ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 03/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أمريكا تعترف بفشلها وإسرائيل تستمر في ابتزازها

الوطن السعودية

2-11-2009

هل اعتراف السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية بفشل مهمتها في الشرق الأوسط يشكل عزوفاً أمريكياً عن مواكبة السياسات التي أعلنها الرئيس باراك أوباما حول الشرق الأوسط وضرورة التوصل إلى حل لأزمة المنطقة يقوم على إقامة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية والتقدم على كافة المسارات وخاصة المسارين السوري واللبناني؟

لا تبدو اللهجة التي تحدثت بها السيدة هيلاري مقنعة لأطراف التسوية، وخاصة الطرف الفلسطيني، خاصة بعد أن "اعتذرت" السيدة كلينتون عن فشلها وفشل المبعوث الخاص للرئيس أوباما إلى المنطقة السيناتور جورج ميتشيل، للمرة العاشرة في إقناع الطرف الإسرائيلي بتقديم ما يمكن أن يؤهله لمواصلة مهمته، ومنها وقف الاستيطان ولو لفترة محددة.

حكمت إسرائيل على مهمة ميتشيل بالفشل منذ أن بدأت، فبدل أن تتلقف الانفتاح الذي أبدته السلطة الفلسطينية على مبادرة أوباما، وملاقاة أوباما في منتصف الطريق كما فعل العرب بعد خطابيه الشهيرين في تركيا ومصر، عمدت إلى التصعيد، باعتبار أن ما اعتبرته تنازلاً عربياً وإسلامياً في فلسطين، سيؤدي إلى تحقيق حلمها في يهودية الدولة وتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية لمقايضته في مرحلة لاحقة بلاجئين جدد وأراض جديدة تنتزعها من القدس ومحيطها.

وغاب عن إسرائيل أن العرب الذين تبنوا مبادرة السلام في قمتي بيروت والرياض كانت مبادرتهم الحد الأدنى الذي لا يمكن تخطيه خاصة أن شعارها كان الأرض مقابل السلام، وهو أمر يتبين يوماً بعد يوم أن إسرائيل غير متحمسة له. فهي لا تريد أن تعطي الأرض لأصحابها، وتتوسع وتستوطن وتدعي حرصها على السلام.

كانت مواقف الفلسطينيين بالأمس مشجعة على رفض تصريحات كلينتون التي اشترطت عدم تجميد الاستيطان لاستئناف التفاوض، يبقى أن يأخذ الفلسطينيون مبادرة توحيد كلمتهم لأنها الكفيلة بإفشال كل المشروعات الإسرائيلية.

======================

العرب والغرب ونظام إقليمي جديد

جميل مطر

الحياة - الإثنين, 02 نوفمبر 2009

كنت أقرأ للمرة الثانية تقريراً صدر العام الماضي عن مجلس الاستخبارات القومي الأميركي بعنوان «اتجاهات عالمية: 2025» Global Trends 2025 عندما استوقفتني ملاحظة أبداها واضعو التقرير، جاء فيها أن النظام الدولي الذي أفرزته الحرب العالمية الثانية لم يتبق من معالمه الأصلية معلم واحد يمكن أن يذكرنا أو يذكر الأجيال القادمة بهذا النظام. تأملت في الملاحظة، وأنا متيقن من صحتها، ووجدت ذهني يتجه إلى نظام آخر نشأ أيضاً، مثل النظام الدولي، بعد الحرب العالمية الثانية، وكان بدوره ثمرة من ثمارها ونتيجة لانحسار نفوذ الدول الاستعمارية الأوروبية.

ترددت في تبني الملاحظة نفسها، على رغم انطباقها على حال النظام الإقليمي العربي. وأظن أنه كانت تكمن وراء التردد علاقة شخصية ربطتني ذات يوم بنشأة المفهوم ومحاولات تبرير صلاحيته لشرح التفاعلات القائمة وقتذاك بين الدول العربية بعضها بالبعض الآخر، وكذلك بينها وبين دول الجوار الإقليمي وبينها وبين العالم الخارجي ولبحث إمكانية استشراف مستقبل الأمة العربية. أفهم الآن دوافع بعض المحللين الأكاديميين والسياسيين في الولايات المتحدة الذين ما زالوا يحنون الى أيام القطبية الثنائية حين كانت أميركا تقتسم مع الاتحاد السوفياتي النفوذ والهيمنة، وأفهم دوافع بعض آخر لم يعترف للاتحاد السوفياتي بحقه في الشراكة على القمة. واستمر هذا البعض، مع عدد لا بأس به من المفكرين في أوروبا وخارجها، يصر على أن القرن العشرين، من أوله إلى آخره، كان قرناً أميركياً، وما مرحلة القطبية الثنائية إلا انحراف بسيط في خط مستقيم بدايته عند نهاية الحرب العالمية الأولى ونهايته، حسب أحسن الأماني، مفتوحة.

نعرف الآن، وربما بما لا يدع مجالاً للشك، أن النظام الدولي، كما عرفناه في أعقاب الحرب العالمية الثانية، انتهى وتجري محاولات وتبذل جهود لصنع نظام آخر يحل محله، ونعرف أن عوامل معينة طرأت وتفاعلت في ما بينها لتعجل بهذه النهاية، بعضها حدث عن عمد وسبق إصرار وبعضها أثمرته تطورات وتغييرات تلقائية. كان هدف صانعي السياسة في واشنطن في الثمانينات التوصل إلى نظام دولي يختفي منه القطب الآخر، ولذلك شنوا، بمساعدة دول حليفة، حرباً إرهابية شرسة ضد القوات السوفياتية في أفغانستان، وفي الوقت نفسه أعلنوا عن نيتهم تنفيذ خطة لوضع برنامج لحرب النجوم، وكانت الخطة تهدف، من دون مواربة أو تعميم، إلى إنهاك اقتصاد الاتحاد السوفياتي من طريق دفعه الى الدخول في سباق تسلح فضائي ليحتفظ بمكانته قطباً دولياً مشاركاً.

نقول الآن، إن حرباً دينية ضد السوفيات في أفغانستان وسباق تسلح في برنامج حرب النجوم كانا كافيين ليحققا لأميركا ما سعت إليه على امتداد قرن كامل، وهو إقامة نظام دولي يقوم على قطبية أحادية. ولكن للتاريخ حسابات أخرى. إذ إن أميركا حين استهدفت إضعاف الاتحاد السوفياتي عمدت إلى دعم اقتصادات أوروبا الغربية والتزمت حماية أمنها، فوفرت على دولها موازنات طائلة وجهتها هذه الدول الى التنمية في التقدم والتكنولوجيا ورفع مستوى الكفاءة البشرية والاقتصادية. وحين جاءت لحظة إعلان النظام الأحادي القطبية على لسان الرئيس بوش الأب، كانت أوروبا الغربية قد صارت قوة اقتصادية عملاقة وعائقاً معنوياً ومادياً أمام قيام نظام أحادي القطبية.

كان من بين أهداف الحرب ضد الإرهاب، التي شنها بوش الابن، الحيلولة دون ممارسة أوروبا حقها الطبيعي في المشاركة في القيادة الدولية معتمدة على انطلاقتها الاقتصادية ودرجة اندماجها الاجتماعي والسياسي. وقد تابعنا جهود إدارة بوش، لاستعادة سيطرة أميركا وهيمنتها على أوروبا وتصاعد الخلافات بين الحلفاء بسبب ذلك. الواضح الآن أنه كان يمكن أن تفلح أميركا في الاستفادة لمدة أطول من «اللحظة الأحادية» التي أعقبت سقوط الاتحاد السوفياتي، لو لم تكن الصين قد خرجت بإمكانات مهمة إلى الساحة الدولية. فبخروج الصين على النحو الذي خرجت به استعادت أوروبا بعض الزخم لاستئناف دور أو جانب أساسي من الدور الذي كانت تلعبه على الساحة الدولية قبل أن يتألق النجم الأميركي.

نستطيع أن نقرر أن النظام الإقليمي العربي، مثله مثل النظام الدولي، تغير تغيراً جوهرياً، وإن كنا لا نستطيع أن نقرر في هذه المرحلة من مراحل تطوره أنه لم يتبق معلم من معالمه قائماً. إذ إن بعض معالمه ما زال قائماً لأسباب معروفة أغلبها يتعلق بخصوصية هذا الإقليم. من هذه الأسباب أو في مقدمها العامل الثقافي وعامل اللغة. تغير النظام، ولعله بدأ بالفعل يخطو خطوات جادة نحو الانصهار في نظام آخر. يجري هذا الانصهار بقرارات فردية من الدول العربية، التي اختارت أولاً الانفكاك عنه والدخول في علاقات ثنائية مع تكتلات دولية وإقليمية أخرى، ثم هي تختار الآن المشاركة فعلياً في بناء نظام إقليمي غير عربي.

ترددت أنظمة عربية في الاندماج في نظام إقليمي شرق أوسطي، لأن الذين طرحوه على بساط البحث لم يكونوا بالذكاء الكافي. كان غرضهم «سحق» مضمون متراكم في الثقافة العربية والإسلامية المعاصرة يرفض، بين ما يرفض، الاشتراك مع إسرائيل في منظومة إقليمية واحدة. جاء الغرب ملوحاً ثم مهدداً ورفضت غالبية الدول العربية المشروع الشرق أوسطي. في ذلك الحين لم يكن الغرب قد قام بواجب تقديم تركيا في صورة أحسن، ولم يكن مستعداً لقبول إيران كما هي وبشروطها عضواً في هذه المنظومة.

خلال هذه الفترة، فترة الضغط لتمرير عدد من مشاريع إقليمية شرق أوسطية، كانت تتغير وبسرعة مذهلة مواقع القوة والنفوذ داخل النظام العربي، وتغيرت وفي شكل جذري قواعد القيادة والتوجيه في النظام، وأقول اختلت أولاً قبل أن تتغير وتفقد القيادة استقرارها النسبي وتستعصي على إقامة «حلف أو محور قيادة» كالعهد بها في مراحل متعددة. من ناحية ثالثة، كانت العناصر «فوق القومية» و «فوق الدولة» و «فوق الإقليم» تزداد قوة ونفوذاً في توجيه سياسات دول المنطقة، وفي الوقت نفسه كانت تزداد نفوذاً وقوة العناصر التي هي تحت الدولة كالقبلية والطائفية والعائلات الممتدة. هذه العناصر مجتمعة دعمت عملية انفكاك الدولة عن نظامها الإقليمي العربي، وفتحت الباب واسعاً لرياح عاصفة هبت من جميع الاتجاهات وأطاحت بكثير مما بدا في حينه مستقراً وأثارت هياج الأقليات والمتضررين من انحسار القيم، قومية كانت أم تنويرية أم نهضوية أم ثقافية.

في ظل هذا الانفراط أو بسببه لم يكن هناك بد من أن يبحث «القرار» عن موقع جديد يتكيف معه ويصدر منه، ومع كل عمل إرهابي أو استيطاني أو قهري تمارسه إسرائيل، كانت خطى القرار تتسارع بعيداً عن قلب النظام العربي بحثاً عن مقر جديد خارج الإقليم ولكن ليس بعيداً عنه، ليس في الغرب وليس في أقصى الشرق، مقر لا يشترط أن تكون إسرائيل بعنصريتها المتوحشة شريكة في صنع القرار. ولم تمض مدة طويلة إلا وكانت تركيا تستعد لممارسة خصومات طارئة مع إسرائيل وكانت إيران تتطاول وتتجاسر على أمن إسرائيل وحقها في الوجود، وكانت الدولتان تجتمعان في طهران، ليعلن منها أردوغان أن تركيا وإيران معاً تمثلان «محور الاستقرار الإقليمي في المنطقة» بعد أن تأكد لهما «فشل اللاعبين الدوليين في تحقيق السلام العالمي»، ومن ناحية أخرى قال علي لاريجاني إنه « لا يمكن إملاء الحلول لمشاكل المنطقة من خارجها».

أعتقد أن تبادل هذا النوع من التصريحات في ظل السياق الراهن في المنطقة يحمل في طياته شبهة الإعلان عن يأس الطرفين التركي والإيراني من عدم قدرة الدول الفاعلة في النظام العربي على حماية الاستقرار الإقليمي وعن حاجة شعوب الإقليم من العرب وغير العرب إلى قيادة جديدة وأن تكون غير عربية.

بمعنى آخر، لو صح هذا التحليل، يكون قد تأكد أن تغيراً جذرياً حدث في النظام الإقليمي العربي أشبه ما يكون بالتغير الجذري الذي حدث للنظام الدولي. لم يتبق لهم في الغرب إلا انكشاف شكل النظام الدولي الجديد، وهل سيكون كما تنبأ تقرير المجلس القومي للاستخبارات الأميركية، نظاماً يتطور حتى عام 2025 في اتجاه تولي الشرق القيادة على حساب الغرب. وفي منطقتنا لا يتبقى لنا إلا انكشاف شكل النظام الإقليمي الجديد وهل سيكون كما يرشح من تصريحات القادة الأتراك والإيرانيين ومن ممارساتهم السياسية والاستراتيجية نظاماً يتطور في اتجاه نظام إقليمي متعدد القوميات تقوده أنظمة قومية بشعارات إسلامية من مواقع بعيدة عن منطقة القلب العربي؟

أتصور أن حكومات عربية متعددة منشغلة هذه الأيام بإعادة تقويم سياساتها الخارجية على ضوء التفاهمات التركية – الإيرانية الجديدة والتزام قيادتي الدولتين المحافظة على الاستقرار الإقليمي. ليس خافياً أن هذا الالتزام يعني في حقيقته قيداً على حرية إرادة الدول العربية في عقد التحالفات في ما بينها وبين دول من خارج الإقليم. يعني أيضاً أن الغرب سيجد نفسه مجبراً على التعامل مع وضع في الشرق الأوسط يؤثر في شكل جوهري في مصالحه وأساليب تعامله العتيقة مع أنظمة الحكم العربية.

*كاتب مصري

=======================================

تقرير المعرفة العربي أم تقرير العقلانية العربي؟

خالد الحروب

الحياة - الأحد, 01 نوفمبر 2009

«تقرير المعرفة العربي للعام 2009: نحو تواصل معرفي منتج» الذي صدر هذا الأسبوع عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، يُراد له أن يكون سنوي الصدور يدفع إلى الأمام النقاش الذي أثارته مجموعة تقارير التنمية الإنسانية العربية خلال السنوات الماضية. صدور هذه التقارير في شكل دوري ومنتظم يمثل مناسبة مهمة لتعميق الجدل حول المآزق التي يواجهها العرب في عالم اليوم، وحول البحث في إمكانات الإفلات من قيود الانحطاط الذي يخنق فضاء المنطقة وشعوبها. يختلف «تقرير المعرفة العربي» عن سلسلة تقارير التنمية الإنسانية العربية لجهة التخصص والتركيز على جانب المعرفة وما ارتبط بها. ولهذا فهو خطوة مهمة ومُرحب بها لكونها تنقل البحث والنقاش من دائرة التقارير العامة في جوانب التنمية المختلفة إلى دائرة محددة خاصة تركز على جانب واحد. الجانب الثاني المهم في هذا التقرير محاولته الانتقال من حيز التشخيص إلى حيز اقتراح الحلول ومواجهة المعضلات، من سؤال: لماذا وصلنا إلى هنا، إلى سؤال كيف نخرج من هنا؟

المدخل التأسيسي في مقاربة التقرير لحال المعرفة العربية هو انطلاقه من مسلّمتين يعتبرهما مركزيتين ومتلازمتين: الأولى «التلاحم بين العناصر المكونة لثلاثية المعرفة والتنمية والحرية»، والثانية هي «العلاقة الوثيقة بين مطلب التنمية وبناء مجتمع المعرفة». يرافق ذلك التشديد على «الحق في المعرفة». انطلاقاً من ذلك المدخل ومسلّماته، يبني التقرير تحليلاته لوضع المعرفة العربية مناقشاً ضرورة الانتقال من المعرفة إلى مجتمع المعرفة، وموثقاً العلاقة بين «أقطاب مجتمع المعرفة»، وهي المجتمع والاقتصاد والتكنولوجيا، ومتوقفاً عند مرجعيات مجتمع المعرفة وإشكالاتها، ومفرداً فصولاً مسهبة لتناول بيئات الأداء المعرفي العربي، محللاً أهمية إيجاد البيئات المساعدة والمولدة للمعرفة والإبداع، ومشدداً في شكل جوهري ومحق على مركزية توسيع الحريات وبناء المؤسسات. يركز التقرير بطبيعة الحال على التعليم وتكوين رأس المال المعرفي، مستعرضاً مأسوية الوضع التعليمي في المنطقة العربية، سواء من ناحية استمرار معدلات الأمية العالية أو غياب الإبداع الشامل، ثم يتوقف ملياً عند تقنيات المعلومات والاتصالات في الدول العربية، معتبراً انها دعائم المعرفة وأدواتها ومنتهياً إلى تقديم رؤية وخطة لبناء مجتمع المعرفة في الوطن العربي. أبرز قواعد هذه الرؤية يتمثل في توسيع مجال الحريات، والتواصل الفاعل مع الحاجات المجتمعية النامية، والانفتاح والتواصل مع العالم، ويتم ذلك عبر ثلاثة محاور: توفير البيئات التمكينية، ونقل المعرفة وتوطينها، وتوظيف المعرفة.

ما يحتويه التقرير يمثل في الواقع أجندة عمل بحثية وعناوين يمكن التقارير السنوية التالية أن تزداد تعمقاً فيها وتزيد من جرعة الجرأة المقدرة الموجودة في التقرير من ناحية، وجرعة رؤية وتعقل الحلول المقترحة ومحاصرة صانع السياسة بها من ناحية اخرى. بيد أن هناك ملاحظات نقدية عدة تثيرها القراءة المتأنية للتقرير وربما كان من المفيد التوقف عندها. الأولى تكمن في التعريف: ما هي المعرفة؟ وما هو مجتمع المعرفة؟ وعلى رغم الجدل الإيجابي الذي أثير في نقاشات مؤتمر اطلاق التقرير في المنتدى الإستراتيجي العربي في دبي، إلا أن الغموض ظل يحاصر المصطلح. ففي المتن الاصلي للتقرير نقرأ ما يأتي: «يتسع مفهوم المعرفة المعتمد في التقرير ليشتمل على مجمل المخزون المعرفي والثقافي من منظور كون المعرفة تعد ناظماً رئيساً لمجمل النشاطات الإنسانية والتنموية. إنها ترمي إلى توسيع خيارات وفرص تقدم الإنسان العربي وتحقيق حريته وعيشه الكريم. وبذلك تصبح المعرفة – اكتساباً وإنتاجاً وتوطيناً وتوظيفاً - أداة وغاية للمجتمع ككل، تصل إلى مختلف الشرائح على قدر المساواة، وبالنسبة الى كل المجالات المعرفية بما في ذلك العلمية والفنية والثقافية والتراثية والخبرات المجتمعية المتراكمة». يحاول هذا النص تقديم تعريف واسع وفضفاض بما يجعل من الصعب الاتفاق على ماهية المقصود. وكما انعكس في النقاشات يصبح في إمكان البعض استخدام هذا التعريف في كل الاتجاهات: هل المعرفة مثلاً هي المعرفة العلمية، ام المعرفة الدينية، أم كلتاهما؟ هل مجتمع المعرفة هو المجتمع الذي يعتمد المعرفة العلمية والعقلانية أساساً، أم لا يتنازل عن المعرفة الدينية كمرجعية حتى للمعرفة العلمية؟ أم ان التعريف يحاول تقديم مقاربة «تصالحية» تبقي الحال على ما هي عليه أكثر مما تستفز التفكير وتواجه قلب المسائل كما هي؟

وفي الواقع تتجاوز هذه المعضلة، أي ما هي المعرفة، وما هو منهج التفكير الذي يجب أن تتبناه الحلول المطروحة، التقرير الذي بين أيدينا لتطاول معظم إن لم يكن كل تقارير التنمية الإنسانية العربية، وكذلك تقارير حال الثقافة العربية. فاستخدام كلمة المعرفة والثقافة في هذه التقارير يظل في إطار العموميات التي تبقي الوضع كما هو ولا تتعداه.

لقد آن الأوان لأن ننتقل بالنقاش وعبر هذه التقارير من مفهوم «مجتمع المعرفة» إلى «مجتمع العقلانية»، وبحيث تكون منهجية هذه التقارير ورؤى الحلول التي تقدمها منطلقة من منهج علمي وعقلاني يحظى بالأولوية على أي منهج آخر، بما في ذلك المعرفة الدينية، ولا يقبل بالعموميات والمساواة المفترضة دوماً والتي تريد إرضاء الجميع. مجتمعاتنا، وثلثها يعاني أمية ابجدية فاضحة، والثلثان الآخران أمية ثقافية وعلمية فادحة، واقعة في أسر التفسيرات الدينية التي تتزعم المرجعية الثقافية والفكرية. وهذه التفسيرات تقف حجر عثرة أمام الإبداع العلمي والمعرفي الحقيقي وأمام الانفتاح على العالم وانتشار ثقافة العقل والنقد. نستطيع بالطبع مواصلة اللف والدوران ومجاراة الثقافة السائدة، لكن هذا لن ينتج فكراً ولا حلولاً ويطيل مكوثنا في الدوائر المفرغة، ويضيّع زمناً ووقتاً نحن في أمسّ الحاجة لاستثمارهما.

المسألة الثانية متعلقة بالبعد العربي لهذا التقرير، أي انه يتناول العالم العربي بأسره، كما هي حال تقارير التنمية الإنسانية العربية. من المهم القول اولاً إن انطلاق هذه التقارير وبروحيتها النقدية العالية شكل صدمة مهمة في الوعي العربي النخبوي والسياسي والعام. ومنذ صدور أول تقرير عام 2002 وحتى الآن قدمت هذه التقارير أهم مقاربة نقدية ذاتية للوضع العربي من جانب مفكرين وخبراء ومثقفين عرب. لكن المُلاحظ ان الاستجابة للجهد والنقد والحلول والتوصيات المطروحة في هذه التقارير قليلة، وفي بعض المجالات شبه معدومة. ويبدو أن أحد الأسباب الرئيسة وراء ذلك هو تناولها المنطقة العربية في شكل عام، ولأن خلاصات مؤشراتها تصف «الوضع العربي» وليس وضع كل دولة على حدة. بمعنى آخر تنتشر في الإعلام الاستنتاجات على هذا الشكل: «الوضع العربي متأخر»، «وضع الحريات في العالم العربي متدهور»، «الإنتاج العلمي العربي قليل»، «حال الترجمة العربية مخجل»، «الأمية العربية كبيرة»، «التجارة البينية العربية في حدودها الدنيا»... وهكذا. وهذه الأوصاف والتعبيرات الحقيقية في جوهرها تريح الأطراف المختلفة ولا تضعها أمام مسؤولياتها مباشرة. أو بلغة أخرى، تشتت دم المسؤولية على القبائل وتخلق مسافة آمنة بين كل حكومة أو مسؤول، وخلاصات هذه التقارير، بحيث يُستبطن وعي زائف بأن المقصود هم «العرب الآخرون»، وتصير كلمة «العرب» هنا ضميراً مستتراً أو غائباً لا يصف أحداً! ولأن الوضع كذلك، فإننا لا نرى وزيراً للتخطيط أو التنمية أو التعليم في هذا البلد العربي أو ذاك يستشعر نقداً أو خطراً حقيقياً لدى سماع خلاصات هذه التقارير لأنها عمومية ولا يريد أن يراها وكأنها تخصه مباشرة أو تخص بلده. ربما حان الوقت أيضاً لأن يتم التفكير في إصدار تقارير خاصة بكل بلد يتمتع بروح النقد ذاتها ويُبذل فيه الجهد نفسه ولكن على مستويات محلية بحيث تُحاصر كل حكومة عربية على حدة وكل مسؤول عربي بالوضع المأسوي في بلده، ولا يرى مناصاً من التعامل مع مضامين التقرير الصادرة والخضوع لما فيها من محاسبة.

* اكاديمي فلسطيني - جامعة كامبردج

=======================================

تسونامي.. الأمن الغذائي العالمي

الغارديان

الثورة - الأثنين 2-11-2009م

ترجمة: خديجة القصاب

ستضرب أزمة غذائية عالمية الدول المتطورة بعد نظيرتها التي في طور النمو، هذا ما أعلنه تقرير صدر عن معهد البحوث الخاص بالسياسة الغذائية العالمية، ويموله كل من البنك الدولي ومصرف النمو الآسيوي،

وذلك على هامش انعقاد قمة بيتسبيرغ للدول العشرين الكبرى والتي عقدت مؤخراً في تلك المدينة. يؤجج تسونامي المجاعة، هذا احتباس حراري يسهم بشكل فعال في انتشار سوء التغذية في الشمال كما في الجنوب، ويضيف التقرير إن أكثر من 25 مليون طفل جديد سينضمون لقوافل أطفال يعانون اليوم من الجوع في المعمورة وذلك قبل أن ينتصف هذا القرن فالمتغيرات المناخية تولد تراجعاً في المحاصيل الزراعية عاماً بعد عام في أنحاء متفرقة من الكرة الأرضية يرافقها ارتفاع في أسعار السلع كالأرز والقمح والذرة وفول الصويا وفي حال خرجت التقلبات المناخية عن السيطرة فإن الجوع سيضرب معظم بقاع الأرض بما في ذلك مناطق تعتبر سريعة التأثر بتلك الظاهرة المرضية على غرار جنوب آسيا وجنوب الصحراء الإفريقية حيث ستصاب حقول زراعة الحبوب بتدهور محاصيلها حسبما أفاد التقرير المذكور، ففي منتصف القرن الحالي سيحصل أطفال العالم بشكل عام على سعرات حرارية في الغذاء أقل من تلك التي تمتع بها أطفال عام 2000 كما يقول التقرير.‏

أما ارتدادات هذا التسونامي فستعمل على تدمير عقود من التطور ساهم في لجم سوء التغذية عند أطفال العالم حتى الآن.‏

ويتصور التقرير «سيناريو درامي» يرسم قياس تأثير المتغيرات المناخية على امدادات الغذاء في العالم من خلال الجمع بين النماذج الزراعية والمناخية، وتمخض عن تذبذب أسعار الحبوب عالمياً العام الماضي وخلق جو من عدم الارتياح والقلق لدى الدول النامية بدءاً من هاييتي وصولاً إلى تايلاند.‏

وكان قادة قمة العشرين قد تعهدوا بتخصيص 2 بليون دولار لإيجاد حل لأزمة الأمن الغذائي كذلك تعهدت الأمم المتحدة بعقد قمة ثانية خاصة بالأمن الغذائي خلال تشرين الثاني إثر أعمال الشغب التي رافقت انعقاد القمة الأولى العام الماضي، كذلك حث الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» البنك الدولي ومؤسسات مالية مماثلة لبذل مزيد من الجهود في هذا الاتجاه وقال «مون»: إن الدول الصناعية بحاجة لمضاعفة استثماراتها في البحوث الزراعية كالأسمدة والبذار مع منح ضمانات للمزارعين لتوفير بيئة سليمة تتناسب وحاجة صغار المزارعين في الدول النامية، ثم أضاف: رغم استقرار الأسعار حالياً إلا أن نظام الغذاء العالمي لازال غارقاً في وحول أزمة مستعصية، لذلك تفتقر الشريحة الأوسع من سكان العالم للغذاء بسبب الارتفاع المستمر في ثمن المحاصيل الزراعية ونظراً لتراجع القوة الشرائية لدى تلك الشريحة نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية وانخفاض الهطلات المطرية تم استهلاك المخزون الاحتياطي العالمي للحبوب وحتى لو لم تكن هناك ظاهرة احتباس حراري فإن العالم يعاني من نقص الغذاء وارتفاع أسعاره نتيجة الانفجار السكاني المتزايد.‏

ويقول «جيرالدنيلسون» المعد الرئيس لهذا التقرير: إن أزمة ارتفاع أسعار الغذاء التي بدأت العام الماضي كانت بمثابة إنذار بالنسبة للعديد من الشرائح الاجتماعية نظراً لأن عدد السكان سيزداد بنسبة 50٪ بحلول عام 2050، فنقص الغذاء نتيجة الانفجار السكاني يعد من أبرز التحديات التي ستواجه العالم حتى دون وجود ظاهرة الاحتباس الحراري، واستطرد «نيلسون» قائلاً: فخلال العقود القادمة ستشح المساعدات التي تمنحها الدول المتقدمة للمناطق الريفية، لذلك طالب القائمون على إعداد هذا التقرير بتخصيص 7 بلايين دولار للأبحاث المتعلقة بالمحاصيل والاستثمار في ميادين الري والبنية التحتية الزراعية بهدف مساعدة المزارعين للتكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري، ويشير التقرير كذلك إلى إن هناك مناطق واسعة تضررت بشكل كبير نتيجة التغيير في أنماط الهطلات المطرية أو بسبب الجفاف المرتبط بظاهرة الاحتباس الحراري.‏

وكانت مؤسسة «اكسفام» الخيرية قد خصصت 152 مليون دولار أميركي للالتماسات التي تقدم بها 23 مليون مزارع تعرضت بلادهم للجفاف ،وتذبذب في الأسعار في كل من كينيا وأثيوبيا والصومال وأوغندا وتعتبر تلك الأزمة الإنسانية الأسوأ على المستوى العالمي حيث لم تشهد القارة الإفريقية مثيلها منذ عقود لذلك يعاني سكان تلك المناطق من سوء التغذية، حتى إن بقاعاً عدة في جنوب آسيا سجلت تقدماً في الإنتاج الزراعي خلال القرن العشرين توقع التقرير المذكور تعرضها لخطر نقص الغذاء في المستقبل.‏

وتحذر جمعيات ومؤسسات ذات صلة قامت باختبار تأثيرات التغير المناخي على الزراعة من احتمال نشوب صراعات نتيجة ذلك، إذ إن الانخفاض الحاد في إنتاج العالم من المحاصيل بسبب التغير المناخي يهدد النظام العالمي برمته، وتشكل آسيا أكثر المناطق تضرراً نتيجة التحذيرات التي أطلقت إثر توقع ارتفاع منسوب مياه البحار إلى ستة أقدام بحلول عام 2100 إذ ستفقد بنغلادش نصف أراضيها المزروعة بمحاصيل الأرز بسبب ارتفاع منسوب المياه ثلاثة أقدام ،كذلك ينسحب الأمر على فيتنام ثاني أكبر الدول المنتجة للأرز.‏

أما إنتاج القمح والأرز فسيتدهور إنتاجهما نتيجة نقص المياه الحاد جراء ضخ المياه بشكل مفرط- الأمس واليوم- إضافة لذوبان أنهر جليدية في جبال هيمالايا والتي تخزن المياه حالياً وتغذي الأنهار الرئيسية للأقاليم المجاورة، كنهر قندوز والغانج واليانفيسي وتعتبر الخسائر المحتملة لمياه جبال هيمالايا أكبر تهديد سيواجه الأمن الغذائي غداً.‏

=========================================

الإرهاب وجهة نظر

سليم الحص

الخليج - آخر تحديث:الاثنين ,02/11/2009

أضحت وصمة الإرهاب في العصر الحديث شتيمة تطلق على كل من حمل ويحمل السلاح في مجتمعات العالم الثالث، وقد أطلقت على دول صغيرة تدافع عن حريتها ومكانتها في المجتمع الدولي مثل كوبا وأفغانستان. هبطت وصمة الإرهاب على دول عربية منها ليبيا في مرحلة من المراحل، ومنها العراق عندما راق للدولة العظمى أمريكا أن تنعتها بالإرهاب ليكون لها ذريعة لمهاجمتها واحتلالها. فإذا بجريمة نكراء ترتكب في حق شعب آمن فتمزقه وتجعل بلده ساحة للصراعات الدامية والمدمرة بين فئات الشعب الواحد. وطاولت وصمة الإرهاب في مراحل معينة حتى سوريا عندما كانت الدولة العظمى، ومعها بعض الدول الكبرى في العالم، غير راضية عن الحكم فيها. هكذا كانت وصمة الإرهاب وجهة نظر تعبر عن رأي أو موقف مطلقها وعلاقته بالموصوم بها.

