، فهي تملك القدرة على الوصول الى اهداف اسرائيلية، قد يكون من بينها المفاعل النووي في ديمونا في قلب صحراء النقب.

وفي الإطار نفسه يمكن النظر الى اعلان ايران عن امتلاكها ستة آلاف وحدة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم، وفي طريقها لمضاعفة هذا العدد في المستقبل القريب للبدء في عمليات تخصيب أعلى لليورانيوم في غضون عامين.

العراق مرشح لكي يكون ساحة مواجهة، او حرب استنزاف بين ايران والولايات المتحدة، مثلما هو ساحة مواجهات بين جهات عديدة والحكومة العراقية، من بينها تنظيم 'القاعدة' والمقاومة البعثية، والصراع الداخلي بين ميليشيات الائتلاف الحاكم.

============================

فشل مفاوضات وتنسيق أمني ودولة مؤقتة

ياسر الزعاترة

الدستور

19-12-2009

هل ثمة صلة بين القضايا الثلاث التي يتضمنها عنوان المقال؟ نعم هناك الكثير من الصلة ، فقد أخبرنا كبير المفاوضين قبل أسابيع أن 18 عاما من المفاوضات لم تفض إلى شيء ، في وقت صحح له الرئيس في كلمته أمام المجلس المركزي يوم الثلاثاء الماضي قائلا إنه لا داعي لأن نجلد أنفسنا لأن المفاوضات كانت محدودة بفترات لا تذكر (هل يمكن لخبير أن يجمع لنا كم ساعة تفاوضية أمضاها القوم منذ مدريد 91 ولغاية الآن ، ويضيف إليها أكثر من 200 ساعة مع حكومة أولمرت وحدها؟،).

 

أيا يكن الأمر ، فالنتيجة أن صفقة نهائية لم توقع ، وذلك رغم مسلسل التنازلات ، نعم مسلسل التنازلات الذي سخر منه السيد الرئيس قائلا إن شيئا لم يتغير منذ إعلان الدولة عام 88 ولغاية الآن ، مع العلم أن ذلك الإعلان لم يتحدث عن حل متفق عليه لقضية اللاجئين الذي يعني ببساطة شطب ذلك الحق ، كما لم يتحدث عن تبادل الأراضي الذي يعني بقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة في مكانها ، ولو ملك القوم الجرأة لقالوا لنا ما هي حقيقة "التفاهمات الشفهية" التي توصلوا إليها مع أولمرت.

 

لا بأس ، فالمفاوضات فشلت ، ولا عودة إليها قبل الوقف الكامل للاستيطان كما يعلنون ، وما دام نتنياهو يرفض ذلك ، فليقولوا لنا ما هم فاعلون (في ظل تأكيدهم على رفض العنف طبعا)؟،

 

هنا تأتي قصة التنسيق الأمني ، فإذا كان نتنياهو لم يلتزم بأي من الاستحقاقات المترتبة عليه في خريطة الطريق ، فلماذا يصر الطرف الفلسطيني على التعاون والتنسيق الأمني وكأن كل شيء على ما يرام؟،

 

يديعوت أحرونوت كشفت قبل أيام نقلا عن مصادر أمنية إسرائيلية أن التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة وبين سلطات الاحتلال يتم بنفس الوتيرة بمعزل عن الأوضاع السياسية ، وتحدث التقرير عن الدوريات المشتركة وعن الجهد الكبير للأمن الفلسطيني في ملاحقة خلايا المقاومة (يأتي بعد ذلك من يسألك بكل صفاقة: لماذا لا تقاوم حماس في الضفة الغربية؟،).

 

هل نطلب المستحيل إذا قلنا إن على هؤلاء وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الذي يحوّل إليهم بعض الصلاحيات الأمنية في المدن الفلسطينية من دون أن يتوقف عن دخولها واعتقال من يمكن أن يفكر في المقاومة من أبنائها ، مع أن عامين مضيا لم تكن هناك أية عمليات مسلحة من داخل الضفة؟،

 

لن يحدث ذلك بالطبع ، والسبب يتعلق بالجزء الثالث من العنوان ، وهو الدولة المؤقتة ، فالرئيس يقول إن حماس قد وافقت على الدولة المؤقتة ، وهي معزوفة يرددها منذ ثلاث سنوات دون كلل أو ملل ، ليس لأنها حقيقية (القصة عبارة عن مغامرة من أحمد يوسف مع سياسيين أوروبيين انتهت قبل أن تبدأ ورفضتها حماس رفضا قاطعا) ، بل لأنها تنافس القيادة إياها في المربع الذي تحب التحرك فيه ، وهو مربع السلطة والدولة المؤقتة التي لا وجود لمسار سواها على الأرض ، أقله إذا لم نفاجأ بمسار سري على شاكلة أوسلو ينتهي باتفاق بائس.

 

يفشلون في المفاوضات ، لكنهم سيعودون إليها ، إن لم يكن اليوم فغدا ، والسبب أنهم لا يؤمنون بسواها ، ويقولون ذلك بكل وضوح وصراحة (في مؤتمر فتح قالوا إن المقاومة باقية ، لكن أحدا لا يرد على رئيس الحركة عندما يقول كل يوم إنه يرفض العنف). وهم لا يوقفون التنسيق الأمني لأن عليهم إثبات جدارتهم به حتى يجري تسليمهم الصلاحيات الأمنية في سائر المدن لكي تكتمل أركان الدولة المؤقتة ، ولكي يجري السماح بتدفق الأموال والاستثمارات ، إلى جانب تحركات القادة ببطاقات الفي آي بي.

 

هذه هي الدولة المؤقتة التي تقوم على الأرض ، أما المفاوضات النهائية فتؤجل إلى عشرة أو عشرين عاما ، كما ذهب شارون ، وهو ذات السلام الاقتصادي الذي اقترحه نتنياهو والدولة المؤقتة بحسب بيريس وباراك وشاؤول موفاز. أما الزهد في المناصب والحرد السياسي فيمكن حله بطرق شتى ، وقد تكفل ما يسمى المجلس المركزي بذلك عندما قرر بقاء الرئيس في منصبه حتى إجراء الانتخابات،،

لقد تحولت القضية والمقاومة والثوابت والمقدسات إلى عناوين للتهريج كلما عقد اجتماع هنا أوهناك ، وأقسم أن المرء يكاد يصاب بالغثيان كلما سمع شيئا من ذلك ، ومع ذلك لن تعدم من يدافعون عن ذلك كله كما لو كان الحق المبين ، فأي عقل وأي ضمير يملكون؟،

============================

الأوروبيون وشهوة الاستفراد الإسرائيلي

المستقبل - السبت 19 كانون الأول 2009

العدد S1873 - رأي و فكر - صفحة 11

ماجد الشيخ

على قاعدة أنه لا ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يُقرر مُسبقا "نتائج مفاوضات التسوية الدائمة" بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ثارت وتثور تلك "الحمية" الزائدة والاستثنائية لحكومة اليمين المتطرف، في مواجهة مشروع المبادرة السويدية التي تدعو للاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وهي المبادرة التي جعلت بعض الحكومات الأوروبية تتبرأ منها، قبل أن تبدأ حكومة نتانياهو وأركان ائتلافه اتصالاتها بالحكومات الأوروبية لحثها على إدخال تعديلات جوهرية على مسودة المبادرة؛ تفرّغها من مضمونها.

وفي أعقاب الضغوط الكبيرة التي مارستها الحكومة الإسرائيلية، وبإسناد مباشر من حليفتها الإستراتيجية الأولى؛ الولايات المتحدة، لإجهاض مشروع المبادرة السويدية، تراجعت العديد من الدول؛ وفي مقدمتها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وتشيكيا، عن دعم مسودة مشروع المبادرة كما هي، عندما اقترحت تعديلات كانت كفيلة بإفراغها من أهم عناصرها الجوهرية.

وبهذا تكون أوروبا المنحازة للعدوانية العنصرية الإسرائيلية، قد فازت في مواجهة أوروبا المنحازة للعدل وللحق الفلسطيني وفق قرارات الأمم المتحدة التي تدين الاحتلال، وتطالب بالانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وبدلا من الرسالة القوية التي كان يجب أن توجه لحكومة نتانياهو، آثر البعض الأوروبي خيانة المبادئ التي التزم بموجبها الاتحاد الأوروبي العمل من أجل حل الدولتين، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، بدل هذا الرضوخ المخزي لحكومة يمين فاشي متطرفة، سبق وأن أدينت واتهمت بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، جراء احتلالها واغتصابها أرض ووطن الفلسطينيين.

هذه "النعومة" الأوروبية؛ كعنوان لتساهل المجتمع الدولي إزاء الممارسات والسلوكيات الفاشية للاحتلالية الاستيطانية الإسرائيلية، تؤشر إلى جانب نعومة وتساهل الولايات المتحدة، إلى فشل أو إفشال كامل جهود العملية السياسية التفاوضية، التي يبدو أنه بات من الصعب إنهاضها من عثراتها، وذلك بفعل العقبات الكؤود التي وُضعت وتوضع في طريقها، ليس بفعل الموقف الإسرائيلي، بل وبفعل الموقف الأميركي المتراجع عن كل ما نادت به إدارة أوباما، وما حُمّلت من آمال تغييرية قبل أن تبدأ ولايتها، وحتى بعد مضي عام على تلك الولاية التي كشفت مستور الموقف الأميركي غير المستتر أصلا. وأخيرا بفعل الموقف الأوروبي الذي يعيد اليوم كما بالأمس، تجاهل أن إسرائيل ذلك العبء الأخلاقي والأمني، ما زالت هي ذاك العبء، بل زادت عليه من أثقالها ثقلا، خاصة حين تذهب تداعيات الحروب الوحشية الإسرائيلية، حد أن تتعرض بعض بلدان أوروبا ومصالحها لهجمات إرهابية، جراء سلوكها المؤيد لجرائم الاحتلال في السر وفي العلن.

