ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 09/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


عباس يتنحى والحقيقة أصعب من أن تُقال

الأحد, 08 نوفمبر 2009

الحياة

حسام عيتاني

لا يريد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تقديم ترشيحه الى الانتخابات المقبلة. والأهم، في الزمن العربي الحالي، انه لم يعد له وريث من صلبه ومن أهله الأقربين. يرغب الرجل في الانكفاء بعدما تبخرت آمال علقت على الإدارة الأميركية الديموقراطية، ليتبين قبل أن يختفي صدى خطاب جامعة القاهرة، أن الولايات المتحدة لا تستطيع إقناع إسرائيل بالتراجع عن خطط توسيع الاستيطان وتكثيفه ناهيك عن دفع مفاوضات الوضع النهائي.

لم يعد من مفر، إذاً، أمام عباس من التنحي بعد استجابة جزئية لطلب رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير، صائب عريقات إبلاغ الشعب الفلسطيني بالحقيقة، وخلاصتها أن مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة بات شبه مستحيل وأن الأقرب الى الصواب هو العدول عنه والسعي الى دولة ثنائية القومية، يهودية عربية. وغالباً ما تكون الحقيقة كريهة أو جارحة، لكن لا بد من التعرف إليها والتحديق فيها إذا أراد الناس متابعة حياتهم. عليه، فلا بد أن عريقات يعلم، كما يعلم عباس وكثر غيرهما، أن الدولة الثنائية القومية تجد في نفوس الإسرائيليين هوى أقل مما يجده قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ومعلوم أن الدولة التي تضمن لمواطنيها العرب (من المسلمين والمسيحيين) واليهود حقوقاً كاملة ومتساوية، ورقة طرحت من قبل فصائل عدة في مراحل مختلفة من تاريخ القضية الفلسطينية. والشرط الشارط لتنهض دولة ثنائية القومية، هو تبنيها العلمانية والديموقراطية –الليبرالية بحذافيرهما (على النمط الأوروبي القاري وليس الانغلوساكسوني) أو التوافق على تقاسم قومي - طائفي للمناصب والسلطات اقتداء بالنهجين اللبناني والعراقي.

والنماذج هذه هي الأقرب الى المتناول النظري بيد انها تقع في خانة المحال الواقعي والعملي. فما من عنصر واحد من العناصر التي تدخل في تشكيل موازين القوى بين طرفين يخوضان صراعاً من صنف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، يمكن ذكره كعنصر يسند الموقف الفلسطيني. لا من الناحية السياسية والعسكرية، عند اقتصار الكلام عن تحالفات خارجية أو توافقات داخلية وقوى اجتماعية ترفد أياً من المشروعين بالدعم والتأييد، ولا عند انتقال الحديث الى مسائل الاقتصاد والتعليم، بالطبع، وصولاً الى القدرة على إنتاج تناغم ثقافي وطني، حيث يقترب الإسرائيليون من إنتاج روايتهم التاريخية لنشوء دولتهم والنظر الى مستقبلهم، بقدر ابتعاد الفلسطينيين عن صوغ فكرة الوطن والاستقلال والتحرر من الاحتلال.

لكن الحقيقة، أيضاً، متعددة الأوجه، ما يفترض القول إن امتناع محمود عباس عن ترشيح نفسه لولاية رئاسية ثانية، ينبئ - في معنى ما- بنهاية حقبة قد يصح وصفها بالحقبة السلمية الفلسطينية، أي تلك الأعوام التي ازدهرت فيها الفكرة القائلة بإمكان التوصل الى تسوية تاريخية مع إسرائيل تتيح استعادة الشعب الفلسطيني لحد أدنى من تواصله الاجتماعي في ظل كيان سياسي قابل للحياة، استناداً الى تأييد عربي ودولي متينين، وذلك بعد نبذ الأشكال القصوى واليائسة من العنف (على غرار تلك التي ظهرت في أوائل السبعينات بعد أحداث الأردن أو التي «طوّرها» الإسلاميون) أو بالأحرى محاولة توظيف العنف ضمن إطار سياسي «عقلاني». وجرياً على عادة تحقيب التاريخ وقسمته الى أطوار ذات سمات وصفات مميزة، يجوز القول إن أفول الحقبة تلك التي بدأت في مؤتمر مدريد ووصلت الى ذروتها مع إنشاء السلطة الوطنية في الضفة وغزة عام 1994، لا يعني، حكماً، بزوغ فجر حقبة أفضل.

ننحي جانباً حديث الشماتة الذي اعتبر أن قرار عباس «محاولة للتقرب الى أصدقائه الإسرائيليين والأميركيين» وحديث اليُتم الذي يذهب الى مطالبة الرجل بتحمل أكثر من طاقته على الاحتمال، مجاملة أو هرباً من المسؤولية أو حتى التزاماً بالعادة العربية (الشمولية الأصول) التي لا تستسيغ خروج الحاكم من مقره سوى الى القبر أو المنفى. ننحى إذاً هذين الموقفين في محاولة للتمعن في البدائل التي يمكن أن يخرجها المشهد الفلسطيني اليوم.

مع الأخذ في الحسبان إمكان تراجع عباس عن قراره برغم وصفه له ب «النهائي» نزولاً عند مطالب أو ضغوط بدأت تتكون فور إعلانه رغبته عدم ترشيح نفسه لولاية ثانية، يمكن القول إن أسماء المرشحين لشغل منصب رئيس السلطة تعكس الاستقطاب المتفاقم على الساحة الفلسطينية. قد تفسر الأسماء الثلاثة الأولى التي تَرِد الى الذهن أولاً، سبب تمسك أعضاء اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير ببقاء عباس في منصبه. السمة المشتركة بين أصحاب الأسماء تلك انهم إما غير قادرين على القيام بمهمات رئيس السلطة أو انهم يثيرون حولهم قدراً من الانقسام والخلاف، من غير الممكن تداركه في ظروف كهذه التي تعيشها القضية الفلسطينية اليوم.

ولئن كان تراجع إدارة باراك أوباما عن مواقفها من المستوطنات، وهي المواقف التي أوحت للسلطة باشتراط تجميد البناء تجميداً كاملاً قبل العودة الى مائدة المفاوضات، هو السبب المباشر وراء قرار عباس ترك رئاسة السلطة بعد الانتخابات المقررة في كانون الثاني (يناير) المقبل، فإن في التراجع المذكور ما يشي بما هو أعمق من كونه فشلاً أميركياً آخر في الالتزام بتعهدات قُطعت للفلسطينيين. بل من المباح الاعتقاد أن الإخفاق الأميركي الذي بدأ بالظهور بعد أيام قليلة من كلمة أوباما في القاهرة، عبر طرح «صفقة» التطبيع العربي مع إسرائيل في مقابل وقف الاستيطان والذي انقلب تفهماً وتأييداً لوجهة النظر الإسرائيلية من مسألة البناء في المستوطنات، على ما عبرت الوزيرة هيلاري كلينتون عقب لقائها بنيامين نتانياهو، هو في واقع الأمر تكثيف لخسارة القضية الفلسطينية أي سند دولي يمكن الاعتماد عليه في عملية سياسية من النوع الذي انخرطت فيه منظمة التحرير منذ حوالى العقدين.

وإذا صح التشخيص هذا، وهو صحيح على الأرجح، يكون الفلسطينيون كالتائه في صحراء لا دليل لهم فيها سوى من يدفعهم الى الانتحار.

