ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 24/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المخابرات: حماس فشلت عسكريا

عاموس هرئيل

القدس العربي - 23/10/2009

مسؤول كبير في جهاز الامن العام 'الشاباك' ـ المخابرات يدعي بان حماس فشلت عسكريا في حملة 'رصاص مصبوب' في قطاع غزة ولم تحقق أيا من اهدافها في القتال. وحسب اقواله، فان نظرية القتال لدى المنظمة ظهرت مخلولة من اساسها ولم تنجح في ان تلحق ضررا حقيقيا باسرائيل. وهذا تحليل هو الأول من نوعه ينشره رجل مخابرات كبير منذ انتهت الحملة، قبل نحو تسعة اشهر. وجاءت هذه الاقوال في بحث ينشر هذا الاسبوع في موقع الانترنت لمعهد بحثي امريكي كبير.

كاتب البحث اياه 'ي' عمل حتى قبل نحو سنة ونصف السنة كنائب لرئيس المخابرات ومكث في السنة الاخيرة في الولايات المتحدة في فترة دراسة وبحث. ونشر المقال مع الباحث الامريكي، جيفري وايت.

وكتب الباحثان بان فترة الهدوء النسبي التي سادت بعد الحملة الاسرائيلية في غزة لا تؤشر الى نهاية كفاح حماس. برأيهما، 'يمكن ان نتوقع المزيد من العنف لاحقا، على مستويات متباينة من الشدة. استعداد وقدرة حماس على استخدام العنف لاهداف سياسية تشكل عنصرا حيويا في المعادلة الاسرائيلية ـ الفلسطينية'.

وايت و 'ي' يصفان القتال في كانون الثاني ( يناير ) الماضي بانه الاختبار الحقيقي الاول لحماس، في كل ما يتعلق بقدرتها العسكرية التي بنيت بالتدريج منذ فك الارتباط في صيف 2005. في بداية المواجهة الاخيرة كان تحت تصرف المنظمة نحو 15 الف نشيط مسلح، منهم نحو الفين من رجال الذراع العسكرية، كتائب عز الدين القسام. المنظومة العسكرية للمنظمة قامت على اساس ذراع هجومية، استخدمت نار الصواريخ وقذائف الهاون على اسرائيل وعلى القوات البرية التي كانت منتشرة بشكل دفاعي. بناء القدرة العسكرية قام على اساس مساعدة واسعة ومعرفة وصلت الى غزة، عبر ايران وسورية ولبنان.

وحسب الباحثين، فانه 'رغم محاولة عرض قتال حماس في ضوء ايجابي، ما حصل عمليا كشف النقاب عن قصة مغايرة: حماس حققت القليل جدا، عسكريا. نجاحها الوحيد يرتبط باستمرار نار الصواريخ على اسرائيل، الذي هو ايضا قل بعد ثلاثة اسابيع من القتال'. وهما يدعيان بانه لو واصلت اسرائيل ممارسة الضغط العسكري الكبير على حماس، في ظل استخدام تفوقها الاستخباري والتكنولوجي واحتلال اجزاء واسعة من القطاع، 'فلا ريب أنه كان بوسعها أن تسحق القدرة العسكرية لحماس'. مثل هذه الخطوة، كما كتبا يقولان، كانت تنطوي على ارتفاع كبير في عدد المصابين في الجانبين، ولكن في نهايتها ما كانت حماس لتسيطر بعد ذلك على القطاع، حتى لو استمرت المقاومة المتقطعة بعد ذلك.

ويصف واضعا البحث قرار حماس عدم استئناف تفاهمات التهدئة في كانون الاول (ديسمبر) 2008 كرهان فشل. حماس، كما كتبا يقولان، املت في ترسيخ صورة نصر، من خلال نار الصواريخ وانجازات موضعية مثل اختطاف جنود من الجيش الاسرائيلي، اسقاط طائرات ومروحيات وتدمير مروحيات. هذه الاهداف لم تتحقق. كما أن الاصابات، الضرر الاقتصادي وحتى الضرر النفسي الذي الحقته الصواريخ المتواصلة في اثناء الحملة لم يصل الى الحجم الذي توقعته حماس. في وقت الحملة اطلقت حماس نحو 400 صاروخ من انتاج ذاتي (قسام على انواعها) ونحو مئتي صاروخ آخر معظمها كاتيوشا غراد من انتاج ايراني تم تهريبها الى القطاع من الخارج.

وكتب الباحثان انه عندما بدأ القتال نزلت قيادة حماس في غزة تحت الارض ومدى تأثيرها على الوضع العسكري كان متدنيا. وكان لقادة المنظمة في دمشق سيطرة أقل من ذلك على ما يجري في القطاع. في اثناء الحملة لم تسجل معارك برية ذات اهمية، عملت فيها حماس فوق مستوى الحظيرة. الذراع العسكرية للمنظمة امتنعت بشكل عام عن الاشتباك القريب مع الجيش الاسرائيلي، والمعارك استمرت لدقائق، وليس لساعات.

وايت و 'ي' كبير المخابرات كتبا يقولان ان 'حماس خططت للصمود والقتال ولكن تبين أن أفراد عز الدين القسام غير مؤهلين للمهمة ولم يوفوا بعبء الصورة الجماهيرية التي رغبت حماس في خلقها'. بالقياس الى حرب لبنان الثانية في صيف 2006 قاتلت حماس بشكل اقل جودة من حزب الله، في الوقت الذي حسن الجيش الاسرائيلي أداءه منذئذ. وكتبا يقولان ان القتال كشف عن نظرية قتالية مخلولة جوهرية من جانب حماس ولا ريب أن المنظمة ستستخلص الدروس من ذلك. منذ الحملة اطيح بقادة الوية وكتائب من حماس من مناصبهم. واضعا البحث يتوقعان ان تواصل حماس تقليد حزب الله ومحاولة التزويد بالصواريخ ذات المدى الابعد، تكون اكثر دقة واكثر فتكا.

هآرتس 22/10/2009

=========================

العقد الاخير

آري شافيت

23/10/2009

القدس العربي

هذا هو تاريخ السخافة: في العقد الاول بعد حرب الايام الستة قررت اسرائيل الا تقرر. ولم تأخذ بتحذيرات يشعياهو ليفوفيتش، عاموس عوز، اوري افنيري، لوبا الياف واسحاق بن اهارون، ممن فهموا على الفور شرك الاحتلال. فقد اعتقدت أن المناطق هي اوراق وأنه من المجدي الاحتفاظ بهذه الاوراق لأنه مقابلها سيكون ممكنا تحقيق السلام. اسرائيل ليفي اشكول وغولدا مئير لم تفهم بأن الوضع المؤقت الذي خلقته في يهودا والسامرة وغزة هو شرك دائم، سيكون من الصعب جدا الخروج منه.

في العقد الثاني بعد حرب الايام الستة، اسرائيل قررت. في اعقاب التحول السياسي في العام 1977 اقامت حكومات اليمين نحو 150 مستوطنة، كانت ترمي الى جعل الاحتلال لا رجعة عنه. وبالذات بعد ان انسحب من سيناء، كان الليكود مصمما على منع انسحاب آخر وفي نوبة غير مسبوقة من الغرور، القلق والتجاهل للواقع، اسرائيل الليكودية حاولت السيطرة على المناطق. بأساليب كولونيالية مرفوضة وعدمية عملت اسرائيل مناحيم بيغن وارييل شارون خلافا للقانون الدولي وخلافا للواقع الديموغرافي كي تبتلع اجزاء من البلاد لم يعد بوسعها ان تهضمها. سكرى من القوة ومصابة بالمسيحانية حاولت ان تصد بكل ثمن السيادة الفلسطينية ولكنها بذلك شككت بالذات بالسيادة اليهودية.

في العقد الثالث للاحتلال طرأت صحوة. الانتفاضة الاولى دفعت الاغلبية الاسرائيلية لان تفهم بأن من الافضل الخروج من المناطق. ولكن، اسحاق رابين وشمعون بيريس اختارا محاولة الخروج منها عن طريق اوسلو، التي أدت الى مأزق. لماذا؟ لانها استندت الى الفرضية عديمة المعنى بأن ياسر عرفات هو شريك وان السلام في متناول اليد ولما كانت هكذا، لم تحرص المسيرة السلمية على الفلسطينيين ولم تتشدد مع المستوطنين، اما النتيجة فكانت الفوضى: من جهة كيان فلسطيني مسلح، معاد وعديم المسؤولية، ومن جهة اخرى مشروع استيطاني شديد. وبدلا من المسيرة السياسية التي تحرر اسرائيل من الطوق الخانق، وثقته فقط على رقبتها.

في العقد الرابع للاحتلال، صحت اسرائيل من الصحوة. بعد فشل مؤتمر كامب ديفيد واندلاع الانتفاضة الثانية فهمت الاغلبية الاسرائيلية بان مسألة الاحتلال ومسألة السلام هما مسألتان مختلفتان فهمت بأنه سيتعين على اسرائيل ان تخرج بحذر من المناطق حتى وإن لم يؤد الخروج الى نهاية النزاع. اسرائيل شارون وايهود اولمرت آمنت باحادية الجانب. ولكن بعد ان جربت احادية الجانب في فك الارتباط تبين ان الحل السحري الجديد هو ايضا حل كاذب. صعود حماس، هجمات القسام، 'رصاص مصبوب' وتقرير غولدستون علمتنا ما الذي يجري عندما تسعى اسرائيل لفك الارتباط: التطرف الفلسطيني يتعاظم، العنف يتجدد، وعندما تدافع اسرائيل عن نفسها، فانها تستهدف. في هذه المرحلة المتأخرة لا تستأنف أحادية الجانب المبسطة الشرعية الاسرائيلية بل تقضمها جدا.

العقد الخامس هو العقد الاخير. لا يوجد اي احتمال في ان تمنح الاسرة الدولية اسرائيل زمنا اضافيا. اذا لم نجد بسرعة الطريق الصحيح للتصدي للاحتلال، فان الاحتلال سيدفننا. عن حق أم غير حق، تقف اسرائيل الان وظهرها الى الحائط. عن حق وبغير حق، العالم يمنح الان اسرائيل صفر تسامح وصفر انصات. اذا اضطررنا الى استخدام القوة مرة اخرى، سننبـَذ. واذا لم نعالج بجدية المستوطنات، سنصبح جنوب افريقيا.

