ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 11/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الانفتاح على تركيا

د.فهد الفانك

الرأي الاردنية

10-11-2009

أخذت تركيا مؤخرا بسياسة الانفتاح تجاه العالم العربي، فمن الطبيعي أن تقابل عربيا بالمثل، والانفتاح يأتي على أشكال مختلفة سياسية واقتصادية.

في المجال السياسي لا حدود لانفتاح الأردن على جميع بلدان العالم. وإذا كان الانفتاح مفيدا على وجه الإجمال، فإنه أكثر فائدة بالنسبة لبلد صغير ليس لديه ما يخسره تجاه العالم ، وأمامه الكثير مما يمكن أن يكسبه.

لكن الانفتاح الاقتصادي، وبالتحديد التجاري، يجب أن يكون مدروسا ومحسوبا، فليس كله مفيدا، ومن الانفتاح ما قتل.

لا يستطيع الأردن أن ينفتح تجاريا على بلد تتمتع فيه الصناعة والزراعة بالدعم الكثيف الذي يجعل المنافسة مستحيلة. ولا يستطيع الانفتاح على بلد يطبق سياسة دعم الصادرات، فمثل هذا الانفتاح كفيل باجتياح السوق المحلية وإخراج الصانع والزارع الأردني من العمل.

كذلك لا يستطيع الأردن أن ينفتح تجاريا على بلد أكثر تطورا وتقدما منه بمراحل، مثل أوروبا وأميركا وكندا إلا إذا كانت هناك محاباة في الشروط، أو تعويض مالي مباشر، ولكنه فعل، وكانت النتيجة ميزانا تجاريا مختلا، حيث تزيد صادراتهم للأردن عن عشرة أمثال صادرات الأردن لهم.

الاستثناء لهذه القاعدة هو الميزان التجاري مع أميركا، الذي كان فائضا ويتحول الآن إلى عجز متزايد، ويعود ذلك إلى ظاهرة استثنائية هي المناطق الصناعية المؤهلة، التي تمتعت بمزايا استثنائية في السوق الأميركية. أما في مجال التبادل التجاري بموجب اتفاق التجارة الحرة بين البلدين، فأميركا لا تختلف عن أوروبا، حيث أن الصناعات الأردنية الصغيرة والزراعة اليدوية لا تستطيع أن تقف في وجه الصناعات الكبرى والزراعة المتطورة في أوروبا وأميركا.

آخر اتفاق بين الأردن وتركيا سوف يلغي التأشيرات بين البلدين مما يعني زيادة السياحة الأردنية لتركيا في ظل غياب أي نوع من السياحة التركية إلى الأردن إلا بالنسبة لمرور أفواج الحجاج الأتراك إلى الديار الحجازية ذهابا وإيابا، حيث يظهرون إحصائيا مرتين كقادمين ومرتين كمغادرين.

والأهم من ذلك اتفاق التجارة الحرة بين البلدين، مما يدل على جرأة كبيرة من قبل الحكومة الأردنية بالنظر لسياسة دعم الصادرات التركية مما يمكن المصدر التركي من تسعير بضاعته بأقل من الكلفة.

نعم لسياسة الانفتاح التجاري شريطة أن يكون مدروسا ومحسوبا. وبخلاف ذلك فإن عضوية منظمة التجارة العالمية كافية.

___________________________

ما الجديد في العلاقات الأميركية الإسرائيلية؟

الرأي الاردنية

10-11-2009

هذا سؤال بدأ بتداوله العديد من المحللين السياسيين في واشنطن وفي خارجها. ولعل السؤال الأكثر تداولا يتعلق فيما إذا يمكن اعتبار فوز باراك أوباما بالانتخابات الرئاسية نقطة تحول أو بداية التحول في العلاقة الأميركية الإسرائيلية؟ أم أن طبيعة النظام المفتوح سمح لمنظمات يهودية غير الآيباك القوي في المنافسة على تمثيل مصالح اليهود أو ربما إسرائيل دون أن يرتبط ذلك بصعود أول رئيس أميركي من أصل أفريقي؟.

البعض ربط بين هذه الأسئلة وتأسيس منظمة جي ستريت اليهودية، غير أن الواقع يشير إلى أن مناقشة العلاقة الأميركية الإسرائيلية هو سابق على تأسيس المنظمة أو حتى مؤتمر جي ستريت الذي عقد قبل عشرة أيام وتعدى ذلك ليشمل موقف الكونغرس من الأمر برمته. وقد نشرت الواشنطن بوست مقالا قبل أسبوعين تقريبا لدان إيغان يقول فيه أن المؤتمر الذي تقيمه جماعة الضغط اليهودية الليبرالية جي ستريت في واشنطن أفرز جدلا دبلوماسيا حول موقف إدارة الرئيس أوباما من إسرائيل في وقت ترتفع فيه درجة التوتر بين واشنطن وحكومة إسرائيل اليمينية في تل أبيب.

منظمة جي ستريت كما ذكرنا في مقالات وتحليلات سابقة أقيمت قبل سنة و نصف السنة، وبالفعل عقدت أول مؤتمر سنوي لها في قبل أسبوعين وشارك فيه نحو 150 عضوا ديمقراطيا من الكونغرس والعديد من الساسة الإسرائيليين الحاليين والسابقين وألقى الخطاب الأساسي فيه مستشار الأمن القومي جيمس جونز. والتقى الرئيس أوباما أكثر من مرة مع أعضاء من هذه المنظمة وهو أمر يثير حفيظة الإسرائيليين وبخاصة وأن للمنظمة أجندة تزعج الحكومة اليمينية القابعة في تل أبيب. إسرائيل تقاطع المنظمة توطئة لعزلها داخل الساحة الأميركية حتى لا تكتسب شرعية تمثيل يهود أميركا أو حتى لا تكون منافسة قوية للمنظمات اليهودية اليمينية التي تقوم بكل ما يلزم لخدمة التشدد الإسرائيلي.

ولهذا السبب رفض السفير الإسرائيلي إلى واشنطن مايكل أورين حضور مؤتمرها وإلقاء كلمة متهما إياها بدعم السياسات التي قد تضر بمصالح إسرائيل. هذا وقد ألغت المنظمة إقامة مسابقة شعرية في المؤتمر، وذلك بعدما اكتشف الناشطون المحافظون في كتابات اثنين من المشاركين وجود تشبيهات بين معاناة ضحايا الهولوكوست والفلسطينيين في الأراضي المحتلة، كما اعتذر 10 على الأقل من أعضاء الكونغرس الجمهوريين عن الحضور تحت ضغوط من الناقدين المحافظين، حسب ما أوردته جي ستريت.

وتأتي تلك المناوشات والنشاطات اليهودية وسط التوتر المستمر بين إدارة الرئيس أوباما التي تعهدت بإحياء عملية السلام قبل نهاية العام، وبين حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي تعارض طلب الولايات المتحدة بتجميد المستوطنات في الضفة الغربية واتخاذ خطوات أخرى قبل المفاوضات. ويعكس هذا التوتر ضيق العديد من المنظمات اليهودية القديمة، والتي تشعر بأن الرئيس أوباما تجاهل اهتماماتهم بشأن الصراع في الشرق الأوسط.

وقد حاولت إدارة الرئيس أوباما الوصول إلى نقطة مشتركة مع عدد من المنظمات بهذا الشأن، حيث تحدث مستشار الأمن القومي جيمس جونز مؤخرا مع فريق العمل الأمريكي الخاص بفلسطين والذي يرأسه الدكتور زياد العسلي، ويقول تومي فيتور، المتحدث باسم الإدارة، البيت الأبيض يرحب دوما بفرصة مناقشة آراء الرئيس وبدء الحوار مع الأطراف المعنية.

وكانت منظمة جي ستريت قد أقيمت مستندة على فرضية أن المنظمات اليهودية الأمريكية القائمة (مثل الآيباك) تميل إلى اليمين كثيرا مقارنة بآراء اليهود الأمريكيين، بمعنى أن مواقف الآيباك في الموقف من عملية السلام والصراع لا تعكس وجهة نظر غالبية اليهود. وقد أثارت جي ستريت الجدل بسبب العديد من مواقفها، وبينها معارضتها العقوبات الفورية على إيران وانتقاد غزو إسرائيل لقطاع غزة. ويقول المدير التنفيذي للمنظمة جيريمي بن عامي إن العديد من مواقف المنظمة تتوافق ومواقف الرئيس أوباما الذي لا يزال يتمتع بشعبية مرتفعة بين اليهود في الولايات المتحدة. ويضيف أن المنظمة كانت ضحية حملات التشويه من المحافظين الذين يفضلون السياسات المتشددة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأنه كان يأمل قبول السفير الإسرائيلي إلى واشنطن الدعوة لإلقاء كلمة في المؤتمر ولكنه أصيب بالإحباط من موقف الحكومة الإسرائيلية.

هذا وقد أثار المؤتمر وأعداد المشاركين به موجة من الانتقادات من المحافظين أمثال مايكل غولدفارب، المستشار السابق بحملة السيناتور جون كيري الإنتخابية، والذي وصف المؤتمر بأنه معاد لإسرائيل. كما انتقد بعض المحافظين جي ستريت لقبولها تبرعات من أشخاص على صلة بمنظمات تعمل لصالح الفلسطينيين والإيرانيين، بل وهاجم المحافظون المؤتمر لدعوته سلام الماراياتي، مؤسس مجلس العلاقات العامة الإسلامية، والذي اعتذر عام 2001 عن تلميحه في برنامج إذاعي عن ضرورة اعتبار إسرائيل مشتبها به في هجمات 11 سبتمبر.

من جهتها، قامت بعض المنظمات اليهودية بمحاصرة جي ستريت لموقفها من عملية السلام بالرغم من إعلان المنظمة بأنها مؤيدة لإسرائيل ومؤيدة لعملية السلام، وبهذا الصدد بعثت منظمة ستاند وذ أس(ساندونا) اليهودية بلوس أنجلوس فاكسا إلى أعضاء الكونغرس المشاركين في المؤتمر ينتقد المنظمة وعملها. وبالفعل اعتذر 10 مشرعين على الأقل (بينهم الجمهوري مايك كاسل) عن الاشتراك بالمؤتمر وسط هذه الموجه من الاعتراضات. وتقول روبرتا سعيد، مدير البحث والتعليم في منظمة ستاند وذ أس، إنها ترى جي ستريت وكأنها خارج التيار السائد، وتقول إن الدعم الواسع لأوباما بين اليهود الأمريكيين لا يعني الموافقة على سياسة الإدارة تجاه إسرائيل. وتضيف روبرتا يبدو أن اليهود الأمريكيين يحبون أوباما، فهم ليبراليون. ولكنهم أكثر قوة في دعمهم لإسرائيل ويعارضون رؤية الصراع وكأنه خطأ إسرائيل فقط. أعتقد أنهم يضعون خطا فاصلا هنا.

بدوره يقول اليهودي جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، إن العديد من النقاد لا ينتبهون لما يحاول البيت الأبيض ووزارة الخارجية تحقيقه بمواجهة العديد من الأطراف في قضية الشرق الأوسط. على أنه وبالرغم من وجود مدارس مختلفة تتناول سر قوة العلاقات الأميركية الإسرائيلية إلا أن أيا منها لا ينفي أن العلاقات هي وثيقة بالرغم من وجود لوبيات معارضة لمثل هذه العلاقة التي استمرت بالرغم من مرور العقود على سياسة إسرائيل التي لا تنسجم في الكثير من الأحيان مع مصالح أميركا في المنطقة، وهو أمر تناوله كل من جون ميرشايمر وستيفن والت في كتابيهما المعنون لوبي إسرائيل.

_____________________________

الفلسطينيون سيسقطون الجدار العنصري ونظامه

رأي القدس

10/11/2009

للمرة الثانية خلال اسبوع، نجح نشطاء فلسطينيون في احداث فجوة في الجدار العنصري العازل الذي اقامته الحكومة الاسرائيلية في اراضي الضفة الغربية اثناء مظاهرات نظموها بمناسبة سقوط جدار برلين قبل عشرين عاما.

انهيار سور برلين أرخ لانتهاء الحرب الباردة، والحقبة الشيوعية، وبدء عصر جديد من الديمقراطية في دول الكتلة الاشتراكية سابقا التي انضمت تباعا الى الاتحاد الاوروبي بعد اجراء اصلاحات سياسية واقتصادية جذرية.

احداث فجوات في الجدار العنصري الاسرائيلي قد يكون مقدمة لما يمكن ان يحدث في المستقبل، اي زوال هذا الجدار والدولة التي اقامته، واستبدالها باخرى اكثر ديمقراطية وعدالة، تتعايش جميع الاديان في كنفها دون اي تفرقة.

الاسرائيليون يعتقدون انهم سيصبحون اكثر امانا في العيش خلف هذا السور، لانهم لا يستطيعون التخلص من عقلية 'الغيتو' التي سيطرت عليهم واجدادهم اليهود في اوروبا الغربية ومختلف انحاء العالم.

جميع الاسوار التي اقيمت من اجل هذا الغرض لم تحم اصحابها، ولم تحقق لهم الامن والامان، وانهارت في نهاية المطاف، او تحولت بقاياها الى مزارات سياحية، ولا نعتقد ان السور العنصري الاسرائيلي سيكون استثناء.

الفلسطينيون لن يعطوا الامان للاسرائيليين طالما استمروا في سياساتهم هذه المعارضة للتعايش والمتمسكة ببناء الاسوار والمستوطنات، وفرض الحصارات التجويعية الظالمة، وتحدي قرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي الذي يعتبر السور العنصري هذا غير قانوني يجب ازالته فورا.

صحيح ان موازين القوى العسكرية هي في صالح اسرائيل، حيث تملك ترسانة مليئة بالاسلحة الامريكية الحديثة، ولكن هذا الخلل لا يمكن ان يدوم الى الابد، والا لبقيت امبراطوريات عظمى مثل الامبراطورية الرومانية والبريطانية والفرنسية والعثمانية حتى هذه اللحظة.

الاسرائيليون ورغم هذه الترسانة الضخمة عجزوا عجزا تاما عن تحقيق اي تقدم في جنوب لبنان اثناء عدوانهم صيف عام 2006، كما انهم لم ينجحوا في فرض اهدافهم اثناء عدوانهم مطلع هذا العام على قطاع غزة، فما زالت المقاومتان اللبنانية والفلسطينية على حالهما، بل اكثر قوة وصلابة.

الفلسطينيون بارادتهم القوية، وعزمهم الأكيد على نيل حقوقهم كاملة باستعادة جميع اراضيهم المحتلة، والعودة الى مدنهم وقراهم سيحطمون هذا الجدار العنصري بالطرق والوسائل كافة.