_______________________

العزوف في الوقت الضائع

الأحد, 08 نوفمبر 2009

عبدالله اسكندر

الحياة

التبرير الذي قدمه الرئيس محمود عباس لإعلان امتناعه عن الترشح لولاية رئاسية جديدة في الانتخابات التي قررها مطلع السنة المقبلة ركز على الإحباط من الموقفين الأميركي والعربي من قضية الاستيطان الإسرائيلي. وبغض النظر عن مآل هذا الإعلان واحتمال عودة عباس عن موقفه، يكشف التبرير عمق المأزق الذي تمر فيه عملية السلام، ومشروع إقامة الدولة الفلسطينية. ويكشف أيضاً عمق مأزق العمل السياسي الفلسطيني. وهذا هو الجانب الأخطر في الإعلان.

ولا يقلل من هذه الخطورة تفسيرات تتحدث عن مناورة قام بها عباس لأسباب سياسية، سواء لجهة الضغط على القيادة الفلسطينية أو استدرار ضغط أميركي على إسرائيل في موضوع الاستيطان الذي كان وراء الإحباط.

الأرجح ان الرئيس الفلسطيني صادق في إعلانه، وهو المعروف عنه عزوفه عن مسؤولية لا يرى نفسه قادراً على تلبية متطلباتها. وهو قال ذلك، ضمناً، في اجتماعاته مع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية ل «فتح». ويُفهم من كلامه أن الوضع الحالي يمنع قيام الدولة الفلسطينية التي وضعها هدفاً له، بفعل السياسة الإسرائيلية وبفعل الموقف الأميركي.

والسؤال هنا، في السياسة الفلسطينية، هو عن كيفية العمل من أجل دفع إسرائيل الى التزام متطلبات السلام وكيفية حمل الولايات المتحدة على تفعيل ضغطها من أجل تحقيق هذه المتطلبات. والإجابة عن هذا السؤال مرهونة بالوضع الداخلي الفلسطيني أولاً، وبقدرته على وضع استراتيجية جديدة تأخذ في الاعتبار ما تم تحقيقه حتى الآن في ظل السلطة والبناء عليه، من أجل استعادة الوحدة المفقودة. كما تأخذ في الاعتبار العناصر التي أوصلت العملية السلمية الى مأزقها الحالي.

في شق استعادة الوحدة، تلح عملية المصالحة مع حركة «حماس» وتوحيد الشعب الواحد في قطاع غزة والضفة الغربية، هذه الوحدة التي يبدو من دونها أي عمل فلسطيني عملاً فصائلياً، وتالياً عاجزاً عن التأثير في تغيير المعادلة الحالية. مثل هذه المبادرة ليست سهلة على الاطلاق، كما أظهرت تعقيدات المفاوضات، في إطار مبادرة المصالحة المصرية.

في شق العملية السلمية، ظهر بوضوح حتى الآن أن التزام «خريطة الطريق» من الجانب الفلسطيني وحده لم يؤد الى أي نتيجة. ما يفرض إعادة نظر في هذه الاستراتيجية، ووضع تصور جديد. على أن يؤخذ في الاعتبار ما تم بناؤه على مستوى السلطة، وأيضاً على مستوى ابتداع أشكال من العمل لإجبار إسرائيل على التزام هذه «الخريطة». وهذا ما يفتح أفقاً عملياً لاستعادة الوحدة الفلسطينية. أو على الأقل يضع خياراً جديداً، لن تكون «حماس» قادرة على تجاهله من دون أن تعرض نفسها لخسارة شعبية.

لقد اختار عباس فترة الوقت الضائع من أجل إعلان عزوفه، في الوقت الذي كان من الممكن الاستفادة من هذا الوقت لإعادة النظر في السياسة الحالية نحو استراتيجية جديدة تعيد الاعتبار الى أشكال المقاومة الممكنة للاحتلال، ومنها المقاومة السلمية التي كان الرئيس الفلسطيني أبرز الداعين إليها خلال الانتفاضة الثانية. ومثل هذه الاستراتيجية تأخذ في الاعتبار أيضاً الوضع المؤسساتي الفلسطيني الذي ينبغي تكييفه مع مستلزمات تقوية الوضع الداخلي. بما في ذلك الدعوة الى الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

لكن إعلان العزوف أعطى، خصوصاً للشعب الفلسطيني، رسالة معكوسة فيها الإحباط والقنوط بدل الدعوة الى الاستعداد لمرحلة جديدة من المواجهة والأمل بضرورة تحقيق آمال هذا الشعب.

_____________________

صياغة رؤية أوروبية للعالم

آخر تحديث:الأحد ,08/11/2009

الخليج

ألكسندر كواستفيسكي

يشكو البعض من أن الاتحاد الأوروبي يفتقر إلى “رؤية كونية”. والحق أن مشكلة الاتحاد الأوروبي هي أنه لديه وفرة مفرطة من مثل هذه الرؤى.

 

إن التجارب التي عاشها الأوروبيون والمصالح المشتركة التي تربط بينهم تعني أنهم لابد وأن يكونوا حريصين على تبني وجهة نظر مشتركة بشأن القضايا العالمية. ولكن الحقيقة المحزنة هي أن الضغوط السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية تميل إلى دفع البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومواطنيها في اتجاهات متعارضة، ويبدو أن التاريخ المشترك لا يشكل أساساً كافياً لوضع سياسات مشتركة.

 

ولكن كلما كانت السياسات التي تتبناها أوروبا أقرب إلى العملية والواقعية كلما كانت فرص النجاح أعظم، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا العالمية. إن الأوروبيين يتقاسمون تقييماً مشتركاً للعديد من المشكلات العالمية، وكثيراً ما يستخدمون أساليب واستراتيجيات مشتركة في التعامل مع مثل هذه المشكلات.

 

على سبيل المثال، هناك إجماع متزايد في ما يتصل بقضايا مثل تغير المناخ، والهجرة، ومساعدات التنمية، ويصدق نفس القول حين نتحدث عن سياسة الطاقة وتطوير استراتيجية الأمن الأوروبي. والاتفاق في هذه المناطق ليس مجرد انعكاس لبعض القواسم المشتركة الدنيا، ففي كل من هذه المناطق أسهمت أوروبا بقدر كبير من القيمة المضافة على مستوى عالمي.

 

وربما تعمل الأزمة المالية والاقتصادية العالمية أيضاً كعامل محفز لتعزيز رؤية أوروبا لنظام عالمي جديد. والحقيقة أن رؤية الاتحاد الأوروبي لاقتصاد رأسمالي مسخر للتقدم الاجتماعي وخاضع للتنظيم، في محل سياسة عدم التدخل من جانب الدولة، بدأت في اكتساب النفوذ على نحو متزايد. ويتعين على القوى الاقتصادية الجديدة، مثل الصين والهند والبرازيل، أن تبحث عن سبل خاصة بها للتصدي للظلم الاجتماعي وتشجيع تكافؤ الفرص للجميع، وهنا سنجد أن النموذج الأوروبي يبدو جذاباً على نحو متزايد في نظر هذه القوى الجديدة.

 

غير أن العديد من الخلافات ما زالت تفصل بين المجتمعات داخل الاتحاد الأوروبي.

 

وهناك وجهات نظر متباينة في ما يتصل بالعديد من المشكلات العالمية ذات الأهمية البالغة. ورغم أن هذه الخلافات قد تتضاءل مع الوقت، فإنها تتخذ في بعض الأحيان هيئة واضحة المعالم إلى حدٍ مزعج، كما كانت الحال إزاء غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة.

 

ولكن ما يدعو إلى التفاؤل أن الخلافات الأوروبية بشأن القضايا العالمية لم تخلف أي تأثير مفرط على الديناميكيات الداخلية للاتحاد الأوروبي. فالحرب في العراق لم تتسبب في تأخير توسع الاتحاد الأوروبي، ولم تكن السبب وراء فشل الاستفتاءين في فرنسا وهولندا بشأن المعاهدة الدستورية ومعاهدة لشبونة.