وعليه فليس لبنيامين نتنياهو وايهود باراك زمن. وهما ملزمان بأن يعملا بسرعة. خيار العقد الاول (الوضع الراهن) ليس خيارا. خيار العقد الثاني (الاستيطان) لم يكن ابدا خيارا. خيار العقد الثالث (السلام) هو وهم. خيار العقد الرابع (احادية الجانب) هو صيغة للمصيبة. وعليه فمن الحيوي أن ندفع في غضون وقت قصير بالخيار (الواعي) للعقد الخامس. ربما انسحاب محدود من السامرة. ربما انسحاب محدود مقابل اعتراف دولي بالخط الواقي الاسرائيلي وبحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها من الداخل. ربما انسحاب محدود مشروط في ان تتحمل مصر، الاردن، السعودية ودول الخليج مسؤولية مؤقتة عن المناطق المخلاة وتطويرها. مهما يكن من أمر، على نتنياهو وباراك ان يعملا. عليهما ان يثبتا أنهما لا يجلسان في مكتبيهما كي يتمتعا بمناعم السلطة، بل كي ينهيا 4 عقود من السخافة بعقد خامس من الأمل.

هآرتس 22/10/2009

=========================

اتفاق تاريخي بين تركيا وأرمينيا .. إلى أين سيفضي؟

غاليا لندنشتراوس

23/10/2009

القدس العربي

يثير الاتفاق الذي وقع في زيورخ مع خروج السبت في العاشر من تشرين الاول (اكتوبر) 2009، بين تركيا وارمينيا على انشاء علاقات دبلوماسية بينهما أمل ان تجد بعض المشكلات الصعبة في منطقة جنوبي القوقاز حلولا ً لها. اتفقت الدولتان مبدئيا على فتح الحدود بينهما التي كانت مغلقة بمبادرة الاتراك منذ سنة 1993. اختار الاتراك آنذاك اغلاق المعبر الحدودي بين الدولتين بعد الحرب بين ارمينيا واذربيجان، حليفة تركيا، على خلفية الاختلاف على السيطرة على اقليم ناغورنو كرباخ، واشترطوا لفتحه من جديد ان تتوصل ارمينيا واذربيجان الى اتفاق.

من اجل فهم التقدم الاخير للعلاقات بين تركيا وارمينيا ينبغي ان نتناول التطورات الحاسمة التي حدثت قبل سنة، حينما زار رئيس تركيا، عبدالله غول ارمينيا. اثناء هذه الزيارة التاريخية في ايلول (سبتمبر) 2008، شاهد غول لعبة كرة قدم بين ارمينيا وتركيا في اطار التمهيد لكأس العالم. كانت 'دبلوماسية كرة القدم' ذروة مسيرة تزيد على سنة لتفاوض سري بين ارمينيا وتركيا في تجديد العلاقات الدبلوماسية بينهما. يقوم بين تركيا وارمينيا الخلاف الشديد في عدم استعداد تركيا للاعتراف بأن احداث 1915 كانت حملة مقصودة لإبادة الارمن، وأنه اثناء طرد السكان الارمن من شمالي شرقي تركيا الى الجنوب قتل نحو مليون ونصف مليون من الارمن. كذلك يوجد خلاف بين الطرفين في قضية ناغورنو كرباخ والاحتلال الارمني للاجزاء المجاورة لهذا الاقليم في اذربيجان.

بعد زيارة غول، وقبيل يوم ذكرى المذبحة الارمنية في الرابع والعشرين من نيسان (ابريل) 2009، التي يخطب فيها الرئيس الامريكي خطبة على نحو تقليدي ـ وقع صراع بين الاتراك والارمن على مضمونها ـ توصل الطرفان في الثاني والعشرين من نيسان ( أبريل ) الى وثيقة 'خريطة طريق' نحو انشاء علاقات دبلوماسية لكن مضمونها لم ينشر. في الخطبة نفسها، اختار الرئيس باراك اوباما الذي وعد في اثناء حملة الانتخابات الرئاسية بالاعتراف بالمذبحة التي وقعت على الارمن، استعمال المصطلح الارمني، 'الكارثة الكبيرة'، لكنه امتنع عن استعمال مصطلح مذبحة. أكد أوباما انه غير معني بالتشويش على التفاوض اللطيف الذي يتم بين الدولتين.

مع ذلك بعد ان مضى يوم ذكرى المذبحة، كان يبدو ان جهود المحادثة بين تركيا وارمينيا قد بلغت نهاية مسدودة. في زيارة رئيس الحكومة التركي، رجب اردوغان ووزير الخارجية التركي احمد دوطوغلو لاذربيجان في أيار ( مايو )، كرر كلاهما عرض مواقف متشددة وجعلا حل الخلاف بين ارمينيا واذربيجان في ناغورنو كرباخ شرطا سابقا لتجديد العلاقات الدبلوماسية بين ارمينيا وتركيا. اسهم ذلك في تعزيز التشكك الارمني الذي يقول ان الهدف الحقيقي لمحاولات التقارب التركية كان في الاساس منع قرار ثوري للرئيس اوباما يتصل باستعمال مصطلح مذبحة.

ما الذي افضى الان اذن الى توقيع الاتفاق على انشاء علاقات دبلوماسية؟ في الصعيد المباشر، يبدو ان تهديد رئيس ارمينيا، سيرج سركسيان بأنه اذا لم يحدث تقدم واذا لم تفتح الحدود بين الدولتين، فانه لن يأتي الى تركيا لمشاهدة لعبة الاياب بين تركيا وارمينيا في اطار التمهيد لكأس العالم والتي حددت في 14 تشرين الاول (اكتوبر)، قد آتى أكله. ينكر الاتراك في الحقيقة انه كان لهذا التهديد تأثير فيهم، لكن يبدو انه لو قرر سركسيان ألا يزور تركيا، لوجهت اصبع الاتهام اليهم، ولأثيرت من جديد دعاوى عن عدم وجود نيات جدية من قبل تركيا لحل النزاع. الى ذلك كان يمكن في تركيا التي تحاول ان تؤكد في السنين الاخيرة رغبتها في مصالحة جاراتها، في اطار سياسة، 'عدم المشكلات' التي بادر اليها وزير الخارجية دوطوغلو، ان يرى الغاء الزيارة مضرا على وجه خاص من جهة رمزية.

في نظر اوسع يبدو ان المصالحة بين تركيا وأرمينيا والاعتراف بمذبحة 1915 شرطان سابقان لضم تركيا الى الاتحاد الاوروبي. ان قضية ضم تركيا الى الاتحاد معقدة ومشكلا، لكن على خلفية حقيقة ان السويد تعد من مؤيدات دخول تركيا إلى الاتحاد، وانها تتولى منصب الرئيسة الدورية للاتحاد الاوروبي منذ بدء تموز (يوليو) 2009، يبدو انه توجد الان نافذة فرص للتقدم في هذه الجبهة.

ينبغي ايضا ان نذكر ان ارمينيا، التي تعاني مشكلات اقتصادية صعبة نتاج العزلة التي فرضتها عليها تركيا واذربيجان ونتاج عدم الاستقرار في جورجيا ايضا، قد وافقت على تنازلين ذوي شأن: اولهما ان استعداد ارمينيا لدخول حوار بين المؤرخين للفحص عن احداث 1915 ، يناقض معارضتها الشديدة في الماضي انشاء لجنة مؤرخين كهذه. زعم الارمن ان اكثر المؤرخين الغربيين يتفقون على ان هذه الاحداث كانت بمنزلة مذبحة، ولهذا فان كل نقاش كهذا سيسهم فقط في استمرار الانكار التركي للموضوع. الى ذلك، تخوف الاتراك على السنين من ان تصحب قضية الاعتراف المبدئي بالمذبحة مطالب ارمنية ممكنة تتصل بمناطق شرقي تركيا. اسهم في الارتياب التركي ايضا حقيقة ان ارمينيا رفضت منذ الحصول على الاستقلال في 1991 الاعتراف رسميا بالخط الحدودي بين الدولتين. يبدو الان انه في اطار محاضر الجلسات التي وقعت عليها الدولتان، ان ارمينيا مستعدة، كشرط لفتح الحدود للاعتراف بمساره. هذا التنازل في واقع الامر ذو معنى رمزي في الاساس، لانه في ضوء الضعف الكبير لارمينيا قياسا بتركيا لا يبدو انها تستطيع البتة ان تعرض مطالب حقيقية تتصل بالسيطرة على مناطق شرقي تركيا.

رغم الانجاز بمجرد التوقيع على الاتفاق التاريخي، ما تزال توجد مشكلات غير سهلة: اولا تحدد في الاتفاقات انه يجب على المجلسين التشريعيين التركي والارمني اجازة محاضر الجلسات التي تتصل بتجديد العلاقات وبماهية العلاقات المتبادلة بين الدولتين كي تدخل حيز الفعل. الخوف الرئيسي في هذا السياق هو ان يساعد مطلب الاجازة في المجلسين التشريعيين جهات معارضة ولا سيما في ارمينيا على معارضة الاجراء. ثانيا تعارض اذربيجان التقارب بين تركيا وارمينيا ما لم تحل قضية ناغورنو كرباخ وزعم ان هذه المعارضة كانت العامل الرئيسي الذي منع من التقدم في الاشهر الاخيرة. ثالثا كانت اكثر منظمات الشتات الارمنية في الماضي وما تزال تعارض بعناد كل تقدم للعلاقات بين تركيا وارمينيا ما لم يعترف الاتراك بمذبحة 1915. ذلك في حين لم يعرض رئيس ارمينيا حل مشكلة الاعتراف على انها شرط يسبق انشاء العلاقات الدبلوماسية. يتوقع ان تستعمل منظمات الشتات الارمنية التي لها تأثير واسع ايضا داخل ارمينيا نفسها، ضغوطا على المجلس التشريعي الارمني كي لا يجيز الاتفاق.