فالعقل الفلسطيني الجبار الذي طور الصواريخ، واخترع الانفاق، واخترق الحدود المعززة بالاسلاك الشائكة، والاليكترونية في بعض الاحيان، من خلال الطائرات الشراعية، لن تعوزه الحيلة للتعامل مع هذا الجدار وغيره والوصول الى قلب تجمعات الاسرائيليين.

الانسان الفلسطيني البسيط الاعزل يظل اقوى عشر مرات من نظيره الاسرائيلي، لانه صاحب حق، وينتمي الى عقيدة خالدة، ويملك ارثاً غنياً بالتضحية والبطولات، على عكس نظيره الاسرائيلي الغاصب المتغطرس.

مسيرة التحول لصالح هذا الانسان الفلسطيني بدأت باتساع دائرة المساندة والتأييد له في مختلف انحاء العالم، وشاهدنا كيف جاء تقرير القاضي غولدستون ليفضح الوجه الاجرامي البشع للاسرائيليين وجرائم الحرب التي ارتكبوها ضد الأبرياء في قطاع غزة، ويجعل من اسرائيل دولة مكروهة عالمياً، ومن جنرالاتها موضع مطاردة قانونية في عواصم العالم ومطاراته بسبب سفكهم دماء أطفال فلسطين ولبنان.

جدار الاسرائيليين العنصري سينهار فوق رؤوسهم قريباً، مثلما انهار جدار برلين، وسنحتفل جميعاً، مثلما احتفل الالمان، بنهاية النظام العنصري الاسرائيلي، وقيام كيان التعايش والعدالة والمساواة والديمقراطية الحقة.

_________________________

عجز العرب عن ايجاد قواسم قومية مشتركة

ميشيل كيلو

10/11/2009

حين تتكور أمة على ذاتها، وتصير قوة تقرر مصيرها بنفسها، وحين يقبل الآخرون وضعها ويقرون بشرعيته، تصير الأمة صانعة الواقع وتشارك بفاعلية في عصرها، الذي يصير بدوره من صنعها. وعندما تتمحور أمة حول غيرها، وتتعين بما يقرره لها، فإنها تفقد حقها في تقرير مصيرها، وقدرتها على لعب دور حاسم في شؤونها.

مر تطور الأمة العربية الحديث في مراحل ثلاث:

1 - بعد استقلال الأقطار العربية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بدأت الأمة العربية تصنع مصيرها بنفسها منذ أوائل الخمسينيات. هذه الانعطافة بدأت مرحلة نوعية مع ثورة يوليو في مصر، التي عرفت بالثورة الناصرية، وتركز جهدها على تأسيس مركز عربي في مصر يمكن لبلدان ودول وشعوب الأمة التكور حوله، أول واجباته وضع نفسه في خدمة تنميتها الشاملة، وفرز مصالحها عن مصالح غيرها من الأمم وتعريفها كمصلح عربية قائمة بذاتها، ليتمكن العرب من تلمس ذاتهم ككيان مستقل، يبني حياته القومية انطلاقا من مفرداته الخاصة وحقائق عصره، ويكون قادرا على تعبئة مجاله الأموي بوجوده المميز، ومؤهلا للانخراط في الحياة الدولية عبر واقعه الجديد، ومعدا لتوسيع مكانه في العالم وزيادة تأثيره على أحداثه وعلاقاته بطرق مشروعة تعود عليه بنفع يعزز وجوده ودوره.

كانت ثورة يوليو خطوة مهمة على طريق إدخال الأمة العربية إلى عصرها ونحو إشراكها في الزمن الدولي المعاصر. وبسبب نجاح مسعاها، أول لأمر، صار العالم يرى في العرب كيانا واحدا، وصارت كل دولة عربية تعرّف بعبد الناصر ومصر، فيقال لمن يسأل عن هويته ويجيب بأنه عربي : آه، عبد الناصر، أو ايجيبت (مصر). لبرهة من الزمن، تحول العرب إلى أمة واحدة في نظر العالم، واعتبر الوطن العربي حيزا جغرافيا / سياسيا واحدا، تعامل الآخرون معه بصفته هذه، بعد أن خبروا صعوبة الانفراد بجزء أو بقطر منه دون رد فعل من بقية أجزائه وأقطاره. وفي هذا الوقت، تحول العرب إلى قوة مؤثرة في إقليمهم، فكانت خطبة يلقيها عبد الناصر كافية لهز وإسقاط الحكومات، كما حدث في تركيا وباكستان، حيث سقط رئيس الوزراء مندريس في الأولى، وسهروردي في الثانية. وكان شباب الأمة يصدقون ما يقوله مفكرون كبار عن تحول أمتهم من موضوع للآخرين إلى ذات تاريخية فاعلة، تقرر مصيرها وبعضا من مصائرهم.

وكان الدليل على صدق هذا القول ملموسا، فالأمة تتحرك وتتفاعل وتدافع عن نفسها كجسم واحد يشد بعضه بعضا من المحيط إلى الخليج، حتى أنه عندما قاطع عمال أمريكا عام 1958 السفينة المصرية 'كليوباترا' في أحد المرافئ، قام العمال العرب في اليوم التالي لإذاعة الخبر بمقاطعة شاملة لوسائل النقل الأمريكية: البحرية والبرية والجوية، وأوقفوا شحنات النفط، فرفع الأمريكيون مقاطعتهم وشحنوا السفينة بالقمح. المثير للاهتمام هو أن العمال العرب فعلوا ما فعلوه بمبادرة ذاتية، دون أن تدعوهم مصر أو أية دولة عربية إليه.

2- مثل كسر هذا الوضع هدفا استراتيجيا لاحقه أعداء العرب، وخاصة منهم الصهاينة. وكان قد قام خلال فترة التقدم العربي القصيرة مركزان متجاوران داخل الوطن العربي : أولهما مصر وثانيهما الكيان الصهيوني. كما قام على حوافي الوطن العربي مركز إيراني وآخر تركي، أقصاهما المركز العربي عن الفعل داخل مجاله القومي، فعملا، بتنسيق مع إسرائيل أو بدون تنسيق، إلى شطبه، لأن شطبه خطوة أولى على طريق تفتيته وإدخال العرب في متاهة يتخبطون فيها إلى أن يفقدوا رشدهم، بالتزامن مع انفجار أو تفجير خلافاتهم وتناقضاتهم، التي لطت وكمنت في طور صعودهم القومي، دون أن تختفي تماما، وسيهشم انفجارها ما في الحياة العربية من قواسم عامة ومشتركات وأفكار جامعة وموجهة.

بعد حرب حزيران عامة، واتفاق كامب ديفيد خاصة، بدأ تلاشي المركز العربي، وتصاعد دور المراكز الثلاثة، ثم تجدد الثاني منها الإيراني - على أسس دينية / مذهبية، والثالث التركي بفضل توليفة فكرية / سياسية غربية حديثة، بينما هيمنت إسرائيل، بعد عام 1967، في منطقة الفراغ، التي نشأت نتيجة انهيار دور مصر القومي وانكفائها على ذاتها، ومنعت قيام مركز عربي بديل فيها. وللعلم، فإن أحدا من عرب المشرق والمغرب لم يتقدم لملء الفراغ في هذه المنطقة وللعب دور يعوض دور مصر كمركز وحدوي، بزعم أن بناءه سيكون صعبا أو مستحيلا. بدل بناء مركز قومي بديل، سارعت الدول إلى تقاسم دور مصر، وتصارعت بشراسة لتكبير حصتها منه، بموافقة القوى الكبرى وتشجيعها. افتقر العرب إلى رؤية يواجهون بمعونتها الواقع الجديد، تسد فراغا قوميا صار ملموسا وقاتلا، وتم الإجهاز على دور المركز المصري الغائب والمغيب، الذي ترتبت على تغييبه وغيابه آثار سلبية كثيرة جعلت الملك عبد الله بن عبد العزيز يتحسر، فيما بعد، عليه، ويتمنى لو انه بقي ودام.

واليوم، تحاول كل واحدة من القوى الكبرى الثلاث في منطقتنا: تركيا وإيران وإسرائيل، ممارسة دور قوة إقليمية ترعب العرب في حالة إسرائيل، ويتمركزون حولها في حالتي إيران وتركيا. لا تترك القوى الثلاثة وسيلة تحقق هدفها إلا واستخدمتها: من القوة (إسرائيل) إلى التخويف (ايران) إلى المصالح (تركيا)، كي لا يعي العرب أنفسهم ويتصرفوا كأمة، ويقلعوا عن السعي إلى التكور على ذاتهم، وإلى الانفراد في تقرير مصير منطقتهم ووطنهم، ومتابعة طريقهم نحو العصر بإرادتهم الحرة وقواهم الخاصة، وكي لا يتحولوا مجددا من موضوع لغيرهم، كما هم اليوم، إلى ذات تاريخية فاعلة يصعب على أية قوة في المنطقة مضاهاتها أو معاداتها أو التدخل في شؤونها.

هذه هي، باختصار شديد، مراحل التطور القومي العربي الحديثة: في أولاها بدأ العرب يتشكلون كأمة بالمعنى السياسي، وحرروا مجالهم القومي الخاص من الوجود الأجنبي.

وفي الثانية غاب المركز وتشتتت الإرادات وتضاربت الخيارات، وبرز تكوين بديل ضم مصر وسورية والسعودية، نظم العلاقات العربية في ضوء مصالح وأدوار أطرافه الثلاثة، غير المنسجمة في قضايا وأمور كثيرة. في المرحلة الثالثة، الحالية، بدأ العرب ينشدون إلى مراكز غير عربية، دولية وإقليمية، بعد أن فقدوا قدرتهم على التعامل مع غيرهم بوصفهم أمة موحدة الإرادة، وانفرط عقد الحلف الثلاثي (المصري / السوري / السعودي)، الذي كبح تدهور أوضاعهم لبعض الوقت، ثم اختفى بدوره.

إنه زمن عربي أخر، أذهب العرب إليه عجزهم عن إيجاد قواسم قومية مشتركة على قضايا العصر المهمة، وخوفهم من التطورات العالمية والإقليمية، واقتناعهم أن الإطار القومي لم يعد قادرا على حماية أحد، أو على ضمان مصالحه، أو على تلبية حاجة أطرافه إلى العمل المشترك. وعندما يعجز الإطار القومي عن احتواء خلافات وتناقضات العرب وعن خدمة مصالحهم، فإن باب تطورات غير مسيطر عليها وخطيرة يكون قد انفتح!

' كاتب وسياسي من سورية

_______________________

الديكتاتورية العلمانية التابعة: نموذج أتاتورك المنسي

مازن كم الماز

10/11/2009

هناك عدة قصص تتنازع حقيقة مصطفى كمال أتاتورك، من تلك التي تصوره كبطل عسكري 'خارق' 'حقيقي' وشخصية تكاد تضاهي شخصيات عصر التنوير الأوروبي، وبين القصة التي تقدمه كعميل للمخابرات الانكليزية وشاذ منحرف جنسيا، لكن خلف هذه القصص المختلفة جذريا يوفر أتاتورك لنا فرصة ثمينة، ونادرة، لتقييم المضمون الفعلي لما يعنيه التنوير أو النهضة التنويرية المتأثرة بالغرب (أو ما تسمي نفسها هكذا بينما يمكن لنا بدقة أكبر تسميتها بالتابعة للمركز الرأسمالي فكريا وسياسيا واقتصاديا) . من المؤكد أن الإصلاح والتغيير والنهضة أصبحت شعارات دارجة منذ القرن التاسع عشر، سواء بين النخبة الحاكمة أو المثقفة العربية كما التركية، ومن المؤكد أن الغرب الرأسمالي المتفوق دون شك، والمستعمر في نفس الوقت، كان هو مركز هذا الحراك الفكري والسياسي، وقد أنجب هذا الحراك عدة 'ثورات' منها التركي (1908) والعربي (1916) انتهت إلى تورط أكثر عمقا للمركز الرأسمالي في الشرق، وكانت هزيمة الدولة العثمانية من العمق بحيث أن المسرح أصبح معدا لتغيير جذري غير مسبوق، يتجاوز بمراحل هائلة ما حدث في ثورة 1908.

كالعادة كان التغيير من أعلى وجرى وفق مشروع نخبوي 'مدروس' (كالعادة أيضا)، بل إن ما جرى كان أكثر عنفا وجذرية من أبعد أحلام ورغبات معظم المصلحين من 'النخبة الحاكمة أو المثقفة'، لنذكر مثلا ما قاله سلامة موسى في مقالاته في (اليوم والغد المطبعة المصرية بدون بيانات إضافية) عن تفسيره لكونه 'كافر بالشرق مؤمن بالغرب' (ص 8)، ليس فقط في الفكر بل حتى في الهيئة، مفضلا اللباس الغربي كالقبعة على القفاطين (هذا بالضبط ما سيفعله أتاتورك بعد عدة سنوات) وداعيا لاستبدال اللغة العربية بالعامية المصرية (الذي سيفعله أتاتورك أيضا) . عندما انطلق أتاتورك والجزء من النخبة الذي التف حوله 'بإخلاص' أعمى يغير بحماسة نادرة كل شيء من الدين إلى التعليم إلى الطربوش (الذي استبدل بالقبعة) إلى أبجدية اللغة المكتوبة (التي أصبحت تكتب بأحرف لاتينية) إلى التاريخ الرسمي (الذي استبدل التاريخ الهجري بتاريخ غربي) وخاصة 'حقوق المرأة' التركية والقوانين الجديدة التي وضعت على أساس القانون السويسري والإيطالي إلى طباعة القرآن باللغة التركية، بدا كأن كل رغبات سلامة موسى وربما معه جزء كبير من النخبة أصبحت فجأة حقيقة واقعة، كأننا أمام ثورة بلشفية بذات الحماسة لكن مع مضمون مغاير جدا، حتى أن منظومة التعليم الجديدة التي حلت مكان المنظومة التقليدية وضعها (أو على الأقل ساعد في وضعها) جون ديوي الفيلسوف الأمريكي البراغماتي الذي سيطرت أفكاره على الفكر الأنغلو أمريكي حتى الستينيات، لا يمكن أن يوجد مثال يستحق مديح الليبراليين (أو النخبة التي تدعو إلى نهضة على النمط الرأسمالي الغربي) أكثر من نموذج أتاتورك هذا، وقد حظي الرجل بالفعل بمديح هائل لأفعاله هذه، مؤخرا فقط امتدحه باراك أوباما الذي زار قبره واستشهد به في خطابه إلى العالم الإسلامي الذي اعتبر أن أهم ما في تراث أتاتورك هو 'الديمقراطية العلمانية والقوية في تركيا'، وكان كلينتون من قبله قد أعلن 'دأبت تركيا ديمقراطية علمانية مستقرة وذات توجهات غربية على دعم جهود الولايات المتحدة الرامية إلى تعزيز عوامل الاستقرار' (1) .