 

ويتعين على أوروبا أن تعمل على تطوير الهياكل البنيوية وعمليات اتخاذ القرار القادرة على الحد من تضارب المصالح، وذلك من خلال تقديم حلول وسط. وهذا هو جوهر معاهدة لشبونة، التي صممت بحيث تسمح بالاستعانة بمؤسسات وآليات جديدة تهدف إلى تعزيز التماسك السياسي فيما يتصل بالسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. إن تحويل المزيد من نطاقات المسؤولية، مثل المساعدات الخارجية وسياسات التنمية، إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يعين الاتحاد على التكيف مع الحقائق الدولية الجديدة من خلال تعزيز أهميتها المتنامية باعتبارها مركزاً لصنع القرار في أوروبا.

 

إن صياغة رؤية مشتركة للعالم لابد وأن تبدأ بالجوار المباشر لأوروبا. ولقد احتضن توسع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي عدداً كبيراً من الدول في أوروبا الوسطى والشرقية وفي منطقة غرب البلقان. ولكن على الرغم من هذه الإنجازات فإن التكامل الأوروبي لا يزال بعيداً عن الاكتمال، ولسوف يظل الأمر على حاله هذه ما لم تتبع كل البلدان الأوروبية نفس مسار التنمية.

 

كان هذا الإخفاق سبباً رئيسياً وراء المأساة التي شهدتها منطقة البلقان في تسعينيات القرن العشرين. ولكن ما يدعو إلى التفاؤل أن زمن الصراع المسلح في المنطقة قد ولى إلى غير رجعة، خاصة وقد أصبحت دول البلقان على الطريق إلى الالتحاق بعضوية حلف شمال الأطلنطي والاتحاد الأوروبي. بيد أن أوروبا الشرقية أيضاً، وخاصة أوكرانيا ومولدوفا، لابد وأن يكون التعامل معها باعتبارها منطقة ذات أهمية خاصة.

 

إن زعماء الاتحاد الأوروبي يرثون الانقسامات السياسية التي تعاني منها أوكرانيا وخطوات الإصلاح البطيئة، ولابد وأن يتعامل قادة أوكرانيا مع هذه الانتقادات. ولكن الافتقار إلى التقدم في هذا السياق يعكس أيضاً إخفاق الاتحاد الأوروبي في احتضان أوكرانيا. إن جهود إصلاح المؤسسات السياسية والاقتصادية لأي بلد تسير في أغلب الأحول جنباً إلى جنب مع محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي، وذلك لأن توقعات الحصول على العضوية من شأنها أن تجعل القرارات المؤلمة مقبولة على المستوى الانتخابي. ونستطيع أن نقول باختصار إنه من غير الواقعي أن ينتظر الاتحاد الأوروبي نتائج أوروبية من بلدان مثل أوكرانيا ومولدوفا من دون التزامه الكامل إزاءها.

 

من حسن الحظ أن هذا التوجه في سبيله إلى التغير. وأفضل مثال على ذلك مذكرة الغاز التي وقعَت في وقت سابق من هذا العام بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا بشأن تمديد واستغلال خطوط أنابيب الغاز الأوكرانية، ففي مقابل الدعم السياسي وتمويل مشروعات مد خطوط الأنابيب، وافقت أوكرانيا على تبني قواعد الاتحاد الأوروبي التي تحكم إدارة خطوط نقل الغاز واستغلالها. كما وافقت أوكرانيا على تنفيذ توجيهات الاتحاد الأوروبي ذات الصلة بالطاقة كجزء من عضويتها في الجمعية الأوروبية للطاقة. وهي خطوة أولى نحو اندماج أوكرانيا بالكامل في سوق الاتحاد الأوروبي الموحدة في نهاية المطاف.

 

إن افتقار الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي للإجماع بشأن العديد من القضايا العالمية، فضلاً عن القضايا القارية مثل أوكرانيا، لا يدعو إلى اليأس. والمهمة التي يتعين على الاتحاد أن يقوم بها في هذا السياق تتلخص في إيجاد حلول مشتركة واتخاذ تدابير مشتركة في مجال السياسة الخارجية، حتى وإن كانت بعض حكومات الاتحاد الأوروبي ترى الأمور بعين مختلفة.

كان رئيساً لبولندا في الفترة من 1995 إلى ،2005

والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت سنديكيت”

________________

عودة القضية

الافتتاحية

الثورة

الأحد 8-11-2009م

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

رغم كل الظروف التي أحاطت بتقرير غولدستون, بدءاً من إعداده وموقف اسرائيل منه، مروراً بالتأجيل والعودة عنه، ثم إقراره بمجلس حقوق الإنسان، وانتهاء بإقراره في الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 114 دولة، فإن هذا التقرير وهذا التصويت وما ينتظر أن يتبعه، ولاسيما بعد تعهد الأمين العام للأمم المتحدة بإحالته قريباً على مجلس الأمن، يمكن أن يعيد طرح القضية الفلسطينية من جديد قضيةً عربيةً إسلاميةً إنسانيةً.

أولاً وقبل كل شيء هو إقرار عالمي بالإرهاب الإسرائيلي، وحديث بصوت عالٍ عن الجرائم التي ارتكبها هذا الكيان بحقوق الإنسان والحياة..‏

ولعل أكثر ما يدلل على أهميته من هذا الجانب، هو الرعب الذي أصاب الكيان الصهيوني منه، وقد حاول بكل السبل بما فيها كشف أوراق سرية له لإيقاف سيرورة التقرير، وعندما وجده أمام الجمعية العامة حيث لا رجوع.. راح يبتكر الأحداث البوليسية «أكشن» للفت النظر عما يجري، وفي هذا الإطار تماماً تأتي حكاية سفينة الأسلحة..التي تطرح سؤالاً حقيقياً عن حدود الأمن لهذا الكيان.‏

إيقاف سفينة في عرض البحر، بعيداً عن حدود فلسطين المحتلة بأكثر من مئة وخمسين كيلو متراً هو الإرهاب موصوفاً معترفاً به بل يُعرض بكل الفخر لجذب الأنظار.‏

في مقابل هذا الارتباك الاسرائيلي الواضح كان هناك موقف حقيقي - أو على استحياء - موقف عربي جماعي وآخر إسلامي، بل إن الدول العربية رفضت المساومة على قرار الجمعية العامة مقابل الاستحواذ على رضى دول كبرى في العالم.‏

هذا الموقف وتلك النتيجة لا يسوغان أن نكتشف، بل يسوغان أن نذكّر بأن الموقف العربي الموحد القوي قابل للنفاذ في معظم المحافل الدولية إن لم يكن فيها كلها.‏

اليوم وحالة مشروع السلام تجاوزت غرفة العناية المشددة إلى الشلل الكلي، يصح أن يعلن العرب موقفاً جديداً يقوم على:‏

1- أن القضية الفلسطينية مازالت القضية العربية المركزية الأولى والأهم دون أي مجال للتعديل.‏

2- وقف كل الصراعات والخصومات والمخاصمات لمصلحة هذه القضية، بحيث نعود إلى تحديد مواقفنا من الدول على أساس موقفها من قضيتنا المركزية الأولى.‏

3- أن نكف عن إشعار العالم بأننا نستجدي من عدونا السلام ونقدم من أجل ذلك التنازلات التي لم تنفع شيئاً فنعود إلى خيار الصفر وهو ما يقتضي:‏

- المقاطعة الشاملة الكلية للعدو.‏

- المقاومة خيار أكيد وداعم للسلام.‏

- سحب مبادرات السلام المدونة ولاسيما بعد أن عبث فيها عدونا طويلاً.. وضمنها مبادرة السلام العربية، وهي في حالة الموت السريري الكامل.‏

نقول:‏

هي ليست بالضرورة دعوة إلى الحرب.. يستطيع العرب أن يتكاتفوا خدمة للقضية المركزية العربية الفلسطينية.. وأن يحدثوا بموقفهم الواحد خروقاً فعلية لا تتطلب استخدام السلاح، والمثال الواضح في ذلك هو موقفهم من تقرير غولدستون.‏