 

من المفترض مبدئياً أن يوصم بصفة الإرهاب ذاك الذي يقتل ويدمر عشوائياً، وبخاصة إذا ما استهدف مدنيين أبرياء. التعريف واضح. مع ذلك فإن صفة الإرهاب كثيراً ما أطلقت على جهات لم ترتكب جرائم قتل جماعي أو عشوائي، وكثيراً ما حجبت هذه الوصمة عن جهات مارست فعلاً القتل الجماعي أو العشوائي. فلقد أضحت هذه الوصمة تطلق على أنظمة أو إدارات لا ترضى عنها قوى فاعلة في العالم، وفي مقدمها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها من دول القرار في العالم.

 

ولو أنصف اللاعبون على الساحة الدولية لأطلقوا صفة الإرهاب على كل دولة تقتني السلاح النووي والسلاح الجرثومي أو الكيميائي. هناك عدد من الدول التي تحتفظ بمخزون من السلاح النووي وربما أيضاً السلاح الجرثومي والكيميائي ومنها الدولة العظمى أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين والهند و”إسرائيل” والباكستان. وتتميز أمريكا بأنها الدولة الوحيدة في العالم التي استخدمت السلاح النووي قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ ألقت قنبلة ذرية فوق اليابان وأعادت الكرّة فاستسلمت الدولة الضحية.

 

السلاح النووي سلاح إرهابي بامتياز، إذ إن استخدامه يؤدي بالضرورة إلى إبادة معظم الذين يقيمون في المنطقة التي تلقى فوقها القنبلة دونما تمييز بين رجل وامرأة، بين مسنّ وطفل، بين مسلح وأعزل. لذلك يصح إطلاق صفة الإرهاب على كل دولة تمتلك السلاح النووي، وعلى الدولة العظمى أمريكا من باب أولى، باعتبار أنها أول من استحدث قنبلة نووية في العالم وباعتبار أنها الدولة الوحيدة التي استخدمت القنبلة النووية فارتكبت جرائم إبادة جماعية وهي جرائم إرهابية بامتياز، وكذلك لمجرد أنها ما زالت تمتلك قنابل نووية، ومخزونها من هذه القنابل هو الأكبر في العالم. ولعلها كانت سبباً بوصول القنبلة النووية إلى دول أخرى وتحديداً “إسرائيل”.

 

إننا نعتبر أن من الجائز إطلاق وصمة الإرهاب على كل دولة تحتفظ بمخزون من القنابل النووية. بناءً على هذه القاعدة يجوز إدراج جميع الدول التي تمتلك هذه القنبلة في عداد الدول الإرهابية. هكذا يجب إطلاق وصمة الإرهاب على بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين والهند والباكستان و”إسرائيل”. فلماذا تمتلك هذه الدول سلاح الإبادة الجماعية إن لم يكن في نيتها استخدامه في حالات معينة؟ ومن لا يتورع عن القتل الجماعي ولو في حالات معينة هو من الإرهابيين. إن مجرد الاحتفاظ بسلاح من أسلحة الإبادة يجعل صاحبه من الإرهابيين. العدو “الإسرائيلي” اكتسب صفة الإرهاب بمجرد اقتنائه القنبلة النووية، هذا فضلاً عن جرائم القتل الجماعي والتهجير التي ارتكبها، في حق الشعب الفلسطيني عبر أجيال من الزمن، وما كان ليمتلكها لولا أنه ينوي استخدام القنبلة ضد العرب في حال اضطراره إلى ذلك تحت ذريعة الدفاع عن النفس. هذا مع العلم أن “إسرائيل” لم تعترف بعد بامتلاكها القنبلة النووية، ولم تنفِ ذلك. والمقدّر أنها تمتلك لا أقل من مئتي رأس نووي. والمقدّر أن الدولة العظمى، بحكم التحالف، هي التي زودت الدولة العبرية بقنابل نووية وأعانتها على تطوير التكنولوجيا النووية المدمرة.

 

ومن سخريات القدر أن الدولة العظمى، ومعها كل الدول التي تمتلك السلاح النووي، تحرص على عدم تمكين دول أخرى من تطوير هذا السلاح. وكلنا يعلم كيف تعرضت كوريا الشمالية ثم إيران لحملة منظمة وضغوط دولية شديدة لحملهما على وقف عمليات تطوير السلاح النووي، وإيران ما فتئت تؤكد أنها ما خاضت في تجربة تطوير التكنولوجيا النووية إلا لتعزيز قدراتها على إنتاج الطاقة، والطاقة الكهربائية تحديداً. ولقد انفتحت إيران أخيراً على مفاوضة الولايات المتحدة وسواها من القوى النووية حول الوسائل التي يمكن اعتمادها للتحقق من أن إيران لا تعتزم تطوير السلاح النووي. والمفارقة أن الدول المتلبسة باقتناء السلاح النووي هي التي تمنع دولاً أخرى من تطوير هذا السلاح الفتاك. لماذا يا ترى لا تمنع نفسها أيضاً؟ لماذا لا يُطهر العالم أجمع من وجود أسلحة الإبادة الجماعية على أشكالها، بدءاً بتصفية ما في حوزة الدولة العظمى منها، مروراً بسائر الدول التي تقتني هذا السلاح؟ نحمد الله على أننا لم نستحق تهمة الإرهاب ولا حتى في نظر أعدائنا.

 

حسناً فعلت إيران إذ أعلنت تكراراً أنها لا تنوي اقتناء السلاح النووي وأكدت أنها لا تنوي تطوير التكنولوجيا النووية إلا لأغراض سلمية. ليس فخراً لأية جهة في العالم أن يكون لديها مخزون من أسلحة الإبادة الرهيبة. إن مجرد اقتنائها هو الإجرام بعينه إذ يوحي باحتمال استخدامه عند الاقتضاء في يوم من الأيام. نحن ينبغي أن لا نسعى إلى اقتناء السلاح النووي، أو أي سلاح آخر من أسلحة الإبادة الجماعية، بل ينبغي أن نسعى إلى تطهير العالم من وجود هذه الأسلحة. من حقنا أن نتصدر حملة عالمية لتبرئة العالم أجمع من الإرهاب بدءاً بنزع أسلحة الإبادة من أيدي القوى الكبرى. فالعالم في غنى عن وجود دول إرهابية في كنفه.

 

ثم إن ديننا ينهى كما تنهى سائر الأديان السماوية عن القتل الجماعي، أي عن الإرهاب بكل أشكاله.

رئيس وزراء لبنان الأسبق

===========================

فلنتعلم كيف نترك التطرف

بول سالم

آخر تحديث:الاثنين ,02/11/2009

 الخليج

إن التقارير المتوالية الصادرة عن البنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وجامعة الدول العربية، تؤكد جميعها أن العجز الذي يتسم به التعليم في العالم العربي من بين الأسباب الرئيسية وراء تخلف التنمية في البلدان العربية. فرغم أن العالم العربي يؤوي 5% من سكان العالم ويحتوي على القسم الأعظم من احتياطيات النفط والغاز على مستوى العالم، إلا أن العالم العربي متأخر عن أغلب بقية بلدان العالم، ويعاني مما نستطيع أن نطلق عليه في أفضل تقدير “الفقر التعليمي”. ومن دون إدخال تحسينات جذرية على كافة المستويات التعليمية، والبطالة، والأمية، والدخول، فإن انعدام المساواة بين الناس سوف يستمر في التفاقم، وسوف تظل المنطقة تشكل خطراً على نفسها وجيرانها.

 

فحتى قبل الركود الاقتصادي الحالي، كانت مستويات البطالة في العالم العربي تقدر بنحو 14% أعلى متوسط في العالم خارج البلدان الواقعة إلى الجنوب من الصحراء الكبرى في إفريقيا. وبين الشباب والخريجين الجدد ترتفع الأرقام إلى الضعف.

 

والعالم العربي لديه أيضاً أعلى معدلات النمو السكاني على مستوى العالم، حيث ما يقرب من 40% من سكانه الآن دون سن الخامسة عشرة. وطبقاً لبعض التقديرات فإن العالم العربي يؤوي ربع إجمالي عدد العاطلين عن العمل في صفوف الفئة العمرية 15-24 على مستوى العالم. ولمجرد مجاراة تدفق الشباب إلى سوق العمالة، فسوف يكون لزاماً على البلدان العربية أن توفر مائة مليون فرصة عمل جديدة على مدى السنوات العشر المقبلة، وهو أمر مستحيل إذا ظل التعليم بهذا الفقر.

 

لقد تحسنت نسب الالتحاق بالتعليم على مدى العقد الماضي، ولكن البلدان العربية ما زال لديها واحد من أدنى متوسطات الالتحاق في العالم النامي. وحوالي 20% من الأطفال المؤهلين، أكثر من سبعة ملايين طفل، لا يذهبون إلى المدرسة، ونحو 60% منهم فتيات. فضلاً عن ذلك فإن متوسط أعوام الدراسة بالنسبة للعرب يقل عن نصف نظيره في بلدان شرق آسيا. وليس من المستغرب، على الرغم من التقدم في العقود الأخيرة، أن تظل نسبة الأمية حوالي 30% في المتوسط، وأن تصل في بعض البلدان العربية إلى 50% و60%.

 

وتشكل نوعية التعليم العربي أيضاً عقبة كبرى. إن سوق العمل اليوم يتطلب المهارات المستندة إلى القدرة على حل المشاكل، والتفكير النقدي، واللغات الحديثة، والتكنولوجيا، ولكن الأنظمة التعليمية العربية عموماً تظل تقليدية وقائمة على الحفظ والتلقين والاستبداد.

 

 إن الأبحاث في مختلف أنحاء العالم تؤكد أن التعليم أحد الشروط الرئيسية لتحقيق النمو المستدام. ولقد استثمرت نمور شرق آسيا بكثافة في التعليم، فأثمر ذلك في القوى العاملة القادرة الحديثة التي تتمتع بها بلدان شرق آسيا. وفي المقابل سنجد أن التنمية في العالم العربي، المدعومة إلى حد كبير بعائدات النفط، قد تركت السكان مهمشين اقتصادياً وعلى مستوى تعليمي متدنٍ.

 

إن التعليم يشكل أيضاً أهمية كبرى في السياق العربي بشكل خاص وذلك بسبب مكانة اللغة العربية الخاصة في الإسلام، الذي هو مثله كمثل اليهودية والمسيحية دين كتاب. فيقول إنجيل القديس يوحنا “في البدء كان الكلمة”، والكلمة الأولى التي تنزل بها الملاك جبريل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت “اقرأ...”. وهناك حديث نبوي يقول: “طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة”.

 

فضلاً عن ذلك فإن الإسلام لا يعترف بالكهنوت، بل بالعلماء فقط. والواقع أن العصور الذهبية للعرب في بغداد في القرن الحادي عشر وفي الأندلس في القرن الرابع عشر، ما زالت تحظى بالتبجيل باعتبارها فترات ازدهر فيها العلم والتعلم. فكانت المدارس والجامعات تتلقى دعماً واسع النطاق، وكان الطلاب والباحثون يسافرون من مدينة إلى مدينة في طلب العلم والمعرفة. ولكن بعد هذه العصور الذهبية انحدر التعليم.

 

إن أكثر ما يتمتع به الغرب، وأكثر ما يحتاج إليه العالم العربي، هو التعليم. والتعليم يتطلب بناء المزيد من المدارس لا المزيد من الأسلحة، والمزيد من الجامعات لا المزيد من حاملات الطائرات. ويقال إن إسهام الجامعة الأمريكية في بيروت التي تأسست في عام ،1866 في تحويل وجه الحياة في الشرق الأوسط إيجابياً، كان أعظم من إسهام أي مؤسسة تعليمية مشابهة، ورغم ذلك فإن هذه الجامعة لا تحصل إلا على 3 ملايين دولار سنوياً في هيئة مساعدات من الولايات المتحدة التي تنفق المليارات على الجيوش والتسليح في المنطقة.

 

إن تكاليف شهر واحد فقط من الإنفاق العسكري الغربي في العراق أو أفغانستان تكفي لمضاعفة إجمالي المساعدات في مجال التعليم في الشرق الأوسط إلى ثلاثة أمثالها. وتكلفة صاروخين من صواريخ كروز تكفي لبناء مدرسة، بل وتكفي تكاليف تصنيع طائرة يوروفايتر واحدة لبناء جامعة صغيرة.

 

لا شك أن التعليم يؤثر بشكل جوهري في عملية تشكيل القيم. ولقد أدرك الراديكاليون الإسلاميون هذه الحقيقة منذ زمن بعيد فكرسوا مواردهم لبناء المدارس.

 

وفي أفغانستان وباكستان، تنتقل الرؤية المتطرفة إلى الشباب في المدارس الدينية المعروفة باسم “مدارس”. والواقع أن كلمة “طالبان” تعني “الطلاب”. ولا شك أن الفوز في الكفاح الدائر الآن من أجل مستقبل العالمين العربي والإسلامي، أو خسارته، لن يكون في ساحة المعركة، بل في حجرة الدرس.

*مدير مركز كارنيجي في الشرق الأوسط ببيروت. والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت سنديكيت”

بترتيب مع “بروجيكت سنديكيت”

=========================

رسالة أميركية طويلة

بقلم رئيس التحرير: أسعد عبود

الافتتاحية

الثورة - الأثنين 2-11-2009م

في محاولة مجلس النواب الأميركي لإصدار قرار يتضمن «فيتو» مسبقاً على إمكانية بحث تقرير غولدستون أمام مجلس الأمن، الكثير من الغرابة التي يستهجنها المنطق والعدالة والقانون الدولي..

نحن نفترض أن ممثلي الشعب الأميركي ونوابه في مجلسهم يشغلهم كثيراً ما يعانيه مجتمعهم وأبناء وطنهم ومن انتخبهم، ولاسيما بعد السقوط الأخير للرأسمالية الذي سبب الزلزال الاقتصادي ومازالت آثاره تتتالى.. فأي رسالة يمكن أن يوجهها النواب الأميركيون إلى مجتمعهم وشعبهم في محاولتهم هذه؟ وماذا عنا نحن؟ ألا يعنيهم أبداً.. أبداً.. دمنا وخرابنا واحتلال أرضنا..؟! هل هم بذلك يبصمون فعلياً وكلياً على ما فعلته إسرائيل في غزة؟!.‏

الولايات المتحدة بالأصل رفضت قرار غولدستون في مجلس حقوق الإنسان وهذا موقف عدائي من العرب.. لكن.. كان تصويتاً.. وللناس فيما عرض أمامها آراء.. ولو كانت سياسية، تبقى مقبولة في أطر عمل القانون الدولي.. أما أن يهبّ مجلس النواب إلى قرار يصادر فيه حرية المجتمع الدولي في بحث تقرير معتمد دولياً.. فهذا تسلط صريح ومحاولة هيمنة!..‏

وفق القانون الدولي يمكن للولايات المتحدة أن تستخدم الفيتو في التصويت على التقرير.. أما أن تصوّت سلفاً على بحث التقرير وليس على قرار بموجبه فهذا استهزاء بمجلس الأمن والأمم المتحدة والعالم..‏

والذي نراه..‏

أن رسالة مجلس النواب الأمريكي في قراره المحتمل ليست لنا، فنحن «العرب» لا تنقصنا الايضاحات حول حقيقة الموقف الأميركي من قضيتنا الأولى والمركزية، التي هي القضية الفلسطينية.. ولا من قضية السلام في الشرق الأوسط.. الرسالة هي للرئيس أوباما تحديداً.. ومحاولة لفرض وصاية على إدارته لمنعها حتى من مجرد الحوار وسماع الآراء ثم التصويت بما تراه..‏

ما هو واضح اليوم أن هناك قوى وأوساطاً أميركية ذات سطوة ومقدرة لا تفوّت فرصة واحدة لإضعاف سلطة الرئيس أوباما وإدارته.. بدءاً من إجراءاته الاقتصادية، مروراً بمواقفه الاجتماعية «الضمان الصحي مثلاً»، وانتهاء بتوجهاته السياسية في العالم.. ولا أريد بذلك أن أقدم مذكرة اعتذار للعالم باسم الرئيس الأميركي الذي ما زال ينتهج سياسة نشر العناوين ولا فعل..‏

الرسالة الأميركية لنا طويلة جداً.. صفحاتها المتعلقة بالفلسطينيين وحدها تشكل أطول ملحمة وعود بلا نتائج عرفها التاريخ.. منذ أن ذهبوا بهم إلى أوسلو.. وامتدت الأيدي للتصافح في واشنطن.. والخارطة.. والرباعية.. ووعود الدولة قبل 2005 وبعد 2005 والاستيطان ووقف الاستيطان.. و... وانتهاء بالتصريح الاخير للسيدة كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية، الذي يتضمن دعوتها السلطة الفلسطينية لاستئناف المباحثات مع الإسرائيليين دون «شروط» يعني دون حتى وقف بناء المستوطنات..؟!‏

في مطلع تسعينيات القرن الماضي أصرت الولايات المتحدة على إسرائيل أن توقف الاستيطان واستخدمت العقوبات الرادعة «تجميد مساعدات بعشرة مليارات دولار» وبعد مسيرة نحو عشرين عاماً لا ترى ضرورة ربط المباحثات بوقف الاستيطان الذي أصبح أضعاف ما كان؟!‏

الاميركيون.. ليسوا كما كانوا.. والإسرائيليون ازدادوا شراسة ورفضاً للسلام.. فقط العرب ظلوا حيث هم بل تراجعوا.. وقدموا التنازلات... فلم يحصلوا على السلام واحتفظت اسرائيل بتنازلاتهم مكاسب لها.‏

قبل أن نلوم الآخرين «الولايات المتحدة.. أوروبا.. وغيرها» نلوم أنفسنا فنحن الذين هنّا فاستسهلنا الهوان.‏

ولندرك حقيقة لا مجال لنكرانها:‏

عدونا لا يريد السلام..‏

إسرائيل لا تريد السلام..‏

فليكن السلام بيننا على قاعدة الرفض العربي الكامل لإسرائيل كمشروع مستمر للحرب والعدوان، ولا ننتظر مواقف غيرنا إن لم يكن لنا موقف.‏

a-abboud@scs-net.org

======================================

الشركة العامة للصرف الصحي بحماة... اتهامات بالفساد والتسيب وهدر المال العام..ولكن !!...ملياران ونصف المليار ليرة كلفة المشاريع قيد التنفيذ..إقالة معاون المدير العام.. واشتعال النيران...1.2 مليارليرة قيمة المشاريع المنفذة ضمن المدينة و 800 مليون بالريف

 تحقيق : هلال عون.. بشار الفاعوري.. محمد عكروش

الثورة - الأثنين 2-11-2009م

أثيرت خلال الفترة الماضية مجموعة من الاتهامات حول واقع عمل الشركة العامة للصرف الصحي بحماة،من أن هذه الشركة ليس لها خطة عمل ولا تنفذ مشاريعها، ولا تلتفت إلى واقع التلوث الشديد الذي تخلفه منصرفات العديد من المعامل في المحافظة،

وخاصة معمل زيوت حماة، الأمر الذي يهدد بخراب شبكة مجارير ومياه حماة، وبالتالي محطة المعالجة، بل أكثر من ذلك أشارت الاتهامات إلى أن الشركة تغطي على المعامل التي تعتبر منصرفاتها مخالفة للمواصفة القياسية السورية، ولا تقوم بقطف عينات لتحليلها والوقوف على واقعها، قسم آخر من تلك الاتهامات يتعلق بالتسيب والإهمال، وهدر المال العام.. الخ ولا يستثني أحدا من المسؤولين في الشركة.‏

الثورة بعد أن وصلتها هذه الاتهامات من المهندس فراس رمضان العامل في تلك الشركة قامت بجولة ميدانية اطلعت فيها على واقع عمل الشركة، وواجهت جميع الذين صوبت نحوهم السهام بالاتهامات.. والى التفاصيل:‏

لمحة عن الشركة‏

أحدثت الشركة العامة للصرف الصحي بموجب المرسوم التشريعي رقم 73 تاريخ 21/5/1986 وترتبط بالمؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي بموجب المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1984 وتختص بتشغيل وإدارة واستثمار وصيانة مشاريع الصرف الصحي في محافظة حماة.‏

لا توجد لدى الشركة خطة استثمارية حيث إن كافة المشاريع التي تنفذ في محافظة حماة تدرج في الخطة الاستثمارية لوزارة الإسكان والتعمير .‏

- بلغت الخطة الاستثمارية الواردة في خطة الوزارة لمصلحة الشركة لعام 2009 (350) مليون ليرة سورية، وقد تم صرف كامل الاعتماد لغاية 31/8/2009.‏

- تمت الدراسة الإقليمية الشاملة لرفع التلوث عن نهر العاصي، وخلصت الدراسة إلى تجميع مصبات بعض القرى إلى محاور تنتهي في نهايتها إلى محطات معالجة، وقد تم التعاقد على تنفيذ هذه المحاور وجزء منها قيد الانتهاء من تنفيذه، ووضع بالخدمة، والجزء الآخر قيد التنفيذ.‏

- المشاريع المنتهية ضمن مدينة حماة: محطة معالجة مياه مجاري مدينة حماة، خطوط رئيسية بكلفة تزيد على 1.2 مليار ليرة سورية.‏

- الكلام السابق لمدير عام الشركة المهندس سمير عبد الرزاق الذي طلبنا منه لمحة عامة عن الشركة دون أن نخبره بشيء من الاتهامات التي نحملها في جعبتنا ضده وضد عدد كبير من العاملين في الشركة.‏

800 مليون كلفة المشاريع المنتهية‏

بعد ذلك، وأيضا قبل الدخول في تفاصيل الاتهامات، أو الإشارة تحدث عن المشاريع التي نفذتها الشركة في ريف المحافظة فقال:‏

عدد تلك المشاريع 19 مشروعا بكلفة تزيد على 800 مليون ليرة سورية وهي:‏

«مصب الشيحة»، «أم الطيور- كفر عميم»، «طيبة الإمام معردس» « مصب صوران- لحايا»، « صوران- مرحلة ثانية»، «مصب كفربهم» «مصب كفر زيتا اللطامنة، « مصب الصبورة»، «سلمية جزء أول + جزء ثانِ»، «مصب الصارمية»، المحروسة - جب رملة - «القريات -سلحب» «خلفايا - سيزر» ،«حرمل -الزاملية» «مصياف - ربعو»، «طيبة الإمام»، «الهبيط الجملة» «تل التوت- تل جديد»، محطة معالجة مياه السلمية، وحاليا يتم توسيعها».‏

المشاريع قيد التنفيذ‏

أما عن المشاريع قيد التنفيذ فيبلغ عددها عشرين مشروعا يضاف إليها مركز تدريب وتأهيل العاملين في مجال الصرف الصحي على مستوى القطر وبكلفة تزيد على 2.5 مليار ليرة وهذه المشاريع هي:‏

«حرمل- كاف الحبش»، «حرمل- بيت عتق»، « مصياف- بقراقة» ، «حيالين دير شميل»، «الربيعة، «محطة معالجة مياه صوران»، «العمقية»، «قيرون- عنبورة- عقيربة»، «حيالين- مصياف»، «الزينة»، «كوكب»، «دير الفرديس»، «الكرامة»، «طلف»، «12 خط رئيسي ضمن مدينة حماة»، «ربعو خطوط رئيسية» «اللقبة خطوط رئيسية»، «مصب الحماميات - كفرزيتا»، «محطة معالجة مياه مجاري حلفايا- شيزر».‏

مشاريع قيد الدراسة وأوضح عبد الرزاق أنه لحظ في الخطة الخمسية العاشرة للوزارة تنفيذ عدة محطات معالجة للتجمعات الكبيرة وفي نهاية محاور الدراسات الإقليمية الشاملة بالإضافة إلى بعض محطات المعالجة المنعزلة للتجمعات الصغيرة ، وهي:‏

- محطة معالجة مياه مجاري السقيلبية - قيد الاتفاق على الأسعار مع مؤسسة تنفيذ الانشاءات العسكرية، ومحطة معالجة مجاري وادي العيون- قيد الاتفاق على الأسعار مع الإسكان العسكري ومحطة معالجة مجاري مصياف قيد الإعلان منها للمرة الثالثة من قبل وزارة الاسكان والتعمير، ومحطة معالجة مياه مجاري حرمل- الزاملية تم الانتهاء من الدراسة وسلمت للوزارة ومحطة معالجة مجاري الهبيط- الجملة- ومحطة معالجة مياه مجاري القريات سلحب دير شميل- ومحطة معالجة مياه مجاري المحروسة جب رملة.‏

ومحطة معالجة مياه عقرب، ومحطة معالجة أم الطيور -كفر عميم، وهذه المحطات الخمس انتهت دراستها وسلمت لوزارة الاسكان والتعمير.‏

وكذلك محطة أيو- كفربهم فهي قيد الاتفاق على الأسعار مع المشاريع المائية.‏

أما محطات المعالجة الثلاث في كفرزيتا- اللطامنة، ومعردس الطيبة، وقلعة المضيف فهي قيد الدراسة.‏

وهناك مشروع معالجة الحمأة لمحطة معالجة مجاري مدينة حماة وهو قيد الدراسة.‏

كذلك مشاريع مصبات في كل من سريحين- الزاملية- معرين- الحوائق- محور الربيعة- متين- تيزين إلى محطة معالجة كفر عميم، إضافة إلى خطوط ومصبات مورك، وهي جميعها قيد الاتفاق على الأسعار مع الإنشاءات العسكرية والاسكان العسكري والمشاريع المائية.‏

وأضاف عبد الرزاق: أيضا تم الإعلان عن تنفيذ أربع محطات معالجة بالنباتات وهي «تلدرة-تل توت- الحماميات- الغاوى) وهي حاليا قيد الدراسة وأوضح أن الشبكات الداخلية تنفذ من قبل الوحدات الإدارية، وعند الانتهاء من المشاريع التي تنفذ من قبل وزارة الاسكان والتعمير تسلم الى الوحدات الإدارية لاستثمارها تمهيدا لتسليمها للشركة العامة للصرف الصحي حين اتخاذ الاجراءات اللازمة.‏

الاتهامات والرد عليها‏

رداً على الاتهامات التي تتعلق بمخالفات بالجملة تطول المدير العام ومعاوينه ورؤساء الدوائر قال أنه على علم مسبق بها، وتم التحقيق في بعضها.‏

الاتهام الأول يخص المدير العام والمدير الفني ورئيس دائرة المعالجة ورئيس شعبة مراقبة الصرف الصحي، حيث يتهمهم بالتغطية على منصرفات المعامل المخالفة للمواصفة القياسية السورية التي ترمي منصرفاتها على مجرور المدينة وعلى نهر العاصي، وخاصة معمل زيوت حماة الأمر الذي يهدد محطة المعالجة وينعكس سلبا على البيئة.‏

اتهام آخر يقول إن المدير العام أبعد معاونة المهندس (م.ح) للتخلص منه كونه كان يشير إلى مواضع الخلل وسوء التنفيذ، ويرفض الاشتراك بالفساد.‏

كذلك الضغط على المهندس ف. ج من أجل التوقيع على الكشوف دون تدقيق، الأمر الذي اضطر المذكور لأخذ إجازة بلا أجر لمدة عام، إضافة إلى نقل مهندس وعنصر فني إلى الشركة إرضاء للرقابة المالية بحماة، وكذلك استئثار المدير العام بجميع المهمات الخارجية.‏

الردود..‏

بالعودة إلى الاتهام بالتغطية على المعامل المخالفة والملوثة للبيئة فقد قدم لنا المهندس عبد الرزاق والمهندسون الآخرون المعنيون بالاتهام 16 كتابا 11 منها صادرة عن الشركة العامة للصرف الصحي بحماة وخمسة كتب بين محافظة حماة ووزارات الإسكان والتعمير والصناعة والادارة المحلية والبيئة ورئاسة مجلس الوزراء، والكتب الخمسة الأخيرة بناء على الكتب الأحد عشر الصادرة عن الشركة العامة للصرف الصحي إلى تلك الجهات المعنية الكتب جميعها لدينا ومضمونها جميعا ضرورة معالجة منصرفات معمل زيوت حماة شديدة التلوث للتوافق مع الشروط القياسية السورية. وازدياد تواتر وصول المياه شديدة التلوث الى مدخل محطة المعالجة بحماة ومنها القادمة من معمل زيوت حماة وتحديدا منصرفات خط انتاج الصابون.‏

وهذه مقتطفات من كتاب موجه من الشركة الى السيد محافظ حماة:‏

قام عناصر شعبة مراقبة الصرف بقطف عدة عينات من مخرج معمل زيوت حماة وكانت نتائج التحاليل المخبرية لهذه العينات مخالفتها الشديدة جدا جدا للمواصفة القياسية السورية، حيث بلغت حداً من القيم هو الأعلى على مستوى المحافظة فقد بلغت قيمة ال( ph=12.81) بينما بلغت قيمة ال(cod=32920 ملغ / ليتر) ما يشكل خطرا كبيرا على شبكة الصرف الصحي وتجهيزات محطة المعالجة.‏

حقيقة إبعاد معاون المدير العام‏

وحول حقيقة ابعاد المدير العام لمعاونه السيد (م.ح) قدم لنا مدير الشركة صورة عن تقرير للجهاز المركزي للرقابة المالية بحماة يحمل الرقم 133/ق تاريخ 1/10/2007 يطلب مراعاة الترتيب الوظيفي في تسمية معاون المدير العام (أي تعيين أحد المديرين الفني أو المالي) وكذلك قدم لنا صورتين عن كتابين لوزير الإسكان والتعمير الأول يطلب فيه من مدير عام شركة الصرف الصحي اقتراح أحد المديرين في الشركة والثاني ويحمل الرقم 2329 تاريخ 5/5/2009 ويتضمن تكليف المدير الفني المهندس رفيق سنكري مهام معاون المدير العام بدلا من المهندس (م.ج).‏

 

الضغط والإجازة‏

المهندس ف. ج رد على القول :إنه أخذ إجازة مدة عام نتيجة الضغط عليه كي يوقع على الكشوف دون تدقيق كتابة وتوقيعا بخط يده، حيث قال:‏

«حصلت على إجازة لمدة 15 شهرا نظرا لحاجتي إليها ودون أي إ كراه وقد عدت إلى الشركة وتم فرزي إلى المشاريع».‏

قبل الحديث عن اتهام المدير العام بالاستئثار بالمهمات الخارجية أعرض رد المهندس عبد الرزاق على اتهامه بنقل مهندس وعنصر فني إلى الشركة ارضاء للرقابة المالية بحماة حيث أوضح أنه تم نقل سبعة أشخاص وليس اثنين فقط وهم:‏

(مهندسا كهرباء وعنصر فني وحارس وكاتبان وموظف آخر) وذلك لحاجة الشركة إليهم.‏

وأضاف أن الشركة حتى الآن بحاجة إلى بعض العناصر أما حول استئثاره بالمهمات الخارجية، فقد اكتفى بتصوير إضبارة الدورات والندوات وتزويدنا بنسخة منها،ولدى مراجعتنا لها تبين وجود أكثر من 17 اسما بين مهندس وكيميائي تم ترشيحهم وإرسالهم إلى دورات تدريبية داخل وخارج سورية.‏

أخيرا‏

أخيرا: لابد من الإشارة إلى أن عدد الاتهامات التي حملنا إياها المهندس فراس رمضان بلغ عشرين اتهاماً أجاب عليها جميعها بالوثائق المعنيون بها في الشركة العامة للصرف الصحي بحماة، وجميع الإجابات بوثيقة أو بخط اليد والتوقيع ولم نعرضها جميعها بل اكتفينا بنموذج منها ، هو أخطرها وأهمها.‏

=======================================

هل تغيب القهوة التركية عن المقاهي الإسرائيلية؟

تريبيون ميديا سرفس

الثورة - الأثنين 2-11-2009م

ترجمة: حكمت فاكه

يظهر أن تناول القهوة التركية صعب حالياً في المقاهي الإسرائيلية، ولاسيما أن أصحاب هذه المقاهي، ذوي الميول القومية، بدؤوا يتعاملون مع القهوة التركية بنفس الطريقة التي تعامل بها الأميركيون مع البطاطا الفرنسية المقلية.

