ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 14/12/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تحول ميزان القوى في الشرق الأوسط

بقلم :الستير كروك

البيان

13-12-2009

بينما راحت الولايات المتحدة وأوروبا تسعيان جاهدتين، لإيجاد أي طريق لإحراز تقدم في الصراع الإسرائيلي  الفلسطيني وحرب أفغانستان وملف إيران النووي، شهدت الأرضية الاستراتيجية التي بنيت عليها مواقف وسياسات تلك الأطراف، تحولاً دراماتيكياً.

 

ومن الجوانب الأهم في هذا السياق، أن تركيا قررت أخيراً أن تخلع عن نفسها قيد التحالف الوثيق مع أميركا، ولم تعد تكترث كثيراً لإغراءات عضوية الاتحاد الأوروبي، بل حولت اهتمامها إلى جاراتها العثمانية السابقة في آسيا والشرق الأوسط.

 

ومع أن المقصود من هذا التحول ليس ازدراء الغرب، فإنه يعكس انزعاج وإحباط تركيا المتنامي من سياسات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بدءاً من تأييد عمليات إسرائيل في غزة، إلى قضية الملف الإيراني، إلى الطريق المسدود الذي وصلت إليه مفاوضات انضمام تركيا إلى أوروبا. كما أن لهذا التحول صدى أقوى لدى تيار النهضة الإسلامية التي بدأت تظهر معالمها داخل تركيا.

 

وإذا واصلت تركيا مسيرتها بنجاح في هذا الاتجاه، فسوف تكون لذلك أهمية استراتيجية بالنسبة لميزان القوة في المنطقة، لا تقل عن أهمية بزوغ نجم إيران كقوة بارزة نتيجة لانهيار الاتحاد السوفيتي.

 

وفي الشهور القليلة الماضية، أبرمت تركيا مجموعة من الاتفاقيات الجديدة مع كل من العراق وإيران وسوريا، تجمع بينها سمات مشتركة لرؤية سياسية ناشئة. كما تشير معاهدة جديدة مع أرمينيا، إلى مدى جدية أنقرة في سعيها إلى ترسيخ علاقات ثنائية خالية من أية مشاكل، وتقوم على حسن الجوار.

 

لكن الأهم من ذلك، هو الاتفاقيات المبرمة مع كل من العراق وإيران وسوريا، والتي تعكس مصلحة اقتصادية مشتركة. فمن المرتقب أن يصبح «الصف الشمالي» من الدول الشرق أوسطية، هو المورّد الرئيسي للغاز الطبيعي إلى أوروبا الوسطى، حالما يتم استكمال مد خط أنابيب نابوكو، لتحل بذلك محل روسيا في ذلك الدور، وتتفوق تدريجيا على مكانة المملكة العربية السعودية باعتبارها القطب الجيوستراتيجي الرئيسي للمنطقة بفضل احتياطياتها النفطية.

 

وإذا أضفنا إلى تلك الاعتبارات الركود الاقتصادي وأزمة الخلافة التي أضعفت مصر، يصبح من الواضح أن ما يسمى بدول «الصف الجنوبي» المعتدل في الشرق الأوسط، والتي كان لها دور مركزي في صياغة السياسات الأميركية في المنطقة، بدأت تبرهن بشكل متزايد على أنها حلقة ضعيفة ولا يمكن الاعتماد عليها.

 

ولا شك أن اللاعبين السياسيين في المنطقة يلاحظون الآن تحول ميزان القوى من القاهرة والرياض في اتجاه دول الصف الشمالي، وبدأوا بالفعل في تعديل مواقفهم للتكيف مع هذا الواقع الجديد، كما يحدث عادة في الشرق الأوسط. وربما يكون أوضح مثال على ذلك ما يحدث في لبنان اليوم، حيث يتجه موكب متنام من حلفاء أميركا ومنتقدي سوريا السابقين، بمن فيهم رئيس الوزراء سعد الحريري ووليد جنبلاط، وثلة من الزعماء المسيحيين في حركة 14 آذار إلى دمشق. ومن المؤكد أن مغزى هذه الرسالة وصل لبقية اللاعبين في المنطقة.

 

وإذا لم تكن إدارة أوباما مطلعة تماماً على هذه التطورات، فإنها بلا شك ستطلع عليها قريباً، إذ تحاول حشد تأييد العالم لجولة جديدة من العقوبات الاقتصادية ضد إيران. ومن المرجح أن تفشل مثل هذه العقوبات، ليس فقط لأن روسيا والصين لن تقدما الدعم بشكل جدي، بل لأن ما يسمى ب«محور الاعتدال العربي الموالي للغرب»، تبين أنه ليس بالقوة التي كانت تنسب إليه سابقا.

 

وفي تركيا، أيد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان شرعية انتخاب محمود أحمدي نجاد، لا بل وأصر أيضاً على حق إيران في تخصيب اليوارنيوم باعتبارها دولة ذات سيادة. وبخلاف الزعماء الغربيين، لا يبدو أردوغان قلقاً بشكل مغالى فيه بشأن الاتجاه الذي تسير فيه إيران.

 

وسوف يتعين على الولايات المتحدة وأوروبا، التعامل مع المهمة الصعبة للاستبدال الوشيك لحلفائهما في «الصف الجنوبي» في الشرق الأوسط، بسبب بروز سطوة دول «الصف الشمالي». ومن الأفضل القيام بهذا التكيف عاجلاً، وليس آجلاً. وذلك لأنه إذا تم تجاهل هذا الواقع الناشئ الجديد في الشرق الوسط، فلن يكون في الإمكان حل أي من القضايا التي تهم الغرب، سواء نزع فتيل برنامج إيران النووي، أو حماية أمن إسرائيل، أو ضمان مستقبل إمدادات الطاقة.

كاتب بريطاني متخصص في شؤون الشرق الأوسط

opinion@albayan.ae

===========================

مع الحياة والناس : من عَوْربة فلسطين الى عَوْلَمتها

خيري منصور

الدستور

13-12-2009

 قبل أن تُعاد فلسطين الى مساحتها الجغرافية ويرفع العرب شعار الاستقالة التاريخية والقومية والدينية وهو «نرضى بما يرضى به الفلسطينيون» كانت بسعة العالمين العربي والاسلامي ومرّ بها زمن اتسعت وتعمقت اخلاقيا وانسانيا لتشمل الكوكب بأسره.. ولو أردنا أن نبدأ من آخر السطر لتوقفنا عند اللجنة الرباعية المنوط بها العثور على مخرج من المدار المغلق في الصراع العربي - الاسرائيلي ، حيث تخلو هذه اللجنة من الحرف العربي ، فهي تتألف من روسيا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والامم المتحدة.

 

لقد بدأت القضية في نطاق العَوْربة والأسلمة والأنْسنة ايضا ، لكنها انتهت الى العولمة في بعدها الكولونيالي الجديد ، خصوصا اذا عرفنا بأن مصطلح العولمة هو صيغة مخففّة ومجملة للأمركة ، بالمعنى الذي قصد اليه روزفلت عندما اعلن في خطاب شهير أن قدر امريكا هو أمْركة العالم،

 

والبداية من آخر السطر ايضا تفرض علينا التوقف عند الاقتراح السويدي المرفوض اسرائيليا وعند مطالبة الفلسطينيين للاتحاد الاوروبي وامريكا وبقية العالم بالضغط على اسرائيل للقبول باعلان الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ، وقد خلت مشاهد السجال حول هذه المسألة من أي مواقف عربية فاعلة ، لأن الانفعال لا الفعل هو السمة المهيمنة على الموقف العربي من أية قضية قومية منذ فترة وليس الان فقط وقد لا تكون عولمة قضية ما بحجم وقداسة القضية الفلسطينية على النقيض من عَوْربتها ، لكن العولمة الان تعني شيئا آخر تماماً غير «الأَنْسنة» ، او اعطاء بعد كوني وانساني لقضية لم يعد يشك في عدالتها غير من بنى كيانه على أنقاضها بعد أن شرد الملايين من أهلها ، وما لا يمكن فهمه بسهولة هو هذا التعويل العربي على العالم لحل قضية سميت ذات يوم بالمركزية أو المحورية ، وهذا الموقف الذي بدأ بتردد وعلى استحياء قبل ثلاثة عقود على الأقل تحول بمرور الوقت وديناميات الخصخصة القومية التي لم يسلم منها الدم الى أمر واقع ، فقد قال العرب للفلسطينيين اذهبوا انتم وربكم وقاتلوا.. ثم قعدوا او بمعنى أدق تقاعدوا عن حراسة هوية وكرامة ومقدسات ، ناسين ان الاقصى ليس منزلا فلسطينيا ، او ان القدس بأسرها ليست مجرد محافظة تقع في اقليم عادي ، ولا تحتاج غير تعبيد الطرق وفتح العيادات وايصال الهواتف والكهرباء.

 

القدس بأبسط الكلمات هي الكبسولة التاريخية والدينية التي تحتشد فيها مضادات الحذف والتهويد والعَبْرنة ، انها سرّة تاريخ قبل أن تكون الرّافعة لجغرافيا رسولية ، هذه العولمة للقضية ذات الجذور والجذوع والاغصان والعناقيد العربية الاسلامية حي فرار من قدر كان على العرب ان يواجهوه ببسالة ، فالدفاع عن القدس هو دفاع عن اكثر من عشرين عاصمة عربية اضافة الى العواصم الاسلامية ، والاستقالة من همّها الثقيل او التقاعد التاريخي عن حراستها معناه ان الاستباحة والانتهاك قد بلغا نخاع امة.

 

أما من نسوا التاريخ لفرط استغراقهم في هذا الحاضر الغائب ، وهذا الزّمن الآسن الذي استنقع حتى طغت عليه الطحالب فان عليهم ان يعودوا ولو قليلا الى الماضي للتعلم منه بأن من يفرط بقطرة ماء سيفرط عندما يتطلب الأمر بالمحيط ، ومن يفرط بشجرة ، سوف يخسر الغابة.

من عَورْبة فلسطين الى عَوْلمتها مسافة لا تصلح الأميال لقياسها ، بل الأمتار المكعبة من الدم والدمع،،

=============================

الصين وأميركا.. صداقة إلى حين

بقلم :فلاديمير سادافوي

البيان

13-12-2009

زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للصين مرت كأن لم تكن، ولم يخرج عن الزيارة من التصريحات ما يلفت النظر أو يثير الاهتمام، هذا في الوقت الذي كان يتوقع فيه الكثيرون، وخاصة في الولايات المتحدة، أن تثمر هذه الزيارة نتائج إيجابية كثيرة، خاصة في المجال الاقتصادي. وكان متوقعا أن يلقى أوباما ترحيبا كبيرا في الصين التي اعتادت أن ترحب بضيوفها الكبار.