العدو يخشى جداً القرار العربي الواحد، ويخشى أن ينطلق من قاعدة الإيمان الكامل دون تراجع..‏

لاحظوا الآن أن تنازلاتنا للعدو كانت العامل الأول والأهم لتشتت القرار العربي.‏

لعله أصبح من قبيل الأحلام أن نتوقع الرفض العربي للتنازلات، ماتم منها وما يسعون إلى إتمامه، لكن نأمل، ويخدمنا بالأمل سلوك ومواقف هذا العدو العنصري المجرم المتغطرس.. الذي لا يترك فرصة للتواضع العربي حتى وإن وصل مستوى الوضاعة..‏

رغم كل ما جرى.. لن يموت فينا الأمل.‏

a-abboud@scs-net.org

___________

الطريق إلى دمشق لا يحتمل الغموض

بقلم : تسفي بارئيل‏

الثورة

ترجمة

الأحد 8-11-2009م

ترجمة: ليندا سكوتي

لم نصب بالدهشة والاستغراب عندما سمعنا مؤخرا أقوال وزير (الدفاع) ايهود باراك، لأننا نعرف جيدا قدراته الكبيرة بصياغة الألفاظ التي تمكنه من ابتكار طرق وأساليب جديدة يتمكن عبرها من الابتعاد عن الإفصاح او التصريح بكل ما هو مهم أو ضروري.

وقد بدا ذلك واضحا بشكل جلي في الأسبوع الماضي، عندما وصف سورية أنها تمثل «العنصر الأساس لأي تسوية إقليمية ثابتة». الأمر الذي أوحى لنا أنه ليس ثمة سلام مع سورية، لأن «اسرائيل» وفقا لأقوال ايهود باراك تدعي «أنها سعت في السابق وستواصل مساعيها في المستقبل لإيجاد السبل الكفيلة بدفع عجلة السلام مع سورية».‏

 لا ريب أن سورية في هذا السياق ستتلقى الكثير من عبارات الثناء والمديح للتقرب منها، وربما يتغير القول من كونها «العنصر الأساس» في التسوية الإقليمية ليصبح إنها تمثل «حجر الزاوية» أو «مسمار العجلة». ولا نعلم ماذا قد يقال أيضا، فربما تكون الرابحة للذهب، ويصبح القول عنها إنها الأساس في أي اتفاقية سلام. لكنه وفقا لتقديرنا نقول إنه طالما ادعت «إسرائيل» بأنها تبذل قصارى جهدها في البحث والتمحيص عن السبل الكفيلة لدفع عملية السلام مع سورية، فإن ذلك يعني أنه لن يكون هناك سلام معها. ذلك أن «إسرائيل» تجد متعة عندما تدعي البحث عنه، أو بمعنى آخر تستمتع برحلة البحث عن السلام دون ان تكترث بما تفضي إليه تلك الرحلة من نتائج، وكأنها في تصرفها هذا قد تبنت الفلسفة الطاوية. فتلك هي الطريقة التي دأبت «إسرائيل» على استخدامها منذ أمد بعيد، عندما تدعي التحرك نحو السلام سواء أكان ذلك مع الفلسطينيين، أم الدول العربية، أم حماس التي اتبعت معها ذات الأسلوب عند بحث موضوع إطلاق سراح الجندي المختطف جلعاد شاليط. هذا وإن أردنا الوقوف على حقيقة هذا الأمر، فما علينا سوى وضع معضلة دبلوماسية أمام الحكومة الإسرائيلية حيث سنجدها تنقض وتنهمك لوضع الخرائط الطبوغرافية عديمة الجدوى لتلك المعضلة. وقد تمكنت الحكومة بأسلوبها الفريد من نوعه من ابتداع مهام جديدة للوسطاء جعلتهم يبذلون قصارى جهودهم وما لديهم من قدرات لتقديم الأساليب التي تمكن «إسرائيل» من سلوك الطريق الذي يوصلها الى بناء علاقات مع سورية، وأما الحكومة التركية فقد انخرطت في إجراء حوار غير مباشر بين «إسرائيل» وسورية، ويضاف إليهم الرئيس الكرواتي ستيبن ميسيتش الذي عرض في الأسبوع الماضي خدماته للوساطة بين البلدين. أما وزير الخارجية الإسباني فقد قدم الى دمشق مرات متعددة ليمارس الوساطة أيضا. لكن الواقع يؤكد أن «إسرائيل» مثلها مثل فرانك سيناترا لا تفعل إلا ما يحلو لها فقط.‏

 يتعين على الجميع ان يعلم أن الطريق الى دمشق قصير جدا لا يحتمل اللبس أو الغموض، وهو ممهد ومعبد، وأصبح ثمن عبوره معروفا لنا ولغيرنا ألا وهو الانسحاب الكامل من مرتفعات الجولان نظير سلام كامل، يتضمن التطبيع، تلك هي سياسة سورية منذ أمد بعيد. ولا نشك أن السلام معها ربما يقودنا الى الحصول ايضا على مكافآت وعلاوات تجنيها «اسرائيل»، إذ قد يضطر حزب الله للتعاطي مع الواقع الجديد، وستجد حماس نفسها مضطرة لتبرير بقائها مع راع لا يعترف «بإسرائيل» فحسب، بل ويطبع العلاقات معها. أما إيران فستأخذ فترة للقبول بالحقيقة التي تقول إن حليفتها المقربة منها في الشرق الأوسط قد قوضت الأيديولوجيا التي تحاول التسويق لها حول «إسرائيل». وربما تقدم الدول العربية الأخرى تنازلات «لإسرائيل» قبل التوقيع على اتفاق سلام مع الفلسطينيين.‏

 يؤكد الواقع أن السلام مع سورية لن يفضي او يضمن قيام سلام إقليمي او إنهاء للنزاع في الشرق الأوسط. لكنه في مختلف الاحوال، عندما تبدي سورية استعدادها لصنع السلام فإنها تسعى الى تحقيق سلام معقول ومقبول. وبإمكان سورية الاقدام على مثل تلك الخطوة لان الخارطة السياسة للشرق الاوسط قد اختلفت عما كانت عليه بالأمس، في ضوء ما نشهده من تغييرات حصلت في الآونة الأخيرة. إذ إن سورية لم تبق الدولة المعزولة دوليا كما كانت عليه في العام الماضي ، حيث نجد الدول الغربية قد عمدت الى تجديد علاقاتها معها، بل وعرضت عليها تنفيذ شراكة اقتصادية. والولايات المتحدة أخذت تطرق بابها وتوفد إليها المبعوثين بشكل متوال. أما على الصعيد العربي، فقد أنهت المملكة العربية السعودية خلافاتها التي استمرت لمدة خمس سنوات ودول الخليج وخاصة قطر أصبحت على علاقة وثيقة معها. كما وأصبحت تركيا الشريك المقرب منها. وبذلك فأن نظرية عزل سورية التي سعت إليها وتبنتها «إسرائيل» والولايات المتحدة إبان عهد جورج دبليو بوش قد انتهت، وذهب عهدها. وإزاء ما سلف ذكره، فإن سورية لا تحتاج لتصريحات يطلقها ايهود باراك بأنها تشكل «العنصر الأساس» في تحقيق سلام الشرق الأوسط. وفي واقع الأمر، ومن مواقف القوة السياسية لها، فإنها تقدم على السلام مع «إسرائيل» سواء بوجود وسطاء أو من دونهم.‏

 إن ما تبديه سورية من تغيير أمر لا تثق به «إسرائيل»، لأن الشكوك القديمة ما زالت قائمة حيالها، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن الدوافع التي تدعو نتنياهو لمحاولة التقاء الرئيس السوري ان كان بهدف إجراء حوار غير مجد معه؟ أم ليبلغه أن «إسرائيل» لا تزال تفضل ان تبقى دولة اللاسلم واللاحرب؟‏

______________________

الموقف الاميركي المعلن هل تغير تحت الضغط؟

نصوح المجالي

الرأي الاردنية

8-11-2009

ما اعلنته وزيرة الخارجية الاميركية اثر محادثاتها مع اركان الحكومة الاسرائيلية، يشكل تحولا ملحوظا في الموقف الاميركي المبدئي، الذي اعلنه الرئيس اوباما في خطابه الشهير للعالم الاسلامي من جامعة القاهرة، وخطابه في الامم المتحدة، فالرئيس اوباما التزم غير مرة بوقف الاستيطان باعتباره مخالفا للاتفاقات المبرمة، ولأنه معطل لأي جهد مستقبلي لتحريك عملية السلام في الشرق الاوسط.

