ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 19/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المستجير من الرمضاء.. ب"الصين"!

المستقبل - الاربعاء 18 تشرين الثاني 2009

العدد 3487 - رأي و فكر - صفحة 19

ممدوح الشيخ

منذ غادر العالم العربي حقبة الاستعمار العسكري المباشر وهو يبحث عن طريق النهوض وفي سبيل البحث عن إجابة سالت أطنان من الحبر وسودت عشرات الآلاف من الصحف، فضلا عن الخطب والشعارات والخطط الخمسية و.. .. فيما النهضة مراوغة عصية، تارة تمنح مودتها لشعوب في أقصى الشرق وأخرى تحط رحالها في هذا المكان أو ذاك من عالم الجنوب، والعالم العربي بحر متلاطم بالبشر المحاصرين بالأسئلة عن مؤهلات النهوض وشروطه، وفي أحيان كثيرة تمحورت النقاشات حول "المؤامرة" التي تمنعنا من دخول جنته!

ومع انقسام العالم لمعسكرين خلال الحرب الباردة أصبح هناك مفهوم واضح هو "نماذج النهوض"، ويقصد بها حزمة معايير تحكم التنظيم السياسي والاقتصادي. فأصبحت الديموقراطية والاقتصاد الحر والفردية علامة مميزة للنموذج الغربي وبينما الاشتراكية والحزب الواحد والجماعية علامة على النموذج السوفيتي. ومن الناحية المادية فإن العرب لم يحرموا الموارد الطبيعية ولا الموقع المتميز الذي لا حاجة لأحد إلى أن يجهد نفسه بالحديث عنه، وهم مع طفرة النفط لم يحرموا الموارد المالية الكبيرة، لكنهم رغم هذا يراوحون في مكانهم. وتجربة نخب التحرر الوطني العربية لم تفشل بسبب افتقار صناعها لإرادة النهوض، بل ربما كان اختصار مؤهلات النهضة في "الإرادة" أخطر عورات هذه التجربة. حيث أصبحت كل السياسات تقريبا تستمد مشروعيتها ووجاهتها من "الإرادة" وحسب، ومع تفشي سياسات الإرادة ازداد بشكل مرضي تقديرنا للثورية كموقف نفسي حماسي أولا، ثم في مرحلة تالية كرؤية للذات والكون. وعندما تصبح الإرادة قائدا فلا مكان للبحث في التراضي والجدوى والكفاءة والمنفعة المباشرة.

وغلب هذا الميل النفسي على خيارات معظم الدول العربية ضمن عوامل أخرى فتوجهت نخب التحرر الوطني للاتحاد السوفيتي كحليف سياسي أولا، وفي النهاية كنموذج للاستلهام، وعندما سقط الاتحاد السوفيتي ومعه نموذجه السياسي والاقتصادي تحولت قطاعات واسعة من نخبنا نحو الصين وأصبح هناك هوس، بالمعنى الحقيقي للكلمة، بالنموذج الصيني، واختلط التحليل بالتبشير وزالت الخطوط الفاصلة بين التقييم والتسويق!

وفجأة أصبحت الصين تقدم في الإعلام العربي كقارب نجاة وفي الوقت نفسه كتجربة يمكن الاقتداء بها، وأصبح هناك معجم مصطلحات ضخمة فخمة أشهرها "المعجزة الصينية"، وأصبحنا مدعوين للاطمئنان التام إلى أن النموذج "المعقم" من الديموقراطية يمكن أن يحقق لنا النهوض، وأصبح هناك نفوذ اقتصادي كبير في بلادنا والشواهد يمكن اختصارها بالقول إن العالم العربي اجتاحته حالة هرولة نحو الصين، والمثير أنها لا تكاد تزعج أحدا.

والرهان على الصين كحليف سياسي أو نموذج للنهوض ينطوي على أوهام وخطايا قاتلة، فبسبب الخلل الجسيم في النموذج الصيني الذي أعطى الدولة حق إجبار كل أسرة على إنجاب طفل واحد، ستصبح الصين بحلول 2050 أكبر متضرر في العالم من مشكلة الشيخوخة بجيش من المسنين يفوق 400 مليون، ما سيجعل اقتصادها أمام خلل لا يستبعد أن تتسبب بانهياره. وبسبب محاولة الجمع بين الاقتصاد الحر وحكم الحزب الواحد توجد مناطق كاملة في الصين يعمل فيها الناس في المصانع مقابل وجبة أرز تبقيهم فقط قادرين على العمل، وهي عبودية مطابقة تماما للوضع في معسكرات السخرة النازية.

وفي العدد الأخير من مجلة نيوزويك العربية (27/10/2009) تحليل مدهش للأخطاء الشائعة عن "المعجزة الصينية" منها مثلا أن الشيوعيين مديرون اقتصاديون جيدون لكن الحقيقة أن "التماسك" الصيني سببه خطة تحفيزية بقيمة 600 مليار دولار هي الأضخم في العالم (كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي) وهي في التقييم الاقتصادي غير المسيس منعت الاضطرابات السياسية وحسب، وستصيب الاقتصاد بتشوهات على المدى الطويل بسبب الاعتماد شبه الكامل على الاستثمارات الحكومية، (88% من نمو الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من 2009) وهي نسبة يصعب إيجاد مثيل لها بأي بلد في أي وقت. وبعض الأموال ذهبت إلى "جسور لا تفضي إلى أي مكان"!!

كما أن 60% من أموال الخطة التحفيزية انتهى بها المطاف في البورصة وسوق العقارات ما يزيد احتمال حدوث ارتفاع مفرط بأسعار الأصول. والأزمة كشفت الدور الخفي للدولة التي تسيطر على القطاعين العام والخاص فعليا. ومن العيوب القاتلة في النموذج الصيني النظام التعليمي الذي لا يشجع على الإبداع والابتكار بل يركز على حفظ المعلومات وبسبب الأزمة المالية صدرت أوامر من بكين تقضي بضرورة مضي الشركات قدما في عملية الابتكار.

وإذا صح ما نشر عن وعد صيني باستخدام الفيتو الصيني لمنع إحالة تقرير غولدستون لمجلس الأمن لإصدار قرار دولي بإحالة الملف للمحكمة الجنائية (الحياة اللندنية 21 تشرين الأول 2009) فإن الصين تكون قد فقدت صورتها الخيالية كحليف سياسي محتمل أيضا، وهو ما يلخصه قول الديبلوماسي، المفكر القومي المصري الدكتور مصطفى الفقي إن "الاعتماد عليها قد لا يكون مجدياً في ظل المتغيرات السياسية الجارية والظروف الدولية الراهنة"! (الحياة اللندنية 13 تشرين الأول 2009).

=============================

الحضور السوري..

الافتتاحية

الأربعاء 18-11-2009م

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الثورة

لو كان هناك غياب.. لما كان الحضور.. هل نحتاج لبرهان؟!

لو غبنا لما حضرنا؟!‏

ألا يقترب ذلك من البديهيات؟!‏

بالإذن من جميع الأساتذة في الإعلام والسياسة وغيرهما، الذين يقرؤون التحرك السياسي الراهن على أساس أنه بوابات فتحت للحضور السوري.. أقول:‏

بل إنها بوابات فتحت على الحضور السوري..‏

الذين أغلقوا بواباتهم - ولأننا لم نغب - عادوا وفتحوها.. كنا دائماً حاضرين في بلدنا، في مواقفنا، في سيادتنا وفي استقلال قرارنا.. وفي صدق توجهنا... ووضوح رؤيتنا.. وتمسكنا بالحق والعدالة والقانون الدولي.‏

لم يتغير فينا، ولا في مواقفنا شيء، إنما احتاجوا هم التغيير..‏

نحن اليوم هنا.. تألق سياسي أكيد واثقون منه، مستمرون معه، ونرفض التباهي به، ونرفض اعتباره الهدف والغاية..‏

عملية الحضور السياسي تستوعب سيرورة الحياة كاملة.. كلما عظم أداؤنا فيها كان حضورنا أفضل وأوضح.. والبداية منا دائماً.. من داخلنا.. من بلدنا.. من شعبنا..‏

لا يستطيع بلد ضعيف مهلهل تتردى فيه الإدارة والإنتاج والتطور والبحث العلمي أن يحقق حضوراً سياسياً أو غيره.. من هنا يبدأ الحضور.. من ساحاتنا وشوارعنا وقرانا ومدننا وكوادر أبناء شعبنا..‏

لذلك بالاستنتاج المعاكس المبني على الحضور السياسي الدولي لسورية.. أقول:‏

نحن دولة ليست ضعيفة.. بل قوية ومتماسكة وفيها أداء وإنتاج وبحث وتطوير..‏

لكن..‏

نحتاج المزيد..‏

نحتاج قوة العمل الداخلي وحسن الإدارة وجرأة القرار وفرصة البحث العلمي وتطبيق نتائجه وكفاءة الكادر البشري الذي يتولى القرار.. ليس من أجل أن نجدد التألق وحسب.. بل من أجل أن نحافظ عليه أيضاً..‏

ولأننا دولة قوية منتجة تسعى للتطوير والعلمنة والتأهيل والتحديث.. لا بد أن يظهر ذلك في حياتنا.. حياة الناس.. واقعهم.. مستوى معيشتهم.. وإلا يكن هناك هدر للإمكانات، يعني:‏

مقومات الدولة السورية ومواردها البشرية وغير البشرية شكلت قاعدة حقيقية للحضور السياسي المتألق.. رغم محاولات الحصار – السياسية أولاً- وبالتالي هي قاعدة صالحة للحضور الداخلي، الاقتصادي، الاجتماعي.‏

أين هذه المقومات وتلك الإمكانات؟!‏

هنا لا نبدأ بل نتابع، فما لا يُنكر أن الدولة «الحكومة» فعلت الكثير وحافظت على الصمود والكرامة..وكي نتابع، نحصي امكاناتنا بدقة.. ندرسها... نحصدها وفق أفضل السبل وأكثرها تحقيقاً لسعة المردود ودقة التوزيع..‏

حصاد الإمكانات.. بل الحصاد العلمي للإمكانات والمقدرات هو الحضور..‏

حصاد الأرض والمياه والطبيعة والموارد البشرية والصدق..‏

حصاد الصدق..‏

يعني أن نختار الصدق.. نختار الصادقين.. حتى الكفاءة تعطي نتائج عكسية إن لم تكن موصوفة بصدق..!‏

لا نكذّب أحداً..‏

لكن.. نرى أن في الشارع ارتباكاً في الفهم.. وحجم الشائعات والمعلومات المفبركة في مختلف المجالات أكبر بكثير من حجم الحقائق.. ولولا غياب هذه لما نمت تلك.. لولا غياب الحقائق لما نمت الشائعات..‏

إن أي خوف يعتري صاحب القرار من الاطلاع العام على مشروع القرار يطرح لبساً لا مجال للشك فيه...‏

فليطرح مشروع القرار وحيثياته.. ولير الناس بدقة إلى أين تتجه الأمور..‏

الوضوح.. لن يترك فرصة لظلال تسقط على الحضور من هنا وهناك.‏

a-abboud@scs-net.org

==============================

أفغانستان.. هل تستفيد أميركا من تجارب الماضي؟

واشنطن بوست

ترجمة

الأربعاء 18-11-2009م

ترجمة: حكمت فاكه

الثورة

أقيمت مؤخراً مراسم احتفالات لإحياء ذكرى الحرب الفيتنامية الطويلة المنسية، وفي هذه المناسبة ألقى أوباما خطاباً في حديقة ورود البيت الأبيض أشار فيه إلى وجوب إحراز تقدم في حربه الجارية حالياً في أفغانستان وقال في ذلك الخطاب:

« إذا كان لتلك الحرب أي دروس مستفادة، فهي يجب عدم إرسال أولادنا وبناتنا إلى ساحات الحرب والمخاطر، إلا إذا ما اقتضت الضرورة القصوى ذلك، وإذا اضطررنا فيتعين علينا مساعدتهم بالاستراتيجيات والموارد والدعم الذي يمكنهم من أداء المهام التي ذهبوا من أجلها كما يجب».‏