 

ولكن شيئا من هذا لم يحدث، وكأن الذي زار الصين رئيس عادي لا يستحق استقباله استثناءات معينة في البروتوكول، الأمر الذي طرح العديد من الأسئلة، مثل هل أجهزت بكين نهائيا على كل أمل لواشنطن في بناء تحالف استراتيجي معها؟ وماذا يمكننا أن نتوقع حدوثه على الجبهتين الاقتصادية والسياسية العسكرية بين البلدين؟ هل ستكون هناك تنازلات متقابلة وتعاون أم توتر وصدام؟

 

زيارة الرئيس الأميركي إلى الصين غدت مناسبة لتأملات جدية بشأن سبل تطور العلاقات الأميركية الصينية، خاصة في ظل ظروف الأزمة المالية العالمية التي تعاني منها الولايات المتحدة أشد المعاناة، بينما تبدو الصين الأقوى بين دول العالم في هذه الأزمة، في ظل السيولة المالية الكبيرة المتوفرة لديها، وفي ظل إنتاجها الصناعي المتنامي الذي وجد فرصة كبيرة في الأزمة في الأسواق العالمية، بفضل رخص أسعاره عن غيره.

 

ويرى عدد من الخبراء أن حصيلة زيارة الرئيس الأميركي، تمثل نصرا كبيرا للدبلوماسية الصينية. فالجانب الصيني تلقى من الأميركيين شتى الاعترافات والوعود، سواء الاعترافات السياسية بمكانة الصين كقوة سياسية عظمى على الساحة الدولية، أم الاعتراف الاقتصادي بقوة الاقتصاد الصيني العملاق، بينما لم تستلم الولايات المتحدة شيئا في المقابل، سوى المجاملات والعبارات الدبلوماسية المنمقة، مثل أن تعلن بكين أن العلاقات الأميركية الصينية قد تمت إعادة تفعليها.

 

إلى ذلك يبدو أن الأوضاع الجديدة هذه، جاءت في صالح الصين أكثر منها لصالح الولايات المتحدة. فقد غدا واضحا، بعد زيارة أوباما التي تحدث فيها عن سعي بلاده لتأسيس تحالف استراتيجي مع بكين، أن الصين بدت غير مهتمة بإنشاء أي تحالف استراتيجي مع الولايات المتحدة في أي مجال من المجالات، وقد أعلنت السلطات الصينية عن ذلك بصراحة وبصيغة لا لبس فيها.

 

وهكذا فالرواية الصاخبة عن «الثنائي الكبير» وُضعت على الرف في أقل تقدير، إن لم نقل إنها انتهت ولن تتحقق أبدا، كما أخفقت طموحات الولايات المتحدة للحصول على تأييد الصين في المسألة الإيرانية، حيث بدا موقف بكين في تأييد إيران ثابتا لا يحتمل التأويل.

 

ولا تقتصر التناقضات في العلاقات بين الدولتين على ذلك، فالمراقبون يشيرون إلى احتمالات تصاعد المواجهة بين واشنطن وبكين على الصعيد العسكري، وإن لم يكن بالطبع إلى حد الصدام فعلى الأقل إلى مستوى المنافسة والتسابق لفرض الهيمنة والنفوذ.

 

فقد كانت الولايات المتحدة تحتكر الهيمنة على المحيط الهادئ بلا منازع، بينما نرى العسكريين الأميركيين قلقين اليوم من تعزز الأسطول البحري الحربي الصيني والقوة الجوية الصينية، وكذلك من نجاحات الصين في صنع السلاح المضاد للأقمار الصناعية، ناهيك عن التقارب العسكري بين الصين وروسيا الذي وصل إلى مستوى المناورات العسكرية المشتركة التي منعت واشنطن من حضورها كمراقب.

 

أما بكين فهي من جهة أخرى قلقة من توريدات السلاح الأميركي إلى منافسي الصين الإقليميين، وكذلك من حالات تجاوز الطائرات التجسسية والسفن الأميركية على المنطقة الاقتصادية الصينية. مستوى التوتر بين الولايات المتحدة والصين في المجال السياسي والعسكري اليوم، أشبه بالمواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في سنوات «الحرب الباردة».

 

ولا يهدئ من حدة التوتر سوى أن الصين والولايات المتحدة شريكتان اقتصاديتان كبيرتان، وأن اقتصاديهما مترابطان، بل متداخلان ويعتمد بعضهما على بعض. فالصين من أكبر ملاك السندات المالية الأميركية، والولايات المتحدة من أكبر أسواق التصريف للبضائع الصينية، وهذا يعني أن الصدام بين العملاقين مؤجل إلى حين.

كاتب أوكراني

=============================

وثبة عربية مطلوبة حيال التحديات

آخر تحديث:الأحد ,13/12/2009

عبد الزهرة الركابي

الخليج

في أحسن التوصيفات التفاؤلية بحق النظام الإقليمي العربي، هو أن توجهاته تقف على مفترق الطرق، مع أن الواقع في تشاؤمه يقول، إن هذا النظام بات يسلك مسارب التباعد والتنافس في السياسات، بل إن هذه السياسات توزعت بين توصيفات الاعتدال والممانعة وبين وبين . . وهو أمر شكل تصدعاً في جدار الموقف العربي برمته، وهو يقارع موجات المخاطر والتحديات القادمة من أعداء العرب وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني الذي يحظى بمؤازرة دولية غربية كبرى، بينما أنزوى الموقف العربي يتيماً من دون سند دولي يُذكر .

 

والواقع أن وصول النظام الإقليمي العربي إلى هذا المفترق، لم يكن في حقيقته ناتج عن سياسات التشدد أو الاعتدال، وإنما هذا يعود إلى غياب الرؤى الاستراتيجية الموضوعة على محك التنفيذ للسياسات في المنطقة، وحضرت عنها سياسات آنية ومرحلية ليس لها مرجع استراتيجي أو بعيد الأفق، كونها سياسات تتأثر بالتداعيات والمعطيات القطرية والمحلية، وفي الوقت نفسه تغيب عنها الحسابات الإقليمية القومية التي ظلت يافطات وشعارات أكل الدهر عليها وشرب .

 

ومن الواضح أن الرؤية للمشروع العربي في بلورة نظام إقليمي عربي قد انتكست أكثر من مرة، صحيح أن المشروع العربي في هذا السياق كان أقدم المشاريع التي طُرحت في المنطقة، إلا أن هذا المشروع واجه انتكاسات مريرة بدأت بهزيمة العرب في عام ،1967 مروراً بالمتغيرات الدولية التي نتجت عن انتهاء الحرب الباردة واستفراد أمريكا بالزعامة القطبية في العالم، الأمر الذي برزت من خلاله نزعة الهيمنة الأمريكية على نحو مكشوف وسافر، حيث كان احتلال العراق نكسة أصابت صميم المشروع العربي، ناهيك عن ترديات القضية الفلسطينية التي شكلت دوامة من النكسات للنظام الإقليمي العربي الذي وجد رؤيته يسودها الضباب أمام رؤى مزاحمة ويتم طرحها بإيعاز أمريكي “إسرائيلي” غربي، مثل الرؤية الشرق أوسطية والرؤية المتوسطية، وكذلك الرؤية الأمريكية المباشرة للشرق الأوسط الأوسع، بالإضافة إلى الرؤى التي تطل من المنطقة نفسها والتي لا تخفى أغراضها عن المراقبين في المنطقة، لاسيما أن هنالك مخططات منظمة تأتي من داخل المنطقة وخارجها بغرض القبول أو الانضواء الطوعي في المشاريع الإقليمية التي يتم طرحها تحت هذه المظلة أو تلك، وهي موجهة أساساً لمنع النظام الإقليمي العربي من الوقوف على قدميه بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك تفتيت المكون الثقافي العروبي القومي .

 

لاشك في أن القضية الفلسطينية التي هي القضية المركزية للعرب خسرت الكثير من التأييد الدولي، بعدما تحولت مواقف الكثير من الدول المناصرة للعرب إلى 180 درجة في مختلف مناطق العالم سواء في آسيا وأوروبا الشرقية وإفريقيا، وهو واقع شجع وزير الخارجية “الإسرائيلي” أفيغدور ليبرمان على القول للصحافيين “إن القضية الفلسطينية ماتت”، وهي جرأة بقدر ما هي موشومة بالعنجهية والفاشية والاستهتار، بقدر ما هي ناقوس يدق أسماع المبادرة العربية للسلام التي باتت مركونة في أرشيف سياسات المنطقة التي لم تقو على نشرها بإسناد ودعم دوليين، بفعل ضمور النظام الإقليمي العربي وهبوط أرصدته في بورصة السياسات الدولية المؤثرة في هذا السياق أو ذاك .

 

لا أحد ينكر، أن الغرب عموماً وبنفسه الاستعماري المعهود لم يعدم وسيلة إلا استخدمها حيال تطلعات العرب في تكوين نظامهم الإقليمي، وهذا الغرب بمعية الكيان الصهيوني لايزال مستمراً في استخدام الوسائل والأساليب نفسها مع تغيير شكلي في التسميات والتوصيفات، وهو منذ الخمسينات والستينات من القرن الماضي يلعب على وتر هذه التسميات والتوصيفات لإحداث شروخ وفجوات في الصفوف العربية، ففي السابق كان يقسّم أو يوزّع العرب على محافظين وتقدميين وفي الوقت الحاضر يفرزهم إلى معتدلين ومتطرفين، وبالتالي، فإن مصدر هذه التسميات والتوصيفات يظل خارجياً، ومن الطبيعي أن عملية الفرز أو الفصل هذه لم تكن بدافع حسن النية، وإنما هي عامل معنوي سلبي وتمهيدي من قبل هذه القوى، كي يتسنى لها تحقيق أهدافها عملياً، من خلال توزيع وتقسيم العرب على محاور متباعدة إن لم تكن متقابلة، بهدف إرساء سياسة المحاور والتحالفات الإقليمية التي تتماشى ولا نقول ترتبط بأجنداتهم الجيواستراتيجية .

 

ومن هنا، لا نستغرب إذا ما عمدت إدارة أوباما إلى إشغالنا بالإخراج السياسي والإعلامي الذي يفتقد المضمون الواضح في تحريك تمهيدي لعملية السلام، من واقع أن واشنطن تمتلك حرية اللعب السياسي، وهي مخيّرة في هذا اللعب وليست مضطرة، لأن مثل هذا الاضطرار لا تلجأ إليه مبدئياً، وربما تكون مضطرة في حالتين حصراً، الأولى: انطلاق العرب في مواجهة المخططات والتهديدات باستراتيجية تستند إلى نظام إقليمي عربي صارم في الدفاع عن الحقوق العربية من خلال تفعيل مصادر ومكونات القوة بشتى صنوفها، والأخرى: إن واشنطن ستلجأ إلى الاضطرار الذي ستعتبره مخرجاً لها، إذا ما وجدت نفسها قريبة من حالة الهزيمة أو الورطة أو الغرق في المستنقع .

وعلى كل حال، إن أمريكا تجاوزت الحالة الأولى مرحلياً، لكنها بالتأكيد لم “ولن” تسلم من الحالة الأخرى التي هي على وشك التسليم بها .