لقد تجاوزت وزيرة الخارجية الاميركية كل ذلك عندما اعلنت من اسرائيل ان وقف الاستيطان ليس شرطا لعودة الاطراف المتنازعة للمفاوضات وهذا يعني ان على الفلسطينيين العودة للمفاوضات مع استمرار الاستيطان الذي توظفه اسرائيل لمنع قيام الدولة الفلسطينية ولمصادرة الاراضي التي ستقوم عليها.

ونتنياهو الذي كرس جهد حكومته لتسريع الاستيطان في الضفة الغربية، وخصوصا في القدس وما حولها دعا الفلسطينيين للعودة الى المفاوضات بدون شروط مسبقة، مع ان جميع الحقائق والتجاوزات والمخالفات القانونية التي اقترفتها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة في الاراضي المحتلة، وبخاصة في القدس وما حولها تعتبر شروطا مسبقة تصر اسرائيل على فرضها مسبقا على الجانب الفلسطيني وهي لا تكتفي بالحقائق الاستيطانية المسبقة بل تضيف اليها شروطا اخرى كرفض وقف الاستيطان ورفض العودة للاتفاقات المبرمة ورفض قرارات الامم المتحدة، ومطالبة الفلسطينيين بالتخلي عن متابعة تقرير جولدستون في المحافل الدولية، والغريب ان واشنطن لا تعتبر ذلك شروطا مسبقة تعطل السلام.

والحقيقة أن الموقف الذي اعلنته السيدة كلينتون من تل ابيب ينسف المبادئ التي اعلنها الرئيس الاميركي لمعالجة الصراع في المنطقة ويستبدلها بموقف مؤيد ضمنا للموقف الاسرائيلي المتصلب من مسألة الاستيطان وبموقف مؤيد للاحتلال وتوسعاته على حساب الحقوق الفلسطينية المغتصبة، فاسرائيل نجحت كما يبدو في احداث تراجع في الموقف الاميركي الذي يراهن عليه العرب.

وحكومة اسرائيل تحرص على تصوير الموقف الفلسطيني بأنه عقبة في طريق التفاوض والسلام، وهذا بحد ذاته يشكل تزويرا للحقائق تحاول اسرائيل تمريره على الادارة الاميركية بالرغم من ان الولايات المتحدة تدرك أن كل ما تفعله اسرائيل في الاراضي المحتلة ينسف أسس التفاوض والسلام ويحول دون قيام الدولة الفلسطينية.

واشنطن والسيد ميتشل بخاصة يراهنون على ديناميكية التفاوض التي قد تغير المواقف اثناء التفاوض لكن المفاوضات التي تقوم على تنازلات من الطرف الضعيف لطرف قهر ارادته واغتصب حقوقه، ويصر على التطرف والتمسك بسياسات التهويد والاحلال لن تقود الا الى حل مشوه وغير عادل.

وما تطرحه اسرائيل من مفاهيم كالدولة المؤقتة والحدود المؤقتة، امر غير مسبوق في القانون الدولي ولا يوصل الى أي نتيجة ايجابية لأن ما هو مؤقت يمكن الغاؤه من أي حكومة اسرائيلية اخرى، كما حدث في الاتفاقات السابقة المبرمة مع الفلسطينيين.

السيدة كلينتون اسقطت تحت الضغط الصهيوني اهم الشروط الفلسطينية للعودة للتفاوض، وايدت تطرف الموقف الاسرائيلي والاهم انها أكدت استهانة الموقف الاميركي بالاعتدال الفلسطيني والعربي، الذي بدا عاجزا عن الوصول الى أي نتيجة ملموسة في تقريب السلام، مما حدا بالرئيس عباس الى اعلان التنحي الغريب عن منصبه، وعلى العرب ان يراجعوا مسار السلام ومرجعياته وان يتخلوا عن الكثير من الاوهام، لعلهم يصلوا الى ينهي الاحتلال ويضمن للشعب الفلسطيني حقه في دولة حرة مستقلة.

________________

من الذي طلب من أوباما أن يقوم بعملي؟   بقلم :أريانا هافنغتون

البيان

8-11-2009 

عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع وول ستريت، يبدو أن الرئيس أوباما قد تخلى عن دوره كقائد أعلى لاقتصادنا، مقابل لعب دور آخر مختلف تماماً هو دور الخبير الأعلى. وفجأة انكب أوباما وكبار مستشاريه على التوجه إلى الأطراف المعنية بكلمات: الحضّ، التأييد، التوصية، الاقتراح، ومحاولة الإقناع بالكلمة الطيبة.

 

وخلال خطابه الإذاعي الأسبوعي، الذي ركز على الحاجة لإقناع بنوك أمريكا باستئناف تقديم القروض إلى الأعمال التجارية الصغيرة مجدداً (ألم يكن هذا هو أصلاً السبب الذي من أجله تدخلت الحكومة لإنقاذ البنوك؟)، أعلن الرئيس أنه قد «حان الوقت لكي تضطلع تلك البنوك بمسؤولياتها للمساعدة في ضمان تحقيق انتعاش أوسع نطاقاً، ونظام اقتصادي أكثر أمناً، وازدهار أكثر مشاركة».

 

لكن عبارة «حان الوقت لكي» مستعارة من قاموس المصطلحات التي نستخدمها نحن الخبراء والمحللين الأكاديميين، حين نقول مثلاُ «حان الوقت لكي تقوم البنوك بفعل كذا أو كذا.. حان الوقت لكي يفعل الكونغرس كذا أو كذا.. حان الوقت لكي يقوم الرئيس بكذا أو بكذا».ثم طرح الرئيس خطة العمل التي أقرها قائلاً: «سوف ننتهز كل فرصة لنحضّ البنوك على الالتزام بتلك المسؤوليات».

 

تحضّهم على ذلك؟ لماذا لا تجعلهم يقومون بذلك؟

 

الكتاب الصحفيون وكتاب المدوّنات الإلكترونية يحضّون، لكن الرئيس ينفّذ. هذا هو عمله، ومن هنا جاءت تسمية السلطة التنفيذية.

 

لكن عندما يتعلق الأمر ببنوك أميركا، يتحدث البيت الأبيض في أحيان كثيرة وكأنه مجرد متفرج مسكين لا حول له ولا قوة، ونسمع تصريحات كتلك التي أدلى بها ديفيد أكسيلرود، مستشار أوباما، على محطة إيه بي سي: «ليس لدينا سوى سطوة محدودة، غير خيار الضغط الأخلاقي مع بعض هذه البنوك».