حيث بدّل الأميركيون هذه البطاطا باسم «بطاطا الحرية» بسبب رفض فرنسا غزو أمريكا الجائر للعراق عام 2003 ويعود سبب انقلاب «إسرائيل» على تركيا إلى القرار الذي اتخذته الحكومة التركية باستبعاد إسرائيل من المناورات الجوية الحربية التي تجريها تركيا سنوياً بانتظام مع حلفائها منذ عام 2001، ونستطيع القول: إن الموقف التركي تجاه «إسرائيل» أخطر من الموقف الذي اتخذته فرنسا، والسبب هو أن «إسرائيل» وعلى مدى سنوات طويلة، تمتعت بالحصانة الدولية التي كانت تحميها من المساءلة عن الخسائر المدنية والعسكرية التي كانت توقعها في جيرانها العرب من قتل وتدمير وتخريب، وتعود تلك الحصانة إلى رفض أميركا ودول أوروبا الغربية مناقشة اعتداءات إسرائيل والحروب التي تشنها على العرب في المحافل والمنظمات الدولية.‏

وبما أن التعاون الطويل الأمد القائم بين إسرائيل وتركيا كان يؤمن نوعاً من الحماية لإسرائيل فإنه سيبعد المساءلة العالمية عن الأعمال التي تقوم بها.‏

وتُعد تركيا، باستثناء أميركا من أهم حلفاء إسرائيل سواء تعلق ذلك بالقضايا العسكرية أم غير العسكرية، وهذا يعود لعدة أسباب يمكن شرحها، وهو أن تركيا دولة إسلامية كبيرة وديمقراطية ولها علاقات سياسية وعسكرية مع دول أوروبا الغربية وأميركا وحلف الناتو.‏

فعندما اندلعت الحرب الكورية في عام 1951، قدمت تركيا دعماً كبيراً للتحالف العسكري الذي كان يخوض تلك الحرب بقيادة أميركية، ونالت القوات التركية شهرة واسعة لتميزها في الأعمال القتالية لتلك الحرب، وهذا ماجعل دول حلف الأطلسي تدعوها للانضمام إليه في عام 1952.‏

 

وكانت تركيا أول دولة إسلامية قدمت قوات للخدمة في أفغانستان بعد هجوم الحادي عشر من أيلول على أميركا، والسبب في ذلك كان رغبة تركيا في الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي التي تكتنفها صعوبات كبيرة، فعلى الرغم من أنها مرشحة لذلك الانضمام رسمياً، إلا أنها تواجه معارضة كبيرة، وقد تكون قاطعة بسبب رفض أعضاء الاتحاد الأوروبي الحاليين قبول دولة إسلامية ذات كثافة سكانية كبيرة، وتتميز بمستوى تعليمي ومعيشي أقل بكثير عن نظيره في الدول الأوروبية، يُشار في هذا الإطار إلى أنه في حال انضمام تركيا إلى هذا الحلف، ستصبح الدولة الثانية بعد ألمانيا من حيث الكثافة السكانية، وبالتالي ستكون تركيا ثاني أكبر تمثيل في البرلمان الأوروبي.‏

والسبب الذي دفع تركيا لاتخاذ مثل هذه الإجراءات القوية ضد «إسرائيل» هو الممارسات الإجرامية التي اتخذتها في حربها الجائرة الأخيرة على قطاع غزة، هذا الاستخدام المفرط للقوة ضد الشعب الفلسطيني جعل مفوضية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يرسل بعثة لتقصي الحقائق في القطاع وإعداد تقرير عن ذلك، وتم استكمال هذا التقرير الشهير والمعروف باسم «تقرير غولدستون» وهو قاض مشهور من جنوب إفريقيا من أصول يهودية، وفي هذا التقرير أدان ذلك الخبير القانوني والدولي إسرائيل التي تحتل قطاع غزة بارتكاب أعمال وحشية وإجرامية ترقى إلى جرائم حرب.‏

وطالب الأطراف المعنية بإجراء المزيد من التحقيقات في القضية وأن تتحمل «إسرائيل» ما ارتكبت من جرائم حرب على أن يرسل تقرير نهائي بذلك إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي قد تحوله إلى المحكمة الجنائية الدولية.‏

ودون شك، فإن قرار تركيا يعني الكثير للجيش التركي الحامي للشخصية العلمانية للدولة التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923، كما أنه يُعد المسؤول عن الحفاظ على الطبيعة العلمانية لتركيا التي تميزها عن غيرها من بلدان العالم الإسلامي، و عن الحفاظ على الروابط العسكرية والسياسية مع القوى والمجتمعات الغربية، وهي روابط يحرص النظام التركي الحاكم على ديمومتها.‏

وبما أن المجتمع التركي المحافظ دينياً والذي يزداد نفوذه باستمرار، قد تأثر جداً بما حصل في غزة، ودفع هذا التأثر الشعب التركي للخروج بمسيرات حاشدة وغاضبة ضد إسرائيل في جميع أنحاء تركيا، ولم يقتصر هذا التأثيرعلى الشعب التركي، فقد وصل إلى رئيس الوزراء التركي أردوغان وإلى القاعدة الإسلامية التي تمتد فيها جذور حزبه، وفي هذا الإطار قال أردوغان: إن بلاده تدافع عن «المظلومين والمقهورين ضد ظالميهم وقاهريهم» مشيراً بوضوح إلى ماجرى في قطاع غزة، وكما قال وزير الخارجية التركي- أحمد أوغلو: إن علاقة بلاده «بإسرائيل» لن تتحسن حتى تنتهي المأساة الإنسانية في قطاع غزة.‏

جميع هذه المؤشرات تؤكد أن الافتراضات الإسرائيلية بالمناعة والحصانة أمام الرأي العام العالمي ستشكل خطراً عليها في حال استمرارها بالتمسك بتلك الافتراضات.‏

بقلم: وليام فاف‏

==========================================

بيوت متصدعة بعد انهيار ترابي ..والأهالي : ردموا الكهوف بحجارة منازلنا

باسل ديوب – سيريانيوز – حلب

2-11-2009

قام مجلس مدينة حلب بهدم عدة بيوت في أحد الأحياء الشعبية تصدعت بعد انهيار أرضي تحت شارع تطل عليه شمل بقعة تبلغ مساحتها حوالي 200 متر مربعاً .

وازدادت تصدعات البيوت الواقعة في حي الحيدرية وهو حي غير منظم مع استمرار هطول الأمطار التي لم تتوقف منذ ليلة الأمس في مدينة حلب.

وقامت لجنة السلامة العامة التي يرأسها محمد هندية بتعليم البيوت المقرر هدمها بإشارة حمراء.

وسمح لأهالي البيوت عدا واحد فقط حالته شديدة الخطورة بإخراج حاجياتهم وما يرغبون الاحتفاظ به ، قبل أن تبدأ آليات هندسية تابعة لمؤسسة الإسكان العسكري بهدم تلك البيوت " .

وذكر أحد الأهالي طالباً عدم نشر اسمه " كنا نتوقع أن يقوموا بحقن المنطقة الكهفية بالتراب أو الإسمنت لا أن يردموا حجارة بيوتنا داخلها لا نعرف مصيرنا هل سيتم إيوائنا أسوة بحالات مماثلة وهل سيسمحون لنا بإعادة البناء"

وقال عبد الله الحمد مدير خدمات السليمانية في مجلس مدينة حلب "الهدم تم بناء على تقرير لجنة السلامة العامة،وتقوم به جهة أخرى مختصة تنفيذاً توصيات اللجنة "

وحول تأمين سكن بديل أو مؤقت للأسر المتضررة قال الحمد " هذا الأمر خارج عن صلاحيات قطاع السليمانية " .

وقال محمد هندية رئيس لجنة السلامة العامة "الأمطار التي هطلت ساهمت في زيادة التصدع والبيوت التي قررنا هدمها ستسقط بالتداعي لاحقاً ،وقرار الهدم هو لحماية بقية البيوت " .

وكانت تلك المنطقة شهدت انهياراً أرضياً ليلة أمس الأول نجم عنه تصدع كبير في أحد المنازل وخسوفه في الأرض أكثر من خمسين سنتيمتر، فيما قررت لجنة السلامة العامة إخلاء سبعة بيوت من شاغليها .

==========================

«وعد بلفور» .. «وعد أوباما»

عريب الرنتاوي

الدستور

2-11-2009

في مناخات من خيبة الأمل والإحباط ، يحيي الفلسطينيون الذكرى الثانية والتسعين ل"وعد بلفور" المشؤوم ، وعد من لا يملك لمن لا يستحق ، الوعد المؤسس لدولة الاحتلال والاستيطان والتوسع وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.أما لماذا خيبة الأمل والإحباط ، فذلك لأن أول رئيس أسود يسكن البيت الأبيض ، نكث ب"وعد" حمله في جعبته للفلسطينيين... وعد ببناء دولة مستقلة ، بعد أن يكبح الشهية التوسعية المنفلتة من كل عقال لدبابات الاحتلال وجرّافاته... تبخر "وعد أوباما" سريعا ، ولم يبق على الأرض سوى "وعد بلفور" المشؤوم ومفاعيله السوداء.ماذا نحن فاعلون بعد أن أعلنتها السيدة هيلاري كلينتون مدوية وصامّة للآذان: تجميد الاستيطان ليس شرطا لاستئناف المفاوضات ، وهي متفقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي على ذلك ، أتم الاتفاق.لماذا نتفاوض؟... وعلى ماذا نتفاوض؟ إن استئناف المفاوضات اليوم ، ومن دون تجميد شامل للأنشطة الاستيطانية ، هو بمثابة قبول فلسطيني ضمني بل وصريح ب"مشروعية الاستيطان" ، وهو إقرار فلسطيني بأن السلام والاستيطان يمكن أن يجتمعا... وهو انهيار في شبكة الأمان الفلسطينية ، لن نعرف بعدها إلى أي منحدر سننزلق ، فالحذر الحذر.لم يعد أمام الرئيس عباس سوى قليل من الخيارات ، ليس من بينها ولا ينبغي أن يكون من بينها ، الانصياع ل"مذكرة الجلب" الأمريكية تحت عنوان استئناف المفاوضات بلا شروط ، فتلكم خاتمة مطاف المشروع الوطني الفلسطيني... لديه خيار العودة للشعب وتوحيد صفوفه وصياغة استراتيجية ولملمة شتاته وتفعيل ممثله الوطني الشرعي الوحيد ، وإعادة الاعتبار لطاقة الصمود والانتفاضة والمقاومة لديه ، وهو الذي قارع الاحتلال بلا كل ولا ملل ، منذ أن كان "وعدا" وحتى يومنا هذا ، وهو مستعد لمواجهة مائة عام أخرى من الصراع ، ومن يعجز عن الأخذ بهذا الخيار ، فما عليه سوى أن يستريح ويريح.آن الأوان ، لتركل بالأقدام ، كل الوعود الزائفة والخرائط الوهمية والمفاوضات العبثية ، فقد اتضح أننا إزاء أكبر عملية "خداع" يتعرض لها شعب على وجه البسيطة ، ويطلب إليه ، بل ويضغط عليه ، لكي يكون طرفا فيها ، وها نحن بعد مرور أكثر من أربعة عقود على الاحتلال ومبادرات وقرارات إنهائه ، وما يقرب من العقدين على مدريد ، 15و سنة على أوسلو ، نفقد أرضنا شبرا شبرا ، ونضيّع حقوقنا الواحد تلو الآخر ، فلا قعر لتنازلاتنا ، ولا حضيض لانهياراتنا.الذين قالوا للفلسطينيين بالأمس "خذوا الدولة" واتركوا اللاجئين ، وبذريعة أن الأرض هي جوهر الصراع ، كذبوا عليهم ، وها هم يتخلون عنهم اليوم ، ويعرضون عليهم ما تبقى من الأرض ، أو ما يفيض منها ومن مياهها الجوفية ، عن حاجة الاستيطان والمستوطنين... وغدا سيعلنون رسميا خروج القدس من ملف المفاوضات ، تماما مثلما أخرجوا الاستيطان والمستوطنات من ملف التفاوض.أما حكاية "المستوطنات جزء من مفاوضات الوضع النهائي" ، غير المسلية ، فقد دفع الفلسطينيون ثمنها ما يقرب من نصف مليون مستوطن مزروع فوق صدورهم وأرواحهم ، وكذب الدبلوماسيون الذين روّجوا لهذه الحكاية ، وإن صدقوا.

========================

ايران ترفض دون ان تغلق الباب،،

راكان المجالي

الدستور

2-11-2009

نجحت ايران حتى الآن في ابعاد خطر ضربة عسكرية امريكية اسرائيلية لمنشآتها النووية ، فالجواب الايراني على مطالب المجتمع الدولي الذي تحركه امريكا كان جوابا دبلوماسيا يركز على استمرار الحوار بشأن العرض المقدم لإيران..وايران كما هو واضح ليست على عجلة من امرها وهي تراهن على كسب الوقت وتلعب كل اوراقها في مواجهة تعقد الحسابات الامريكية واولها ان شرعية ادارة اوباما في نظر الشعب الامريكي مرتبطة بالوعد بالتغيير وبشكل خاص انحسار الحرب الوقائية ونزعة الانتقام التي دفعت ادارة بوش ثمنها غاليا.وبالاضافة لذلك فان ادارة اوباما بمن في ذلك وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون لا يرون ان هنالك مصلحة مباشرة لأمريكا في شن حرب على ايران ويترددون في ان يتم تسخير امريكا في حرب لصالح اسرائيل كما حدث في العراق.العرض الدولي لايران يبدو مغريا في الظاهر ويقوم على نقل كل اليورانيوم الموجود في ايران حاليا وتخصيبه في روسيا ليصل الى حدود الاستعمال السلمي الذي تقول ايران انها تهدف للوصول إليه.لكن ايران لديها شكوك بنوايا الغرب وتخشى ان لا يعاد لها اليورانيوم وان لا يخصب وان يتعطل برنامجها النووي.وهي ايضا لا تصدق الوعد بتوفير الطاقة لها في المرحلة الانتقالية الى ان تصبح قادرة على تشغيل مفاعلاتها للاغراض السلمية بعد عودة اليورانيوم المخصب.اوراق امريكا في مواجهة رفض ايران للشروط محدودة وهي قاصرة حاليا على التهديد بفرض حصار على ايران وايقاع عقوبات عليها لكن هذه العقوبات لو تمت فسيكون اثرها على ايران محدودا لان حدودها الواسعة المفتوحة على ساحات الفوضى والانفلات في العراق وافغانستان وباكستان تحد من اثر العقوبات وتجعل الحصار مستحيلا.وفي الحسابات الامريكية فان مقايضتها لروسيا بوقف برنامج الدرع الصاروخي مقابل تعاون روسيا مع امريكا بشأن ايران قد تكون مفيدة لاستصدار قرار من مجلس الأمن يفرض عقوبات لكن دون ان تتخلى روسيا عن مصالحها وتبادلها التجاري مع ايران...الخ.لكن اذا كان صحيحا ان ايران تملك اوراق قوة عديدة في اللعبة السياسية الا انها لا تستبعد نهائيا خطر الضربة العسكرية التي قد لا تصل الى كل منشآتها النووية الا ان خطرها الأكبر هو ان تستهدف تدمير البنية التحتية الايرانية ، ولذلك تنظر ايران بجدية الى المناورات العسكرية الامريكية الاسرائيلية المشتركة التي تجري في الكيان الصهيوني بما في ذلك الرسالة الواضحة بابطال مفعول صواريخ ايران بصواريخ اعتراضية والحديث عن حماية اجواء اسرائيل بمظلة الكترونية وغير ذلك من تهويلات لضمان حماية اسرائيل حتى لو فتحت عليها بالاضافة لايران جبهات سوريا ولبنان وفلسطين.وهذه التحوطات الامريكية الاسرائيلية تحمل وجها اخر وهو ان ايران لن تكون البادئة في توجيه ضربة لاسرائيل وانما سترد وهنا تنحصر الحسابات في ابطال مفعول هذا الرد الذي لا يأخذ بعين الاعتبار ما ستتعرض له القوات الامريكية في العراق وافغانستان وكذلك مأزقها في الخليج.واذا كان صحيحا الاستنتاج بان امريكا تريد تطمين اسرائيل الا ان اسرائيل نفسها في اكبر مناورة لها قبل اشهر قالت انها مستعدة لخسارة عشرة الاف قتيل في حرب تفتح عليها من كل الجبهات وتروج الى ان هذا الثمن سيكون معقولا تفاديا لامتلاك ايران سلاحا نوويا تهول من خطره الى حد الزعم بانه سيمسح اسرائيل.خلاصة القول ان ايران تستفيد من الاوضاع والاجواء الدولية والاقليمية وتلعب اوراقها بذكاء وحذر «وطولة بال» حائك السجاد الايراني ، والاهم رهانها على ان لا المنطقة ولا امريكا تتحملان تبعات حرب جديدة بعد كل العبر والدروس من ورطة امريكا في العراق وافغانستان.

========================

تحفز تركي على ابواب فيينا 'الايرانية'!

محمد صادق الحسيني

02/11/2009

القدس العربي

في اطار ايقاع متسارع للاحداث يحاول ترتيب الاوراق الخاصة بكل طرف من جهة وتنظيم آليات التعاون الاقليمي من جهة اخرى جرت زيارة الطيب اردوغان الى طهران ومن ثم اعقبتها زيارة وزير خارجيته الى العراق انطلاقا من اربيل عاصمة الاقليم الكردي محاولا منعه من ابتلاع كركوك ما قد يعني بالنسبة لتركمانها تهديدا وجوديا لهم بالاضافة الى خطر تهديد عروبة العراق وامنه ووحدة اراضيه ناهيك عن احتمال تطاير شظايا مثل هذا السلوك الى ما يهدد امن دول الجوار برمتها .

فالمتتبع لما يجري في الاقليم المشرقي الكبير من العراق مرورا بافغانستان وصولا الى باكستان على يد الاحتلال الامريكي البغيض ومخابرات الكيان العنصري الصهيوني المتحالف معه، يدرك تماما اهمية وضرورة تجميع كل نقاط وقواسم الاشتراك بين قوى الاستقلال والرافضة للتبعية، كما ضرورة تعزيز ومراكمة المجموعة الواسعة من التفاهمات السياسية والمصالح المشتركة لدول جوار العراق وافغانستان لمواجهة التحديات التي بدأت تتنامى على خلفية مشاريع الفيدرالية والتقسيم العرقي والطائفي والمذهبي بعد ان انتقلت من طور التنظير الى طور التنفيذ من قبل المحور الامريكي الصهيوني.

زيارة اردوغان لايران انما جاءت في هذا الاطار، وهي بالاضافة الى اعتبارها منعطفا هاما في مجال التعاون بين البلدين الجارين المسلمين في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والامن فانها تعتبر خطوة استراتيجية ضرورية في اطار الرؤية البعيدة المدى لمشرق مقاوم وممانع يضم امم الشرق الحية بنواتها التي تضم بالاضافة الى دمشق وطهران كل من انقرة وبيروت وغزة المحررة على امل ان تنضم اليها في المدى المتوسط كلا من بغداد وصولا الى القاهرة والخرطوم وتونس والجزائر والرباط حتى مضيق جبل طارق على امل انضمام فلسطين كل فلسطين البتة .

بهذه الروحية وبهذا النفس تباحث اردوغان مع القيادات الايرانية لرفع مستوى التبادل التجاري من 7 مليارات دولار الى ثلاثين مليارا وعينه مصوبة نحو تلك اللحظة التاريخية التي تجمع الدول الاسلامية الثماني الكبرى التي اطلق مبادرتها السيد اربكان يوما والتي باتت اليوم هدفا استراتيجيا يستحق التضحية من اجله كما قال له المرشد آية الله علي خامنئي .

اما المرشد علي خامنئي الذي كان قد حيا اردوغان على مواقفه الممتازة تجاه فلسطين فقد دعاه كذلك الى التعاون الثنائي لمساعدة العراقيين والافغان والفلسطينيين من اجل نيل استقلالهم الناجز وتحرير ارادتهم من المحتلين .

من جهته فان اردوغان كان واضحا تماما وهو يتوجه الى طهران عندما صرح بان من يهدد الامن في المنطقة هو اسرائيل المدججة بالاسلحة النووية وليس ايران، وكان واضحا ايضا وهو في طهران عندما اعلن دعمه الاكيد لبرنامج ايران النووي باعتباره برنامجا مخصصا للاغراض السلمية، وهو ما لاقاه فيه احمدي نجاد عندما قال بان بلاده والجارة الكبرى تركيا تستحقان ان تساهما بفعالية في ملء الفراغ الناتج عن فشل الغرب في المنطقة فضلا عن المساهمة في ادارة شؤون العالم، وانهما قادرتان ايضا على تغيير المناخ الدولي الحالي المتوتر والمشبع بدخان الحروب بما يخدم السلم والامن الدوليين الحقيقيين!

انها مناخات جديدة تفرضها ارادة تركيا الجديدة المستديرة شرقا ب'عثمانية اسلامية' مواكبة للعصر وارادة ايرانية اسلامية مستقلة ترفض الانصياع لاملاءات اعتاد الغرب المتجبر ان يفرضها على دول وشعوب المنطقة الى ما قبل التحولات الحالية !

وبالتالي فان من الطبيعي ان نرى اسرائيل واربابها الغربيين يبدون اكثر كآبة من اي وقت مضى، وهم يرون 'تركيا الفتاة' تتفلت من ايديهم وتقترب اكثر فاكثر من ايران التي سبق لهم ان خسروها قبل ثلاثة عقود عبر زلزال الثورة الاسلامية الايرانية الذي قض مضاجع قادة العدو الاسرائيلي آنذاك ولا يزال .

ثمة من يرى في هذا المشهد السياسي الجديد الذي يصنعه اردوغان واحمدي نجاد نوعا من اعادة احياء للتاريخ القديم متعانقا مع جغرافيا المنطقة السياسية وتحديدا عند محطة فيينا النووية وما تعنيه هذه المحطة في التاريخ والجغرافيا الاسلامية بالذات !

في هذه الاثناء فان طهران لن تقول للغرب وان بدا متعاونا في الظاهر بكلمة نعم الا بقدر وذلك حفاظا على مخزونها الاستراتيجي من اليورانيوم المخصب، وبالتالي لا سبيل للغرب الا التعايش مع ايران نووية، وكل الاتهامات الموجهة اليها 'ليست سوى ثرثرة دول تجثم على ترسانات نووية تعرف تماما ان الخطر الواقعي على امن واستقرار المنطقة هو اسرائيل وليس ايران' كما جاء على لسان الطيب اردوغان الذي كان زار طهران الاسبوع الفائت على رأس وفد اقتصادي تجاري كبير بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين قطبي الشرق الكبيرين ايران وتركيا .

وهكذا فان عقارب الساعة لن تعود الى الوراء مطلقا ولن تتكرر خديعة ايقاف التخصيب لا طوعا ولا كرها، بعد ان تحول الزمن لصالح قوى المقاومة والممانعة رغم كل التهويل والتهديد والوعيد الذي ينطلق من بعض ردهات قيصر اوروبا الجديد !

فطهران اليوم لم تعد وحدها التي تطالب بوضع حد للتعالي والعنجهية الغربية في التعامل مع دول الشرق الساعية نحو اكتساب العلوم والمعارف والجانحة نحو التقدم العلمي المجبول بمداد علمائها ودماء شهدائها، بعد ان اخذت جارتها المسلمة تركيا خيارها في الاستدارة شرقا!

ان من يطالب طهران اليوم بالرد الايجابي المطلق على مقترحات فيينا الامريكية الروسية المسوقة 'برادعيا' لا يدرك اهمية وعمق المعركة المفتوحة منذ ست سنوات ونيف بين ايران والغرب حول الاستقلال الناجز، ذلك ان المعركة الحقيقية في ما وراء واجهة النووي هي معركة الاستقلال الثاني لايران والتي هي اهم من معركة تأميم النفط التي خاضها محمد مصدق في بداية الخمسينات ضد الانكليز وكذلك اهم من معركة تأميم القناة التي قادها عبد الناصر ضدهم ايضا في شطر الامة الاسلامية الغربي !

ولمن لم يدرك بعد عمق ما جرى خلال الاربعة شهور الماضية بين الغرب المتغطرس وطهران المقاومة والصاعدة، عليه ان يراجع تاريخ هذا الغرب المتصهين الذي لم يهتم حتى للحظة واحدة بحقوق الانسان الفلسطيني المهدورة على مدى قرن او يزيد رغم كل ما جرى من حروب ابادة على شعب باكمله على ايدي الرعاع وشذاذ الآفاق من تجار الحروب المستقدمين من انحاء العالم، حتى يعرف الاسباب التي دفعت بهذا الغرب ان يصبح فجأة حريصا بهذا القدرعلى حقوق الانسان الايراني وصوت الناخب الايراني 'المضيع' لولا انه اراد لطهران ان تأتيه خاضعة راضخة الى محادثات جنيف ومن ثم محادثات فيينا ؟!

غير ان القيادة الايرانية العليا التي خبرت هذا الغرب المتلاعب بمصائر الشعوب طوال العقود الثلاثة الماضية، باتت على قناعة اكيدة بان لا افق لهذا المشرق الا بتعاضد شعوبه وتضامنها واسناد بعضها البعض في القضايا الكبرى مقابل افساح المجال لكل الاختلافات الصغيرة ان تأخذ طريقها للحل عن طريق تكثيف التشاور والحوار والمصارحة والمكاشفة ومنع اي اختراق للعدو لاسيما من خلال اللعب على حبال الفتن المذهبية والطائفية والعرقية .

=========================

 زعيم الصين الجديد.. ضدّ التثاؤب!

بقلم :د. سّيار الجميل

البيان

2009-11-02

حظيت الصين في خضم تحولاتها الكبرى عند مطلع القرن الحادي والعشرين، برجل جديد اسمه: هو جين تاو الذي انتخب رئيسا عام 2003، وهو الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية. وهو الرجل القوي في الصين اليوم، ويمتلك تطلعات كبرى ورؤية واسعة الأبعاد للعالم..

 

ولقد أثارت انتباه العالم إليه تصريحاته الأخيرة حول متغيرات العالم والأزمة الاقتصادية التي يمر بها، ناهيكم عن مقدرة الرجل ومن يعمل معه في قيادة أكبر بلد في العالم يحمل ثقلا سكانيا هائلا.

 

دعونا نتوقف قليلا عند تكوين الرجل، قبل معالجتنا لأفكاره.. إنه من قومية هان، ولد عام 1942، وأصبح شيوعيا عام 1964. تخرج مهندسا للطاقة الكهرومائية، وأكمل دراسته العليا ليغدو الموجه السياسي في الحفاظ على المياه مشاركا في البحث والتطوير، وكان موجها سياسياً قبل بدء الثورة الثقافية في عهد مؤسس الصين الشيوعية الجديدة ماو تسي تونغ، وعمل في لجان عمل عديدة في البناء والتصاميم، وفي العام 1982 أصبح عضو أمانة اللجنة المركزية لعصبة الشبيبة الشيوعية الصينية، ورئيس مجلس الشباب لعموم الصين.

 

ارتقى هذا الرجل بين عامي 1988  2003 في مناصب الحزب والدولة العليا، لينتخب في العام 2003 زعيما للحزب والدولة، ومنحت له صلاحيات واسعة عام 2005 بإشرافه على الجيش والإدارة. لقد نجح في بناء نفوذه حتى بعد وصوله للسلطة العليا، من خلال اعتزازه بكل من عمل برفقته أو بكل الذين اشتغل تحت قيادتهم، وأنه من جيل الثورة الثقافية الذي تربى على الصرامة في العمل والبراعة في التفكير من أجل إعلاء شأن الصين.. إنه من جيل تربّى على جملة مبادئ وجد أن تجاربها على الأرض لا يمكن لها أن تنمو، فآثر التحولات وعمل من أجلها.. إنه من جيل تربى على النزاهة والاستقامة والصبر وتقديس الإنتاج.

 

دعونا نتأمل في جملة من أفكاره الأخيرة في القمة الاقتصادية، وخصوصا تلك التي حضرها لمجموعة ال20 المالية التي انعقدت في بيتسبرغ في الولايات المتحدة الأميركية يوم 25 سبتمبر 2009، وما ألحق بها من تعقيبات خلال أكتوبر المنصرم.

 

لقد دعا الرجل قادة العالم إلى بذل كل جهد لتعزيز النمو الاقتصادي العالمي، وتحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة الاقتصادية والاجتماعية، وأضاف: «إن المجتمع الدولي قد عزز الثقة بنفسه، وتحركت الأسواق المالية في اتجاه الاستقرار، فهي بوادر إيجابية». لكنه حذر من بطء الانتعاش الاقتصادي، وأن شكوكا كثيرة لا تزال قائمة.. وأنه لا يمكن مواجهة تحديات الأزمة المالية الدولية، إلا بالترويج لعالم صحي يسوده الانتعاش الاقتصادي كمهمة أساسية، وهذا لا يتم إلا بجهود عالية المستوى في المجالات الثلاثة التالية:

 

أولا: الوقوف بحزم والتزام لكل تحفيزات النمو الاقتصادي، بأن يحافظ جميع البلدان على تكثيف خطط الحوافز الاقتصادية، ذلك أن كل البلدان المتقدمة والبلدان النامية، ينبغي أن تكون أكثر صلابة في اتخاذ تدابير فعالة، وبذل المزيد من الجهود لتعزيز الاستهلاك وتوسيع الطلب المحلى، وأن يأخذ احتياطي العملة الرئيسية للبلدان المصدرة، في الاعتبار، التوازن والآثار المترتبة على السياسات النقدية لكل من اقتصادات بلدانهم والعالم.

 

ثانيا: المضي قدما بحزم والتزام في إصلاح النظام المالي الدولي، إذ ينبغي أن تتبع من خلال جدول زمني وعلى خريطة طريق متفق عليها، زيادة تمثيل وصوت البلدان النامية والضغط من أجل إحراز تقدم ملموس في عملية الإصلاح. وحث زعماء العالم من أجل تحسين القائمة باتخاذ قرارات إجرائية في المؤسسات المالية الدولية، وتشجيع المزيد من المشاركة الواسعة والفعالة من جميع الأطراف، والمضي قدما بالإشراف والتنظيم لإصلاح النظام المالي الدولي.

 

ثالثا: الوقوف بحزم والتزام لتعزيز النمو المتوازن للاقتصاد العالمي، وخصوصا الاختلالات الاقتصادية العالمية، وتشمل الفجوة بين الادخار والاستهلاك والصادرات والواردات في بعض البلدان. ولكن الأهم من ذلك، قال: أن يتجلى في عدم التوازن في توزيع الثروة على الصعيد العالمي، وتوافر الموارد والاستهلاك والنظام النقدي الدولي، وأن السبب الجذري  كما يعتقد  هو التثاؤب، كما عبرت فلسفته عن فجوة التنمية بين الشمال والجنوب!

 

لقد دعا رجل الصين الجديد زعماء العالم لبناء المؤسسات الدولية التي تشجع على التنمية المتوازنة، وأضاف بأن «علينا رفع مستوى المدخلات في عملية التنمية بأشكال متنوعة... علينا أن نثمّن الدور الهام للتعاون التكنولوجي في مجال تعزيز التنمية المتوازنة، والحد من صنع الإنسان للحواجز التي تحول دون نقل التكنولوجيا، وخلق بيئة مواتية للبلدان النامية لتضييق الفجوة في التنمية»، وأن بلاده تعلق أهمية كبيرة على التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة لنمو المجتمعات، بدل البقاء تتثاءب، وأن الاعتماد الرئيسي لا بد أن يكون على توسيع الطلب المحلي، في التخفيف من آثار الأزمة المالية الدولية.