هذا الثناء يريد محو حقيقة مهمة جدا عن الرجل، الذي كان ديكتاتورا حقيقيا بل واستثنائيا في همجية نظامه أحيانا، الحقيقة أننا أمام نموذج آخر للسلطان عبد الحميد لكنه علماني، إن لم يكن صورة أكثر قسوة وهمجية وحتى بدائية في بعض الأحيان، بعد 'دستور 1924' قام النظام على نظام الحزب الواحد، حزب حكومة أتاتورك : حزب الشعب الجمهوري، بعد وقت قصير في مواجهة تمرد الشيخ سعيد بيران عام 1925 جرى تمرير قانون 'الحفاظ على النظام العام' الذي منح السلطة سلطات استثنائية وفي ذلك الوقت انشقت مجموعة من أعضاء حزبه الشعب الجمهوري وشكلت الحزب الجمهوري التقدمي الذي أيد في المبدأ أفكار وسياسات أتاتورك لكنه عارض اشتراكية الدولة التي كان يمارسها بنوع مخفف من الليبرالية الاقتصادية . استغل أتاتورك محاولة اغتيال 'مزعومة' ضده عام 1926 ليعتقل ويحاكم كل خصومه المحتملين عمليا بما في ذلك بعض القادة المتبقين من قادة الاتحاد والترقي وقادة الحزب الجمهوري التقدمي الذي جرى حله بعد المحاكمات بتهمة دعمه لتمرد الشيخ سعيد، عام 1930 طلب أتاتورك من علي فتحي أكيار تشكيل حزب جديد وشدد عليه أن يلتزم بقيم نظامه الأساسية، هكذا تأسس الحزب الجمهوري الليبرالي الذي سرعان ما انتشر في كل مكان وأصبح مركزا للمعارضة لنظام أتاتورك لينتهي الأمر إلى أن يقوم أكيار نفسه بحل الحزب بعد شهور قليلة من تأسيسه خوفا من أن يتحول إلى معارضة فعلية للنظام، كان يجب الانتظار لعدة سنوات بعد موت أتاتورك ليصبح من الممكن تشكيل أحزاب منافسة للحزب الحاكم، أي الحزب الديمقراطي (تأسس عام 1945) والذي انتزع الأكثرية البرلمانية عام 1950 من حزب السلطة في أول انتخابات متعددة الأحزاب، لهذا معنى عميق فيما يتعلق بالموقف الفعلي للناس وحتى للنخبة (خارج مؤسسة النظام الحاكمة) من نظام أتاتورك . نقطة أخرى في البناء السياسي الاقتصادي للدولة الأتاتوركية تمثل في اعتماد سياسات تصنيع وتراكم رأسمالي تتطابق مع تلك التي استخدمها ستالين في العشرينيات والثلاثينيات والأنظمة العربية في الخمسينيات والستينيات، زراعة التبغ مثلا كانت تحت سيطرة مؤسسة الريجي التي أصبحت تحت سيطرة الدولة منذ عام 1925 وكان الحال كذلك بالنسبة للقطن ثاني أكبر محصول صناعي في تركيا . فقط في عام 1932 بدأت الشركات الخاصة بالظهور في صناعات النسيج والسكر والورق والفولاذ، بإِِشراف الاقتصادي سيلال بايار الذي سيصبح رئيسا للوزراء عام 1937 بأمر من أتاتورك . لكن بعد وفاة أتاتورك وتعيين رفيق دربه عصمت إينونو مكانه تفجر الخلاف بين بايار وإينونو بين تبني سياسات ليبرالية أو دولتية ليحسم الصراع لصالح سيطرة كاملة للدولة على الحياة الاقتصادية فاستقال رئيس الوزراء (أو أقيل) . النظام الأتاتوركي في مسعاه ليعيد إنتاج سلطته باستمرار منح المؤسسة العسكرية موقعا مركزيا أو حاسما في تحديد خيارات النظام 'بشكل دستوري' بعد أن دمجها في بينة مؤسسة الحكم المركزية واستخدمها كرأس حربة لفرض سيطرته بعد غياب الديكتاتور، هذا أيضا كان وراء التدخل الدائم للجيش في شكل انقلابات عسكرية عدة .

كانت التحولات التي قام بها أتاتورك تقوم على مركزية مطلقة لمؤسسة سلطوية، تماما كما كان الحال في الأنظمة العربية بعد الاستقلال، وفرضت من الأعلى بقوة القمع المفرط في أغلب الأحيان، وانتهت إلى تصاعد متسارع في قوة الدولة ومركزيتها وفي النهاية في تغولها على المجتمع، ليس هذا فقط، بل إن المعارضة، منذ بداية النظام الأتاتوركي، كانت تجمع بين معارضة الخطاب الإيديولوجي للنظام (ذا الشكل العلماني) وبين معارضة مركزية النظام، مثلا قام الحزب الديمقراطي بمغازلة القوى الريفية والإسلامية التي بقيت ترفض خطاب النظام العلماني ليتمكن من تحقيق الانتصار في انتخابات 1950، انتهاءا بوصول الإسلام السياسي 'الذي يسمي نفسه معتدلا' إلى السلطة أخيرا، إن معارضة النظام سواء إيديولوجيا أو سياسيا لم تكن فقط تعبيرا عن احتجاج شعبي ضد النظام، بل أيضا، وربما أكثر أهمية، تعبيرا عن احتجاج النخبة (خاصة الاقتصادية والاجتماعية) على سيطرة النظام الأحادية، يذكر تحليل مجموعة 5 مايو أيار اليسارية (2) لهذه المعارضة أن قسما هاما من قيادات الحركة الإسلامية التركية هم رجال أعمال، إضافة إلى علاقتهم المتميزة مع العربية السعودية ذات الدور المتميز في النظام الرأسمالي العالمي، يجب هنا أن نشير إلى واقع أن قسما من النخب الصناعية والتجارية دعمت الحركة الإسلامية الصاعدة في مصر مثلا كمحاولة للتخلص من ظل حاشية النظام الفاسدة التي فرضت عليها أن تعمل وفقا لشروط ابتزاز مستمرة لصالح تلك الحاشية قبل أن يجري احتواء هذه القسم من النخبة الاقتصادية وإضعافها وحتى إجبارها على الهجرة لصالح نخبة جديدة موالية للنظام خاصة ابن الرئيس مبارك، إضافة إلى الدور السياسي المتعاظم للبرجوازية المحلية المرتبطة بالمركز الخليجي المالي الاقتصادي مثلا في لبنان حيث الدولة المركزية ضعيفة والمهمش مصريا وسوريا وفي كل مكان يواجه مؤسسة دولتية مهيمنة غير مستعدة لتقاسم سيطرتها المطلقة على السلطة والثروة، إلى جانب ملاحظة أن صعود الحركة الإسلامية سياسيا كان في الواقع، ويا للسخرية، نتيجة للسياسات النيو ليبرالية التي جرى إتباعها بعد انقلاب 1980 العسكري (3) التي عززت قوة رأس المال الخاص الاقتصادية ودفعته للبحث عن حليف أو ممثل سياسي . إن النيو ليبرالية كما يشير ديفيد هارفي هي مشروع سياسي اقتصادي متكامل لاستعادة السلطة الطبقية من قبل الرأسمالية الغربية من التحالف الطبقي مع أرستقراطية الطبقة العاملة في دولة الرفاه التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية والتي كانت مصدر فخر النظام الرأسمالي في تأمين مستوى معيشي مرتفع حتى للبروليتاريا أمام نموذج الدولة الستالينية في صراع الحرب الباردة، لكن في أطراف النظام الرأسمالي العالمي تخدم النيو ليبرالية أغراضا مختلفة وطبقات مختلفة، منها تعزيز سطوة الأنظمة القائمة بالفعل كما في مصر وسوريا واليمن وليبيا وحتى في دول أفريقيا ذات الفقر المدقع، ومنها خلق هذه السلطة الطبقية كما جرى في روسيا والصين (4)، يمكن إضافة تركيا لهذا النمط الأخير حيث أعادت السياسات النيو ليبرالية بالفعل تشكيل السلطة الطبقية خارج النظام القائم، وكما هو في كل مكان طبقت فيه السياسات النيو ليبرالية تفاقمت حدة الانقسامات الطبقية بشدة، تركيا ذات النظام الأكثر 'ديمقراطية' اليوم كما توصف هي نفسها تركيا التي تشهد تباينات (إذا استخدمنا لغة مهذبة) طبقية هائلة، وفقا لتقرير نشرته مجلة فوربس يوجد في استانبول العاصمة الاقتصادية لتركيا في آذار مارس 2008 35 ملياردير (مقارنة ب25 عام 2007) لتحتل استانبول بذلك المركز الرابع بين مدن العالم بعد موسكو (74 ملياردير) ونيو يورك (71 ملياردير) ولندن (36 ملياردير) متفوقة على هونغ كونغ (30 ملياردير) ولوس أنجلوس (24) ومومباي (20) (5) .

يجب هنا ملاحظة أن المديح الذي تزايد مؤخرا للنموذج التركي للتعايش بين علمانية فرضت من الأعلى وما تزال مفروضة بقوة مؤسسات الدولة الشمولية خاصة المؤسسة العسكرية وبين سلطة تعززها النيو ليبرالية من جهة وتحظى بقبول جماهيري هام تنادي بخطاب معارض، إسلامي، في زمن الحرب على الإرهاب، الذي شيطن الأصولية وحولها من شريك في الحرب على الشيوعية إلى عدو رئيسي في طريق التحول إلى الإمبراطورية، هذا المديح تجاهل تماما الطبيعة الفوقية الشمولية والعنفية لعملية التحول التي قام بها النظام الأتاتوركي، وهي تماثل تماما النموذج الستاليني والقومجي العربي الذي تنتقده النخبة أو تحاول التنصل منه، إن هذا التطابق من جهة والمديح الذي يكال للديكتاتورية الأتاتوركية إنما يؤكد أن مشاريع التحديث أو التنوير أو التحويل إنما كانت منذ بدايتها وحتى اليوم، مشاريع نخبوية، بل وكانت دوما تستخدم كتبرير وكخطاب سائد لمشاريع سلطوية شمولية استبدادية اعتبرت نفسها ضرورية، ولو مؤقتا، لإحداث التغيير المطلوب، انتهت دوما إلى نقيضها، إن ما يسمى بالصحوة الإسلامية ليس إلا نتيجة مباشرة لأزمة الأنظمة العلمانية والحداثية أو التحديثية لما بعد الاستقلال، إنها وليدة تلك الأنظمة، رد فعل الشارع وجزء هام من النخبة الاقتصادية والاجتماعية على سيطرة تلك الأنظمة المطلقة سياسيا واقتصاديا وإيديولوجيا، من جهة أخرى فإن بوادر الأزمات الاجتماعية المستعصية والتراجعات الاقتصادية الشاملة باتجاه تعزيز أشكال طفيلية من النشاط الاقتصادي ليست إلا نتيجة مباشرة أيضا لسلطة مطلقة نخبوية استمدت شرعيتها لبعض الوقت من زعمها ريادة مشروع نخبوي حداثي أو تحديثي قام على تغول السلطة على المجتمع وانتهى بشكل منطقي إلى ديكتاتورية فاسدة عاجزة تقوم بنهب هذا المجتمع كشكل وحيد للحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، إن أية نتيجة مختلفة ترتبط أساسا بحاجات النظام الرأسمالي العالمي لمراكز للإنتاج البديل الرخيص عن الإنتاج المكلف في المركز أكثر منه بنجاح السياسات النيو ليبرالية وبشكل غير مستقر من توسع رأس المال وانتشاره، تماما كما يؤكد سقوط وفشل مشاريع الحداثة الفوقية النخبوية أن محاولة تحديث البنى الاجتماعية والأنساق الفكرية السائدة عبر 'أنظمة فوقية شمولية' تعلن أنها 'غير تابعة' أو معادية لأي شكل من التبعية للمركز الرأسمالي العالمي قد باء بالفشل، وأدى في النهاية إلى تكريس التبعية وإلى عكس الحداثة على الصعيد الشعبي، أي على صعيد الأنساق الفكرية الشعبية السائدة، هذا يؤكد أن مواجهة الرأسمالية ليس حالة إيديولوجية بل على العكس.

لقد أدت 'الإيديولوجيا المعادية للرأسمالية' بشكلها الشمولي إلى إحياء الرأسمالية وتعزيزها محليا وعالميا، وهنا تبدو أشكال شمولية 'جديدة' أحدث مرشحة لدور مشابه لديكتاتورية أتاتورك في المستقبل، خاصة في إطار 'الحرب على الإرهاب'، مع الصراع المرير بين النظام الرأسمالي العالمي وحلفائه السابقين الأصوليين في إعادة لتاريخ العلاقة بين السادات والجماعات الإسلامية التي صعدت بدعم منه ودعمته هي أيضا ضد خصومه الناصريين واليساريين قبل أن يدخلا في صراع مرير خسر فيه السادات حياته لكنه تمكن أخيرا، متمثلا بنظامه، من كسر عظم هذه الجماعات وتقليم مخالبها وعمليا القضاء عليها كبديل عن النظام، لكن مثل هذه الحداثة لن تتجاوز القشرة التي توجد على سطح المجتمع ووسائل إعلام السلطة وأوساط النخبة التي تزداد عزلة . تماما كتنقل الخطاب الرأسمالي المستمر بين الكنزية والليبرالية المطلقة نتيجة لأزماته الداخلية تستمر النخبة بالحركة النواسية بين الدعوة لتطبيق تحديث فوقي جذري يعلن صراحة التبعية للغرب الرأسمالي كشكل وحيد مممكن للتحديث الحقيقي وبين مقاومة هذه التبعية كمدخل ضروري لمثل هذا التحديث الذي سينتهي كما جرى مع الأنظمة القومجية إلى عكس التحديث وإلى تعزيز التبعية، في متوالية تستعيد قوتها باستمرار من فشل وأزمة الشكل الراهن للمشروع النخبوي، هنا وفقط لأحاول الإشارة إلى بديل آخر مختلف، يختلف الموضوع تماما عندما يقرر الناس بكل حرية بعد نقاش حر فعلا طريقهم إلى حياة أفضل...............

' كاتب سوري

المراجع

(1) المعلومات السابقة والتالية عن العرض التاريخي لنظام أتاتورك مأخوذة عن

//en.wikipedia.org/wiki/Turkey

(2) Fundamentalism، Nationalism and Militarism in Turkey، 5 th May Group، 19 July 2005، from www.anarkismo.net

(3) Crisis In Turkey and the perspective for the left، October 2007، from www.anarkismo.net

(4) ديفيد هارفي، الليبرالية الجديدة، إصدار مكتبة العبيكان، ص 34

(5) نقلا عن المصدر الأول، عن Wikipedia .