 

هل حقاً الضغط الأخلاقي هو كل ما باستطاعتنا؟

 

ولننظر إلى هذه المحاولة من جانب روبرت جيبس، الناطق الإعلامي باسم البيت الأبيض، ليظهر أن الإدارة تدرك أن الكلام وحده ليس كافياً، دون أن يدرك هو نفسه أن مجرد الإدراك بأن الكلام ليس كافياً، غير كاف أيضاً. فقد قال في جلسته اليومية مع الصحافة «هذا ليس مجرد أمل. إنه أكثر من ذلك». وتابع: «أعتقد أن الرئيس.. لديه رؤى قوية جداً في هذا الموضوع، موضوع الإقراض. وأعتقد أننا نأمل أن يتجلى ذلك في أفعال البنوك».

 

لذلك أعتقد أنا أن الأمر أحياناً لا يتجاوز مجرد الأمل. وبالنسبة لتعليق جيبس بأن الرئيس لديه «رؤى قوية»، مرة أخرى أقول هذا تعبير أستخدمه أنا، أما الرئيس فلديه السلطة والصلاحيات لتحويل الرؤى القوية إلى سياسات تغيير جذرية. وحتى عندما ينتقل الرئيس من الأمل إلى الرؤى إلى الفعل، فإن الأفعال التي يختار أن يقوم بها ليست قوية بما يكفي.

 

فخلال خطابه الإذاعي، اشتكى الرئيس من حقيقة أن «الكثير من أصحاب الأعمال الصغيرة لا يزالون يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على الائتمانات المالية التي يحتاجونها. وهؤلاء أنفسهم هم دافعو الضرائب الذين وقفوا إلى جانب بنوك أمريكا في محنتها، والآن حان الوقت لبنوكنا لتقف بجانب الأعمال الصغيرة التي تستحق الدعم، وتقدم لها القروض التي تحتاجها لتفتح أبوابها، وتوسع عملياتها وتوجد فرص عمل جديدة».

 

إذن، ما الذي ينوي الرئيس أوباما أن يفعله حيال هذا الأمر؟ سيقوم (خمّنوا ماذا).. بالدعوة لعقد مؤتمر. ولقد أعلن الرئيس عن ذلك الأسبوع الماضي، حين قال: «طلبت من تيم جايثنر وكارين ميلز تنظيم مؤتمر في الأسابيع المقبلة، يجتمع فيه القائمون على لجان الأنظمة البنكية وزعماء الكونغرس والمقرضون والأعمال الصغيرة، لتحديد ماهية الخطوات الإضافية التي يمكننا اتخاذها لضمان تدفق القروض إلى الأعمال الصغيرة، التي تريد التوسع وإيجاد المزيد من فرص العمل».

 

تنظّم مؤتمراً؟ هل تسمعون ذلك يا أصحاب الأعمال الصغيرة؟ مشاكلكم على وشك أن تنتهي، لأن الرجل الأكثر نفوذاً على هذا الكوكب سوف «ينظم مؤتمراً»، وهذا يعني اختيار قائمة الحضور، اختيار الموقع، توزيع البيانات الصحفية، كتابة التقارير.. وبعد ذلك، تأتي الجزئية المفضلة، وهي تجاهل التقارير، وتبادل التهاني بنجاح تنظيم المؤتمر!

 

بالطبع، كلنا يعرف أنه في قاموس واشنطن، جملة «سوف أنظم مؤتمراً» تعني تقريباً «سوف أشكّل لجنة مستقلة عليا للبحث في الأمر»، من حيث نتيجتها المتوقعة في التسويف والمماطلة. لأنه لو كانت هذه القضية حقاً على سلم أولويات الإدارة، لكانت فعلت شيئاً ما حيالها.. الآن وليس لاحقاً. فالسلطة التنفيذية في جعبتها الكثير من الأسلحة لإجبار البنوك على تغيير سلوكها، خاصة وأن هذه البنوك لا تزال تعتمد على مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب والضمانات الحكومية!

 

وفي هذه الأثناء، تبقى المشاكل الهيكلية الأساسية التي أدت إلى الانهيار المالي، بدون علاج. فلقد تم في البداية استغلال الإحساس العام بوجود أزمة طارئة وملحة، لإقناع دافعي الضرائب بالحاجة إلى التدخل لإنقاذ البنوك. لكن الآن بعد أن تخطت البنوك الأزمة  التي أصبحت تقتصر الآن فقط على بقية البلد  تضاءل الإحساس بشدة إلحاح هذه القضية، لأنه لا شيء أكثر إيحاءً بانعدام الحاجة الملحة من استخدام عبارة مثل «الدعوة إلى عقد مؤتمر».

 

إليزابيث وارين، رئيسة هيئة الرقابة في الكونغرس، تلخص الأمر بلهجة تنذر بالخطر قائلة: «كل الأمور التي كنا نتحدث عنها باعتبارها مشاكل خطيرة جداً، لا تزال في نظري مشاكل خطيرة جداً حتى الآن». من جانبه، يرى نيل كاشكري، المشرف السابق على برنامج «تارب» خلال فترة إدارة بوش، أن الافتقار إلى التغيير في الوضع الراهن واضح جداً، ويقول:

 

«أعتقد أن الطريقة التي تتحدث بها الإدارة الديمقراطية عن بعض القضايا المحددة، ربما تختلف قليلاً عن طريقة الإدارة الجمهورية، وهذا أمر طبيعي، لكن جوهر أفعالهم، في اعتقادي، منسجم جداً مع أفعال الجمهوريين. وهذا أمر مهم جداً».

 

مهم بالنسبة لوول ستريت، ومأساوي لبقية شعبنا في أمريكا، سواء في ما يتعلق بما تم إنجازه إلى الآن، أو بالشقاء الإضافي الذي سيجلبه ذلك علينا في المستقبل القريب. لكن هذا الشقاء ليس محتوماً ويمكن تجنبه، فقط إذا توقف الرئيس أوباما عن التصرف كخبير أو محلل أكاديمي، يحض على التغيير من موقعه على هامش الأحداث، وبدأ يتصرف كرئيس، يملي على الجميع مجريات اللعبة من موقعه في منتصف الملعب.

رئيسة تحرير ومؤسسة صحيفة «هومنجتون بوست» الأميركية

opinion@albayan.ae

_________________

بعد 35 عاماً على دخوله الخدمة .. أين وصلت برامج تحديث سد الفرات ؟

الرقة .. شام برس من عبد الكريم البليخ

شام برس

3-11-2009

مما لاشك فيه أنَّ سد الفرات من الانجازات المهمّة في سورية، وذلك من خلال ما حمله من أهداف وآفاق كبيرة، تمثلت وبشكل خاص في مجالي الري والكهرباء.

ومع مرور أكثر من 35 عاماً على دخول هذا السد في الاستثمار يبرز التساؤل: هل يواكب السد بواقعه الحالي الحداثة والتطور الذي وصلهما العالم في هذا المجال اليوم؟ وهل تراجع دوره؟

صمام أمان

يقول المهندس يحيى سلامة المدير العام للمؤسسة العامة لسد الفرات: إنَّ السد لم يتراجع دوره أبداً بل يُعتبر صمام الأمان في مجال المياه أولا، من حيث التنفيذ الأمثل لإدارة مياه الفرات وفقاً للموارد المائية القادمة من الجانب الآخر، وثانياً في إنتاج الكهرباء، وهو الإنتاج المرتبط بكميات المياه المرّرة من خلاله.

 وفي مجال توليد الطاقة  فانه تتم الاستفادة من  ضاغط المياه المخزنة في البحيرات الثلاث "الأسد، البعث، تشرين" في توليد الطاقة الكهربائية الرخيصة الكلفة والنظيفة، والصديقة للبيئة، ورفد الشبكة العامة بالطاقة الكهربائية، وخاصة في ساعات الذروة المسائية بما يصل وسطياً إلى حوالي 1300 ميغا واط.

 أضف إلى أنَّ مجموعات التوليد في محطات الفرات تلعب دوراً رئيسياً وهاماً في تحقيق التوازن في الشبكة العامة للطاقة في سورية.