=============================

عن الرأي العام الميت والحكومة التي تقتل أبناءها

زين الشامي

الرأي العام

13-12-2009

وصف برلماني لبناني سابق، ربما اسمه سليمان صفي الدين، حسب ما قرأت يوماً، وصف هذا البرلماني اللبناني «الرأي العام» بأنه «بغل»، وأذكر أنني عندما قرأت ذلك ضحكت كثيراً، وقلت في نفسي ربما كان هذا الرجل إقطاعياً أو برجوازياً ويكره الطبقة العاملة وطبقة الفلاحين والطبقات الكادحة كلها. لكن يوماً بعد يوم، صرت أميل إلى موافقة هذا النيابي اللبناني على وصفه، خصوصاً بعدما واكبنا جميعاً ما حصل على مستوى «الرأي العام» بعد «معركة الخرطوم» بين الفريقين المصري والجزائري، حين شاهدنا وعرفنا أي رأي عام لدينا في الدول العربية. وقبلها حين قتل صدام حسين الآلاف من شعبه بالكيماوي من دون أن يتحرك هذا «الرأي العام» أو ينبس بكلمة.

مناسبة هذا القول هو المآسي والجرائم اليومية التي تحصل في مجتمعاتنا، فيما «الرأي العام» أو ما يُسمى بالرأي العام، صامت ولا مكترث لما يجري حوله. هذا «الرأي العام» لا يتحرك رغم الفقر كله الذي حوله، رغم الجرائم كلها، رغم الفساد كله، ولا يحرك ساكناً رغم كل شيء. هذا «الرأي العام» لا يعرف إلا التصفيق للمسؤول والحكومة رغم ظروف الذل والإهانة التي يعيش فيها.

في يوم واحد قرأت هذه الأخبار مجتمعة، وكلها حصلت في بلدي، للأسف، ورغم هولها وبشاعتها فإن «الرأي العام» لم ينتبه إليها، ويبدو أنه لن ينتبه إلى مثل هذه الأحداث، لأن اهتماماته تنصب على أخبار أكثر عالمية مثل تصويت السويسريين لمنع بناء المآذن في بلدهم، ربما هذه الأخبار تهمهم أكثر بكثير من فقرهم وموتهم اليومي.

هذه عينة مختصرة من الأخبار من مواقع إلكترونية وصحف سورية متنوعة تابعتها على مدار أسبوع:

الخبر الأول: «توفيت امرأة تبلغ من العمر سبعة وعشرين عاماً وأطفالها الأربعة حرقاً نتيجة تسرب الغاز من (مدفأة) أثناء نومهم في منزلهم في قرية العلوش بريف حلب.

وبينت التحقيقات أن الحريق اندلع نتيجة تسرب الغاز من المدفأة التي تعمل على الغاز. وأوضح أحد سكان القرية أن العائلة المحترقة إحدى أكثر عائلات القرية فقراً، وأن جميع أفراد العائلة يعيشون في غرفة بسيطة مسقوفة بالنايلون، ويستعملون المدفأة كغاز للطبخ وللتدفئة في آن معاً».

هذا الخبر ربما يسقط حكومة لو حصل في دولة فيها رأي عام وشعب يحترم قيمة الوجود الإنساني.

الخبر الثاني، وهو تغطية لتصريحات مسؤول سياسي اهتمت به الصحف ووسائل الإعلام كلها: «قدم السيد... عرضاً سياسياً أمام المشاركين في الاجتماع الدوري لقيادات فروع الجبهة الوطنية التقدمية والقيادات السياسية لأحزاب الجبهة عن مواقف سورية في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية والأحداث التي تشهدها الساحة العربية. واعتبر السيد... أن مجريات هذا اللقاء السنوي لقيادات فروع الجبهة الوطنية في سورية تجري هذا العام وسط أجواء أفضل من التي سادت في الأعوام الستة الماضية بفضل الروح المعنوية العالية التي لازمت الشعب السوري على امتداد الوطن فحافظ عليها بأقصى ما يملك من طاقة وإيمان في مواجهة المصاعب متمسكاً بهوية أمته العربية».

أنا لم أفهم شيئاً من هذا الكلام كله، رغم أنني أسمعه يومياً منذ ولدت، أو، ربما، لأنني على حد وصف النائب اللبناني السابق من «الرأي العام البغل».

الخبر الثالث في اليوم نفسه ونقله موقع «عكس السير»: «توفي ثلاثة أطفال أشقاء خنقاً بغاز ثاني أوكسيد الكربون إثر احتراق التلفاز في منزلهم في قرية حتيتة التركمان بريف دمشق. وذكرت صحيفة محلية أن الأخوة (...) اختنقوا بغاز ثاني أكسيد الكربون أثناء نومهم في منزلهم بعد انقطاع التيار الكهربائي وإشعال شمعة أدت إلى احتراق التلفاز من دون اشتعال النار». ربما أراد هؤلاء الأطفال أن يشغلوا جهاز التلفاز ليستمعوا إلى إنجازات الحكومة وكلمة السيد المسؤول.

الخبر الرابع: «...وعلم مراسلنا من مصدر من الشرطة أن قسم المحطة تلقى اتصالاً، مفاده أن رجلاً وجد مشنوقاً في منزله. وعلى الفور حضر رئيس النيابة ورئيس قسم المحطة وضباط الأمن الجنائي والطبيب الشرعي، وقال شقيق المنتحر إن شقيقه المدعو (...) كان حزيناً على أطفاله، خصوصاً طفله محمد، ولم يكن بإمكانه تأمين الرعاية الكافية له، بسبب ضيق الحال».

وسيلة الإعلام التي لا تعير انتباهها إلى مثل هذه الحوادث تعطي مساحة أكبر لكلام المسؤول: «وقد اختتم الاجتماع الدوري لقيادات فروع الجبهة الوطنية التقدمية والقيادات السياسية لأحزاب الجبهة أعماله اليوم بجلسة ترأسها... وناقشت الجلسة واقع العمل الجبهوي خلال الفترة الماضية في المحافظات وسبل تطويره حيث تركزت مداخلات أعضاء المكاتب السياسية لأحزاب الجبهة حول تطوير عمل الجبهة وتعميق دورها في الحياة العامة».

الخبر الخامس: «قيدت شرطة إدلب طالب مدرسة بجنزير داخل المشفى الوطني بإدلب بعد أن تعرض إلى حادث سير، ورفضت فك قيده قبل أن يتدخل القاضي المناوب بعد مرور يومين على الحادث. لكن قلب الطالب توقف في اليوم الثاني نتيجة نزف داخلي فيما هو مقيد من قدميه الى السرير بالجنزير الحديدي». يقول والد الشاب: «ابني تعرض إلى حادث سير وفيما هو يصارع الموت لم تنتبه قوات الشرطة إلا لضرورة تقييده بالسلاسل».

أخبرني ذات مرة صديقي اللبناني بهذه النكتة: «ذات مرة وقع ثلاثة بحارة أحدهم سوري والثاني أميركي والثالث فرنسي بيد قراصنة في عرض البحر. القراصنة الذين يعرفون كل شيء في العالم وعن العالم أخبروا البحارة الثلاثة أنه إذا استطاع أي واحد توجيه سؤال صعب لهم ولم يتمكنوا من الاجابة عنه فسيتم تركه وإطلاق سراحه. فوافق البحارة الثلاثة أملاً في الحرية.

سأل البحار الأميركي القراصنة عن تمثال كبير في يده مشعل يرمز لشيء فما هو؟ فكر القراصنة ثم ضحكوا وأجابوا أنه تمثال الحرية، ثم قتلوا البحار الأميركي، لأنهم عرفوا الإجابة.

وحين جاء دور البحار الفرنسي سألهم عن برج طويل له ثلاثة أضلاع، وهو البرج الأكبر في العالم؟ فكّر القراصنة قليلاً ثم قالوا إنه سؤال سهل، وهو برج إيفيل، ثم قتلوا البحار الفرنسي.

عندما جاء دور البحار السوري سألهم ما هي المنطلقات النظرية ل(حزب البعث) التي أقرها في مؤتمره السادس؟ فكر القراصنة كثيراً، ثم فكروا وفكروا لثلاثة أيام متواصلة، لكن من دون نتيجة حتى أعلنوا استسلامهم وعجزهم، ونجا البحار السوري الذي يسمع كل يوم منذ نحو خمسين عاماً محاضرات لا تنتهي عن الحزب ومنطلقاته وأهدافه وسياسته».

مسؤولونا يتحدثون لغة لا يفهمها أحد ولا يريدها أحد في القرن الواحد والعشرين... الناس يريدون إجابات واضحة وحلولاً لمشاكل مثل الفساد والبطالة والموت المتعدد بسبب الفقر.

=============================

خطر التغيّر المناخي يوحّد العالم رغم الاختلافات

هل سيحقق مؤتمر كوبنهاغن ما لم تحقّقه ريو دي جانيرو وكيوتو؟

المستقبل - الاحد 13 كانون الأول 2009 - العدد 3510 - نوافذ - صفحة 9

محمد الشيخلي

ينعقد في العاصمة الدنماركية كوبنهناغن ابتداء من الاثنين الماضي ولمدة اسبوعين المؤتمر العالمي لتغير المناخ الذي يحضره اصحاب القرار السياسي من رؤساء اكثر من 190 دولة حول العالم. وينتظر العالم ان يحسم هذان الاسبوعان من شتاء كوبنهاغن البارد مصير الكرة الارضية الذي بات مهدداً بتغير المناخ الحاد بسبب ارتفاع حرارة الارض المتزايد والناجم عن تكدس انبعاثات غازات الدفيئة وانعكاسات ذلك على امن الانسان والتنمية والنمو الاقتصادي.

ولعل قصة غازات الدفيئة الستة واثرها في الاحتباس الحراري والاحترار الكوني ليست بالحدث الجديد، فقد ظل العلماء والباحثون يحذرون وينذرون من تبعاتها منذ منتصف القرن الماضي. وقد انعقدت وفقاً لذلك مؤتمرات عالمية على مستوى عال كمؤتمر فينا، ولندن، ومونتريال ثم ريو دي جانيرو، وكيوتو، بالاضافة الى العشرات وربما المئات من المؤتمرات العلمية المخصصة هنا وهناك. وعلى الرغم من ان هذه المؤتمرات لم تنجز ما بثته من بروتوكولات وقرارات دولية، الا انها، وبسبب تفاقم المشاكل البيئية التي باتت تهدد الحياة على سطح هذا الكوكب، خلقت وعيا وحاجة ملحة للتوحد وراء مطلب ملح واحد هو الخلاص.. وكيفية الوصول اليه.

وراحت العيون ترنو والقلوب تدق بانتظار ما يمكن ان يحققه هذا المؤتمر. فهل اقتربنا فعلاً من الحل؟ وما هو دور كل منا في الوصول اليه؟

[الحقيقة بشأن تغير المناخ

ظل العديد من الناس وبعض اصحاب القرار السياسي في الدول الصناعية يشككون في نتائج الابحاث العلمية التي جسدت ما يمكن ان يعانيه كوكبنا من آثار سلبية نتيجة لاحتراره. ولكن الاختبار الأكثر حسماً للجدل يكمن في عمل اللجنة الدولية لدراسة التغيرات المناخية (آخر تقرير صدر عنها عام 2007). ويذكر انه قبيل انعقاد قمة مجموعة الثماني في اسكتلندا من يونيو حزيران 1995، قامت اكاديميات العلوم في اضخم احدى عشرة دولة اقتصاديا (وتشمل بالاضافة الى مجموعة الثماني الهند والصين والبرازيل) باصدار بيان مشترك ايدت فيه النتائج العلمية التي توصلت اليها اللجنة الدولية لدراسة التغيرات المناخية، وحثت حكومات العالم على اتخاذ اجراءات عاجلة للتصدي لهذا الخطر. وقد كان البيان مشدد الصيغة وفي غاية الصرامة.