__________________________

خطيب الأقصى يذكّر الغافلين

رشيد حسن

الدستور

10-11-2009

فند الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى المبارك ، الأكاذيب الصهيونية ، وأشر على كثير من الحقائق حول الأخطار التي يتعرض لها المسجد ، والمؤامرات الصهيونية التي تستهدفه ، منذ أن أقيم الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية ، ولا يزال العدو يستغل الدعم الأميركي المطلق ، والنفاق الغربي ، والحالة الفلسطينية البائسة ، والوضع العربي المزري لفرض مخططاته وأهدافه الخبيثة.الشيخ صبري الذي استضافه منتدى الدستور ، أماط اللثام عن حقيقة مهمة ، وهي أن الأنفاق التي شقها الاحتلال الصهيوني تحت المسجد ، وتحت المباني الوقفية ، بحجة البحث عن بقايا الهيكل المزعوم ، أسفرت عن اكتشاف آثار بيزنطية وعربية ، ولم يكتشف حتى الآن أي أثر يهودي ، ولو مجرد "فخارة" ، ما يؤكد أن "الهيكل" لم يبن في القدس ، وهذا في حد ذاته يدعم وجهة نظر المؤرخين ، الذين أكدوا بأن اليهود لم يقيموا دولتهم في فلسطين ، خلال العصور القديمة ، وأن التوراة نزلت في اليمن ، كما يقول الباحث العراقي فاضل الربيعي ، في كتابه "فلسطين المتخيلة" ، أو في عسير بجنوب الجزيرة العربية ، كما يقول الدكتور كمال الصليبي ، وأن الأكاذيب والافتراءات التي تروج لها إسرائيل والغرب ، ما هي إلا تفسيرات محرفة وملتوية للتوراة ، أطلقها المستشرقون الغربيون لأغراض استعمارية ، وعممواها على العالم لخدمة أهدافهم.هذه الحفريات والأنفاق أدت إلى تعرية أساسات وأعمدة المسجد ، ما يعرضه للانهيار ، كما يؤكد سماحته ، في حالة حدوث زلزال خفيف كما يؤكد ذلك الخبراء والمهندسون الذين اطلعوا على أوضاع المسجد ، وهذا ما يسعى إليه الصهاينة حيث سيدعون حينها بأنه انهار نتيجة عوامل طبيعية..،،.وفي هذا السياق أشار خطيب الأقصى في لمحة ذكية ، الى أن المسلمين حينما فتحوا القدس لم يجدوا أية آثار ، أو كنس يهودية ، في حين وجدوا كنائس مسيحية ، وهذا ما جعل الخليفة عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، يتعهد بحماية هذه المعابد ، وقام المسلمون بالحفاظ عليها طيلة مدة حكمهم ، ولو وجد كنس يهودية لأمر بالحفاظ عليها.والحقيقة الأخرى التي أكد عليها ، وهي في تقديرنا حقيقة مفصلية ، بأن القدس والأقصى ، غير خاضعين للمباحثات أو المساومة ، ولا يملك أحد أن يتنازل عن ذرة من ترابهما ، مؤكدا أن "التدويل" الذي يرفعه البعض أحيانا ، هو أخطر من الاحتلال ، لأن التصدي للاحتلال ممكن ، في حين أن التصدي للمجتمع الدولي بأسره غير ممكن.حقائق كثيرة ، ومعلومات مهمة كشف عنها الشيخ عكرمة ، وهي في مجملها تؤشر على حقيقة الصراع مع العدو الصهيوني ، والذي لن ينتهي إلا بتحرير الأرض ، وهذا يستدعي من العرب والمسلمين ، إعداد الخطط الكفيلة بفك أسر بيت المقدس والأقصى من نير الاحتلال الصهيوني ، بعد أن ثبت بأن الإدانات والاستنكار والشجب أغرت العدو ، فقام برفع وتيرة العدوان ، وبشكل يومي على المدينة والأقصى.باختصار.. المرابطون في القدس أوفوا بعهدهم ، فهل ستفي الأنظمة العربية بوعودها؟؟ ، سؤال برسم الاجابة."فأما الزيد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض". صدق الله العظيم.

Rasheed_hasan@yahoo.com

التاريخ : 10-11-2009

_______________________

لماذا تثير الصين سُخط إفريقيا

وقلق أميركا وأوروبا؟!

المستقبل - الثلاثاء 10 تشرين الثاني 2009

توفيق المديني

رغم المجزرة التي ارتكبتها القوات العسكرية الغينية يوم عيد الاستقلال الوطني للبلاد، عندما فتحت النار على نحو 50 ألف متظاهر اقتحموا مجمعاً رياضياً في العاصمة كوناكري بعدما رفضت السماح لهم بالتجمع احتجاجاً على ترشح حاكم البلاد النقيب موسى داديس كامارا - الذي نجح في الاستيلاء على السلطة في انقلاب عسكري أعقب وفاة الرئيس السابق لانسانا كوتيه في شهر كانون الأول من العام 2008 - للانتخابات الرئاسية في شهر كانون الثاني 2010، موقعة ما لا يقل عن 157 قتيلاً و1253 جريحاً، فإن جمهورية الصين الشعبية استأنفت مساعيها الدؤوبة لمد نفوذها في غينيا، عندما انخرطت في استثمارات تبلغ قيمتها ما بين 7 و9 مليارات دولار.

لم تخف الصين مصالحها المباشرة واهتمامها الكبير في غينيا، التي تمتلك الاحتياطات الأولى في العالم من مادة البوكسيت، إضافة إلى مناجم ضخمة لاستخراج الحديد والذهب والألماس، وفوق كل ذلك هناك النفط واليورانيوم والخشب. وهذا ما يفسر لنا أهمية العقد الذي وقعته الصين مع الطغمة العسكرية الحاكمة المحرومة من المساعدات الخارجية، والذي يعتبر من أكبر العقود على الإطلاق التي تم توقيعها في القارة السمراء، ومع بلد يعتبر من أفقر بلدان العالم.

إذا كان المد الصيني في افريقيا رُحِبَ به بحماسة شديدة في وقت من الأوقات، فإنه يثير القلق لدى الدول الإفريقية اليوم. ففي نيجيريا تلقت الصين الصفعة الأولى، لكنها ليست الأخيرة، على صعيد القارة الإفريقية. فمن خلال استغلالها الصراع القائم بين السلطات النيجيرية والشركات النفطية العملاقة المتغلغلة في نيجيريا منذ ما يقارب نصف قرن: شيل، شيفرون وإيكسون موبيل، رفضت الحكومة النيجيرية في نهاية أيلول الماضي العرض الصيني لشرا ء 6 مليارات دولار من النفط.

مجلة السياسة الخارجية "فورين أفيرز" (عدد نيسان 2009) نشرت دراسة مستندة إلى مقولات كتاب الخبير الدولي الأستاذ هاري برودمان، المستشار الاقتصادي لدى البنك الدولي والمتخصص في الشؤون الإفريقية، الذي أصدر كتاباً مهماً منذ سنتين يحمل العنوان التالي: "طريق الحرير في افريقيا: الحدود الجديدة للصين والهند". وترصد الدراسة الاتجاهات وتطرح الأفكار على النحو التالي: إن النشاط الاقتصادي بين افريقيا وآسيا (الصين + الهند بالذات) يعيش حالة من الازدهار في الوقت الراهن.. لقد أقامت الصين علاقات مع أرجاء القارة في مرحلة ما بعد الموجات الكولونيالية، ولا سيما في مجالات الهياكل الأساسية والاستثمار، إلا أن مطالع هذا القرن الحادي والعشرين جاءت لتشهد زيادة سنوية في صادرات افريقيا (جنوبي الصحراء الكبرى) إلى الصين بلغت 48 في المئة بين عامي 2000 و2005. ولكي نقدّر حجم هذه الزيادة الباهرة نقول إنها جاءت لتمثل قرابة 3 أضعاف مثيلتها من صادرات افريقيا السمراء إلى أميركا و4 أضعاف المثيل من صادراتها الى دول الاتحاد الأوروبي عن نفس السنوات الخمس المذكورة في بدايات القرن الجديد.. وبديهي أن يكون جزء لا يستهان به من هذه الزيادة المرموقة متركزاً في قطاع الصناعات الاستخراجية من قبيل إنتاج البترول ومعادن أخرى من تربة القارة الافريقية.

وتحتل افريقيا المرتبة الثانية في تزويد الصين بالنفط (27 في المئة)، خلف الشرق الأوسط (39 في المئة)، وبالمقابل تمثل الصين السوق الثاني لافريقيا (19 في المئة)، خلف الولايات المتحدة (37 في المئة). وفضلاً عن ذلك، فرض الصينيون أنفسهم كأكبر مستهلكين للمعادن متجاوزين الأميركيين، فهم يستوردون البلاتين من جنوب افريقيا وزيمبابوي، والنحاس والحديد من أنغولا وجمهورية الكونغو الديموقراطية. فقد قفزت الواردت الصينية من المعادن الافريقية خلال الفترة الممتدة من 2000 إلى 2007، من 286 مليون دولار إلى 2، 6 مليارات دولار.

في البداية، كانت المساعدات الصينية لافريقيا محط ترحاب، أما في زمن العولمة الليبرالية والاسثتمارت والسوق المفتوحة فلم يعد الأمر كذلك، لأن الصين تساند موضوعياً الأنظمة الاستبدادية بتغليبها مصالحها الاقتصادية وصمتها عن انتهاكات حقوق الإنسان في افريقيا.

التغلغل الاقتصادي الصيني الكبير في افريقيا أصبح مُنتَقَداً من جانب الأفارقة، فلا يجوز أن تخرج افريقيا من النيوكولونيالية الغربية لكي تسقط مكتفة اليدين والرجلين في النيوكولونيالية الصينية، حسب تحذير رينيه نغوتيا كواسي، مدير الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الافريقي. إضافة إلى ذلك، ترى الدول الغربية أن الانتعاش الاقتصادي الذي حظيت به الصين أخيراً في ظل تراجع اقتصاديات الغرب الكبرى، فضلاً عن تعهد بكين بدعم القارة خلال الأزمة العالمية، يهددان مواقعها في افريقيا.

______________________

الشريك الذي لا يجد شريكاً

المستقبل - الثلاثاء 10 تشرين الثاني 2009

افرايم سنيه

(وزير سابق عن حزب العمل)

في بيانه الذي أعلنه الاسبوع الماضي، والذي جاء فيه انه لن يُقدم ثانية ترشحه لمنصب رئيس السلطة الفلسطينية، يبتعد محمود عباس عملياً من منصبه غير الرسمي: رائد الحوار نحو الاتفاق مع اسرائيل. الشريك، كما اعتادوا على القول عندنا.

ثمة حاجة، كما أن العدل يفرض علينا، ان نذكر اي طريق اجتازه هذا الرجل حتى خطابه الذي ألقاه في المقاطعة، يوم الخميس الماضي:

في ايار 2002، هاجم ابو مازن الانتفاضة الثانية، التي كانت في حينه في ذروتها. وهو هاجم الاستخدام الذي لا معنى له للارهاب ودعا الى العودة الى طريق المفاوضات. في نيسان 2003، صادق على مسودة اتفاق صغتها مع اثنين من ممثليه وحملت اسم "نموذج غزة". هذه الخطة اهتمت بانسحاب اسرائيلي من غزة، بعد سنة تسيطر فيها السلطة بالتدريج على القطاع وتقتلع الارهاب. سُلمت هذه الخطة الى رئيس الحكومة ارييل شارون، ولكنه رفضها. وبدلا منها توجه الى الخطة احادية الجانب، والتي كما هو معروف لم يشترط فيها الانسحاب الاسرائيلي بتصفية الارهاب.

في ايلول 2003، استقال ابو مازن من رئاسة الحكومة، كخطوة تحد ضد ياسر عرفات وسياسته. في تشرين الثاني 2004، مات عرفات، الرجل الذي قيل عنه انه "طالما كان في المقاطعة فلن يتقدم شيء". ابو مازن انتخب بدلا منه، في كانون الثاني 2005 باغلبية 62 في المائة. حكومة اسرائيل لم تستغل هذا التبادل. الانسحاب من غزة لم يُعط لابو مازن كبادرة طيبة كان من شأنها بان تعزز وضعه جدا مقابل حماس. غزة اعطيت لحماس، من طرف واحد. والنتائج معروفة.

في تموز 2005 صادق ابو مازن على وثيقة تفاهم، صغتها مع احد كبار مسؤولي فتح، الذي عينه هو لهذا الغرض. كانت الوثيقة تهدف لان تُشكل برنامجا سياسيا لمفاوضات متجددة على اتفاق دائم وأن تكون معروضة في موعد قريب من الانتخابات في اسرائيل وفي السلطة الفلسطينية كوثيقة مشتركة لفتح ولحزب العمل. وقد تضمنت المبادئ المتفق عليها للتسوية الدائمة والقائمة الطويلة من المواضيع غير المتفق عليها، والتي يتعين البحث فيها في المفاوضات. انتصار حماس في انتخابات كانون الثاني 2006 جعل هذا الاتفاق عديم القيمة العملية.

في 19 نيسان 2006، بعد الانتخابات في اسرائيل وقبل اداء حكومة اولمرت اليمين الدستورية، التقيت مع ابو مازن في منزله في رام الله. وطلب أن تُستأنف فورا المفاوضات مع الحكومة عندما تُشكل، وايجاد تماس فوري مع من يقرره رئيس الحكومة كرجل ارتباط بينهما. نقلت فورا مضمون حديث بكامله الى مكتب رئيس الحكومة. فجاء الجواب بأنه ليس لرئيس الحكومة اية مصلحة في مثل هذا الاتصال. بعد سنة ونصف السنة فقط من ذلك عقد مؤتمر أنابوليس. في ايلول 2008 توصل ايهود اولمرت وابو مازن الى تفاهمات من شأنها بأن تحقق اتفافا. ولكن في هذه الاثناء وقع "انقلاب  تالنسكي" ولم يعد اولمرت قادرا على عرض هذه التفاهمات للحسم.

الرجل لم يشعر باليأس منّا فقط، الذي كما يفيد التسلسل الزمني للاحداث التي اوردتها، تمسك بطريق المفاوضات بشجاعة. الدول العربية ادارت ظهرها للمشكلة الفلسطينية وبعضها "يمارس العهر" مع حماس. الولايات المتحدة تظهر ليناً ونزعة مصالحة لا تؤدي الى اي نتيجة.

ذهاب ابو مازن، الشريك الاكثر شجاعة الذي كان لنا، هو بقدر كبير نتيجة تفويت الفرصة من قبلنا. نتيجة الغرور، التعالي وانعدام الاهتمام بما يجري فقط على مسافة 5 كيلومترات من مقر الحكومة في القدس.