 

وأضاف: «في النصف الأول من 2009، على الرغم من الانكماش الحاد في الطلب في الخارج، تمكنت الصين من تحقيق نمو نسبته 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وللصين دور نشط في التعاون الدولي في مجال التنمية، وتشارك بنشاط في التعاون الدولي لمعالجة الأزمة منذ اندلاعها. إنها ستتبع طريق المساعدة على تعهداتها والتدابير اللازمة لذلك بطريقة مسؤولة في حدود قدراتها، وتقديم المزيد من المساعدة للبلدان النامية، ولاسيما الدول الأقل نموا في إفريقيا.

 

إنه واثق من أن الجهود المتسارعة والمتلازمة للمجتمع الدولي بأسره، ستتغلب على الأزمة، «لكي نعمل معا على صناعة مستقبل مشرق للإنسانية».

مؤرخ عراقي

sayyarjamil1@hotmail.com

=================================

وَقَعَ المحظور: الرئاسات شبه معطّلة

الأنوار - لبنان

2-11-2009

ربما يُفتَرَض بمجلس النواب الجديد أن يعتذر من الشعب اللبناني لأنه خذله، أما كيف؟ فوفق التسلسل التالي:

 

حين تشكّلت حكومة العهد الاولى، وفق اتفاق الدوحة، قيل إن تلك الحكومة لن تستطيع فعل الشيء الكثير لأن مهمتها الاولى ستكون اجراء الانتخابات النيابية، فتسقط مقولات (الأكثرية الوهمية) ويتشكل مجلسٌ نيابي وفق قانون (عادل)، وتؤلَّف حكومة جديدة وفق ميزان القوى الحقيقي.

 

أكثر من ذلك، قيل ان البداية الحقيقية للعهد ستكون بعد الانتخابات النيابية لأن ورشة الاصلاح ستبدأ عندها.

 

اليوم يتبيّن ان كل هذه الأقاويل كانت أوهاماً، فالعهد فعلياً لم يبدأ، المهلة الاولى او الموعد الأول كان بعد السابع من حزيران، وقد مرّت أربعة شهور على هذا الموعد لكن شيئاً لم يتحقق.

 

واليوم يُضرَبُ موعد ثانٍ مفاده ان الاصلاح سيبدأ بعد تشكيل الحكومة، من دون أن يضمن أحدٌ ان الحكومة ستتشكل فعلياً، وها هي حكومة تصريف الأعمال التي قيل ان مهمتها الاولية ستكون اجراء الانتخابات النيابية، تتحوّل الى الحكومة الوحيدة القائمة وانّ أي خلل فيها سيؤدي الى فراغٍ على مستوى السلطة التنفيذية.

 

ازاء كل هذه (العورات)، ماذا يفعل مجلس النواب الجديد؟ عملياً لا شيء، فباستثناء انتخاب رئيس له وانتخاب هيئة مكتبه، لم يُسجَّل له أي نشاط، أكثر من سبعين نائباً في الأكثرية لا يستطيعون التقدُّم خطوة لتسريع تشكيل الحكومة، وفي المقابل تمارس الأقلية نمط تعطيل التشكيل من دون وازع أو رادع.

 

الناخب اللبناني، سواء أكان في الموالاة أو في المعارضة، يسأل نفسه: لماذا كان هذا الاصطفاف وهذا الانقسام، قبل الانتخابات، اذا كانت النتائج غير محترمة

 

ويستطرد: في الواقع الذي نحن فيه، حتى لو حصدت الأكثرية مقاعد المجلس النيابي الثمانية والعشرين بعد المئة فانها لن تستطيع تشكيل الحكومة وحدَها

 

اذاً، ميزان القوى الحقيقي ليس في مجلس النواب، بل في مكانٍ آخر، ولو لم يكن هذا (المكان الآخر) موجوداً لكانت الحكومة تشكّلت منذ وقتٍ طويل.

 

هذا هو المأزق الحقيقي، وكلُّ كلامٍ آخر يبقى مضيعةً للوقت، فالبلد اليوم في حال انعدام وزن: رئيس الجمهورية دوره شبه معطَّل لأن لا جلسات لمجلس الوزراء ليترأسها، ورئيس مجلس النواب دوره شبه معطّل لأن لا حكومة موجودة ليدعو الى جلسات عامة لمناقشتها، ورئيس الحكومة المكلّف تحاصره المعضلات وتمنعه من تشكيل الحكومة، فهل من فراغ أعمق من هذا الفراغ؟

الأنوار

========================

ما بعد الفشل الأميركي!!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

2-11-2009

مصطلح جديد، بائس وسيئ ومعيب، أطلقته الإدارة الأميركية على هامش تواجد وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون في هذه المنطقة ومعها الموفد جورج ميتشل وقد أطلق هذا المصطلح لتبرير التراجع الأميركي عن المواقف السابقة التي كان كررها الرئيس باراك اوباما مرارا بالنسبة للحل المنشود للقضية الفلسطينية والصراع في الشرق الأوسط والتي أهم ما فيها الإصرار على الوقف المسبق وقبل أي مفاوضات للإستيطان بكل أشكاله وألوانه وبما فيه ما يسميه الإسرائيليون النمو الطبيعي.

 

هذا المصطلح أو الشعار الذي باتت الإدارة الأميركية تمارس ضغطا حقيقيا على منظمة التحرير والسلطة الوطنية للقبول به هو أن : نصف الرغيف أفضل من لا شيء مما يعني أن واشنطن بعد أن كشر اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة عن أنيابه وأطلق أعوانه وأتباعه في الكونغرس ل ينفسوا باراك اوباما، قد تراجعت عن كل وعودها ومواقفها السابقة وأصبحت تتبنى وجهة نظر اليمين الإسرائيلي المتطرف القائلة بأن حتى الفتات الذي يعطى للفلسطينيين لا يعطى إليهم كحق وإما كمنحة ومنة وكتنازل عن حقوق إسرائيلية!!.

 

وهكذا فإنه يمكن القول أن باراك اوباما، الذي أستقبل عهده بالآمال العريضة، قد فشل فشلا ذريعا وأنه تراجع حتى عن مواقف جورج بوش (الابن) وسياساته تجاه مأزق الشرق الأوسط الذي هو كما هو معروف صاحب حل الدولتين والذي كانت وزيرة خارجيته كونداليزا رايس قد حددت مرجعية المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بأنها حدود الرابع من حزيران ( يونيو ) بما فيها القدس الشرقية والأغوار وال نومانز لاند وأكدت عشرات المرات بأن المستوطنات كلها بكل أشكالها غير شرعية وأن إسرائيل هي المسؤولة عن الاستعصاء في العملية السلمية.

 

لقد فشل باراك أوباما بالفعل وهو الآن، بعد أن تبنى الموقف الإسرائيلي، يحاول تحميل الفلسطينيين مسؤولية فشله وهذا يقتضي، مادام أن حتى أردأ العرب يعتبر القضية الفلسطينية قضيته، أن تبادر الدول العربية، على الأقل، إلى عقد لجنة المتابعة التي كانت تشكلت عشية الذهاب إلى أنابوليس والمكونة من ست عشرة دولة لتقول رأيها في هذا المستجد الأميركي ولتتحمل مسؤوليتها القومية إزاء هذا المستجد... أما أن يترك الفلسطينيون وحدهم فإن هذا ليس غير جائز وفقط بل هو تنكر للواجب القومي الذي مع طول الوقت قد تحول إلى معلقات شعرية كالمعلقات السبع المعروفة.

 

إن هناك أطرافا عربية، وهي معروفة، تريد لهذا المركب الفلسطيني، أي مركب منظمة التحرير والسلطة الوطنية، أن يغرق لتردد بعد ذلك : ألم نقل لكم ذلك وهؤلاء ينطلقون من إلتزامهم ب حماس ومن هم وراء حماس وحقيقة أن هذا قصر نظر إذ أن قضية فلسطين أكبر وأهم من هذه الحسابات الضيقة والصغيرة وأهم وأكبر من الفصائل الفلسطينية كلها بما فيها منظمة التحرير و فتح و حماس وباقي ما تبقى من هذا الفسيفساء الذي يشكل بمعظمه عبئا كبيرا على هذه القضية المقدسة.

 

لابد من موقف عربي يتعالى فوق الحسابات الصغيرة والضيقة وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار أن الخوف من مواجهة الإدارة الأميركية قد يدفع بعض العرب إلى الهروب والتهرب وتحويل محمود عباس ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية إلى مشجب يعلقون عليه ضعفهم وتقاعسهم وهنا فإن ما يجب أن يكون مفهوما ومعروفا هو أنه إذا فاز بنيامين نتنياهو بهذه الجولة وإذا استكمل اوباما فشله هذا باستنكافه عن التعاطي مع هذه المنطقة فإن الإرهاب سيكون البديل الذي سيستهدف المصالح الأميركية في الشرق الأوسط وفي ما وراء الشرق الأوسط والذي سيستهدف أيضا حتى المؤلفة قلوبهم من العرب هذا بالإضافة إلى الذين يظنون أن مواقفهم المبنية على تحالفاتهم الإقليمية سوف تجنبهم وتجنب بلدانهم ما سيترتب على إنهيار العملية السلمية.

========================

بالحوار والتسامح نواجه العنف

المحامي أمجد شموط

الرأي الاردنية

2-11-2009

مما لاشك فيه بان جميع الاديان والشرائع السماوية اضافة الى المواثيق والاعلانات والمعايير الدولية لحقوق الانسان تؤكد على حقيقة مفادها بان حق الانسان في الحياة هو مقدس قال تعالى لقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر وهنا التكريم مطلق لجميع البشر وقال تعالى ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ولقد جاء في الاعلان الوطني لحقوق الانسان 1948 المادة 3 لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه كما وافقت الجمعية العامة للامم المتحدة في 1946 على قرار يعتبر قتل الجنس البشري جريمة دولية وعام 1947صدر قرار يمنع قتل الانسان ويوقع العقوبة على مرتكب الجريمة وان الدستور الاردني يتفق في المادة 7 بان الحرية الشخصية مصونة ومن المؤكد بان العنف يظهر في المجتمعات بصور واشكال متعددة ومختلفة فهناك العنف القائم على الاعتداء على حق الانسان في الحياة والعنف القائم على الاعتداء على حق الانسان في سلامة جسده وعقلية وحريته في التفكير والضمير والدين وعليه فان العنف سلوك يؤدي الى الاضرار بالاخر اما جسديا او نفسيا وقد يكون التعمد باستعمال القوة في التهديد او التنفيذ ضد الاخر حتى ضد النفس كالانتحار وان العنف تجاه افراد المجتمع فيما بينهم له دوافعه واسبابه الشخصية كالثأر او الانتقام او اشباع غريزة كسب او جنس غير مشروع وقد يكون بدوافع اخرى اجتماعية او دينية او اقتصادية، كما ان العنف قد يمارس من قبل السلطات وذلك من خلال التعسف في استعمال الحق القوة او الصلاحيات من قبل الاشخاص االقائمين على انفاذ القوانين، وهنا تبرز الحاجة ملحة لانشاء محكمة دستورية لملائمة القوانين مع الدستور وخصوصا وان الدستور الاردني عصري ومرن ومنسجم مع المعايير الدولية لحقوق الانسان،كما يتطلب منا تفعيل الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الاردن في مجال حقوق الانسان كما ان العنف موجود لدى جميع المجتمعات حتى المتقدمة فهناك عنف المدارس والجامعات والملاعب فدوافع الشر والخير متماثلة لدى النفس البشرية في العالم اجمع ولعل الحقيقة الابرز هي ان نظام الحياة قائم على الصراع بين السلوك الانساني الايجابي والسلوك السلبي فاما ان تسود شريعة الغاب واما ان يسود حكم وسيادة القانون والانفتاح المدني والديمقراطي والاعتراف بشرعية حقوق الاخرين في سياق الرابطة الانسانية بغض النظر عن اختلاف الدين او العرق او الجنس وهذا يتطلب جهد وطني من كافة مكونات الدولة السلطات العامة، مؤسسات المجتمع المدني، وسائل الاعلاملتعزيز مفاهيم التعددية والحوار وحماية واحترام حقوق الانسان واثراء ثقافة التنوع والاختلاف والحقيقة الاخرى هي ان ثورة الاتصالات والتكنولوجيا وانتشار وسائل الاعلام المختلفة مقروءة ومسموعة و المواقع الالكترونية وغيرها قد ابرزت ظاهرة العنف بكافة اشكاله بصورة واضحة وجلية بل بعضها هول من حجم هذه المشكلة و على انها ليست بجديدة على المجتمعات البشرية كما نناشد مؤسسات المجتمع المدني بتعزيز القيم الانسانية النبيلة من خلال عقد ورش عمل للتوعية بخطورة هذه الظاهرة والمساهمة في الحد منها.

وان الحقيقة الثانية تتمثل في ان ثقافة التسامح والحوار هي الثقافة البديلة لثقافة العنف والانحراف الفكري والغاء الاخر واقصائه وقتله وهي النقيضة ايضا للتعصب و التطرف والغلو واحتكار الحقيقة والمعرفة والوصاية على الاخر والهيمنة والتبعية هذه كلها مفردات تعزز ثقافة العنف وتلغي ثقافة الفضيلة وحرية الفكر والمعتقد وتضعف فرص احلال ثقافة السلام محل الحرب واني أؤكد ايضا على التسامح المنشود لعلاج العنف الاجتماعي هو الذي لا يعني التنازل او التساهل في الحقوق وانما يعني ويرفض الاستبداد والظلم الاجتماعي و هو ذاته الذي يحقق الامن والسلم الاجتماعي لدى افراد المجتمع من خلال الضمانات التي تكفلها الدولة باقامة العدل وعدم التمييز في التشريعات وفي انفاذ القوانين والاجراءات القضائية والادارية وهو الذي يقتضي ايضا من الدولة اتاحة الفرص الاقتصادية والاجتماعية لكل شخص دون تمييز او استبعاد.

والحقيقة ايضا المؤكدة ان لدى قيادة الاردن ارادة سياسية قوية وجادة في نشر قيم التسامح والحوار وقبول الاخر وتعزيز ثقافة السلام ونبذ العنف والتطرف على المستوى الوطني والدولي فرسالة عمان التي تؤكد على هذه المضامين والقيم اضافة الى الدستور الاردني الذي يعترف بدين الدولة صراحة الاسلام اضافة الى المساواة في الحقوق والواجبات والتشريعات الاخرى الناظمة لحقوق الانسان ومنها الميثاق الوطني عام 1990 أستناف الحياة البرلمانية 1989واستئناف الهياكل العامة والوطنية التي تحد من مظاهر تعزيز ثقافة العنف ومنها تاسيس المركز الوطني عام 2003 وديوان المظالم ومديرية مكافحة الفساد وديوان المحاسبة، اضافة الى قانون الاحزاب والمطبوعات وانشاء وحدات متخصصة في المؤسسات العامة لمتابعة حقوق الانسان واستقبال شكوى المواطنين لدى الامن العام والابرز هو تصديق الاردن على المعايير الدولية لحقوق الانسان وعدد من الاتفاقيات الناظمة لها منها الاعلان العالمي والعهدان الدوليان واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية القضاء على اشكال التمييز ضد المراة واتفاقية القضاء على اشكال التمييز العرقي.

اما اهم اسباب العنف فهي:.

الاسباب الاقتصادية / تردي الحالة الاقتصادية وتدني مستوى دخل افراد المجتمع ومارافق حركات الهجرة من الارياف الى المدن وانتشار الاحياء العشوائية والتجمعات الفقيرة وتفشي البطالة في صفوف الشباب.

غياب العدالة الاجتماعية : نقص مصادر الثروة وعدم العدالة في توزيعها وما يرافق ذلك من خلل توزيع الخدمات والمرافقالتعليم، الصحة، الاسكان، الكهرباء.... وتولد ما يسمى بالحقد الطبقي واذا ينظر الفقراء الى اغنياء المجتمع من باب الحسد وهو ما يشكل ارضية خصبة للعنف.

الظروف السياسية المتمثلة في تدني مستوى المشاركة السياسية في صنع القرار وعدم وجود تعددية سياسية حقيقية تنتج هامش مناسب للحوار بين فئات المجتمع كما ان التعاطي مع التيارات الدينية لم يرق الى المستوى المطلوب الممثل في دمج هذه التيارات في صنع القرار وتحمل مسؤولياتها تجاه قضايا المجتمع.

التعليم : لازالت بعض النظم والمناهج التعليمية بحاجة الى مراجعة وتمحيص حيث فشلت المناهج في دفع الطلبة نحو الافضل واستفزات طاقاتهم الكامنة خدمة لمجتمعاتهم.

ضعف الولاء وعدم قدرة مؤسسات الدولة على مختلف اشكالها على تكريس الولاء وحب الوطن بالرغم من الصور الوسيمة المعيشة التي تبرزها وسائل الاعلام بصورة مجه وغير مدروسة.

الفراغ الفكري والفهم الخاطي للدين الذي يؤدي الى التطرف والتمرد السياسات العدائية الخارجية ومحاولات السيطرة على الدول الضعيفة ونهب ثرواتها ومقدراتها والذي يؤجج مشاعر الاحباط واليأس لدى ابنائها يولد بالضرورة عدة مظاهر من مظاهر العنف والشاهد على ذلك مايجري في العراق وفلسطين فالممارسات العدائية اليومية للاحتلال تولد العنف وما يرافق ذلك من تجاوزات كلل القوانين ولاعراف والمواثيق الدولية.

وللوصول الى العلاج الناجح لآفة العنف التي باتت تؤرق المجتمعات لابد من البحث في الاسباب والدوافع التي تسهم في انتشار جميع مظاهر العنف وفي هذا السياق نطرح الآتي: تعزيز الديمقراطية وتمنيتها وتوسيع هامش المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وترسيخ قيم التعددية والحرية وتخفيف مظاهر القمع والكتب والتهميش، والتعاطي مع مضامين اللامركزية يكرس النهج الديمقراطي.

يتحمل مثقفو الاردن مسؤولية تنويرية من خلال وضع اليد على الاخطاء والثغرات ليس فقط من خلال المقالات الصحفية والندوات بل يجب ان يتحول جهدهم الى ممارسات شعبية حقيقية ودور مؤسسات المجتمع المدني والاندية والمنتديات عليهم مسؤولية التوعية والتثقيف.

اعادة النظر في الخطاب الديني وتحويله باتجاه حل اشكاليات المجتمع المختلفة وبث قيم التسامح، الحوار، التعايش، واحترام الآخر وكذلك الاجابة عن تساؤلات الحياة المعاصرة من خلال الوعظ والارشاد والتوجيه وتوسيع باب الاجتهاد من قبل اهل العلم والاختصاص الشرعي في اطار تعزيز فقه البدائل.

تضمين البرامج التعليمية والمناهج ادبيات الحوار وثقافة التوازن بين الحقوق والواجبات والبحث في حل ومواجهة مشكلات الحياة بشكل عملي وذلك على صعيد الجامعات، والمدارس وفي رؤية استراتيجية.

ضرورة التزام الاجهزة الامنية والقائمين عليها باتباع الأساليب القانونية المشروعة في مواجهة العنف والابتعاد عن القمع وانتهاك حقوق الانسان والافلات من العقاب والاردن في هذا الاطار لايوجد لدينا عنف ممنهج بشهادة المنظمات الدولية ومع ذلك يحصل بعض التجاوزات الفردية فقدان مسؤولية البحث عن برامج اقتصادية شاملة للتخفيف من حدة ووطاة الفقر والبطالة وارساء قواعد العدل وتكافؤ الفرص ومحاربة الفساد والواسطة والمحسوبية والشخصنة في التعامل.

استغلال العشائرية الحميدة في الحد من هذه الظاهرة من خلال العادات الاجتماعية المتبعة في اصلاح ذات البين والتقريب بين الناس وارجاع الحقوق، ونبذ ما يتزامن احيانا مع تدخلات العشائرية في التستر على الجاني وبالتالي التسبب في ظلم المجني عليه وتضيع حقوقه.

8- الدعوة الى مراجعة التشريعات القانونية والوطنية من خلال فحص نظام العقوبات السائد وقانون الاجراءات الجزائية والتنفيذ ووفقا للنظر الى الخطورة الجرمية من ناحية وربما هذا يتطلب منا تغليظ بعض العقوبات تجاه بعض الجرائم الاكثر خطورة على الافراد والمجتمع وربما يقتضي الامر تخفيف عقوبات اخرى بما يتلائم مع الجرم المرتكب وحماية حقوق المجتمع مع ضرورة الاخذ بنظام العقوبات البديلة في سياق تعزيز القيم الانسانية والاخلاقية وثقافة العمل التطوعي التمكين الايجابي للجناة وهذا يتطلب منا مراجعة ما يسمى بالعرف العشائري بحيث يمكن تدوين او تضمين او دمج بعض العادات والتقاليد الحسنة المتبعة في اطار سيادة مؤسسة القانون وتحت ولاية القضاء النظامي وبما يحقق حماية جميع الاطراف الجاني المجني عليه و المجتمعويمنع ازدواجية تطبيق القوانين والعقوبات ويحافظ على الثوابت الوطنية المنسجمة مع الدين والمعايير الدولية لحقوق الانسان.

* رئيس مركز الجسر العربي للتنمية وحقوق الانسان

=============================================

إيران وتركيا... الاستقرار وملء الفراغ

رضوان السيد

الاتحاد 1-11-2009

اعتبر المراقبون الغربيون موقف أردوغان من النووي الإيراني، نوعا من الإزعاج والابتزاز لأوروبا، بسبب وقوف أكثر زعمائها ضد دخول تركيا للاتحاد الأوروبي! وكان أردوغان قد صرح على مشارف زيارته لإيران، ثم صرح في إيران، بأن الغرب ظالم لإيران في المسألة النووية، فطهران لا تريد النووي إلا للأغراض السلمية؛ بينما لا يتحدث أحد عن النووي العسكري الإسرائيلي! كذلك من اللافت تصريحان آخران خلال الزيارة، أحدهما لأردوغان، والآخر لنجاد. فأردوغان صرح أيضا بأن إيران وتركيا هما عماد الاستقرار في الشرق الأوسط. بينما صرح نجاد بضرورة ملء الفراغ في الشرق الأوسط، ولا يملك ذلك أحد أو يستطيعه غير إيران وتركيا! وكان اللافت أيضا أن الطرفين تبادلا الثناء على الموقف من إسرائيل.

لماذا ذهب أردوغان إلى إيران الآن؟ وما النتائج المتوقعة لزيارته؟ السؤال الأول مهم لأن العلاقات الإيرانية التركية جيدة اقتصاديا، وهناك تنسيق طويل الأمد بينهما في الملف الكردي. وثمة بالطبع موضوعات دائمة للحديث مثل آسيا الوسطى والقوقاز ومشكلات بحر الخزر.

بيد أن المشكلات المستجدة هي التي أخذت معظم الوقت في نقاش الطرفين، بل دفعت أردوغان لزيارة إيران الآن: هناك التوتر على الحدود بين باكستان وأفغانستان من جهة، وإيران من جهة ثانية. وهناك التباعد التدريجي بين إيران وسوريا. وهناك التداخل الإيراني التركي بالعراق.

 

وهناك الموقف المتغير في الشرق الأوسط، وهناك أخيرا التجاذب بين إيران والغرب.

في مسألة التوتر بين باكستان وإيران؛ سبق زيارة أردوغان التفجير الذي نفذه جند الله في الجزء الإيراني من بلوشستان. وتسكن في الإقليم الذي تتقاسمه إيران وباكستان وأفغانستان، إثنية البلوش، وأغلبهم سنة أحناف، لا يشعرون بالانتماء إلى أي من الدول الثلاث، ويريدون دولة مستقلة. وكانت تنظيماتهم قومية، إلى أن تحولت في الثمانينيات إلى تنظيمات دينية، ومنها جند الله الذي تقول إيران إنه يتحرك من الجزء الباكستاني، لأن باكستان فقدت السيطرة على حدودها مع إيران منذ عقدين! وأردوغان معني بالملف؛ للعلاقات الوثيقة بين الجيشين التركي والباكستاني، ولأن تركيا تشارك في قوات الناتو بأفغانستان! وقد زار أردوغان باكستان ليستمع إلى رأيها قبل زيارة إيران، وهو يتوسط بين البلدين الإسلاميين الكبيرين لتخفيض التوتر، ورأيه أن الاستقرار الداخلي فيهما يخرج الأميركيين وينهي نفوذهم، فيرفع عبئا ثقيلا عن كاهل طهران التي تتهم المخابرات الغربية بدعم جند الله. والمعروف أنه كانت للإيرانيين علاقات معقولة بالأميركيين في أفغانستان بسبب سوء العلاقة الإيرانية مع طالبان. لكن الأمور تداخلت وتشابكت بعد لجوء أقسام من القاعدة إلى إيران، وما يقال من أن إيران أصبحت تغض النظر عن تحركات طالبان وحكمتيار. والمرجح أن ينجح أردوغان في خفض التوتر بين باكستان وإيران، بل وبين الناتو وإيران على حدود أفغانستان، لأن لسائر الأطراف مصلحة في انتهاء القاعدة وعدم عودة طالبان.

والأمر بين إيران وسوريا أقل خطورة على الجمهورية الإسلامية؛ لكنه أكثر حساسية. فقد لعبت سوريا دور الممر الآمن لإيران إلى غرب المتوسط (لبنان وفلسطين)، كما أن التنظيمات الشيعية المعادية لصدام حسين كانت لها مكاتب في دمشق. بيد أن تصاعد المشكلات بين إيران والولايات المتحدة على النووي وغيره بعد الاحتلال الأميركي للعراق، زاد التوتر بين واشنطن ودمشق، ثم بين دول الاتحاد الأوروبي وسوريا، وأخيرا بين سوريا من جهة، والسعودية ومصر من جهة ثانية. ذلك أن سوريا وجدت نفسها على الخط الطويل الذي أقامته إيران لجبهة المواجهة ضد أميركا وأوروبا وإسرائيل. لكن تركيا تقدمت لإخراج سوريا من العزلة، ومن بؤرة التوتر، فتوسطت في مفاوضات غير مباشرة بينها وبين إسرائيل لاستعادة الجولان. وليس معروفا بعد هل تغير شيء في سياسات سوريا بشأن خطوط الإمداد لحزب الله وحماس. لكن المعروف أن المطلب الإسرائيلي والأميركي المعلن لاستعادة التفاوض هو التوقف السوري عن دعم حزب الله وحماس والتنظيمات الأخرى. وقد تصالحت سوريا أخيرا مع السعودية، وزارها الملك عبدالله، فتعهد الرئيس الأسد بالتأثير الإيجابي في لبنان. وقد دخلت سوريا أخيرا في نزاع متجدد مع العراق، إضافة إلى أن هناك حالة من الجفاء مع الولايات المتحدة. فما الذي يستطيع أردوغان فعله لتخفيض التوتر المتدرج بين الحليفين السابقين، إيران وسوريا؟ منطق أردوغان أنه لا مصلحة لطهران في اضطراب الأمور بلبنان، ولا في الخلاف مع سوريا. ذلك أن طرد سوريا من لبنان سوف يزيد من الانقسام حول حزب الله، كما سيدفع سوريا لإقفال حدودها في وجهه. وكذلك الأمر إن استمر تصعيد المالكي مع سوريا؛ لأن الأطراف المعادية للنظام الجديد هناك ستجد ملاذا في سوريا. ومع أن السلام في المنطقة لا أفق له، بسبب التعنت الإسرائيلي؛ فأقصى ما يمكن بلوغه هو استعادة الجولان، ولا ضير في ذلك لأنه لو تم في ظل الاحتضان التركي والإيراني فلن يحول سوريا إلى تابع للغرب كما تخشى إيران. بل إن التوتير مع سوريا هو الذي قد يدفعها للجوء للأحضان الأميركية. وليس من المرجح أن تظهر ردة فعل إيرانية علنية أو سريعة على التأملات التركية. لكن النجاح في تشكيل الحكومة اللبنانية -إذا تحقق- قد يعطي إشارة إلى استجابة إيرانية صغيرة للرغبات التركية.

لأن موقف إيران أن التشكيل في الشكل سيبدو بمثابة نتيجة مباشرة للقاء السعودي السوري.

وفي حديث أردوغان عن العراق، بعد أن زاره ووقع مع حكومته عشرات الاتفاقيات أخيرا، دون أن ينجح في إقناع العراقيين بالتوقف عن مهاجمة سوريا... ما كان التوتر بين بغداد ودمشق هو الموضوع الوحيد. بل هناك موضوع مستقبل العراق بعد الخروج الأميركي، والصراع على كركوك، وأميركا والأكراد وإسرائيل.. إلخ. وهي موضوعات تستدعي المتابعة الطويلة، فالتطورات متسارعة، والانتخابات بالعراق على الأبواب، والممكن الآن بوساطة تركية وإيرانية: إيقاف التردي بين سوريا والعراق وحسب!

ولا تبدو العروض التركية القائمة على تبادل المنافع والمصالح مغرية بشكل كاف، ولا كذلك شتم إسرائيل ودعم النووي السلمي الإيراني؛ بل المغري المشهد الجديد الذي يعرضه أردوغان لشرق أوسط كبير إنما ليس أميركيا، بل إيراني تركي مشترك. وإسرائيل التي تقيم تركيا علاقات استراتيجية معها، ليست غائبة عن المشهد، لكنها موضوعة في خانة العدو، لحين الوصول إلى مستقر في العلاقات بين إيران والغرب، إنما الغائب الأكبر هم العرب. فنجاد يتحدث عن الفراغ الاستراتيجي في المنطقة والذي لا تملؤه غير القوة الإيرانية التركية المشتركة.

وأردوغان أكثر أدبا لأنه يتحدث عن البلدين باعتبارهما عماد الاستقرار، لكن المضمون واحد، والنتيجة واحدة.

الاتحاد

=======================================

معركة الخلافة المصرية.. مسموح جلد الرئيس

سميدار بيري

02/11/2009

القدس العربي

سيكون فرحا، كما يقال عندنا، اذا ما قرر الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى تحقيق تلميحاته شديدة الوضوح إلى انه سيدخل في منافسة على منصب الرئيس القادم لمصر. موسى، ليس طفلا، ابن 73، كان وزير خارجية بارزاً ومعبراً من ناحية مصر، لاذعاً ومعادياً من ناحية اسرائيل.

هو الذي طور السلام البارد ليصبح التوصية الجارفة في انه 'من الافضل عدم الركض نحو علاقات طبيعية مع اسرائيل'. مع موسى، الفنان الاعلامي، يعرف المرء انه دوما سيخرج بعنوان الرئيس، ولا سيما حين يدور الحديث عن النفور الذي يظهره تجاه سياسيين اسرائيليين، والرئيس بيريس على رأسهم. كل لقاء بين الرجلين وعد بفضيحة اعلامية وترك الطرف الاسرائيلي مع طعم مرير.

الآن، عندما اصبحت الجامعة العربية التي يترأسها ساحة عمل مملة، بوابة ميزانيات ونفوذ، يقول موسى انه 'لا يستبعد امكانية' ان يتنافس على الرئاسة. لكل مواطن مصري الحق، كما ألقى بالقنبلة، ومنذئذ وهو يبقي الاوراق السياسية قريبة من صدره، يلفه دخان السجائر التي يحاول نفخها في كل مرة يبحث فيها عن المتعة.