ومما يؤسف له ان اصحاب المصالح الخاصة في بعض الدول الصناعية الكبرى انفقوا الملايين من الدولارات على نشر معلومات مضللة حول اثر الاحترار الكوني وتغير المناخ، بعد ان حاولوا انكار وجود ما يؤيد هذه الظاهرة، ثم وفي وقت لاحق تقبلوا حقيقة تسبب الأنشطة البشرية في تغير المناخ، ولكنهم زعموا انها لن تكون بتلك الدرجة في التأثير، وانهم قادرون على اصلاح الأمور في اي وقت اذا ما تبين ان المشكلة حقيقية وضخمة فعلاً.

وفي قمة الأرض التي انعقدت في ريو دي جانيرو عام 1992 وقعت دول العالم على اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ والتي يتلخص هدفها في تثبيت تركيز الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري عند مستوى لا يتسبب في تداخل خطير مع النظام المناخي، ويسمح للأنظمة البيئية بالتكيف مع هذا التغير، ويضمن عدم تعرض الانتاج الغذائي للتهديد، ويمكن التنمية الاقتصادية من الاستمرار على نحو مطرد ومستدام. وكان الرأي آنذاك ان تثبيت تركيز غازات الدفيئة الستة وعلى رأسها ثاني اكسيد الكربون من شأنه ان يؤدي في النهاية الى وقف تغير المناخ.

وقد بات واضحا بعدئذ ان ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة تواتر وشدة موجات الحر والفيضانات والجفاف تحدث حتى وان كانت الزيادات طفيفة في متوسط درجات الحرارة الكونية. لذلك، بات لزاما بذل كل الجهود للحيلولة دون ارتفاع متوسط الحرارة العالمية لدرجتين مئويتين لكل مائة عام بعد ان باتت التوقعات الحالية وعلى اساس كمية الانبعاثات تقترب من ست درجات لكل مائة عام.

واذا كان لنا ان نحظى بفرصة طيبة لتحقيق هذه الغاية علينا بالسيطرة على انبعاثات ثاني اكسيد الكربون.

[ثاني اكسيد الكربون لاعب اساس في لعبة المناخ

أكدت الدراسات اننا، لكي نسيطر على تسارع الاحترار الكوني، علينا ان لا نسمح لتركيزات هذا الغاز ان تتجاوز 450 جزءاً في المليون (وتقترب نسبته الان من 400 جزء في المليون). وهذا يعني انه لا بد من خفض اجمالي الانبعاثات العالمية من غاز ثاني اكسيد الكربون بحلول عام 2050 الى اقل من 50% من مستواه عام 1990 (والمعروف ان اجمالي الانبعاثات الآن تتجاوز هذه النسبة ب 15%). وهذا يعني ايضا ان ينخفض متوسط الانبعاثات في البلدان الصناعية بنسبة 80% على الأقل عن مستواه عام 1990. وعلى الرغم من معاندة بعض هذه الدول وعلى رأسها الادارة الاميركية السابقة في مؤتمر الارض بكيوتو الا انه، وبسبب الحالة الراهنة، هنالك تعهدات بريطانية بخفض الانبعاثات، كما أعرب الرئيس أوباما عن نيته الزام الولايات المتحدة بنفس الفرض.

[وقف غازات الدفيئة الصناعية لا يكفي

هنالك عدة متطلبات تساعد على تقليص تركيزات غازات الدفيئة ولا سيما ثاني اكسيد الكربون تتعدى الانبعاثات الصناعية ومنها زيادة الغطاء الأخضر والمحافظة عليه ووقف ازالة الغابات المدارية، لان قطعها مسؤول عن 20% من الانبعاثات.

أما عن الانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود الاحفوري فقد حددت وكالة الطاقة الدولية تفصيليا في تقريرها حول "آفاق تكنولوجيا الطاقة" كافة التدابير المطلوبة لتحقيق هذا الهدف.

وتشير الوكالة في تقريرها الى ضرورة ايقاف التزايد في نسبة الانبعاثات (حوالي 3% سنويا) لتصل ذروتها عام2015 ثم اخذها بالانحدار حتى يتحقق الهدف عام 2050.

هل غازات الدفيئة وحدها مسؤولة عن الاحترار الكوني؟

يمر المناخ دوماً بحالة من التغير. والامر كان كذلك حتى قبل اكتشاف الوقود الاحفوري. والعوامل الطبيعية التي تؤثر على طبيعة مناخ الارض متعددة ومنها حرارة الشمس ودورات نشاطها التي تقدر ب 11 سنة لكل دورة. ولكن التأثير هنا يبدو ضئيلا بالمقارنة مع تأثير غازات الدفيئة الصناعية؛ العامل المؤثر الآخر هو البراكين التي بامكانها تسجيل انخفاض ملموس في درجات الحرارة وعلى مدى سنين لما تطلقه من رماد وانبعاثات الى الغلاف الجوي، والعامل الثالث يتعلق بمسار الارض حول الشمس والذي يلعب دوراً محورياً في الدورات الحرارية التي تتغير كل مئة الف سنة. ومع ذلك فقد وجد ان هنالك علاقة مباشرة تربط ما بين درجة حرارة الارض وكمية غازات الدفيئة الصناعية التي هي في حالة تزايد مستمر بسبب حرق الوقود الاحفوري في الصناعة، ولانتاج الكهرباء.

[كيوتو والاكتفاء بالتوقيع على المبادئ

لم يحقق مؤتمر كيوتو الذي انعقد قبل 12 سنة سوى اتفاق على المبادئ بين اللاعبين الكبار بالدرجة الأولى وهم اميركا واليابان والمجموعة الاوروبية. ويذكر ان الاقتراح الاصلي الداعي الى خفض غازات الدفيئة بنسبة 5 % في عام 2012 (قياساً بمستواها عام 1990) لم يكن كافياً لتحقيق الهدف بتقليل الاحترار الكوني. ولكن، بمساعدة مساعد الرئيس الاسبق آل غور وقعت اليابان على تخفيض 6 % والولايات المتحدة على 7 % وأوروبا على 8 % من انبعاثات غازات الدفيئة في بلدانهم. يقول جون بريسكوت المفاوض الرسمي للامم المتحدة في مؤتمر كيوتو: ان المؤتمر الذي حضرته 47 دولة كان تظاهرة سياسية قبل ان يكون مؤتمراً يتقرر فيه مستقبل الارض، وإن المصالح الشخصية والرأسمالية لبعض الدول الصناعية الكبرى حالت، بالرغم من الوعود المبذولة، دون تحقيق سقف الطموحات الموضوعة في المؤتمر. ويضيف، ان التصاعد في وتائر الانبعاثات بعد مؤتمر كيوتو هو دليل على عدم تحقيقه للاهداف التي اقيم من اجلها.

[كوبنهاغن.. هل سبق السيف العذل؟

هل ستححقق كوبنهاغن ما كبت عنده كيوتو؟ الجواب ليس سهلاً او قابلاًَ للتحقق بعصا ساحر، ولكن غضب الطبيعة وردة فعلها لغازات بني البشر الصناعية والمتمثلة بفيضانات وتسونامي وزوابع وفقدان ملايين الهكتارات من الاراضي المحتلة بالاضافة الى تهديد الحياة البحرية والتنوع الحياتي، ولا يزال في جراب الحاوي المزيد، كل ذلك دق ناقوس الخطر وجعل العالم يرنو بترقب ووجل لما هو آت. ولعل هذا التوحد الدولي ازاء الخطر سيضع ثقلاً على كوبنهاغن لتضع حلولاً حقيقية وليست توفيقات سياسية. يقول البروفسور بوب واتسون، رئيس باحثين في قسم البيئة في جامعة كاليفورنيا والمستشار الرئيسي للحكومة الاميركية: بات الآن من الصعب تحديد الارتفاع في حرارة الارض بدرجتين مئويتين وبات الطموح الآن ان نثبتها على 3 الى 4 درجات مئوية.

يضيف واتسون ان قرار رئيس الولايات المتحدة السابق جورج بوش بالخروج على قرارات كيوتو والذي شجع آخرين على الحذو حذوه قد اخر اجراءاتنا لخفض غازات الدفيئة بما لا يقل عن عقد من الزمان. اما حول مستقبل قرارات كوبنهاغن فيقول واتسن: لا اتوقع ان تأتي لقاء كوبنهاغن باتفاقيات ملزمة لكنه سيحقق نجاحاً في لجم نسبة اعلى من الانبعاثات من الدول الصناعية مع صرف منح وتعويضات للدول النامية على سبيل المقايضة في قطوعات غازات دفيئة. ويختم بالقول: اعتقد اننا سننجح في تحديد الاحترار بين 3 و4 درجات مئوية بعد ان يصبح تركيز هذه الغازات اعلى ما يمكن خلال العشر سنوات القادمة.

ويذكر ان الحكومة البريطانية نشرت الشهر الماضي خارطة تبين التنوع الحراري العالمي المرتقب، ثبتت فيه المناطق التي سترتفع حرارتها اربع درجات مئوية لا سيما في المناطق القطبية الشمالية. حيث ان البحار تدفأ ببطء في حين ان معدل درجة حرارة الارض سيزداد الى 5,5 درجات مئوية. سيكون لمثل هذه الدرجة وقعاً سيئاً على المحاصيل النباتية الموسمية، وعلى توافر الماء في جزء كبير من العالم لا سيما وان الماء بحد ذاته سيكون شحيحاً خلال العقدين القادمين، ولعل الحل يأتي كما يعتقد واتسون، بتبني طرائق موائمة للبيئة وغير باعثة لغازات الدفيئة كاستخدام الطاقات المتجددة والبديلة بدلاً عن الوقود الاحفوري، وتشجيع نمو الغطاء الاخضر ووقف تدمير الغابات واحتراقها.

[خطوتان لانجاح كوبنهاغن

اولاً: ان تتوفر وضوح رؤية بشأن الاهداف الملزمة للحد من الانبعاثات في البلدان الصناعية الكبرى. فمن دون التزام هذه الدول لن يتخذ المجتمع الدولي الاجراءات اللازمة لمنع تغير المناخ لاسيما وان البلدان النامية ليست واثقة من استعداد الدول الصناعية لتولي زمام المبادرة في حل مشكلة تسببت هي ولا تزال في خلقها.

وهنالك اشارات ايجابية تمخضت عنها مباحثات الايام الأولى من المؤتمر تجلت باتفاق الاتحاد الاوروبي على خطة تمكنها بحلول عام 2020 من تخفيض الانبعاثات بنسبة 20 % وفي الولايات المتحدة اشار الرئيس اوباما الى اعتزامه تخفيض الانبعاثات الى 80 % بحلول عام 2050 والعودة بها، في اميركا، الى المستويات التي كانت عليها عام 1990 وينتظر ان تعلن بلدان أخرى مثل روسيا واليابان عن خطط مماثلة.