لقد أصبحت حرب فيتنام درساً تاريخياً يحتذى به في الحروب، لكن بدلاً من الخوف من أن تتحول الحرب في أفغانستان إلى فيتنام أخرى يجب أن نفكر في آفاقها المحتملة، فبعد فترة لاتزيد عن جيل واحد بعد تلك الحرب الدموية المخيبة للآمال، أصبحت أميركا وفيتنام شريكين كبيرين في منطقة جنوب شرق آسيا، بما في ذلك التمثيل الدبلوماسي وتبادل زيارات كبار المسؤولين وإقامة علاقات تجارية متميزة وتعزيز النيات الحسنة بين الحكومات والاستثمارات والشعوب في كلا الجانبين..‏

صحيح أن الدروس المستقاة من حرب فيتنام كانت قاسية ومأساوية، لكن مسار التاريخ لم يتوقف في سنة 1975، الذي هرب فيه آخر دبلوماسي أميركي من العاصمة -سايغون- فعندما تنتهي المعارك المحتدمة الآن في أفغانستان يجب على الإدارة الأميركية أن تعمل جادة لعقد مصالحة مع كابول شبيهة بتلك التي أبرمتها مع فيتنام، وبالرغم من أن أميركا خسرت تلك الحرب في الميدان، إلا أنها كسبت السلام هناك ولكن كما يبدو في الأفق، لاتوجد هناك نهاية مرجحة حالياً في أفغانستان، إلا أن هذه النهاية ليست مستبعدة في المستقبل، فمن كان يخطر بذهنه قبل ثلاثين عاماً أو أكثر أن تقيم أميركا وفيتنام شراكة بينهما في نهاية المطاف؟ فتلك الحرب الاستنزافية الطويلة تركت وراءها توترات حادة بين البلدين، وأكثر من ذلك، خلفت ندوباً وذكريات مؤلمة في نفوس كلا الشعبين، فقد دمرت الحرب سمعة الجيش الأميركي وهزت ثقة أميركا في قدرتها العسكرية، إضافة إلى الضرر الكبير الذي ألحقته بسمعة أميركا عالمياً..‏

وكانت حرب فيتنام مأساة لاتنسى عند العائلات الأميركية، حيث بلغ عدد ضحايا الجنود الأميركيين 58 ألف قتيل، وكما يحصل حالياً في الحرب الأفغانية، فقد خلفت الضربات الجوية الأميركية وراءها الكثيرمن القتلى المدنيين الفيتناميين إلى تخريب علاقة الجيش الأميركي بالمدنيين هناك، وحتى بعد الإعلان الرسمي عن انتهاء تلك الحرب، واصلت أميركا توقيع العقوبات على هانوي، حيث رفضت الاعتراف بالحكومة الفيتنامية التي شُكلت في كمبوديا بعدالإطاحة بديكتاتورية الخمير الحمر الدموية وأكثر من ذلك عززت واشنطن ذلك الرفض بفرض حظر اقتصادي على فيتنام.‏

لكن نسبة كبيرة من الفيتناميين يرون أن تأثير أميركا على قارتهم الآسيوية هو شيء إيجابي، فعندما زار الرئيس الأسبق كلينتون فيتنام عام 2000 استقبلته الجماهير بحفاوة كبار نجوم موسيقاالروك، وقد تجاوزت عائدات التجارة الثنائية بين البلدين الخمسة عشر مليار دولار سنوياً مقارنة بلاشيء تقريباً في عام 1995 الذي تم فيه تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين هانوي وواشنطن، وبعد -تلك الخطوة تهافتت الشركات الاستثمارية الأميركية والأجنبية الأخرى إذ بلغت ثلاثة أضعاف ماكانت عليه في عام 2007 وتطورت العلاقات العسكرية أيضاً بين البلدين فشملت تبادل زيارات كبار مسؤولي البنتاغون، ووزارة الدفاع الفيتنامية منذ عام 2003 وحتى اليوم، وكان الرئيس السابق بوش قد زار فيتنام في عام 2006 ، وتم استقبال رئيس الوزراء الفيتنامي -بان فاي كاي- في البيت الأبيض العام الماضي.‏

وبالمقارنة مع أفغانستان فهي تشكل تحديات مختلفة عما هي عليه حالياً بالنسبة لأميركا في مرحلة مابعد نهاية الحرب الحالية، فالمتوقع للمواجهات العسكرية الجارية حالياً أن تتصاعد، ولاسيما إذا ماوافق أوباما على إرسال المزيد من الجنود الأميركيين إلى أفغانستان وهي خطة الجنرال ماكرستال التي يتوقع أن تقرر المدة والكيفية التي تنتهي بها هذه الحرب علاقات واشنطن المستقبلية مع كابول، وقد يؤثر سلباً ضعف الحكومة المركزية في أفغانستان وغياب المؤسسات السياسية وغيرهاعلى مستوى العلاقات المستقبلية معها مقارنة بفيتنام، وكما كانت تخشى فيتنام هيمنة الصين عليها بعد الحرب فاستعانت بقوة دولية كبرى لردع تلك الهيمنة قد تلجأ كابول للاستراتيجية نفسها بعد الحرب لردع القوى الإقليمية المجاورة لها في كل من الباكستان والهند والصين.‏

وحتى يتحقق هدف الحرب الحالية المتمثل في بناء دولة حديثة في أفغانستان مزدهرة اقتصادياً وسياسياً وموالية لأميركا، وعدم عودتها إلى ملاذ آمن لتنظيم القاعدة ومقاتليها، يتطلب التخطيط الذكي والمدروس لفترة مابعد الحرب.‏

==================================

جدل الهوية في فرنسا

 بقلم :د.محمد قيراط

البيان

18-11-2009

رغم تكرار أحداث الشغب في ضواحي باريس، ورغم وقوع بعض الاعتداءات الفرنسية على أبناء المهاجرين من حين لآخر، فإن فرنسا الرسمية ما زالت تبحث عن هويتها الوطنية وماهية مكوناتها، في عصر العولمة وتدفق المهاجرين على أراضيها. فرنسا الرسمية لم تحدد بعد معالم واضحة للتعامل مع مشكلة إدماج الجاليات الموجودة لديها، خاصة وأن الشباب الذين يتظاهرون من حين لآخر، هم أبناء فرنسا التي وُلدوا فيها، والبعض منهم يمثل الجيل الثاني أو الثالث لمهاجرين شيدوا أمجاد فرنسا.

 

هناك الآن جدل كبير في الأوساط السياسية الفرنسية وأوساط صناع القرار. فاليمين يطالب بالهجرة المختارة والاستبعاد المنظم لمعظم الأشخاص الذين لا يتوفرون على وثائق شرعية، بينما يرى اليسار أنه بإمكان فرنسا الاستفادة من الهجرة. وبين هذا وذاك يدرك الملاحظ أن فرنسا لا تؤمن بالشعارات وببعض المبادئ التي قامت عليها، حيث إن هناك فجوة كبيرة جدا بين شعار المساواة والعدالة وواقع التمييز الذي تعاني منه الجاليات في فرنسا.

 

يعيش في فرنسا اليوم أكثر من خمسة ملايين مسلم، وأكثر من أربعة ملايين من السود، وما يزيد على خمسة ملايين عربي. لكن هذا التنوع لا يعني الكثير لفرنسا الرسمية، التي تنظر لهذه الجاليات والأقليات بعين الازدراء والاحتقار والتهميش والتمييز.

 

فرئيس الحزب اليميني جان ماري لوبان، يرى أن هذه الجاليات تشكل خطراً على فرنسا، وهي سبب الأمراض الاجتماعية والبطالة والجرائم وانتشار المخدرات، وحتى عندما سئل عن رأيه في المنتخب الفرنسي المشارك في نهائيات كأس العالم، أجاب بأن هذا الفريق لا يمثل فرنسا ولا علاقة له بها، لأن أغلبية لاعبيه من السود وأبناء المهاجرين.

 

لوبان يتجاهل أن أبناء المهاجرين هم الذين صنعوا أمجاد الفريق الفرنسي لكرة القدم سنة 1998، عندما فازت فرنسا لأول مرة في تاريخها بكأس العالم، ونفس التجربة كررها زيدان وزملاؤه السود (هنري، فييرا، ماكاليلي، تورام، مالودا، ساها، جالاس، أميدال، شيمبوندا، سيسي، ويلتورد، جوفو، دوراسو وديارا) في ألمانيا في كأس العالم الأخيرة. فواقع فرنسا يقول إن هذا البلد بلد ملون ومتعدد الأعراق والأقليات والثقافات والديانات، لكن فرنسا الجمهورية الرسمية لا تؤمن بهذا الواقع، وما زالت تعيش على عنجهيتها وتعصبها، ومازالت تبحث عن ماهية ومكونات هويتها.

 

على عكس العديد من الدول المتطورة والتي تعيش فيها شعوب من مختلف الأجناس والأعراق والديانات (الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا، أستراليا، نيوزيلاندا، كندا، معظم دول أميركا اللاتينية... الخ)، فشلت فرنسا منذ أكثر من خمسة عقود في إدماج وصهر هذه الجاليات والأقليات في الجمهورية الفرنسية، وما زالت تتخبط في أيديولوجية الإقصاء والتهميش وعدم الاعتراف بالأخر، مهما كانت الظروف والاعتبارات.

 

فالوثائق الرسمية تعترف بفرنسية ملايين المهاجرين من عرب وأفارقة ومسلمين، لكن الممارسات الفعلية تعتبر هذه الفئة غير فرنسية مائه في المائة وتبقى من الدرجة الثانية أو الثالثة.

 

والأخطر في هذه القضية، هو النخبة المثقفة الفرنسية وبعض المفكرين الفرنسيين الذين يصرون على التفوق العرقي والثقافي الفرنسي، ما عدا قلة قليلة تحاول تصحيح الصور النمطية والأحكام المسبقة، لكن من دون جدوى.

 

فرنسا الجمهورية يجب أن تعترف بالأمر الواقع، ويجب أن تعيش على غرار الشعوب المتطورة والمتحضرة التي تقبل بالثقافات والديانات والأعراق الأخرى.

 

يجب أن تعترف بالمهاجرين والأقليات ودورهم في تطور وتقدم المجتمع الفرنسي، من خلال إدماجهم في مختلف مجالات الحياة، كما دمجتهم في المنتخب الوطني لكرة القدم الذي رفع رايتها واسمها عالياً في أنحاء العالم.

 

الأمر يتطلب التوقف عن الخديعة وتطبيق مبادئ الجمهورية على أرض الواقع، لأنه إذا استمر الوضع على هذه الحال فإنه سيؤدي إلى المزيد من أعمال الشغب والمظاهرات والمزيد من التصدع والتشرذم. فالتنوع والاختلاف يجب أن يكونا نقطة قوة وحافزا للإبداع والتميز والنجاح، وليس الإقصاء والتهميش والصراع.

 

الأجدر بفرنسا هذه الأيام أن تقيّم فشل برامجها الاجتماعية، وتلك التي وضعتها من أجل إدماج الشباب المهمش في الضواحي.. لماذا الفشل؟ وما هي أنجع السبل لنجدة شباب المهاجرين من الغرق في براثين المخدرات والجريمة والانحراف؟ فالإشكال المطروح يتمثل أساسا في قبول الآخر واحترام الثقافات والديانات الأخرى، في فضاء يتسم بالتسامح ويقوم على القيم الإنسانية السمحاء.

عميد كلية الاتصال، جامعة الشارقة

============================

تنازلات أم انتصارات إيرانية؟

آخر تحديث:الأربعاء ,18/11/2009

الخليج

ميشيل كيلو

قال الرئيس أحمدي نجاد طيلة سنوات أربع إنه لن يفاوض أحداً غير وكالة الطاقة الذرية حول برنامج إيران النووي، وأعلن في تصريحات متكررة أن تدخل الدول الكبرى الخمس في هذا الموضوع هو تدخل في شؤون بلاده الداخلية يخالف القوانين والأعراف الدولية، لن تقبله إيران أو تنصاع له مهما كانت النتائج.

 

وقال الرئيس أحمدي نجاد مراراً وتكراراً إن برنامج إيران سلمي، لكنه لم ينجح ولو مرة في إقناع روسيا والصين بعدم الانضمام إلى بقية الدول الكبرى في العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على بلاده، مع أن روسيا والصين لا تتخذان الموقف عينه من إيران، الذي تتبناه البلدان الغربية.