هذا الموقف الأوروبي  أو بعضه  ومن قبله الموقف الأميركي، يوجّها لطمة قاسية لجهود السلطة الفلسطينية، خاصة وهي تسعى وبجدية مفرطة للحفاظ على "خيار الدولتين"، وسط مخاطر الانزلاق نحو تلاشي هذا الخيار، في ظل التهديد بخيار "الدولة الواحدة"، ودون هذا الأخير مشقات تحولات كبرى داخل كيان الاستعمار الاستيطاني الصهيوني.

وفي هذا السياق، وإذا كانت السلطة الفلسطينية تضطر إلى تحديد خياراتها الداخلية والخارجية للمرحلة المقبلة، بالتوجه إلى الساحة الدولية بعد تعذر استئناف المفاوضات، وتحديد هدف استصدار قرار دولي يتبنى رسم حدود الدولة الفلسطينية العتيدة، فإن الطرف الآخر  الإسرائيلي  يسعى إلى عرض أقصى ما لديه من حلول "السلام الاقتصادي"، ولو على حساب أي تطورات سياسية ممكنة أو محتملة، وهذا ما لن يجدي معه الاضطرار إلى مراجعة مسيرة التفاوض برمتها، إذ ما الذي ومن بإمكانه إجبار إسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة طي أو فكفكة ملف الاستيطان، والانسحاب من الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية وفي شرق القدس، كي يتلاءم ذلك مع حدود الدولة الفلسطينية المفترضة وفق حدود الرابع من حزيران، كما تأمل السلطة الفلسطينية؟.

وحتى لو اتجهت واشنطن نحو تقديم "طٌعم" هو بمثابة جزرة تستهدف من ورائها إعادة الروح إلى المفاوضات المتوقفة، وبما يستجيب لمطالب الطرف الفلسطيني، فإن الوعود وحدها؛ وحتى القرارات الأممية، وغيرها من المواقف الدولية غير الملزمة، لن يكون في مقدورها وقف زحف الجرافات والبلدوزرات الإسرائيلية، وهي تهدم بيوت الفلسطينيين وتصادر أراضيهم، أو تبني المزيد من الوحدات الاستيطانية، حيث الاستيطان هو الأيديولوجية العليا، والشغل الشاغل لهذه الحكومة؛ حتى وإن اتخذت قرارا بالتجميد أو التأخير، فإن قرارات الاستئناف الاستيطاني تبقى هي الأقوى في معمعة ترسيم حدود مفترضة للاستيطان، لا تستجيب إلاّ للضرورات الأمنية والسياسية الإسرائيلية، القابلة للصرف والتحويل ليس في إسرائيل وحدها، ولكن في أميركا وأوروبا، حيث العالم لا يسعى إلاّ نحو ما يرضي إسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة، في الوقت الذي يتجاهل الاحتلال ويستبعده من بؤرة النظر إليه، كجريمة حرب ضد الإنسانية، حتى أمسى يجري تجاهل الاستيطان ذاته؛ كجريمة أخرى تضاف إلى جرائم الاحتلال.

وإذا كان نتانياهو بصلفه وعنجهيته، وبوقاحته المعهودة؛ يذهب إلى أنه لا ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يقرر مسبقا نتائج مفاوضات التسوية الدائمة، فإلى أي المرجعيات إذن استندت وتستند الحكومات الإسرائيلية كي تبيح لنفسها مسبقا ودائما تقرير نتائج مفاوضات شكلية، طالما سعت من خلالها لفرض وقائع جوهرية، تٌناسب ما تُجريه على الأرض من فرض وقائع استيطانية واحتلالية دائمة؟. وأين المنطق في ما تسعى إليه حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، وهي تدعو الاتحاد الأوروبي لعدم التدخل بينها وبين السلطة الفلسطينية، وإلاّ فإنها سوف تحرم دول الاتحاد من الاشتراك في أي جهود سياسية مستقبلا، وكأن إسرائيل في الماضي أو في الحاضر، وافقت أو توافق على إشراك أطراف دولية، في جهود استفراد الطرف الفلسطيني، في ما يسمى مفاوضات ثنائية، بينها وبين السلطة الفلسطينية؟!. وبهذا تكون حكومة نتانياهو قد ردت محاولات التسلل الأوروبية، ونجحت في إبعادهم عن مرمى التدخل بينها وبين الفلسطينيين، حفاظا والتزاما بشهوة الاستفراد التفاوضي، ويبقى على الفلسطينيين أن يستمروا بمحاولاتهم الدؤوبة لطرق كل الأبواب، لأجل كل ما يفيدهم ويفيد قضيتهم الوطنية.

============================

اقتصاد إسرائيل: الحرب مكلفة

السفير

19-12-2009

سمير التنير

ترخي الأزمة المالية العالمية بظلها على صورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل.

لم تواجه المؤسسات المالية في اسرائيل انهياراً على غرار ما حل بالشركات المالية في سائر أنحاء العالم الرأسمالي. ولكن بما ان الاقتصاد الاسرائيلي يعتمد بشكل رئيسي على التصدير (الذي يبلغ نحو نصف الناتج المحلي الاجمالي) فهو مرتبط للغاية بالاقتصاد العالمي إلى درجة التبعية المطلقة. كما انه يتأثر إلى حد بعيد بهبوط النشاط الاقتصادي في أميركا وأوروبا. ويبدو ان هذا الاعتماد كان له الأثر الأبلغ، وتمثل في دخول الاقتصاد الاسرائيلي مرحلة ركود كبير. وفي تراجع نسبة نموه خلال العامين الحالي والفائت، تحت وطأة الأزمة المالية العالمية.

أصدر الخبيران الاقتصاديان شموئيل ايفن ونيتسان فيلدمان دراسة عن بيئة إسرائيل الاستراتيجية. وحول انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الاسرائيلي (صدرت عن معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب). وفيها يقولان ان الأزمة في الاقتصاد الاسرائيلي باتت تتجسد بجلاء في ما يلي:

انخفاض المؤشرات الاقتصادية، فوفقاً لمؤشرات مكتب الإحصاء المركزي الاسرائيلي والمتعلقة بالربع الأول من عام 2009، فقد انخفض الناتج القومي الخام بنسبة 3,6 في المئة، وانخفض الإنتاج التجاري بنسبة 4,2 في المئة، وبلغت نسبة انخفاض الاستهلاك 4,2 في المئة. وبناء على ذلك فقد انخفض تصدير البضائع والخدمات بنسبة 14,4 في المئة مقارنة بالربع الذي سبقه (أي بنسبة سنوية ربما تبلغ 46,3 في المئة) وانخفض استيراد البضائع والخدمات (باستثناء الاستيراد الأمني واستيراد الطائرات والمجوهرات) بنسبة 21,4 في المئة (أي بنسبة سنوية ربما تبلغ 61,9 في المئة).

الثاني: اتساع موجات فصل العمال من العمل، اذ أعلن مكتب الإحصاء المركزي في شهر تموز عام 2009 ان نسبة البطالة حتى شهر أيار ارتفعت إلى 8,4 في المئة.

وبحسب تقرير المكتب نفسه فإن عدد المنتمين إلى القوة العاملة المدنية الاجمالية تجاوز 3 ملايين شخص بقليل. وارتفعت نسبة البطالة في كل مناطق اسرائيل.

يذكر انه خلال شهر آذار عام 2009 بلغ عدد العمال الذين فصلوا من أعمالهم في اسرائيل، وفقاً لما أعلنته مصلحة التشغيل الاسرائيلية، 20070 عاملاً. وهذا يحطم الرقم القياسي لعدد المفصولين من العمل خلال شهر واحد في تاريخ اسرائيل كله.

الثالث: انخفاض مداخيل الدولة من الضرائب وارتفاع كبير في عجز الموازنة الحكومية. وقدرت مصادر وزارة المال الاسرائيلية في شهر آذار عام 2009 ان يبلغ مدخول الدولة من الضرائب المباشرة وغير المباشرة خلال عام 2009 نحو 160 مليار شيكل (يتراوح سعر الدولار بين 3,9 و4 شيكل). أي اقل ب 40 مليار شيكل عن تقديرات سابقة للحكومة الاسرائيلية.

وبسبب تقلص الميزانية الدفاعية تجندت أوساط كثيرة لمواجهة اجراء تقليصها، في مقدمها وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك. وفي هذا السياق رأى عابريئيل سيفوني، وهو عقيد في الاحتياط ورئيس برنامج الدراسات العسكرية في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، ان حرب لبنان الثانية أدت إلى تحطيم فرضية أساسية وقفت وراء اعتماد خطة التقليصات الكبرى في الموازنة الاسرائيلية العامة في عام 2003. وفي إطار هذه الخطة جرى تقليص عدد تشكيلات سلاح الجو، وثم إلغاء بضع فرق وألوية من سلاح المدرعات. وفصل آلاف من عناصر الجيش النظامي. وكان فحوى تلك الفرضية الأساسية هو ان في إمكان الجيش الاسرائيلي المقلص ان يواجه تفاقم الأوضاع الأمنية، في ظروف زمنية قصيرة. غير ان اسرائيل فوجئت خلال حرب لبنان الثانية بواقع ان الأخطار الاستراتيجية عليها ازدادت. وكانت إحدى العبر من تلك الحرب هي ان تفاقم الأوضاع الأمنية يمكن ان يحدث في أي لحظة. ويطالب الآن كابي اشكنازي بميزانية دفاعية تبلغ 15 مليار دولار. أي بزيادة كبيرة جداً على الميزانية السابقة.