انصراف ابو مازن من قيادة الاتصالات مع اسرائيل هو بشرى لمن يخشى حل النزاع ومن هو غير مستعد لان يدفع ثمنه. كل الآخرين، الذين لا يزالون يفهمون قليلا العالم الذي نعيش فيه ويخافون على مصير الدولة اليهودية فان هذا رنين جرس الاستيقاظ.

("هآرتس" 8/11/2009)

ترجمة: عباس اسماعيل

_______________________

سوريا  تركيا: عودة العثمانية أم إقليم جديد يتأسس؟

ميخائيل عوض

السفير

10-11-2009

العثمانية عائدة، بل العثمانية بائدة، والعود أحمد.. وقول البعض سارٍ ألا ليت الشباب يعود يوما.

عاصفة ضربت في المساحات الإعلامية، وفي ساحات اهتمام السياسيين والمحليين، فأوصدت أبوابا كانت مشرعة لقرن، وفتحت بوابات على مصاريعها، فأربكت إسرائيل وقادتها، وهزت تحالفاً استراتيجياً لنصف قرن ونيف.. وطاولت شظاياها بعض العرب وسياساتهم.

تركيا تنعطف شرقا وجنوبا، وتنفتح على العرب والمسلمين، وتعلق مشاركة إسرائيل في مناورات نسر الأناضول وتفقد سلاح الجو الإسرائيلي أهم عمق للتدريب والإعداد، ورفضت من قبل برغم قاعدة انجرليك، والعلاقات الاستراتيجية الأميركية التركية استخدام أراضيها لغزو العراق، ما عجز عنه أغلبية العرب، ورفضت برغم عضويتها في الأطلسي والضغط الإسرائيلي أن تحاصر سوريا، فحصار سوريا من وجهة نظرها يفجر المنطقة ويغير معالمها، ثم رفضت العدوان على غزة، ولمعت نجماً في تصدي رئيس وزرائها لرئيس إسرائيل في منتدى دافوس، ثم ضربت ضربتها المؤلمة بحرمان الطيران الإسرائيلي من التحليق في فضائها.

تركيا تتأسس من جديد، وتسهم في تأسيس جديد في الإقليم بوابتها إلى العرب شرقا وجنوبا وغربا، ورصيدها الإسلام وشعارها بيت المقدس وفلسطين.

تأسس حزب العدالة والتنمية 2001 ووصل إلى السلطة في تشرين الثاني 2002 بأغلبية حاكمة بنتيجة انتخابات مبكرة فرضتها أزمة حكومة أجاويد تحت ضغط الخلافات والتباينات فيها، وعجز الطبقة السياسية من الإحاطة بتفاعلات الأزمة الاقتصادية التي ضربت تركيا، ووضعتها على شفير انهيار أو تسليم قيادها لصندوق النقد الدولي، واستمر في الحكم يعزز رصيده الشعبي ويسقط المحاولات لإسقاطه حتى الساعة ويتعمق نفوذه وتزداد قوته الثالثة ثابتة، وعندما تتكرر الظاهرة مرات ثلاثاً تصبح قانون، فتركيا رفضت الخضوع ورفضت استخدام أراضيها لغزو العراق، ثم امتنعت ومنعت حصار سوريا، فتبنت حماس وقضيتها، ودافعت عنها، وأوقفت الوساطة بين إسرائيل وسوريا ردا على خديعة أولمرت، وعلقت الكثير من العلاقات مع إسرائيل على فك الحصار عن غزة، ووقف تهويد القدس، وإيجاد حلول للصراع العربي الصهيوني تنسجم مع القرارات الدولية.. ولم توافق يوماً على ضرب إيران، وأسهمت في إسقاط حلف الاعتدال العربي الإسلامي، سني الطابع لتغطية فتنة مذهبية... خط سير واضح، وثبات، وتوثب، بلغ حداً نوعياً في فتح الحدود مع سوريا، وإلغاء التأشيرات مع دمشق والدوحة، خطوات نوعية تأسيسية سريعة تلبي احتياجات طال زمن انتظار خطواتها ومساراتها.

وحزبها الحاكم، علماني مؤمن، ديموقراطي يعود للناس في قضايا الفصل، ويقف على رأيهم في السياسات الخارجية، وعندما لم يعد يحتمل الأتراك صورة الاعتداءات والغطرسة الإسرائيلية كان لا بد من صفعة تلامس قرار فك التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل والذرائع كثيرة: الخلافات على مسائل عسكرية وصفقات إلى تلبية حاجات الناس والانسجام مع مواقفهم وصولا لفك الحصار الظالم عن غزة، وكلها تصب في طاحونة واحدة تجزم برغبة بل حاجة تركيا لفك التحالف والتحرر منه استعدادا وتمهيدا لانتقال يراه الإسرائيليون أخطر مما أنتجته الثورة الإسلامية في إيران من تحولات وهم على حق ومعرفة بالحقائق والتاريخ والظروف والخاصيات.

لحزب العدالة نظرية، ومنظر في الشؤون السياسية والدبلوماسية، بلغ موقعه عن حكمة ومعرفة، ولمشروع، هو عينه وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو صاحب كتاب المدى الاستراتيجي، يضع رؤيته موضع التطبيق العملي وبالسرعة الكلية اللازمة، فالزمن زمن الأسود والغزلان، والحق أن أضعف الغزلان يجب أن يركض أسرع من أقوى الأسود أو مات نهشاً، وأضعف الأسود يجب أن يلحق بأقوى الغزلان وإلا مات جوعا.. والوقت كالسيف أن لم تقطعه قطعك ...

هذا في التوصيف، والتعرف إلى العامل الذاتي، العاقل والذكي والحيوي، ونتائج ما فعل، وعن الأزمة الاقتصادية وإفلاس الطبقة السياسية القديمة، والشهادات بالغلة الاقتصادية الوافرة المحققة من الانفتاح شرقا وجنوبا، أما عن الظروف الموضوعية والحاجات والضرورات فيمكن رصد الآتي:

1 تركيا ذهبت إلى الخيار الأوروبي شكلا ومضمونا مع الأتاتوركية تيمناً بتجربة أوروبا الصاعدة بداية القرن المنصرم، وخروجاً مستعجلاً على تخلف العثمانية، وما آلت إليه فانبهرت وحاولت التقليد...

2 تركيا الخارجة من الحرب العالمية مهزومة، يتصيدها الروس والاتحاد السوفياتي ونموذجه الشيوعي، ترتمي في أحضان الحلف الأطلسي ولها فيه هدفان، الحماية، والدعم والحلف، يدعمها كخط دفاع أول يجب أن تكون واجهة جميلة وجذابة لتحمي نفسها وتغري شقيقاتها من الجمهوريات السوفياتية الإسلامية..

3 تركيا المهزومة في مواجهة أوروبا، تنظر إلى نفسها ضعيفة، تريد تسلق القطار ولو في آخر قاطراته قبل أن يفوتها الزمن، فتقبل أية شروط، ما دام المشروع الأميركي الأطلسي صاعداً، وصغيره الإسرائيلي يتعملق فتقع في حلف مع الأطلسي وحلف استراتيجي مع أميركا وحلف مع إسرائيل لتتشكل قاعدة صلبة متساندة مع إيران الشاه، وإسرائيل وباكستان، وإثيوبيا كمنصات ارتكاز لمشروع الغرب الانكلو /ساكسو/ صهيوني يعبث بالمنطقة العربية ويسقطها لينهبها ويبدد قدراتها وطاقاتها.

4 والعرب في حالة أزمة، وانقسامات، والقطبان الدوليان يستخدمانهم، وقد أخطأوا مع تركيا بسعيهم للتحرر منها وامتلاك دولتهم الوطنية، بوهم أن الغرب يدعمهم ثم انقلب عليهم وخدعهم. لا ترى بهم تركيا قوة ولا فرصة، ولا من يحزنون.

5 بينما الوقوف على أعتاب الاتحاد الأوروبي واستجداؤه، وتلبية كل شروطه جواز مرور إلى العالمية والتقدم. فالتطلع إلى الوراء لا يجلب إلا الفوضى والتخلف والنزف كحال العرب في ما بينهم ومع الجيران الأقربين.

[[[

هي ظروف ودوافع، وأسباب ومصالح وضعت تركيا في المكانة التي كانت، أما بعد فتغير الحال وتركيا بموقعها الاستراتيجي الحاكم تنشطر عاصمتها بين القارتين، وتتربع على مربع خطوط النقل، واتجاهاته الأربعة، وهي في بنية إثنية خلاقة، وانتربيولوجية حافزة، وشباب يغلي ويبدع، يتعلم ويلتمس الحقائق لا بد أن تتغير انسجاما مع المتغيرات وتلبية للحاجات، والأسباب الدوافع عديدة منها:

1 سقط الاتحاد السوفياتي وتراجعت الشيوعية ولم تعد خطراً على أحد، وانكفأ الغرب عن تبني ودعم وتخصيص تركيا كواجهة لعرض يغري الآخرين، وصارت مجرد مستعمرة تنهب وتُلبرِل، وتفرض عليها قيادات من نمط موظفي صندوق النقد والبنك الدولي.

2 شن الغرب حملة على الإسلام وقيمه، وأعلن حرب الحضارات والأديان، فأصيبت تركيا بأخطر السهام، وغزو العراق وأفغانستان، ومشروعات التفتيت الإثنية والدينية والمذهبية خطر يدمر تركيا، ويذيبها إن نجح كأول من يصاب، ثم صدت أبواب الاتحاد الأوروبي، في الحين ذاته فتحت على مصراعيها أمام أوروبا الشرقية، والحافز لن تدخل تركيا النادي المسيحي كلاما معلنا وممارسة فاقعة.

3 إيران المتمردة، والساعية إلى تحرير بيت المقدس تماسكت، وتعاظم دورها وشأنها وصارت قوة إقليمية يلامس الغرب الاعتراف بشرعيتها ومصالحها، بينما لا يعامل الحلفاء بالمثل.

4 والمقاومات العربية تصنع انتصارات، وتستنزف الغرب، وتهلكه، وخطه البياني في المنطقة والعالم يهبط بعد أن بلغ ذروة الهيمنة الأحادية ومثالبها، ومنها ما أصاب تركيا نفسها وأحيانا كاد يقتلها.. وصار خيار ركوب القاطرة الأخيرة عبئا محفوفا بصدامات تدمي إن لم تقتل، فلماذا البقاء في القارب الغارق ما دام هناك فرصة قيادة مركب يتحول إلى أسطول قاطر.

5 والليبرالية الاقتصادية بتفاهمات واشنطن وموظفيها اختبرت وأنتجت إفقارا وانهيارات، والأزمة الاقتصادية الرأسمالية حافز للبحث عن الفرص والأسواق، والأموال والموارد وكلها في الجنوب والشرق امتدادا إلى أطراف آسيا وتركيا في وسطها على خط تماس بين المسلمين والأطلسي والقوات الأميركية، ونموذج باكستان يحكي عن نفسه بلا رتوش...

تركيا تغيرت، وهي في طريق تغيير يسهم في تغيير الإقليم، وبيئته، ودوره ومستقبله، وتفاعله مع متغيرات العالم وتوازناته الجديدة، فهل هو سعي للعثمانية؟

[[[

لتكون عثمانية، يجب أن يكون امتداد لإمبراطوريات طابعها ومادتها عرب وفرس وأكراد، وحاملها كتاب مقدس، وحروف لغة، وقيم، ونمط حكم، وثقافة قيم، وبيئتها وراثة ما كان من نفوذ وسطوة وحضور، ويجب أن يعود العالم إلى ما كان عليه قبل تسعة قرون ونيف.. وهذا لن يكون..

فالعرب، ينهضون، يقاومون، ويهزمون الغرب وإن لم يمتلكوا بعد مشروعهم للنهوض والقيام.. والإيرانيون قوة مرهوبة، ومتمكنة، وساعية بجد واجتهاد لمكانة تحت الشمس في قلب العالم المحرك للأحداث، وميزان توازن قواه يتحكم بحركة الهبوط والصعود للإمبراطوريات والقوى العظمى.. والتحالف بين سوريا وإيران راسخ لا يهتز وإن اعتورته بعض العقبات والصعاب وربما الإشكالات على نحو التناقض في الوحدة، وسوريا المستقوية بتركيا كانت قد صمدت في وجه أعتى وأخطر وأسوأ حقبة في تاريخيها لم ترفع الراية البيضاء، ولا بدلت بثوابتها والتزاماتها برغم الصعاب والعصاب، والتضامن العربي هدف ثابت بين أهدافها ومعالم عودة المياه لمجاريها واضحة في تبادل الزيارات مع السعودية وما بلغته القمتان الأخيرتان من مرتبة ..

والصراع العربي الصهيوني، المفصل المتحكم في الصعود والهبوط، وفي تحريك دفات الأشرعة ما زال عربياً بامتياز، ولو استمرت مصر تحاصر غزة فذلك إلى حين كما في موقف السلطة الفلسطينية والأردنية، ما دام التغيير ساريا في أوصال السعودية وبين الدوافع الانشغال بأحداث اليمين والصومال، والتحوط من تراجع هيمنة الغرب، بما يقتضيه الأمر من تلزيم سوريا ببلاد الشام وإدارة شؤونها وتسوية أزماتها بالحسنى على قول التاريخ بين الشام والحجاز حبل سرة، وطوق نجاة.

تخرج تركيا من الجغرافية لتعود إلى تاريخها ولتقرأ في كتاب المستقبل، وبيئتها تتغير فتسهم في تسريع المتغيرات وقلب التوازنات.. لكنها ليست العثمانية ولا تستطيع استعادة عهد سلطنة ولى ولا يعود..

هي تركيا تعود، فكيف تفهم العلاقات السورية السعودية: فراغ يبحث عن العرب، فهل يحضرون؟

وما مستقبل العلاقات السورية الإيرانية: حلف استراتيجي شاخ أم يجدد شبابه، أما عن سوريا ومصر فالسؤال عن الفرص والضياع وعمن يقود، وسوريا نفسها لا تنجو من أسئلة والشائع من قول: أعز الله من عرف قدره فوقف عنده..

_____________________

حاخامان يهوديان يصدران كتاباً يحلل قتل غير اليهود... حتى الأطفال

حلمي موسى 

السفير

10-11-2009

أفتى رئيس المدرسة الدينية «عود يوسف حي» في مستوطنة «يتسهار» في كتاب تربية توراتي بجواز قتل الأغيار انتقاما، حتى بمبادرة فردية.