 

وقال الرئيس الإيراني إن وفد بلاده إلى مفاوضات فيينا مع مجموعة (ال 5+1 = مجموعة الدول الخمس الكبرى + ألمانيا) لن يسمح بطرح موضوع البرنامج النووي الإيراني، لأنه لا يحق لغير وكالة الطاقة الذرية التعامل معه. لكن المفاوضات مع المجموعة تركزت على هذا البرنامج، بدلالة إعلان المفاوض الإيراني بعد الاجتماع مباشرة أن مشكلاته في طريقها إلى الحل.

 

أخيراً، قال إن بلاده لن تقبل إطلاقاً وتحت أي ظرف تخصيب اليورانيوم الخاص ببرنامجها النووي خارج الأراضي الإيرانية، ورفض عرضاً قدمه صديق إيران، الرئيس بوتين، حول تخصيب اليورانيوم الإيراني في روسيا، أو بيع إيران يورانيوم روسي مخصب. لكن الرئيس نجاد قبل صفقة تخصيب اليورانيوم الإيراني، التي عقدت خلال اللقاء مع مجموعة ال(5+1)، واعتبرها انتصاراً لسياساته وتراجعاً دولياً أمام تصميمه على تنفيذ برنامجه النووي.

 

تراجع نجاد يعتبر تراجعاً منظماً أمام الدول الكبرى المعارضة لبرنامج بلاده النووي، وقام بخطوات معاكسة تماماً لإعلاناته. لكنه دأب، كعادته، على إطلاق حملات دعائية تظهره بمظهر رئيس متشدد وصلب لا يتراجع أمام خصومه، تقوم على تكتيك معروف هو قبوله أمراً ثم المماطلة فيه، لتغطية تراجعه في معظم المسائل الخاصة ببرنامج بلاده النووي، سواء تعلق الأمر بالجهة التي يحق لها التفاوض، أم بمبدأ تخصيب يورانيوم إيران في الخارج. في سياق تراجعه، عقد نجاد صفقة تخصيب مع الدول الكبرى الست، حددت سوية التخصيب والدول التي ستتولاه، وتلك التي يمكن أن تبيع إيران يورانيوم مخصباً صالحاً للاستخدام في الصناعات الدوائية. لكن تمويه التراجع تطلب ألا تبلغ إيران الدول الكبرى، بل وكالة الطاقة الذرية، بموافقتها على الصفقة، بينما تطلبت المماطلة التنصل من هذه الموافقة، بحجة أن هناك ضرورة لإدخال تعديلات عليها، ولكن في مفاوضات مع الوكالة، ما دامت مجموعة ال(5+1) غير مؤهلة دولياً وقانونياً للتفاوض. أما تراجع نجاد في مسألة التخصيب، التي اعتبرها خلال أربعة أعوام قضية سيادية لا يحق لشخص أو لدولة التدخل فيها، فقد أعطاها شكلاً غريباً وطريفاً حين قال: إن إيران لم تتراجع عن سياساتها، وإن أوروبا هي التي قررت “التعاون” معها في برنامجها النووي.

 

يعلم الرئيس نجاد أن القبول فالمماطلة هما سياسة بلا أفق، وأن التراجع ثم محاولة الإيهام بأن الأمور لم تبت بعد، وأنه يستطيع إعادة التفاوض حول المسائل التي تراجع فيها، لا يجديانه نفعاً، فالسياسة ليست شطارة وفهلوة بل هي التزامات تقبلها إيران أو ترفضها، وتحصد نتائجها في الحالتين، بينما يفاوضها من يفاوضها وهو يعلم أن تراجعها أعقب موجة الاحتجاج الشعبي ضد النظام ونجاد بالذات، وأنه حدث بعد تهديدات دولية بعقوبات قاسية وغير مسبوقة، ستكون لها نتائج داخلية سيئة جداً على النظام وعليه شخصياً، وقد تشل الحياة اليومية في بلده، الغارق في مشكلات بنيوية كثيرة والذي يواجه معارضة شعبية واسعة ومتواصلة. ومع أن أحداً لا يعرف إن كان تراجع نجاد كافياً لإيقاف هذه العقوبات، فإن من المرجح أن طريقته في التعامل مع نتائج مفاوضات فيينا لن تكون مجدية، ليس فقط لكونها تثير شكوك أعدائها وأصدقائها في مجموعة ال(5+1)، التي بعثت برسائل متنوعة يصعب عليه الخطأ في قراءتها، منها رسالة مدفيديف حول العقوبات، ورسالة أوباما التي نقلتها المناورات الأمريكية مع “إسرائيل”، التي تقول إن إيران لن تواجه، في حال نشب نزاع مسلح، “إسرائيل” وحدها، بل ستواجه أمريكا أيضاً، فمن الأفضل له التراجع في المسألة النووية اليوم والصاروخية غداً، خاصة أن درب النموذج الكوري الشمالي مغلق أمامه، وليس له من خيار غير النموذج الليبي، وفحواه التخلي عمّا يقلق الدول الكبرى مقابل الإقرار بمصالح إيران وعدم تقييد يديها إقليمياً، فلا يموت الذئب ولا يفنى الغنم، ويحصل الكبار على ما يريدون، في حين ينال غيرهم مكافآت تليق بأحجامهم، تمكنهم من أن ينتشروا قليلاً هنا وكثيراً هناك، وعلى الأخص في المنطقة العربية، حيث يجوز لإيران، باسم الإسلام أو مصالحها القومية، مواصلة العمل لمنع تبلور مركز ثقل ونهوض عربي يتكور العرب حوله، ولإفشال أية سياسات قومية أو توافقية عربية على صعيدي الدول والأمة.

 

وصل نجاد إلى سدة الرئاسة قبل نيف وأربعة أعوام وهو يتعهد بوقف سياسات خاتمي الرخوة في المسألة النووية. وقد صمد فعلاً في وجه الضغوط الدولية خلال حقبة رئاسته الأولى. غير أن قبوله تخصيب اليورانيوم في روسيا يعني، بين أشياء أخرى، قبوله الضمني تدخل الدول الكبرى عامة وأمريكا خاصة في أخص شؤون بلاده الاستراتيجية، وتخليه عن الجانب العسكري من برنامجه النووي، وقيام رقابة دولية وثيقة على تقدم إيران العلمي والتقني، وهجره سلوك القوة العظمى الإقليمية، الذي لطالما ادعى حقه فيه، وكثيراً ما قال إنه لا يليق بدولة أخرى قدر ما يليق بدولته.

 

هل سينجح الرئيس نجاد في عمل الشيء وعكسه: تقديم تنازلات تسجل دولياً عليه اليوم وسحبها أو تعديلها غداً؟ ثمة رأي يرى أن رئيس إيران بدأ طريقاً ليست صفقة التخصيب نهايته، وأنه سيكون مجبراً على مواصلة ما بدأه، إذا بقي لديه وقت لذلك، ونجحت تنازلاته في تهدئة مواقف الغرب عموماً، وأمريكا و”إسرائيل” خصوصاً من إيران ودورها.

 ==============================

تقاليد التحيز في علاقة أمريكا و"إسرائيل"

الخليج

آخر تحديث:الأربعاء ,18/11/2009

عاطف العمري

يظهر في عمق الموقف “الإسرائيلي”، وتعامله بصلف وعناد مع الجانب الأمريكي، أساليب من المناورة حول المفهوم الذي التصق طويلا بالسياسة الأمريكية، وهو التحيز ل “إسرائيل”، تحت أي ظروف.

 

.. والتحيز، حتى في حالات العدوان والظلم المفرط، كان نوعاً من التقليد المتبع، لدى المناصرين ل “إسرائيل” في الولايات المتحدة، وهو ما عبر عنه أخيراً، رئيس إحدى أكبر المنظمات اليهودية الأمريكية، باعتراضه على قيام جورج ميتشل بدور مبعوث أوباما إلى الشرق الأوسط، لأنه حسب تعبيره تنقصه أهلية ممارسة هذا الدور، بسبب اقتناعه، بألا تكون أمريكا منحازة، تجاه حل النزاع بين العرب و”إسرائيل”. واعتاد عدد من أعضاء الكونغرس الهجوم على كل من ينطق بكلمة عدم التحيز Evenhanded في مفاوضات إنهاء النزاع.

 

ولعل هذا التعبير نفسه Evenhanded هو الذي قاد إلى هزيمة هوارد دين، الذي كان مرشحاً في تصفيات الحزب الديمقراطي عام 2004 لاختيار المرشح لانتخابات الرئاسة وخسر الترشيح أمام السيناتور جون كيري.

 

لكن ما لفت انتباه “إسرائيل” إلى احتمال أن يكون هناك تحول عن التعامل مع عدم التحيز، باعتباره خطيئة غير مقبولة، من أي رئيس أمريكي، هو التفسير “الإسرائيلي” لخطاب أوباما في جامعة القاهرة، على أنه قد يكون مؤشراً على توجه نحو عدم التحيز.

 

وعدم التحيز لا يعني تخلي أمريكا عن ضمان حماية “إسرائيل” وأمنها فهذا جزء أساسي وثابت في استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية لكن يعني عدم إخضاع مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، لحسابات إدارة المصالح “الإسرائيلية”، وكان هذا المعنى قد تكرر على لسان أوباما، وهو يحدد خطوط سياسته في المنطقة، وقوله إن التسوية الشاملة، وحل الدولتين، يحققان مصالح الأمن القومي الأمريكي.

 

وهو ما أعاد تأكيده مستشاره للأمن القومي جيمس جونز في منتصف أكتوبر الماضي، بإعلانه التزام أوباما بإحياء عملية السلام، وقيام الدولة الفلسطينية.. ثم ما جاء على لسان وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون في أثناء زيارتها الأخيرة للقاهرة، بتأكيد ما قاله أوباما من ضرورة إقامة دولة فلسطينية على الأراضى المحتلة عام ،1967 بما فيها القدس الشرقية، وأنهم ملتزمون بتحقيق حل الدولتين، وإيجاد سلام شامل بين الدول العربية و”إسرائيل”.

 

وربما تكون حدة رد الفعل “الإسرائيلي”، راجعة إلى المزاج النفسى ل “الإسرائيليين”، نتيجة سياسات السنوات الثماني السابقة من حكم بوش، ومجموعة المحافظين الجدد، التي غرست في العقل السياسي “الإسرائيلي”، أن التحيز ل “إسرائيل”، ليس له حدود، مهما فعلت “إسرائيل”، وإسهام حكومة بوش في لعبة تضييع الوقت، والتلاعب بعملية السلام، بالتظاهر بالتمسك بعملية السلام قولاً والعمل على عرقلتها وتقويضها فعلاً، وهو ما أدته الدولتان أمريكا و”إسرائيل” بإتقان ملموس.

 

ولهذا تأتي مواقف نتنياهو، محملة بكل صنوف الاستفزاز، الذي بلغ مداه، في حديث وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان، مع راديو الجيش “الإسرائيلي”، وقال فيه: إنه حتى لو أمكن إعادة الفلسطينيين إلى مائدة المفاوضات، فلن يكون على هذه المائدة، وهدفهم في إقامة دولة مستقلة، ولو أنكم سألتموني عما إذا كان في الإمكان تحقيق سلام شامل مع الفلسطينيين لإنهاء النزاع، خلال السنوات القليلة المقبلة، فإن إجابتي عن السؤال هي: لا.

 

وبالمثل تحمل كل مواقف وتصريحات نتنياهو، إصراراً على نسف المبدأ المرجعي الذي قامت عليه عملية السلام عام ،1991 وهو الأرض مقابل السلام.

 

إن أساليب المناورة والابتزاز مع بعض رؤساء أمريكا وليس كلهم ليست جديدة على حكومات “إسرائيل”، وسبق أن مارستها، وأبرزها ما جرى في مواجهة الرئيس جيرالد فورد عام ،1975 والرئيس بوش الأب عام ،1991 عندما حشدت لكل منهما جبهة منظمة مارست أعتى الضغوط، وحملات الانتقاد، لكن كلاً منهما تصدى لهذه الحملات، مستنداً إلى الفصل بين مصالح الأمن القومي لبلاده، ودفاعه عنها، وبين مصالح “إسرائيل”، وعندئذ لقي كل منهما مساندة داخلية كبيرة، أرغمت حكومات “إسرائيل” على التراجع، والانصياع لما يريده.