============================

تحديات جديّة أمام سلطة حزب العدالة والتنمية

آخر تحديث:السبت ,19/12/2009

الخليج

محمد نور الدين

لم يكن حظر المحكمة الدستورية في تركيا لحزب المجتمع الديمقراطي الكردي ومنع 37 من قادته من العمل السياسي لخمس سنوات مجرد حادث في مسار المسألة الكردية في تركيا أو مقتصراً عليها .

 

وإذا كانت المحكمة الدستورية قد استهدفت حزباً تجمعه مع حزب العمال الكردستاني، المحظور بدوره، الانتماء والولاء للهوية الكردية والسعي لتلبية تطلعات الأكراد في الاعتراف بهم كمجموعة لها ثقافتها وخصوصيتها فإن العصافير التي أصابها قرار الحظر تتعدى المسألة الكردية لتطال بالذات وجود ومسيرة حزب العدالة والتنمية في السلطة والذي لا يزال من الصعب إزاحته منها من طريق الانتخابات النيابية .

 

بعد حظر الحزب الكردي لم يعد هناك مخاطب كردي بالنسبة للدولة التركية أو على الأقل بالنسبة لحكومة حزب العدالة والتنمية في ظل عدم الاعتراف بحزب العمال الكردستاني واعتباره إرهابياً .

 

إن توتير الداخل التركي يكون أسهل من البوابة الكردية منه إلى بوابات التوتر الأخرى الاجتماعية والسياسية . إذ إن الحظر يفاقم من الإحباط الذي تشعر به القاعدة الكردية في تركيا والتي لا تزال تتعرض لضغوطات الحرمان والإهمال والإنكار منذ عقود .

 

ويواجه حزب العدالة والتنمية أيضاً حملة متشعبة ومتعددة القوى والأساليب من أجل وقف مسيرة الإصلاح في الداخل والانفتاح على الخارج .

 

وتبرز المحكمة الدستورية كإحدى آخر القلاع العلمانية المتشددة في ما يسمى بالدولة العميقة والتي تتمتع باستقلالية وببنية موروثة من عهد الرئيس السابق أحمد نجدت سيزار بحيث سيكون من الصعب تبدل أعضائها قبل مرور عدة سنوات .

 

وإذا كان الانقلاب العسكري اعتمد أسلوباً للانقضاض على قوى التغيير أكثر من مرة فإن المحكمة الدستورية كانت الذراع المساندة له عندما كان يتعذر التغيير عبر الانقلابات العسكرية .

 

لم يفقد الجيش التركي نفوذه في الحياة السياسية ولا تزال تحمي هذا الدور مواد دستورية وقانونية يهدد قادة العسكر مراراً بترجمتها إذا اقتضت الضرورة .

 

لكن مع ذلك ما عاد ممكناً للعسكر اللجوء إلى هذه بيسر ودون صعوبات وفي ظل انكشاف كل شيء أمام الإعلام وشعبية حزب العدالة والتنمية .

 

إن انكشاف زمرة ما يسمى بأرجينيكون وتورط عدد كبير من الجنرالات العسكريين الكبار السابقين وبعض الضباط الحاليين وجّه ضربة قوية لنفوذ العسكر، ودائماً ما يشير رئيس الأركان إلى حملة خفية لتحطيم هيبة العسكر وثقة الناس به .

 

ومن جهة أخرى، تبدي الأحزاب الأخرى كلها يأساً من إمكانية زحزحة حزب العدالة والتنمية من السلطة . لذا تشن هجماتها العنيفة على الحكومة التي يرأسها رئيس الحزب رجب طيب أردوغان .

 

وليس أفضل من معارضة كل شيء يبادر إليه حزب العدالة والتنمية حتى لو كان يجلب الاستقرار إلى تركيا، فعارضوا بشدة خطة الانفتاح على الأكراد وخطة الانفتاح على العلويين وعارضوا الاتفاق مع أرمينيا رغم أنه يحقق مكاسب كبيرة لتركيا .

 

إن حظر حزب المجتمع الكردي هو مجرد كرة النار التي تكبر مثل كرة الثلج لتحاول أن تصيب بلهيبها تجربة ناجحة إلى حد كبير هي تجربة حزب العدالة والتنمية .

 

والمسؤولية هنا تقع بالكامل على عاتق حزب العدالة والتنمية الذي يدرك حتماً ضخامة العراقيل التي تواجهه . ولكنه يحتاج أمام استمرار هذه العراقيل إلى مراجعة كاملة لاستراتيجيته من أجل تجاوز هذه العراقيل وتثبيت تركيا حديثة وديمقراطية .

إن ما يحدث في تركيا من اضطراب سياسي واجتماعي وأمني ليس بالأحداث البسيطة، وربما تكون مدخلاً لمخطط كبير يستهدف الإطاحة بحزب العدالة والتنمية، من هنا أهمية التنبه لهذه التحديات والأخطار حتى لا تخسر تركيا والمنطقة هذه التجربة الفريدة والمميزة .

============================

عودة «مستر 10 في المئة» السوري إلى أحضان القبيلة

زين الشامي

الرأي العام

19-12-2009

أكدت تقارير في الآونة الأخيرة أن عضو القيادة القومية السابق ل«حزب البعث» في سورية نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية (م،ح)، وهو من الشخصيات التي كانت مقربة من نائب رئيس الجمهورية السابق وقائد سرايا الدفاع رفعت الأسد، قد عاد إلى البلد منذ أشهر عدة.

السيد (م.ح) معروف أنه غادر سورية إلى الولايات المتحدة في التسعينات من القرن الماضي، ومعه ملايين الدولارت التي استطاع الحصول عليها نتيجة تورطه في الكثير من أعمال الفساد، لدرجة أن كاتباً بريطانيا مقرباً من الرئيس الراحل حافظ الأسد، وهو باتريك سيل، وصفه «بالمستر 10 في المئة»، وذلك لأنه كان يقبض هذه النسبة عن كل صفقة تتم بين الحكومة السورية وأي جهة أخرى.

ما نعرفه كله عن هذا «الرفيق» البعثي القديم، والذي تسلم منصبه في الحكومة السورية عام 1973، أن القضاء السوري أقام بحقه الكثير من القضايا، وكلها تتعلق بمسه للنزاهة وسرقة المال العام، لكن رغم ذلك فإنه، وحين عاد الى سورية، كان هناك ضابط من الحرس الجمهوري في استقباله على الحدود السورية - اللبنانية لدى عودته، وهذا يؤشر الى أن هناك موافقة من أعلى المستويات على عودة هذا الرجل، لا بل ربما هي إشارة ترمز الى تبرئته من الملفات السابقة كلها.

التقارير نقلت عن مصادرها أن «الرفيق» (م.ح) قد حل إثر عودته ضيفاً في دار أحد أبنائه بضاحية يعفور الراقية قرب الحدود اللبنانية، وبعد فترة انتقل إلى قريته في «بيت ياشوط» على الساحل السوري، ريثما تتم إعادة تأهيل منزله في حي المزرعة بدمشق، وأن المعلومات تشير إلى أن عودته إلى سورية أخيراً تمت بناء على وساطة قام بها أيضاً مضر الأسد، نجل رفعت الأسد، وزوج ابنة (م.ح)، وذلك بعد أن تعهد الأخير بعدم القيام بأي نشاط سياسي أو تجاري في سورية، وهو ما يعني أن القضية تمت تسويتها قبلياً وعائلياً، بعيداً عن القضاء، ومن دون أي احترام للرأي العام والشعب السوري الذي درجت العادة على تغييبه وإبعاده عن الأمور كلها التي تتعلق بمصالحه ولقمة عيشه وثرواته الوطنية ومصائرها.

وكما أسلفنا فإن (م. ح) كان من الشخصيات الحزبية والقيادية البارزة في الأعوام الأولى من عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، لكن نجمه أفل في الأعوام الاخيرة من عهد الرئيس الراحل بسبب «خيانته» لحافظ الأسد وارتباطه أكثر بشقيقه ومنافسه في الوقت نفسه رفعت الأسد الذي حاول الاستيلاء على السلطة عام 1983 عندما اشتد المرض على حافظ الأسد، وهذا هو السبب الذي يقف وراء قرار القيادة القومية عام 1984، حين أوقفته عن ممارسته العمل السياسي والحزبي لدعمه رفعت الأسد آنذاك في محاولته الانشقاقية.

وكانت محكمة أمن الدولة قد أصدرت بحقه حكما غيابياً بالسجن 15 عاماً، لكن كما قلنا، ذلك كله تم طويه بالسر على الطريقة القبلية العائلية، بعيداً عن أعين الرأي العام السوري، لا بل كما قلنا تم استقبال هذا المسؤول السابق المطلوب للقضاء، استقبال الفاتحين!

وحتى يكتمل المشهد المأسوي، أو الهزلي، لا بد من التذكير أن هذا الرجل كان قد وافق يوماً على قصف وتدمير مدينة دمشق واستباحة أهلها وسرقتهم، حسب ما ذكر مصطفى طلاس، وزير الدفاع السابق في عهدي الرئيسين حافظ الأسد ونجله بشار، في كتابه «ثلاثة أشهر هزت سورية»، حين روى طلاس كيف رسم رفعت الخطة للوصول إلى الحكم عام 1983 بعد مرض شقيقه، فبعد السيطرة على منزل رئيس الجمهورية ومقر القيادة العامة، واحتلال مقر الإذاعة والتلفزيون وإعلان نبأ تسلم رفعت مقاليد السلطة في البلاد. ولإشعار سكان العاصمة بأن القبضة التي تسلمت الحكم هي قبضة فولاذية تقوم المدفعية بقصف دمشق عشوائياً لإرهاب السكان وقطع أنفاس الناس، وبعد ذلك تقوم مفارز المشاة من سرايا الدفاع بعملية نهب وسلب للمدينة المنكوبة، وقد أبلغ رفعت ضباطه وجنوده أن المدينة ستكون حلالاً زلالاً مدة ثلاثة أيام بلياليها، وبعدها لا يجوز أبداً أن يظل فقير واحد في سرايا الدفاع. وإذا طلب جندي بعدها مساعدة أو إكرامية ستُقطع يده.