ومخزون للأمن المائي

وفي حال وقوع أي عطل طارئ في المحطات الحرارية، أو الغازية يتم تعويضه ، وخلال دقائق من الاحتياطي الدوّار، أو من المجموعات الاحتياطية في المحطات الثلاث، وقد بلغت كمية الطاقة الكهربائية المنتجة من محطات الفرات الكهرمائية منذ بدء استثمارها ولغاية شهر آذار من العام الحالي 2009 نحو 84 مليار و595 مليون كيلو واط ساعي.

 وفي مجال الري، يقول المهندس سلامة: أنَّ المؤسسة العامة لسد الفرات تقوم بإدارة الموارد المائية المتاحة من خلال خزّانات البحيرات الاصطناعية خلف السدود الثلاث: الفرات والبعث وتشرين، والتي تقدر طاقتها التخزينية العظمى بحوالي 16 مليار متر مكعب.

وتشكل هذه البحيرات مخزوناً استراتيجياً هاماً للأمن المائي في سورية، من خلال تأمين مياه الشرب للسكان القاطنين في المدن والقرى والتجمعات السكانية، بالإضافة لمدينة حلب، ومياه الري، الخاصة بالأراضي الزراعية المستصلحة على جانبي نهر الفرات.

تحديث ساحتي التوزيع

وعن أبرز التحديثات، قال: لقد تم الإعلان عن مناقصة عالمية خلال العام الماضي لتحديث ساحتي التوزيع في محطتي الفرات والبعث، وهذا المشروع من المشاريع المهمة في عمل المؤسسة خلال المرحلة القادمة، وتشمل هذه العملية: تحديث القواطع الهوائية في ساحة التوزيع/220/ ك. ف وتجهيزاتها المركبة في محطة سد الفرات، بأخرى تعمل على الغاز الخامل طراز  SF6  من الجيل الجديد ذات موثوقية عالية وقدرة قطع كبيرة تتوافق مع التطور الكبير في استطاعة الشبكة العامة في سورية ناهيك عن سهولة استثمارها، وصيانتها مستقبلا، وكلفتها الاستثمارية أقل، وكذلك تحديث الكابلات الزيتية 220 ك فولط  بأخرى جافة، وتتميز الكابلات الجافة بأنها أقل عرضة للأعطال، وأقل كلفة في الصيانة والاستثمار مستقبلا، وأكثر موثوقية في العمل.. وقد أعطي أمر المباشرة لشركة صفا الإيرانية للبدء بالعمل بتحديث الساحتين، وبكلفة 16 مليون يورو، وقد تم تسليم الموقع بتاريخ 15/10/2009، ومن المتوقع أن تبدأ عمليات التوريد الخاصة بالمشروع بعد ستة أشهر من الآن.

محطة كهرمائية جديدة

وأشار المدير العام للمؤسسة، بقوله:  أنه ومن خلال اتفاقية الحل الودي التي توصلت إليها وزارة الري مع الجانب الصيني، والمصدقة من اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء، فقد تم وضع برنامج زمني بالبند الخاص لإنشاء محطة كهرمائية على مأخذ قناة البليخ الرئيسية بحيث يشمل أولا: تقديم شركة سيشوان الصينية دراسة وتصميم للمحطة مع عرض فني ومالي متكامل يتقرّر على ضوء تقييمه فنياً ومالياً، وعلى ضوء ذلك يجري استكمال الإجراءات اللاحقة الخاصة، وهي التعاقد بالتراضي.

 وتتكفل الشركة الصينية انجاز كافة أنواع التصاميم الخاصة بالمحطة، وإدارة الأعمال المتعلقة بها، وإجراءات التصنيع، والنقل البحري، والتجميع، والتركيب، والتشغيل لكافة التجهيزات الميكانيكية والكهربائية، باستثناء تنفيذ الأعمال المدنية.

ومحطة تحويل صغيرة

وأكد المهندس سلامة: أنَّ إجراءات تصديق العقد سيكون مع مطلع العام 2010 بالإضافة إلى أنَّ أمر المباشرة من المتوقع أن يبدأ مع بداية الشهر الرابع من العام القادم، وتأتي أهمية إقامة محطة كهرمائية على مأخذ قناة البليخ الرئيسية في ظل الاستفادة من تدفق مياه الري في هذه القناة التي تبلغ غزارتها 140 م3 بالثانية في إنتاج طاقة كهربائية، وهي وفقاً لما هو مخطط أولياً، باستطاعة 18 ميغا واط، وبحيث تنتج نحو 52 مليون كيلو واط ساعي سنوياً.

 كما أنه سيصار إلى إنشاء مشروع محطة تحويل صغيرة لتأمين التغذية لمحطة سد الفرات في حال انقطاع التيار الكهربائي بكلفة 60 مليون ليرة.

الثلاثاء 03-11-2009

___________________

الإصلاح والتحديث في الوطن العربي .. «17» قادة الإصلاح الليبرالي في المغرب العربي د. علي محافظة