اذا لم تحبط هذه المشكلات تحقيق الاتفاق فسيكون لانشاء العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين معان واسعة. اولا سيعجل ذلك كما يبدو التفاوض في حل مشكلة ناغورنو كرباخ. فور تأثير هذا النزاع في العلاقات بين ارمينيا واذربيجان، يؤثر ايضا في مكانة روسيا، حليفة ارمينيا في منطقة جنوبي القوقاز. ستكون لحل النزاع في ناغورنو كرباخ ايضا تأثيرات اقتصادية وسياسية مهمة في مسار بناء أنابيب نقل الغاز والنفط في منطقة جنوبي القوقاز. الى ذلك يمكن ان يسهم الامر كما قيل آنفا في تعزيز مكانة تركيا، لا في مفاوضة الاتحاد الاوروبي فقط بل كوسيطة اقليمية ايضا. لم يكن واضحا تماما الى الان لماذا تحتمل تركيا على كاهلها دور الوساطة بين اسرائيل وسورية مثلا، وبين افغانستان وباكستان وبين سورية والعراق، في حين انها هي نفسها ما زالت لم تحل مشكلاتها مع بعض جاراتها. توقيع الاتفاق مع ارمينيا وتحقيقه سيظهر انه توجد لتركيا اليوم قيادة تستطيع الافضاء الى تمهيد طريق سياسي ذي شأن وأن تعزز بذلك الثقة بها كوسيطة ناجعة ذات قدرات مبرهن عليها في حل النزاعات المتبادلة.

' نظرة عليا 22/10/2009

نشرة إلكترونية تصدر عن مركز بحوث الأمن القومي ـ جامعة تل أبيب.

=========================

اعتقال هيثم المالح: ما الذي يوهن عزيمة الأمّة... حقاً؟

صبحي حديدي

23/10/2009

القدس العربي

ليس للمرء أن يرتاب في أنّ بين أبرز الأسباب التي دفعت سلطات أمن النظام السوري إلى اعتقال المحامي هيثم المالح (78 سنة، القاضي السابق، وأحد كبار المحامين المخضرمين المشتغلين، والمنشغلين تماماً، بحقوق الإنسان في سورية، والذي سبق له أن اعتُقل أعوام 1980 ـ 1986 بسبب مطالبته بإصلاحات قضائية ودستورية) كانت إشاراته الواضحة إلى حال الفساد التي تستنزف طاقات البلد، وتنطوي على نهب المال العام، وشيوع الهدر والتبذير، وغياب الرقابة الفعلية. اعتقال المالح يستوجب وقفة خاصة مستقلة، حين تتضح أكثر خلفيات اعتقاله، إذْ أنه عُرض على قاضي التحقيق العسكري يوم أمس، بعد أن كانت النيابة العسكرية قد وجّهت إليه بعض تلك التهم التي صارت جاهزة مكرورة: نشر الأخبار الكاذبة، وهن عزيمة الأمّة، الإساءة إلى رئيس الجمهورية، والإساءة إلى القضاء...

فماذا عن آخر تفاصيل هذا الفساد، ليس في مستوى الذئاب الكاسرة، وهي أشدّ فتكاً من القطط السمان، غنيّ عن القول، وصارت فضائحها أشبه بالسيرة المألوفة المعتادة، المتضخمة على غرار كرة ثلج هابطة من علٍ؛ وإنما على المستوى المعيشي اليومي الذي يخصّ أبسط متطلبات أمن المواطن في مأكله ومشربه وصحته ومسكنه وبيئته. ومن الخير أن نقتبس شاهداً من أهل النظام، أي التقرير الاقتصادي لمجلس الإتحاد العام لنقابات العمال، وهو جهاز سلطوي بامتياز، وإنْ كان الكيل الفائض يدفع قياداته إلى ذرّ بعض الرماد في العيون، بين حين وآخر. التقرير، الذي صدر قبل أيام قليلة، يقول التالي: 'بالرغم من كلّ ما يتمّ الحديث عنه من إنجازات حكومية على مختلف الأصعدة في الصناعة والتجارة وحتى الزراعة والسياحة، إلا أنّ الواقع يقول إن هناك تراجعاً اقتصادياً ومعيشياً لأصحاب الشرائح الشعبية من المجتمع السوري، حتى أنّ تلك الانجازات لم تنعكس على الخزينة'. ازدادت عجوزات الموازنة العامة للدولة عاماً بعد آخر، يتابع التقرير، لترتفع من 84 مليار ليرة عام 2007 إلى 192 مليار ليرة عام 2008، ثمّ إلى 226 مليار ليرة عام 2009، وإلى 250 مليار ليرة عام 2010.

كذلك يقول التقرير ان نسبة النمو التي يتمّ الحديث عنها، والتي فاقت نسبة 6 بالمئة العام الماضي، حسب أرقام وزارة المالية، 'لم يشعر بها أصحاب الأجور لأنها ناجمة عن اقتصاد ريعي يتمثل بالخدمات المالية والعقارات بشكل خاص'. ويستغرب التقرير أن بعض أعضاء الفريق الاقتصادي في الحكومة 'يعيد سبب عدم شعور المواطنين بنتائج هذا النمو إلى الجفاف الذي خرب المنطقة، والى أزمة الغذاء العالمية والى ارتفاع الأسعار عالمياً'، لأنّ الأرقام الفعلية تشير إلى أنّ سورية جاءت في المرتبة الرابعة عشرة عربياً من حيث معدّل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي، فبلغ 5.15، منخفضاً عن معدّل 6.3 بالمئة لسنة 2007.

كذلك يتوقف التقرير عند نتائج الأداء الاقتصادي من خلال عدد من المؤشرات، بينها زيادة أعداد الفقراء لتشكل نسبتهم نحو 30 بالمئة، وعددهم نحو 5.3 مليون مواطن، يعيشون على أقل من 90 ليرة يومياً للسكن والصحة والتعليم والطعام والنقل والكساء، وسوى ذلك. وهذه الظاهرة تقترن مع زيادة عدد العاطلين عن العمل، وزيادة 'حدّة التفاوت الاجتماعي وتدهور الطبقة الوسطى، وغياب العدالة في توزيع الدخل ما يتسبب في اتساع قاعدة الفقر'. يضيف التقرير تفاقم المشكلات المعيشية، وانخفاض القدرة الشرائية لأصحاب الأجور، واتساع الهوة بين الأجور والأسعار، وارتفاع معدّلات التضخم إلى حدود تفوق النسب الحكومية المعلنة (نحو 8 بالمئة فقط، في حين أنها تبلغ الضعف حسب تقدير التقرير، و14.5 حسب تقدير جمعية سيدات الاعمال السورية).

لا تغيب عن التقرير مؤشرات أخرى مثل 'تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي'، و'أزمة الطاقة الكهربائية المعروفة بانعكاساتها العديدة على الصناعة والتجارة والزراعة والبيئة والمجتمع'، و'تراجع أسعار المواد الخام المصدرة سواء النفط أو بعض المواد الزراعية' و'زيادة العجز التجاري'. لافتة تماماً، في جانب خاصّ سياسي ـ عقائدي، تلك الغمزة من قناة اقتصاد السوق الاجتماعي، النظرية التي بدت عزيزة على قلب بشار الأسد ذات يوم غير بعيد، ثمّ طواها النسيان في نهج النظام الفعلي كما في نهجه اللفظي، فلا يلاحظ التقرير 'غياب الجانب الاجتماعي لاقتصاد السوق' فحسب، بل يسجّل التالي أيضاً: 'مع اعتقادنا أنّ بعض القائمين على السياسة الاقتصادية لا يؤمنون بالجانب الاجتماعي لهذا الاقتصاد، وأنه سبق لأحد أعضاء الفريق الاقتصادي أن وصف الجانب الاجتماعي في اقتصاد السوق بـ (هذا الشيء)'!

وفي الوقائع العملية ثمة تفاصيل أقرب إلى السوريالية، بينها أن تكون الأسمدة المستوردة أرخص سعراً من الأسمدة المحلية التي تبيعها المصارف الزراعية والجمعيات الفلاحية، بمعدّلات تتراوح بين 20 إلى 30 بالمئة، الأمر الذي أسفر عن تراكم كميات هائلة من الناتج المحلي في مستودعات الشركة العامة للأسمدة. ولا حاجة إلى تبيان الرابح الحقيقي من وراء هذا التباين الفاحش في الأسعار، ولا حاجة أيضاً لتبيان الخاسر الأوّل... والأخير. ليست أقلّ سوريالية نظرية معاون وزير الإقتصاد، خالد سلوطة، التي تعيد سبب ارتفاع أسعار اللحوم (ألف ليرة سورية للكيلوغرام، كما أشار هيثم المالح في حوار على فضائية 'بردى') إلى سبب وجيه واحد، هو أنّ الدولة وفّرت الأعلاف الرخيصة لمربّي المواشي! ولقد تناسى هذا العبقري أنّ الحكومة تقدّم لرأس البقر الواحد كيلوغراماً واحداً من غذائه اليومي بسعر مدعوم، في حين أنّ استهلاكه الطبيعي يتجاوز ذلك الكيلوغرام الحكومي اليتيم بعشرين ضعفاً على الأقلّ!

ولكي لا يغيب البعد المأساوي عن هذه السوريالية المفتوحة، ثمة ذلك التفصيل المفزع الذي يقول بوجود نحو 52 ماركة تجارية لعبوات مياه معدنية 'يُعتقد أنها مقرصنة' حسب تعبير خليل جواد، المدير العام للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية، الذي أضاف أنّ 'البلدان التي يتمّ الإستيراد منها ليس فيها هذا الكمّ الهائل من الينابيع، بل تتمّ فيها معالجة المياه لتصبح قابلة للشرب، مثلها مثل مياه الحنفيات التي توفرها مؤسسات المياه في المحافظات للمواطنين'. ومثل زميله العبقري، صاحب نظرية العلاقة بين رخص الأعلاف وغلاء اللحوم، تجاهل هذا المسؤول سبب تسلل هذه العبوات إلى أسواق الإستهلاك السورية، واستمرار بيعها علانية وفي وضح النهار، رغم أنه كان بنفسه قد أقرّ أنّ 'هناك العديد من هذه العبوات تمّ تحليلها في المخابر الرسمية، وقد تبين أنها مجرثمة أو حاملة لمعادن ثقيلة بنسب عالية'!