ويذكر طلاس حديثاً دار بين رفعت ومستشاره السياسي، وهو بطل روايتنا نفسه (م.ح)، وكانا يمشيان في ضوء القمر بمعسكرات القابون المطلة على دمشق قال رفعت: «مو حرام وا أسفاه أن تهدم هذه المدينة الجميلة... فأجابه (م.ح): والله صحيح حرام وأسافه ولكن شو طالع بأيدينا غير هيك».

«مستر 10 في المئة»، أيها الرجل الذي كنت مستعداً يوماً ما لقصف دمشق المدينة الأقدم في التاريخ، لأنه «مو طالع بيدك شيء». أيها المناضل الرفيق، أهلاً بك إلى القبيلة، وغداً ربما نهتف لك «بالروح بالدم نفديك» ونحملك على أكتافنا، وننحر لك الخرفان تحت قدميك... نحن أبناء القبيلة، عفواً الدولة «العلمانية».

كاتب سوري

============================

حروب سياسية ودينية في أفغانستان والعراق وفلسطين!

السبت, 19 ديسيمبر 2009

سليم نصار *

سأل مرة مندوب صحيفة «نيويورك تايمز» الرئيس باراك أوباما عن توقعاته المستقبلية بالنسبة الى الأزمة المالية الخانقة، وما إذا كان الانفراج الذي يبشر به سيحل في نهاية سنة 2009؟

وأجابه الرئيس الأميركي على الفور إنه لا يملك كرة بلورية ساحرة تعينه على استكشاف المستقبل ورصد المناخ الاقتصادي في الولايات المتحدة.

واختصر تنبؤاته بالحديث عن المأزق الذي تعانيه إدارته في أفغانستان والشرق الأوسط وباكستان والعراق، متوقعاً أن تكون سنة 2010 هي سنة الاستحقاق والحسم.

والثابت أن اختبارات أوباما خلال السنة الأولى من ولايته، قد أقنعته بأن الوعود الانتخابية شيء... وتحقيق هذه الوعود شيء آخر. لذلك بقي محاذراً في جوابه لأنه لا يملك الرؤية السياسية الصحيحة لحل أزمات العالم.

في كتابه الواسع الانتشار وعنوانه «الأوزة السوداء»، حذر الخبير الاقتصادي اللبناني نسيم نجيب طالب من مخاطر التخمين والمضاربات في التجارة والبورصة لأن المفاجآت قد تفسد كل الحسابات. واعتبر أن تاريخ البشرية صنعته أحداث غير متوقعة مثل حادث 11 أيلول (سبتمبر) الذي بدّل سياسة الولايات المتحدة وجعل تفاعلات العنف المضاد تصل الى العراق وأفغانستان وسريلانكا والفيليبين وغيرها من دول آسيا والشرق الأوسط.

وأعطى نسيم طالب أمثلة مختلفة على وقوع أحداث مفاجئة غيّرت وجه التاريخ، الأمر الذي وصفه نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني بجهل المجهول.

تبعاً لهذه النظرية أصبح التنبؤ بمستقبل الأحداث أمراً صعباً، إلا أنه لا بد من إجراء بعض المحاولات، خصوصاً أن سنة 2010 تمثل مرحلة العبور من وضع يسوده الغموض الى وضع أكثر وضوحاً وشفافية.

بالنسبة الى الولايات المتحدة فإن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها الرئيس أوباما يتعذر معرفة نتائجها قبل مرور أربعة أشهر على مراحل التطبيق. ذلك أنه شجع المستهلكين والشركات على الاقتراض بهدف تخفيف أزمة البطالة وتحريك عجلة الاستثمار واسترداد عافية الاقتصاد.

ومع أن الاستراتيجية التي اعتمدها في أفغانستان تبدو أكثر عقلانية من استراتيجية بوش، إلا أن الواقع العملي لا ينبئ بالخير. والسبب أن تركيبة المجتمع الأفغاني تختلف عن تركيبة المجتمع العراقي الذي برهن عن استعداده لعقد اتفاقات سياسية، بخلاف المجتمع الأفغاني القبلي الذي يبدل ولاءاته بتبدل الظروف. صحيح أن الكونغرس الأميركي وافق على منح أفغانستان مساعدات اقتصادية لمحاربة الفقر وإنعاش التنمية (1.2 بليون دولار)... ولكن الصحيح أيضاً أنه في غياب المؤسسات الرسمية ستكون هذه المساعدات من نصيب زعماء العشائر والقبائل. وسيُتهم الرئيس كارزاي بأنه يشجع الفساد والمفسدين.

الخطة العسكرية المعقدة التي أقلقت الرئيس أوباما، تقضي ببسط سيطرة القوات الأميركية على الولايات الأفغانية وطرد «طالبان» منها. ويرى المراقبون أن واشنطن تتحاشى تكرار ورطة فيتنام في أفغانستان، الأمر الذي يضطرها الى الانسحاب الى قواعد عسكرية آمنة في قيرغيزيا وطاجكستان وأوزبكستان. ومن المؤكد أن هذا التوسع سيعكر علاقات أميركا بالصين وروسيا على اعتبار أن آسيا الوسطى تُعتبر منطقة مصالح حيوية لهاتين الدولتين.

المأزق الآخر الذي تواجهه إدارة أوباما في تلك المنطقة يتمثل في محاولة فرض عقوبات على إيران أو الاشتراك في ضربة عسكرية ضد منشآتها النووية. ومن المؤكد أن طهران ستسعى الى عرقلة تنفيذ الاستراتيجية العسكرية الأميركية في العراق وأفغانستان لكونها تتعارض مع مصالحها ونفوذها.

عندما زار وزير خارجية إسرائيل أفيغدور ليبرمان موسكو هذا الشهر، أخبره رئيس الوزراء فلاديمير بوتين أنه سيزور إسرائيل خلال 2010. ومع أن هذه الزيارة ستغضب إيران وأصدقاء روسيا في المنطقة، إلا أن العمليات الإرهابية التي قام بها الشيشانيون أخيراً، أثارت مخاوف بوتين من أن تكون إسرائيل والولايات المتحدة قد بعثتا هذه الأعمال النائمة منذ مدة طويلة. ويستنتج من طبيعة المحادثات التي أجراها ليبرمان في موسكو، أنه شدد على إقناع الرئيس بوتين بضرورة إلغاء صفقة الصواريخ لإيران، أي الصواريخ التي يصل مداها الى إسرائيل (طراز أس 300) والتي هدد الرئيس أحمدي نجاد باستعمالها في حال قامت الطائرات الإسرائيلية بمهاجمة المنشآت النووية. ولما سئل ليبرمان من قبل مذيع قناة «روسيا اليوم» عما إذا كانت بلاده ستضرب هذه المنشآت، أجاب بأن كل الخيارات مطروحة، بما فيها الخيار العسكري. وفي سبيل منع هذا التصعيد، أعلنت موسكو عن خشيتها من بيع هذه الصواريخ لطهران، الأمر الذي دفع الرئيس نجاد الى التهديد بمقاضاة روسيا إذا تخلفت عن تسليمها.

واللافت أن حكومة بوتين عملت السنة الماضية على إلغاء نظام التأشيرات مع إسرائيل. وقد سهل هذا الإجراء انتقال عدد كبير من اليهود الروس الى «أرض الميعاد» كما سهّل تدفق السياح بين البلدين.

القضية الفلسطينية ستظل تراوح مكانها في ظل التعنت الإسرائيلي والعجز الأميركي. ولكن سنة 2010 قد تسمح للأوروبيين أو الروس باستثمار الوقت الضائع، وتوفير حل قد يرضى به نتانياهو، والسبب أن «حماس» تستعد لإطلاق الانتفاضة الثالثة إذا فشلت المساعي الدولية في إيجاد التسوية... أو إذا قررت حكومة نتانياهو تنفيذ وعدها ببناء جدار يفصل غزة عن سيناء، وهذا معناه محاصرة أهل غزة من الجنوب ودفعهم الى التوجه شمالاً أو شرقاً.

الأسبوع الماضي أكدت مصادر مصرية أن إسرائيل باشرت في بناء جدار فولاذي ضخم على امتداد حدود قطاع غزة (محور فيلادلفيا) يزيد طوله على تسعة كيلومترات. وقد صُنع الجدار من الفولاذ بحيث يصعب اختراقه أو صهره. كما سيكون من الصعب حفر الأنفاق التي تستخدم لنقل الأسلحة والبضائع المهربة الى داخل القطاع من مصر. والمعروف في هذا المجال أن حراس الحدود المصريين يشددون الرقابة على الأنفاق بحيث أنهم يقومون بتدميرها أو ضخ الغاز في داخلها من أجل إخراج العاملين.

وربما يكون الاقتراح الذي قدمه الكاتب الفلسطيني ماجد كيالي من أسلم الحلول العملية وأكثرها ارتباطاً بواقع أزمة الثقة. قال: «يجب أن تقتنع «فتح» بوقف احتكارها وهيمنتها على القرار الفلسطيني. كما يجب أن تقتنع «حماس» بأن القوة لا تعطي الشرعية، وان هيمنتها العسكرية على القطاع لا تمنحها شرعية استئصال الآخرين». وهذا ما وصفه بتنظيم الخلاف، لإيمانه بأن سياسة الفريقين تمنعهما من التحالف، ولكنها لا تمنعهما من التصالح من اجل تحقيق هدف واحد.