توقيت رصاصة البدء التي اطلقها موسى لم يتم اختياره بالصدفة. ففي نهاية الاسبوع افتتح في القاهرة مؤتمر حزب السلطة: ولكن اكثر مما هي الخطابات، تشكيلة المشاركين والمواضيع المشتعلة، فان مسألة وراثة الحكم كانت هي الموضوع. دفعة واحدة تحطمت كل الحواجز، فبات مسموحا اجراء مداولات حماسية في مسألة 'من سيكون الرئيس القادم'. لم يعودوا يغلقون الصحف ولا يقتادون الى التحقيق من يجلدون الرئيس.

مبارك ابن 81، ولايته الحالية، الخامسة، ستنتهي بعد اقل من سنتين. المعارضة التي اقامت حركة 'كفاية' لحكم مبارك الاب الطويل خرجت الان بشعار 'ما يحكمش'، بمعنى لن يحكمنا، والقصد هو الخليفة المحدد، جمال مبارك، ابن ال 45. الفضل الكبير لجمال، كابن الرئيس، هو ايضا النقيصة التي يستخدمها معارضوه ومن يحرضون ضد التوريث يتجاهلون عن قصد كفاءاته.

في بورصة الاسماء تعتمل اسماء د. محمد البرادعي، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الجنرال عمر سليمان وزير المخابرات المصرية، وكما اسلفنا النجم الجديد  القديم، الامين العام للجامعة موسى.

في اسرائيل ايضا تنشأ صحوة. يعدون اوراقا، ويدرسون سيناريوهات. ليست مصر فقط الجار الضخم وذا المصالح، كل هزة في السياسة، كل اشارة توتر ووهن في القيادة، من شأنه ان يؤثر علينا ايضا. صورة الشارع تدل على انعطافة قوية نحو التطرف الديني. النساء الشابات تخرجن لأول مرة للتظاهر من اجل الحق في الحجاب.

لو كان بوسعنا ان نوصي، لوضعنا مبارك الصغير في رأس الهرم والى يمينه الجنرال سليمان، او العكس. لا جدال في تجربة وحكمة الجنرال، لا جدال في ان مبارك الصغير اكتسب في 14 سنة له في السياسة تجربة غنية. الخبراء عندنا يصرون على انه بالسلوك الملتوي لمصر، ليس للامين العام موسى فرصة، ويترجمون بالون الاختبار الذي اطلقه الاسبوع الماضي لخطوة يتخذها بالذات في صالح مبارك الصغير.

وملاحظتان في موضوع منظومة العلاقات: الاولى، عشرات الصحافيين من كل ارجاء العالم دعوا ليحلوا ضيوفا على حزب السلطة في القاهرة لتغطية المؤتمر. لم يحظ اي صحافي اسرائيلي بذلك. الثانية، الاسبوع الماضي تم في السينمتك في تل ابيب بث احتفالي للفيلم المصري 'ايام السادات'. كان هناك من خرجوا دامعين من الفيلم الذي ينتهي بالزيارة التاريخية الى القدس وباغتيال الرئيس. وكان هناك من اختاروا الوقوف عند نصف الكأس المليء: فيلم مصري يأتي اخيرا الى مؤسسة حكومية  بلدية في اسرائيل وان كان ليس واضحا اذا كان هذا بعلم المخرج وماذا سيكون مصيره في القاهرة اذا ما اكتشفوا 'الفضيحة'؟

ولمحبي التشبيهات: 'زيارة الفرقة الموسيقية' خاصتنا بث في مصر على نحو شبه سري تقريبا، تحت ظل حراسة مشددة، في ظل نشر يندد بكل المحليين (القلائل) الذين تحلوا بالشجاعة لاظهار تواجدهم.

يديعوت 1/11/2009

============================================

وحده أبو مازن بقي جانباً

دان مرغليت

المستقبل - الاثنين 2 تشرين الثاني 2009

وصلت هيلاري كلينتون إلى إسرائيل أمس بعد جولة سياسية فاشلة في باكستان، وعلقت في جولة إضافية من الجري خلف أهداف متناقضة إزاء الشروط الضرورية لتحريك المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية.

يبدو أن السبب الرئيس لزيارة كلينتون يكمن في الشعور الأميركي بضرورة تعزيز أبو مازن الذي يتعرض لصعوبات متزايدة على الحلبة الفلسطينية. وفي الواقع، هذا هو السبب لمسارعة كلينتون إلى زيارة إسرائيل، من أجل تقديم مساعدة أولية في الفصل الأخير.

تطلب كلينتون من إسرائيل الاستجابة لها، لكن ثمة عبارات إسرائيلية ثلاثة أثّرت على موقفها قبل اللقاء بها: إذ أثنى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على سلوك باراك أوباما إزاء الخلاف مع إيران على مشروعها النووي، وبذلك، أزاح نتنياهو عن جدول الأعمال الدولي امكانية المواجهة مع إسرائيل بشأن هذه القضية؛ وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان قال لها أنه اقترح على نتنياهو الكف عن إجراء مفاوضات مسبقة بخصوص شروط المحادثات الموضوعية؛ وفي المقابل، أطلق وزير الدفاع إيهود باراك الادعاء القائل أن الحكومة الحالية بالتحديد، وافقت على تقديم تنازلات في مرحلة انطلاق المفاوضات، اكبر من التنازلات التي قدمتها كل الحكومات السابقة.

لم تنضم كلينتون إلى موقف إسرائيل لأن الولايات المتحدة تختلف مع هذه المواقف، ولأنه لو وافقت كلينتون على تلك المواقف فإن موافقتها ما كانت لتحصل من دون أن تتسبب في مغادرة أبو مازن طاولة المفاوضات. لكن حقيقة أنها قالت بصورة علانية أن وصف قضية وقف البناء على لسان نتنياهو كان دقيقا، وأنه في الأساس يجب على أطراف المفاوضات أن تعرف أنه ليس ثمة من يستطيع الوصول إلى خط النهاية وفي يده كل مطالبه- تدل على أن الولايات المتحدة تدرك أن إسرائيل خطت مسافة طويلة في اتجاهها، بينما لم يفعل ذلك أبو مازن حتى الآن، وأنه جاء دوره لفعل ذلك على الرغم من وضعه الصعب.

ربما ادركت الولايات المتحدة الأمر الجوهري المطلوب قبيل المفاوضات: سيكون من الخطأ الكشف أمام الفلسطينيين موقف مطالبها الشديدة من إسرائيل. فهي طلبت من نتنياهو مطالب تفوق قدرته، ومع ذلك استُجيب لها بسخاء وتفاجأت لاكتشافها في مرحلة متأخرة فقط، أنه لا توجد أية استجابة من الطرف المقابل، من مقر المقاطعة في رام الله. أمس فهم أبو مازن من كلام كلينتون أن مساهمته يجب أن تُرى.

("إسرائيل اليوم" 1/11/2009

=============================================

من أفضل للبنان: سوريا أم إيران؟

سركيس نعوم

sarkis.naoum@annahar.com.lb

النهار

2-11-2009

منذ أواخر عام 2004 ولبنانيو 14 آذار يركزون حملاتهم السياسية والاعلامية على المحور الاقليمي الذي يضم الدولتين الحليفتين منذ عام 1980 أي سوريا الاسد والجمهورية الاسلامية الايرانية اقتناعاً منهم بأنه كان، وسط التخلي العربي والتواطؤ الدولي - وراء تحول لبنان محمية سورية ولاحقاً سورية – ايرانية وبأنه كان ايضاً بعد انسحاب سوريا من لبنان عسكرياً عام 2005وراء اخفاق ابطال "انتفاضة الاستقلال" وتالياً وراء عودة نفوذ سوريا الى لبنان وان بمشاركة ايرانية واسعة هذه المرة. الا انه لوحظ في المدة الاخيرة تركيز من بعض هؤلاء اللبنانيين في حملاتهم السياسية والاعلامية على الدور الايراني في بلادهم معتبرين ان خطره صار كبيراً جداً بل فاق خطر سوريا عليه. ولوحظ في الوقت نفسه وجود اتجاه عند "بعض" البعض المذكور اعلاه الى التخفيف من مسؤولية سوريا عن الكثير مما يجري في هذه المرحلة وفي مقدمه تعقيد عملية تأليف الحكومة وابقاء المؤسسات الدستورية في حال من الشلل.

هل ما لوحظ اخيراً في محله؟ وما هي دوافعه وأسبابه؟

هو في محله الى حد كبير. واهم دليل على ذلك المواقف السياسية لبعض 14 آذار أو لقربين منه او حتى لمواطنين عاديين حريصين على استقلال البلاد وخائفين عليها سواء من سوريا أو من ايران أو من الاثنتين معاً. أما اسبابه فقد يكون أولها اقتناع المركِّزين على ايران الى حد تجاهل سوريا ان استمرارهما في انتهاج سياسة لبنانية واحدة لا بد ان يؤدي الى وقوع البلاد تحت سيطرة حلفائهما المنضوين تحت لواء 8 آذار. يعزز هذا الاقتناع بدء انتقال المجتمع العربي والمجتمع الدولي بتشعباتهمن حال العداء مع سوريا وايران الى حال الحوار مع كل منهماوخصوصاً بعد الاخفاق الكامل حتى الآن على الأقل في اخضاعهما سواء بالقوة أو بالترهيب أو بالمغريات. ومن شأن ذلك اضعاف موقف 14 آذار. ومواجهة هذا الأمر تكون بمحاولة دق اسفين بين الحليفتين سوريا وايران بل ببذل كل جهد لايقاع الخلاف بينهما وتحويله تناحراً أو ربما تصارعاً وربما في النهاية تقاتلاً اذا كان ذلك الحل الوحيد. والنجاح في ذلك يعني شق 8 آذار وتحويله فريقين واحداً "سورياً" وآخر "ايرانياً" الأمر الذي يسهّل التعامل معهما ويخفف من الضغط الكبير والناجح الذي مارسه وهو موحد على 14 آذار. طبعاً لا ينطلق اصحاب محاولة ايقاع الخلاف بين سوريا وايران في لبنان من فراغ او فقط من تمنيات. ذلك انهم يعرفون ان ثمة اختلافات بين مواقف الدولتين حيال ابرز القضايا الاقليمية التي جمعتهما منذ عام 1980 مثل قضية فلسطين والتفاوض مع اسرائيل والارهاب والعلاقات مع الغرب وزعيمته اميركا واسلحة الدمار الشامل. ويعرفون ايضاً ان لبنان كان ولا يزال احدى أهم الساحات الاقليمية التي يمارس الضغط بواسطتها كل من سوريا وايران على اسرائيل والمجتمع الدولي بغية نيل مطالبهما والمحافظة على مصالحهما الاستراتيجية. ويعرفون ثالثاً ان هذا المجتمع وضع دائماً نصب عينيه فصل ايران وسوريااحداهما عن الاخرى وخصوصاً انطلاقاً من لبنان موحياً باستعداده لمكافأة سوريا على ذلك في حال إقدامها عليه. ويعرفون رابعاً ان التحالف الاستراتيجي الذي يقال انه قائم بين سوريا وايران هو تحالف مصالح متين ولكنه ليس استراتيجياً. ويعرفون خامساً انه قد يكون هناك سباق بين دمشق وطهران لحصول كل منهما من المجتمع الدولي بزعامة اميركا على ما تريد من حقوق لها وحتى من حقوق ليست لها وان لبنان هو احدى الساحات التي تستعملها الاثنتان لابقاء ساعتيهما على توقيت واحد. ويعرفون سادساً ان سوريا لا تقبل شريكاً لها في لبنان. وقد نفذت ذلك في الماضي بإقصاء اشقائها العرب عنه واستئثارها به سنوات وسنوات. وهي لا بد ان تحاول تنفيذه مع ايران رغم اختلاف وضعها عن وضع "الاشقاء العرب" وقوتها عن قوتهم وتصميمها عن تصميمهم. وقد يكون ذلك بالتفاهم أو بغيره.

هل تنجح محاولة "الايقاع" بين سوريا وايران في لبنان او انطلاقاً منه؟

الجواب بديهي ومعروف سلفاً وهو كلا. ذلك ان ما عجز كبار العالم وعظماؤه وكبار في المنطقة عن تحقيقه (أي فصل سوريا عن ايران أو فصل ايران عن سوريا) رغم ما يملكون من امكانات ردع واغراء لا يستطيع لبنانيون اياً يكن وزنهم وحجمهم، علماً انهم كلهم من "وزن الريشة"، ان يحققوه. والاصرار على تحقيقه بأنفسهم ينطوي على الكثير من البراءة كي لا نقول السذاجة. علماً ان ذلك يقتضي منهم تقديم مقابل من أجل الفصل. فهل هم مستعدون لتقديم ما تريده سوريا كي يغرونها بالتخلي عن ايران وجماعتها في لبنان وهو التسليم بأن لبنان جزء منها وان في اطار "دولة مستقلة" نظرياً؟ والعالم كله يعرف انهم كانوا قبل دخول ايران على الخط في حال عداء مع كل من يستهدف هذه الدولة واستقلالها شقيقاً كان عدواً. وطبيعي الا يكونوا كلهم مستعدين لدفع هذا الثمن. لكن ما يتجاهله هؤلاء هو أمران. الأول، ان مشكلتهم وربما مشكلة لبنان، واستناداً الى الممارسة السورية والأخرى الايرانية فيه، هي مع سوريا للسبب المشروح اعلاه. أما الثاني، فهو ان لديهم ايضاً مشكلة مع ايران ذلك ان الاحتماء بها من "اطماع" سوريا الملاصقة جغرافياً للبنان كونها تقع في منطقة اخرى يعني أمراً واحداً هو تسليم لبنان الدولة الى "حلفائها" الاساسيين والطلب اليهم ان يكونوا رؤوفين بالاخرين. والمشكلتان غير مقبولتين.

في اختصار، ان موضوع فصل سوريا وايران احداهما عن الاخرى أمر مستحيل أو على الاقل صعب وغير ناضج الآن لاعتبارات كثيرة. فضلاً عن ان قيادتي البلدين تعرفان جدية المكاسب الاستراتيجية التي جنتها كل منهما بالتحالف والاثمان التي ستدفعها في حال انهاء التحالف. واذا كان لايران قدرة أكبر من سوريا على تحمل مسؤوليات الفصل لأنها اقوى وأكبر وأغنى بل ربما لأنها في الطريق الى التحول قوة اقليمية عظمى فإن قدرة سوريا على ذلك أقل بكثير. وقيادتها بواقعيتها وبراغماتيتها تدرك ذلك. الا ان هذا لا يعني انها عاجزة عن المواجهة وطبعا في لبنان.

==============================================

تركيا والمسألة الكردية: «خرائط طرق» متعددة والمطلوب واحد

نظام مارديني

السفير

2-11-2009

أشعل مصطلح «خريطة الطريق» فتيل النقاش والسباق نحو وضع حلول للمسألة الكردية في تركيا، التي لا تزال تنتظر ما سيعلنه زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان من سجنه في «إمرالي» حيث يقضي عقوبة السجن مدى الحياة.

وبعيداً عن جدلية الصراع القائم بين الدولة وحزب العمال وأيهما على حق، تنشغل الساحة التركية بالبحث عن إجابة شافية لتساؤل محدد، وهو هل يطرح مصطلح «خريطة الطريق» الذي وضعه أوجلان في سياق بحثه لحل مسألة حزب العمال مع الدولة التركية، عن معادلة جديدة تبعد الحل العسكري وتفتح الباب لمقاربة جديدة للمسألة الكردية الشائكة في تركيا؟

هو سؤال وجيه، غير أن الإجابة عنه تحتاج إلى رزمة من الإصلاحات تبدأ من ضرورة إيمان الدولة بمؤسساتها جميعاً بحقوقية المسألة الكردية واعتبارها ليست شأناً سياسياً مطلقاً، وإخراجها من نطاقها الضيق الذي يقوده حزب العمال إلى رحابها الواسع المنطلق من المواطنة وليس العرق أو المذهب.

ولكن السؤال الأول يستدعي سؤالاً جوهرياً آخر: هل تخلى أوجلان عن نهج العنف، ويريد الحوار والإسهام في حل المسألة الكردية؟

الحق أن ما تسرب عن «خريطة طريقه»، وتصريحات له تناقلتها وسائل الإعلام التركية لا تبشر بالخير. إذ اعتقد «أن كل المشاكل ستحل إذا أقمنا دولة»، معلناً في هذا السياق رفضه لمشروع «الفيدرالية في العراق» في إشارة إلى «إقليم كردستان» في شمال العراق، وبين قوله عن «الجمهورية أعلنت حينذاك (1923) وينبغي اليوم إحلال الديموقراطية فيها» ويقصد بالطبع الجمهورية التركية، داعياً الحكومة إلى «الاعتراف بحقوق الأكراد في أن يصبحوا أمة ديموقراطية» من ناحية، ومؤكداً تخليه عن مطالبه الانفصالية، واعتراف الأكراد بالدولة التركية من ناحية ثانية!

هذا التناقض بين إيمانه بالجمهورية التركية ومطالبته الحكومة الاعتراف بالأكراد كأمة، يشير إلى المأزق الذي يعيشه حزب العمال الكردستاني، والإرباك الذي يسببه له الاتجاه الذي يقوده رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في معالجته للمسألة الكردية، ووضع حلول لمسائل الأقليات في البلاد كما حصل في بداية آب عندما اجتمع مع زعماء الأقليات السريانية (الارثوذكس والكاثوليك) والارمنية واليهودية. وقال «من المهم بالنسبة لنا الآن أن نحتضن شعبنا البالغ 75 مليون نسمة باحترام وحب» مكرراً رفضه للوطنية القائمة على العرق.

سارع هذا التوجه الجديد لأردوغان في استلهام «خرائط طرق» من قبل الدولة وحزب العمال قبل أن تتخطاهما التحولات الدولية والإقليمية الجديدة، التي تثير شكوك حزب العمال في قرب حصول تطور في قضيته قد تنعكس سلباً على مستقبله وأوساط «جماهيره»، وقد جاء الاجتماع الثلاثي الذي ضم مسؤولين عراقيين وأميركيين وأتراكاً ليدعم شكوك الحزب، خصوصاً بعدما طالبت أنقرة الولايات المتحدة والعراقيين «بنتائج ملموسة على الأرض» لمنع عناصر «العمالي» من اللجوء إلى شمال العراق، وهو ما شدد عليه وزير الأمن العراقي شيروان الوائلي الذي مثل السلطات العراقية في الاجتماع، مطالباً بدوره بمواصلة الجهود «لطرد حزب العمال» من الأراضي العراقية.

لكن إذا ما أخذنا في الاعتبار هذه الفرضية، فإن السرعة التي يتوخاها أوجلان في وضع «خريطة طريقه» سيكون أمراً طبيعياً، لكن تكثيف تركيا جهودها لاحتواء «انتفاضة» أكرادها في هذه المرحلة، يطرح العديد من التكهنات برأي المراقبين حول سعيها لأن تكون صاحبة المبادرة إزاء تحسين وضع الأكراد من جهة، والقضاء على شعبية أوجلان ونفوذه من جهة ثانية، وقد ظهر ذلك جلياً في تصريحات أركان الحكومة التركية، وفي رد وزير الخارجية التركي داود أوغلو بحدة على الحديث عن الخطة التي سيكشف عنها أوجلان، مؤكداً أن «تركيا ستضع حلولاً بنفسها وأن مجالات بحث هذه المسائل معروفة: مجلس الوزراء ومجلس الأمن القومي»، ولكن هل تتمكن أنقرة من قطع الطريق أمام ما سيعلنه أوجلان؟ أو بمعنى آخر هل تملك تركيا أدوات الحل للمشكلة الكردية أم أن الإصلاحات الداخلية تحتاج إلى وقت أكبر من مجرد أيام لكسب تأييد الأكراد؟

الإجابة لا تقتصر فقط عند حد الوعود التي يطلقها المسؤولون الأتراك، بل إن الأمر يفرض على الحكومة التركية وضع استراتيجية شاملة تحمل رزمة من الإصلاحات القانونية الجديدة لإعطاء هذه الجماعة «المتمردة» المزيد من الحقوق، وهو ما بدأت به ويمكن مشاهدته بالعين المجردة، كرفع بعض القيود المفروضة على اللغة الكردية، والعودة إلى استخدام الأسماء الكردية في قرى جنوب شرق البلاد، وفتح قناة تلفزيونية تبث باللغة الكردية.

==========================================-

دقت ساعة الحسم

كلوفيس مقصود

السفير

2-11-2009

تتزامن زيارة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية مع تداعيات تقرير غولدستون الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كما مع التقرير الشامل الذي أصدرته منظمة العفو الدولية حول سياسية إسرائيل بشأن توزيع المياه الفلسطينية ما بين المستوطنين وسكان الضفة الغربية الفلسطينيين. ولقد قيل الكثير وكتب الأكثر عن مضامين تقرير لجنة حقوق الإنسان الدولية الذي انطوى على أدلة واضحة ومؤكدة عما ارتكبته إسرائيل في قطاع غزة في أواخر العام الماضي ومستهل العام الحالي. كما نجد الآن تفاصيل سياسات توزيع المياه بما يؤكد بما لا يقبل الشك المنهج العنصري الذي لا يمكن بأي شكل من الأشكال إلا أن يندرج ضمن تصميم إسرائيلي لدفع الفلسطينيين إلى التخلي عن حقوقهم الأساسية التي تمكنهم من البقاء والصمود في أرض وطنهم.

ولتسليط الأنظار على بعض أوجه سياسة توزيع المياه التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي المحتلة، فقد أورد التقرير الكثير من الأمثلة والبيانات الإحصائية مثل أن استهلاك المستوطن الإسرائيلي من المياه الفلسطينية يزيد أحيانا عشرين مرة على استهلاك المواطن الفلسطيني في المنطقة المجاورة له. كما أن استهلاك الفلسطينيين في بعض المناطق لا يتجاوز عشرين ليترا من المياه مقابل ثلاثمئة ليتر للمستوطن الإسرائيلي. أما حالة المياه في قطاع غزة فهي بكل المعايير أقل كماً ونوعاً، حيث يؤكد التقرير أن 95% من مياه الشرب فيه ملوثة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي. وإذا كانت هذه حال الاستهلاك البشري، فإن الواقع أكثر مرارة في القطاع الزراعي، الذي من تداعياته تقلص فرص الإنتاج وبالتالي العمالة لكثير من الفلسطينيين الذين يعتمدون في حياتهم على الزراعة. نشير إلى هذه البيانات التي هي بعض تجليات أزمة المياه في الأراضي التي تزداد تفاقما عبر السنين في ظل الاحتلال الإسرائيلي. ما يجعل المحنة القاسية جريمة، أن المياه الفلسطينية التي تغتصبها إسرائيل وتمنعها عن أصحابها تذهب إلى حمامات السباحة في المستوطنات الإسرائيلية، وري الحدائق فيها.

ما هي الدلالة التي تنطوي عليها هذه السياسة العنصرية الصريحة التي كانت أحد بنود اتفاقيات أوسلو؟ لا ريب أن إسرائيل تستخدم ما تم الاتفاق عليه في أوسلو لتقول للفلسطينيين، كما للعالم، إنها تمارس حق الملكية في الأراضي المحتلة وفق ما تم التوقيع عليه. والغريب أن الذين وقّعوا اتفاقيات أوسلو تجاهلوا خطورة ما أقدموا عليه من تنازلات سميت «اتفاقات وتفاهمات».

[[[

إن زيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون سوف تتبعها زيارة إلى المغرب حيث تجتمع مع بعض وزراء الخارجية العرب، لتساعد الولايات المتحدة على استئناف ما يُسمى بمفاوضات «مسيرة السلام». إزاء هذين التقريرين، كيف يستطيع العرب إجازة استئناف «مفاوضات السلام» بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، وبخاصة أن الإدارة الأميركية تطالب العرب، وإن بلباقة, أن يقوموا بمبادرات «حسن نية» تجاه إسرائيل من شأنها أن تجعل من الخطوات التطبيعية حوافز لإسرائيل لتكون أكثر طمأنينة! من أجل أن تتقبل التفاوض مع السلطة الوطنية... والسلطة الفلسطينية فقط كونها تمثل «الاعتدال الفلسطيني», وهنا نجد كيف أن توصيف الاعتدال يصبح في هذه الحالة نقيض العدالة.

[[[

إن تسليط الأضواء من هيئات دولية تحظى بصدقية لدى شعوب العالم على ممارسات إسرائيل الصارخة بشراستها ينبغي أن يحض العرب على ضرورة إبلاغ الوزيرة الأميركية ومن خلالها إدارة الرئيس أوباما بخطاب غير ملتبس، أن على إسرائيل أن تتفكّك المستوطنات وتعترف بأنها سلطة محتلة وليست مالكة كما تتصرف، وأن تكون خاضعة لاتفاقيات جنيف الرابعة حتى تستقيم المعادلة، مما يؤدي إلى نتائج واضحة بموجب قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وهذا بدوره يعني أن على منظمة التحرير الفلسطينية إعادة هيكلتها بغية أن تستعيد شرعية تمثيلها لكل شرائح الشعب الفلسطيني، وأن تحول ذاتها إلى منظمة تحرير لفلسطين بما تنطوي عليه كلمة تحرير من مسؤوليات واضحة، كونها طليعة المقاومة للاحتلال بشتى الوسائل السلمية بما فيها المفاوضات، وإن تعذر ذلك فبوسائل تجيزها الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة.

نقول ذلك كون الولايات المتحدة راغبة في تصيير حل الدولتين، ونحن نرغب في تصديقها خاصة من الإدارة الجديدة، وأن تساهم في توضيح الوضع القانوني وإدانة واضحة لهذه الممارسات التي تنم عن الرغبة في الحيلولة دون قيام أي فلسطين يمكن أن توصف بدولة. كما نشير إلى هذه الحقائق الدامغة التي سلطت هذه الهيئات الدولية الضوء على صحتها ودقتها، أنها إذا بقيت مرهونة باجترار التعامل مع القضية الفلسطينية بموجب اتفاقات أوسلو وخريطة الطريق، فإنها تزرع بذور نقل التعقيد في ما هو حاصل إلى فوضى تصبح إدارتها تقارب الاستحالة. ولذلك، لعل العرب الذين اجتمعوا مع الوزيرة الأميركية كلينتون يساهمون بدورهم في إزالة الشوائب التي عطلت كل مسيرات السلام والتي تكمن في معظمها ليس فقط بعدم اعتراف إسرائيل بكونها دولة احتلال بل بتصميمها كما تدل المؤشرات بوضوح وعلناً وصراحة على أن أرض فلسطين هي عمليا وإن لم يكن علنيا ملكا لها. هذا من شأنه أن يساعد إدارة أوباما على التخفيف من ضغط اللوبي الإسرائيلي «إيباك» من خلال الكونغرس الذي لا يزال باستطاعته ردع أي توجه موضوعي من الإدارة الأميركية كما عمل في الماضي. وكان السبب في نجاح اللوبي الإسرائيلي في هذا المضمار أن الدبلوماسية العربية لم تكن منسقة بما فيه الكفاية ولم تكن ملتزمة بما تعلنه بما فيه الكفاية. وكما حصل في الأسابيع الماضية في أعقاب تقرير غولدستون أنها لم تدر المعركة الدبلوماسية كما ينبغي، كما أنها لم توظف الطاقات الإعلامية والفكرية في حملات إعلامية بدورها ضاغطة وقادرة، مما أدى إلى استعادة المنهج الأميركي التقليدي الذي يبقى عرضة لتكرار مطالب أصبحت عقيمة، وبالتالي غير مثمرة كما وضح في السنوات التي تلت اتفاقات أوسلو.

[[[

لم يعد مسموحا أن تقول الدول ا لعربية إنها تفعل ما تطالب به السلطة الفلسطينية، أولا لأنها أثبتت عجزها عن حماية وحدة الشعب الفلسطيني، وعجزها عن إدارة الفرصة الثمينة التي أتاحها تقرير غولدستون، وإغفالها الخطورة التي انطوت عليها اتفاقات أوسلو بشأن المياه وغيرها. الآن دقت ساعة الحسم، فإما أن تستعيد القضية الفلسطينية الالتزام القومي العربي بها، وأن تقوم بالإجراءات المطلوبة لعودة المناعة لوحدة الشعب الفلسطيني والنجاعة للمقاومة بشتى تجلياتها للمشروع الصهيوني، وإما أن تتآكل حقوق الشعب الفلسطيني.

لذلك نقول إنه قد دقت ساعة الحسم وأصبح مفروضا أن نتكيف مع المستجدات والفرص المتاحة وألا نبقي إسرائيل مستأثرة بإدارة الصراع. الشعب الفلسطيني يستحق قيادة أكثر وعيا والعمل الفلسطيني يتطلب استراتيجية عربية أكثر استنارة وفعلا.

تنشر بالتزامن مع جريدة «الشروق» المصرية

===========================================

من يحاكم مجرمي الحرب؟!

محمد السمّاك

المستقبل - الاثنين 2 تشرين الثاني 2009

طرح تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة القاضي اليهودي الأصل- ريتشارد غولدستون علامات استفهام حول سؤال أساسي وهو: من يُحاكم مجرمي الحرب من القياديين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين؟ وهل تجري محاكمتهم أمام محاكم جنائية أو أمام محكمة دولية خاصة؟. ليست هذه المرة الأولى التي يقف العالم وجهاً لوجه أمام هذا الأمر، فقد سبق لإسرائيل أن ارتكبت سلسلة من الجرائم الجماعية استوجبت محاكمتها. ولكن هذا الواجب لم يُحترم.

فالمدّعي العام في محكمة الجنايات الدولية لا يزال يدير ظهره الى هذه القضية، معتبراً أن ما جرى في دارفور في شرق السودان جريمة ضد الأنسانية.. أما ما جرى في غزة فهو عنده مجرد مسألة أخرى!!.. إلا أنه من المتوقع الآن أن يتغير هذا الوضع بعد تقرير لجنة غولدستون.

وبصرف النظر عن البعد السياسي للموقف من هذه الجرائم، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو: متى تكون العمليات الحربية عمليات بطولية ومتى تكون عمليات إجرامية ووحشية؟ ومتى يكون الحافز الى الحرب أخلاقياً وقيمياً ودفاعاً عن النفس، ومتى يكون مجرد استجابة لمصالح ومكاسب سياسية ومادية؟. ثم ما هو تعريف العدالة الدولية؟.

تنطلق أهمية الإجابة على هذه الأسئلة بوجوهها المتعددة من أن أي تسوية سياسية بين إسرائيل والدول العربية تحتم تقرير ما إذا كانت الجرائم التي ارتكبت خلال الحروب العربية - الإسرائيلية سيتم تجاوزها وإغفالها، أم أنه لا بد من تصفية ذيولها بمحاكمة أبطالها بدءاً بمجازر الرملة ودير ياسين في فلسطين في عام 1948 والقبية عام 1953 مروراً بمجزرة مدرسة بحر البقر في السويس وقتل الجنود المصريين المستسلمين ودفنهم في مقابر جماعية قرب العريش في عام 1967، ثم مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا في بيروت في عام 1982 أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان.. وأخيراً لا آخراً مجزرة قانا في جنوب لبنان 1993.

أكدت محاكمات نورمبرغ التي جرت إثر هزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية ربما لأول مرة في التاريخ الحديث أن ثمة جرائم ضد الإنسانية؛ وأنه يجب محاكمة أبطال هذه الجرائم وإدانتهم. وطرحت هذه المحاكمات أسئلة أخلاقية حول ما إذا كان يجوز تبرير ارتكاب جرائم ضد الإنسانية تنفيذاً لأوامر من سلطة عليا، كما طرحت أسئلة حقوقية ودستورية حول شرعية سلطة الدولة وهي في حالة حرب.

وعندما بدأ انتشار السلاح النووي واستحدثت نظرية الردع النووي، طُرح موضوع شرعية استخدام سلاح الدمار الشامل في الصراعات السياسية، أو شرعية انتاجه وتطويره كرادع ضد استخدامه من طرف عدو معلن أو محتمل. وهو المنطق الذي تعتمده الولايات المتحدة في تهديداتها لإيران على خلفية ملفها النووي، ولكوريا الشمالية على خلفية تجاربها النووية والصاروخية.