أهذه وقائع لا توهن عزيمة الأمّة، ويوهنها حديث المالح عن الفساد، وغياب الدولة، وانتهاك القوانين؟ ألا يقول تقرير 'منظمة الشفافية العالمية' إنّ سورية تراجعت تسعة مراكز عن التقرير السابق، وهي تحتلّ المرتبة 147 من أصل 180، والمرتبة 17 على مستوى الدول العربية، فلا يليها في ذيل مؤشرات الفساد إلا السودان والعراق؟ هذه، في نهاية المطاف، منظمة غير حكومية، تجتهد على نحو علمي محايد لإماطة اللثام عن مؤشرات الفساد والإفساد في العلاقات الإستثمارية والتعاقدية بين دولة ودولة، أو بين دولة وفرد، أو بين شركة عملاقة ودولة وفرد، أو بين هذه الأطراف جميعها حين تشترك في شبكة معقدة من الصلات والمصالح والمنافع المتبادلة. وهي تشدّد على نوعين من الأولويات العامة، هما سهولة توفير المعلومة وشفافية الإنفاق، وعلى أولويات محددة بينها نظام قضائي حرّ لمعالجة الفساد، ومواثيق دولية، واهتمام بالتربية والتعليم.

ومن جانب آخر، لكي لا يظنّ أحد أننا نستثني دولة أو نظاماً من الآفة، فإنّ الفساد (كما الإفساد) ليس شارعاً وحيد الإتجاه: هنالك الفاسد والمرتشي وقابض العمولات، وهنالك أيضاً المفسد والراشي ودافع العمولات. وتقارير المنظمة تسجّل هذه الحقيقة، بل هي تتكىء عليها بصفة أساسية حين تتحدّث عن العواقب البنيوية الوخيمة التي تلحق بالاقتصادات النامية جرّاء شيوع الفساد في أجهزة الدولة المعنية مباشرة بالتنمية. والتقرير الرائد الذي وضعه باولو ماورو في سنة 1995 يشير إلى أنّ الدول الأكثر فساداً تشهد القليل فالأقلّ من توجّه ناتجها القومي الإجمالي إلى الإستثمار، والقليل فالأقلّ من معدّلات النموّ. وهذه الدول تستثمر في قطاع التربية والتعليم أقلّ بكثير من استثمارها في قطاعات إنشائية، لأنّ هذه القطاعات توفّر فرصة سمسرة لا توفّرها الإستثمارات في قطاع التربية.

وفي المقابل، تشهد مؤسسات ودوائر وفروع 'البنك الدولي' و'صندوق النقد الدولي' مراجعات جذرية تتناول مسألة الفساد والإفساد، وتسفر أحياناً عن صياغات متسارعة وقرارات دراماتيكية بالغة الخطورة، تبدو إدارية تقنية من حيث الشكل، ولكنها من حيث المحتوى الأعمق تظلّ سياسية واقتصادية وفلسفية أيضاً. إنها، كما يُقال لنا، 'حرب شعواء' ضدّ الفساد المالي، أو ضدّ استشراء 'سرطان الفساد'، ولم يعد في وسع المؤسستين اللتين تتحكمان في أموال العالم (والعالم الفقير لمزيد من الدقة)، الصبر على هدر الأموال العامة، والرشوة، والإختلاس، وتخريب الإقتصادات الوطنية، وعرقلة 'برامج التعديل الهيكلي' بوصفها 'إنجيل الإصلاحات' المقدّس في عرف خبراء المؤسستين.

لكننا نعرف أنّ جميع بلدان العالم (نعم: جميعها بلا استثناء) تضمّ رجالاً يستمدون ألقابهم من النسبة المئوية التي يحصلون عليها لقاء تسهيل أو توقيع مختلف أنواع العقود مع مؤسسات استثمارية صغيرة أو كبيرة، محلية أو عابرة للقارات. هنالك 'المستر 5 بالمئة'، أو 'المستر 10 بالمئة'، أو حتى 'المستر 15 بالمئة'. وكان التنظير الرأسمالي البراغماتي قد اعتبر، مراراً في الواقع، أن حصّة هذا 'المستر' ليست جزءاً طبيعياً لا يتجزأ من كلفة التنفيذ فحسب، بل هي حصّة حيوية لا غنى عنها في سياق تذليل المصاعب البيروقراطية التي تعترض الإجراءات الإدارية على اختلاف مستوياتها، من توقيع العقود ذاتها وصولاً إلى الاستلام النهائي للمشروع والمصادقة على سلامة تنفيذه. بمعنى آخر، كان أصحاب هذا التنظير لا يرون غضاضة في تقديم الرشوة، ولا يخشون في ذلك أية عواقب قانونية أو سياسية أو أخلاقية.

أكثر من ذلك، مضى زمن غير بعيد (أواسط الثمانينيات، في الواقع) شهد دورية اقتصادية رأسمالية عريقة مثل 'هارفارد بزنس ريفيو' تعتمد ما يشبه الفلسفة 'الثقافية'، المستندة إلى مقاربة 'أنثروبولوجية' عنصرية النبرة، في تفسير شيوع الرشوة والفساد في بلدان العالم الثالث: هذه 'مكوس' لا تُدفع للفرد وحده بل للقبيلة بأسرها، وثمة شبكة من المصالح المشتركة بين الأفراد والقبائل تستدعي تحصيل نصيب غير مباشر من الثروات، يُوزّع على أفراد القبيلة أو يُصرف في تحسين سُبل عيشها داخل المؤسسة الأكبر للدولة. ما تدفعونه، تخاطب المجلة كبار مستثمري الكون، 'لا يذهب إلى الأفراد وحدهم، بل إلى جماعات أوسع نطاقاً، وبالتالي إلى الأمّة بأسرها في نهاية الأمر'!

فكيف إذا اختصر النظام الأمّة في عائلة، يمثّلها نفر محدود من ذئاب كاسرة، تدير قطيعاً من قطط سمان، تتولى بدورها تشغيل جمهرة من أدوات التنفيذ، في نظام تختلط فيه المزرعة بالجمهورية الوراثية، ولا يتكامل فيه الفساد إلا على يد أجهزة الإستبداد؟

' كاتب وباحث سوري يقيم في باريس

=========================

أوباما ودبلوماسية الضعف والتردد!

جون بولتون

الرأي الاردنية

كثيرا ما يثير ضعف السياسة الخارجية الأميركية في منطقة ما، التحديات في منطقة أخرى بسبب ترصد أعدائنا لنقاط ضعفنا وتراجع عزمنا. وبالقدر نفسه يشير تذبذب الرئيس الأميركي وقلة عزمه -سواء بسبب تردده أو بفعل الصراعات الداخلية في صفوف إدارته- إلى احتمال عدم قدرة الولايات المتحدة على الاستجابة للتحديات الدولية بما يلزم من وضوح وفعالية.

وعند أخذ هذين المعطيين معا، فقد برهن التذبذب والضعف القياديان على أنهما وصفة مسمومة تلحق الكثير من الضرر بالمصالح القومية الأميركية.

وهذه هي الوصفة نفسها التي نراها الآن في ظل إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما. وليس فوزه مؤخرا بجائزة نوبل للسلام سوى تأكيد لهذه المعضلة التي يواجهها. فسواء في كل الخطب التي ألقاها أثناء سباقه الرئاسي، أم فيما ورد في خطابه الانتخابي من حديث عن مد يد المصافحة وتفعيل العمل الدبلوماسي مع العدو، فقد تبين أن تلك السياسات لم تبلور لتتخذ خططا مرسومة محددة لتنفيذها. بل على العكس، يتضح الآن أن الدبلوماسية التي أعلن عنها أوباما لا تشكل سياسة وإنما هي مجرد وسيلة فحسب. وفي غياب القيادة الرئاسية -التي تعني في حدودها الدنيا وجود سياسة واضحة وقدرة على المثابرة على تنفيذها في وجه الاعتراضات والانتقادات- فإن دبلوماسية أوباما لا تعني شيئا، طالما غابت القيادة الرئاسية، سوى الضعف واللاقرار.

فأوباما ليس رئيسا مثل هاري ترومان، بل هو نسخة أخرى من جيمي كارتر تحت أحسن الفروض والأحوال. أما أسوأ الاحتمالات فربما يكون إيثرلريد الفاشل ذلك الملك الأنجلو-ساكسوني الذي حكم إنجلترا في بدايات الألفية الأولى، وأهدر عائدات الضرائب الدنماركية في شراء خصومه من القراصنة الإسكندنافيين الغزاة، هو قدوته المثلى، نظرا لاشتهار إيثرلريد بالفشل وتحوله إلى نموذج كلاسيكي تاريخي للضعف والتردد في اتخاذ القرارات.

وخلف موجة الغضب من اعتذارات أوباما عما يسميه بـ فترة ما قبل أوباما يكمن شعور الكثير من الأميركيين بانزلاق إدارته من خطأ وراء الآخر في سياساتها الخارجية. والأسوأ أن هذا الانزلاق يزداد سوءا ويتحول إلى مهدد جدي لدبلوماسية بلادنا، على رغم ما يبدو من تراجع الإدارة قليلا عن المسرح الدولي وتسليط اهتمامها أكثر على أولوياتها الداخلية. ويشعر المراقبون الخارجيون -الأعداء منهم والأصدقاء على حد سواء- بانزلاق بلادنا نحو اللاهدف واللاقرار. وضمن هؤلاء تعين على الرئيس ساركوزي تنبيه نظيره أوباما في اجتماع مجلس الأمن الدولي المنعقد في الرابع والعشرين من سبتمبر المنصرم، حين قال له: إننا نعيش في عالم واقعي وليس افتراضيا.

هذا وتكثر الأمثلة على تردد أوباما وضعف سياساته الخارجية، بينما تبدو نتائج وتداعيات هذا الضعف واضحة كذلك. فعلى سبيل المثال، فسرت موسكو قرار أوباما إلغاء القواعد العسكرية البولندية والتشيكية المخصصة من قبل لمشروع الدرع الصاروخية، على أنه تراجع من جانب واشنطن في وجه التمسك الروسي بضرورة إلغاء ذلك النظام الدفاعي. ونذكر هنا أن الرئيس الروسي ميدفيديف كان قد هدد عقب انتخابات نوفمبر 2008 مباشرة بنشر صواريخ تستهدف تلك القواعد الأميركية المقرر إقامتها في منطقة أوروبا الشرقية المجاورة لبلاده في حال عدم إلغائها من جانب واشنطن.