ثانياً: انعكاس اجراءات الدول الصناعية على التدابير والتعهدات التي ستلتزم بها الدول النامية. ويذكر ان عدداً من الدول النامية كالصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا وضعت فعلاً استراتيجيات وطنية تتناسب والقيود الاقتصادية المفروضة عليها. ولعل زيادة الطلب تماشياً مع ظروف المرحلة سيشكل عائقاً معيشياً يلزم الدول الصناعية بمد يد العون. كما انه حجم العمل الذي ستتولاه البلدان النامية سوف يعتمد على التوجيه الفعال للتمويل وتسليم التكنولوجيا البديلة والنظيفة. وهذا يتطلب التعرف على حجم الموارد المائية التي سيتم توليدها للقيام بهذه المهمة لا سيما وان اقتصاديات الدول الصناعية لا تزال تعاني من الهزة الأخيرة.

وظهرت في هذا السياق افكار مثيرة للاهتمام منها اقتراح البلدان الصناعية ببيع حقوق اطلاق الغازات في المزاد، واستخدام جزء من عائدات البيع لاغراض التعاون الدولي وهو ما تقوم به المانيا فعلاً، بالاضافة الى مشروع قانون ليبرمان  وارنر الذي يخدم نفس الفرص في الولايات المتحدة. كما تقدمت النرويج باقتراح تحويل حصة من ميزانيات انبعاث الغازات 1 C تقود لتمويل التعاون الدولي. ويذكر ان خطة عمل بالي التي مهدت لمؤتمر كوبنهاغن ركزت على ضرورة تبني البلدان النامية تدابير التخفيف على المستوى الوطني، ولكن سوق غازات الدفيئة لا يعمل مفرقاً لذا سيكون التعاون بين الحكومات ملزماً وهكذا، سيحتم خطر التغير المناخي نوعاً من الوحدة العالمية للتصدي له. وحدة بشرية تتخطى التحزبات والتحالفات السياسية وما تمخض عنها من حروب عالمية اقصى ما حققته انقسام العالم الى شرق وغرب، ودول غنية واخرى فقيرة.

اخيراً، لا شك ان العديد من الشواغل والهموم سوف تنشأ عن المفاوضات المكثقة التي ستجري خلال الأيام القادمة للمؤتمر وما يتبعها ويبقى الوضوح وصدق التعامل مع الأزمة المتفاقمة للمناخ يشكلان عاملين على قدر عظيم من الاهمية لاحراز النجاح في كوبنهاغن، فلا يصبح كأسلافه من المؤتمرات العالية مجرد حدث اعلامي يضيف هماً جديداً للمواطن المستهلك فوق همومه الكثيرة الاخرى.

=============================

التحدي الكبير أمام أردوغان

الأحد, 13 ديسيمبر 2009

عبدالله إسكندر

الحياة

المحكمة الدستورية التركية التزمت القانون التركي بقرارها حظر حزب التجمع الديموقراطي الكردي، والذي ستكون له ارتدادات كبيرة على علاقة الحكم التركي مع مواطنيه الأكراد، على رغم استبعاد أي دور للحكومة في الحظر. لكن المحكمة وضعت في الوقت نفسه حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم أمام تحد كبير يتمثل بالقدرة البرلمانية لهذا الحزب على تغيير القوانين التي تسمح بحظر الأحزاب السياسية. خصوصاً انه كاد أن يقع ضحية هذه القوانين، ويتعرض للحظر على رغم شرعيته السياسية وغالبيته البرلمانية.

معلوم أن قانون حظر الأحزاب في تركيا يرتبط بمرحلة الحكم المباشر للعسكر، وهو من بقايا نفوذ المؤسسة العسكرية وجيوب العلمانية الأتاتوركية. وأستخدم مراراً من أجل حظر العمل الحزبي والسياسي، خصوصاً أصحاب الدعوات التي تشكك بطبيعة الحكم العلماني والداعية الى تغييره، ومنها الاتجاهات الإسلامية. يذكر أن حزب العدالة والتنمية الحكم هو وريث حزب الرفاه المحظور. كما استخدم ضد أصحاب الدعوات الى التعددية الثقافية، والتي اعتبرت انها تهدد وحدة الوطن وتضعف الشعور القومي، ومنها خصوصاً الصادرة عن النخب الكردية.

بكلام آخر، يختلط السعي الى الخروج من المرحلة الأتاتوركية، بوجهيها العلماني المتطرف وهيمنة المؤسسة العسكرية، مع التعامل مع الطموحات الثقافية والاجتماعية والسياسية الكردية في تركيا.

وهذا هو جوهر التحدي الذي يواجهه حزب العدالة والتنمية: عدم الاصطدام المباشر مع المؤسسة العسكرية التي لا تزال تتمسك بقوانين الحظر. والرغبة في الانفتاح على مواطنيه الأكراد الرافضين للعنف، وحتى التائبين من حزب العمال الكردستاني. ويبدو حتى الآن انه ما زال عاجزاً عن التقدم في خطته للمصالحة مع الأكراد، ومن هنا عجزه في تعديل قوانين الحظر عبر البرلمان حيث يحظى بغالبية مريحة.

والى التعقيدات التي يضيفها قرار الحظر على علاقة حكومة طيب رجب أردوغان مع الأكراد، وعلى مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي، والتي تفترض الاحترام الدقيق للحقوق السياسية والديموقرطية والمساواة، سيجد الدور الجديد الذي اختارته أنقرة في المنطقة موضع امتحان. خصوصاً أن حكومة حزب العدالة والتنمية مزجت بين الانفتاح التركي على دول المنطقة وبين السعي الى وساطات بين حكومات بعض هذه الدول ومعارضاتها. ويطرح السؤال هنا عن كيفية التمكن من إيجاد علاقة جيدة مع الحكومة العراقية ومع حكومة كردستان العراق، ولعب وساطة بينهما، في الوقت الذي يُحرم أكراد تركيا من حق التمثيل السياسي، بفعل قانون.

كما ستضعف الحجة التركية إزاء جدلها مع إسرائيل عن الحقوق الفلسطينية والاعتراف بحركة «حماس»، كما سيضعف موقعها في لعب دور الوسيط غير المباشر في النزاع العربي - الإسرائيلي. ما دامت شريحة من مواطنيها غير قادرة على التعبير السياسي.

صحيح أن حزب العدالة والتنمية غير مسؤول عن قرار المحكمة الدستورية. وصحيح أيضاً انه لم يكن اصلاً متحمساً لمثل هذا المنع. ولا تخفى على قيادته معاني صدوره في هذا الوقت بالذات. حتى أن بعض المعلقين اعتبروا أن الحزب التركي الحاكم هو المستهدف من القرار، في مقدار استهداف الصوت السياسي للأكراد الأتراك، خصوصاً انه يشتبه بأن «العدالة والتنمية يقف وراء محاكمات مجموعة «ارغينيكون» التي تضم عسكريين ومدنيين أتاتوركيين. فهل يتمكن أردوغان من تعديل القوانين سريعاً ليمنع إمكان حظر أي تشكيل سياسي آخر محتمل للأكراد، وليعيد لزعامات حزب التجمع الديموقراطي المحظور اعتبارهم ويمكنهم من العودة الى العمل السياسي؟ ليكسب معركة أساسية في تثبيت الحكم المدني في بلاده.

=============================

القرار الأوروبي بانتظار قرار واشنطن !

طارق مصاروة

الرأي الاردنية

13-12-2009

أن يعترف الأوروبيون، بأن القدس هي عاصمة لفلسطين وإسرائيل، فذلك إنجاز أوروبي.. لا عربي ولا فلسطيني. وهو لغة مطاطة اضعفت الاقتراح السويدي بتسمية القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وأن توحيدها بقرار إسرائيلي غير شرعي، باعتبارها أرضا محتلة حسب بروتوكول جنيف الرابع الخاص بالأراضي والسكان تحت الاحتلال!!.

 

إسرائيل تستطيع أن تمرر القرار الأوروبي دون أن ترفضه، ولعل موافقة الكنيست على القراءة الثانية لقانون شمول القدس الموحدة وهضبة الجولان، بالقانون الإسرائيلي أي ضمها، هو نمط من التلويح بالرفض، ففي الكنيست يصبح مشروع القانون نافذا بعد القراءة الثالثة له، فحكومة إسرائيل لا تستطيع ان تواجه في قضايا الضم والتوسع.. لأنها ستواجه الرأي العام الدولي ومنظمة الأمم المتحدة... وربما أميركا في نهاية المطاف!!.

 

لنا وقفة عند الحجم السياسي الأخلاقي لدولة السويد التي نعتبر وجودها في منظمة الوحدة الأوروبية مكسبا لقضايا الحرية والعدالة في العالم، فهذه الدولة التي فرضت حيادها في الحروب العالمية الثلاث: الحرب الأولى، والثانية والحرب الباردة.. خلقت حجما أخلاقيا في السياسة الدولية لا مثيل له.

 

وقد سعدت في الثمانينيات بزيارة كريمة لستوكهولم، وتشرفت بلقاء الرئيس أولاف بالمه.. وحضور مؤتمر صحفي ضمه وأول رئيس وزراء فرنسي اشتراكي. واكتشفت كم نحن نعرف القليل عن اشتراكية السويد وحزبها الذي بقي في الحكم نصف قرن من الزمان وأكثر، ونعرف الاقل عن نظامها العسكري الدفاعي.. وهي دولة حيادية ومسلحة لأسنانها كما يقولون.. ولا نعرف أبدا انها كانت تقدم سنويا مئتي مليون دولار لفيتنام الشمالية أثناء الحرب.. منذ اليوم الأول الذي بدأت فيه الولايات المتحدة بقصف فيتنام الشمالية. فقد اعتبر السويديون أن هناك اعتداء على دولة صغيرة ذلك أنه لم تكن أميركا في حرب معلنة.. وأن الأمم المتحدة لم توافق عليها..!!.

 

لقد اغتالت جهة مجهولة مجرمة الرئيس بالمه.. أمام دار للسينما كان سيحضر فيها فيلما هو وزوجته ولم يكن هناك شرطي واحد وراءه أو أمامه وتشير الأصابع إلى جهة معروفة بمقارفة هذا الاغتيال لأن الرئيس رفض صفقة أسلحة حين عاد إلى الحكم بعد غياب عام وبعض العام!!.

 

المهم في القرار الأوروبي أن القدس ليست عاصمة لإسرائيل.. إلى الأبد. والأهم أن يخرج قرار الرئيس أوباما ليتراصف مع القرار الأوروبي.. ليبرر جائزة نوبل للسلام. فلم يفعل الرئيس أوباما شيئا من أجل السلام!!.