كل الجرائم الكبرى التي ارتكبت ضد الإنسانية والتي لم يحاكم المسؤولون عنها ولم يعاقبوا بسبب ما اقترفته أيديهم، توالدت في ما بعد من خلال سلسلة من الجرائم المماثلة التي ارتُكبت كردّات فعل انتقامية على غرار ما جرى في البلقان بدءاً من العام 1870 حتى اليوم ولو على فترات متقطعة. أما الجرائم التي عوقب مرتكبوها كما حدث في ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية فقد أدت الى عدم تحويل المجرمين بحق الأنسانية الى أبطال قوميين، وبالتالي ساهمت في احتواء ردات الفعل وأخمدت جذوة الرغبة لدى أوطان ذوي الضحايا في الانتقام. ويعود جزء من الفضل في قيام تعاون ألماني - فرنسي، الذي شكل قاعدة الوحدة الأوروبية الحديثة، الى انتعاش روحية الوفاق التي أطلقتها معاقبة مجرمي الحرب العالمية الثانية من القادة العسكريين الألمان في نورمبرغ وإدانة مبادئهم على أنها ضد الإنسانية. وينطبق ذلك بالقدر نفسه على علاقات اليابان مع الولايات المتحدة رغم مجزرة بيرل هاربور من جهة، وإلقاء قنبلة نووية أميركية على كل من هيروشيما وناكازاكي قبيل انتهاء الحرب. ولولا إدانة المسؤولين .السياسيين والعسكريين عن الحرب في اليابان، وبالتالي عدم تحويلهم الى أبطال أو الى ضحايا وطنيين، لما كانت دول شرق وجنوب شرق آسيا وافقت على مدّ يد المصالحة الى طوكيو بعد المجازر التي ارتكبتها قواتها هناك. وقد ذهبت اليابان الى حد الاعتذار علناً عن تلك الجرائم، الأمر الذي رتّب عليها دفع تعويضات لعائلات الضحايا، وبخاصة في كوريا والفليبين.. وهو ما فعلته ألمانيا التي اعتذرت لليهود عن الجرائم التي ارتكبها النظام النازي بقيادة أدولف هتلر بحقهم وبحق مواطنين أوروبيين آخرين في معسكرات الاعتقال، كما قدمت تعويضات مالية ضخمة لإسرائيل بحجة أنها وريثة الضحايا اليهود؟ مما ساعدها على بناء اقتصادها في سنوات إنشائها الأولى.

تشكل إسرائيل ثمرة من ثمار أزمة الضمير الأوروبي التي تفاعلت اثر عمليات الاضطهاد التي تعرض له اليهود في روسيا القيصرية الأرثوذكسية، وفي فرنسا الملكية الكاثوليكية، وفي بريطانيا الانكليكانية، وفي ألمانيا النازية. فقد أغدق عليها العالم من التعويضات المعنوية والسياسية والمالية والاقتصادية ما مكّنها من الصمود في وجه المقاومة العربية، ومن تجاوز المقاطعة العربية التي فرضت عليها طوال نصف قرن تقريباً. إلا أن إسرائيل مارست العديد من الجرائم بحق الإنسانية بما في ذلك التطهير العرقي والديني الذي استهدف فلسطينيي 1948 و1967، ولبنانيي القرى السبع التي ضمتها إسرائيل اليها، ولا شك في أن العقاب الجماعي الذي أنزلته إسرائيل بأهالي الضفة الغربية وغزة طوال فترة ثورة الحجارة، وفي جنوب لبنان منذ نشوب المقاومة الأهلية ضد الاحتلال، شاهد حديث على الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان وللمواثيق الدولية خلال الحرب الى أن وقعت المأساة الجديدة في غزة لتؤكد أن عدم محاسبة المجرم ومعاقبته هو تشجيع له على ارتكاب المزيد من الجرائم. فمن يُحاكم المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجرائم؟ وكيف؟.. ومتى؟.

من الواضح أن مجلس الأمن الدولي لم يتحرك كما تحرك في البوسنة، حيث بادر الى تشكيل محكمة دولية خاصة للنظر في الجرائم التي ارتكبها الصرب ضد المسلمين البوسنيين. وكأن المجرم الإسرائيلي هو فوق القوانين وفوق المواثيق الدولية.

فمجرمو الحرب الإسرائيليين يعامَلون على أنهم الأساس لتحقيق السلام. حتى ان شمعون بيريس، الذي كان واحداً منهم، مُنح جائزة نوبل للسلام!.

كذلك فإن مناحيم بيغن أحد مجرمي الحرب وزعيم عصابة شترن الإرهابية (والذي كان مطلوباً للعدالة في بريطانيا بتهمة الإشراف على عملية نسف فندق الملك داود في القدس في عام 1948) هو الذي فاوض ووقع مع الرئيسين السابقين أنور السادات وجيمي كارتر على معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية في حديقة البيت الأبيض بواشنطن في عام 1979. كما أن اسحق شامير أحد مؤسسي عصابة الهاغاناة الارهابية وبطل جريمة اغتيال الوسيط الدولي (السويدي) الكونت برنادوت، هو الذي مثل إسرائيل في مؤتمر مدريد للسلام في عام 1991 بصفته رئيساً للحكومة. فالجرائم التي ارتكبها بيغن وشامير، وكذلك باراك وأولمرت ونتنياهو ومن قبلهم شارون، لا تقلّ فظاعة ووحشية عن الجرائم التي ارتكبها كاراديتش وملاديتش.

في الأساس لا يختلف الوسيط السياسي عن الطبيب الذي يجري عملية جراحية. إن تضميد الجرح قبل تنظيفه تماماً يؤدي حتماً الى التهابات خطيرة تودي بحياة المريض. والجراحة السياسية الناجحة تتطلب كذلك تطهير الجراح المعنوية بمحاكمة مجرمي الحرب وإدانتهم. عندما تجاهل المجتمع الدولي هذا الأمر، حدثت الالتهابات الساخنة من خلال سلسلة طويلة من جرائم الثأر الجماعية. ولكن بعد محاكمة مجرمي الحرب أولاً في نورمبرغ وطوكيو، والآن في لاهاي، فإن المجتمع الدولي يبدي حرصاً على تجنب الوقوع في مثل هذه المضاعفات.

ولكن يبقى السؤال: لماذا يقف هذا الحرص عند أبواب الشرق الأوسط؟.. هل لأن الإسرائيليين المعنيين بالجرائم هم فوق بني البشر؟.

==========================================

لا يزال بإمكاننا إنقاذ كوكبنا

إبان غودستين وفرانك أكرمان وكريستين شيران

الشرق الاوسط

2-11-2009

فيما يلي نبأ سار على الصعيد المناخي: نجح الأوروبيون في تعزيز أهدافهم على صعيد الحد من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، في الوقت الذي بدأ الصينيون يبدون جدية حيال استغلال الطاقة الشمسية وترشيد استهلاك الطاقة. أما واشنطن، فتتحرك، وإن كان بخطى متثاقلة، نحو إقرار حد أقصى لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسموح بها.

وتعد تلك خطوات نحو الهدف القائم منذ أمد بعيد: تقليص التلوث المسبب لارتفاع درجات حرارة الأرض بنسبة 80% بحلول عام 2050. ومن شأن إجراءات الخفض تلك تحقيق استقرار في سمك الطبقة المكونة من ثاني أكسيد الكربون الحابسة للحرارة المحيطة بكوكبنا عند مستوى 450 جزيئا للمليون، وحسب تأكيدات العلماء، فإن هذا المستوى يضمن عدم تجاوز الزيادة في متوسط درجة حرارة الأرض عن درجتين سيليزية (3.6 درجة فهرنهايت) عن مستوى عام 1990. أما الأنباء السيئة فتتمثل في أن مستوى 450 جزيئا للمليون كان قائما عام 2005.

الملاحظ أنه على امتداد السنوات الأربع الماضية، أقدم علماء المناخ، بقيادة جيمس هانسين من وكالة «ناسا»، على إدخال تغيير دراماتيكي على الأهداف المحددة فيما يتعلق بتقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، حيث يؤكد كثير من العلماء في الوقت الحالي على أنه من أجل تجنب انهيار الكتل الجليدية في قطبي الأرض وحدوث ارتفاع خطير في مستويات مياه البحار، يجب النزول بهذا الهدف إلى مستوى 350 جزيئا للمليون، وبسرعة.

ويعني ذلك أن ما بدا هدفا بطوليا  بل ومستحيلا من وجهة نظر البعض  تحقق بالفعل. أما الوصول إلى هدف 350 جزيئا للمليون فيتطلب تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 97%، ما يستلزم بالضرورة تحولا كاملا إلى الأنظمة المعتمدة على موارد الطاقة المتجددة بحلول منتصف القرن الحالي، وبناء اقتصاد عالمي خال تماما من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. الملاحظ أن هذا الهدف ينطوي على قدر أكبر بكثير من الصعوبة من أي من المقترحات الكبرى التي تجري مناقشتها حاليا على هذا الصعيد. لكن هل يعني ذلك تلاشي الأمل؟

لا. إن الوقت الراهن مناسب تماما لإعادة التفكير بشأن ما يمكننا تحقيقه. يرى البعض أن ما يثير القلق حيال التغييرات المناخية أن تكلفة الحيلولة دون وقوعها باهظة للغاية. في الواقع، لا تزال تقديرات التكلفة المحتملة للتحرك نحو تخفيف حدة ارتفاع درجات حرارة الأرض مستقرة نسبيا، بينما باتت تقديرات تكلفة عدم التحرك على هذه الجبهة باهظة على نحو يتعذر تحمله. وبغض النظر عما إذا كان الهدف المنشود 450 أو 350 جزيئا للمليون، تبقى تلك مشكلة بمقدورنا تسويتها. الواضح أن وقف ارتفاع درجات حرارة الأرض لا يزال في جوهره مشكلة تتعلق في المقام الأول بالإرادة السياسية.

نحن من بين ثمانية علماء شاركوا في وضع تقرير مؤخرا لصالح «إكونوميكس فور إكويتي» و«إنفيرومنت نت وورك»، اللتين تتبعان منظمة «إكوترست» غير الهادفة للربح. وقد اعتمد التقرير على دراسة مسحية لكثير من الدراسات الاقتصادية حول تكاليف الوصول إلى هدف 350 جزيئا للمليون. وخلصنا إلى أنه كلما جاءت الإجراءات الرامية لتحقيق أهداف أكثر طموحا في وقت أسرع، فإن تكلفتها الاقتصادية تكون معقولة. ويكشف تقريرنا أن إقرار استراتيجية عالمية شاملة في هذا الشأن يقع في النطاق المالي لما أبدت غالبية الدول استعدادها لدفعه لتجنب التعرض لأضرار أكبر جراء التغييرات المناخية خلال الفترة القادمة. بناء على استثمارات تتراوح بين 1% و3% من إجمالي الناتج المحلي للاقتصاد العالمي، أو ما يتراوح بين 600 مليار و1.8 تريليون دولار، باستطاعتنا الانتقال سريعا من حقبة الاعتماد على النفط والفحم إلى الاعتماد على مصادر طاقة متجددة ونظيفة، بما في ذلك الرياح والطاقة الشمسية، وإعادة بناء الغابات، الأمر الذي سيساعد في التخلص من مليارات الأطنان من الانبعاثات الكربونية. ومن شأن هذه الجهود خلق وظائف وتحقيق الاستقرار على الصعيد المناخي. في الواقع، إن التقلبات أو التغيرات في بعض العناصر، مثل أسعار النفط، تعني أن هذه الاستثمارات ربما توفر علينا فعليا بعض الأموال.

بالنسبة للبعض، قد يبدو ما بين 1% و3% من إجمالي الإنتاج الاقتصادي العالمي سعرا فادحا، لكن علينا تفحص هذه النسبة في إطارها الصحيح. فلنفترض، على سبيل المثال، أن تكلفة جهود الحماية المناخية اتضح أنها 2.5% من إجمالي الناتج المحلي للاقتصاد العالمي. داخل اقتصاد مثل الاقتصاد الأميركي الذي ينمو بمعدل 2.5% تقريبا سنويا، يكافئ إنفاق 2.5% من إجمالي الناتج المحلي على الحماية من التغييرات المناخية سنويا تنحية النمو الاقتصادي في أحد الأعوام جانبا ثم استئنافه مجددا، بمعنى أن الأميركيين عام 2050 سيتعين عليهم الانتظار عاما واحدا إضافيا، أي حتى 2051، قبل الوصول إلى مستوى الثراء الذي كانوا سيحققونه حال عدم استثمارهم في جهود الانتقال إلى حقبة جديدة تقوم على الطاقة النظيفة.

دعونا ننظر إلى مثال آخر: الإنفاق العسكري يتجاوز 4% من إجمالي الناتج المحلي داخل كل من الولايات المتحدة والصين. ونظرا للمخاوف حيال الأخطار المستقبلية المحتملة، شرعت الدولتان في التحول بالفعل بعيدا عن الاستهلاك السنوي المرتفع بدرجة أكبر عما تقتضيه أعلى التقديرات لما يتطلبه وقف ارتفاع درجات حرارة الأرض.

من جانبها، أشارت جماعات الضغط المعنية بالنشاط التجاري إلى أنه حتى إجراءات الخفض المتواضعة التي جرت الدعوة إليها في التشريع الأميركي الأخير المعني بالمناخ والطاقة ستغل يد الاقتصاد. إلا أن أبحاثا أكاديمية ونتائج خلص إليها «مكتب الكونغرس لشؤون الميزانية» و«وكالة الحماية البيئية» تكشف أن المقترحات التشريعية الأميركية الأخيرة ستترك تأثيرات سلبية ضئيلة للغاية، حال تركها أي من هذه التأثيرات من الأساس، على الاقتصاد الأميركي. وقد تفحص تقريرنا سالف الذكر دراسات اقتصادية حول تكاليف تحقيق الهدف الأكثر طموحا المتمثل في 350 جزيئا للمليون وتوصل إلى أن ذلك ستترتب عليه مجمل تكاليف عالمية متواضعة.

وستحدد سرعة تحولنا إلى الطاقة النظيفة ما إذا كنا سنحقق هدفنا المنشود (أيا ما كان مستواه) أم سنخفق في ذلك. قطعا، سيترتب على الإخفاق في إبطاء ووقف ارتفاع درجات حرارة الأرض تكاليف فادحة على امتداد الأجيال المستقبلية. وقد بدأ العالم بالفعل اتخاذ خطوات مبدئية مهمة نحو تناول الأزمة المناخية، خطوات تحظى بقبول واسع ومتزايد. ومن أجل تجنب ارتفاع درجات الحرارة على نحو خطير أو التأثيرات المترتبة عليه، علينا إنجاز هدف أفضل من 450 جزيئا للمليون. من حسن الحظ، توحي البيانات المتوافرة بأن في استطاعتنا بلوغ ما هو أفضل من هذا الهدف. أما ما نعجز حقا عن تحمل تبعاته فهو بذل قليل من الجهود على الصعيد المناخي، أو التحرك بعد أن يفوت الأوان.

=إبان غودستين خبير اقتصادي وبروفسور لدى «بارد كوليدج».

=فرانك أكرمان خبير اقتصادي لدى «معهد استوكهولم البيئي» وجامعة «تفتس».. وهو رئيس مجموعة المؤلفين التي وضعت التقرير الصادر مؤخرا.

*كريستين شيران مدير تنفيذي لدى «إكونوميكس فور إكويتي» و«إنفيرومنت نت وورك» وهما يشكلان مجموعة من الخبراء الاقتصاديين من مختلف أرجاء البلاد ينصب اهتمامهم على السياسات البيئية.

======================

المستوطنون اليهود والعودة للقرون الوسطى

بثينة شعبان

الشرق الاوسط

2-11-2009

حين تقرأ خبرا مفاده «دعت الأمم المتحدة إسرائيل إلى التوقف عن هدم منازل الفلسطينيين وسياسة الإخلاء القسري في القدس الشرقية، محذرة من أن هناك ستين ألف شخص (فلسطيني) معرضون لإزالة (هدم) منازلهم والتشرد» تتساءل عن دور منظمة الأمم المتحدة اليوم والهدف الذي أنشأت من أجله عشية انتصار قوى الحرية على الوحشية النازية والفاشية، وهل هي المنظمة التي أوكل التاريخ وشعوب العالم إليها ضمان «حق تقرير المصير»؟ وهل هي المنظمة المناط بها مهمة «إنهاء الاستعمار»؟ وهل هي المنظمة التي تضم دولا تؤمن بحق جميع الشعوب بالحرية دون تمييز بالعرق أو الدين؟ إذا كانت كذلك، فلماذا تترك هذه المنظمة المدنيين في فلسطين يعانون من وحشية المستوطنين المسلحين؟!

وتندرج لغة دعوة الأمم المتحدة الخجولة والمخجلة هذه في سياق رضوخ مجلس الأمن للإرادة الصهيونية، فترتكب بذلك عارا تاريخيا يتمثل في تجاهل الحقوق السياسية والمدنية والإنسانية المشروعة للشعب الفلسطيني، ومنها حقه في الحياة والحرية كغيره من شعوب الأرض. إن عدم اتخاذ الأمم المتحدة أي إجراء أو مبادرة تقود إلى عملية منح حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني لهو عار في تاريخ المنظمة الدولية، لا يزول إلا بزوال الاستعمار اليهودي عن فلسطين وخاصة هو الشعب الذي يرزح تحت احتلال عنصري استيطاني منذ أكثر من ستين عاما، والذي يعاني اليوم من حملة تطهير عرقي على أيدي عصابات المستوطنين اليهود المسلحين والمدعمين بقوى الجيش والشرطة الإسرائيلية لا يعرف عالم القرن الواحد والعشرين لها مثيلا في الإجرام، والتي تتضمن الحصار والقتل وتسميم الأغذية والتجويع والاغتيال وهدم المنازل وإحراق المحصولات وتجريف المزارع وسد سبل العيش في وجه شعب كامل والاعتقال اليومي للفلسطينيين والدهس بالسيارات والجرافات لمدنيين وأطفال واغتصاب الأسرى والتجارة بأعضاء الشهداء ومنع تحرك الفلسطينيين بين مدنهم وقراهم ومزارعهم ومدارسهم مقابل صمت العالم الغربي «المتحضر» الداعم بشكل مطلق لحكومة إسرائيل وتجاهله التام لجرائمها الوحشية اليومية التي يرتكبها المستوطنون اليهود وجيشها أمام بصر العالم وسمعه، بحيث أصبح الصمت العالمي جريمة أيضا بحق الشعب الفلسطيني، لأن هذا الصمت هو الذي يسمح لحكام إسرائيل من سياسيين وعسكريين ولحلفائها بالاستمرار في ارتكاب جرائمها الوحشية ضد المدنيين وانتهاكها لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني.

وتأتي دعوة الأمم المتحدة الخجولة والمخجلة لإسرائيل "للتوقف عن إزالة (هدم) منازل الفلسطينيين «على خلفية هدم إسرائيل لمنازل عائلتي حنون والغاوي في حي الجراح في مدينة القدس، بل واقتحام الخيمة التي نصبوها في الشارع قبالة منزلهم و«إزالتها» ومصادرة محتوياتها، والتي تتألف من أغطية لاتقاء البرد وأدوات للطعام وقد كانت هذه الخيمة تضم خمسين شخصا من العائلتين كانوا يسكنون إلى ما قبل بضعة أشهر في منزلهم، الذي هدمته قوات الاحتلال الإسرائيلي بهدف تنفيذ مخططها الدائم لتهويد القدس وإبادة شعب فلسطين على مرأى المنظمة الدولية ومسمعها، وفي كل يوم تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بواسطة فرق الموت المخابراتية والخاصة بمطاردة وقتل الأطفال والمدنيين في الشوارع وعلى الحواجز أو في مزارعهم أو وراء عدسات كاميراتهم فيقتلونهم دون أن يثيروا فضول العالم «الحر» و«المتحضر» في التعرف على أسماء هؤلاء ودون أن تعتبر حياة الذين يغتالهم حكام إسرائيل ضمن الحياة الطبيعية التي يدعي السياسيون الغربيون الدفاع عنها وعن حقوق الإنسان في العيش بكرامة وحرية. ولا يخلو الأمر بين الفينة والأخرى من اعتراف الأمم المتحدة أو سولانا بأن «هدم منازل الفلسطينيين مخالف للقانون الدولي» والسؤال هو إذا كانوا يعترفون بأن الهدم مخالف للقانون الدولي، وبأن قتل المدنيين الفلسطينيين مخالف للقانون الدولي، وبأن حرمان المدنيين في غزة من الدواء والطعام مخالف للقانون الدولي، وبأن تجريف الأراضي الزراعية الفلسطينية مخالف للقانون الدولي، وبأن اعتقال المدنيين وزج الآلاف منهم في السجون مخالف للقانون الدولي، وبأن بيع مواد غذائية فاسدة للعرب مصدرها المستوطنات مخالف للقانون الدولي، وبأن وجود آلاف الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي لمدة تزيد عن عشرين عاما دون محاكمة مخالف للقانون الدولي، إذا كان كل ذلك بالإضافة إلى الحروب والمجازر مخالفة للقانون الدولي، وهي كذلك، فلماذا لا يتحرك ضميرهم لحماية أمن الفلسطينيين فيما نسمعهم يكررون معزوفة العار الغربية بحماية أمن إسرائيل المعتدية، وهي المسلحة بمئات القنابل الذرية؟ والسؤال الأهم هو ماذا انتم فاعلون؟ سواء الأمم المتحدة أو أوروبا أم تراهم يكتفون بالإقرار بأن ما ترتكبه إسرائيل من جرائم يتناقض تناقضا صارخا مع أهداف وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والإنساني، فيما تواصل العصابات المسلحة للمستوطنين اليهود بارتكاب جرائم القتل والهدم والإحراق اليومية في القدس المحتلة ونابلس والخليل وغيرها، ويعيثون فسادا بحياة السكان الأصليين وممتلكاتهم ويقتلون من يقتلون دون رادع أو حسيب؟ إذا كانت كل هذه الجرائم التي ترتكب يوميا ضد الفلسطينيين ليست تطهيرا عرقيا، وليست إبادة جماعية، فما هو التطهير العرقي والإبادة الجماعية؟! كان المستوطنون البيض قبل قرون يلقون ببطانيات مجرثمة على الهنود الحمر ليصابوا بالأمراض بهدف إبادتهم، واليوم يمنع حكام إسرائيل الغذاء والدواء ويهدون المنازل ويحرقون المحاصيل ويسممون المياه لإبادة الفلسطينيين أو إجبارهم على الهجرة! وهذه الجريمة تسميها الأمم المتحدة «الإخلاء القسري» هل هناك إخلاء طوعي إذا؟ تخيلوا بعد كل ما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلية وعصابات المستوطنين المسلحة من جرائم قتل وهدم منازلهم والأمم المتحدة تكتفي أن «تدعو إسرائيل إلى التوقف عن هدم المنازل» كان يجب أن تضيف الأمم المتحدة إلى دعوتها هذه «رجاء يا حكام إسرائيل إذا سمحتم»!

ما يحتاجه اليوم المدنيون الفلسطينيون العزل وبالسرعة القصوى هو التحقيق بالجرائم الإسرائيلية ورفع هذه التقارير إلى هيئة ما دولية تحتفظ ببعض احترام الذات وتحرص على بقية من مصداقيتها، إذ إن الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي وانفلات المستوطنين المسلحين على المدنيين الفلسطينيين العزل في كافة مدنهم وقراهم في الضفة والقطاع أصبح عارا على البشرية لا يحتمل تأجيل الخلاص منه، إذ إن هؤلاء المستوطنين ومن تدعمهم من الأجهزة الحكومية الإسرائيلية ومن يمولهم من منظمات الضغط في الغرب يعيد العالم إلى شريعة الغاب، التي سادت خلال ظلام القرون الوسطى، وبالنظر إلى العجز المخجل الذي تعاني منه الأمم المتحدة، وإشارة إلى تكرار الرئيس أوباما عن التزامه مرة أخرى «بأمن إسرائيل» في الذكرى ال14 لاغتيال رابين من قبل مستوطن يهودي، بينما كان من المناسب أن يعبر أوباما أيضا عن التزامه «بأمن الفلسطينيين» الذين يعانون من انعدام كل أشكال الأمن على أيدي أصدقائه في إسرائيل.. بالنظر إلى كل ذلك لا بد لأحرار العالم ومثقفيه، بمن فيهم المثقفون اليهود الذين يجب أن يبادروا أيضا لرفع صوتهم ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين، حتى لا يلحق باليهود عار أبدي على ارتكاب جرائم الحرب والإبادة. يجب أن لا يصمتوا عن هذه الجرائم الوحشية، ولا يكتفوا فقط بمنع المجرمين الإسرائيليين من السفر بل بمحاسبتهم كما حاسب العالم مجرمين قبلهم مسؤولين عن قتل وتشريد واحتلال. على المثقفين اليهود خاصة أن يسألوا أنفسهم لماذا يجب أن تقوم حكومتهم على أنقاض حياة وحرية شعب آخر؟ لماذا ترتكب الحكومة الوحيدة لهم في التاريخ جرائم قتل الأطفال والمجازر وهدم البيوت والاغتيال ثم تعمل على تبرير هذه الجرائم وتلوم كل من يريد محاسبتها عليها؟ لماذا لا يواجه المثقفون اليهود هذه المأزق الأخلاقي التاريخي في الكيان الصهيوني؟ حين ارتكبت ألمانيا النازية المجازر ضد اليهود والشعوب الأخرى واجه الألمان هذا المأزق وأصدروا قوانين تمنع معاداة السامية. وحين دفع العالم ثمن حروب وطموحات استعمارية يابانية، اتخذت اليابان قرارا تاريخيا ونهائيا ضد الحرب. لماذا يعتبر المثقفون اليهود أن عليهم تبرير كل ما يرتكبه السياسيون والعسكريون الإسرائيليون؟ وكيف يبررون محاسبة إيهود أولمرت على الفساد المالي ولا يحاسبونه والآخرين ن مرتكبي جرائم الحرب على الجرائم التي يرتكبها بحق الأطفال والمدنيين اللبنانيين والفلسطينيين؟ بل لماذا يعتبرون مرتكبي هذه الجرائم أبطالا لهم وشخصيات اعتبارية يجب ضمان أمنها والدفاع عنها؟ لماذا يشكلون حكومات أبطالها مجرمون يتبارون بسجلاتهم في الاغتيال والقتل والتشريد والمجازر للمدنيين الفلسطينيين، فهذه الجرائم التي ارتكبوها هي جرائم ضد الإنسانية بكل المقاييس؟ لماذا لا ينتقدون في ثقافتهم مجرميهم وحكامهم من الطغاة الملطخة أيديهم بدم الأطفال؟ المثقفون اليهود الصامتون هم الذين يتحملون مسؤولية وجود معاداة للسامية وهم يتحملون مسؤولية استمرار جرائم تحمل العار الأبدي لهم جميعا بسبب صمتهم عن هذه الجرائم، يشاركهم في هذه المسؤولية الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي وكل من يستخدم لغة خجولة ومخجلة في وصف جرائم يجب أن تثير سخط العالم وغضبه وتدفعه لاتخاذ الخطوات الفورية لإيقاف مستوطنين بعقلية القرون الوسطى عن الاستمرار في العبث فسادا بحياة وكرامة وحرية ومقدرات شعب فلسطين، ولا يتم هذا من خلال التزام الصمت أو استخدام التعابير التي تبعد الشبهة عن المجرمين، بل تتم من خلال مقاطعة إسرائيل ومحاسبة مجرميها من السياسيين والعسكريين، والالتزام بحماية أمن ضحاياهم من الفلسطينيين.

سيدين التاريخ الصامتين عن هذه الجرائم، وسيتذكر ويشكر فقط من انتصر لأطفال فلسطين وحق شعبهم العيش بكرامة وحرية وأمان وأمن فوق ترابه الوطني.

======================

شروط المصالحة : لا للسلاح ونعم لشروط «الرباعية»

ياسر الزعاترة

 الدستور 1-11-2009

لا يتحدث السيد نمر حماد على هواه ، فهو من الحلقة الضيقة التي تحيط بالرئيس الفلسطيني وتسمع بأذنه وترى بعينه. وهو وإن سمي مستشارا للرئيس ، إلا أن الأخير لا يحتاج استشارة من أحد في الملفات الأساسية التي حسم موقفه منها منذ زمن بعيد ، بقدر حاجته إلى مدافعين عن برنامجه يغطون سيل الفضائيات التي لا يمكن لكبير المفاوضين وحده تغطيتها ، رغم أنه الأقدر على ترجمة مضامين كتابه "الحياة مفاوضات" إلى كلمات واضحة وسريعة الإيقاع على الهواء مباشرة.في القاهرة ، وأمام حشد من المستمعين والإعلاميين قدم السيد نمر حماد رؤيته للوضع الفلسطيني ، والقاهرة اليوم كما يعلم الجميع جاهزة لاستقبال كلمات الهجاء بحق حركة حماس التي أفشلت جهود المصالحة بتعنتها وتبعيتها للخيارات الإقليمية كما ردد حماد في المحاضرة ، وكما رددت قبله عشرات الصحف والمواقع المصرية خلال الأسبوعين الأخيرين.في المحاضرة أو الندوة التي عقدت في وكالة الأنباء المصرية (الشرق الأوسط) قال نمر حماد الكثير ، لكن أهم ما قاله واستوقف وكالات الأنباء هو تأكيده على ضرورة نزع سلاح الفصائل ، وأن لا يكون ثمة سلاح غير سلاح "الشرعية" ، إضافة إلى تشكيل حكومة ذات برنامج سياسي مقبول دوليا.ربما لا ينطوي حديث حماد على جديد يذكر ، فقد سمعنا مثله مرارا وتكرارا من السيد الرئيس نفسه ، وكذلك من رئيس الوزراء (كرره غير مرة خلال الأيام الأخيرة) ، لكننا نتوقف عنده هنا ، فقط من أجل تذكير المتباكين على الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام بحقيقة المصالحة المنشودة بعيدا عن الكلام الإنشائي والشعارات الجوفاء التي تسعى إلى وضع طرفي المعادلة الفلسطينية في ذات مربع الإدانة ، أكان في تعليقات مدمني "الحياد الإيجابي" ، أم في لوحات الكسالى من رسامي الكاريكاتير الذين لا يجدون فكرة يكررونها مثل وضع الشعب الفلسطيني بين مطرقة حماس وسندان السلطة أو العكس ، أو بين فكي كماشة طرفاها فتح وحماس (هناك صيغ أخرى كثيرة).لم يقل لنا السيد نمر حماد كيف سنحرر فلسطين ، أقله ما احتل منها عام 67 إذا ألقت الفصائل سلاحها ، وهل يعني ذلك أن أجهزة أمن السلطة "الشرعية" هي التي ستتولى المهمة ، ولماذا لا تفعل تلك الأجهزة شيئا أمام سيل الاجتياحات والاعتقالات اليومية التي يقوم بها جيش الاحتلال في الضفة 4524( حالة اعتقال منذ مطلع هذا العام) ، والتي تتم من دون أن يطلق رجال الأمن رصاصة واحدة في مواجهة دوريات العدو ، بل يجري تنسيق بين الطرفين عند الدخول والخروج. وحتى عندما يقرر الجنرال آفي مزراحي ، قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي القيام بجولة تفقدية في مدينة بيت لحم الخاضعة بالكامل للإدارة الأمنية الفلسطينية ، فسيتم ذلك بحماية الشرطة الفلسطينية التي دربها الجنرال دايتون.أما الفلتان الأمني الذي يتحدث عنه المستشار ، فهو يعلم أنه لم يكن نتاج سلاح حماس والجهاد ، وإنما نتاج سلاح المحسوبين على فتح ، من دون أن يطال ذلك الجميع ، لأن في الحركة مناضلين شرفاء يرزح أكثرهم في سجون الاحتلال.تبقى شروط الرباعية التي يطالب حماد الحكومة بالاعتراف بها ، وهي كما نعلم (الاعتراف بالمعاهدات الموقعة ، الاعتراف بدولة الاحتلال ونبذ العنف ، أي المقاومة) ، ولا قيمة هنا للقول إنهم لا يطالبون حماس بالاعتراف بدولة الاحتلال ، لأن مشاركتها في حكومة تفعل ذلك هو اعتراف في نهاية المطاف.هذه هي المصالحة التي يتحدثون عنها. مصالحة تقبل بواقع الحكم الذاتي أو الدولة المؤقتة القائم على الأرض ، بصرف النظر عن نتيجة المفاوضات ، والتي تشكل جوهر الورقة المصرية التي رفضتها حماس ، مع العلم أن الهدف الأساسي المرحلي يبقى هو ذاته ، أي إخراج حماس من باب الانتخابات الذي دخلت منه.لذلك كله ، وبصرف النظر عن موقف حماس منها ، فإننا لن نتردد في رفض مثل هذه المصالحة مهما كرر معزوفتها موتورون يعرفون ويحرفون ، أو طيبون لا يدركون الحقيقة بكل تفاصيلها.