 

وان كانت مساعي كلينتون في مواجهة هذه الحملات، لم تفلح، بعد أن أحكموا الطوق حول علاقاته النسائية، والتي كانت لهم اليد الطولى في تحريكها، وضغطوا بها عليه حتى شلوا فاعليته في اتخاذ قراره.

 

والآن، فإن أوباما أمام أوضاع لا تحتمل التباطؤ، في البرهنة عملاً وليس قولاً، على التزامه بما سبق أن أعلنه، عن حل النزاع، وهو ملزم بأن يجعل “الإسرائيليين” يفهمون أنه وإن كان ملتزماً بأمن “إسرائيل”، فإنه، لا يؤيد التوسع والاحتلال، بل إن منظمات يهودية أمريكية كانت خفيضة الصوت، ومن بينها منظمة جي. ستريت، أخذ صوتها يعلو خوفاً منها على كارثة تحيق ب “إسرائيل” بسبب سياسات نتنياهو، وتطالب أوباما بالضغط على الحكومة “الإسرائيلية”، وتعلن صراحة أن التوسع والاحتلال، سيلحقان أبلغ الضرر ب “إسرائيل” وشعبها وأمنها.

 

لقد كانت هناك مقولة لوزير الدفاع الأسبق جيمس شلينجر عقب حرب 1973 وهي: إننا نحمي أمن “إسرائيل” ولا نحمي توسعها، وكانت كلماته تعكس معنى عدم حماية توسعها، على حساب مصالح الأمن القومي الأمريكي.

 

ولا ينبغي أن يظل التقليد المتبع، الذي يرى أن عدم التحيز، خطيئة غير مقبولة، مستمراً على حساب القيم، والمبادئ الأخلاقية، وحقوق الشعوب، بل وعلى حساب مصالح أمريكا ذاتها.

==========================

مشروع قمة ساركوزي للشرق الأوسط

الاربعاء, 18 نوفمبر 2009

رندة تقي الدين

الحياة

عرض الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مساء أمس (الثلثاء) على العاهل السعودي الملك عبدالله الذي استقبله في الجنادرية قرب الرياض فكرته بعقد قمة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في باريس لدفع عملية السلام. وأطلعه على فكرته التي تبلورت بعد أن بحثها مع كل من عباس ونتانياهو والرئيس الروسي ميدفيديف واتصالات أجرتها بعثة فرنسية مع الإدارة الأميركية. فساركوزي يطمح الى أن تكون هذه القمة بمشاركة أساسية للإدارة الأميركية ودول الرباعية وقيادات الدولتين الأساسيتين في الشرق الأوسط، السعودية ومصر.

ووصف ساركوزي القيادة السعودية بأنها «قيادة حكيمة»، وقال إنه جاء يجري مباحثات معمقة معها. فهو توجه إليها معطياً الزيارة طابعاً خاصاً من دون مواكبة إعلامية تقليدية. وأطلع العاهل السعودي على محادثاته المكثفة في باريس مع كل من نتانياهو والرئيس السوري بشار الأسد والعراقي جلال طالباني، وكذلك هاتفياً مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

ومشروع هذه القمة الذي قد يعطي ساركوزي زخماً دولياً وداخلياً محكوم بالفشل طالما لم تضغط الإدارة الأميركية بفاعلية على نتانياهو لتغيير نهجه تجاه الفلسطينيين والتحرك فعلاً نحو مسار تفاوضي سلمي. ويأمل الرئيس الفرنسي في الحصول على تعبئة من أجل مشروعه وهو يدرك أن الدور الأميركي اساسي. ولكن لماذا سيعطيه أوباما هذه الهدية وهو بحاجة الى النجاح بنفسه في هذا المسار الصعب الذي وعد أنه سيعمل لحله؟ فواقع الحال أن الرئيس الفرنسي على قناعة أن الإدارة الأميركية أخطأت بنهجها في تحديد وقف الاستيطان كشرط لعودة التفاوض على الجانب الإسرائيلي. ففرنسا على قناعة أنه ينبغي وضع كل الملفات على الطاولة والتفاوض عليها وهي وقف الاستيطان والقدس والحدود الخ... إلا أن مشروع ساركوزي قد يكون حلماً محطماً لأن رئيس حكومة اسرائيل يناور ولا يريد أي دولة فلسطينية وأي تنازل وأي سلام. ووحده الرئيس الأميركي بإمكانه الضغط الحقيقي.

أما بالنسبة الى المسار السوري – الإسرائيلي، فكانت رغبة ساركوزي أن يحصل من صديقه السوري الجديد على دور معين على مسار تعطل منذ حرب غزة وتدهور العلاقة التركية – الإسرائيلية. وهنا أيضاً يناور الجانب الإسرائيلي ويسرّب معلومات حول رسالة إسرائيلية عبر فرنسا الى الأسد وأن نتانياهو يفضل ساركوزي كوسيط على الوسيط التركي. أما الرئيس السوري فأكد علناً أنه عازم على الإبقاء على الوسيط التركي وأن الطلب الوحيد الذي قدمه لصديقه ساركوزي هو أن يضغط على إسرائيل لتقبل بالوسيط التركي وتعاود المفاوضات.

فالزيارة الرئاسية السورية الى فرنسا كانت ناجحة ومهمة للرئيس السوري الذي حصل على استقبال أرفع من زيارات العمل التقليدية. فتمكن من القيام بعملية علاقات عامة لا مثيل لها في العاصمة الفرنسية. فلم يبخل الرئيس السوري باللقاءات الإعلامية والإطلالات التلفزيونية. وقد عُقدت له اجتماعات مع أرفع الوجوه المثقفة الفرنسية والإعلامية التي رأت في الرئيس السوري جاذبية وحداثة ومهارة في التعامل مع الإعلاميين على عكس سفارته في فرنسا التي كانت موضع انتقاد. الا أن الزيارة لم تعطِ شيئاً لساركوزي، لا على المسار السوري – الإسرائيلي المعطل ولا بالنسبة الى الحلف مع ايران، حيث انتقد الأسد التعامل الأوروبي مع إيران حول هذا الملف، ولا بالنسبة الى الفرنسية – الإيرانية المحتجزة في طهران كلوتيلد رايس. فقد أوصى الرئيس السوري المسؤولين الفرنسيين أنهم إذا أرادوا حل هذه القضية أن يعتمدوا الإطار القانوني ويرسلوا محامين وقانونيين لمحاكمتها في إيران، أو أن يكون إطاراً سياسياً وتحل القضية عبر دفع ثمن سياسي في الملف النووي وأخذ المقترحات الايرانية في الاعتبار. فتحذيرات ساركوزي من ضربة عسكرية إسرائيلية على إيران وتخوفه من اندلاع حريق في المنطقة لم تؤدِ الى تغيير الموقف السوري. أما بالنسبة الى لبنان فكانت ملاحظة الرئيس السوري أن الخلافات داخل لبنان هي بسبب اللبنانيين أنفسهم وأن لا علاقة لسورية بالخلافات اللبنانية. وأن استقرار لبنان وانتعاشه لمصلحة سورية. ووافقه الجانب الفرنسي الرأي حول تحسن الأوضاع في لبنان ولم يكن هناك أي طلب إضافي من فرنسا بالنسبة الى هذا الملف الذي أخذ وقتاً قصيراً من المحادثات.

هل ينجح ساركوزي في إقناع الملك عبدالله في المشاركة في قمة فلسطينية – إسرائيلية أم أن المواقف الاسرائيلية خيّبت أمل العاهل السعودي من إدارة إسرائيلية طرحت عليها المبادرة العربية فرصة ذهبية للسلام لكنها ظلت تناور في قبولها؟

الخوف أن يتحطم حلم ساركوزي بدفع عجلة السلام بسبب مناورات صديقه الإسرائيلي!

==========================

عالم ما بعد أميركا يقضي باقتسام السلطان العالمي وأعبائه

الاربعاء, 18 نوفمبر 2009

فريد زكريا *

الحياة

ما على الولايات المتحدة الأميركية، قبل انتخاب أوباما الى الرئاسة وبعد انتخابه، معالجته والتعاطي معه هو نشوء «باقي العالم» وقيامه وجهاً لوجه مع الولايات المتحدة. و «باقي العالم» هو قوة الصين الجديدة، وخروج الهند من دائرتها وركودها، واقتفاء البرازيل وأندونيسيا وغيرهما آثار الدول الكبيرة والناشئة هذه. ويتصور التغير على شكل وجه جديد للعالم وللعلاقات الدولية. ولعل باراك أوباما نفسه ثمرة التغير هذا وعامل مؤثر في تسريعه، وجلاء أسبابه: ولا يخامرني شك في أن انتخابه لم يكن ممكناً لولا وعي الناخبين الأميركيين بقدوم عالم جديد، وبمؤهلات أوباما لاستقباله.

فإذا طرحت الحوادث مصير بلدان مثل أندونيسيا وكينيا على المحك، تصدى للأمر تصدي العارف الخبير، فهذه البلدان ليست معاني مجردة في ذهنه، وعلاقته بها شخصية. وهذا جزء جوهري من هويته. وفي مستطاعه الانتقال من محل الى آخر، ومن ثقافة الى أخرى، وتناول طريقتين في التفكير، وفهم الآخرين على نحو أفضل وأدق.

ولا يتصور أحد أن رئيساً أميركياً غير أوباما كان قَبل على وجه السرعة الانتقال من مجموع (الدول) الثماني الكبيرة الى مجموعة العشرين. وهو ربما ما كان لينتخب رئيساً لولا الإطار الدولي الجديد، واضطرار الولايات المتحدة الى الإقرار به. والى هذا كله، يمثل أوباما على التخلي عن السياسة التي انتهجها بوش، وقدمت الهيمنة والسيطرة على العالم على ما عداهما من العلاقات، وينبغي الاعتراف بفضله في انتهاج طريق مختلفة في معالجة مسائل جوهرية مثل التعذيب والسجون السرية أو مثل قراره إغلاق غوانتانامو.

ويقتضي تعريف دور الولايات المتحدة العالمي الجديد العودة الى 1989. فيومذاك تربعت الولايات المتحدة في سدة سلطان لم يسبق أن تربع بلد آخر في سدته في تاريخ البشر، فاجتمعت في يدها قوة تفوق قوة منافسيها كلهم. ولم يتهدد تفوقها في ميادين الأيديولوجيا والسياسة والاقتصاد والقوة العسكرية منافس فعلي.

وهذه الحقبة طويت، انتخب أوباما أم لم ينتخب. وعلى الولايات المتحدة، اليوم، مفاوضة الصين دفاعاً عن مصالحها المالية، ومفاوضة روسيا على مستوى التسلح النووي العالمي، والاتحاد الأوروبي على حماية قواعد التجارة الدولية، والبرازيل على مكانتها في أميركا اللاتينية. وهذه الوقائع هي حقيقة الحال. والمستقبل سيقوّي حقيقة الاقتسام ويثبتها.

ولا تزال الولايات المتحدة القوة الراجحة والمركزية. ولكن عليها المناقشة والتعاون، واقتسام سلطانها مع المناطق الناشئة في جهات الأرض الأربع. ولم تكن الحال على هذه الشاكلة في العشرين سنة الماضية. وهذا تغير لا عودة عنه. فهامش مناورة الولايات المتحدة تقلص تقلصاً جوهرياً. ونقر كلنا بأن الاستراتيجية الأحادية أخفقت من غير أن نتفق على نتائج التعددية المتوقعة. ونحن الى اليوم، لم نختبر بعد عمل عامل واحد من عوامل التعددية الدولية. وليس هناك نظام حالي واحد يرغب في حلول مثال جديد للعلاقات الدولية على الرغم منه، ومن مصالحه. والاحتمال الثالث، الى الأحادية والتعددية، هو اجتياز مرحلة من الفوضى، المقيدة الى حد ما والعامة. وهذا الاحتمال ليس ببعيد.

وتظهر طلائع الفوضى هذه في مضمار التجارة الدولية. فالمعالجات في هذا المضمار تترجح في محلها من غير ثمرة. ويلاحظ أن البلدان الكبيرة تنكفئ على مصالحها.