وقد حظي هذا الحاخام، وهو ايتسيك شابيرا، في فتواه هذه بتأييد عدد من كبار الحاخامات في المستوطنات، وبينهم اسحق غينزبورغ ودوف ليئور ويعقوب يوسف. وجاءت هذه الفتوى وكثير غيرها في كتاب امتد على 320 صفحة كرست لتوضيح متى ينبغي ومتى يسمح بقتل من هم غير يهود.

ويشكل الكتاب الذي يحمل اسم «عقيدة الملك»، وأعده الحاخام شابيرا بالتعاون مع الحاخام يوسي أليتسور، نوعا من الترخيص الديني بالقتل. وأشارت صحيفة «معاريف» التي كانت أول من نشر خبر صدور الكتاب وتناقله بين الأوساط اليمينية إلى أن الكتاب نال رضى وتوصية محافل يمينية. وأبرزت على وجه الخصوص توصية الحاخامين غينزبورغ وليئور التي وردت على شكل تقديم للكتاب. ويجيب الكتاب بشكل مسهب وبتبريرات توراتية على سؤال: متى يسمح بقتل الاغيار؟

ويبدو أن الكتاب قد صدر لمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين لاغتيال الحاخام العنصري البارز مئير كهانا. وليس صدفة أن يصدر الكتاب أيضا من المدرسة الدينية في مستوطنة «يتسهار»، التي تعتبر أحد أبرز معاقل الكهانيين بين المستوطنين. وربما بسبب سوابق تمت فيها محاكمة دعاة عنصريين من هذا النوع خلى الكتاب تماما من أي كلمة تشير للعرب أو الفلسطينيين أو أية دعوات لأخذ القانون باليد. ويفصل الكتاب مئات المصادر من التوراة والفقه استخدمها الكتاب في أثناء كتابتهم. وضمن أمور أخرى تطرح اقتباسات عن الحاخام كوك، من آباء الصهيونية الدينية والحاخام شاؤول يسرائيلي من رؤساء مدرسة «مركاز هراف»، معقل الصهيونية الدينية الوطنية في القدس.

وبحسب «معاريف» فإن الكتاب يبدأ بحظر قتل الغير، ويعلل ذلك ضمن أمور أخرى بمنع العداء وتدنيس الاسم ولكن سرعان ما ينتقل من جانب المحظور إلى جانب المسموح، إلى الأذون المختلفة للمس بالاغيار، والتي في مركزها الواجب المفروض عليهم لتنفيذ الفرائض السبع والتي يلزم فيها كل إنسان في العالم. وبين الفرائض: حظر السلب، سفك الدماء وعبادة الأصنام.

«حين نتوجه إلى الغير الذي يتجاوز الفرائض السبع فنقتله انطلاقا من الاكتراث بتنفيذ الفرائض السبع، لا يوجد أي حظر في الأمر»، كما ورد في الكتاب الذي يشدد على أن القتل محظور، إلا إذا تم من خلال قرار من محكمة، ولكن في السياق يتحفظ الكتاب من الحظر ويشيرون إلى أن الحديث يدور فقط عن «منظومة معدلة تبحث وتعالج الاغيار الذين يتجاوزون الفرائض السبع».

في الكتاب يظهر استنتاج آخر يشرح متى يسمح بقتل الغير، حتى لو لم يكن عدوا لإسرائيل. يقول الكتاب «في كل مكان يمكن فيه لحضور الغير أن يعرض للخطر حياة إسرائيلي مسموح قتله حتى لو كان من محبي أمم العالم وليس مذنبا على الإطلاق في الوضع الناشئ». ويضيف «عندما يساعد غير قاتل ليهود ويؤدي إلى موت آخر مسموح قتله، وفي كل حالة يمكن فيه لحضور الغير أن يؤدي إلى خطر على إسرائيل، مسموح قتل الغير».

احد الأذون لقتل الغير، حسب الفقه، يعطى عندما ينطبق عليه حكم المضطهد، حتى لو كان مدنيا. وجاء في الكتاب ان «الإذن ينطبق أيضا عندما يكون المضطهد لا يهدد بالقتل بشكل مباشر بل بشكل غير مباشر. وحتى المدني الذي يساعد المقاتلين يعتبر مضطهدا ومسموح قتله. كل من يساعد جيش الأشرار بأي شكل فانه يعتبر مضطهدا. المدني الذي يشجع الحرب يعطي قوة للملك والجنود لمواصلتها وعليه فكل مدني في المملكة التي ضدنا يشجع المقاتلين أو يعرب عن الارتياح لأفعالهم، يعتبر مضطهدا وقتله مسموح. كما يعتبر مضطهدا من يضعف بالأقوال وما شابه مملكتنا».

وبحسب الكتاب فإنه مسموح المس بالأطفال، لأنهم «سدادو طريق». وهكذا كتب الحاخامان: «سدادو الطريق، رضع يوجدون مرات عديدة في مثل هذا الوضع. وهم يسدون طريق النجاح بوجودهم وهم يفعلون ذلك في غصب تام. رغم ذلك، مسموح قتلهم لان وجودهم يساعد القتل. هناك اعتقاد بالمس بالأطفال إذا كان واضحا أنهم سيكبرون لإضرارنا، وفي مثل هذا الوضع سيوجه المس بالذات إليهم، وليس فقط في إطار المس بالكبار». إضافة إلى ذلك، مسموح المس بأبناء الزعيم لممارسة الضغط عليه. فإذا كان المس بأطفال الملك الشرير سيشكل عليه ضغطا يمنعه من التصرف بعدائية، فيمكن المس بهم. ويقول «الأفضل قتل المضطهدين من قتل الآخرين».

في فصل عنوانه «المس المقصود بالأبرياء»، يشرح الكتاب بان أساس الحرب هي ضد المضطهدين، ولكن من ينتمي إلى الشعب العدو يعد أيضا عدوا لأنه يساعد القتلة. كما أن للثأر مكان وغاية في كتاب الحاخامين شابيرا واليتسور وهما يقولان انه «من اجل الانتصار على الأشرار يجب التصرف معهم بطريق الثأر والصاع بالصاع. الثأر هو حاجة ضرورية لجعل الشر غير مجدٍ وعليه تصبح احيانا أفعال وحشية ترمي إلى خلق ميزان رعب سليم».

في احدى الملاحظات الهامشية كتب الحاخامان جملة فيها سماح بمبادرات لاشخاص خاصين ليس في اطار قرار حكومة او جيش. وأشارا إلى أنه «لا حاجة لقرار امة لاباحة دم مملكة الشر». واضافا «الافراد ايضا من المملكة المصابة يمكنهم ان يمسوا بهم».

وبعث رئيس كتلة «التجمع الوطني الديموقراطي» في الكنيست جمال زحالقة برسالة للمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية مناحيم مازوز طالبه فيه بالتحقيق مع مؤلفي كتاب «تورات هميلخ»، الذي يدعو لقتل «الأغيار» وإن كانوا أطفالاً إذا شكلوا خطراً على اليهود. وطالب بمنع نشر وتوزيع الكتاب الذي يروج هذه الأيام في المستوطنات وعلى شبكة الإنترنت، وتقديم المؤلفين للمحاكمة. وأضاف «ما يقوله مؤلفا الكتاب هو بالضبط ما تفعله اسرائيل بشكل رسمي، والفرق هو أن اسرائيل تحاول أن تبرر جرائمها، أما مؤلفي الكتاب فهما يقولان لا حاجة للتبريرات وإن قتل العرب مطلوب ومرغوب به». وأوضح «علينا أن نبدأ حملة على كل المستويات لفضح العنصرية الإسرائيلية الشعبية والرسمية، فهي أخطر وأسوأ من الأبرتهايد. أخطر بكثير».

_____________________

ربع قرن على ال «كومسيك»

الافتتاحية

الثلاثاء 10-11-2009م

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الثورة

كيف سيكون رد فعل العالم علينا إن توجهنا له كمنظومة دول إسلامية مجتمعة بقرار واحد؟!

العالم.. كل العالم.. هيئاته.. تجمعاته الإقليمية.. اتحادات دوله.. مؤسساته الاقتصادية؟!‏

هل بدأنا؟! هل يمكن للقاء القمة الإسلامية في اسطنبول بالذكرى الخامسة والعشرين على ال «كومسيك» أن يشكل بداية أخرى؟!‏

خمسة وعشرون عاماً.. هل اكتشفنا الذات؟!‏

هل قرأنا في حصاد ممكن للإمكانات..؟!‏

هل تنبهنا لتجمعات العالم الأخرى ووحدتها؟!‏

ال «كومسيك» حقيقة..‏

لكن..‏

ما تحقق يقف خجولاً أمام ما هو ممكن..‏

مجموعة دولنا تعيش أكثر من مأزق، في مقدمتها المأزقان السياسي والاقتصادي، تعيشه كلّ وحدها.. وتعيشه في تجمعها هذا..‏

حتى لنبدو أحياناً كأننا لم نبدأ.. ومع ذلك لا نفقد الأمل أبداً.. بل لدينا ما يحدونا للعمل..‏

فإن أوصلتنا قمة اسطنبول الراهنة إلى تهيئة الواقع للخطوة الواثقة باتجاه مضاهاة التجمعات الأخرى.. تكن الخطوة الأهم في المشوار الأهم.‏

لقد تحدث السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته في القمة عن بعد المسافة التي تفصل بين واقعنا وطموحات شعوبنا في بناء علاقة متينة واسعة ومتجذرة بينها.‏

هذا طموح مشروع لهذه الشعوب، كما هو قول حق لأحد أهم قادتها، يستند إلى تجربة شديدة الأهمية.. شديدة التألق.. هي تجربة التعاون والشراكة بين سورية وتركيا، التي قال عنها الرئيس التركي عبد الله غل «العلاقات بين سورية وتركيا مثال يحتذى».‏

لا شك أن قيام تجمع إسلامي اقتصادي فعلي وفاعل أكبر وأوسع من علاقات بين دولتين متجاورتين جمعهما التاريخ.‏

لكن.. إن أحسنا النيات وأحسنا الأداء تكن النتائج أهم بكثير..‏

نحن في بلداننا الإسلامية.. شعوب الدول الإسلامية.. نواجه من المشكلات ما لا يمكن أن نجد له حلاً إلا بين دولنا وشعوبنا.. ولن نحقق الازدهار إلا بفعلنا، والفعل المشترك بيننا.‏

يضيف الرئيس الأسد:‏

«لقد علمتنا العقود الماضية أن ازدهار بلداننا لا يمكن أن يكون سلعة مستوردة.. وأن علاقاتنا مع بقية دول العالم لا يمكن أن تغنينا عن علاقات متطورة تربط فيما بيننا».‏

أن نشخص بأبصارنا إلى الخارج، إلى الدول المتقدمة.. والتجمعات الدولية الفاعلة.. فذاك حق لنا، بل هو ضرورة.. لكن.. نُحضره إلينا بالعلم والإرادة ولا نكتفي بالذهاب إليه سياحاً أو تجاراً.‏

إن التحدي الخارجي.. هو مواجهة وهو أداة دعم..‏

مواجهة مع أنفسنا أولاً.. ودعم للتجربة الممكنة.. تجربتنا برؤيتنا بحاجتنا .. بإمكاناتنا وثقافتنا.. ووفق شروط العلم والبحث العلمي التي هي حق لكل الشعوب.‏

الظروف الصعبة التي نواجهها تطرح علينا الأمل بالتغير والتغيير، لأن الراهن يستحيل أن يقدم حلاً.. عذاباتنا كثيرة.. في آسيا.. في إفريقية.. في باكستان.. في أفغانستان.. في بنغلادش.. في .. الخ‏

وليس العدو الخارجي والاستعمار وسياسة الهيمنة والتسلط السبب الوحيد لما نواجهه.. منه الكثير نحن سببه، ولا بد أن نواجه ذواتنا..‏

الخارج يحاول تقسيمنا.. هذه سياسة استعمارية..‏

نحن نستجيب.. نتشتت.. نتخاصم.. نتحارب.. ننادي ونقتل على الهوية والاحتمال..‏

أليست مسؤوليتنا ؟!‏

فلتكن البداية من اسطنبول عاصمة الحضارة الحديثة في المجتمع الإسلامي.‏

a-abboud@scs-net.org

______________________

بؤرة للتلوث.. تنظيف مجرى نهر العاصي بإدلب مسؤولية من؟!

مراسلون

الثلاثاء 10-11-2009م

حسن العبد

الثورة

تعتبر مشكلة التلوث التي تجتاح مجرى نهر العاصي في محافظة ادلب من المشكلات المزمنة التي تتفاقم عاماً بعد عام نتيجة غيابها عن أجندة اهتمام الجهات المعنية بشؤون البيئة والري والمياه في ادلب

مع أنها الأكثر إلحاحاً باعتبار المنطقة المحاذية لنهر العاصي ابتداءً من جسر الشغور وحتى دركوش منطقة زراعية و سياحية .‏

تلوث مجرى نهر العاصي بصفة عامة تناوله بالدراسة والبحث عدد من الخبراء والباحثين والكيميائيين أكدوا أن نسبة الأمونيوم مرتفعة في بعض مصادر المياه المجاورة للنهر وضربوا مثالاً على ذلك في بئر للمياه السطحية في (عين الزرقاء) وهي أعلى من الحد المسموح به في مياه الشرب واعتقدوا أن سبب وجود الأمونيوم في (عين الزرقاء) هو التسرب من مياه الصرف الصحي الزراعي في سهل الروج والذي يسير ليصب في نهر العاصي، أما وجود الأمونيوم في بئر بلدة دركوش فيمكن أن يكون بسبب وجود رشح من النهر إلى مكان تجمع المياه على عمق 30 متراً ، لقد ضرب التلوث مجرى النهر بعد أن تجمعت فيه رواسب النفايات بجميع مكوناتها من نواتج الصرف الصحي لمدينة جسر الشغور والمياه المبتذلة من القرى المجاورة إلى نفايات الشركات والمنشآت الصناعية الواقعة على ضفتي النهر، حتى لامس التلوث معدلاته العالية، مؤسسة المياه قالت في تقريرها عن الصرف الصحي وتلوث نهر العاصي إنه تبين لها أن المسافة التي تعدو جسر الشغور باتجاه دركوش هي بؤرة للتلوث حيث تصب فيها مياه الصرف الصحي القادمة من مدينة جسر الشغور إضافة لنواتج تكرير السكر وفي المسافة هذه معظم مؤشرات التلوث وخاصة الأوكسجين الكيميائي والأوكسجين الحيوي.‏

المهندس علي ياسينو مدير الموارد المائية قال: دائماً نجري تحاليل مخبرية للتحري عن ظاهرة التلوث ولم نلحظ أي نوع من التلوث للمياه الجوفية وكل المؤشرات ضمن الحدود المسموح بها.‏

المهندسة جمانة الحسن مديرة البيئة في ادلب قالت: المطلوب تنفيذ مشروع وطني يتضمن حلاً سريعاً وجذرياً لمشكلة التلوث التي يعاني منها مجرى نهر العاصي والضرورة تدعو وتتطلب الإسراع في تنفيذ محطات المعالجة الملحوظة فقد قامت المحافظة بتوقيع العقود اللازمة تمهيداً لتنفيذ 15 محطة لمعالجة المياه المالحة التي تصب في مجرى النهر وهذا يعكس الاهتمام بالموضوع الذي تتحدثون عنه وينبغي هنا الإشارة إلى أن هناك مشروعاً يهدف إلى رصد التلوث في مجرى نهر العاصي تقوم به وزارة الدولة لشؤون البيئة ممثلة بمديريتها في ادلب بالتعاون مع مديريات البيئة في المحافظات التي يخترق أراضيها نهر العاصي، الدكتور عبد الرزاق جراد قال: قد يحدث تلوث مجرى نهر العاصي العديد من الأمراض التي تصيب الإنسان نتيجة وجود مياه آسنة تكون بيئة مناسبة لانتشار البعوض والموضوع يحتاج إلى محطات معالجة ومشاريع خدمية.‏

والمطلوب تنظيف مجرى النهر والمساحات التي تستكين فيها المياه من النفايات المتراكمة في مجرى النهر من نفايات ونباتات نهرية وذلك من حيث إقامة وتنفيذ، بالتعاون ما بين وحدات الإدارة المحلية ومديريات البيئة والزراعة والموارد المائية وبرعاية من الهيئات الرسمية في المحافظة.