هذا، وكان الكنيست قد صوّت على مشروع قانون يقضي بإجراء استفتاء عام حول أي قرار حكومي يقضي ب «التنازل» عن أراضٍ تخضع للسيادة الإسرائيلية شريطة مصادقة 80 نائباً على إجرائه. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن نتانياهو قوله إنه مستعد لتأييد قانون الاستفتاء الشعبي على الانسحاب من القدس الشرقية والجولان، في حال التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين أو مع الحكومة السورية. ويتوقع أن تصوت رئيسة «كديما» تسيبي ليفني ضد القانون، بعدما أعلنت انه يتم انتخاب الحكومة من أجل اتخاذ القرارات، وليس من أجل أن تعيد القرارات الى الشعب كي يقرر.

ويرجح أن يتغيب وزراء «حزب العمل» عن جلسات التصويت لأن إيهود باراك، وزير الدفاع، عبّر عن معارضته المطلقة للقانون.

ويذكر أن سورية قامت بتعليق مفاوضات السلام غير المباشرة مع إسرائيل بواسطة تركيا في أعقاب العدوان على غزة. كما وضعت سلسلة شروط لاستئنافها منها إعلان إسرائيل استعدادها للانسحاب الى خط الرابع من حزيران (يونيو) سنة 1967.

المراسلون في بغداد متخوفون من عمليات العنف، ويتوقعون أن يزداد عددها كلما اقترب موعد الانتخابات في آذار (مارس) المقبل. وقد كتب بعضهم الكثير عن أعمال عنف استهدفت الكنائس ومنازل المسيحيين الذين رفضوا مغادرة العراق. علماً بأن عهد صدام حسين وفّر لهم الحماية والأمان، ولم يسمح باضطهادهم أو تهجيرهم كما يحدث في عهد المالكي. وقد وصل عددهم الى أكثر من مليون ونصف المليون نسمة قبل الحرب، بينما تضاءل هذا العدد الى النصف بسبب عدم تأمين الحماية والرعاية من قبل جيش الاحتلال أو الشرطة المحلية. وتشير الإحصاءات الى أن أكثر من ألف عائلة مسيحية من مدينة الموصل قد هربت وتعرض خمسون من أبنائها للذبح ضمن حملات اغتيالات مبرمجة. لذلك نظمت الكنائس في الموصل حيث يعيش 750 ألف مسيحي، قافلات ترحيل تضم الكلدان والسريان والأورثوذكس والكاثوليك والآشوريين. والمسيحيون في مدينة الموصل يعيشون منذ 1743 بينما شيدت كنائسهم في القرن الثالث عشر. وقد حاول زعماؤهم قبل الحرب زيادة نسبة تمثيلهم في البرلمان عن خمسة مقاعد ولكنهم لم يوفقوا.

ويبدو أن خلاف الكنيسة مع الحكومة ليس وقفاً على العراق بدليل أن الفاتيكان عبّر عن خلافه مع الحكومة الإسرائيلية بسبب مصادراتها لأملاك الكنيسة. ويقع 19 من مواقع الخلاف في الضفة الغربية، فيما يقع 28 موقعاً منها في القدس الشرقية المحتلة.

وكان نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني ايالون قد زار الفاتيكان هذا الشهر على رأس وفد رسمي بهدف تسوية النزاع القائم. ويقوم هذا النزاع أساساً حول ملكية الكنيسة لأراضٍ وعقارات ومبانٍ دينية ترفض إسرائيل إعادتها. والأماكن الستة المقدسة المطلوبة للفاتيكان هي: كنيسة البشارة في الناصرة، وجبل السعادة شمال بحيرة طبرية، وكنيسة الخبز والسمك شمال غربي طبرية والكنائس في كفار ناحوم وجبل طبور وغات.

وهذا معناه أن سنة 2010 لن تشهد على عنف المعارك السياسية والعسكرية في أفغانستان وباكستان والعراق فقط، بل هي مرشحة لأن تكون سنة صدام الديانات أيضاً.

* كاتب وصحافي لبناني

============================

القدس يا عرب!

تشرين – سورية

19-12-2009

ثمة غفلة عربية - إسلامية عن القدس لا يمكن تسويغها، وبالمقابل ثمة مثابرة صهيونية متواصلة منذ سنوات لاجتثاث كل ما يؤكد هوية المدينة المقدسة.

 

هستريا تهويد القدس لم تعد خافية على أحد، وما كان يجري في السر وبعيداً عن أعين الإعلام والدبلوماسيين، صار معلناً إلى حد الوقاحة، واستفزازاً للمشاعر الدينية والوطنية لكل العرب، ومع ذلك تمر الأحداث اليومية في القدس تباعاً، كأنها أحداث عادية، فالزمن كفيل بإصلاح ما طرأ من خلل في المواقف الراهنة، وهذا بالضبط ما يريده وما يعمل من أجله الكيان الصهيوني الغاصب. ‏

 

المشكلة أننا نكتفي بالقول: إن الحق معنا ولو بعد حين ثم ننام قريري الأعين، وفي أحسن الأحوال بعد بيانات خجولة لا يقيم لها الطرف الآخر أي قيمة، بل إنه يستمرئ هذا التخاذل العربي المريع في استكمال مخططه الصهيوني والاستمرار في عمليات التطهير العرقي والتهويد، وفي الواقع أن القدس تضيع منا ولكن على مراحل، حبكها العدو الإسرائيلي لتصب في مصلحته بالتعاون مع داعميه من خلف المحيط الذين مازالوا يوهموننا بأن ما تفعله إسرائيل في القدس، مجرد إجراءات وعمليات تجميلية للاستيطان لا يُفترض من العرب التوقف عندها، لأنها ستتوقف جميعاً عندما تبدأ العملية السلمية التي ستعيد الأمور إلى وضعها الطبيعي. ‏

 

وإذا سأل أحد ما في المنطقة.. متى ستبدأ هذه العملية السلمية؟.. فإن جواب داعمي إسرائيل جاهز.. نحتاج إلى الوقت.. هناك معوقات.. الطرف الإسرائيلي غير متشجع الآن وينتظر مزيداً من الإيضاحات الأميركية.. وهكذا تبدأ المتاهات والتلاعب في الألفاظ، ويظل الاحتلال جاثماً في الأرض العربية بانتظار (التسوية) الموعودة التي لن تكون إلاّ على حساب حقوقنا وأرضنا، ما دام الموقف العربي سلبياً ومشتتاً، ولم يستثر مشاعرهم ما يجري في القدس على الأقل. ‏

قديماً كان يُقال: لا يضيع حق وراءه مطالب، ويبقى السؤال: أين هو هذا المطالب بالحق وبالمقدسات التي يستبيحها الكيان الصهيوني أمام مرأى ومسمع العرب والمسلمين وكل المجتمع الدولي؟. ‏

============================

حروب أوباما العادلة

بقلم :حسين العودات

البيان

19-12-2009

زاحم الرئيس أوباما التيار اليساري في خطابه لدى تسلمه جائزة نوبل للسلام قبل أيام، عندما طرح شعارات الحرب العادلة، ليبرر منحه الجائزة، رغم أنه رئيس إدارة تشن ثلاثة حروب في آن واحد.

 

وكان منظرو الحركات التقدمية واليسارية في العالم، قد طرحوا هذا الشعار في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وكانوا يقصدون به الحروب التي تشنها الدول لتحرير أرضها المحتلة، أو الشعوب وحركاتها التحررية ضد المستعمر أو المحتل الأجنبي، ولم يكن لهذا الاصطلاح (أي الحرب العادلة) في أي يوم معنى يمكن أن يعطى للحرب الاستباقية، أو الحروب ضد أنظمة دكتاتورية أو ضد حركات إرهابية، كما حاول الرئيس أوباما وإدارته تفسير الحروب التي تشنها جيوشهم، ضد دول وشعوب وحركات خارج الولايات المتحدة.

 

تعني الحروب العادلة عادة ثورة الشعوب ضد مستعمريها، أو تلك الحروب التي تشنها الدول لتحرير أرضها المحتلة، كما كان حال حرب أكتوبر 1973 التي شنها العرب ضد الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم في سيناء والجولان، أو الانتفاضات المسلحة ضد المستعمرين أو المتسلطين على الشعوب ومقدراتها، ولكنها لم تكن يوماً مطابقة للتعريف الذي أعطاه الرئيس أوباما لها أو للصفة التي أطلقها عليها.

 

فأي حرب عادلة هذه التي شنتها الجيوش الأميركية بأوامر إدارة الرئيس بوش على العراق، بحجة أنها حرب استباقية ضد من يمتلك أسلحة الدمار الشامل، وقد تبين فيما بعد، ويتكشف الآن كل يوم، أن الإدارة لم تكن تمتلك أي دليل يؤكد أو حتى يشير إلى امتلاك العراق مثل هذه الأسلحة!

 

وقد اقتنع العالم اليوم، بعد ست سنوات من الاحتلال الأمريكي للعراق، أن تهمة امتلاك هذه الأسلحة هي خدعة كبرى، وكذبة كبرى، وأن أسباب الغزو العسكري هي أسباب تختلف عما أعلنته الإدارة على شعبها، وما قدمته للكونغرس طالبة موافقته!

 

وأي حرب عادلة هذه التي دمرت العراق بحيث تستغرق إعادة بنائه عشرات السنين القادمة ومئات مليارات الدولارات، وأدت إلى قتل (بل إبادة) مليون عراقي، وتشريد وتهجير أربعة ملايين، وتفكيك بنية الدولة العراقية ومركزيتها، وحولت التنوع الثقافي والديني والمذهبي والاجتماعي في العراق إلى صراعات بين المواطنين والإخوة أبناء الشعب الواحد، وذلك كله تحت شعار «الحرب العادلة ضد أسلحة الدمار الشامل» أو «الحرب الاستباقية ضد الإرهاب»!