ويحول هذا دون التقدم على طريق المصالح العامة والمشتركة، بين أطراف التبادل التجاري وأقطابه، والشلل يسود حقولاً اقتصادية ودولية أخرى. فالشلل هو الغالب على مسألة التغير المناخي، وعلى اختيار موارد الطاقة القادمة، وسن قواعد جديدة تقر بها العلاقات الدولية. وعلى هذا، فنحن في مرحلة وسيطة وانتقالية من غير شك. والأعوام الخمسة القادمة حاسمة. فإرادة الولايات المتحدة صوغ مخارج وحلول للقضايا العالمية لن تعدم ردوداً متحفظة ومتذبذبة.

ولا علاج للأمر إلا بانتهاج سيرورة طويلة ومتعرجة شريطة أن تؤدي الى نتائج فعلية وملموسة. ومجموعة العشرين، وغيرها من الأطر، هي بداية الطريق الى سن قواعد دولية جديدة، وبلورة تقدم فعلي.

ويتولّى أوباما دفة الأمور على خير وجه. فهو يتصدى للمسألة الإيرانية على نحو يخالف النهج السابق، ويستعمل قدر المستطاع الدعم البريطاني والفرنسي والألماني، ويجتذب الى الضلوع في المعالجة روسيا والصين، ويقيم جسوراً هنا وهناك، ويحصد بعض النتائج الواعدة. فالصينيون يتكلمون على التغير المناخي ومسائل الطاقة فوق ما تكلموا من قبل. ويقبل الروس تناول الموضوع الإيراني في لغة جديدة ولو لم يختلف موقفهم. والأمر الحاسم، في آخر المطاف الديبلوماسي البطيء، هو الإجماع على حل لا خلاف عليه. فالولايات المتحدة لا يسعها شن حرب جديدة على ايران، يترتب عليها اجتياح بلد مسلم ثالث في غضون أعوام. وصدمة مثل هذه تؤدي لا محالة الى التفاف الشعب الإيراني حول النظام. والحق أن النهج الذي اختاره أوباما هو النهج المعقول الوحيد.

ولكنه ينتهج في إعمال خياراته السياسية نهجاً متعثراً وقاصراً، على خلاف تعريفه الخيارات. وربما ينبغي أن يفوض بعض المهمات الى مساعديه، وتطعيم دائرة المساعدين بمستشارين أكفياء ومؤهلين للاضطلاع بملاحقة الإجراءات وتعقبها.

وظهرت الحاجة الى مثل هذا الجهاز على نحو صارخ في شأن الدرع المضادة للصواريخ. فما أراد الرئيس إبلاغه أخفق إخراجه وتظهيره إخفاقاً ذريعاً. فالدرع هذه كانت هذياناً يفتقر الى الحقيقة العملانية. وصممت في وجه تهديد غير قائم، ومولت بمال لا نملكه. وحسم الأمر كان ضرورة عاجلة. ولكن الطريقة التي أبلغ بها البولنديون والتشيخيون كانت بائسة. ولم تدرك الإدارة خطأها إلا بعد ارتكابها إياه.

وقد يكون السبب في تعثر التنفيذ والتطبيق افتقار أوباما الى مستشار استراتيجي فعلي من قماشة كيسينجر أو بريجينسكي. فركيزتاه هما روبرت غيتس، الآتي من الحزب الجمهوري، وهيلاري كلينتون التي وحدت الديموقراطيين حوله. والاثنان دعامتان سياسيتان، وليسا استراتيجيين كبيرين. فهو يحتاج حاجة ماسة الى مساعد مجرب وعلى بينة، وفي مقدوره ترجمة أفكاره أعمالاً وإجراءات ديبلوماسية مفصلة. وأولوياته هي الصين وروسيا والهند. والأوروبيون يريدون علاقة متميزة بالشريك الأميركي على مثال انقضى. فظروف العالم تغيرت تغيراً عميقاً، وأصحاب القرار اتسعت دائرتهم، ولا شك في ان لأوروبا محلها. وهي ترى دورها ضئيلاً في اطار شبكة الأدوار الكونية الجديدة. فما العمل؟ العالم الجديد يملي علينا خياراتنا.

والأوروبيون قصَّروا عن الكلام والعمل بصوت واحد، وعن إسماع العالم صوتهم. وهذه مأساتهم الكبيرة. فلو شاؤوا لكان في مستطاعهم انتهاج سياسة خارجية واحدة، وبناء قوة عسكرية مشتركة. وهم نكصوا عن الأمرين. وهذا هو السبب في تعريف أوروبا فراغاً سياسياً عوض تعريفها قوة حقيقية ومؤثرة. ويتقدم غيابها حضورها. وهذه خسارة تصيب العالم كله، والولايات المتحدة في المرتبة الأولى. فأوروبا قوية وفاعلة كانت قمينة بتسديد مسار العلاقات الدولية وتصويبه.

ولا يسع الأوروبيين الاضطلاع بدور راجح وهم عاجزون عن إرسال قوات تتولى الحسم، وليس قوات مساندة وحسب. فالزعم أن مهمة أوروبا هي تولي الآثار الجانبية للنزاعات، بينما يتولى الأميركيون القتال والحسم، حبله أو غاربه قصير، ولا ينجم عنه نفوذ حقيقي.

ويبلغ اليوم عديد القوات الأوروبية 2.5 مليون جندي. فلو أنشأت دول الاتحاد الأوروبي قوة تدخل سريع ودائم تعد 250 ألف جندي، وجهزتهم ودربتهم على نحو يمكنها من انتدابهم الى الميادين الطارئة في أنحاء العالم، لتغيرت الأمور تغيراً واضحاً، ولكن الأوربيين يتمسكون بنهج يستغلق فهمه. ولو أن دول الاتحاد أسهمت بأفغانستان بنصف عديد القوات هناك لاضطر الجنرالات الأميركيون الى احتساب آراء زملائهم الأوروبيين من غير شك.

وفي صدد أفغانستان، أرى أن هدف الحرب الأول هو الحؤول دون انبعاث «القاعدة» وتنظيمها هناك، واستئنافها عملياتها، على نحو ما كانت الحال عليه قبل 11 أيلول (سبتمبر) 2001. وآسف ألا يكون هدفنا جعل أفغانستان أرض تنمية أو بناء حكم مركزي بكابول.

ولعل السبيل الناجع الى غايتنا هو عقد تحالفات مع قوى أفغانية مختارة. وبعض هذه القوى نتشارك وإياها المصالح، وفي وسعنا إقناعها بالتحالف معنا. والمقاتلون يمكن توفير الأمن والمال لهم واستقطابهم، على خلاف ما نفعل. وأفغانستان مفترق ثلاث دول كبيرة: الهند وعلاقتنا بها جيدة، ومصالحنا مشتركة، وباكستان، وهي تريد السيطرة على أفغانستان من طريق نشر الاضطراب فيها، وايران، ولا سبيل لنا الى مفاوضتها على رغم تقارب موقفينا من أفغانستان، وعلينا انتظار حسم طهران ما تريد. وليست إيران مشكلة تقارن بالاتحاد السوفياتي أو الصين في أثناء الحرب الباردة. ومن دواعي الفأل أن تقتصر البلدان الخطرة على إيران وكوريا الشمالية. وعليه، قلما كان الإطار الاستراتيجي الدولي ايجابياً على هذا القدر في التاريخ.

* رئيس تحرير «نيوزويك إنترناشينال» وصاحب برنامج «فريد زكريا غلوبل بابلك سكوير» على سي إن إن، عن «لكسبريس» الفرنسية، إعداد وضاح شرارة

============================

لبنان والشرق الأوسط في الصحافة الاسرائيلية

آراء تؤيد معاودة المفاوضات مع سوريا

وأخرى تربطها باتفاق استراتيجي مع واشنطن

رندى حيدر

النهار

18-11-2009

عكست التعليقات التي نشرتها الصحف الإسرائيلية من موضوع عودة المفاوضات مع سوريا اتجاهين واضحين: أولهما يدعم الفكرة ويحض الحكومة على التجاوب مع الدعوة السورية من دون شروط مسبقة، وثانيهما لا يرفضها وإنما يدعو الى عدم التسرع في العودة الى المفاوضات السياسية قبل التأكد من رغبة النظام السوري في الخروج من "محور الشر".

ففي عدد الأحد الماضي شجعت صحيفة "هآرتس" في افتتاحية لها بعنوان "يوجد شريك في الشمال" الحكومة الإسرائيلية على انتهاز الفرصة والاستجابة لاقتراح الأسد، لأن "توقيع اتفاق سلام مع سوريا ينطوي على فوائد استراتيجية مهمة لإسرائيل، فهو سيقلص خطر الحرب بين الجانبين، وستحصل إسرائيل من خلاله على حدود معترف بها، وسيضعف التحالف الذي تقوده إيران ضد إسرائيل، ويكبح حزب الله، ويفسح في المجال أمام لبنان للإنضمام الى دائرة السلام بعد السوريين."

لكن المعلق غابي سيبوني كتب في العدد عينه مقالاً بعنوان "لا تهرولوا وراء الأسد"، نصح فيه الحكومة الإسرائيلية بعدم البدء بالمفاوضات قبل التوصل الى "اتفاق استراتيجي مع الإدارة الأميركية حول الشروط الأساسية لمحادثات السلام مع سوريا، وفي طليعتها انفصال سوريا عن المحور الراديكالي. فسوريا التي تعاني اليوم ضائقة اقتصادية ووضعاً جيوسياسياً صعباً، عليها ان تختار طريقة أخرى للبدء بمفاوضات السلام".

أما المعلق العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أليكس فيشمان، فقد توقف أمام أسباب "الحراك السوري" نحو السلام، لافتاً الى التخوف السوري من حدوث تغييرات في الموقف الأميركي من المشروع النووي الإيراني قد تؤدي الى مواجهة بين الجانبين. وكتب: "إن الذي يراقب التطورات الأخيرة من بعيد قد يعتقد أن الديبلوماسية السورية بلغت ذروة نجاحها، ولكنها في الواقع تمر في أزمة كبيرة. فالتحالف الاستراتيجي بين سوريا وإيران سيواجه امتحاناً كبيراً. كما أن تحالفها مع تركيا لم يمنع الأخيرة من سرقة المياة السورية والتسبب بتصحر المنطقة الشمالية. لقد حاول السوريون اقامة علاقات جديدة مع الحكومة العراقية، لكن العراقيين يتهمونهم بتشجيع الإرهاب، وبالمسؤولية عن العمليات التفجيرية التي وقعت في الفترة الأخيرة في العراق، فضلاً عن خيبة الآمال التي علقها السوريون على الإدارة الأميركية الجديدة التي جدّدت القانون الذي يعتبر سوريا دولة مؤيدة للإرهاب. كما ان الاتفاقات التي وُقعت مع الإتحاد الأوروبي لم تُنفذ لأن سوريا لم تلب الشروط التي وضعها الإتحاد على سوريا وخصوصاً في مجال حقوق الإنسان. من هنا لا عجب أن يسعى الأسد الى الحديث عن السلام لأن ذلك بوليصة تأمين له حيال الغرب". وتناول المعلق في صحيفة "معاريف" زئيف كام خروج سوريا من عزلتها الدولية وانفتاح الغرب عليها نتيجة مطالبتها بعودة مفاوضات السلام مع إسرائيل، معتبراً أن الانجاز الذي حققه الأسد لم يكلف سوريا شيئاً.

randa.haidar@annahar.com.lb

=======================

«غولدستون» يخترق الكونغرس

جيمس زغبي

السفير

18-11-2009

من القصص التي غابت نسبياً عن اهتمام وسائل الإعلام الأسبوع الماضي ذلك النقاش الاستثنائي الذي حدث في الكونغرس الأميركي قبل التصويت على قرار بشأن تقرير غولدستون. وربما يرجع ذلك إلى أن تلك القصة قد نُظر إليها على أنها غير جديرة باهتمام وسائل الإعلام، مثل القصص الأخرى التي كانت تتم في ذات الوقت، مثل الجولات الخاطفة لوزيرة الخارجية إلى كل من القدس ومراكش والقاهرة، وإعلان محمود عباس، أنه لن يرشح نفسه لخوض الانتخابات القادمة عام 2010، واستيلاء إسرائيل على سفينة قالت إنها كانت تنقل الأسلحة من إيران ل«حزب الله».