التاريخ : 01-11-2009

========================

حالة المعرفة في العالم العربي

باتر وردم

 الدستور 1-11-2009

لسنا في العالم العربي بحاجة إلى تقرير جديد يوثق الحال البائس للمعرفة والعلوم والتعليم في دولنا ومجتمعاتنا ، فهذه الأوضاع باتت معروفة منذ صدور التقرير الأول حول التنمية الإنسانية في العالم العربي في العام 2003 والتقرير الثاني في العام 2004 والذي ركز على مجتمع المعرفة. ولكن القيمة الاساسية لتقرير المعرفة العربي الصادر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الأسبوع الماضي أنه قدم وللمرة الأولى تشخيصا متكاملا ومنظومة من التوصيات الهامة للانتقال نحو مجتمع المعرفة في العالم العربي وتجاوز الأزمات الراهنة. لقد كان التقرير واضحا في وضع اللوم على نقص الإرادة السياسية لا نقص الموارد في ضعف الإنجاز التعليمي في العالم العربي وقيام الحكومات العربية بالإنفاق على الأمن اضعاف ما ينفق على التعليم والمعرفة ، خاصة أن معظم هذا الإنفاق هو لأغراض السيطرة الأمنية الداخلية وليس للمواجهات والحروب الخارجية.الإحصائيات التي يوردها التقرير مفزعة ، وقد تميز التقرير في الحرص على فرز هذه الإحصائيات حسب الدول لأن العالم العربي ليس متجانسا في التنمية وتعتبر معادلة الموارد وإدارتها مختلفة في دول الخليج النفطية أو الدول ذات الاقتصاد النفطي المختلط (ليبيا والجزائر) أو الدول ذات الاقتصاد المتنوع (الأردن وسوريا ولبنان ومصر وتونس والمغرب) أو الدول التي تعاني من الفقر والصراعات الداخلية والاحتلال. ومع ذلك فإن وجود 60 مليون شخص أمي في العالم العربي لهو رقم مفزع يستدعي التعامل بجدية معه خاصة أن معظم هذه الحالات في بلدان فضلت حكوماتها الإنفاق على السلاح والأمن أكثر من التعليم. يعتمد التقرير أيضا منهجية المؤشرات التي يستخدمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في قياس التنمية البشرية والتي تضع دول الخليج وليبيا في المقدمة ، مع أن فرز المؤشرات الخاصة بالتعليم والمعرفة يضع الأردن وتونس والكويت ولبنان والإمارات في المراكز الأولى.في مجال البحث العلمي اشار التقرير إلى أن اجمالي الانفاق على البحث العلمي فى 17 دولة عربية يقدر ب(0,2%) من ناتجها المحلي الاجمالي واضاف ان معدل نصيب المواطن العربي من مجمل ما ينفق على البحث 10 دولارات فى السنة وقال ان معدل الانفاق فى هذا الصدد بمعظم الدول العربية يقدر (0,3%) من الناتج المحلي الاجمالي باستثناء تونس والمغرب وليبيا التي يصل فيها الانفاق الى معدلات أعلى من 0,07%.وشكا التقرير من وقوع الدول العربية تحت تأثير فكرة (نقل التقانة) مع امتلاكها لمؤسسات ومراكز عامة وخاصة للبحوث العلمية. وقال التقرير ان الامارات العربية المتحدة هي الدولة العربية الاعلى مستوى فى مرتكز نظام الابداع تليها قطر ثم الاردن أسوأ المؤشرات على الإطلاق هي تلك المتعلقة بالنشر والقراءة حيث تشير إلى أنه إذا وزع مجموع الكتب المنشورة سنويا على عدد السكان يكون لكل 19150 مواطنا عربيا كتاب واحد فقط ، بالمقارنة مع كتاب لكل 491 مواطنا إنجليزيا ولكل 713 مواطنا إسبانيا ، أي نصيب المواطن العربي من إصدارات الكتب يمثل 4% و5% من نصيب المواطن الإنجليزي والإسباني على التوالي. أما المؤشرات الإيجابية فهي مرتبطة بشكل اساسي بنمو استخدام اللغة العربية في الإنترنت والتي زادت بنسبة تعتبر الأعلى في العالم (في المقارنة الإقليمية) ووصلت إلى 20,64% خلال السنوات الثماني الماضية. مثل هذه المؤشرات الإيجابية تؤسس لقاعدة من العمل المشترك نحو الوصول إلى مجتمع المعرفة ، وهذا ما سيتم تسليط الضوء عليه في مقال الغد.batirw@yahoo.com

التاريخ : 01-11-2009

========================

الأرض.. حقوق وليست شروطاً..

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الافتتاحية

الثورة - الأحد 1-11-2009م

الاحتلال عدوان مستمر..

الاستيطان عدوان في العدوان..‏

وقف العدوان ليس شرطاً للسلام بل هو مقدمة أولى لانعقاد محادثات السلام..‏

يقولون: إظهار النيات الحسنة.. أو الثقة.. أو..‏

مهما تغير التعبير السياسي، فلا يمكن تخيل محادثات ناجحة للسلام ما لم تظهر «النيات» على الأقل.. أنه ليس هناك أي توجه للاحتفاظ بأي حالة عدوان على الأرض والحقوق..‏

سورية أعلنت.. ودائماً تعلن.. ومعروف محلياً وعربياً وعالمياً استعدادها للسلام.. وكررت مراراً أنها لا تجد في إسرائيل شريكاً للسلام..؟! هناك ادعاءات وليس هناك شريك.. وكلما اقتربت أي محاولة عبر المباحثات المباشرة وغير المباشرة -مؤخراً عبر الوسيط التركي- يغيب شريك السلام.. ثم يعودون إلى لافتة:‏

محادثات دون شروط مسبقة؟!‏

إظهار النيات بالسلام الذي يقتضي الإقرار بإعادة الأرض ووقف العدوان عليها.. هذه حقوق وليست شروطاً..‏

كذلك فإن وجود شريك في العملية.. هو ضرورة وليس شروطاً..‏

وأيضاً وجود وسيط وراع.. هي أدوات لتسهيل العملية وضمان نتائجها.‏

هذا بمجمله دعوة للسلام وليس شروطاً عليه..‏

لا شروط على السلام إلا قيام السلام.. والطريق يبدأ من إظهار النيات بنبذ العدوان وإنهاء الاحتلال كاملاً دون أي تردد.. يعني فيما يتعلق بإمكانية المحادثات السوريةالإسرائيلية لقيام السلام إعلان الاستعداد لإعادة أرض الجولان كاملة حتى خطوط الرابع من حزيران 1967.‏

كل من سعى في هذه القضية ومن لم يقترب منها يعلم جيداً أن الإقرار بإعادة الأراضي المحتلة والحقوق المغتصبة لأصحابها هو مقدمة أولى غير اشتراطية لفتح الأفق باتجاه السلام.‏

ويبقى لدى المتحادثين الكثير للاتفاق بشأنه دون شروط مسبقة.‏

إن نظرتنا للوسيط التركي ودوره في المحادثات غير المباشرة التي كانت قائمة، وتقدمت جيداً... حيث كان الاتجاه إلى تثبيت نقاط علام واضحة تحدد خط الرابع من حزيران 1967.. هذه النظرة تنبع من نياتنا الجدية المتجهة للسلام.. تركيا دولة صديقة وشقيقة وجارة.. كل هذا صحيح.. لكنها أيضاً أظهرت كفاءة عالية في إدارتها للمحادثات غير المباشرة السابقة.. ويجب ألا ننسى أن تركيا معنية بالسلام والأمن في المنطقة.. وهذا محفز حقيقي لها لإدارة المحادثات باتجاه تحقيق نتائج وليس باتجاه إضاعة الزمن.‏

الوضع في الشرق الأوسط يوجّه تحدياً للعالم كله كما أشار الرئيس الكرواتي «ميسيتش» في حديثه للصحفيين إبان زيارة السيد الرئيس بشار الأسد الأخيرة إلى زغرب .‏

وبالتالي مسألة السلام فيه تعني العالم كله.. وكما أوضح السيد الرئيس بشار الأسد فإن فشل المحادثات على مدى عقدين من الزمن يزيد من أعباء الدول المعنية بهذه المسألة وفي مقدمتها أوروبا..‏

لقد تحدث الاتحاد الأوروبي مراراً عن أفق كان يراه في الاجتماعات الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة للعبور إلى بوابات السلام في الشرق الأوسط.. ومضت الاجتماعات.. ماذا كانت المحصلة؟!‏

شيء ما يُشعر على الأقل بعدم الحماسة.. ثم جاء موقف الدول الأوروبية في مجلس حقوق الإنسان من تقرير غولدستون ليؤكد أن أوروبا مازالت بعيدة عن الجرأة في إقرار الحق والدفع باتجاهه.‏

ودائماً نأمل الخير من أوروبا..‏

a-abboud@scs-net.org

========================

العالم ضاق ذرعاً بالاستيطان!!

بقلم : عاموس هرئيل‏

ترجمة : ريما الرفاعي

الثورة - الأحد 1-11-2009م

قام المستوطنون في الاسابيع الاخيرة بجهد كبير لتسريع البناء في الضفة الغربية بهدف تثبيت الحد الاقصى من الحقائق على الارض، قبل أن تتوصل الولايات المتحدة واسرائيل الى اتفاق حول تجميد البناء في المستوطنات.

وقال مصدر أمني كبير:إن الانطباع لدى جهاز الامن يتطابق مع التقرير الذي نشرته «هآرتس» قبل ايام والذي يؤكد انه تجرى اعمال بناء واسعة في 11 مستوطنة على الاقل .‏

إن المستوطنين يسابقون الزمن سواء في انجاز البنية التحتية للمستوطنات أم في امور اصغر. وهم يعملون دون إذن قانوني ويتجاهلون موقف الحكومة. والقاعدة التي يسيرون عليها هي ان كل من يستطيع البناء، عليه أن يتحرك، ويشمل ذلك القيادة الرسمية لمجلس الاستيطان «يشع» وصولا الى فتيان التلال.‏

وتبدو هذه الظاهرة بارزة واضحة سواء في المستوطنات القديمة في الضفة ام في البؤر الاستيطانية غير الجديدة . ثمة من يصب أرضية لتشييد مبنى، بينما تنصب أكواخ جديدة في المشاريع . وفي عدة مستوطنات اقاموا مصانع للبناء السريع للكرفانات في المكان ذاته، لتجاوز مسألة حظر نقل الكرفانات على الطرقات من جانب الادارة المدنية.‏

كل شيء يتم بغية خلق واقع جديد في الكثير من الأماكن المختلفة بالتوازي، بحيث يصعب اخلاؤها في المستقبل، في ضوء أن جميع الاطراف - الامريكية، الاسرائيلية، الفلسطينية تتحدث الآن عن حل دائم يضم الكتل الاستيطانية الى اسرائيل، وما كان هذا ليحصل لولا البناء النشط في تلك المناطق في الماضي .‏

واعترف المصدر الامني بأن الخطوات التي يتخذها جهاز الامن ضد هذا النشاط الاستيطاني محدودة وأن الاخلاء أن تم فانه يقتصر على النشاطات المحدودة، ولكن عندما يكون هناك تجمع اكبر فإن الجيش الاسرائيلي يصدر الاوامر العسكرية، ولكنه لا يصل بالضرورة الى الأخلاء الفعلي.‏

وكان عكيفا الدار وحاييم لفنسون كتبا قبل ايام في «هآرتس» في تقرير لهما عن البناء الجديد القائم في 11 مستوطنة على الاقل في الضفة. ويدور الحديث عن اعمال لا تندرج ضمن قائمة ال 2500 وحدة سكنية التي سبق البدء ببنائها، حسب الحل الوسط المتبلور بين ادارة اوباما وحكومة نتنياهو والتي سمح بموجبه لإسرائيل باستكمال بنائها.‏

وتشمل عمليات الاستيطان الجديدة مئات الدونمات. وضمن امور اخرى يدور الحديث عن مستوطنات كرميل وماعون في جنوب جبل الخليل وكريات أربع في المدينة الاصولية بيتار عيليت وفي اليعيزر وروش تسوريم في غوش عتصيون في مستوطنات شيلو وتلمون ونيلي في منطقة رام الله ويتسهار وبراخا في منطقة نابلس.‏

وتتضمن الأشغال تهيئة التربة وصب ارضيات واساسات. هذه الاشغال محظورة في تلك المناطق دون ترخيص من وزير الدفاع، وهي تراخيص يفترض أنها لا تصدر في الفترة الاخيرة.‏

إن نتنياهو مثل ارييل شارون في ولايته الاولى لرئاسة الحكومة، يظن ان الضغط الدولي على اسرائيل عبارة عن زوبعة سياسية سرعان ما تمر، لأن العالم سيجد قريبا قضايا اخرى ينشغل بها ويدع حكومة اسرائيل وشأنها.‏

لكن استمرار البناء في المستوطنات، وتواصل ظهور عشرات مواقع البناء برغم القرار السياسي المعلن بشأن «التجميد»، يحول اسرائيل الى حيوان جريح نازف في الحلبة الدولية يستطيع الجميع أن يوجهوا لها الطعن. لم تعد اسرائيل كلمة معيبة في طهران ودمشق فقط، بل اصبحت كذلك في تركيا وفي اكثر الدول الاوروبية وفي كندا وفي اجزاء من الولايات المتحدة . ضاق العالم ذرعا من الاستفزازات اليومية التي تقوم بها حكومة إسرائيل على شاكلة حي جديد أو بؤرة استيطانية معزولة فضلا عن إعاقة العملية السياسية .‏

========================

الانتخابات الفلسطينية... لماذا صارت ضرورة؟

خيرالله خيرالله

الرأي العام 1-11-2009

كان مهماً أن تستعيد السلطة الوطنية الفلسطينية المبادرة بتغطية من «منظمة التحرير» التي تمثل مرجعية السلطة. كان مطلوباً تحديد موعد للانتخابات بغض النظر عن موقف «حماس». حدد الرئيس الفلسطيني السيد محمود عبّاس (أبو مازن) في الرابع والعشرين من يناير المقبل موعداً للانتخابات الرئاسية والتشريعية. المطروح الآن أن يتمسك أبو مازن بما ورد في المرسوم الرئاسي الذي أصدره. مثل هذا الموقف الوطني المتمثل في اجراء الانتخابات يؤكد رغبة الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة واستعادة حقوقه الوطنية استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، على رأسها القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن والذي في أساسه مبدأ الأرض في مقابل السلام.

لماذا الانتخابات؟ انها أكثر من ضرورة، انها فعل مقاومة حقيقي في الطريق إلى بناء الدولة وتكريس وجود مؤسسات فلسطينية منتخبة تدعم المشروع السياسي الفلسطيني، مشروع «منظمة التحرير الفلسطينية» الذي مكنها من الحصول على اعتراف المجتمع الدولي بحقوق الشعب الفلسطيني ودخول فلسطين الأمم المتحدة بصفة كونها عضواً مراقباً في المنظمة الدولية الأم. ما سمح بهذا الاختراق السياسي الذي وضع القضية الفلسطينية على الخريطة العالمية هو برنامج «منظمة التحرير» الذي يقوم على حل الدولتين. عندما بدأ الحديث، في السبعينات من القرن الماضي، عن دولة فلسطينية مستقلة على أي شبر ينسحب منه الاحتلال، بدأ العالم يعي أن للفلسطينيين قضية، وأن لديهم القدرة على التعاطي مع الواقع وليس الاكتفاء بترديد الشعارات من نوع تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، أو من النهر إلى البحر، لا فارق.

حسناً فعل الرئيس الفلسطيني عندما خرج في مؤتمره الصحافي السبت الماضي عن اللغة التي يستخدمها عادة في اللقاءات العلنية والتي تتسم بكثير من اللياقات. هذا ليس وقت اللياقات بعدما تبين أن «حماس» ترفض المصالحة الفلسطينية عن سابق تصور وتصميم. بدأ أبو مازن يصف الوضع في غزة على حقيقته. انها بالفعل «إمارة ظلامية» أقامتها «حماس» في القطاع بهدف تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني لا أكثر ولا أقل. لم يتردد أبو مازن في تأكيد أن «حماس» ترفض دخول المساعدات الدولية وإعادة إعمار القطاع ما دامت الأموال لا تمر عبر الحركة. فضح الرئيس الفلسطيني «حماس»، قال ما يجب قوله في مناسبة مثل مناسبة الإعلان عن تحديد موعد للانتخابات الفلسطينية، انتخابات تكرس مبدأ تداول السلطة ووجود أكثرية وأقلية في المجلس التشريعي. ليس سراً أن أبو مازن لم يتردد لحظة عندما فازت «حماس» في الانتخابات التشريعية في العام 2006 وكلف أحد قادتها تشكيل الحكومة. هل مفهوم «حماس» للانتخابات أن الديموقراطية صالحة للوصول إلى السلطة، وأنها مجرد وسيلة لتحقيق ذلك، وأن الانتخابات جيدة ومشروعة عندما تكون لمرة واحدة فقط... انها المرة التي تنتهي بوصول «حماس» إلى السلطة كي تتمسك بها إلى أبد الآبدين!

المهم الآن أن يتمسك الرئيس الفلسطيني باجراء الانتخابات، تماماً مثلما تمسك بعقد المؤتمر السادس لحركة «فتح» في أغسطس الماضي داخل الأراضي الفلسطينية. مثل هذه الانتخابات، التي يفترض أن تجري في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، تعكس الرغبة في تحقيق تقدم على صعيد التسوية على الرغم من وجود حكومة إسرائيلية برئاسة بنيامين نتانياهو تسعى إلى تكريس الاحتلال لجزء من الضفة الغربية والقدس الشرقية.

قبلت «حماس» باجراء انتخابات في غزة، التي تسيطر عليها بالحديد والنار، أم لم تقبل. ليست تلك المسألة. في النهاية انعقد مؤتمر «فتح» في رام الله على الرغم من منع «حماس» لممثلي «فتح» في القطاع من التوجه إلى الضفة. هناك نواة لدولة فلسطينية في الضفة الغربية. لابدّ من المحافظة على هذه النواة عن طريق متابعة حكومة الدكتور سلام فياض لعملية بناء مؤسسات لدولة فلسطينية وترتيب البيت الداخلي. استطاع الفلسطينيون في الضفة الغربية، عبر سلسلة من الخطوات الجريئة، التأكيد للعالم أن الفلسطينيين يحترمون الاتفاقات الموقعة مع أي طرف آخر. ولذلك، ساد الأمن في الضفة وحصل نوع من الاستقرار سمح بحد أدنى من الازدهار الاقتصادي. بكلمة، لم تعد الضفة الغربية أرضاً طاردة لأهلها كما يتمنى الاحتلال الأسرائيلي، صارت الضفة تجذب استثمارات فلسطينية وتوفر فرص عمل للفلسطينيين بعد القضاء على فوضى السلاح. ان فوضى السلاح علة العلل وتمثل أكبر خدمة يمكن تقديمها إلى إسرائيل. لبنان، حيث السلاح غير الشرعي الذي يمنع تشكيل حكومة منبثقة عن الأكثرية النيابية، يشكل أفضل مثل على ذلك، وعلى مدى خطورة السلاح الميليشيوى ل «حزب الله»، رديف «حماس»، على المجتمع المدني، أي مجتمع مدني في أي دولة عربية أو غير عربية.

يفترض في الرئيس الفلسطيني الذهاب إلى النهاية في الانتخابات. كل كلام عن مصالحة فلسطينية- فلسطينية مجرد وهم لسبب في غاية البساطة... السبب يتمثل في غياب الرغبة لدى «حماس» في الانخراط في المشروع الوطني الفلسطيني. من دون الانضمام الى هذا المشروع، لا مستقبل للقضية الفلسطينية ولا أمل من أي نوع كان في إقامة دولة فلسطينية مستقلة توفر حداً أدنى من الحقوق الوطنية للإنسان الفلسطيني.

أكد أبو مازن أنه ليس في وارد المناورة، لديه قاعدة متينة ينطلق منها لاجراء الأنتخابات. هذه القاعدة اسمها الضفة الغربية، ان النجاح في اجراء الانتخابات، حتى لو اقتصرت على الضفة والقدس الشرقية، سيعطي دفعة للمشروع الوطني الفلسطيني وسيثبت أن لا همّ ل «حماس» سوى السيطرة على إمارتها «الطالبانية» في غزة. ستكتشف «حماس» بعد فترة أن ثقافة الحياة لدى الفلسطيني أقوى من ثقافة الموت، وأن المقاومة الحقيقية تقضي بالتمسك بثقافة الحياة التي ستنتصر في غزة عاجلاً أم آجلاً... بغض النظر عن كل الميليشيات التي شكلتها في القطاع بهدف القضاء على كل ما هو حضاري فيه.

========================

السلاح... والسلاح الآخر !

سمير منصور

samir.mansour@annahar.com.lb

النهار 1-11-2009

أياً تكن ردود الفعل على الكلام اللافت الذي أدلى به البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير، فإن "ما قلناه قد قلناه" وفق إجابته رداً على استيضاح بعض زواره حول مضامين الحديث، وقد سمعوا تأكيداً جديداً على كل ما ورد فيه انطلاقاً من أنه "كلام مبدئي" ولا يعني فيه التعرض لأحد.

ولعل الأبرز في ذلك الحديث، إشارة البطريرك صفير الى علاقة بعض الأحزاب بالخارج واعتباره انها تعمل لمصلحة دول هذا الخارج أكثر مما تعمل لمصلحة لبنان، وتحديده "حزب الله" وعلاقته بإيران، وكذلك تناوله قضية السلاح والإعراب عن خشيته "أن يلجأ آخرون الى التسلح إذ لا يعقل أن يكون سلاح في يد فئة أو خارج الدولة".

وإذا كان "حزب الله" اتخذ قراراً بعدم الرد على أي كلام يخصه من البطريرك صفير، كما قال أحد أعضاء كتلته النيابية، فإن الحديث المذكور الذي أدلى به البطريرك لأسبوعية "النجوى - المسيرة" الناطقة باسم حزب "القوات اللبنانية"، كان محور ردود متعددة وإن في شكل غير مباشر، وأبرزها من النائب في كتلة "حزب الله" علي فياض، إذ تميز بالدقة والعمق وباللياقة في الوقت نفسه.

ومن الخطأ والمكابرة تجاهل ما ورد في حديث البطريرك الماروني، فقد تضمن كلاماً "كبيراً" يستحق التوقف عنده، لا لشيء، سوى لكي يكون منطلقاً لحوار جدي وصريح وصادق، أقله حول مفهوم الفرق بين سلاح المقاومة للدفاع عن الوطن وسلاح الميليشيات في الداخل لأي جهة انتمى. ولا يكفي ألا يشكل سلاح المقاومة "مشكلة" عند رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون - وهو موقف مهم ومتقدم جداً - بل يجب أن يتعداه الى البطريركية المارونية وسائر الاحزاب والقوى السياسية المسيحية وغيرها. ويفترض أن "حزب الله" لن يكون منزعجاً على الاطلاق إذا أصبح موقف رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميّل ورئيس الهيئة التنفيذية لحزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع من سلاح المقاومة مماثلاً لموقف عون الذي كان يمكن أن يضطلع بدور أساسي في هذا الصدد، انطلاقاً من تحالفه مع "حزب الله"، وقد استطاع الى ذلك سبيلاً وإن جزئياً، فقد اقتصر الأمر على أعضاء تكتله النيابي ومؤيديه وإن شكلوا نسبة لا يستهان بها في مناطقهم الانتخابية.

وتكمن خطورة ما قاله البطريرك صفير حول خشيته من تسلح "آخرين"، في ما يحكى في السر والعلن عن ذلك، أو عندما يشار تحديداً الى عمليات تسلح وتدريب عند "القوات اللبنانية" أو عن ترداد العبارات نفسها التي كانت تستعمل أيام السلاح الفلسطيني وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" تبريراً للتسلح "الآخر". وبالتأكيد تقضي الاشارة هنا إلى الفرق الشاسع بين الحالتين، إذ أن "حزب الله" لبناني ومكونات مقاومته لبنانية تدافع عن أرضها واستطاعت تحقيق إنجازات وطنية بلغت ذروتها بتحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي وبإطلاق الأسرى من السجون الاسرائيلية، وهي معنية بالطبع بإعادة استحضار الأجواء الوطنية الرائعة التي عمت البلاد في ذلك اليوم المجيد في 25 أيار من العام 2000...

وهكذا تبرز مرة جديدة أهمية التفاهم على استراتيجية موحدة للدفاع عن لبنان والتوصل الى فهم مشترك لسبل الإفادة من سلاح المقاومة في مواجهة أي اعتداء اسرائيلي محتمل.

وحده مثل هذا التفاهم يطمئن الجميع ويقطع الطريق على كل كلام آخر حول ما يسمى "التفرد" بقرارات الحرب والسلم، أو على "خشية" من تلطي "آخرين" وراء بعض الشعارات تبريراً لتسلح وسلاح من نوع آخر دفع اللبنانيون ثمنه غالياً، دماً ودموعاً ودماراً ولا تزال آثاره شاخصة للعيان، من خلال إصابات بشرية واعطال دائمة، وعلى بعض المباني عند خطوط التماس سابقاً بين شطري العاصمة... والوطن!

========================

كركوك مهمة لكن العراق أهم

بقلم :رأي البيان

البيان1-11-2009

الخلاف حول وضع كركوك، بات ينذر بتداعيات مجهولة العواقب. قانون الانتخابات بات انجازه مرهوناً بحلّ عقدة هذه المدينة. والموضوع ما عاد يحتمل المزيد من التأجيل؛ بحكم اقتراب موعد الاقتراع، الذي يقف على مسافة أقل من ثلاثة أشهر. وعلى التقيّد بهذا الموعد، يتوقف اكتمال الانسحاب العسكري الأميركي في الوقت المحدّد له؛ نهاية 2011. فالمسألة لها أبعاد وآثار هامة، تتعلق باستعادة البلد لسيادته واستكمال بناء مؤسساته.

 

ومع ذلك تتواصل المراوحة والدوران في الحلقة المفرغة إياها. فما هو على المحك أكبر من مصير مدينة؛ على أهمية ملفها. إنه يتصل بقضية أهم: العراق ووحدته الوطنية. الجدل بشأن كركوك طال، من دون أن يتقدّم خطوة. تعقيداته، معطوفة على ظروف العراق المعروفة؛ تعامل معها المعنيون، بترك الأمور على حالها؛ حتى إشعار آخر. ساهم ذلك في تكريس الواقع القائم. لا بل في تفاقمه. ومع الوقت صارت المواقف أكثر تشدّداً والتراجع أكثر صعوبة.

 

خصوصية المدينة والحساسيات الملازمة لها، معلومة ومفهومة. ضرورة أخذها بالاعتبار لتجاوز إشكالاتها وبالصيغة التي ترضي كافة مكوناتها الاجتماعية والسياسية، مطلب مشروع. وصحيح أنها عملية تحتاج إلى وقت وظروف ناضجة. لكن الاستحقاقات باتت ضاغطة. سياسة الترحيل، لها محاذيرها، ومن جملة ما تؤدي إليه، أنها تخلق سابقة، قد تكون معدية .

 

ثم أنها لا تكفل استمرار الأمور بصورة طبيعية، بقدر ما تبقى حالة سريعة العطب. المطروح، حتى الآن، أكثر من صيغة؛ لتجاوز هذه العقدة وبما يكفل إفساح المجال أمام كركوك لممارسة حقها الانتخابي؛ ولو بصيغة استثنائية، هذه المرة، توفر المخرج المرغوب وتكون في الوقت ذاته مدخلاً للبتّ النهائي في هذه القضية.

 

بذلك تبقى الانتخابات في موعدها. وهكذا، الانسحاب. البديل، حسب ما يتردّد، قد يكون تأجيل الانتخابات. وهذا خيار لا يخلو من المجازفة. فقد لا يضمن حلّ مسألة المدينة، إذا بقيت المقاربات على حالها. وقد يؤدي إلى المزيد من التأزم وبالتالي إلى عودة لدوّامة العنف. فضلاً عن أنه ينطوي على تمديد مرجّح وربما مفتوح، لقوات الاحتلال. وليس في ذلك ما يخدم مصلحة العراق. أكثر ما يحتاجه العراق، في لحظته الراهنة، هو استكمال عمليته السياسية.

 

الانتخابات القريبة، مفتاح رئيسي في هذا الخصوص. إجراؤها كاملة وفي موعدها، من شأنه تعزيز هذه المسيرة. لتحقيق ذلك، لا بدّ من التغلب على عقدة كركوك وعدم تركها حجر عثرة. عاجلاً أم آجلاً، على العراقيين التصدّي لها. ولادة حلّها الحقيقي، لن تحصل إلاّ على أيديهم، هم أصحابها وأصحاب المصلحة في تجاوزها.. وخير البرّ عاجله.

========================

عملية السلام وغياب المصداقية الأميركية

عمان 1-11-2009

تزداد يوماً بعد يوم الدلائل على انعدام المصداقية لدى وسطاء عملية السلام في الشرق الأوسط، رغم الضجيج والطنين عن الالتزام بوضع حلول سلمية للصراع العربي الاسرائيلي، ومنذ تغيير الادارة الأميركية السابقة ومجيء الادارة الحالية من أوساط الحزب الديمقراطي بزعامة الرئيس الحالي باراك أوباما..

 

ونظرا لحديثه المؤثر عن السلام والتعايش بين الأمم والديانات سرت الآمال أو تعززت في أن توضع وعوده موضع التنفيذ بالنظر إلى الشعبية الجارفة التي تمتع بها والتي ظهرت في التصويت لصالحه بأغلبية غير مسبوقة، وكذلك بتجوله في دول عربية وإسلامية بمصاحبة آلية دبلوماسية مكوكية لمبعوث السلام الأميركي جورج ميتشل لم تفض في النهاية إلى أي موقف إيجابي لصالح إرساء السلام الموعود، كما لم تسفر مطالبات أوباما وإدارته لاسرائيل بوقف كامل للاستيطان عن أية نتائج.

 

وشيئاً فشيئاً بدا أن جماعات الضغط الصهيونية في واشنطن كانت أطول باعاً وأكثر قدرة على التحكم والتوجيه لدفة الوساطة الاميركية في عملية السلام وتحويلها صوب دعم التعنت الاسرائيلي مما بخر الآمال التي ترتبت على مجيء إدارة أوباما بأفكاره التقدمية والموضوعية إلى البيت الأبيض. ولم يتوقف الأمر عند حد الفشل في الضغط على اسرائيل لوقف الاستيطان، بل تعدى الأمر ذلك الى تحويل هذا الضغط على الجانب الفلسطيني، تماماً كما كان الأمر عندما كان اليمينيون الجدد في الحزب الجمهوري يمسكون بزمام الأمور.