 

وكذلك، أية حرب عادلة هذه التي شنتها القوات الأمريكية على أفغانستان، ذلك البلد الذي لم تكن تنقصه عوامل التخلف والفقر والمرض، تحت شعار اجتثاث منابع الإرهاب، أو الحرب ضد الإرهاب خارج الولايات المتحدة وقبل وصوله إليها!

 

ومن المعلوم لدى الرئيس أوباما وإدارته أن تنظيم طالبان الذي كان يحكم أفغانستان (وهو صناعة باكستانية أمريكية)، لم يكن لا إرهابياً ولا يخرّج إرهابيين، ولم يقم بأية عملية عسكرية خارج بلاده، وأن عملياته كلها هي ضد جيوش الأطلسي الغازية، ولم تكن علاقة طالبان بالقاعدة علاقة تنظيمية، كما أن القاعدة تتموضع الآن خارج أفغانستان.

 

وبالتالي لا حاجة للحرب الأمريكية على هذا البلد حتى حسب معايير الإدارة، فهي ليست حرباً وقائية أو استباقية أو عادلة، فأي عدل في هذه الحرب التي تشن فيها جيوش الأطلسي يومياً عشرات الهجمات العسكرية على المدنيين الأفغانيين البائسين، وكأنه لا يكفيهم ما هم فيه من تخلف وجوع وجهل؟ ومع ذلك يسمي الرئيس أوباما هذه الحرب بالحرب العادلة أو الحرب الأخلاقية!

 

وللمراقب أو الإنسان المتابع في أي بلد في العالم، أن يتساءل: إذا كانت حروب الولايات المتحدة (وحلف شمال الأطلسي) في العراق وأفغانستان حرباً عادلة، فما هي الحرب غير العادلة إذن؟ وهل كانت لجنة جائزة نوبل للسلام مقتنعة بأن حروب الولايات المتحدة عادلة لتمنح رئيسها جائزة؟ وهل تكفي النيات لمنحها؟

 

يبدو أن الرئيس أوباما يصر على أن الحروب الاستعمارية كلها، وغزو الدول العظمى العسكري للشعوب الضعيفة تحقيقاً للمصالح الأمريكية، هي حروب عادلة، أما الحروب غير العادلة في نظره فهي دفاع العراقيين والأفغانيين عن أرضهم، ورفضهم الوجود العسكري الأجنبي، إضافة لنوع آخر من الحروب غير العادلة في نظره أيضاً، وهو دفاع الفلسطينيين عن أرضهم ومقاومتهم للاحتلال والصلف والهمجية الصهيونية، وهذا ما يعتبره إرهاباً!

 

أما الاحتلال الصهيوني، والاستيطان، وتدمير بيوت الفلسطينيين، وتهجيرهم، وسجن الآلاف منهم بدون تهمة، وحصارهم وتجويعهم وقتلهم اليومي، فهو نتائج طبيعية للحرب العادلة والحرب الأخلاقية الإسرائيلية!

 

ثم ألا يبرر بآرائه هذه للرئيس بوش شنه هذه الحروب الظالمة والمدمرة، بعد أن أعلن في حملته الانتخابية أنه ضدها بدون تحفظ، بل إنه كان من القلة النادرة التي رفضت موافقة الكونغرس على شن هذه الحرب؟!

 

عندما نستمع لتصريحات وخطب الرئيس أوباما، نعتقد أنه نصير، بل حليف لحركات التحرر والشعوب المستضعفة، ويكاد يخطف شعارات منظري هذه الحركات وتلك الشعوب وساستها، وعندما نراقب تنفيذه لسياساته نصاب بالإحباط، فهل سيستمر الرئيس في قول ما يرضي الناس وعمل ما يرضي الاحتكارات ومصالحها؟

 

يبدو أن الرئيس أوباما استحسن لفظ الكلمة وتذكّر أنها من صناعة القوى التحررية، وربما تذكره بشبابه الأول عندما كان فقيراً ويعيش في كنف فقراء أندونيسيا!

كاتب سوري

odat-h@scs-net.org

============================

فرصة لا ينبغي إهدارها عالمياً

بقلم :لويس اجناسيو دا سيلفا

البيان

19-12-2009

استمتعت في كوبنهاغن مؤخرا بأحد أجمل أيام حياتي، حينما اختارت «اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية» مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية لاستضافة الألعاب الأولمبية الصيفية للعام 2016. ويمثل حدث اللجنة الأولمبية الذروة بالنسبة لمحاولات البرازيل الناجحة في هذا الشأن.

 

وبالنسبة للمجتمع الدولي، يمثل مؤتمر الأمم المتحدة الخامس عشر للتغير المناخي مرحلة مهمة في عملية التفاوض الطويلة حول هذا الموضوع. فكلما زاد تأجيل اتخاذ قرارات مهمة في هذا الشأن زادت مخاطر إلحاق الضرر بكوكبنا الأرضي.

 

وفي حين أنه لا تزال هناك بعض التساؤلات بشأن المعايير المستخدمة في تقييم حجم الأضرار، فإنه لا يوجد أي خلاف بشأن خطورة الخسائر، والتهديد الحقيقي والوشيك الذي يشكله التغير المناخي على البشرية جمعاء.

 

فقد أصبحت أنماط التطور والاستهلاك، التي تعود للثورة الصناعية، شاملة في القرن العشرين، وتبدو تركتها التخريبية واضحة في القرن الحادي والعشرين، ليس من خلال التدهور البيئي فحسب، ولكن أيضا عبر التدهور الاجتماعي والاقتصادي.

 

وتتطلب مهمة تحقيق اتفاق جماعي في الرأي، وضمان تنمية متوازنة، الشجاعة والشهامة والكرم، وهي فضائل غائبة عن هذا النقاش بصورة تبعث على الأسى.

 

لذلك هناك سبب للشعور بالأمل، نظراً لأن أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة شاركوا في لحظات المؤتمر الحاسمة.

 

ويعتير تجمّع هذا العدد الكبير من زعماء العالم في كوبنهاغن بداية جيدة، لكن من الواضح أنه غير كاف. ويجب علينا جميعا تقديم التنازلات وبذل التضحيات، وتجنب المناورات التي تجري من وراء الكواليس، والتي لا تثير سوى الشكوك وتؤخر اتخاذ قرارات نهائية في المؤتمر.

 

ومما لا شك فيه أن فوائد التطور الاقتصادي بالإضافة إلى تكلفة التدهور البيئي في العقود الأخيرة، طال تأثيرها الدول جمعاء بصورة متساوية. وفي حين أن البعض استفاد، ولا يزال يستفيد، من الاستغلال غير المنطقي للموارد الطبيعية ومستويات الاستهلاك بصورة لا يمكن تحملها، فإن الغالبية العظمى من سكان العالم ليس لديها سوى القليل لتعرضه للعيان.

 

وكأن هذا لا يكفي، فأفقر الدول وأكثرها هشاشة هي الأكثر تعرضاً للصدمات. لقد حان الوقت لمناقشة أفضل السبل لتقاسم التكاليف والتضحيات.

 

وهذا يعني وضع إجراءات ترتيب قوية لإعادة التفكير مسبقا بالمهام والأولويات. لقد حان الوقت لسداد الدين بأكمله، ولكن نظرا للافتقار لاتفاقية حقيقية، يتواصل تراكم متأخرات الفوائد المالية، تاركة الأجيال المقبلة لكي تدفع الفواتير.

 

وعلينا أن نتعامل مع هذه المسألة بأسلوب مناسب، إذا أردنا تجنب الكوارث البيئية التي ابتلي بها القرن المنصرم، وكذلك إزالة الفجوة المتنامية بين الفقراء والأغنياء بمساعدة التكنولوجيا الحديثة.

 

وهذا يتطلب منا أخذ مفهوم المسؤوليات المشتركة والمتمايزة المعترف بها عالميا على محمل الجد. ويتقبل الجميع ذلك نظريا، لكن الذرائع اللامتناهية، والخلافات الكبيرة والبطء الشديد وإعطاء المهل، يبقيها بمنأى عن التطبيق العملي.

 

لم يعد بإمكان الدول المتطورة تجنب المشاركة في التكاليف والتضحيات، فيما تعتقد البرازيل أنه يجب على الدول النامية المشاركة في الحل. لذلك قدمنا عرضاً مهماً على طاولة المفاوضات في مؤتمر التغير المناخي في كوبنهاغن، وهو اقتراح طموح لتقليل الانبعاث الداخلي لثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2020، بنسب تتراوح بين 1 .36% و9 .38%.

 

كما التزمنا بخفض إزالة الغابات في الأمازون بنسبة 80% خلال الفترة نفسها. وفي هذا العام فقط انخفضت عملية إزالة الغابات من الأمازون بنسبة 7 .45% بالمقارنة مع نسبة إزالتها في عام 2008، وهذا يدل على جديّة البرازيل. وسيكون هذا الانخفاض المقترح في انبعاث الغازات نتيجة إزالة الغابات وحده، أكبر من أي انخفاض عرضته الدول النامية في كوبنهاغن. ويجب أن تزول هذه التفاوتات الصارخة.

 

ولدى البرازيل خبرة ناجحة في الطاقة المتجددة، والتي تشكل نسبة كبيرة تبلغ 47% من مصادر الطاقة المتنوعة فيها، وهي تقارن بصورة إيجابية جدا مع المعدل العالمي الذي لا يتجاوز 13%. وفي الواقع فإن استخدام الطاقة المائية على نطاق واسع، علاوة على سيارات الوقود المرن التي تعمل بواسطة الإيثانول المستخلص من أعواد قصب السكر، ساعد البرازيل منذ عقود عدة على مكافحة ظاهرة التسخين الأرضي والانبعاث الحراري.