وربما كان هناك سبب آخر دفع لتجاهل النقاش الذي جرى في الكونغرس، وهو التصويت غير المتوازن لصالح القرار المعارض لتقرير غولدستون. وعلينا أن نتذكر هنا أنه ما أن تكشفت تفاصيل هذا التقرير في بادئ الأمر حتى سارع أعضاء من الكونغرس لشجبه مستخدمين في بعض الحالات لغة شبه هيستيرية. ونظراً لأن القاضي غولدستون ليس لديه أنصار يدافعون عنه علناً، فإنه كان من المتوقع عندما قدم رئيس لجنة العلاقات الخارجية «هوارد بيرمان» والمشرِّعة «الجمهورية» البارزة «إيلينا روز ليهتينين» قرارهما المعارض لتقرير القاضي غولدستون والذي كان مدعوماً من لجنة الشؤون العامة الأميركية  الإسرائيلية «إيباك»، أن الموضوع سيحسم من خلال إجماع شبه كامل.

ولكن ذلك لم يحدث... وهو ما يرجع لعدة أسباب، منها أن القاضي غولدستون كان قد رتب من جانبه دفاعاً قوياً عن قراره، وذلك عندما وجه خطاباً مفتوحاً إلى مؤيديه في الكونغرس، ضمَّنه تفنيداً مفصلاً للبيانات والتصريحات والأقوال المضللة وغير الصحيحة في جوهرها، التي قيلت اعتراضاً على التقرير. وبالإضافة إلى ذلك تحرك عضوان من الكونغرس هما كيث إليثون (ديموقراطية من مينوسوتا) و«براين بيرد» (ديموقراطي من ولاية واشنطن) اللذان كانا قد زارا غزة بعد الحرب، وكتبا عدداً من المقالات، ضاغطين على عدد من زملائهما لحثهم على إعادة النظر على أساس عقلاني في تقرير غولدستون. ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث قامت عدة منظمات غير حكومية، بما في ذلك منظمات حقوق إنسان بارزة، ومجموعات من الأميركيين من أصول عربية، والأميركيون من أصول يهودية، وتحالف من الكنائس المسيحية، بتعبئة زملائهم وتوجيه خطابات إلى الكونغرس. ونتيجة لذلك، وبدلاً من تصويت سريع ومضمون  كما كان متوقعاً  استلزم الأمر نقاشاً مريراً وطويلاً. حيث ألقى 16 من أعضاء الكونغرس خطباً بليغة أعربوا فيها عن اعتراضهم على مشروع القرار الذي كان متوقعاً صدوره من الكونغرس ضد تقرير غولدستون.

ومن خلال تلك الكلمات والملاحظات دافع هؤلاء الأعضاء عن نزاهة القاضي غولدستون وحيادية تقريره، كما تحدثوا عن أهمية الدفاع عن مبدأ حكم القانون، وشجبوا المحاولات التي تبذل من أجل التغطية على فظائع الحرب في غزة، كما أعربوا عن قلقهم من عدم وجود أية عملية واضحة وشفافة تبين الطريقة التي تم بها دفع هذا الإجراء المناوئ لغولدستون للتصويت. فقد قال عضو الكونغرس«جون دينغل» وهو «ديموقراطي» من ولاية ميتشيغان: «لا إسرائيل، ولا حماس ولا أية دولة، ولا أي لاعب سياسي آخر دون مستوى الدول، معفي من قوانين حقوق الإنسان، أو من العواقب المترتبة على انتهاكها».

وهنالك كثير من المشرعين الآخرين الذين أدلوا بآرائهم حول التقرير، ولكن ما قالوه  والتصويت أيضاً  يكشفان بوضوح عن التصميم المتزايد لبعض من أهم أعضاء الكونغرس الأميركي على التعبير عن آرائهم بحرية والتصدي للوثوقية المتطرفة المؤيدة لإسرائيل.

=================================

اعلان دولة فلسطينية يتحكم بها الاحتلال!! *

ياسر الزعاترة

الدستور

18-11-2009

الذين يرفضون أو يتحفظون على مشروع إعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد ، ومن ثم عرضها على مجلس الأمن الدولي ، لا يفعلون ذلك فقط لأن صاحب الإعلان أو المشروع هو سلام فياض الذي جيء به من البنك الدولي لكي يراقب حركة الأموال في عهد الراحل عرفات لكي يضمن المانحون عدم تدفق بعضها نحو "النشاطات الإرهابية" إبان انتفاضة الأقصى وحصار الأخير في مبنى المقاطعة في رام الله ، ولا لأن منسقيه والقائمين عليه هم أنفسهم الذين استولوا على حركة فتح بدعم أمريكي إسرائيلي ، بل أيضا لاعتبارات أخرى بالغة الأهمية.معلوم أن الفيتو الأمريكي كان وسيبقى جاهزا لإفشال أي مشروع لا يصبّ في خدمة الدولة العبرية ، وهو ما ينطبق على المشروع الذي نحن بصدده ، لكن الخطورة هي تمريره من الولايات المتحدة تبعا لتفاهم ما مع الإسرائيليين ينطلق من واقع أنه سيصبّ في خدمتهم ، حتى لو واصلت الدوائر الإسرائيلية الحديث عن رفضه في العلن.لو كانت المسارات الدبلوماسية هي الامتحان الحقيقي لنضال الفئة التي تتحكم بالقرار الفلسطيني لكان عليها أن تواصل النضال من أجل تفعيل قرار مهم وتاريخي صدر قبل سنوات بشأن الجدار الأمني العنصري في الضفة الغربية ، والذي لم يكتف في حينه باعتبار الجدار غير شرعي ومن ثم المطالبة بإزالته ، بل باعتبار كل الأراضي المحتلة عام 67 "أراضي محتلة" على الطرف الإسرائيلي الانسحاب منها دون شروط.إن من يضع بيضه في السلة الأمريكية ، ويعيش في حله وترحاله ومعوناته ورواتبه واستثماراته على الإرادة الإسرائيلية لا يمكن أن يصاب بنوبة تحد لجبروته معلنا الشروع في برنامج ينتزع كامل الأراضي المحتلة عام 67 ، بما فيها القدس الشرقية من بين أسنانه.مع ذلك ، دعونا نتجاهل لعبة النوايا هذه ونعتبر أن القوم قد أصيبوا بنوبة من الثورية تدفعهم بالفعل نحو تحدي جبروت الاحتلال ، ومن ثم الإعلان عن الدولة من جانب واحد ، ومن ثم الذهاب نحو المجتمع الدولي لكي يعترف بها ، ولنتساءل عن ماهية تلك الدولة في الواقع العملي.لنتذكر ابتداء أن السيطرة الرسمية الفلسطينية (أمنيا) على مدن الضفة لا زالت تتم بالتدريج تحت سمع الاحتلال وبصره ، وبتنسيق كامل معه ، وبالطبع تحت إشراف الجنرال الأمريكي دايتون الذي يمارس عمله كالمعتاد مقدما إنجازاته بين الحين والآخر للدوائر الإسرائيلية ، ولمن يعنيهم أمرها في الخارج ، وهو يمارس تدريب الكتائب الفلسطينية الجديدة من "الفلسطينيين الجدد" الذي يعملون "بمهنية عالية" في ضبط الأمن في مناطق الضفة ومنع أية توجهات نحو مقاومة الاحتلال ، مجرد توجهات ، فضلا عن أن تكون محاولات عملية.حتى الآن حصل الأمن الفلسطيني على حق ممارسة مهماته في أربع مدن فلسطينية ، هي رام الله وبيت لحم وجنين وأريحا ، مع بقاء حق الاحتلال في دخولها لاعتقال مطلوبين بتنسيق مع تلك القوى حتى لا يحدث الصدام ولو عن طريق الخطأ ، لاسيما أن فرق مستعربين هي التي غالبا ما تدخل تلك المناطق لاختطاف من تبقى من شباب المقاومة.كل ذلك يعني أن بناء أجهزة الدولة العتيدة (الأمن من أهم عناصر بناء الدولة) يتم على عين الاحتلال ، ويمكن لهذا الأخير أن يعطل العملية في أي وقت يشاء ، والنتيجة أن الدولة العتيدة ستبقى هي ذاتها ، أي دولة على مناطق (أ) و (ب) بحسب تصنيفات أوسلو ، وتعيش نزاعا حدوديا مع جارتها العبرية ، تماما كما هو حال عشرات النزاعات الحدودية التي تزدحم بها أروقة الأمم المتحدة.هذا هو بالضبط مشروع الحل الانتقالي بعيد المدى الذي اخترعه شارون وأسس على قاعدته حزب كاديما ، وهذا هو مشروع شاؤول موفاز وكاديما بطبعته الجديدة ، وهو ذاته السلام الاقتصادي الذي يطرحه نتنياهو.من هنا ، فإن أية محاولة لتقديم المشروع بوصفه عملا نضاليا عظيما لا يبدو مقنعا ، لأنه في الواقع خدمة للاحتلال يكرس الصراع كنزاع حدودي بين جارتين ، وليس صراعا بين محتلين وشعب يقاومهم ويسعى إلى طردهم من أرضه.بعد ذلك يراد لنا أن نصفق لهذا المشروع كبديل عن استئناف المفاوضات بشرط وقف الاستيطان ، مع أننا في الحالين أمام ذات البؤس السياسي الذي يتلخص في احتمالين ، إما دولة مؤقتة ذات نزاع حدودي مع جارتها ، يجري تأبيده بحكم الأمر الواقع ، أو حل مشوّه يعلم الجميع أنه لن يصل بحال حدود ما عرض على عرفات في كامب ديفيد صيف العام ,2000

التاريخ : 18-11-2009

===============================

ليفني في المغرب: استفزاز مهين

رأي القدس

18/11/2009

القدس العربي

يتجنب المسؤولون الاسرائيليون، سياسيين كانوا او عسكريين، زيارة اي عاصمة غربية خوفاً من ان يتعرضوا للاعتقال والمثول امام المحاكم بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، ولكنهم لا يواجهون الخطر نفسه، في حال زيارتهم لعواصم عربية تلبية لدعوات من حكومات او مؤسسات بحثية او سياسية، لانهم يستقبلون بحفاوة وتكريم بالغين.

السيدة تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة وزعيمة حزب 'كاديما' شاركت بحماس غير مسبوق في العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، والحصار التجويعي الظالم الذي سبقه لأكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني من ابناء القطاع، ومع ذلك تتلقى دعوة للمشاركة في ملتقى سياسي ينظمه في طنجة نهاية هذا الاسبوع معهد 'اماديوس' الذي يترأسه ابراهيم الطيب الفاسي ابن وزير الخارجية المغربي.

لا نعرف ما اذا كان السيد الفاسي الذي وجه الدعوة هذه للسيدة ليفني قد سمع عن تقرير القاضي اليهودي الصهيوني ريتشارد غولدستون الذي ادان حكومة كاديما وجنرالاتها، وأكد انهم استخدموا المدنيين والاطفال كدروع بشرية اثناء عدوانهم على القطاع، ناهيك عن استخدامهم قنابل الفوسفور الابيض، وقتل اكثر من 1400 انسان عربي مسلم من العزل، وتدمير آلاف المنازل فوق رؤوس اسرهم.

ولا نعرف ايضا اذا كان السيد الفاسي قد شاهد ابناء الشعب المغربي في جميع انحاء البلاد وقد خرجوا في مظاهرات غاضبة بالملايين استنكارا وادانة لهذا العدوان، وتضامنا مع ضحاياه، مؤكدين اصالتهم ومعدنهم الانساني الصلب، وانتماءهم الى هذه العقيدة السمحاء. ولو جرى فتح ابواب التطوع للجهاد ضد الاسرائيليين لشاهدنا عشرات الملايين من ابناء المغرب يتدفقون الى حدود الارض المحتلة طلبا للشهادة.

المحامون المغاربة الذين طالبوا باعتقال السيدة ليفني فور وصولها الى ارض المغرب الطاهرة كانوا يعبرون عن المشاعر الوطنية المتأصلة لدى الغالبية الساحقة من ابناء شعبهم، وينتصرون لاشقائهم في فلسطين المحتلة وضحايا المجازر الاسرائيلية.