وفي منطقة الشرق الأوسط تعثرت وعود أوباما المتعلقة بالدفع بعملية السلام الإسرائيلي/ الفلسطيني. والسبب هو تحديده لموعد معين لوضع حد للتوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، ولكنه عجز عن الوفاء بذلك الوعد في مواجهة الرفض الذي أبداه نتنياهو. وانتهت تلك المواجهة بإضعاف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وتعزيز موقف خصمه نتنياهو، مع العلم أن هذا هو عكس ما أراده أوباما تماما. بل لقد بدا أوباما نفسه أضعف الضعفاء في تلك المواجهة على الإطلاق.

أما في مجال حظر الانتشار النووي، فردت كوريا الشمالية على يد أوباما الممدودة، باختبار نووي ثان جديد، إضافة إلى الاستمرار في برامج صواريخها الباليستية، والتعاون مع غيرها من الدول المارقة المعادية لبلادنا. ومثلها تواصل إيران عملها على برامجها النووية السرية، وإخفاء بعض منشآتها لعدد من السنين حتى تم الكشف عن إحداها مؤخرا. وبذلك فقد ثبت ضحك طهران على العالم بأسره. كما تمثل برامج تخصيب اليورانيوم الإيرانية تحديا سافرا لقرارات مجلس الأمن الدولي. وبينما أعلن الرئيس الفرنسي تأييده لمواقف الولايات المتحدة من تلك البرامج، إلا أنه تساءل في حديثه المذكور عما توصلت إليه تلك المواقف الأميركية. وفي إجابته عن السؤال قال ساركوزي: لا شيء سوى المزيد من تخصيب اليورانيوم.

كما تسري حالة الضعف الرئاسي نفسها على سياسات أوباما الخاصة بأفغانستان. ويشير التخبط الحالي في أفغانستان إلى احتمالين: أولهما أن الرئيس لم يمعن التفكير كما ينبغي في الاستراتيجيه الأفغانية التي أعلن عنها في شهر مارس المنصرم. وثانيهما أنه لم يثق قط لا في ذلك الوقت ولا بعده في قائده العسكري الميداني في أفغانستان، الجنرال ستانلي ماكريستال، ولا في مبعوثه الخاص للمنطقة السفير السابق ريتشارد هولبروك. وربما شعر أوباما بأنه ليس من المناسب سياسيا أن يتابع تنفيذ سياسته الأفغانية في وقت تصاعدت فيه معارضة الديمقراطيين للحرب. وعلى أية حال فقد تضررت سمعة أوباما كثيرا في أفغانستان بسبب تردده وضعفه وعجزه عن تنفيذ السياسات التي أعلنها بشأن تلك الدولة.

ومما لا ريب فيه أن أعداءنا وخصومنا الدوليين يسعدون كثيرا بهذه الانتكاسات في سياسات بلادنا الخارجية. ولكن يحق للأميركيين أن يشعروا بالكثير من الأسف على هذا الضعف المزري الذي طبع صورة بلادهم العالمية في ظل الإدارة الجديدة. وفيما لو أشارت التسعة شهور الأولى من عمر إدارة أوباما، بصدق إلى الاتجاه الذي ستمضي إليه سياساتها الخارجية خلال الـ39 شهرا المتبقية من عمرها، فمعنى ذلك أن أمامنا هوة عميقة لنسقط إلى قاعها.

لوس أنجلوس تايمز

=========================

تركيا وتصفير خلافاتها الإقليمية!

  محمد احمد الروسان 

  الرأي الاردنية

حراك سياسي ودبلوماسي تركي نشط - وبالخلفية مساند عسكري استخباري وأمني من مؤسسة الجيش داعم - على مستوى تقاطعات السياسة الخارجية التركية وتغيرات جذرية وذات آفاق ومآلات سياسية وأمنية واقتصادية استراتيجية... تقارب تركي - إيراني واضح، فبقدر حاجة تركيا لإيران فان الأخيرة بحاجة الى مثل هذا التقارب من أجل فك العزلة الدولية المضروبة عليها ومن أجل تعزيز موقعها وموقفها الاستراتيجي في المنطقة.

حيث تسعى أنقرة لتحقيق مصالحها وبعيدا عن الآخرين في المنطقة والعالم.... وحيث كان للرفض الأوروبي لعضوية تركيا في الأتحاد، عامل اقناع لأنقرة بأن التوجه نحو الشرق العربي والإسلامي لم يعد خيارا، بقدر ما صار ضرورة ورؤية استراتيجية لها خلفيتها التاريخية....استطاعت أنقرة بقيادة حزب العدالة والتنمية بالاقدام على تغيرات ايجابية وسوقت ذلك لدى الرأي العام التركي، فمن الأعتراف بالحقوق الثقافية للأقلية الكردية وتطبيع العلاقات مع أرمينيا عبر وساطة سويسرية - بخلفية روسية من خلال اتفاق مصالحة أجمع الجميع على انه صعب للغاية... فتركيا تجهد على تعديل جوهري في المشهد العربي والأقليمي والدولي، وفي تصفير خلافاتها مع دول جوارها الأقليمي مع تنمية علاقاتها الأقتصادية والتجارية والبينية بشكل شمولي واستراتيجي.

... وهذه التغيرات في السياسة الخارجية التركية تنبع من رؤية استراتيجية شاملة تسعى الى تثبيت أنقرة كقوة مركزية لدولة اقليمية مؤثرة في آسيا الوسطى والشرق الأوسط، وبالتالي قد يحسن ذلك من مفاوضاتها مع الأتحاد الأوروبي، بالمقابل أنقرة تبتعد عن إسرائيل، عبر سياسة فك ارتباط مقصودة، وليس كما تروج وسائل ميديا إسرائيلية محلية قريبة من مجمع المخابرات العبرية، أن طيب رجب أردوغان يسعى الى استغلال موجة كراهية إسرائيل من قبل مفاصل هامة في المجتمع التركي من أجل تثبيت حكمه ومكانته في الداخل، وينتقل بتركيا من موقع الحليف الاستراتيجي لإسرائيل الى موقع محور الشر، اشارة الى إيران - سوريا - حزب الله - حماس.. بعبارة أخرى من مربع التحالف الاستراتيجي مع الدولة العبرية الى مربع محور الشر - هكذا يروج إسرائيليا وفي وسائل الميديا العالمية والمقربة من مجتمع مخابرت دولية تتقاطع مصالحها مع الكيان العبري - الطارىء على الجغرافيا والتاريخ في المنطقة.

وتأسيسا على ما ذكر آنفا فان المشهد في الشرق المتوسطي من زاوية السياسة التركية تبدو صورته واضحة من خلال تطورات دراماتيكية دبلوماسية على خط سوريا - تركيا تشي بآفاق استراتيجية قادمة في المنطقة تمهد لإعادة دمج وادماج أنقرة ضمن بيئتها الشرق أوسطية، خاصة مع تطورات دراماتيكية بآفاق استراتيجية في آسيا الوسطى على خط أذربيجان - أنقرة - أرمينيا أيضا ومتزامن مع ديناميات مراجعة تركية ذاتية لمسألة وخط أنقرة - تل أبيب - واشنطن.... يقابل كل ذلك تطورات اقليمية تجري على قدم وساق في القوقاز وشرق المتوسط بفعل مؤثر من عامل التعاون الاستراتيجي التركي - السوري من جهة، والتعاون الاستراتيجي الأرمني - التركي من جهة أخرى مما سيؤدي الى فشل أية حسابات استراتيجية أمريكية -إ-ئيلية، وعلى واشنطن أن تعيد حساباتها بما يتفق وواقع التحولات والحراك السوري - التركي من ناحية، والتركي-الأرمني من ناحية أخرى وهذا يؤشر الى امكانية تشكيل منظومة اقليمية من دول القوقاز وتركيا، سوريا، إيران، العراق مع تراجعات للنفوذ الأمريكي في الشرق الأدنى.

ولهذا المشهد في آسيا الوسطى وفي الشرق المتوسطي خلفيات سياسية وأمنية استخبارية استراتيجية، فمن لقاء وزير الخارجية الأرمني ادوارد نعلبنديان، مع نظيره التركي الدكتور أحمد دافو توغلو في 10- 10-2009 م في زيورخ في سويسرا حيث وقع فيه الطرفان بروتوكول تطبيع علاقاتهما وبروتوكول فتح الحدود التركية - الأرمنية، وتشي المعلومات الدبلوماسية الاستخبارية أن كلا البروتوكولين في طريقهما الى البرلمانين التركي والأرمني من اجل اضفاء شرعية رسمية وشعبوية عليهما ليصار الى وضع آليات التنفيذ على أرض الواقع.... تبع ذلك لقاء الرئيس الروسي ميدفيدف - مع الرئيس الأرمني سركسيان في 13- 10- 2009 م في موسكو وحيث أعلن الرئيس الأرمني عقب اللقاء، تقديره لجهود موسكو في دعم دبلوماسية أرمينيا في منطقة القوقاز.

مقابل هذين المشهدين حدثت تطورات أخرى ذات صلة بما جرى، تم تشكيل لجنة سورية - تركية عليا تؤشر الى أن العلاقات بين دمشق- أنقرة تعدت مرحلة الترتيبات الى مرحلة التنفيذ، وهذا يؤشر الى عدم التزام تركي بالتوجهات الأمريكية - الإسرائيلية نحو سوريا، حيث تعتبر أنقرة أن لسوريا مزايا يمكن لتركيا أن تستفيد منها لتعزيز قدراتها الاستراتيجية كون دمشق هي بوابة العالم العربي الشرق أوسطي.... كذلك تم تشكيل لجنة عليا عراقية - تركية، كان للخلافات العراقية - العراقية وللعامل الأمريكي أكبر الأثر لعدم ولوج مرحلة التنفيذ في علاقات التعاون العراقية - التركية وبقيت المسألة كلها في مربع الترتيبات فقط رغم الزيارة الأخيرة لأردوغان الى بغداد ولقائه المالكي.