 

حيث دأبت اسرائيل على الزعم بأن القصور في إحراز تقدم في عملية السلام يعود إلى عدم قدرة الجانب الفلسطيني على توفير مستلزمات السلام والبدء في التفاوض، وتزايد الإحباط من الادارة الاميركية الحالية حين طلبت هيلاري كلينتون من الرئيس الفلسطيني محمود عباس استئناف المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي دون الوفاء بشرط الوقف الكامل للاستيطان، أي أن واشنطن قررت الاستسلام للتعنت الاسرائيلي وفي نفس الوقت دفع الفلسطينيين للتنازل، وهو ما ظهر في لقاء هيلاري وعباس في ابوظبي امس.

 

ولا يعني ذلك سوى ان تعطي واشنطن إسرائيل جائزة على عدوانها وفي نفس الوقت تعاقب المعتدى عليه بإرغامه على بدء المفاوضات، الأمر الذي رفضه عباس جملة وتفصيلاً مؤكدا موقفه السابق المطالب بضرورة الوقف الكامل للاستيطان الاسرائيلي قبل البدء بعملية التفاوض، والالتزام بمرجعيات السلام بل زاد على ذلك بالتأكيد على خطورة وضع القدس الراهن، وطالب بإنقاذها من عملية التهويد الجارية على قدم وساق.

 

إن أبسط الردود على تراجع الموقف الاميركي أن يكون ثمة وقفة قوية خلف المفاوض الفلسطيني وبخاصة من جانب الدول العربية والاسلامية حتى لا تتم مكافأة المعتدي ومعاقبة الضحية.

========================

في انتظار أوباما

سيمون تاي

الأحد ,01/11/2009 - الخليج

هذا هو موسم التجمعات الآسيوية. ففي أواخر أكتوبر/تشرين الأول جمعت قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي انعقدت في تايلاند بين كافة اللاعبين الرئيسيين في آسيا. ومن المقرر أن يلتقوا جميعهم تقريباً مرة أخرى في سنغافورة في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني في إطار قمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والباسيفيكي، والتي سوف تتضمن زعماء آخرين من منطقة الباسيفيكي، بالإضافة إلى رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما.

 

إن مؤتمرات القمة عبارة عن سيرك متعدد الحلبات والمختصرات. ففي قمة آسيان اجتمع زعماء دول جنوب شرق آسيا العشرة مع نظرائهم من الصين واليابان وكوريا الجنوبية. ثم التقى زعماء البلدان الثلاثة عشر مرة أخرى مع زعماء الهند وأستراليا ونيوزيلندا.

 

وطبقاً للتقارير فقد شهد ذلك الاجتماع الأخير إبرام 42 اتفاقية حول قضايا تتدرج في الأهمية من المسائل التجارية والاقتصادية المعلقة إلى إطلاق لجنة حقوق الإنسان. وهذا ليس بالإنجاز القليل بالنسبة لمؤتمر القمة الذي خشي البعض ألا يقام على الإطلاق: كان اجتماع سابق تقرر انعقاده في شهر إبريل/نيسان في بانكوك قد تعطل بسبب المحتجين جماعة “القمصان الحمر” التي تؤيد رئيس الوزراء التايلاندي المخلوع ثاكسين شيناواترا.

 

أما عن أوباما فسوف يقوم أولاً بزيارة اليابان، وأثناء مشاركته في قمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والباسيفيكي فسوف يحضر أيضاً أول قمة تجمع بين الولايات المتحدة ورابطة دول جنوب شرق آسيا. كما يعتزم بعد ذلك زيارة الصين وكوريا الجنوبية. ولكن ما هي طبيعة البعد الإضافي الذي قد يجلبه الرئيس الأمريكي في أول زيارة يقوم بها إلى المنطقة؟

 

إن أوباما ما زال يكافح في الداخل من أجل إقرار مبادرته الخاصة بالرعاية الصحية، هذا فضلاً عن عجزه فيما يتصل بقضية تغير المناخ عن التحرك في الوقت المناسب لقمة كوبنهاجن، التي يفترض أن تتفق على معاهدة جديدة خلفاً لبروتوكول كيوتو. وعلى هذا فإن الاحتمال قائم في أن يذهب أوباما إلى آسيا لمجرد لعب دور نجم البرنامج والفوز بالفرصة لالتقاط الصور بينما يحتفظ بقوته لمعارك أخرى. ولكن الأمر يحتاج إلى المزيد من الجهد، وينبغي لنا أن نتوقع من أوباما ما هو أكثر من ذلك.

 

وبداية باليابان، فيتعين على أوباما أن يعمل على إيجاد علاقة عمل طيبة مع يوكو هاتوياما، رئيس الوزراء الياباني الجديد. ولقد أعربت اليابان عن تأييدها لتأسيس مجموعة شرق آسيا التي تضم الهند وأستراليا ونيوزيلندا، في حين يشكك الصينيون وغيرهم في الجدوى من توسيع الدائرة. كما يتعين على الولايات المتحدة أن ترحب بالمبادرة اليابانية وأن تشرك آسيا ككل في العمل. ومن الواضح أن الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع اليابان يشكل نقطة انطلاق نحو تحقيق هذه الغاية.

 

وإذا انتقلنا إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا، فسوف نجد أن قدراً كبيراً من الاهتمام سوف ينصب على الكيفية التي سوف يتفاعل بها أوباما مع زعيم ميانمار، الذي سوف يكون حاضراً أيضاً. ويتعين على أوباما أن يناصر الديمقراطية وأن يساعد في الدفع نحو التأسيس لعملية تصويت نظيفة في الانتخابات التي وعد المجلس العسكري الحاكم هناك بعقدها في عام 2010. ولكن هناك فرصاً أخرى أكثر اتساعاً. فقد كانت رابطة دول جنوب شرق آسيا بمثابة المركز للإقليمية الآسيوية، ولكن البعض في أستراليا اقترحوا التركيز على البلدان الأكبر حجماً فقط. ولقد جددت بلدان جنوب شرق آسيا انفتاحها على الزعامة الأمريكية، ومن الممكن أيضاً أن تبدأ المبادرات المجدية التي سوف تجد صدى في ظل التطلعات الإقليمية.

 

وتتصل إحدى هذه المبادرات بالتجارة الحرة. ففي حين وقفت الولايات المتحدة على الحياد، انطلقت الاتفاقيات المبرمة بين بلدان آسيا إلى الأمام. ولقد طرح عضو مجلس الشيوخ الأمريكي ريتشارد لوجار فكرة إبرام اتفاقية تجارة حرة بين الولايات المتحدة ورابطة دول جنوب شرق آسيا. ولكن في حضور ميانمار فقد يكون تنفيذ هذه الفكرة بالغ الصعوبة على المستوى السياسي، والحق أن تأسيس مجموعة فرعية تنتمي إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا قد يكون أكثر واقعية.

 

ثمة خيار آخر يتلخص في ممارسة الولايات المتحدة للضغوط من أجل إقامة شراكة بين بلدان منطقة الباسيفيكي. ولقد ظهرت هذه الفكرة لأول مرة في وقت متأخر من ولاية بوش في محاولة لإقامة الصلات مع بعض بلدان رابطة دول جنوب شرق آسياسنغافورة، وفيتنام، وبرونايفضلاً عن إقامة صلات أخرى مع البلدان في مختلف أنحاء منطقة الباسيفيكي. ومن الممكن أن يشكل هذا الأساس المناسب لضم المزيد من بلدان جنوب شرق آسيا ذات الاقتصاد المفتوحمثل ماليزيا وتايلاندعلى أن يكون الهدف النهائي التوصل إلى اتفاق يشمل كل بلدان تجمع التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والباسيفيكي، وهو الأمر الذي سوف يشكل إنجازاً هائلاً إذا تحقق بحلول نهاية عام ،2011 حيث سيكون الدور قد حل على أوباما لاستضافة كافة زعماء المنطقة.

 

بطبيعة الحال، حين يصل أوباما إلى بكين فلابد وأن يستمر في تعزيز أواصر التعاون مع الصين. وفيما يتصل بالأزمة الاقتصادية، وقضية تغير المناخ، والعديد من القضايا العالمية الأخرى، فربما كان من الطبيعي أن نعتبر الولايات المتحدة والصين من أكثر اللاعبين أهمية. ولكن يتعين على الولايات المتحدة أيضاً أن تشارك على نحو أكثر ميلاً إلى التعددية بحيث يمكن إشراك بلدان رابطة دول جنوب شرق آسيا الأصغر حجماً في الجهود المبذولة. فقد نجحت الصين في استهواء تلك البلدان طيلة العقد الماضي، واليوم بات لزاماً على الولايات المتحدة أن توفر بديلاً جذاباً.

 

يرى الساخرون المتشائمون أن قمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والباسيفيكي ليست أكثر من منبر للكلام، في حين ينظرون إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا باعتبارها ساحة للمسابقة الجارية بين الصين واليابان، مع وقوف الهند على الخط الجانبي. ولكن على الرغم من المنافسات والخصومات وكل الأحاديث والقيل والقال، فمن الواضح أن الآسيويين أصبحوا أكثر تقارباً. ورغم أن الإقليمية الآسيوية تعج بالفوضى والتوترات ونقاط الاحتكاك، فقد كانت الولايات المتحدة بمثابة القوة المثبتة للاستقرار في المنطقة.

 

إن أوباما لديه الفرصة لضمان استمرار المنطقة في النظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها قوة فاعلة أساسيةوالتي أصبحت الآن أكثر انفتاحاً وقدرة على مد يد المساعدة مقارنة بأي وقت مضى. وإذا تمكن أوباما من تحقيق هذه الغاية فإن هذه الرحلة الطويلة التي يعتزم القيام بها سوف تكون عظيمة القيمة بالنسبة للأمريكيين، وسوف يدرك الآسيويون أن الأمر كان يستحق انتظار أوباما.

رئيس معهد سنغافورة للشؤون الدولية وزميل جمعية آسيا،

 والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت سنديكيت”

========================

النموذج التركي والنموذج الإيراني

افتتاحية الوطن السعودية 1-11-2009

ما قامت به تركيا مؤخراً من تجاوز عقدتها التاريخية مع الأكراد وقيام وزير الخارجية التركي بزيارة إقليم كردستان يعطي مثالاً واضحاً على أن أي دولة يمكنها تجاوز ما ادعت يوماً بأنه خط أحمر إذا ما توافرت الإرادة السياسية والرؤية التي تسعى نحو البناء لا الهدم. تجاوز تركيا لعقدة الأكراد وقيامها بفتح الباب نحو تحسين العلاقات وبدء صفحة جديدة دليل على أن كل المعضلات السياسية يمكن العمل على حلها من خلال نماذج التقارب الرشيد الذي يوضحه بجلاء النموذج التركي اليوم في المنطقة.

في المقابل يمكن مقارنة هذا النموذج التركي بنظيره الإيراني الذي مازال حبيساً لبعض المعتقدات السياسية التي لم يتمكن من تجاوزها ومن تخطيها من خلال بناء الجسور نحو جيرانه. والمعضلة الإيرانية الكبرى هي أنه في حين تبدي طهران تقدماً في العديد من الأصعدة والملفات تظهر من جهة أخرى تخبطاً في الخطاب وفي بعض السياسات من جهة أخرى. وهو الأمر الذي يمكن تجاوزه إذا ما قامت إيران بتغليب لغة الحوار وفتح باب التواصل الرسمي الداعي لتهدئة الأوضاع بدلاً من تكوين رؤية سياسية مفادها أن العالم كله متآمر عليها وأن جيرانها يستعدنوها وهو الأمر الذي ينعكس بصورة كبيرة على ما تقوم به من سياسات في المنطقة.

تركيا تقدم نموذجاً على وضوح الرؤية السياسية التي لا تخشى عواقب الانفتاح بل وتجعل منه وقوداً للعمل السياسي الفعال وفي المقابل إيران تقدم نموذجاً على رؤية سياسية مبنية على الشك وعلى عدم الثقة في الآخرين. وبين هذين النموذجين يكمن الفرق في الدفع بالمنطقة نحو مزيد من الاستقرار والعمل المشترك القادر على تخطي العقبات ومواجهة التحديات المشتركة. إن إيران لا يجب بأي حال النظر لها على أنها عدو للعالم العربي وكذلك لا يجب أن يتم النظر لها على أنها منافس فالمصير بين دول المنطقة مشترك وإنما المطلوب هو العمل على التوفيق بين الدول وتقريب وجهات النظر من خلال لغة الحوار. تركيا الصاعدة بقوة لاقت ترحيباً من كافة دول المنطقة ولم يتم النظر لها بأي حال من الأحوال على أنها تمثل أي نوع من التهديد والسبب يعود لهذه الرؤية السياسية الواضحة التي تتمتع بها. وهو الدرس الذي يجب أن تعيه السياسة الخارجية الإيرانية. فإيران دولة لها وزن في المنطقة ولها دور مرحب به في حال تحولت سياستها الخارجية من الغموض إلى الوضوح.

========================

قراءة سريعة في تقرير

حازم صاغيّة

الحياة - السبت, 31 أكتوبر 2009

هل يمكن لمجتمع ما أن يتقدّم في بعض مستويات التقدّم ويتراجع في مستوياته الأخرى؟ هذا السؤال كثيراً ما قاربته، أو داورته، الأفكار والمناهج واختلفت في أمر جوابه.

لكنّ أمرين اثنين يؤكّدهما الواقع قبل أن تؤكّدهما الأفكار والمقاربات على تعدّدها. الأوّل بينهما أنّ التطابق الكامل والمتساوي بين مستويات التقدّم خرافة صنعها الإيغال في تبسيط التقدّم، وهذا ما دعا جيشاً من المفكّرين إلى التمييز بين عقلانيّة أداتيّة، بلغت ذروة وحشيّتها مع النازيّة، وبين عقلانيّة إنسانيّة ودستوريّة في آن.

وثانيهما أنّ افتراض القطيعة بين مستويات التقدّم خرافة أخرى أنتجتها الشعبويّة والنزعات الرومنطيقيّة التي يجرح نرجسيّتَها نقص تقدّمها، فتستعيض عن ذلك بانتفاخ في الكرامة وورم في الذاتيّة.

مناسبة هذا الكلام التقرير الأخير الذي أصدره «المنتدى الاقتصاديّ العالميّ» في شأن الهوّة الجندريّة، أي الجنسيّة في المدى الاجتماعيّ للكلمة، كما في شأن تضييق تلك الهوّة.

فالواضح، ومن خلال مراجعة موسّعة لأحوال 134 بلداً في اقتصادها وفرص عملها وتعليمها وصحّتها والمشاركة السياسيّة فيها، أنّ البلدان المتقدّمة متقدّمة هنا أيضاً. ذاك أن أيسلندا وفنلندا والنروج والسويد هي البلدان الأربعة الأنشط في ردم الهوّة الجندريّة. ففي تلك البلدان التي تأتي أولاها ترتيباً أولى بينها، أمكن ردم 60 في المئة في ما خصّ فرص العمل ومستويات الأجور و17 في المئة في ما خصّ المشاركة السياسيّة.

في المقابل، ومن دون إخلال بالمبدأ الذي يجعل البلدان المتقدّمة متقدّمة هنا أيضاً، تحدث تراجعات ملحوظة، فبريطانيا تنكفئ من الموقع ال13 إلى الموقع ال15، والولايات المتّحدة الأميركيّة من الموقع ال28 إلى الموقع ال31، أساساً بسبب تراجع موقع النساء في الاقتصاد، وألمانيا من الموقع ال11 إلى الموقع ال12، بسبب انكماش نسبيّ أصاب المشاركة السياسيّة للمرأة (انكماش لا يعوّضه بالطبع احتلال سيّدة منصب المستشاريّة).

بين الحدّين هذين تعكس الأرقام بكثير من الدقّة حقيقة البلدان الواقعة ما بين التقدّم والتخلّف، شأن إيطاليا في الجنوب الأوروبيّ، حيث تحتلّ الموقع ال72، وهو أحد أسوأ أرقام قارّتها. كذلك يُشاهد حراك، سلبيّ وإيجابيّ، تعبّر عنه الدول التي تحاول ردم الهوّة وتلك التي توسّعها، في الخانة الأولى، تتصدّر جنوب أفريقيا، صاحبة القفزة الأكبر، لا سيّما في مصادر تشكيل قوّة العمل وفي المساهمة السياسيّة للنساء. وفي الحالة الثانية، تتصدّر فنزويلاّ الشافيزيّة التي تردّى بها الأداء في ردم الفجوة، خلال عام واحد، من الموقع ال59 إلى الموقع ال69، وهو ما عاد أساساً إلى انخفاض الإسهام النسائيّ في قوّة العمل من 64 في المئة إلى 55 في المئة.

أمّا نحن، العرب، فحصّتنا لا تثير إلاّ الحسرة، حيث يقبع معظم بلداننا تحت المعدّل الكونيّ المتوسّط، بل تحته بكثير، فيما السعي إلى ردم الفجوة إمّا نادر أو أقلّ من أن يُذكر. هكذا تنعكس بدقّة أحوالنا في سائر جوانبها، فنرى بلداً كاليمن، المحترب في داخله والعاصي على الحداثة وعلى فكرة الدولة المركزيّة وواقعها، يحتلّ الموقع ال134، أي آخر مواقع البلدان التي تناولها التقرير.

فهل يستطيع التخلّف أن يقود العالم في السياسة وهو... متخلّف؟ ألا تستدعي فكرة الحقّ وامتلاك الحقّ درجة من التقدّم ومن وعي التقدّم يحولان دون تبديد الحقّ في حال وجوده؟

========================

أصبحت معركة القدس معركة وقت لم يعُد المحتلّ يصبر فيها بل هو ينظر إلى السنوات القليلة الآتية على أنها سنوات حاسمة

مستقبل القدس في ظلّ إجراءات التهويد

31/10/2009 - السبيل

ادى الشعور بالاختلالِ المتزايدِ في ميزان القوى، الذي تكرّس مع حرب لبنان الثانية سنة 2006، وحرب غزّة سنة 2008/ 2009 جعل حسمَ مصير القدس أولويةً أولى لدى المجتمع السياسي الصهيوني بكلّ أطيافه، وأصبحت فكرة خلق «أورشليم» بشكلها النهائيّ تتصدّر لائحة الأولويات، في مقابل التراجع المزمن لقضية القدس على الأجندة العربيّة والإسلاميّة وحتى الفلسطينيّة.

أولاً: مجالات المواجهة... القدس أم «أورشليم»:

على الرغم من أن قضية القدس تضيع في متاهة التفاصيل الكثيرة، من الحفريات إلى المصادرة وتغيير المعالم وطمس هويتها، ومن الاستيطان إلى الجدار والتهجير وسحب بطاقات الإقامة الدائمة في القدس - المعروفة بال»هويات»- إلى الضرائب الباهظة وفرض التأمين الوطني، وقانون «مركز الحياة»؛ إلا أن الصراع على المدينة يسير باتجاه حسم هويتها على مسارين أساسيين: حسم الهوية الدينية والثقافية للمدينة، وحسم الهوية السكانية للمدينة.

أ. المواجهة في المجال الدينيّ والثقافيّ:

يسعى المحتل في هذا المجال إلى استبدال هويّةٍ يهوديّةٍ من جميع النواحي الدينيّة والثقافية والمعمارية، بهوية المدينة العربية والإسلامية، ويعمل المحتلّ على تحقيق ذلك من خلال أربعة مسارات من العمل، هي:

المسار الأوّل: خلق مدينة يهوديّة مقدّسة موازية للبلدة القديمة بمقدساتها الإسلامية والمسيحية، ومشتركةٍ معها في المركز ذاته وهو المسجد الأقصى، ويُطلق الاحتلال على هذا المشروع اسم «القدس أوّلاً» أو «مشروع تطوير الحوض المقدس».

المسار الثاني: تحقيق وجود يهوديّ دائم ومباشر في المسجد الأقصى ومحيطه؛ وذلك من خلال الاقتحامات المتكرّرة لمجموعات المتطرّفين، ومن خلال الكنس المقامة على أسوار المسجد وأسفل منه وفي محيطه.

المسار الثالث: تفريغ الأحياء الفلسطينيّة المحيطة بالمسجد الأقصى من سكّانها، والحدّ من قدرة الفلسطينيّين على الوصول إلى المسجد الأقصى والبلدة القديمة.

المسار الرابع: الترويج لمدينة القدس كمدينة يهوديّة: وذلك من خلال تنظيم الجولات السياحيّة في المدينة وفق مسارٍ يتجاهل المقدّسات الإسلاميّة، ومن خلال إقامة مهرجانات واحتفالاتٍ بالمناسبات اليهوديّة الدينيّة والقوميّة.

ب. المواجهة في المجال الديمغرافيّ:

تصل اليوم نسبة الفلسطينيّين في المدينة 35%، ومن المتوقّع أن تصل سنة 20 إلى 40%، وذلك بحسب تقديرات المحتلّ نفسه. لذا، فإنّ عامل تعديل التوازن الديمغرافيّ يحتل رأس سلّم أولويّات الاحتلال في المدينة، ويُحرّك معظم مخطّطات البلديّة، وبخاصّة المخطط الهيكليّ للقدس سنة 2020

ويعمل المحتلّ اليوم على تعديل التوزان الديمغرافيّ من خلال أربعة مساراتٍ، هي:

المسار الأوّل: تكثيف الاستيطان: يوجد في القدس اليوم بمساحتها الجديدة داخل الجدار - البالغة بشطريها 289 كم2- 69 مستوطنة تُسيطر على مساحة تُقدّر ب163 كلم2، ويسكنها حوالي 270 ألف مستوطن.

المسار الثاني: الترويج لمدينة القدس كمركز سكنيّ:

ولمواجهة هذا الأمر صادقت حكومة الاحتلال في 7/ 8/ 2007 على خطّةٍ بقيمة 200 مليون دولار، تهدف لجذب السكان اليهود للانتقال والعيش في مدينة القدس.

المسار الثالث: الجدار الفاصل: إنّ الهدف الأوّل للجدار في القدس هو ضمّ أكبر مساحةٍ ممكنةٍ من الأرض إلى الحدود البلديّة للمدينة، مع طرد أكبر عددٍ ممكن من المقدسيين منها.

ومع اكتمال بناء الجدار فانه عزل أكثر من 154 ألف مقدسيّ عن مدينتهم، مع مصادرة أكثر من 163 كلم2 من الأراضي الفلسطينيّة.

المسار الرابع: تهجير السكّان الفلسطينيّين: يُهجّر الاحتلال السكان المقدسيين من المدينة عبر أسلوبين رئيسين، هما سحب بطاقات الإقامة الدائمة، أو ما يعرف ب»الهويات الزرقاء»، والبطاقات التي سُحبت بين سنتي 1967- 2006 يبلغ عددها 6,396 بطاقة. أما الأسلوب الثاني فهو التهجير الجماعي، وقد أعادت سلطات الاحتلال تفعيله خلال سنتي 2008 و2009 ليشمل أكثر من 174 عقاراً في خمسة أحياء هي: البستان، والعباسية، والشيخ جراح، والطور، والحي الشمالي للبلدة القديمة.

ثانياً: المشروعات المتصارعة: التثبيت في مقابل التهويد:

يدور الصراع في القدس اليوم بين مشروعين: الأول هو التهويد الذي يسعى لانتزاع المدينة، وإعادة تعريف هويتها الدينية والثقافية والسكانية. والثاني هو مشروع التثبيت الذي يسعى إلى الحفاظ على هوية هذه المدينة.

أ. مشروع التهويد:

يهدف هذا المشروع إلى تحويل مدينة القدس إلى «العاصمة اليهوديّة الموحّدة والأبديّة» لدولة الاحتلال، وهو يسعى لتحقيق ذلك من خلال:

1- الحفاظ على «التوازن الديموغرافيّ في المدينة»؛ أي الحفاظ على الغالبيّة اليهوديّة التي حددتها حكومة دولة الاحتلال سنة 1973 ب 70% من مجموع السكّان.

2- تهويد هويّة المدينة وطابعها الدينيّ والثقافيّ والعمرانيّ، وفي مقدمة ذلك تهويد المسجد الأقصى والبلدة والقديمة ومحيطهما.

وعلى المستوى السياسي، يتمتع هذا المشروع بإجماعٍ محلي في دولة الاحتلال، ويحظى بالرضا أو على الأقل بالصمت الأمريكي، وعلى المستوى المادي، فإنّ المشروع يحظى بدعمٍ رسميّ كبير؛ فبلديّة الاحتلال في القدس وحدها تُخصّص لها ميزانيّة سنويّة تُقدّر ب 1,019 مليار دولار أمريكي، هذا عدا عن موازنات الجهات الرسميّة الأخرى العاملة في القدس. أمّا المجتمع اليهوديّ و»يهود الشتات» فيُقدّمون لهذا المشروع دعماً سنويّاً لا يقل عن 180 مليون دولار سنويّاً.

ب. مشروع التثبيت:

ونحن نطلق عليه اسم «المشروع» مجازاً، لأنه في غالبه نابعٌ من ردّ الفعل العفوي والذاتي لأهل المدينة، ويهدف هذا المشروع إلى تثبيت الهويّة العربيّة والإسلاميّة للمدينة، والحفاظ على الوضع القائم فيها حتى تحريرها، وذلك من خلال:

1-دعم السكان المقدسيين؛ ليتمكنوا من البقاء والعيش في المدينة، ومواجهة سياسات التهجير والتضييق، مع الحفاظ على نسبة زيادتهم.

2-الحفاظ على الهويّة الدينيّة والثقافيّة للمدينة؛ من خلال حماية المقدّسات وصيانتها، وحماية العقارات والأملاك المقدسيّة، خاصّةً في البلدة القديمة ومحيطها.

وتنتاب هذا المشروع مجموعة عوامل ضعف، تظهر في غياب الدعم السياسيّ والمادّي؛

فعلى المستوى السياسيّ، تُعدّ منظمة التحرير الفلسطينية، ومن الناحية الواقعية السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، العنوان الأساس للشعب الفلسطيني؛ كونها الجهة المخوّلة بتمثيل الفلسطينيين والدفاع عن حقوقهم، لكنها منذ وفاة فيصل الحسينيّ وإغلاق بيت الشرق سنة 2001، تتعامل مع ملف القدس كملفٍّ مهمل. أمّا الفصائل الفلسطينيّة فتبنيها السياسيّ لملفّ القدس ليس بأفضل حالاً بكثير؛ فهي وإن كانت ترفض التنازل عن المدينة وتعدّها أحد الثوابت الرئيسة في سياساتها، إلا أنّها ما تزال تتعامل مع المدينة كعنوان، دون أن تكون ذات حضورٍ فاعلٍ ومؤثر فيها.

الأردنّ من جهته، يتعامل مع وصايته على المقدسات والأوقاف الإسلامية في المدينة ضمن سقف سياسته الخارجية، التي يفترض فيها أنه بلدٌ محدود القدرات والإمكانات لا يبحث عن المواجهة ولا يعرّض نفسه للضغوطات.

أمّا على المستوى المادي، فيُعاني مشروع التثبيت من غيابٍ شبه كاملٍ للدعم الماديّ، فالسلطة الفلسطينية المسؤولة عن مدينة القدس توقفت عن الدعم في كل القطاعات تقريباً، فهي في ظل القيادة الجديدة باتت تتعامل مع ملف القدس «كعبء» لا طائل منه.

أمّا الفصائل الفلسطينية فدعمها المادي للقدس محدودٌ جداً، ولا ينصب في الأولويات الأساسية للمدينة.

يتزامن هذا الواقع مع تآكل قدرات المقدسيين الذاتية، بسبب الاستهداف المتواصل الذي يتعرضون له عبر السنوات الماضية.

ويضاف إلى ذلك، ضعف التفاعل الخارجي، بشكل يشعر أصحاب هذا المشروع في القدس، بأنهم متروكون لمصيرهم في مواجهة آلة الاحتلال.

هذا الواقع الصعب، لم يمنع وجود نقاط قوة تعمل لصالح هذا المشروع، من مثل: أن مهمة القائمين على هذا المشروع هي الحفاظ على واقعٍ قائم وموجود، وتعزيز هذا الواقع، دون الحاجة لخلق وقائع جديدة أو إحداث تغيير جذريّ على الأرض. وأنّ السكان المقدسيين مدركون للثمن الذي عليهم دفعه للبقاء في المدينة، وهم مستعدون لتحمل ظروف حياة صعبة وقاسية في سبيل ذلك، الأمر الذي جعلهم يحافظون، منذ الاحتلال، على نسبة زيادة مرتفعة لم تقل عن 3%، ومن المتوقع أن يُحافظوا على نسبة مقارِبة خلال العقدين القادمين.

ثالثاً: السيناريوهات المتوقعة:

السيناريو الأوّل: أن ينجح مشروع التهويد في حسم هوية المدينة. ومن المهم هنا أن نؤكّد أن بدء تقسيم المسجد صار خطوة وشيكة في ضوء الإجراءات والتحضيرات التي يقوم بها الصهاينة؛ حيث جرَت بالفعل مناورة تحاكي إغلاق الساحات الجنوبية للأقصى، فجر يوم 11 /6 /2009، بحجة أنها «منطقة أمنية مغلقة».

والمتابع للشأن المقدسي يدرك أن الفاصل بين المناورة والتطبيق ليس كبيراً، خصوصاً في ظلِّ الحكومة ورئاسة البلدية الحاليتين.

السيناريو الثاني: أن يواجه المحتلّ مشكلاتٍ حقيقية في تطبيق متطلبات السيناريو الأول، بشكلٍ يعيق تنفيذها ويؤخره، أو حتى يدفعه للعدول عنه بحثاً عن بدائل أخرى، وهذا السيناريو يتطلّب التقاطاً حقيقياً لصمود المقدسيين من خلال الدعم والإسناد المنهجي، وحركةً جماهيريةً فاعلةً داخل القدس تربك المحتلّ، وتحركاً جماهيرياً وسياسياً خارجياً يجعل ثمن تحركات المحتلّ تجاه القدس أغلى وأكثر مما يتوقعه أو يستعدّ له، فيضطر إلى تبني بدائل «أقل تطرفاً» ستمنعه، بكلّ تأكيد، من حسم هوية المدينة.

هذا السيناريو يتطلّب تغييراً في السلوك أساساً من طرف الجهات التي يفترض أنها داعمة للقدس؛ وهو تحول ممكن، لكنه يتطلّب الكثير من الوقت والجهد والمال، وتغيّراً في المفاهيم لدى صانع القرار الفلسطيني والعربي والإسلامي، وقد نكون في الوقت الضائع لتحقّقه الآن.

السيناريو الثالث: أن يتمكّن المقدسيون من حسم هوية المدينة لصالحهم، وهذا السيناريو أقرب للمستحيل في ظل الاحتلال، وفي ظل الواقع السياسي الراهن.

في ظل هذه القراءة، يبقى السيناريو الثاني هو السيناريو الأقرب للتحقق، دون استبعاد السيناريو الأول، فهو يبقى واقعياً، وإن كانت الظروف الحالية ليست مواتية له إلى الحدّ المطلوب. إن معركة القدس اليوم، أصبحت إلى حدٍّ بعيد معركة وقت، لم يعُد المحتلّ يصبر فيها ويُخطّط على مدى عشرات السنين، بل هو ينظر إلى السنوات القليلة الآتية على أنها سنوات حاسمة، وهو إن تمكّن من حسم هوية المدينة خلالها، فسيتكرّس شعوره بالقدرة على البقاء والقابلية للحياة، أما إن فشل خلالها في حسم هذا المصير، فسيبدأ الشعور باليأس من حسم هوية هذه المدينة يتكرّس ويستتبّ لديه، وسيكون لهذا انعكاساتٌ حقيقية على ثقته بديمومته وبقدرته على البقاء، فإن لم تكن «أورشليم» ممكنة، فهل «إسرائيل» ممكنة؟

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