مأخذنا على هؤلاء المحامين انهم اقتصروا في طلبهم للاعتقال والمحاكمة على السيدة ليفني فقط، ولم يشملوا ايضا الذين جرحوا مشاعر الشعب المغربي بتوجيه دعوة استفزازية كهذه اليها، وفي هذا الوقت الحرج حيث ما زالت دماء شهداء جرائم السيدة ليفني وجنرالاتها طرية، وما زال هناك اكثر من ستين الف فلسطيني يعيشون في العراء على انقاض بيوتهم المدمرة.

مجرمو الحرب الاسرائيليون لا مكان لهم على ارض المغرب او اي ارض عربية او اسلامية اخرى، فمكانهم الحقيقي خلف القضبان امام محكمة جرائم الحرب الدولية مثلهم مثل النازيين الالمان والصرب مثل سلوبودان ميلوسفيتش ورادوفان كراديتش، والسيدة ليفني على رأس هؤلاء.

دعوة السيدة ليفني الملطخة يداها بدماء اطفال غزة ولبنان الى ندوة مغربية، في طنجة المعروف ابناؤها بوطنيتهم، وللحديث عن السلام هي اهانة للمدينة وتاريخها الوطني العريق اولا، مثلما هي اهانة للسلام، واستفزاز لكل ابناء المغرب.

===========================

فضيحة دبلوماسية عربية

عبد الباري عطوان

18/11/2009

القدس العربي

كشف برنامج وثائقي بثته القناة التلفزيونية الانكليزية الرابعة ان اللوبي الاسرائيلي استطاع تجنيد نصف وزراء حكومة الظل في حزب المحافظين البريطانيين لخدمة المصالح الاسرائيلية والدفاع عن سياساتها، وذلك من خلال دفع تبرعات وصلت في مجملها الى عشرة ملايين جنيه استرليني.

حزب المحافظين البريطاني يتفوق بأكثر من عشرين نقطة على حزب العمال الحاكم في استطلاعات الرأي، وبات في حكم المؤكد فوزه في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في شهر ايار (مايو) المقبل كحد أقصى، مما يعني ان انصار اسرائيل في حكومة الظل هم الذين سيسيطرون على الحكومة، ويوجهون دفة سياساتها ضد العرب بشكل خاص، والمسلمين بشكل عام.

هذا الكشف التلفزيوني الخطير المدعّم بالأرقام والوثائق، يؤكد حقيقتين اساسيتين، الاولى تتعلق باحتقار السياسيين البريطانيين للعرب والاستخفاف بهم، رغم الخدمات الجليلة التي قدمها ويقدمها العرب كحكومات وشركات، لبريطانيا ومصالحها السياسية والاقتصادية، والثانية تتعلق بفشل الدبلوماسية العربية، بل وانعدام وجودها، ناهيك عن تأثيرها، رغم الرهط الكبير من الدبلوماسيين العرب والسفارات العربية الفارهة في العواصم الغربية.

الدبلوماسيون العرب في معظمهم مشغولون بكل شيء ،الا القضايا المتعلقة بواجباتهم، مثل استقبال زوجات وابناء الزعماء والاسر الحاكمة، وكلها اسر حاكمة هذه الايام، يتساوى فيها الجمهوريون والملكيون، وترتيب جولات التسوق والترفيه وحركة التنقلات. ومن المفارقة ان معظم هؤلاء السفراء يعينون في العواصم الغربية اما بهدف العلاج او الراحة، او الابعاد.

السفارات العربية في بريطانيا تقيم سنوياً عشرات حفلات الاستقبال، تدعو اليها آلاف الشخصيات والقيادات البرلمانية والاقتصادية البريطانية، وتدفع عشرات الملايين من الجنيهات الاسترلينية لدعم اعمال خيرية ومؤسسات بريطانية، ومع ذلك تنجح جمعية اسرائيلية في بزّ هؤلاء جميعاً، وتجنيد معظم النواب واللوردات البريطانيين في خدمة السياسات العدوانية الاسرائيلية.

نتلقى في هذه الصحيفة، مثل غيرنا، عشرات البيانات الصحافية شهرياً من هذه السفارة العربية او تلك، مزينة بصور سعادة السفير وحرمه وهما يستقبلان الوزراء والنواب واللوردات البريطانيين اثناء حفل الاستقبال الذي نظمه سعادته بمناسبة العيد الوطني لبلاده، لنكتشف بعد ذلك ان معظم هؤلاء هم من المجندين لمصلحة اللوبي الاسرائيلي.

' ' '

نذهب الى ما هو اكثر من ذلك ونشير الى جود المئات من اللوردات واعضاء مجلس النواب يعملون كمستشارين لدى حكومات وسفارات وشركات عربية، مقابل رواتب خيالية، ثم نُصدم عندما نرى اسماء هؤلاء، او معظمهم، تتصدر قوائم اللوبي الاسرائيلي في بريطانيا.

هذا دليل على اننا فاشلون، منافقون، سذج، نفتقر الى الجدية والمنهج العلمي والاخلاقي لخدمة قضايانا، بل اننا لا نريد اصلاً تحرير الاراضي المحتلة والمقدسات العربية والاسلامية.

الحكومات العربية قدمت، وما زالت تقدم، خدمات غير عادية للغرب، وبريطانيا على وجه الخصوص، نشتري اسلحتهم، ونقدم لشركاتهم العقود التجارية المغرية، ونستثمر مئات الآلاف من المليارات في عقاراتهم وشركاتهم، ونخرج اقتصادياتهم من عثراتها بشراء السندات، وخلق الوظائف للعاطلين، ومع ذلك يهرع سياسيوهم الى اسرائيل، مقدمين لها كل الطاعة والولاء، ويتآمرون ضدنا، ويصوتون في الامم المتحدة والمحافل الدولية ضد قضايانا العادلة.

حزب المحافظين هذا الذي يتجند نصف وزراء حكومة ظله في خدمة اللوبي الاسرائيلي، مدين للعرب ،والمملكة العربية السعودية بالذات، ببقائه في الحكم لأكثر من عشرين عاماً، فلولا صفقة اليمامة للاسلحة التي وقعتها السعودية مع السيدة مارغريت ثاتشر زعيمته في الثمانينات، وبلغت قيمتها 75 مليار دولار في حينها (حوالى 200 مليار دولار بمقاييس اليوم) لما استطاعت المرأة الحديدية اخراج الاقتصاد البريطاني من ازمته الطاحنة التي اطاحت بحكومة جيمس كالاهان العمالية، وجاءت بالمحافظين الى سدة الحكم.

ورثة السيدة ثاتشر في الحزب ينسون كل هذه الخدمات وينحازون الى اسرائيل ويعملون في خدمة مصالحها، وهي الدولة التي اُدينت، ومن خلال تقرير لقاض يهودي صهيوني، بارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية اثناء عدوانها الاخير على قطاع غزة.

العيب ليس في هؤلاء النواب واللوردات فقط، وانما فينا نحن كعرب، الذين تحولنا الى اضحوكة في العالم، بسبب هذه الانظمة الفاسدة، ودبلوماسييها الفاشلين عديمي الضمير الوطني والاخلاقي.

هذه الانظمة الفاسدة التي حولتنا الى مهزلة في العالم بأسره، هي المسؤولة عن حالة الانهيار التي نعيشها حالياً على المستويات كافة، وهي التي خلقت الفراغ الاستراتيجي الحالي الذي سارعت الى ملئه قوى غير عربية.

في الماضي القريب كنا اسرى مفهوم خاطئ يقول ان اللوبي اليهودي المؤيد لاسرائيل يجلس على قمة امبراطوريتين هائلتين، مكّنتاه من توظيف العالم الغربي في خدمة اسرائيل ومصالحها، الاولى مالية، والثانية اعلامية، لنكتشف متأخرين ، كعادتنا، ان هذه كذبة كبرى. فنحن الآن نملك صناديق سيادية مستثمرة في الغرب تبلغ قيمتها اكثر من ثلاثة تريليونات دولار، وتتدفق الى خزائننا عوائد نفطية تصل الى 800 مليار دولار سنوياً، ونستطيع شراء شركات العالم وصحفه وتلفزيوناته جميعاً، ومع ذلك تنجح جمعية لوبي اسرائيلي في بريطانيا بتجنيد غالبية النواب البريطانيين بأقل من عشرة ملايين جنيه.

' ' '

اشترينا انديه كروية بريطانية ولاعبين بمئات الملايين من الجنيهات. ولم نترك عقاراً فخماً إلاّ وهرعنا لضمه الى امبراطورياتنا المالية، وفتحنا اراضينا وقواعدنا الجوية والبحرية والبرية، وما زلنا، للطائرات والدبابات والسفن الحربية البريطانية والامريكية لغزو بلد عربي (العراق)، وآخر اسلامي (افغانستان)، وشاركنا بفاعلية في الحرب على الارهاب، ووفرنا الحماية بذلك للمواطنين والشوارع في بريطانيا، ومع ذلك نتلقى الصفعات من السياسيين والحكام البريطانيين، بينما يحصد الاسرائيليون المنافع والتأييد والمساندة لممارساتهم العدوانية ومجازرهم في حق اهلنا واشقائنا.

نقول لليبيين والسعوديين والخليجيين والجزائريين، وكل العرب الذين يفتحون بلادهم على مصارعها امام الشركات الغربية، دون شروط او قيود، 'كفى' لقد طفح الكيل. آن الأوان ان نخاطب هؤلاء بلغة المصالح.. آن الأوان ان نكون جديين، نعرف كيف نخدم قضايانا، وان نفرض احترامنا. لقد مللنا من لعب دور المغفل، وقرقنا من كوننا اضحوكة.

اما السفراء العرب في بريطانيا فنقول لهم ان كشف المحطة التلفزيونية الرابعة المذكور هو 'وصمة عار' في سجلاتهم وتاريخهم، ودليل دامغ على فشلهم وعجزهم، رغم مئات الملايين التي ينفقونها، من عرق البسطاء الجوعى، على حفلاتهم الباذخة تحت مسمى خدمة العرب والمسلمين.

كلمة اخيرة للنواب البريطانيين المسجلين على قوائم اللوبي الاسرائيلي، والمحافظين منهم على وجه الخصوص، وهي ان شراءهم بهذه المبالغ الرخيصة والتافهة، وانخراطهم في خدمة دولة عدوانية مارقة، هو الذي يؤدي، الى جانب اسباب اخرى، الى ازدهار تنظيمات متشددة مثل القاعدة، وتهديد مصالح بريطانيا وامن مواطنيها في الداخل والخارج.

==============================

حماس ليست وحدها

عكيفا الدار

18/11/2009

القدس العربي

سارع متحدثو اليمين، وفيهم منتخبو جمهور، الى ضم يعقوب تايتل الى نادي 'الاعشاب الضارة' الى جانب يغئال عامير، وعيدان نتان زادة، واليران غولان، وأشير فيزغين، وداني تكمان وآخرين كثيرين من القتلة 'السياسيين  العقائديين'. يعترفون قائلين: صحيح فينا عدد من رجال الدين الحاليين الذين يحرضون على العنف. انهم حفنة حقا يعدهم طفل صغير. ويذكرون ان حكومتنا بخلاف حكومة حماس لا تنفق على رجال الدين الذين يدعون الى قتل الاطفال.

أهذا صحيح؟ لا. مثلا تحول المكاتب الحكومية على نحو دائم دعما ومخصصات لمدرسة دينية قال حاخامها انه يجوز قتل اطفال غير اليهود، 'لان وجودهم يساعد في القتل، وثمة احتمال للمس بالاطفال اذا تبين انهم سينشأون ويضرون بنا... يحل المس بأبناء قائد لمنعه من السلوك الشرير... وجدنا في الشريعة أن اطفال الاغيار الذين لا يخالفون عن الفرائض السبع يوجد تقدير لقتلهم بسبب الخطر الذي سينشأ في المستقبل اذا نشأوا ليصبحوا اشرارا مثل آبائهم'.