بالمقابل تدفع تركيا بمجرى علاقاتها مع إيران الى الأمام من خلال تعزيز الروابط ضاربة بعرض الحائط وعبر استدارات استراتيجية العقبات والعوائق الدولية، فمن زاوية أن واشنطن تستهدف إيران عبر عقوبات دولية، نجد تركيا ترفع معدلات التبادل التجاري مع إيران من 6 مليار الى 20 مليار .... استخباريا يشي ذلك الى أن أنقرة تستبق أي تطورات في فرض عقوبات على إيران من خلال توسيع الغطاء القانوني التركي بحيث يسمح ذلك لأنقرة وبطريقة مشروعة الى سد حاجات جارتها إيران، وفي نفس الوقت عدم المشاركة التركية أصلا في فرض العقوبات الأمريكية على إيران. التطورات في المشهد القوقازي! بعد الصعود الديمقراطي الى السلطة لحزب العدالة والتنمية الإسلامي لجأت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل الى دعم الموقف الأرميني الخاص بالمذبحة الأرمينية، حيث حصلت أرمينيا على الدعم والمساندة الروسية وكذلك الأمريكية.... وهنا بادرت وتدخلت تركيا وصفرت خلافاتها مع أرمينيا عبر وساطة سويسرية... دون أن يشكل ذلك أي استياء أذري، بسبب نجاح أنقرة في تضمين شرط انسحاب القوات الأرمنية من الآراضي الأذربيجانية... فاتجهت باكو نحو تعزيز علاقاتها مع تركيا مع ضمان باكو لتدفقات نفط وغاز بحر قزوين الى أنقرة.... بعبارة أخرى ان وقوف باكو الى جانب التعاون الاستراتيجي التركي - الأرمني قد يؤدي الى تقارب أذربيجاني مع دول الشرق الأوسط وخاصة مع سوريا والعراق وإيران مع ابتعاد باكو عن القيام بأي دور في مخطط الاستهداف الأمريكي - الإسرائيلي لإيران، ومع ابتعاد أذري عن إسرائيل لعدم تطابق موقف الأولى مع الثانية، حيث كان خط واشنطن- إسرائيل يستخدم باكو كوسيلة ضغط على تركيا.... وكل التقديرات السياسية والأمنية تشير الى أن هوامش التكتيكات والمناورات الدبلوماسية الأمريكية - الإسرائيلية في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى بدأت تخبو شيئا فشيئا، وهذا سوف يدفع الولايات المتحدة الأمريكية الى وضع العصي في دواليب السلطتين التشريعيتين التركية والأرمنية في رفض أو تأجيل البرتوكول التركي - الأرمني أو تأجيله لحين خلق ظروف سياسية جديدة بفعل أمريكي - إسرائيلي، كفيلة بقلب الطاولة رأسا على عقب في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى عبر فوضى خلاقة من الزاوية الأمريكية - العبرية.

* عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

www.roussanlegal.0pi.com mohd_ahamd3002@yahoo.com

=========================

الدبلوماسي الفرنسي الخارق

ساطع نور الدين 

السفير

غالبا ما كانت الدبلوماسية الفرنسية تقاس باستقلاليتها وحيويتها وحكمتها ، اكثر مما كانت تقيم بالاستناد الى حجم فرنسا وموقعها ودورها العالمي. هذا المعيار سقط مع الوزير الحالي برنار كوشنير وشخصيته واسلوبه، الذي غلب الطبع الفردي على الطابع السياسي الذي بات يصعب تقديره ورسم خط بياني واضح له، ولا ينفك يقدم الامثلة على ان تلك الدولة الكبرى تتخبط في تعاملها مع العالم الخارجي، وتخسر اصدقاءها واحدا تلو الاخر.

كوشنير الذي لم يتميز حتى الان سوى بانفعالاته وتعبيرات وجهه وحركات يديه، وبنظريته البائسة عن الامبريالية الانسانية التي تمثل تمويها لفكرة التدخل العسكري الاميركي والغربي في العالم الثالث، العربي والاسلامي بشكل خاص، هو الان في بيروت، التي لا يمكن ان تعوض خيبة الوزير الفرنسي بعدما سدت في وجهه الابواب السورية والفلسطينية والاسرائيلية وحرمته من القيام بجولة اقليمية، لم يكن لتوقيتها او لهدفها اي تفسير، وكانت تكرارا لجولات عديدة سبق لكوشنير ان اعلن مواعيدها لكنه اضطر في اللحظة الاخيرة الى البقاء في مكتبه في باريس.

ومهما قال كوشنير في بيروت في مصاعب تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري، او في متاعب العلاقة الفرنسية مع فريقي الغالبية والاقلية، فانه لن يستطيع ان يحجب ذلك التوتر الطارئ بين باريس ودمشق لاسباب ليس لها علاقة بلبنان هذه المرة، لكنها يمكن ان تنسحب عليه، اذا ما اخطأ الوزير الفرنسي في التعبير، او اذا ما اخطأ احد اللبنانيين في فهم تصريحاته او حركات يديه. وهذا مرجح بل ومؤكد، فضلا عن انه يخضع لمراقبة وثيقة من جانب سوريا التي استاءت من الموقف الفرنسي من اتفاق الشراكة السورية الاوروبية، ومن موقف الخارجية الفرنسية المتشدد من اعتقال المعارض السوري هيثم المالح.

زيارة بيروت بهذا المعنى تراكم مشكلة دبلوماسية فرنسية مع سوريا ولا تحل مشكلة دبلوماسية فرنسية مع ايران التي وجهت في مفاوضات فيينا النووية صفعة مدوية الى باريس عندما اصرت على استبعادها من الاتفاق مع الاميركيين والروس على تخصيب اليورانيوم الايراني في الخارج.. انتقاما من تشدد كوشنير المفرط وغير المفهوم في التعامل مع الملف النووي الايراني والذي ظل يعطل تلك الصفقة مع واشنطن وموسكو منذ حزيران الماضي وحتى اليوم، والذي لا يمكن تبريره باعتقال الباحثة الفرنسية في طهران التي تريد مبادلتها مع عالم نووي ايراني معتقل في فرنسا.

ولهذه المشكلة الفرنسية المزدوجة مع دمشق وطهران تبعات لبنانية لا يمكن للوزير كوشنير انكارها حتى ولو وافقت المعارضة على لقائه في قصر الصنوبر اليوم، ومحاولة التحقق مما اذا كانت باريس قد اتخذت قرارا جديا بالقطيعة مع سوريا وايران ام انها تعبر عن انفعالات وزيرها ونوبات غضبه، التي لا تنطبق على اسرائيل برغم الخلاف الدبلوماسي بين الدولتين حول تقرير غولدستون، والذي دفع بنيامين نتنياهو الى رفض زيارة رئيس الدبلوماسية الفرنسية.. الذي كان يود ان يتوقف في بيروت في طريقه الى دمشق وتل ابيب ورام الله لكي يعلن استعداد فرنسا لملء فراغ اميركي وتنظيم مؤتمر متوسطي لاستئناف مفاوضات السلام، فانتهى به الامر يتحدث الى لبنانيين عن تشكيل حكومتهم المستعصية.

=========================

ترويج لمقاطعة إسرائيل في جامعات بلجيكية

وسيم ابراهيم

السفير

بروكسل : تشهد العاصمة البلجيكية حركة نشطة هذه الأيام لإعطاء «زخم» جديد لحركة «المقاطعة الثقافية والاكاديمية لاسرائيل»، وتوسيع دائرتها في بلجيكا وأوروبا.

فعلى مدى ثلاثة أيام (20 وحتى 23 تشرين الأول الحالي) تجول سامية البطمة، مديرة مركز دراسات التنمية لجامعة بيرزيت في رام الله، في جامعات بلجيكية لتلتقي طلاباً وأكاديميين في حوارات ونقاشات تتناول المقاطعة وما يرتبط بها. ويوم الجمعة تقف البطمة الى جانب الاستاذ الإسرائيلي ايلان بابي، المؤيد للمقاطعة، ليحاورا ويناقشا جمهور بروكسل في مؤتمر عام حول الموضوع ذاته.

خمس جامعات بلجيكية في كل من بروكسل ومدينتي لوفن وكنت، تستقبل الاستاذة الفلسطينية لتلتقي طلاباً واكاديميين فيها. وهذه الجولة، اضافة الى المؤتمر مع بابي، هو الفعالية الاولى لجمعية «تحالف فلسطين في بروكسل» التي ولدت منذ شهر تقريباً، بعد ان شكلتها مجموعة من مساندي القضية الفلسطينية. ويقول عمر جبري سلامنكا، من مؤسسي الجمعية، لـ «السفير» إن هدفها «تنظيم نشاطات مختلفة لدعم القضية الفلسطينية»، موضحاً أن الجولة في الجامعات والمؤتمر ليست فقط مرتبطة بالمقاطعة الأكاديمية والثقافية لاسرائيل، بل «مناسبة لتوعية الناس ونقل القضية الفلسطينية الى منبر اكاديمي وعام».

إيلان بابي مدرس في جامعة اكستير البريطانية، وهو من مؤيدي المقاطعة وينتمي إلى ما يُدعى بتيار «المؤرخين الجدد» في اسرائيل، ويدعو الى حل الدولة الواحدة ثنائية القومية لمواطنين متساوين في فلسطين. تقول البطمة في حديثها لـ «السفير» إن «بابي ضد الصهيونية وأجهزتها ويناهض عنصرية اسرائيل، وهذا يجعله زميلاً في المقاومة».

الحديث عن فكرة المقاطعة الاكاديمية للجامعات الاسرائيلية بدأ العام 2005، ثم برزت بعد ان استقطبت اهتماماً كبيراً بين اساتذة الجامعات والكليات البريطانية العام 2006. وتشير الاستاذة الفلسطينية الى انها لمست لدى نقاشها مع طلاب واكاديميين في جامعات بلجيكا «رغبة وتعطشاً لمعرفة الواقع الاكاديمي للفلسطينيين واهتماماً بالنداء للمقاطعة الاكاديمية والثقافية كوسيلة للمقاومة السلمية الفعالة ضد الاحتلال الاسرائيلي».

لكن هذا الاهتمام بالمقاطعة يتبناه أكاديميون وطلاب بصفتهم الشخصية، وليس موقفاً رسمياً تتخذه الجامعات التي استضافت النقاشات، وهي جامعات حكومية بلجيكية. وتلفت البطمة الى ان النقاشات تركزت أيضاً على كيفية توسيع دائرة المقاطعة في بلجيكا واوروبا، وتحويلها الى عامل «ضغط» على صناع القرار السياسي الذين هم بالنتيجة من يموّلون الأبحاث الاكاديمية.