 

وقد حال استخدام البرازيل للايثانول كوقود منذ سبعينات القرن الماضي، بمفرده، دون انبعاث 800 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون.

 

ولكي نضمن نجاح جهود العالم في هذا الميدان، يجب على الدول كافة أداء حصتها العادلة من العمل. وهذا يعني تجنب التركيز على معزوفة الانقسام الدائر بين الشمال والجنوب، أو تبديد الوقت في البحث عن كبش فداء.

 

وإذا أردنا تجنب هذه الأشراك، فعلينا التركيز على التعرف على شركاء ملتزمين بالعمل بصورة صادقة، لتحقيق أهداف مشتركة وترك التحامل المستهجن والمصالح الخاصة جانبا.

 

وتبعث محادثاتي في الأشهر الأخيرة، وكذلك التغطية الإعلامية لوقائع مؤتمر التغير المناخي الخامس عشر، على الأمل في أن يكون لدى قادة العالم الشجاعة الكافية في قناعاتهم. إذن، دعونا نرقى لمستوى التحدي. ونظراً لأني سياسي مخضرم وزعيم عمالي سابق، فإنني أطرح هذه الرؤية وكلي إدراك أنه لا يمكن حدوث اختراق دون حوار مفتوح ومفاوضات صادقة.

 

وأنا مستعد للاشتراك في مناقشة صريحة مع كل الزعماء الملتزمين بإيجاد أجوبة معقولة للتغير المناخي. وتوفر الاستجابة الفعالة ل «مجموعة العشرين» للأزمة المالية العالمية، مثالاً يحتذى به إزاء الكيفية التي يمكن أن يوجد بها الحوار متعدد الأطراف الحلول المعقولة التي تجنب حصول نتائج كارثية.

 

لنأخذ بجدية هذا المثال الملهم ونسخر الموارد الضرورية لمكافحة تغير المناخ، تماما كما فعلنا لتجنب الانهيار المالي العالمي.

 

لقد حان الوقت للعمل، دعونا لا نضيع الفرصة المتاحة حالياً، فتأجيل اتخاذ القرارات الصعبة سوف يجعل التكهنات المأساوية الحالية أسوأ.. دعونا نعالجها دون تأخير.

الرئيس البرازيلي الحالي

opinion@albayan.ae

============================

العراق.. ولعبة السياسة والأمن

مستشار رئيس الوزراء ل «الشرق الأوسط»: هناك من هو منخرط في المخطط الإرهابي من داخل الحكومة

الشرق الاوسط

19-12-2009

 

بغداد: هدى جاسم

أثارت سلسلة التفجيرات الأخيرة التي عصفت بالعاصمة العراقية بغداد مع اقتراب الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في مارس (آذار) المقبل، موجة من ردود الفعل بين مؤيد ومعارض لحكومة نوري المالكي، فيما استعد آخرون لتحويل موضوع التفجيرات إلى مادة دسمة لمهاجمة المالكي في محاولة لإسقاطه سياسيا، خصوصا بعد الفوز الذي حققه في انتخابات مجالس المحافظات عبر قائمته «دولة القانون» بداية هذا العام. ويرى مراقبون أن التفجيرات إما أن تكون بفعل سياسي مرسوم أو أن خصومه استغلوا التدهور الأمني ل«ضرب» المالكي في الملف الذي دخل فيه انتخابات مجالس المحافظات فائزا وملوحا بأنه من منجزات حكومته الكبيرة بعد أن كادت البلاد تقع في حرب أهلية طائفية في السنتين الأوليين من توليه رئاسة الحكومة. يقول عدد من المحللين السياسيين والمراقبين للأوضاع في العراق، إنه بمجرد اختيار المنطقة الخضراء وما تضمه من مؤسسات الدولة إضافة إلى أن هذه المنطقة شديدة التحصين لتنفيذ الأهداف التي راح ضحيتها العشرات من الموظفين والمارة وحتى الأطفال، فهذا يعني بالضرورة أن الهدف هو حكومة المالكي بغض النظر عما نتج عن تلك التفجيرات.

وكانت تفجيرات قد وقعت في أكتوبر (تشرين الثاني) في منطقة الصالحية استهدفت مباني وزارة العدل ومجلس محافظة بغداد ووزارة البلديات راح ضحيتها المئات من المواطنين بين قتيل وجريح، وعد هذا الانفجار ثاني أكبر انفجار يقع في العاصمة بغداد بعد تفجيرات 19 أغسطس (آب) الماضي والتي استهدفت وزارات المالية والخارجية العراقية تلاها خمسة تفجيرات متزامنة في مناطق متفرقة من بغداد الشهر الحالي أسفرت عن مقتل 127 شخصا وإصابة 513 آخرين.

وقال طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية في تصريحات ل«الشرق الأوسط»، إن الحكومة فشلت تماما بالملف الأمني وإن على رئيس الوزراء أن يعترف بهذا الأمر مما سيجعل الهاشمي يقف معه بقوة بعد هذا الاعتراف بالفشل أو أن تقدم أطراف في الحكومة استقالتها حفاظا واحتراما لدم العراقيين المهدور.

علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء يقول حول تأثير الأوضاع الأمنية الأخيرة على شعبية رئيس الوزراء، إنه «مستهدف في هذه العمليات، بمعنى تقويض كل الإنجازات التي تمت في عهده، ولا سيما في مجال الأمن، وقد انتقلنا بفضل هذه الإنجازات من أمن مفقود تماما عند أول تسلمه لمهامه في جميع أنحاء العراق، حيث كانت المدن العراقية جزرا منفصلة لا تواصل بينها ولا يمكن الانتقال من مدينة إلى أخرى، إلا بمجازفة وأحيانا لا يمكن الانتقال داخل المدينة الواحدة من حي إلى حي إلا بتدابير معقدة ولا تخلو أيضا من المخاطرة». وأضاف «نحن الآن نتحدث عن أمن مستقر في أكثر المدن العراقية فيما لا تزال بعض المدن تعاني من أمن يخترق بين الآونة والأخرى كما في بغداد ونينوى، وحتى في هذه المدن فإن عجلة الحياة تدور بصورة طبيعية ولا يوجد شيء معطل لا المدارس ولا الجامعات ولا الأسواق ولا الدوائر والبنوك وغير ذلك». وأشار إلى أن «هناك استهدافا لهذه المنجزات»، ولكنه أضاف أنه «من الخطأ الاعتقاد أن ذلك هو الهدف الوحيد والنهائي لهذه الجرائم». وقال «إنها تستهدف تقويض العملية السياسية ككل والعودة بالعراق إلى نقطة الصفر. وتقف (القاعدة) وبقايا النظام السابق في مقدمة القوى الساعية بهذا الاتجاه لأن من مصلحة هاتين القوتين العودة بالعراق إلى المربع الأول».

لكن الموسوي لم يستثن من مخططات الإرهاب عناصر من داخل حكومة المالكي وقوى سياسية أخرى حاولت الاستفادة من تلك التفجيرات وتقويض الأمن وإن لم يسمّ أحدا بعينه، إذ قال ل«الشرق الأوسط» «(القاعدة) وبقايا النظام البائد كانت لهم المقدمة في محاولة لإعادة العراق إلى نقطة الصفر وهو الأمر الذي دعا هاتين الجهتين إلى الالتحام في جبهة واحدة رغم انتمائهما إلى مدرستين مختلفتين، وهذا أيضا هو الذي دعا الكثير من رجال المخابرات السابقين وجميع المتضررين من الوضع الحالي إلى أن يطلقوا لحاهم ويقصروا ثيابهم ويؤموا المصلين في الجوامع». وأضاف «هؤلاء أصحاب مصلحة حقيقية مشتركة في تقويض الأوضاع.. لكن هذا لا يعني أن القوى الأخرى التي قد تكون داخلة في العملية السياسية ومستفيدة منها لا تحاول الانتفاع من أعمال (القاعدة) وأنصارها لصالح أهدافها الانتخابية. فتقوم بإكمال الجزء الأخطر من المخطط الإرهابي وهو توجيه رد الفعل وارتدادات الحدث بما يقوض الأمل بالمستقبل ويطيح بكل شيء إيجابي حصل حتى الآن وهناك من هو منخرط في هذه الخطة عن قصد أو غير قصد ولا أستثني عناصر من داخل الحكومة نفسها».

إلا أن فالح الفياض نائب تيار الإصلاح الوطني الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري، نفى أن تكون الخلافات السياسية سببا في التفجيرات أو التصدع الأمني الكبير، لكنه أشار في تصريح ل«الشرق الأوسط» إلى أن بعض السياسيين قد يحاولون الاستفادة من الوضع الأمني المتدهور كنوع من المنافسة غير الشريفة وتوجيه اتهاماتهم للمالكي أو لائتلافه (دولة القانون)، مؤكدا أن أيا من الوزراء الأمنيين ورئيس الوزراء لم يشر إلى خلافات سياسية أثناء استضافتهم في مجلس النواب لإطلاع المجلس على التحديات الأمنية التي تواجه العراق بعد سلسلة التفجيرات التي تعرضت لها العاصمة بغداد، لكنهم أشاروا إلى شبكات إقليمية ودولية وراء هذه التفجيرات.

وكان مجلس النواب العراقي قد استضاف الأسبوع الماضي المالكي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة والوزراء الأمنيين للداخلية والدفاع والأمن الوطني ورئيس جهاز المخابرات وقائد عمليات بغداد.