=============================

في مواجهة طرد وتشريد واستلاب الفلسطينيين.. خلق الحقائق في الأذهان

كارين أبوزيد

الشرق الاوسط

 12-12-2009

قبل ستين عاما من اليوم، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إنشاء هيئة مؤقتة تعرف بوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وقد كانت مهمة الأونروا تتمثل في التعامل مع العواقب الإنسانية لطرد وتهجير ما يقارب من ثلاثة أرباع مليون لاجئ فلسطيني بالقوة نتيجة للحرب التي دارت في الشرق الأوسط عام 1948 وليجدوا أنفسهم وقد هُجروا عن بيوتهم وأُبعدوا عن أراضي أجدادهم. وبعد عقدين فقط من الزمان، أحدثت حرب الأيام الستة موجة جديدة من العنف والتشريد القسري، ونتج عنها احتلال باقي الأراضي الفلسطينية. واليوم، فإن النفي المؤلم لا يزال نصيب الفلسطينيين، ومنهم اللاجئون الفلسطينيون. فاحتلال الأراضي الفلسطينية لا يزال مستمرا، ولا توجد هناك حتى اللحظة دولة فلسطينية، إضافة إلى أن حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والتي هي حق للفلسطينيين بموجب القانون الدولي، ما زالت مسلوبة وغير موجودة.

الاحتلال الإسرائيلي، والذي أنهى عقوده الأربعة، قد أصبح راسخا أكثر مع كل انتهاك لحقوق الإنسان وللقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. الجهات السياسية الفاعلة تمتلك بيدها القدرة على تصويب الأوضاع والتحدي لسياسة الامتهان التي يكابدها الفلسطينيون. ولكن الوضع الحالي مختلف: فإن توجه الجهات السياسية كان ولا يزال، وفي أحسن أحواله، يتوه في تفصيلات الاحتلال وتجلياته  نقطة تفتيش هنا ترفع أو تفرض أو كيس من الإسمنت هناك يمنع دخوله أو يسمح به. وفي أسوأ الأحوال، كان التوجه يتمثل بعدم الالتفات لما يحصل من انتهاكات وأحيانا أخرى السكوت عن أو حتى مساندة ودعم الإجراءات والسياسات التي تتسبب بمعاناة الفلسطينيين.

ومن وجهة نظري كرئيسة للوكالة المفوضة بمساعدة وحماية اللاجئين الفلسطينيين، فإنه لمن المحير والمربك على وجه التحديد رؤية أن التوجه الدولي السائد يفشل  أو يرفض  في منح قضية اللاجئين الاهتمام الذي تستحقه. وعلى مدى ستين عاما، فإن حالة الطرد والاستلاب لشعب بأكمله فشلت في أن تكون في صلب وجوهر جهود السلام. إن نقطة الانطلاق، والتي ينبغي للسلام أن يبدأ منها، غائبة عن جدول الأعمال الدولي، ومركونة جانبا باعتبارها واحدة من قضايا «الوضع النهائي»، أي إنه قد تم إقصاؤها كقضية تنتمي إلى مرحلة لاحقة من عملية المفاوضات. وفيما تستمر حالات التشريد القسري في مختلف أنحاء الضفة الغربية، حيث يتم طرد الفلسطينيين من بيوتهم في القدس الشرقية، فإنني أطرح سؤالا بسيطا: ألم يحن الوقت بعد لأولئك المنخرطين في عملية السلام لحشد الإرادة والشجاعة لمعالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين؟

وفي هذه الذكرى الستين  وللأسف  للوكالة والتي سأغادرها مع نهاية الشهر الجاري، فإنني أود أن أعيد تركيز النقاش حول من تم تشريدهم وطردهم، وأن أضع اللاجئين أنفسهم في صلب جهود صنع السلام. ولا يظن البعض أنني مخطئة في ذلك: ليس هناك أي نزاع واحد في العصر الحديث قد تم حله، ولم يتم التوصل إلى سلام دائم في أي مكان على وجه الكرة الأرضية ما لم يتم الاستماع لأصوات ضحايا ذلك النزاع، وما لم يتم الاعتراف بالخسائر التي تكبدوها والثمن الغالي الذي دفعوه، وما لم تتم مواجهة الظلم الذي تعرضوا له. إن سوابق جهود صنع السلام الأخيرة والمنهجية التي تم اتباعها في حل النزاعات المعاصرة تؤكد على أن إعطاء الأولوية القصوى لحل مشكلة الطرد والتشريد واستلاب الحقوق واستيعاب محنة اللاجئين لهي ضرورة، والتزام دولي وواجب إنساني.

إن المواجهة الفلسطينية  الإسرائيلية معقدة وفريدة. ومن بين أبعادها التي لا تعد ولا تحصى، والتي بمجملها تتطلب الاهتمام، فإن قضية اللاجئين، والتي لم تجد طريقها للحل، تعد واحدة من القضايا الأكثر ارتباطا وتعبيرا عن حالة عدم اليقين في الحالة الإقليمية والوضع السائد وبمسألة استمرار النزاع. وبالتالي، فإن معالجة تلك القضية هي شرط ضروري ولا غنى عنه في سبيل إحراز تقدم نحو أي حل تفاوضي. إن الفشل في التعامل مع قضية اللاجئين وإلقاءها جانبا لم يخدم سوى محاولة التنصل من وتبديد محورية وأهمية اللاجئين كمجموعة لها دور مفصلي في توفير السلام واستدامته. لقد خلق هذا الإهمال لقضية اللاجئين لدى الكثيرين حالة من الشك والإحباط حيال عملية السلام برمتها، مما أدى بالتالي إلى تعزيز مواقف أولئك الذين يجادلون ضد مفهوم السلام ذاته.

وأيا كان، فإنني أرفض أن أنهي خدمتي في منصب المفوض العام للأونروا بنظرة متشائمة. وعوضا عن ذلك، فإنني ألح على أن نقوم باتخاذ الخطوات العملية المطلوبة من أجل إشراك الفئات المهمشة. دعونا ندحض دعاوى المتشائمين والمشككين؛ دعونا نخلق واقعا بديلا لنزع أسلحة أولئك الذين يفضلون العنف. إنني أناشد صانعي السلام بالاعتراف، في خطاباتهم وتصريحاتهم، والأهم في سياساتهم الفعلية، بالحاجة لمعالجة حالة الطرد والتهجير والاستلاب والتشريد الفلسطينية. أفسحوا المجال للمضمون الحقيقي بأن يحل محل الرمزية والبلاغة الكتابية واللفظية. وفي الذكرى السنوية الستين للأونروا، فإنني أدعو المجتمع الدولي وأطراف النزاع للاعتراف بستين عاما من الظلم الذي حل بالفلسطينيين وذلك كخطوة أولى نحو معالجة عواقب ذلك الظلم. دعونا نقُم ببناء الحقائق في أذهاننا من أجل خلق حقائق لسلام عادل ودائم على أرض الواقع.

============================

اتباع الطريق الخطأ في أفغانستان

يوجين روبنسون

الشرق الاوسط

 13-12-2009

كان ينبغي على الرئيس الأميركي باراك أوباما إعلان النصر والشروع في سحب القوات من أفغانستان. وبالرغم من أن قراره بتصعيد الحرب قد يحقق الأهداف المرجوة، فإن الثمن الذي سنتكبده مقابل ذلك سيكون فادحا للغاية، ومن دون أن نجعل أمتنا أكثر أمنا ضد تهديد الهجمات الإرهابية.

آمل أن أكون خاطئة في رأيي هذا. إلا أن تساؤلي الجوهري بخصوص توجه أوباما تجلى، في أحداث بعيدة عن ميدان القتال، ففي مقديشو بالصومال، تمكن تفجيري انتحاري من اختراق احتفال بتخريج دفعة جامعية وتسبب في مقتل 19 على الأقل، بينهم ثلاثة وزراء في الحكومة الصومالية.

في الواقع، استخدامي تعبير «الحكومة الصومالية» لا يخلو من مفارقة، بالنظر إلى أنه لم توجد بالبلاد أي حكومة بالمعنى الحقيقي منذ عام 1991. ولا تزال البلاد تعاني من حرب أهلية متعددة الأطراف مشتعلة منذ أمد بعيد على السيطرة بين عشائر مسلحة ولوردات حرب. ويتمثل التطور الأهم في الفترة الأخيرة في الحرب الأهلية في ظهور حركة تمرد ذات طابع ديني «الشباب»، والتي تسيطر حاليا على قطاع كبير من البلاد، والتي سرعان ما أشارت إليها أصابع الاتهام عن تفجير الخميس سالف الذكر.

لكن أين شاهدنا هذا الفيلم من قبل؟

لا، الصومال ليست نسخة طبق الأصل من أفغانستان، لكن ذلك لا ينفي أنهما تشتركان في كون كل منهما دولة فاشلة ترسخت بها جذور أيديولوجية إسلامية أصولية وعنيفة، وكذلك أسلوب الهجمات الانتحارية، التي تنعت ب«الاستشهادية»، الذي يثبت فاعلية كبيرة.

من جانبي، أشك في أن قرار أوباما بإرسال 30.000 جندي إضافي إلى أفغانستان سيثبت نجاحه، لكن دعونا نفترض أنه سينجح. طبقا لمسؤولين بارزين بالبيت الأبيض، يعني هذا القرار أن الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها سيتمكنون من «الحط من» «طالبان» للدرجة التي سينعدم عندها خطر سيطرة الجماعة على السلطة في كابل وتفقد سيطرتها على مناطق مهمة من الريف الأفغاني.

ويؤكد البيت البيض أن هذه الأهداف يجب تحقيقها، بحيث يصبح من المستحيل عودة «طالبان» إلى أفغانستان، وإنشاؤها قاعدة للعمليات بها واستغلالها في شن هجمات جديدة ضد الولايات المتحدة وأهداف أخرى.

في اعتقادي، إذا ما بدأت الأمور تخرج عن سيطرة «طالبان»، فإن الكثير من المقاتلين سيذوبون ببساطة من جديد بين السكان ويدخلون في حالة خمول حتى الموعد الزمني النهائي الذي حدده في يوليو (تموز) 2011. بحلول هذا الموعد، هل ستكون القوات العسكرية الأفغانية قادرة بالفعل على الوقوف وحدها ضد خطر «طالبان»، حتى وإن كان خاملا؟ إذا كانت الإجابة بالنفي، فإن الموعد الزمني الذي أقره أوباما يصبح بلا أي معنى حقيقي وستعلق القوات الأميركية في أفغانستان، وبأعداد ضخمة، على امتداد المستقبل المنظور.

بيد أنه حتى حال نجاح قرار تعزيز القوات، ما الذي يمنع «القاعدة»  أو أي جماعة ذات فكر مشابه  من الإقدام ببساطة على نقل نشاطها إلى الصومال أو اليمن، باعتبارها دولة فاشلة أخرى؟ أو أي مكان آخر مدمر من العالم تعاني الحكومة المركزية فيه من الضعف وتنتشر به مشاعر السخط حيال الهيمنة الغربية؟

لقد تصادف كون أفغانستان الاختيار الذي استقر عليه أسامة بن لادن كمحل لمقر رئاسة «القاعدة»، لكنه وكبار مساعديه طردوا من البلاد في غضون فترة قصيرة من الإطاحة بحكومة «طالبان» عام 2001. ومن المعتقد أن «القاعدة» تتخذ من باكستان مقرا لها، في وقت تعاني قياداتها من قيود شديدة على قدرتها على الحركة. ورغم أن تردد الحكومة الباكستانية حيال إنجاز المهمة يثير مشكلات لنا، يبقى من غير المحتمل أن تتمكن طائرة من دون طيار من تحقيق ذلك.