وترى ان حركة المقاطعة هذه «لها تأثير كبير على جوهر العملية الاكاديمية في اسرائيل التي تتعاطى معها برد فعل قوي»، وتضيف ان «الإسرائيليين يعتمدون على انهم منطلقون في عالم يدعمهم ونحن نوعي هذا العالم بأنه من غير المقبول التعاطي مع دولة خارج القانون».

وتموّل الفعاليات المتعلقة بالمقاطعة كل من الجمعية البلجيكية الفلسطينية، وحركة «المواطن الفلسطيني» اضافة الى مؤسسة السلام البلجيكية.

=========================

هل أسقطت التكتلات المذهبية والمسلحة النظام الديموقراطي؟

"السياسة التوافقية" تصل الى اللجان لتقيم النهج الشمولي

اميل خوري     

النهار

هل يمكن القول ان العمل بالنظام الديموقراطي قد انتهى في لبنان ام انه مجمّد ريثما يصير اتفاق على نظام جديد قد يكون شبيهاً بأنظمة الدول المحيطة به، وهي انظمة كان يؤمل ان تصاب بعدوى النظام في لبنان، وليس العكس لان التكتلات المذهبية فيه تحول دون ذلك بحيث اصبح لبنان هو المصاب بعدوى الانظمة الشمولية او انظمة الحزب الواحد او الانظمة الديكتاتورية المدنية او الدينية؟

قليلة هي الدول التي تحكم بلا دساتير ولا انظمة وقد اضحى لبنان بكل اسف من بين هذه الدول، بعدما اصبح الاستمرار في تطبيق النظام الديموقراطي شبه مستحيل مع وجود تكتلات مذهبية خصوصاً مسلحة، مكان التكتلات السياسية والحزبية الوطنية التي كانت في الماضي وهو ما جعل الرئيس الحص يكرر القول منذ مدة ان في لبنان "قليلاً من الديموقراطية وكثيراً من الحرية"، وما لم تعد التكتلات السياسية والحزبية الوطنية الى لبنان وتزول التكتلات المذهبية فلا امل في العودة الى تطبيق النظام الديموقراطي فيه الذي تحكم بموجبه الاكثرية وتعارض الاقلية.

والغريب انه قبل الاتفاق على النظام البديل من النظام الديموقراطي بدأت التكتلات المذهبية تطبيق ما يسمى "النظام التوافقي" قبل الاتفاق عليه وذلك تحت طائلة التهديد بعدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية وفي تشكيل الحكومات، وبات يخشى ان يصبح التوافق مفروضاً في انتخابات اللجان النيابية وقد بدأ ذلك بانتخاب اميني السر والمفوضين حبياً وبالتوافق والتراضي، فكانت التزكية التي رفض الرئيس بري تغطيتها ولو بانتخاب شكلي يحافظ ولو على مظهر من مظاهر النظام الديموقراطي في لبنان، فلم يستجب طلب النائب بطرس حرب الذي دعا الرئيس بري الى الابقاء على الاصول الدستورية وان يصار الى انتخاب اميني السر بواسطة الصندوقة، فاكتفى الرئيس بري بالرد عليه قائلاً: “سمعت رأيك في المرة الماضية والرئاسة لا تؤيده"...

وكان النائب بطرس حرب بعدما رأى ان النظام الديموقراطي في لبنان اصبح في حالة تراجع قد تؤدي به الى السقوط ليحل مكانه نظام آخر قبل ان يصير اتفاق عليه وهو ما يسمى "النظام التوافقي"، او سياسة الحكم بالتراضي سياسياً وامنياً واقتصادياً، قد حذّر في حديث له من ان استمرار الوضع على ما هو عليه هو اسرع طريق لتفجير البلد واسقاط صيغة الحكم والنظام الديموقراطي واتفاق الطائف، وان ما يجري اسقط نتائج الانتخابات وافقدها قيمتها لان قواعد اي نظام ديموقراطي تقتضي ان تحكم الاكثرية وان تبقى الاقلية في المعارضة. فالانتخابات تحصل لاستفتاء الناس حول صدقية المسؤولين وخصوصاً النواب ولمعرفة رأيهم في القضايا المطروحة على صعيد الوطن كله وان تقف اكثريتهم من هذه القضايا، والانتخابات مناسبة ليحاسب فيها الناس المسؤول وليمنحوا من يعتبرونه صادقاً في تمثيلهم وناجحاً في ادائه ثقتهم ليحجبوا هذه الثقة عن الفاشلين وعمن لا يمثل توجهاتهم. ففي الانظمة الديموقراطية قواعد ترعى الحياة السياسية ومنها ان الاكثرية التي تنجح في الانتخابات تتولى مسؤولية الحكم والاقلية تكون في المعارضة والمراقبة ودورها لا يقل اهمية عن دور من يتخذ القرار لانها تكون كالعين الساهرة على عدم مخالفة القوانين والخروج على المبادئ العامة، اذ ان هناك انتخابات كل اربع سنوات، فإذا كانت المعارضة على حق في مواقفها ينتخبها الناس. واليوم ماذا حل بالاكثرية التي انبثقت من انتخابات حرة نزيهة والتي كان عليها ان تحكم لكن الاقلية منعتها ليس بالسلاح ولكن بالقول "السلاح هنا" كي تخاف الاكثرية من استخدامه.

واضاف: ان الاقلية اذا رغبت في ان تشارك الاكثرية في الحكم فعليها ان تشارك على اساس برنامج الاكثرية وليس على اساس برنامجها هي، وليس لها الحق في ان تفرض شروطها بالنسبة الى عدد الوزراء واختيار الحقائب او المطالبة بالثلث المعطل او عدم طرح القضايا الاساسية في مجلس الوزراء قبل الاتفاق عليها وغير ذلك بما يعتبر خرقاً للدستور وتعطيلاً له. ان ما يجري من محاولة توفيق بين السعي لاحلال اجواء وفاقية في البلد وتكريس عرف، هو امر يخيف كثيراً وهو يحذر منه ويعيد التحذير، فحكومة تجمع التناقضات وبدون برنامج متفق عليه، لن يبقى معها نظام ديموقراطي ولن يبقى وفاق، وان لا يتم تشكيل حكومة الا اذا كان كل الناس فيها فعندها ينبغي ان ننعي لبنان وننعي النظام فيه لا بل الحياة المشتركة والعيش المشترك، وهذه افضل طريقة لتفجير المجتمع اللبناني. فالممارسة الديموقراطية شيء والتصادم شيء آخر. ففي كل الانظمة الديموقراطية تتصادم الافكار ويجري النقاش حولها ولكن بدون ان يحمل احد السلاح ضد الآخر وبدون ان يعطل اي فريق الحياة العامة في البلد. فالقاعدة ان يكون في الحكم فريق لديه برنامج وفريق خارج الحكم لديه برنامجه ايضاً واذا اجتمع البرنامجان المتناقضان او المختلفان في الحكم فهذا يعني تعطيلاً له، وهذا ما يجري حالياً بجمع الاطراف المتناقضة في توجهاتها وافكارها في حكومة واحدة فتكون كالحكومة السابقة، وزير فيها يعارض ويتهم زملاءه بالسرقة والفساد". وختم بالقول: "اذا فشل اللبنانيون في تشكيل الحكومة واقامة السلطة، فإنها تكون دعوة ضمنية مفتوحة لكل من لديه رغبة بأن يكون له دور او تأثير في لبنان وضع اليد على اللعبة السياسية، وهذا ما قد تريده سوريا لانه يحقق مصلحتها في العودة اليه بعدما خرجت منه، ويصير التصرف في لبنان وكأنه "بلد سائب او مال سائب"...

الواقع انه تم حتى الآن انتخاب رئيس للجمهورية ليس بموجب دستور الطائف بل بموجب اتفاق الدوحة الذي دعا الى انتخاب رئيس من غير 8 و14 آذار كي يكون توافقياً، فكان انتخاب العماد ميشال سليمان، وجرت انتخابات نيابية فازت فيها قوى 14 آذار بالاكثرية ورغم اعتراف قوى 8 آذار التي عادت اقلية، بنتائج هذه الانتخابات فإنها تصر على ان يتم تشكيل حكومة منها ومن الاكثرية وان يكون لها فيها الثلث المعطل سواء كان ظاهراً او خفيا، وان يكون لها عدد الوزراء الذي تريد والحقائب التي تريد والا فلا حكومة بل فراغ قد يطول لتملأه الفوضى السياسية والامنية والتي تعرّض الاوضاع الاقتصادية والمالية للانهيار.

واذا كان تطبيق النظام التوافقي بات مفروضاً كواقع في لبنان ودفن النظام الديموقراطي، قبل الاتفاق على ذلك، او لان لا ديموقراطية مع وجود المذهبية، فأن حكم الشراكة على هذا النحو قد يشكل خطراً على الوحدة الداخلية وعلى العيش المشترك عندما يكون مطلوباً الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق وبالتراضي وبالتزكية والا فلا انتخاب، وعندما يكون مطلوب ايضاً انتخاب رئيس لمجلس النواب بالطريقة نفسها، وتشكيل حكومة من الاكثرية والاقلية. رغم تناقض مواقفهما من القضايا الاساسية والا فلا حكومة، وان يصير انتخاب النواب بالتراضي والتوافق ايضاً والا فلا مجلس نواب، عندها يصح قول صحيفة الوطن السورية بأن "النظام في لبنان هو في حالة موت سريري" ويصبح المقال في صحيفة الرياض السعودية بقلم رئيس تحريرها تركي عبدالله السويري تحت عنوان: "لماذا لا يعود لبنان الى سوريا" دعوة تجد من يصغي اليها، رغم التوضيحات التي صدرت فيما بعد تفسيراً لذلك، ولا بد من التذكير بأن السيد عاصم قانصوه، وعندما كان اميناً عاماً لمنظمة حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان قال في حديث له الى مجلة "المستقبل" المتوقفة عن الصدور على اثر الغاء اتفاق 17 ايار ان الاتحاد الفدرالي مع سوريا هو الحل الاخير لازمة لبنان لان الحلول الاخرى هي حلول وسطية غير كافية لتخليص الوضع اللبناني ومشكلته الامنية والسياسية"...