______________________

لبنان والشرق الأوسط في الصحافة الاسرائيلية

دعوة إلى استغلال حادثة "سفينة السلاح"

لتبرير ضرب البنية التحتية للدولة اللبنانية

رندى حيدر

randa.haidar@annahar.com.lb

النهار 10-11-2009

نشرت الصحف الإسرائيلية مقالين حول مصادرة سفينة السلاح الإيراني المرسل الى"حزب الله". المقال الأول كتبه الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الاسرائيلي غيورا ايلاند، ونشرته "يديعوت أحرنوت" أمس، ودعا فيه الى استغلال الحادثة سياسياً ضد الحكومة اللبنانية وتحميلها المسؤولية. أما المقال الثاني فكتبه عاموس غلبواع في "معاريف" وتطرق فيه الى الأسباب التي جعلت العالم غير مكترث بحادثة السفينة.

وقال ايلاند:" مصادرة السفينة الأسبوع الماضي انجاز مثير للأعجاب، ولكن علينا عدم المبالغة. فالأهمية الاستراتيجية للحدث محدودة إلا اذا عرفنا كيف نرفعه من المستوى الإعلامي الى مستوى العمل السياسي...

يشير الواقع الحقيقي في لبنان الى وجود اتفاق غير مكتوب بين معسكرين يتوزعان الأدوار في ما بينهما: معسكر يعرض الوجه الجميل للبنان ويشدد على وجود مؤسسات ديموقراطية (رئاسة، انتخابات، برلمان، حكومة ائتلافية) ويطالب بمساعدة اقتصادية وعسكرية وسياسية من الغرب لصد "العدوان الإسرائيلي". أما المعسكر الآخر فيشكل قوة عسكرية داخل الدولة ويحتكر القرارات الإستراتيجية. فبالنسبة الى إسرائيل حزب الله هو الذي يقرر متى يسود الهدوء ومتى يُخرق.

وهذا تقسيم خطر للأدوار، لأن إسرائيل لا يمكنها ان تنتصر على حزب الله، والجيش الإسرائيلي لم ينتصر عليه في حرب لبنان الثانية، ولن ينتصر في الحرب المقبلة حتى لو انحصر القتال ضد الحزب وحده... إن السبيل لمنع حرب محتملة هو في التلويح بخوضها ضد الدولة المقابلة. وبما أنه ليس هناك جهة تريد دمار لبنان، لا الغرب ولا سوريا ولا ايران، بالطبع ولا اللبنانيين أنفسهم، فإن السبيل للحؤول دون الحرب هو معرفة الجميع بنتائجها. فإذا فهم الغرب أن اسرائيل ستضطر في المواجهة المقبلة الى ضرب الدولة اللبنانية نفسها ببنيتها التحتية وبجيشها، فثمة فرصة أن يحمل الغرب الرسالة التالية الى الحكومة اللبنانية: انتم تسمحون لإيران بالسيطرة عليكم، فلا تتوقعوا أن نحميكم اذا استخدمت اسرائيل القوة رداً على استفزازات حزب الله... إن افهام العالم بأن دولة لبنان بأسرها ستتحمل نتائج القوة الإسرائيلية هو الهدف السياسي الأساسي... يجب على الإعلام أن يركز على مسائل مثل كيف تقبل دولة ذات سيادة وعضو محترم في كل المؤسسات الدولية بتهريب السلاح؟ ولماذ يخرق لبنان قرارات مجلس الأمن ويظل دولة فاشلة؟...".

أما غلبواع فرأى ان هناك ثلاثة أسباب لعدم اكتراث العالم بحادثة توقيف سفينة السلاح الإيراني، هي: تحول تهريب السلاح الى حزب الله مسألة عادية، وعدم سعي أي دولة الى الوقوف في وجهه، وتغير نظرة العالم الغربي الى إسرائيل التي بات يرى فيها دولة احتلال تثير عملياتها معارضة شديدة، الأمر الذي قد يحوّل حادثة توقيف السفينة في نظرهم قرصنة إسرائيلية.

________________________

هذا نظام وليس طارئاً

الثلاثاء, 10 نوفمبر 2009

حازم صاغيّة

الحياة

آن فرانك لا علاقة لها بالصهيونيّة واغتصاب فلسطين والنزاع العربيّ - الإسرائيليّ. الصبيّة الألمانيّة ماتت في مخيّمات الموت النازيّة، بعد أشهر من التخفّي، لأسباب لا صلة لها بالصراع على فلسطين. عائلتها الألمانيّة اليهوديّة كانت قد فرّت من بلدها بعد وصول هتلر إلى السلطة في 1933، وانتقلت إلى هولندا. لكنّ النازيّين وصلوا أيضاً إلى ذاك البلد فلم يبق لابنة الخامسة عشرة سوى العليّة في بيت أهلها بأمستردام. هناك اختبأت وكتبت يوميّاتها عن شؤون حياتها الصغيرة واليوميّة وسط رعب ساطع.

قصّة آن فرانك ويوميّاتها تحوّلت، أقلّه في أوروبا، عنواناً من عناوين الألم الإنسانيّ، وشاهداً على البطش الوحشيّ إذ يستهدف البراءة. بعض البلدان علّمت الكتاب من أجل أن تعلّم ناشئتها معنى التسامح، وتحمل على نبذ العنف والحقد. لكنّ لغات العالم كلّها ترجمت الكتاب إلاّ اللغة العربيّة. لماذا؟ لأنّ هذا موقف تطبيعيّ!.

الفصل الأخير من هذا الموقف شهدناه في بيروت: قناة «المنار» التابعة ل «حزب الله» تشنّ حملة ضارية سببها أنّ إحدى المدارس الخاصّة تدرج فصلاً من «اليوميّات...» في كتاب تستخدمه لتعليم الإنكليزيّة. فهذا ترويج للتطبيع باسم «قصّة مزعومة» هي المحرقة، حسب رأي أحمدي نجاد، و «ضحيّة مزعومة» هي آن فرانك.

وذلك لا يعدو كونه عيّنة على كيفيّة استخدام التطبيع ومعاداته سدّاً في وجه العالم وقيمه التقدّميّة والإنسانيّة. فنحن لدينا تاريخ غير التاريخ، ولدينا مفاهيم عن العالم غير المفاهيم، فيما لغتنا تنضح بمعان لا تحملها اللغات الأخرى، والعكس بالعكس.

لكنّ هذا الذي يجري ليس زائدة على المقاومة، غريبة عنها. إنّها، هي هي، المقاومة ونظام وعيها المرصوص والمغلق الذي قد يصير نظاماً سياسيّاً أيضاً. والمرجع الذي يستند إليه هذا السلوك لا يكتم طبيعته هذه.

فإيران، رأس المقاومات، كانت أتحفتنا، في محاكمات الإصلاحيّين، بشيء من هذين التنوّر والتنوير: سعيد حجاريان، وهو عالم سياسة وأحد قادة حركة الإصلاح، شنّ، في «اعترافاته» المفبركة، حملة على عالم الاجتماع الألمانيّ ماكس فيبر وأفكاره عن السلطة العقلانيّة واتّهمها بالتحريض على الانتفاضة. قال حجاريان: «نظريّات العلوم الإنسانيّة تتضمّن أسلحة إيديولوجيّة يمكن تحويلها استراتيجيّاتٍ وتكتيكات توجّه إلى الإيديولوجيا الرسميّة للدولة». وقد استنتج أنّ تلك الأفكار لا تصلح إلاّ في بلدان لا يتمتّع المواطنون فيها بحقوقهم. وإيران لا تندرج في الخانة هذه!

والمعروف أن ثورة الخمينيّ كانت منذ بداياتها قد أغلقت الجامعات وطهّرتها من الأساتذة الذين طعنت بإسلاميّتهم. ولم يتردّد آية الله الذي صار المرشد الأوّل في اعتبار أنّ «طلاّبنا الجامعيّين ملوّثون بالغرب»، مشكّلاً لجنة ل «الثورة الثقافيّة»، مهمّتها وضع برنامج إسلاميّ يُعمل به مع إعادة فتح الجامعات، وهو ما حصل فعلاً بعد أربع سنوات على غلقها.

بيد أنّ ماكس فيبر لم يكن الوحيد الذي طاولته شفرة النظام. فقد انضمّ إليه، في تلك المحاكمات الأخيرة، كلّ من تالكوت بارسونز وجون كين وريتشارد رورتي ويورغن هابرماس وعدد من النسويّات ورموز في الدراسات «ما بعد الكولونياليّة». فهؤلاء «يهدّدون الأمن القوميّ ويهزّون أعمدة التنمية الاقتصاديّة». ومن بينهم حظي الألمانيّ هابرماس بتركيز ملحوظ: فهو صاحب الاسم الأكثر ارتباطاً ب «الفضاء العامّ» الذي كلّما ضاق اشتدّت قبضة الاستبداد الذي تمارسه الدولة. هكذا لم يتعفّف المدّعي الإيرانيّ عن التذكير بزيارة قصيرة إلى إيران قام بها هابرماس في 2002، فرآها دليلاً قاطعاً على مؤامرته الهادفة إلى «علمنة» إيران.... وسلوك كهذا جزء طبيعيّ من نظام المقاومة والممانعة، وليس عنصراً طارئاً عليه، يستغرب البعض وجوده فيه.

___________________

2010: احتمالات الحرب والسلم

غسان الامام

الشرق الاوسط

10-11-2009

منذ الحرب الإيرانية/ الإسرائيلية علي أرض لبنان (2006)، ابتعد محور الحرب عن العرب، ليستقر في سقف آسيا، على جبال باكستان وأفغانستان. الهدوء النسبي الذي ساد المنطقة العربية، سمح بتصاعد الأمل في تسوية سياسية، وإقامة دولة فلسطينية، إلى أن انفجرت في غزة الحرب الإيرانية/ الإسرائيلية الثانية (2008/2009).

في الحربين، مات العرب بالنيابة عن الإيرانيين. قُتل 1200 لبناني. و1400 فلسطيني. منذ حرب غزة، راح التوتر يتصاعد في المنطقة. تراجع منطق التسوية. ساد مجددا منطق المواجهة بين إيران وإسرائيل، ليضع العرب أمام احتمال انفجار حرب إيرانية/ إسرائيلية ثالثة في عام 2010.

قبل أن يموت العرب في مشروع حرب ثالثة، من حقهم أن يراجعوا بدقة احتمالات الحرب والسلم، وهم على أهبة استقبال عام رمادي جديد، عام يوحي بالتشاؤم أكثر مما يوحي بالأمل.

بعد انفضاح برنامج إيران النووي السري، تنهمك إيران وإسرائيل في سباق تسلح محموم. إسرائيل تركز على اقتناء وتطوير صواريخ عابرة للقارات. وصواريخ مضادة للصواريخ. ثم قنابل الأعماق التي تزودها بها أميركا. وتقصف بها حاليا أنفاق حماس على حدود غزة مع مصر. لا شك أن إسرائيل ستحصل على النسخة الأميركية المطوَّرة منها، الصالحة لقصف منشآت إيران النووية. وتملك إسرائيل طائرات من دون طيار، للاستكشاف وتوجيه الصواريخ. كذلك تطور تقنية تزويد الطائرات بالوقود في الجو، لتمكينها من الطيران إلى مسافات، تزيد عن ألفي كيلومتر.

أما إيران فهي أيضا تركز على إنتاج صواريخ عابرة للقارات، تغطي منطقة الخليج وتركيا وأفغانستان وآسيا الوسطى والمشرق العربي، بما في ذلك إسرائيل ومنشآتها النووية. ولعدم امتلاكها طيرانا يُضاهي الطيران الإسرائيلي، فهي تجتهد لتحصل من روسيا وغيرها، على منظومات دفاع جوية، تحمي بها منشآتها النووية والنفطية. غير أن اهتمام إيران الأكبر ينصرف إلى تزويد «حزب الله» وحماس بالإسمنت المسلح! لتَدْرِيع الأنفاق الأرضية التي ثبتت فاعليتها في إعاقة الهجوم البري الإسرائيلي على جنوب لبنان. في حصار غزة، تمنع إسرائيل «حماس» من الحصول على الإسمنت، خشية استعماله في بناء الأنفاق الدفاعية. لا شك أن «حزب الله» بنى شبكة أنفاق واسعة، في شمال نهر الليطاني وجنوبه. تشاركها في ذلك منظمة أحمد جبريل التي تموِّلها إيران وسورية.

أيضا، إيران وسورية تنتجان كميات كبيرة من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى التي تغطي معظم إسرائيل. وقد زودتا «حزب الله» بعشرات الألوف منها، فيما جري ويجري تسريب صواريخ مماثلة إلى غزة. بعضها قادر على الوصول إلى الساحل ووسط إسرائيل (تل أبيب والقدس). وتُجري «حماس» تجارب بحرية عليها.

موقف إيران النووي يتحكم بآفاق الحرب مع إسرائيل وأميركا. تمكنت مراكز القوى المدنية والعسكرية، بما فيها أجنحة في الحرس الثوري، من إحباط موافقة الرئيس نجاد الأولية على اتفاق جنيف (الأول من نوفمبر الحالي).