وعاد الموسوي ليقول إن «دائرة المستفيدين أوسع من دائرة المخططين والمنفذين لهذه العمليات. وللأسف أن هناك عددا من القوى السياسية أخذت تبني استراتيجيتها الانتخابية على أساس خطير ومنحرف. فبدل أن تلجأ إلى كسب الناخبين من خلال نوعية البرامج التي تقدمها وحسن الأداء الذي تتحلى به، تلجأ إلى إضعاف الخصم أو المنافس السياسي وتحميله مسؤولية أي فشل أمني أو اقتصادي أو سياسي». وأكد أن «الحكومة ستكون الهدف الأسهل والحلقة الأضعف في هذه المواجهة». وقال: «عملية النقد وتوجيهه وحتى الاتهام والتخوين سهلة ولكن عملية البناء وتحمل المسؤولية، خصوصا في مثل هذه الظروف، صعبة للغاية. وما يراهن عليه رئيس الوزراء في مواجهة هذه الحملات المنسقة هو وعي المواطن فقط».

التيار الصدري كان له رؤى أخرى باتجاه شعبية المالكي واستهدافه بالاستفادة من الخرق الأمني نحو الملف السياسي، فأسماء الموسوي عضو المكتب السياسي للتيار الصدري الذي كان وما زال يعتبر من أشد المعارضين للحكومة العراقية، وترى أنه نوع من المنافسة المعلنة لحكومة المالكي، وقائمته التي سيدخل بها الانتخابات. تقول الموسوي ضمن وجهة نظر التيار الذي تنتمي إليه، إن المستهدف هو الشعب العراقي والعملية السياسية. وتؤكد أن «الحكومة العراقية كلما حدثت مشكلة تقول إنه استهداف للحكومة لوضع مبررات العيوب التي حصلت على شماعة الاستهداف لها». وأضافت أن «الخروقات الأمنية والبعثيين الذين اخترقوا الأجهزة الأمنية هي بفعل سياسة الحكومة عندما أصدرت كتابا من مجلس الوزراء وقفت بموجبه العمل بقوانين اجتثاث البعث أو المساءلة والعدالة وتعطيل كل الإجراءات المتخذة بحق الأشخاص المشمولين بتلك القوانين وبذلك تسلل البعثيون إلى أجهزة الدولة، والأمنية منها على وجه الخصوص، ولذلك فإن من يتحمل الخطأ هو صاحب المؤسسة السياسية».

المستشار الإعلامي، على الموسوي، قلل من تأثير هذه الحملات على شعبية المالكي، وقال: «بكل صراحة إن تأثير هذه الحملات على شعبية رئيس الوزراء كانت محدودة لحد الآن وأحيانا كانت تعطي آثارا معاكسة. لقد أصبح واضحا لدى الشارع أن المستهدف في هذه الحملات هو شخص رئيس الوزراء. وهذه القناعة بالذات شكلت عامل مناعة ضد الهجمات المتتالية التي نتوقع أن تستمر وتتصاعد حتى يوم الانتخابات».

أسماء الموسوي أكدت من جانبها أن «شعبية المالكي لم تكن شعبية صنعتها الأحداث أو الإنجازات التي تتحدث عنها الحكومة لأن ما حصل تتحمله القوات الأميركية». وقالت إن الإدارة الأميركية أرادت «ضرب المقاومة العراقية وقد استخدمت حكومة المالكي لهذا الظرف وهي الآن لا تريد استخدامه للمرحلة المقبلة فقد استنفد المالكي كل الأسباب والأغراض التي وضع من أجلها وهي الآن تعد لاستحضار شخص آخر».

جبهة التوافق العراقية، التي حازت في الانتخابات النيابية السابقة على 44 مقعدا، وتعتبر أكبر كتلة سنية في البرلمان، ترى العكس مما يراه السياسيون الآخرون. فرئيس كتلة التوافق العراقية في مجلس النواب ظافر العاني يرى أن الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد عكست نفسها على كل المشهد العراقي وفي مقدمته الملف الأمني، وأن معظم التفجيرات وأعمال العنف في البلاد كانت تحمل رسائل سياسية ووراءها قضايا سياسية.

وأكد العاني أنه كلما توترت الأجواء السياسية وكلما كان هناك حدث سياسي مرتقب كالانتخابات أو عقد الاتفاقيات كان هناك توتر أمني كبير، معللا السبب بأن هناك عددا غير قليل من الأحزاب المتنفذة لها علاقة بالاضطراب الأمني وأن هذه الأحزاب بشكل أو بآخر لها أجندات وامتدادات أجنبية، مذكرا بأن عددا غير قليل من الأحزاب النافذة لديها ميليشيات ولديها عسكر تم إدماجهم في المنظومة الأمنية العراقية وقد أصبحت داخل الأجهزة امتدادا لأجندات الأحزاب التي تنتمي لها وهي فاقدة للانسجام ومنعزلة عن غيرها مستشهدا بالتفسيرات المتناقضة للأوضاع الآنية من قبل الأجهزة الأمنية والتسقيط السياسي لجهاز ضد الآخر.

وحول إيجاد الحلول لهذه القضية قال العاني: «بدون حل سياسي تقبل به كل الأطراف لا يمكن تصور تحسن في الأوضاع الأمنية ويجب أن يكون هناك تغيير في النخبة السياسية وهذا لن يحدث قبل الانتخابات». وأضاف: «علينا أن نقبل بالمصالحة الوطنية بكل أبعادها واستيعاب البعث المعتدل بأن يعاد للعملية السياسية والبعث المعتدل من يقبل باللعبة الديمقراطية وعلى الأطراف الأخرى القبول به، علينا القبول بمبدأ التسامح ووضع برنامج لاحترام المواطن العراقي بغض النظر عن معتقداته التي لا تتعارض مع معتقدات الآخرين». ولم يتجاهل الموسوي السياسيين وسعيهم لجمع أنصارهم ضد الحكومة، ويقول بهذا الشأن «لا يمكن تجاهل المخاوف من لجوء بعض السياسيين الفاشلين إلى النبرة الطائفية القديمة كمحاولة سهلة لجمع الأنصار وحشد المؤيدين وبدأت تتجمع ملامح هذا الاتجاه في دوائر لا تزال محدودة لكنها خطيرة. لقد تم رصد محاولات من هذا القبيل عند بعض السياسيين الذين أخذوا يشعرون بإفلاسهم في الشارع فعمدوا إلى انتهاج الأسلوب الطائفي سواء في محاربة خصومهم السياسيين أو في كسب المؤيدين». وقال أيضا «من اللافت في هذا الإطار أن هناك حملة شعواء شنت ضد رئيس الوزراء أو ضد الائتلاف الذي يقوده بمجرد انطلاقه من جهات محلية وإقليمية كانت ترفع أصواتها بضرورة الابتعاد عن النفس الطائفي وتلعن الطائفيين في الليل والنهار لكنها شعرت على ما يبدو بالخطر حين اتضح التركيب والتوجه الوطني للائتلاف الذي شكله رئيس الوزراء. إن عددا من هؤلاء على الأقل كان يأمل أن ينضم المالكي إلى ائتلافات ذات صبغة طائفية بخلاف ما يرفعه من شعارات ولو انضم أو شكل المالكي ائتلافا بهذه المواصفات لكانت الهجمة عليه أخف بكثير. وقد تكون أهداف هؤلاء انتخابية أي منافسة المالكي لهم في ما يعتبرونه هم عقر دارهم».

وعلى الرغم من أن تقارير الأمم المتحدة التي اعتبرت أن عام 2009 هو الأقل بالنسبة لعدد الضحايا بالنسبة للمدنيين بسبب التفجيرات، فإن التفجيرات النوعية في المكان والزمان كان لها التأثير الواضح على مجمل العملية السياسية في العراق. ويقول أحد أساتذة العلوم السياسية في إحدى الجامعات العراقية رافضا ذكر اسمه ل«الشرق الأوسط» إن «الشارع العراقي لم يعد يحتمل ما نتج عن عدد من التفجيرات في أماكن متفرقة من بغداد وقد يمتد الأمر إلى محافظات أخرى» مؤكدا أنه وعلى الرغم من أن الحديث الرسمي يتجه بأصابع الاتهام إلى (القاعدة) وتنظيماتها التي قد تعلن عن تبنيها لبعض العمليات وبقايا حزب البعث فإن الشارع بشكل عام يحمل كل السياسيين مسؤولية ما يحصل». وأشار إلى أنه يجري استفتاء، بعيدا عن الأضواء خوفا من استهدافه، أثبت هذا الاستفتاء أن 60% من فئات متفرقة من الشعب العراقي يوجهون الاتهام إلى أعضاء البرلمان والحكومة وقيادات سياسية كبيرة بهذه التفجيرات بأنها محاولات لإسقاط بعضهم البعض على حساب الشعب العراقي وقد يكون هناك من يستخدم عمليات تنظيمات القاعدة والبعث لصالحه في حملات انتخابية قادمة.

وبين تقرير أخير لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) «إلى أن النصف الأول من عام 2009 اتسم بالمزيد من التحسن في الوضع الأمني مع قلة عدد الهجمات الكبيرة التي تتسبب في إصابات جماعية والتي تشنها الميليشيات وجماعات المتمردين والجماعات الإجرامية وذلك مقارنة بالعدد المسجل في عام 2008. غير أنه ورغم الانخفاض العام في عدد الهجمات، استمرت الهجمات العشوائية والقتل المستهدف ضد قوى الأمن والمسؤولين رفيعي المستوى وموظفي الخدمة المدنية والقادة الدينيين والسياسيين وأعضاء الجماعات المهنية مثل الصحافيين والمعلمين والأطباء والقضاة والمحامين، في حصد الأرواح خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير. وقد أشار عدد كبير من التقارير إلى ارتفاع عدد الهجمات التي استهدفت أشخاصا بسبب ميولهم الجنسية المفترضة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