تكمن المشكلة الحقيقية في أن الفلسفة الدموية ل«القاعدة»، العدو الحقيقي لنا، ليس لها قاعدة مادية، ذلك أن بإمكانها الظهور بأي مكان، بل وحتى داخل قاعدة شديدة الحراسة تتبع الجيش الأميركي في وسط تكساس.

وعليه، يجب أن ننظر إلى ما يستلزمه قرار تصعيد الحرب في أفغانستان كي ينجح. من جهته، يجب أن ينبذ الرئيس حميد كرزاي الفساد، الأمر الذي سيتطلب أكثر من مجرد محاضرة صارمة من جانب أوباما. وسيتعين ليس تدريب القوات العسكرية الأفغانية على القتال فحسب، وإنما كذلك توسيعها من مستوى قوتها الحالي البالغ 92.000 جندي إلى ما يصل إلى 260.000 جندي، وهو مستوى تكاد لا تتحمله حكومة كرزاي الضعيفة الفقيرة. وسيتعين على دولة تشتهر بكونها «مقبرة الإمبراطوريات» نظرا لمقاومتها الأسطورية في وجه الاحتلال الأجنبي إقرار تحول جوهري بتوجهاتها.

في النهاية  وحتى إذا جاءت الظروف في يوليو (تموز) 2011 مواتية بما يمكن أوباما من إصدار أوامره بتنفيذ انسحاب حقيقي، وليس انسحابا ظاهريا  سيبقى التهديد الأكبر للإرهاب قائما. إن توجه «تجفيف المستنقع» لا تجدي نفعا في محاربة الإرهاب إذا كانت العدوى قادرة على إصابة مستنقع آخر.

في الواقع، لم يكن من المنطقي قط التفكير في جهود محاربة الإرهاب باعتبارها «حربا» لأنه من غير الممكن هزيمة أسلوب أو فكرة بقوة السلاح. لقد اختار جورج دبليو. بوش نهجا نخوض من خلاله حربا مستمرة مكلفة وفتاكة. وكان على باراك أوباما اتخاذ نهج مغاير.

========================

حُماة القيم..؟!

الافتتاحية

الأحد 13-12-2009م

بقلم : رئيس التحرير - أسعد عبود

الثورة

مازال الغرب يفرض نفسه علينا حامياً للقيم..؟! طبعاً لأول وهلة نحتج على أساس أنه يفرض حماية قيمه لا قيمنا..

لكن قيم الإنسانية نحو الخير وخدمة البشر لا تختلف كثيراً.. إنما تختلف الأدوات وطرق الوصول إلى الهدف.. وفيما استخدمه الغرب من أدوات وما اختاره من طرق، لا شك أنه أخر كثيراً في تطور المجتمع الشرقي.. بل زرع في صدر الشرق حالة خوف فعلي تتجلى بكل صور الحياة من أي تطور أو تغيير أو تحديث وبناء جديد.‏

يقول السيد طوني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق:‏

«إطاحة صدام كانت صواباً على الرغم من عدم العثور على أسلحة دمار شامل في العراق».‏

ليس بودي أبداً الدفاع عن صدام.. ولم يشغلني هذا الأمر في أي يوم من الأيام.. لكن على أي أساس يمكن لرئيس وزراء بريطانيا السابق أن يعتبر أن حرباً شارك فيها دمرت بلداً هو مهد لأعرق الحضارات وشعباً يمتلك أكبر الثروات كي يقوم بمهمة هي بالأصل ليست مهمته.. على أي أساس يرى ذلك صواباً..؟!‏

لو كانت مبارزة بينه وبين صدام لكانت تقريباً مفهومة.. لكن.. هل صحيح أن السيد بلير السياسي اللماح والرجل الذكي بما لا يقبل الشك لا يعرف الثمن الذي دفعه العراق وشعبه والمنطقة كلها كي يتفضل عليناً هو وصديقه السيئ الصيت والسمعة جورج دبليو بوش فيتولى قراراً يفترض أنه للشعب العراقي للإطاحة بصدام؟!‏

حيث حوّلوه إلى بطل في ذهن الكثيرين..‏

سأترك السيد بلير لشأنه.. وأنا أتتبع مسيرته من فشل إلى فشل..‏

من فشله في الدور الذي أعطي له في الشرق الأوسط إلى محاولته ترؤس الاتحاد الأوروبي.. وأمضي إلى أوروبا كلها.. إلى الاتحاد الأوروبي.. إلى أميركا.. سائلاً:‏

هل صحيح أنكم تملكون نيات طيبة لإحداث تغيير وتطوير في الموقف القيمي لشعوبنا ومنطقتنا..؟!‏

هل صحيح أنكم تحتجون على الفساد والتسلط وتراجع التنمية عندنا؟!‏

هل صحيح أنكم تسعون إلى حقوق الإنسان والمرأة.. عندنا..؟!‏

هل صحيح أن الفقر والجوع في بلادنا يشغلكم؟!‏

في كل ذلك.. وفي غيره..؟!‏

إن كان كل ذلك صحيحاً.. وهي مهمتنا ونحن نقبل مساعدتكم ونبحث عنها.. فهل ترون أن كل ما يجري في بلادنا بعلمكم ومعرفتكم لا يؤثر في ذلك كله..؟!‏

هل فكرتم مثلاً بتهيئة موقع العمل كي نحسن التفكير والتقرير والحركة.‏

يعني..‏

في منطقة أقمتم فيها إسرائيل.. وأخضعتم شعوبها لمنطق الاحتلال والعدوان والقتل اليومي.. ورحتم تتثاءبون من حول مشروع السلام الذي يفترض أنه بدأ من عندكم وبرؤيتكم وتصوراتكم.. هل يمكن في هذه المنطقة أن توجد قاعدة العمل للتغيير والتحديث والتطوير القيمي السياسي والاقتصادي والاجتماعي.‏

دون أن تشغلنا كل قضايا الاعتداء والعدوان والتدمير والاحتلال..‏

غريب هذا المنظار الذي لم ير خطأ هنا يجب إصلاحه إلا «صدام».. فدفعوا كثيراً.. ودمروا كثيراً.. وخربوا كثيراً للإطاحة به.. أليس لديهم ما يدفعونه ولو قليلاً من أجل السلام.‏

a-abboud@scs-net.org

===================================

الغابات... تحترق بقانون حراجها ..وتكوي المواطن بنيرانه ..اعترف بحق الانتفاع وحرمنا التنمية...مفارقة كبيرة بين الواجبات والحقوق والحوافز ..!!... العاملون في الحراج: معاملتنا على قانون العاملين وعملنا على نظام ضابطة الحراج !!سفر: تعديل بعض مواد القانون

تحقيقات

الأحد 13-12-2009م

تحقيق: معد عيسى

الثورة

خلق قانون الحراج الذي لم يمض على إصداره أكثر من عام ونصف حالة من العداء المتنامي ضد الغابات فلا نصوص تضع معايير وأسساً واضحة لتطبيق حقوق الانتفاع لسكان المناطق الحراجية ولا هي أنصفت العاملين والقائمين على الحراج،

فضاعت حقوقهم بين قانون الضابطة الحراجية والقانون الأساسي للعاملين في الدولة رغم أن معظم عمل الحراجيين خارج أوقات الدوام وفي العطل والأعياد والليل ولاسيما في موسم الحرائق الذي يمتد من الشهر الخامس إلى الشهر الحادي عشر، ما أشاع حالة من التململ لدى العاملين في الحراج وكذلك عند مجتمعات الغابة وشبه البعض القانون بالسيف المسلط على حياتهم فهو حرمهم من الانتفاع من الغابة وحمّلهم مسؤولية الأضرار التي تلحق بها عدا عن حرمانه المناطق الحراجية من إقامة أي منشآت وحتى الزراعية التي هي من صلب مجتمعات الغابة كتربية الدواجن والمباقر وسنقوم من خلال التحقيق التالي بالإضاءة على بعض المواد التي تضيع مرة حق الدولة وأخرى حق الأفراد أو ما تصح تسميته بمجتمع الغابة.‏

القانون مجحف‏

اعتبر عدد من سكان القرى المجاورة للحراج أن القانون مجحف فقد حرمهم من كل شيء وجعلهم تحت رحمة عناصر الحراج الذين حرموا عليهم حتى الدخول إلى الحراج التي تحيط بهم من كل صوب عدا عن حرمانهم من ممارسة أي من الأعمال، فأبو أحمد يملك قطعة أرض بمساحة /20/ دونماً تمتد من النهر إلى الجبل بعرض /40/ متراً وتتجاور مع الحراج مباشرة فهو لا يستطيع حتى البناء، رغم أن وزارة الإدارة المحلية أتاحت البناء على الشيوع خارج المخططات التنظيمية ولكن مشكلته الحراج ولم يستطع أن يقيم مدجنة لأنه يحتاج إلى مسافة 500 متر وبالتالي هو مزارع محرّم عليه ممارسة الأعمال الزراعية وحتى السكن في أرضه. وعلّق رجل آخر نحن نعيش في مزرعة خارج التنظيم وقطر مزرعتنا /400/ متر وبالتالي حرام علينا أن نقيم أي منشأة صناعية ولا زراعية وحتى نستطيع ذلك علينا أن نحرق الغابة أو نقطعها 100 متر من كل جهة لنبعدها عن بيوتنا لنستطيع أن نعيش. وختم بالقول: والله غريب، نحن طوال عمرنا نعيش بالغابة ونحميها في وقت لم يكن هناك موظفو حراج ولا أحد ونحن أحرص على الحراج.‏

مفارقة كبيرة‏

العاملون في الحراج كانوا أكثر انتقاداً فأكدوا أن في القانون ثغرات كثيرة تضيّع حق الدولة وحقوق العاملين فهو يتصف بالغموض والضبابية في مواده التي تحتمل عدة وجوه وتتيح الأمر للتأويل والارتجال على أرض الواقع ويتركهم بدون إجابة لبعض المواد فطبيعة عمل الحراجيين لا تنحصر بدوام رسمي أو بزمن معين تحت أي ظرف من الظروف لأن هناك الكثير من الحالات يشخص الحراجيون فيها للعمل خارج أوقات الدوام الرسمي وفي العطل والأعياد والليل والنهار وخاصة أعمال الحماية وإطفاء الحرائق وكل هذه الحالات لا ذكر لها في الهيكلية الإدارية، فعناصر الحراج يخضعون للقانون الأساسي للعاملين في الدولة المحدد فيه عدد ساعات العمل في اليوم أو الأسبوع والشهر ولكن طبيعة عملهم تستوجب الخروج عن هذا القانون لمتابعة حماية الحراج وفق أحكام القانون الخاص بالحراج والضابطة.‏