بات مرجَّحًا رفض إيران، رسميا، تصدير وقودها النووي إلى روسيا، ففرنسا، لتخصيبه للاستعمالات السلمية. إيران تتوجس من احتمال عدم إعادة هذا الوقود إليها، في الوقت الذي تواصل تخصيب كميات أخري من الوقود، إلى درجات عالية، بحيث تصبح صالحة لصنع القنبلة النووية.

في تقدير معظم خبراء الإستراتيجية النووية الغربيين، باتت إيران تملك تقنية صنع القنبلة والوقود اللازم لها. وهي قادرة على تجميعها وتركيبها. إذا كان هذا التقدير صحيحا، فهو يلغي ضرورة قصفها، وإنما الاكتفاء بتشديد العقوبات عليها، كمنع وصول مشتقات النفط المكررة التي تحتاجها في حياتها اليومية.

إذا لم تفلح الضغوط والعقوبات الاقتصادية المشدَّدة، في لَيِّ ذراع إيران النووية، عندئذ يصبح قصفها محتَّمًا، في تقدير حكومة نيتنياهو. الانتظار لن يتجاوز مارس (آذار) المقبل. وهكذا، فالعرب أمام احتمال نشوب حرب في المنطقة، خلال النصف الأول من العام الجديد.

الحرب لن تقتصر على القصف الصاروخي والجوي. إيران أعدَّت «عربها» أيضا للحرب. في أي قصف جوي لإيران، سيتلقى «حزب الله» أمرا إيرانيا بإطلاق صواريخه على إسرائيل. والمرجح أن تفعل «حماس» ذلك أيضا. قوة حفظ السلام الدولية عاجزة عن ردع الطرفين. إسرائيل قالت سلفا إن حربها المقبلة مع الحزب، ستتناول بالقصف المدمر كل المرافق والمناطق اللبنانية.

في حالة تطوير الهجوم الإسرائيلي باستخدام القوة البرية، فهذا يعني احتمال مهاجمة سورية، وتَحَمُّل خسائر بشرية إسرائيلية فادحة. التحذير الإنذاري لسورية، وُجِّه علنًا قبل وبعد تشكيل أشد حكومات إسرائيل تطرفا وعداء للعرب. لانعدام تكافؤ القوي العسكرية، فقد عدَّلت سورية استراتيجيتها الدفاعية، بإنشاء حصون وإنفاق لصيد الدبابات، وعرقلة التقدم البري، أي اعتماد شكل من أشكال «الحرب الشعبية».

إيران قادرة على مواصلة حرب طويلة الأمد. لكن إسرائيل ليست بقادرة على شن حرب تستغرق شهورا، لأسباب بشرية ولوجستية. من هنا، فمحاولتها حسم الحرب بتقويض سريع لقوة «حزب الله» في لبنان، وبالاقتراب البري والمدفعي من دمشق، عبر سهل البقاع، أو مباشرة من جبهة الجولان، هذه المحاولة قد تؤدي إلى توسيع نطاق الحرب. ربما بتدخل مصر. وهو احتمال ضعيف. لكن التدخل التركي احتمال كبير، منذ أن باتت تركيا، في غيبة العراق، هي العمق الاستراتيجي للنظام السوري.

سواء شاركت، أو لم تشارك إسرائيل، فاحتمال سماح إدارة أوباما لها، باستخدام القواعد الأميركية الجوية في أفغانستان المجاورة لإيران، هو خيار قوي ومرجح. السبب الرفض التركي للسماح لإسرائيل باستخدام مجالها الجوي. لكن السبب الأكبر هو رفض السعودية ودول الخليج طلب أميركا السماح لإسرائيل، في إطار «التطبيع»، بالتحليق في أجواء الخليج، بحجة الوصول إلى أسواق آسيا. دول الخليج لم يغب عن حسابها، أن «التطبيع الجوي» الذي تلح عليه حكومة نيتنياهو، سيسمح لإسرائيل بقصف إيران بسهولة. يبدو أن إيران لا تقدر هذا الموقف لدول الخليج التي لا تريد التورط في مواجهة معها. من باب الاحتياط والحذر، فقد أجرت السعودية، منذ أسابيع قليلة، مناورات جوية استخدمت فيها منظومة حديثة من صواريخ «باتريوت» المضادة للصواريخ، تحسُّبا لرد فعل إيراني. في حالة قصف إيران منشآت خليجية نفطية، فسيكون الرد قاسيا: لن تكون منشآت إيران النووية وحدها معرضة للتدمير، وإنما أيضا منشآتها النفطية التي تعتمد عليها، أساسا، في تمويل اقتصادها، وتأمين التموين اللوجستي لشعبها (75 مليون نسمة). واضح أن الحملة الإعلامية الإيرانية على السعودية، في إطار مخطط تسييس موسم الحج، تبعها فورا انتهاك حرمة الأراضي السعودية الحدودية، من جانب قوي التمرد الحوثي اليمني المسلح الذي يتلقي «الوحي والتحريض» من إيران و«حزب الله»، وربما أيضا التموين اللوجستي بالسلاح الثقيل.

أضيف هنا أيضا، أن إيران لا تدرك أن الانتقام المسلح من عرب الخليج، سينعكس بأذى بالغ على التجمعات الشيعية الإيرانية المقيمة أو العاملة في الخليج العربي. في حالة تحريض هذه التجمعات على المشاركة في عمليات تخريب، فسيكون الرد بإجبار جانب من هذه التجمعات على العودة إلى إيران، تماما كما فعلت دولة الإمارات بإعادة خلايا «حزب الله» إلى لبنان.

تحدثت اليوم عن احتمال نشوب الحرب الثالثة بين إيران وإسرائيل، ونتائجها الكارثية على العرب المجبَرين على التورط فيها، أو على العرب المتفرجين عليها. مؤشر الحرب تجاوز نقطة الخمسين بالمائة. ماذا عن احتمال السلم؟ من الأمانة الإعلامية والموضوعية الحديث بإسهاب عنه. المجال يضيق اليوم. فإلى الثلاثاء المقبل.

__________________

لماذا يعود اليهود إلى كركوك؟

·هل تعلم أن (مركز ادارة عمليات فرقة الاغتيالات الاسرائيلية) فى مدينة كركوك

·وهل يعلم العراقيون لماذا هذا التدفق اليهودي الغريب إليها وشراء  العقارات بخمس أضعافها!!

· معلومات  خطيرة

وجدي أنور مردان

الاحد 21 ذو القعدة 1430 / 8 تشرين الثاني 2009

 (خبر يمر عاديا في نشرة أخبار إذاعة الشرق هذا الصباح: اليهود الإسرائيليون من اصل عراقي يعودون وبكثافة إلى العراق، ويتمركزون بشكل خاص في كركوك حيث يشترون الأراضي بخمسة أضعاف ثمنها الحقيقي.) هذه الفقرة الاستهلالية، كانت مدخلا لمقال الكاتبة الأردنية المبدعة، حياة الحويك عطية، في جريدة الدستور الأردنية، قبل بضعة أيام. ثم طرحت سؤلاً، بألم بالغ، أحسست بمرارتها، لماذا كركوك؟

وقبل أن نجيب على سؤالها،، نود أن نشير إلى أن الخبر ليس بجديد، فبعد احتلال العراق في 9 نيسان، أبريل 2003 ، تدفق مجموعة من عناصر الموساد الإسرائيلي إلى العراق، تحت مسمى شركة الرافدين، وشركات وهمية أخرى. بلغ عدد الدفعة الأولى 900 جاسوسا، قامت بتشكيل فرقة خاصة لتنفيذ مهام الاغتيالات لكوادر وشخصيات عراقية، سياسية وعسكرية وإعلامية وعلمية وقضائية، بالتعاون مع ميليشيات احد الأحزاب العراقية المعروفة، طالت 1000 عالم ومتخصص عراقي خلال عام واحد. ثم انتقل (450 عنصرا) منهم، من العاصمة بغداد إلى مدينة كركوك.

يقع مركز إدارة عمليات فرقة الاغتيالات الاسرائلية في مدينة كركوك، حاليا، في منزل قريب من مبنى محافظة كركوك وتضم ضمن عناصرها عددا من الأكراد الذين كانت المخابرات المركزية الأمريكية قد نقلتهم من شمال العراق عام 1996 إلى جزيرة (غوام).

يتحدث معظم أفرادها اللغة العربية باللهجة العراقية بطلاقة إضافة للغة الإنجليزية. كثفت الفرقة الإسرائيلية جهودها منذ بداية العام الحالي في شراء الأراضي والدور السكنية والمزارع في كركوك وضواحيها، فضلا عن استمرارها في تنفيذ عمليات الاغتيالات التي طالت شخصيات سياسية تركمانية وعربية وكردية وقصف المقرات الحزبية للتركمان والأكراد في كركوك، بهدف إشعال الفتنة العرقية. انتبهت المقاومة الوطنية العراقية لفعلهم الجبان وقامت بقتل 6 أفراد من عناصرها في المدينة في بداية العام الجاري. وما زالت هذه العناصر نشطة في كركوك وبغداد وبابل بالإضافة إلى شمال العراق.

 

على أية حال، لماذا كركوك؟

تمثل كركوك ذكرى مؤلمة في الذاكرة الجمعية اليهودية، لعلاقتها المباشر بالسبي البابلي!! فبعد أن دمر القائد العراقي العظيم نبو خذ نصر، دولة إسرائيل الجنوبية عام 576 قبل الميلاد، ساق 50 ألف يهودي أسيرا إلى العراق (السبي البابلي) وكان من بين الأسرى اليهود ثلاثة من أنبيائهم (دانيال وحنين وعزير). وفي طريق عودة القائد نبو خذ نصر إلى بابل مر من كركوك، لوقوعها على الطريق الاستراتيجي للقوافل الصاعدة إلى الشمال، وشمال الغرب (تركيا وسوريا وفلسطين الحالية)، وهي نفس الطريق الذي سلكها ملك الفرس دارا وجيشه لمحاربة الإسكندر المقدوني في معركة أربائيلو (أربيل الحالية) الذي انتصر فيها إسكندر المقدوني. المهم عندما وصل نبو خذ نصر إلى منطقة كركوك (التي كانت تسمى في العهد السوري بـ،، كار كوك،،، أي العمل المنظم الشديد).

وجد على الجانب الشرق من نـــهر(خاصة صو) الحالية، ثلاثة تلال متقاربة نسبيا، فسخر الأسرى اليهود لجلب التراب والأحجار من المناطق القريبة منها، وتكديسها بين تلك التلال، على أن يكون البناء بمستوى أعلى تل من بينها، وهكذا تم تشييد قلعة كركوك. بعد أنجاز البناء، أمر ببناء سرداب في موقع، يبعد من الباب الرئيس للقلعة (التي تسمى الآن طوب قابو) بحوالي 300 مترا. سجن فيه الأنبياء الثلاثــة (دانيال وحنين وعزير). إلى حين أخذهم إلى بابل.

واحتراما لمكانة الأنبياء الثلاثة، فقد تم بناء مسجد فوق السرداب (مقام الأنبياء)، في العصر العباسي الأخير، وأطلق عليه اسم مسجد نبي دانيال والمعروف باسمه التركماني (دانيال بيغمبر جامعي) وباق لحد الآن شاخصا يحكي قصة المدينة.

كان المسجد قبلة الشابات التركمانيات، أيام عيدي الفطر والأضحى، ومكان تجمعهن وهن بأحلى زينتهن بقصد التعرف على الأمهات اللواتي تبحثن عن عرائس لأبنائهن. كما كان قبلة لليهود القاطنين في كركوك قبل هجرتهم إلى فلسطين عام 1952 وقد كان اليهود يحتفلون في المسجد يوم عيد كيبور اليهودي الذي يبدأ في 6 تشرين الأول، أكتوبر، بموافقة أمام وخطيب المسجد، كدليل على التسامح الديني الذي كان سائداً في المدينة، يأتون زرافات من المدن العراقية الأخرى للاحتفال بهذه المناسبة، وكنا حينذاك أطفالا نقف خارج المسجد لنضحك على زلوفهم وملابسهم وهمهماتهم قرب حائط المسجد، تبين لنا فيما بعد إنها صلاتهم. وكان هناك يوم آخر، يتجمعون فيه خارج المسجد ويبكون قرب جدرانه، وعندما سألت جدتي ذات يوم لماذا يبكي حزقيل؟ قالت: يقولون أنهم يتذكرون تدمير معبدهم في القدس وسجن النبي دانيال في هذا المكان!!! هذه هي قصة اليهود مع كركوك، كما سمعتها من شيوخ مدينتي قبل عدة عقود. ربما تحتاج القصة إلى توثيق تاريخي من قبل المختصين في التاريخ والآثار، ولكن مقام الأنبياء الثلاثة في سرداب المسجد، يشهد على جزء كبير من صواب القصة. هذا هو السبب الأول.

أما السبب الثاني، وكما هو معروف، فأن هذه المدينة تضم حوالي 60% من الاحتياطي النفطي العراقي، ويعتبر من أجود أنواع النفط الخام في العالم وحسب الخطة التي وضعت في عهد النظام السابق، فأن أعادة تأهيل المنشئات النفطية فيها تحتاج إلى استثمار 8 مليارات دولار لكي يرتفع أنتاج حقولها إلى حدود 5 ملايين برميل يوميا. وبما أن أبواب السلب والنهب قد فتحت على مصراعيها في العراق بفضل الاحتلال، فأن الرقم ربما سيرتفع إلى 16 أو 24 مليار دولار، ولهذا يحاول اليهود من الآن شراء أكبر قدر ممكن من الأراضي فيها لتحويلها إلى لاس فيجس الشرق الأوسط. أن المبالغ المرصودة، للاستثمار في المنشئات النفطية في هذه المدينة، لا يسيل لها لعاب اليهود فقط وإنما يسيل لها لعاب الوحوش أيضا.

وأما السبب الثالث هو، أن "إسرائيل" قدمت عرضا إلى رؤساء الأحزاب البرزاني الطالباني بحماية الدولة الفيدرالية الكردية من أي خطر سواء من داخل العراق أو من تركيا وسوريا وإيران. وحسب الخطة الأمريكية- الإسرائيلية، فأن كركوك ستكون عاصمة الدولة الكردية، لذا فأن التواجد اليهودي فيها أصبحت ضرورة استراتيجية لقربها من تركيا وإيران وسوريا.

لقد بات واضحا أن أمريكا غزت العراق من اجل حماية إسرائيل وجعلها القوة العظمى الوحيدة في المنطقة، وتثبيت أصدقائها علي قمة السلطة في بغداد، وطمس هوية العراق العربية والإسلامية، وقطع كل صلاته بتاريخه الحضاري العريق، وتوتير علاقاته مع دول الجوار دون إيلاء أي اعتبار لحقوق الشعب العراقي وقوميات بعد هذا ليس بنا من حاجة في الدخول في تفاصيل لا تغني ولا تسمن ولا يسمع من به صمم.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