فحص ليئور يفنه، المسؤول عن البحث في منظمة حقوق الانسان 'يوجد حكم' ووجد انه في السنتين 2006 2007 حول قسم المؤسسات التوراتية في وزارة التربية اكثر من مليون شيكل الى المدرسة الدينية 'ما يزال يوسف حيا في نابلس'، في مستوطنة يتسهار. خصصت وزارة الرفاهة للمدرسة منذ 2007 اكثر من 150 الف شيكل  هبات لطلاب في ضيق يدرسون في المدرسة. وما الذي يستطيعون دراسته لمساعدة مال الجمهور، من رئيس المدرسة الحاخام اسحاق شبيرا؟

على حسب مقاطع مختارة نشرت في الاسبوع الماضي في وسائل الاعلام، يستطيع الفتيان ان يفهموا ان تايتل ليس بريئا فحسب بل صديقا خالصا: فزعيمهم الروحي قرر في كتاب 'توراة الملك' انه 'لا يحتاج الى قرار أمة لاباحة دم ملكوت الشر. فيستطيع افراد ايضا من المملكة المتضررة المس بهم'.

جاء في صحيفة تذاع في المستوطنات انه 'من الفضول ان نذكر انه لم يرد في أي مكان في الكتاب ان الاقوال متجهة الى الاغيار القدماء فقط . انه فضلا عن ان الفرائض في العمل الادبي  التوراتي لا تكتفي بالاغيار من المعاصرين يمكن ان نجد فيها ايضا اباحة للمس بأساتذة جامعات يساريين: فكل مواطن في المملكة التي تواجهنا يشجع المحاربين او يعبر عن ارتياح لاعمالهم يعد مطاردا ويباح قتله'، يقرر الحاخام ويزيد 'وكذلك يعد مطاردا من يضعف بكلامه وما اشبه مملكتنا'. أعلن افيغدور ليبرمان منذ زمن قريب انه سيطلب من دول الاتحاد الاوروبي وقف تأييدها لمنظمة 'نكسر الصمت'، لانه لم يرتح لنشراتهم. يتحفظ وزير الخارجية بيقين مما نشر رئيس المدرسة الدينية. انه مدعو للتوجه الى رفاقه في وزارتي التربية والرفاهة.

هآرتس17/11/2009

============================

من واشنطن إلى طوكيو وبالعكس!

الشرق الاوسط

18-11-2009

عبدالمنعم سعيد

عندما وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى طوكيو يوم الجمعة الماضي ربما وجد بلدا جديدا مختلفا عما تعود عليه الأميركيون من قبل. صحيح أن أوباما هو الآخر يمثل ظاهرة جديدة في الحياة الأميركية وفي النظام العالمي معا، ولكن ظاهرة أوباما التي لم يمض عليها أقل من عشرة شهور على التواجد في البيت الأبيض، تعرضت لقدر من الأفول السريع الذي لم يكن يتوقعه أشد معارضيه. ومن الجائز أن مرور حزمة الرئيس الأميركي الخاصة بالرعاية الصحية من مجلس النواب بعد فوزه بجائزة نوبل قد تعطيه بعضا من قوة الدفع، ولكن المؤكد أن قدرا غير قليل من سحر أوباما قد ضاع في عالم توقعاته أكبر من إمكانياته، وأحلامه أعظم مما يستطيع تحقيقه. وهو عالم خلقته كلمات أوباما ولكنه بات عصيا على التحقيق، أو على الأقل يحتاج إلى ما احتاجته كل الكلمات من قبل، وهو الزمن، والصبر، والانتظار.

واحدة من علامات أوباما هي أنه لم يعد بالضبط رئيسا أميركيا فقط، وربما كان أكثر الرؤساء الأميركيين سفرا بين دول العالم خلال العام الأول من رئاسته، والرجل لا يزال يسجل شعبية بين دول العالم أكبر مما يحققه داخل الولايات المتحدة نفسها. ولكن سواء كان الأمر في أميركا أو في العالم فإن قوة الكلمات وسحرها لم تعد كافية، وحتى هذه اللحظة فإن الرئيس الأميركي لم تظهر له أسنان تسمح له بالمضي قدما في سياساته، والحالة في الشرق الأوسط شاهدة على أن المواقف الطيبة من المستوطنات والدولة الفلسطينية تبقى على حالها «مواقف» دون قدرات سياسية تحولها إلى واقع.

ولكن ما يبدو على أوباما أنه لم يعد يبحث عن القدرات داخل الولايات المتحدة بقدر ما يبحث عنها من خلال خلق تحالف دولي واسع يساعده على تطبيق سياساته. من هنا تأتي دقة، وربما حرج، اللقاء في طوكيو، حيث وصلها صاحبنا وقد أخذت اليابان توجهات جديدة بعد الانتخابات التي أفرزت حقائق جديدة في الواقع السياسي تلقي بظلالها أول ما تلقي على العلاقات الأميركية اليابانية. فقد أسفرت انتخابات مجلس النواب الياباني التي أجريت في 30 أغسطس 2009، عن اكتساح المعارضة، ممثلة في الحزب الديمقراطي الياباني، مقاعد المجلس بأغلبية 308 من أصل 480 مقعدا مقابل 119 للحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم. وسبب هذه النتيجة فشل الحزب الحاكم في التوصل إلى حلول للمشكلات والأزمات المتراكمة التي واجهت اليابان، وعدم إدراكه لتصاعد حدة السخط والاستياء لدى اليابانيين، لا سيما أن شريحة كبيرة من المجتمع الياباني من الشباب أصبحت طامحة في التغيير الذي بات صيحة عالمية بعد انتخاب أوباما في الولايات المتحدة. وقد استعار زعيم الحزب الاجتماعي الديمقراطي الياباني يوكيو هاتوياما الذي فاز في الانتخابات شعارات التغيير التي رفعها الرئيس الأميركي باراك أوباما وجعل عنوانه الرئيسي في الانتخابات «سياسات في خدمة المواطن» التي كان أبرز ملامحها إجراء بعض التغييرات في توجهات السياسة الخارجية اليابانية، من خلال الاحتفاظ بعلاقات شراكة أكثر توازنا وتكافؤا مع الولايات المتحدة الحليف الأمني والاستراتيجي لليابان، إلى جانب إقامة علاقات أكثر عمقا مع الصين والدول الآسيوية المجاورة.

وفور توليه مقاليد منصبه كرئيس للوزراء، أعلن هاتوياما عزمه انتهاج سياسة خارجية أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة تقوم أولا على مراجعة الاتفاقات العسكرية الموقعة مع الولايات المتحدة، لا سيما الاتفاق الذي وقع عام 2006 والخاص بنقل قاعدة «فوتينما» الجوية الواقعة في منطقة عمرانية بجزيرة أوكيناوا، حيث ترغب الحكومة اليابانية في نقلها إلى خارج الجزيرة وليس داخلها، وذلك لتخفيف العبء على سكان أوكيناوا التي تؤوي 75% من القواعد ونصف القوات التي يبلغ عددها 47 ألف رجل من الجيش الأميركي في اليابان. وثانيها مطالبة الولايات المتحدة بتحمل بعض أعباء نشر القوات في اليابان بعد أن كانت طوكيو هي التي تتحمل عبء «احتلال» أميركا لها. وثالثها إنهاء مهمة «قوات الدفاع الذاتي»  الاسم الرسمي للجيش الياباني  في المحيط الهندي لأنها تتعارض مع الدستور. حيث تقوم اليابان حاليا بتزويد بعض القطع الحربية الأميركية في المحيط الهندي بالوقود، لمساعدتها على تأدية مهامها في أفغانستان. ورابعها إيفاد جنود «قوة الدفاع الذاتي» إلى السماوة في العراق مع القوات متعددة الجنسيات الأخرى. وخامسها إرسال سفن قوات الدفاع الذاتي البحرية لمقاومة القرصنة قبالة سواحل الصومال.

هذه الحزمة من السياسات تشير من جانب إلى رغبة يابانية في الاستقلال «النسبي» لليابان تجاه الولايات المتحدة، ولكنها من ناحية أخرى تشير إلى رغبة يابانية في لعب دور دولي يتناسب مع مصالحها المباشرة. ووفقا لهذه الرؤية، فإن الحزب الديمقراطي الياباني يعتقد أن على اليابان ألا تضع كل بيضها، خاصة على الصعيد الأمني والاستراتيجي، في السلة الأميركية، لا سيما أن العلاقات الأمنية الوثيقة مع الولايات المتحدة، رغم أنها دعمت أمن اليابان ومصالحها العليا، إلا أنها أنتجت تداعيات سلبية، يتمثل أهمها في صعوبة إقامة علاقات قوية مع الجيران الرئيسيين، خاصة الصين، لأن واشنطن عادة ما تستخدم تحالفها مع اليابان للحد من النفوذ الصيني في شرق آسيا، وفيما يخصنا تبني وجهة نظر أقرب للولايات المتحدة فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، حيث بدا أول المؤشرات في إصدار الخارجية اليابانية قرارا بتعيين سفيرها بالقاهرة كاورو ايشيكاوا مندوبا معتمدا لبلاده لدى جامعة الدول العربية‏،‏ بالإضافة إلى عمله‏، وهو ما يؤشر إلى زيادة اهتمام اليابان بتقوية علاقاتها مع الدول العربية في جميع المجالات‏، إضافة إلى سعيها للقيام بدور أكثر فعالية ونشاطا لدعم عملية السلام في الشرق الأوسط وبناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

هذه التحركات الجديدة أثارت قلقا ملحوظا لدى الولايات المتحدة، خصوصا أنه على مدى أكثر من خمسين عاما، كانت واشنطن تعتبر دعم اليابان مسألة مفروغا منها. وكشريك أصغر، قامت اليابان بوضع سياسة خارجية تتوافق مع مصالح الولايات المتحدة، وإن كانت سياستها الاقتصادية أكثر استقلالية. وفي المقابل، تتولى الولايات المتحدة حماية أمن اليابان، رغم أن اليابان تتحمل بالفعل معظم التكاليف المالية للحماية الأميركية. ولذا دفعت هذه التحركات اليابانية مسؤولا في الإدارة الأميركية إلى القول بأن «الملف الأصعب اليوم ليس الصين بل اليابان» بالنسبة لإدارة أوباما، لكن ذلك لا يعني وجود موقف أميركي موحد تجاه حدود التحول في السياسة الخارجية اليابانية وأسلوب التعامل معها، حيث يبرز في هذا السياق ثلاثة اتجاهات: الأول، يرى أن الأزمة الحالية تعود إلى عدم خبرة الفريق الحاكم، ويستبعد حدوث شرخ في التحالف الياباني  الأميركي. أما الثاني، فيتوقع أن تتجه الحكومة اليابانية إلى محاولة تحقيق التوازن بين السعي نحو مشاركة أكثر تكافؤا مع الحليف الأميركي من جهة، والالتزام إلى حد كبير بسياسات الحزب الليبرالي الديمقراطي، خاصة فيما يتعلق بالمحافظة على التحالف الياباني  الأميركي باعتباره محور السياسة الخارجية اليابانية‏ من جهة أخرى.‏ فيما يعتبر الاتجاه الثالث أن القلق من التحول في سياسة اليابان الخارجية غير مبرر، إذ إن التحرك الياباني نحو تعميق العلاقات مع الجيران، ربما لن يؤثر كثيرا على مصالح واشنطن، لا سيما في ظل إمكانية أن يدعم تحول اهتمام السياسة الخارجية اليابانية نحو آسيا من إمكانية تقليص محاولاتها لتبييض تاريخها العسكري، ومن ثم تحقيق المزيد من الاستقرار في شرق آسيا. كما أن المشكلات الاقتصادية الكبيرة التي تواجه اليابان بسبب قلة عدد السكان وتصاعد الدين الوطني العام، ستقيد قدرة الحزب الديمقراطي على تطبيق سياسات اقتصادية اشتراكية، يمكن أن تؤثر على العلاقات الاقتصادية بين طوكيو وواشنطن. وفوق ذلك، فإن اليابان لا ترغب في التخلي عن علاقتها بالولايات المتحدة، لتصبح شريكا أصغر للصين، خصوصا في ظل وجود نزاعات تاريخية بين طوكيو وبكين. والخلاصة أن الحوار بين الطرفين ربما يؤدي إلى نقطة توازن جديدة في ظل تحالف دول عظمى ومتقدمة لها رؤى مشتركة تجاه الدنيا والعالم.  

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