الدستور

8-11-2009

من بين قادة الإصلاح الليبرالي في المغرب يبرز إثنان كان لهما أثر عميق وواسع في المجتمع المغربي هما الحبيب بورقيبة وعلال الفاسي. ولد الحبيب بورقيبة بمدينة المنستير على الساحل التونسي في 3  8  1902 وانتقل إلى تونس العاصمة حيث التحق بالمدرسة الصادقية ولم يحصل على شهادتها الثانوية بسبب إصابته بالسل. وتابع دراسته الثانوية في مدرسة كارنو فنال الشهادة الثانوية سنة ,1924 درس الحقوق في جامعة السوربون بباريس ونال ليسانس في القانون سنة ,1927 تزوج وهو في باريس ماتيلد لوران الفتاة الفرنسية التي أنجبت منه الحبيب الابن. انضم إلى الحزب الحر الدستوري سنة ,1922 بعد تخرجه في السوربون عاد إلى تونس ومارس المحاماة ، وشرع في الكتابة في الصحف الفرنسية الصادرة في تونس التي كانت تحت الحماية الفرنسية منذ سنة ,1881 وأسس جريدة العمل L'Action Tunisienne في تونس سنة ,1932 وبعد سنتين حدث انقسام في صفوف الحزب الدستوري أدى إلى انشقاق بورقيبه وعدد من رفاقه عن الحزب وأنشأوا الحزب الدستوري الجديد سنة ,1934اعتمد الحزب الجديد سياسة المراحل (خذ وطالب) وكان بورقيبة يتولى منصب الأمين العام للحزب منذ تأسيسه ، وتعرض للاعتقال من السلطات الفرنسية عدة مرات بين سنتي 1937 و ,1943 وعاد إلى تونس ولكنه ما لبث أن غادرها إلى القاهرة سنة 1945 وانضم إلى "مكتب المغرب العربي" فيها ، وتولى الأمانة العامة "للجنة تحرير شمال أفريقيا". ولكنه عاد إلى تونس سنة 1949 ، وبدأ خلاف بينه وبين صالح بن يوسف الذي تولى قيادة الحزب في غياب بورقيبة وانتهى الصراع بينهما سنة 1955 بانتصار بورقيبة. وكان لبورقيبة وحزبه دور حاسم في استقلال تونس في 20  3  ,1956 وقضى على النظام الملكي في تونس سنة 1957 وتولى بورقيبة رئاسة الجمهورية منذئذ وحتى سنة 1987 ، حينما قام زين العابدين بن علي بانقلابه عليه. وكان بورقيبة قد بلغ مرحلة العجز عن إدارة الدولة. وبقي في منزله حتى وفاته في 6  4  ,2000لا شك أن بورقيبة الذي عاش في باريس أعجب بالحياة السياسية والاجتماعية الفرنسية. ولكنه في مرحلة الاستعمار كان حريصاً على الحفاظ على الشخصية التونسية. كتب في 11  1  1929 مقالاً بعنوان "الحجاب" أدان فيه الدعوة إلى التخلي عن حجاب المرأة التونسية ، واعتبر العديد من العادات والتقاليد التونسية جزءاً من الهوية التونسية.وكغيره من الليبراليين العرب أيقن بورقيبة أن الرأي العام الفرنسي مع التونسيين في كفاحهم ضد الحيف والامتيازات التي يتمتع بها الفرنسيون في تونس. ظل بورقيبة في الثلاثينات من القرن العشرين مؤمناً بالمشاركة مع الفرنسيين ، فهو يقول في مقال نشر في 24  2  :1933 "نعم كنت دوماً ولم أزل إلى هذا اليوم من أنصار سياسة المشاركة رغم كل شيء. ولكن مع التأكيد بأني أرفض كل منهج غير مبني على المساواة المطلقة في الحقوق والواجبات".وها هو يقول في كتاب مفتوح إلى النائب الفرنسي هنري غرنوت Henry Guernut في 5  5  :1933 "سيدي النائب: اسمحوا لمناضل قومي مهدد في حريته الشخصية بتدابير أو وسائل قمع في ظل المكاتب. إسمحوا لرجل تغلغلت فيه الثقافة الفرنسية ولم يزل محافظاً - بالرغم من كل شيء - على ثقة فطرية فيه نحو الشعب الفرنسي الذي كان أول من أبرز وأكد حقوق الإنسان والمواطن ، أن يرحب بكم على أرض بقي مصراً على اعتبارها وطناً له".وفي مقال لبورقيبة في جريدة العمل التونسي بالفرنسية نشر في 23  12  1936 يقول: "ولهذا كنا دوماً نعتبر بكل إخلاص ، وبدون حسابات مبيتة أو براعة سياسية ، أن استقلال تونس يجب أن يكون مصحوباً بمعاهدة تضمن لفرنسا امتيازاً سواء في الميدان السياسي أو في الميدان الاقتصادي بالنسبة إلى سائر القوات الأجنبية". وفي رسالة من بورقيبة إلى رفيقه في الحزب الهادي نويرة مؤرخة في 30  11  1936 يؤكد هذا التوجه بربط تونس مع فرنسا بعد نيل استقلالها الكامل لضمان أمنها. وظل بورقيبة على هذه السياسة حتى حصلت تونس على استقلالها.أما علال الفاسي فقد ولد بفاس في سلطنة مراكش سنة ,1910 وكان والده عبدالواحد مفتي فاس ، وسكرتير مجلس العلماء والقيّم على مكتبة جامعة القرويين والواعظ في القصر السلطاني. تلقى علال تعليمه في مدارس فاس ثم التحق بجامعة القرويين في سن السابعة عشرة. درس الفقه الإسلامي والحديث النبوي والبلاغة العربية والمنطق. وساهم أثناء دراسته في الدعاية لثورة الريف المغربي بقيادة الأمير عبدالكريم الخطابي. ونال الشهادة العليا من جامعة القرويين سنة 1930 ، وتولى تدريس التاريخ الإسلامي فيها بعد تخرجه. زار باريس وعمل في التنسيق بين الحركات الوطنية المغربية. كما زار جنيف حيث تعرف على الأمير شكيب أرسلان وأقام علاقة صداقة وثيقة معه.لم يكتف علال الفاسي بدراسة المفكرين المسلمين القدامى ، وإنما أقبل على دراسة رجال الإصلاح والتحديث المحدثين ولاسيما الشيخ محمد عبده. صحيح أن الفاسي ينتمي إلى حركة التجديد الإسلامي التي قادها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ، ولذا لم يتردد في مهاجمة التقليد ، والدعوة إلى دخول الحضارة الحديثة والتحول الاجتماعي ، ودافع عن فكرة التجديد الفكري والاجتماعي في المجتمعات الإسلامية ، رافضاً التقليد الأعمى للغرب. وبيّن السبيل إلى الدولة الوطنية الحديثة بإسلام تقدمي ومتجدد. فهو يقول: "إن الأفكار الليبرالية العامة التي نعرفها اليوم لها جذورها في ثورة الإسلام الأولى ، حتى ولو طغت عليها الخرافات ولو ابتعدنا عنها بانحرافاتنا". وقال: يجب أن لا يمنعنا الإسلام عن التقدم. ونادى الفاسي بمشاركة المرأة المسلمة في الحياة العامة.وفي كتابه القيم "النقد الذاتي" يؤكد أن التوجه التقدمي يقتضي هذه الأيام إعادة الحقوق كلها إلى المرأة ولاسيما حق الانتخاب وأن تنتخب. وليس في الإسلام ما يمنع من الاعتراف بهذه الحقوق. وقال أيضاً إن الفكر الديني في الاسلام يقوم على الحرية الكاملة في التفكير والعقيدة. إن عجلة الزمن تدور ، وقوافل البشرية تمر ولا تنتظر المتأخرين. وأؤلئك الذين يترددون في سلوك سبيل النهضة خوفاً من الدين هم يعارضون الفكر الإسلامي الذي يرفض الجمود والتردد والنية السيئة.في سنة 1930 ، بعد صدور الظهير البربري الشهير ، ألف علال الفاسي وعمر بن عبدالجليل ومحمد بن حسن الوزاني حركة سياسية قامت بدور مهم في تحرير المغرب وبلوغه الاستقلال في 2  3  ,1956 وتحولت هذه الحركة إلى تنظيم سياسي هو كتلة العمل المراكشي سنة ,1934 طالبت الكتلة بالإصلاحات الضرورية في التعليم والاقتصاد والقضاء.ولما تولت حكومة الجبهة الشعبية السلطة في فرنسا سنة 1936 ، اجتمعت الكتلة في 25 تشرين الأول في فاس وقررت تنظيم اجتماعات شعبية للمطالبة بالحريات الديمقراطية ولاسيما حرية الاجتماعات وتأليف الأحزاب والنقابات. وعلى أثر ذلك أعتقل الفاسي ورفاقه ، وحلت الكتلة سنة 1937 وتألف بعدها الحزب الوطني لتحقيق الإصلاحات بزعامة الفاسي. واعتقل الفاسي وبقي في المعتقل أثناء الحرب العالمية الثانية حتى تقدم رفاق الفاسي في 11  1  1944 بطلب تأليف حزب الاستقلال برئاسة علال. وأطلق سراح المعتقلين المغاربة في 14  7  ,1945 وأعلن الحزب بيانه الأول مطالباً بالاستقلال الوطني وسن دستور للبلاد. تعاون حزب الاستقلال مع السلطان محمد الخامس من أجل هذين الهدفين. ولجأ علال الفاسي إلى القاهرة سنة 1947 ، وألقى العديد من المحاضرات في عواصم المشرق العربي ، وأصدر كتاب "النقد الذاتي" في القاهرة سنة ,1952 وعاد إلى بلاده سنة 1956 حيث أنتخب رئيساً لحزب الاستقلال مدى الحياة.دعا الفاسي إلى التقارب بين الإسلام والغرب بمقالات عديدة. ورأى أن السلطة التشريعية في الإسلام هي في الوقت نفسه ثيوقراطية وديمقراطية. ثيوقراطية في الأمور الدينية ، وديمقراطية في الأمور المدنية والسياسية والاجتماعية. ونادى بتعريب التعليم في المغرب وتحديث التعليم العالي.ولا شك أن بورقيبة يختلف في تفكيره ونظرته الليبرالية عن علال الفاسي ذي الثقافة الإسلامية السلفية. ولكنهما يتفقان على ضرورة تبني الفكر الليبرالي الغربي ومؤسساته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وسعى الفاسي إلى تسويغ دعوته هذه بعدم معارضها للشريعة الإسلامية ، بل وجد في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وسيرة الصحابة ما يؤيد دعوته هذه.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