بينما يقومون بهذه الأعمال فهم يخضعون للقانون الأساسي للعاملين في الدولة وهنا مفارقة كبيرة جداً بين الواجبات والحقوق كونه لا توجد أية حوافز لهذا العمل بل تكاد ممارسة العمل خارج أوقات الدوام الرسمي مخالفة بحد ذاتها ولابد منها لإنجاز العمل.‏

ويضيف أيضاً بعض العاملين في الحراج أن مفارقة تتعلق بحقوق السكان المحليين (حقوق انتفاع- نهج تشاركي، تمكين المرأة الريفية) فهذه عناوين واضحة المعالم والطريق غير واضحة للوصول إليها عدا عن كون القانون لا يشير إلى مشاركة السكان في المناطق الحراجية في الإدارة وتنظيم وحماية الغابات ولا توجد أسس لتنمية المجتمعات الريفية.‏

ووصف البعض المواد فنياً وقالو: إن تعريف الحراج اقتصر على المجتمع النباتي والبري وتم فصله عن النظام البيئي، الأمر الذي تسبب بإضعاف القانون لأن كل ما يوجد في الغابة ويحيط بها يعتبر وحدة متكاملة وأيضاً تعريف الحراج جاء ضعيفاً ويهدر حق الدولة بشكل كامل كونه لا يشمل الحراج الطبيعية غير المسجلة على اسم الدولة أو الأفراد وهناك مساحات كبيرة منها ضمن الحراج غير مسجلة باسم الدولة أو الأفراد. أيضاً جاء القانون في تعريفه مجحفاً بحق الأفراد وتعدياً صارخاً على ملكيتهم كونه يمتد بعمق 200 متر ضمن الملكيات الخاصة وأيضاً القانون اشتمل تعاريف دون أن يضع لها مواد قانونية لإدارتها مثل المتنزه الطبيعي، الحديقة البيئية، السياحة البيئية، الكثافة الحراجية.‏

كذلك الأمر القانون لايصب في مصلحة مساكن الغابات والأفراد بشكل عام ولا يصب في مجرى حقوق الانتفاع والنهج التشاركي. وفيما يخص الاستثمار الحراجي فالمواد أتت مختصرة وموجزة وغير واضحة.‏

أيضاً القانون غير واضح في طريقة كيفية تسديد الرسوم لصالح أي جهة وكذلك الاجراءات التي يجب أن تتخذ بحق المخالفين. أيضاً لابد من تعديل مواد استثمار الغابات في السياحة البيئية لتصبح استثمارها في السياحة ومراعاة الشروط التي تنسجم مع المنشآت السياحية وتحدد عائدية وريع هذه الاستثمارات وتوزيعها والتوضيح بشكل دقيق لكيفية استفادة السكان المحليين في هذه المسألة.‏

جباوي: المسافة قيد التعديل‏

الدكتور زياد جباوي مدير الحراج في وزارة الزراعة حاول أن يخفف من الملاحظات على القانون ويعيد ذلك إلى قلة المعرفة بالقانون رغم أن مسألة تعريف الناس والعاملين في الحراج بالقانون هو من شأن مديرية الحراج، ففي معرض رده على مسألة المسافة المحددة بين المنشآت والحراج المجاورة قال جباوي: تم إعداد مشروع صك لتعديل المسافة المحددة بالمادة 25 من قانون الحراج رقم 25 لعام 2007 لتصبح المسافة /50/م بدلاً من 500 متر وقد تم رفع هذا المشروع لرئاسة الحكومة لإصداره وكانت آخر مراسلة من قبلنا بتاريخ 9/6/2009.‏

أما فيما يخص إخضاع العاملين في الحراج للقانون الأساسي للعاملين في الدولة وممارستهم أعمالاً حراجية قال: نصت المادة 25 من قانون الضابطة الحراجية رقم 41 تاريخ 10/10/2006 على (كل مالم يرد عليه نص في هذا القانون يخضع أفراد الضابطة الحراجية على اختلاف رتبهم ومراتبهم لأحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004 وتعديلاته) مع العلم بأن عمل الضابطة الحراجية يفرض عليهم عدم الالتزام بالدوام الرسمي المنصوص عليه في القانون الأساسي للعاملين واضطرارهم للعمل خارج هذه الأوقات إضافة لتعرض الكثير منهم إلى رفع دعاوى قضائية أو تعد من قبل المخالفين دون حماية خاصة بهم.‏

نظام خاص للاستثمار السياحي‏

ورداً على غموض الاستثمار السياحي البيئي قال جباوي: لقد صدر القرار رقم 24/ت الذي حدد الأسس والنظم التي يعمل بها في الاستثمار السياحي البيئي للمواقع الحراجية وقد صدر هذا القرار بالتنسيق مع وزارة السياحة كما صدر قرار بتشكيل لجنة برئاسة مستشار وزير الزراعة وممثل من وزارة السياحة والدولة لشؤون البيئة ومديرية الحراج لوضع نظام خاص للاستثمار السياحي البيئي والاشتراطات البيئية لذلك.‏

أما فيما يخص حقوق الانتفاع من حراج الدولة فقال جباوي: تم تحديد حقوق الانتفاع من حراج الدولة أما فيما يخص السكن فقد أصدرنا تعميقاً بأنه يمكن إقامة الأبنية السكنية بجوار المواقع الحراجية في حال كانت هذه الأبنية واقعة داخل المخططات التنظيمية ووفق نظام ضابطة البناء وفق شروط تأمين وسائل الإطفاء وترك مسافة فاصلة عن الحراج خالية من الأعشاب، إضافة لبناء جدار بارتفاع مترين من جهة الحراج.‏

عباراته إنشائية ومتناقضة‏

لقد أورد كل من الأمريكي جميس سورينسون الخبير في الغابات والبروفيسور في جامعة حلب ابراهيم نحال المختص في علوم الغابات ملاحظات كثيرة على قانون الحراج خلال مناقشة السياسات الحراجية في سورية ومن هذه الملاحظات وجود تناقض في التشريعات ووجود نصوص «عبارة عن إنشاء وليس لها مدلول تطبيقي» وعند التطبيق ينشأ الخلاف بين الجهات المنفذة والإدارة المستدامة، اعتراف قانون الحراج بحقوق الانتفاع لسكان المناطق الحراجية إلا أن النصوص الواردة لا تضع ترتيبات قياسية لتطبيق حقوق الانتفاع بشكل مستدام وفي أماكن محددة بعيداً عن العشوائية.‏

عدم جمع النصوص القانونية في قانون الحراج وتعليماته التنفيذية أعطت صلاحيات البت بالأمور المتعلقة بالحراج إلى الوحدة التنظيمية في المنطقة والمحافظة أو المخفر الحراجي وهذه الواحدات يشغلها عادة عاملون غير مؤهلين أو حتى بعضهم غير مختص بالحراج.‏

القانون لم يشر إلى دور البيئة إلا في مادة واحدة كما لا يشير إلى مشاركة السكان في المناطق الحراجية في إدارة وتنظيم وحماية الغابات كما لا توجد أسس واضحة لتنمية المجتمعات الريفية المجاورة للغابات. أيضاً لا يشجع القانون على قيام الحراج الخاصة لأنه في القانون القديم أجاز توزيع الغراس وتقديم الخبرة مجاناً، بينما في القانون الحالي فرض ثمناً لهذه المواد ووضع قيوداً كثيرة على الحراج الخاصة أيضاً القانون يخلو من مواضيع تتعلق بالتخطيط الحراجي وبإدارة وتنظيم الغابات وبالجرد الحراجي وبالسياسة الحراجية والأبحاث الحراجية والتدريب والارشاد.‏

سفر: تعديل بعض المواد‏

الدكتور عادل سفر وزير الزراعة قال رداً «للثورة» على تساؤلاتها عن القانون: القانون بداية وضع لخدمة المجتمع وعندما لا يحقق ذلك فيمكن تعديله والعودة عن مواده لأن التطبيق لنص القانون على أرض الواقع يكشف الثغرات وبالتالي لابد من تعديلها. وأضاف سفر أيضاً: عندما يكون هناك تعارض بين مواد في القانون ومواد في قوانين أخرى فهذا يعود لعدم وجود دائرة مختصة في التشريع في وزارة العدل والمفترض أن توجد هذه الدائرة ونحن نقوم بتسليمها النصوص والمواد الفنية وهي تقوم بإعداد الصياغات ومواءمتها مع المواد الأخرى في القوانين الأخرى ونحن عندما نناقش أي مواد ندعو أصحاب العلاقة، فمثلاً علاقتنا مع البيئة والإدارة المحلية فندعوهما من خلال لجان للمشاركة في صياغة وإعداد القوانين والتشريعات، كما أن القوانين تناقش بعد ذلك في الحكومة ومجلس الشعب قبل أن تصدر وبالتالي يفترض أن تكون منسجمة مع الواقع وتحقق التنمية المستدامة وعلى كل حال نحن بصدد تعديل بعض المواد في قانون الحراج ويمكن تعديل كل ما يحتاج إلى تعديل ونحن لسنا متمسكين بشيء إلا بما يحقق المصلحة العامة ويحمي الغابات والحراج وينصف العاملين والقائمين عليها.‏

فرصة حقيقية لتعديله‏

اليوم هناك فرصة حقيقية أمام وزارة الزراعة لتعديل قانون الحراج في ظل مناقشة السياسة الحراجية التي جمعت ودونت الكثير من الملاحظات الواقعية التي من شأنها صياغة قانون واقعي لا كتلك الموجودة حالياً أو الملاحظات الفنية التي وضعتها جهات غير فنية كوزارة السياحة التي حددت شرط المسافة /500/ متر والغريب أيضاً أن تكون هناك هيئة للبيئة وللثروة السمكية ولا تكون هناك هيئة للحراج تخطط وتدرس وتضع الأساليب المتطورة لإدارة الحراج بدل ترك الحراج وميزانياتها تحت رحمة مديريات الزراعة التي تقوم باقتطاع جزء كبير من مخصصات الحراج لمصالح أخرى.‏

ولابد كذلك من أن يكون القائمون على صياغة القانون قادرين على التمييز بين المواد التي يجب أن توضع في القانون والتي توضع في التعليمات التنفيذية لأن هناك بعض الجهات لم ترد على التعليمات ولكن ليس بمقدورها تجاهل القانون ولابد كذلك من الأخذ بملاحظات القائمين على العمل الحراجي والتي أهملت عند إعداد القانون السابق رغم أهميتها.‏

إن وضع الحراج ليس جيداً وتشكلت حالة من العداء ضده بسبب قانون غير واضح لا لمن يطبقه ولا لمن يطبّق عليه وهناك الكثيرون ممن اتصلنا بهم من العاملين في مصالح الحراج اعربوا عن خيبتهم من العمل الحراجي وتراجعه بعد أن اقترب في فترة سابقة من النضج، الأمر نضعه باهتمام وزير الزراعة لأهميته لأن القانون حرم محافظات مثل إدلب، اللاذقية، طرطوس، حمص، ومنطقة الغاب من إقامة المشاريع التنموية لتداخل قرى هذه المحافظات مع الحراج وقيامها داخل الحراج، الأمر الذي حرم سكانها من أي تنمية بسبب قانون الحراج.‏

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