اميل خوري     

emile.khoury@annahar.com.lb     

=========================

لبنان والشرق الأوسط في الصحافة الاسرائيلية

مواقف من مسوّدة اتفاق فيينا مع طهران:

انتصار لإيران وهزيمة نكراء لإسرائيل

رندى حيدر     

النهار

عكست الصحف أمس تشاؤم اسرائيل من مسوّدة الاتفاق الذي تم التوصل اليه في محادثات فيينا مع ايران. وعلى رغم التزام المصادر الرسمية عدم  التعليق  على الاتفاق، الا ان صحيفة "هآرتس" تحدثت امس في تقرير لها عن انقسام المسؤولين بين من اعتبر الاتفاق انجازاً، لأنه سيؤخر جهود ايران لامتلاك السلاح النووي سنة أو اثنتين، وبين من رأى أن القرار سيمنح ايران الضوء الأخضر لمواصلة تخصيب الأورانيوم.

أكثر من معلق اعتبر ما تحقق بمثابة انتصار لايران. وهذا هو رأي المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي. أما مراسل "هآرتس" تسفي برئيل، فرأى أن الاتفاق أخرج ايران من العزلة الدولية. وذهب معلق الشؤون الاستراتيجية في الصحيفة يوسي ميليمان الى أبعد من ذلك فقال ان الاتفاق هزيمة نكراء لاسرائيل، وكتب: "لا شك في ان الخيار العسكري ضد ايران بات بعيداً جداً. وقد تعرضت احتمالات قيام الولايات المتحدة بمهاجمة ايران لضربة قاسية، وذلك بعد مسودة الاتفاق على تخصيب الأورانيوم الايراني في روسيا وفرنسا. فاذا أُقر الاتفاق تكون ايران قد حققت انجازاً مهماً في حرب الاستنزاف والمماطلة التي تخوضها ضد الأسرة الدولية، والتي تهدف من خلالها الى دفع مشروعها النووي قدماً... سيتم تعليق الخيار العسكري لمدة تراوح بين سنة أو نصف سنة، هي فترة تطبيق الاتفاق. حيث ستقوم روسيا وفرنسا بتخصيب الأورانيوم لمصلحة ايران.

لقد منيت السياسة الاسرائيلية حيال ايران بهزيمة نكراء، ليس لأن الاتفاق أحبط امكان القيام بهجمات عسكرية، بل لأنه يؤجل فرض عقوبات قاسية على ايران كما تطالب اسرائيل. ومع ذلك يجب عدم تقليل أهمية الاتفاق. فهو يثبت أن ايران يمكن أن تخضع للضغوط الدولية، ويبعدها عن الأورانيوم المخصب سنة ونصف سنة... ولكن في حال أقدمت ايران على نقض الاتفاق واستمرت في تطوير خبرتها التكنولوجيه والمواد اللازمة لانتاج سلاح نووي، فان التقديرات الواقعية تشير الى أنه سيكون في امكانها انتاج هذا السلاح سنة 2014".

من جهة أخرى، رأى الصحافي أليكس فيشمان في "يديعوت أحرونوت" أن اسرائيل هي التي ستدفع ثمن الاتفاق مع ايران. وكتب: "اسرائيل هي التي ستدفع ثمن الاتفاق الدولي بشأن تخصيب الأورانيوم خارج أراضيها. وقد بدأ المسؤولون الأميركيون يعدون العدة لاحتمال ان يكون احد المطالب الايرانية مقابل الاتفاق فرض الرقابة الدولية على المنشآت النووية الاسرائيلية... لا شك في أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية المنتهية ولايته محمد البرادعي الذي تتهمه أجهزة المخابرات الغربية منذ فترة طويلة بالتعاون مع ايران، كان يُعلم الايرانيين بنية الأسرة الدولية فحص منشآتهم النووية، بحيث كانوا يعرفون سلفاً ما الذي يبحث عنه الغرب... من الواضح اليوم في حال توقيع الاتفاق أن اسرائيل لم تعد تملك خياراً عسكرياً ضد ايران، الا اذا قررت أن تُقدم على ذلك بمعزل عن العالم".

رندى حيدر     

randa.haidar@annahar.com.lb     

=========================

حيث المواجهة..

الافتتاحية

الخميس 22-10-2009م

بقلم رئيس التحرير أسـعد عبـود

يرى القاضي غولدستون أن تقريره الذي أقرّه مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة حول ما جرى في غزة, ومسؤولية إسرائيل عن جرائم ارتكبت وتعدّ على حقوق الإنسان يدعم عملية السلام ويقربها.

وفي رده على أسئلة صحفية حول التقرير, أشار بوضوح إلى «استمرار ما تعاني منه غزّة».‏

مبدئياً ردّ على الذين زعموا أن التقرير يعوق عملية السلام «أي سلام هذا».. وذكَّر بغزة.. وأكد أنه غير متراجع عما أورده، خلافاً لما ادعاه المندوب الإسرائيلي عن أقوال منسوبة لـ غولدستون في لقاء مع إذاعة جنيف.‏

الأهم من ذلك كله.. أن التقرير والقاضي ما زالا في المواجهة.. بل إن نتنياهو توعد التقرير ولم تخف إسرائيل غضبها على القاضي الذي يتعرض للكثير من الضغط..‏

على الرغم من ذلك، ومن كل المواجهات، ومن تراجع محتمل في عدد الدول التي صدّقت التقرير بسبب تأجيله ومن سوء النيات الأكيدة التي وصلت حدّ التآمر المفضوح في ذاك التأجيل.. نرى أنه -وبرمية من غير رام - أفادت مؤامرة التأجيل في إحداث هذا الاهتمام الدولي الشعبي والرسمي بما احتواه التقرير..‏

وبالتالي عمق من الخرق الذي أحدثه في جدار الادعاءات الإسرائيلية الكاذبة بأنها تريد السلام، وهو الجدار الذي أخذ يتهاوى أمام أعين العالم، ما يضع إسرائيل أمام مأزق حقيقي.‏

هي هزيمة لإسرائيل.. تحتاج إلى فعل عربي وإسلامي دقيق مثابر.. مستمر شجاع، كي يقابلها انتصار الحق العربي الفلسطيني أي انتصار القضية.‏

التقرير والقاضي يواجهان.. وأخطر ما يواجهانه أن نعتقد نحن فلسطينيين.. وعرباً.. ومسلمين وقوةَ سلام في العالم أن المهمة انتهت.‏

ومن يتوهم ذلك فعليه فقط أن يقرأ توعدات إسرائيل للتقرير والقاضي.‏

لقد استطاع التقرير أن يعيد طرح أوراق القضية، ويوسع آفاق عرضها ، إلى حدّ بعيد وأن يدفع العقل العربي للتفكير بمن مع ومن ضدّ..‏

وبالتالي هي فرصة لإعادة ترتيب العلاقات من خلال الهجوم بالتقرير لتقديم المجرمين إلى المحكمة.‏

هذا طرح جديد للقضية..‏

أو فرصة لطرح جديد يرى من خلاله العالم أي كذبة مثلتها إسرائيل خلال تاريخها.‏

الفرصة متاحة إن توفرت لدينا القناعة والنيات للفعل مجدداً بعيداً عما تركه الماضي في نفوسنا من خيبات مواقف دولية، هي في الحقيقة ما زالت تتجدد.‏

في العالم من لم يدعمنا.. وفيه من يؤيدنا.. لكن.. ليس فيه من لا يحسب حساب الموقف العربي الجاد الفاعل الناشط..‏

دون تردد ودون الإسراف في الحسابات.. يجب أن نتجه للجميع، من أيّد ومن رفض بكل أوراقنا لإعادة طرح القضية من خلال الجرائم الإرهابية التي يمارسها قادة كيان العدو..‏

كل القنوات مفتوحة.. مع كل الدول.. والمسألة لا تتطلب حرباً بل عقل.. وهو بالتأكيد متوفر.. لكن.. يجب أن يحدد اتجاهه إلى حيث المواجهة..‏

إذا كانت إسرائيل تزمع مقاومة التقرير وتوقيفه علناً.. فهل يعلن العرب أنهم وراءه بكل ما لديهم من علاقات مع دول العالم؟!.‏

a-abboud@scs-net.org

=========================

يوم الغذاء العالمي: الجياع في ازدياد

23/10/2009

 الخليج

مع استحواذ الأزمة المالية العالمية على اهتمام وسائل الإعلام، تستمر أزمة الغذاء العالمية في التأثير على ملايين الناس في أنحاء العالم . ويتوقع البنك الدولي ارتفاع عدد الذين يعانون من سوء التغذية بمقدار 44 مليون شخص هذا العام، بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والوقود، كما ورد في موقع برنامج ديمكراسي ناو الأمريكي، (17/10/2009) . وبذلك يرتفع عدد الجياع في العالم إلى نحو مليار شخص .

يقول جاك ضيوف، المدير العام لمنظمة التغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، “إن وسائل الإعلام قد أبرزت الأزمة المالية على حساب أزمة الغذاء . بينما تشكل الأزمة بالنسبة إلى مَن يعيشون على أقل من دولار في اليوم، مسألة حياة أو موت” .

وكما ورد في مؤشر الجوع العالمي (وهو أداة لقياس الجوع وسوء التغذية، ابتدعها المعهد العالمي لسياسة الغذاء) لسنة ،2008 فإن “ثلاثاً وثلاثين دولة في العالم، “بلغت في مستويات وفيات الأطفال، وسوء تغذية الأطفال، والمشاكل الصحية الأخرى المرتبطة بالصحة، حدّاً يُنذر بالخطر، أو ينذر بالخطر بدرجة مفرطة” .

وقد حثّ الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي أنان، الدول الغنية على أن تفعل المزيد لمعالجة المشكلة . وقال: “أرى أن الأزمة المالية أزمة جدية وخطيرة، وتستحق التركيز والعناية العاجلة، ولكن مسألة الجوع، التي تهدد ملايين البشر بالموت، تماثلها في ذلك” .

وذكرت وكالة الأنباء الصينية، “شينخوا”، أن جاك ضيوف، دعا يوم الجمعة، 16/،10 زعماء العالم إلى التوصل إلى “إجماع واسع على ضرورة القضاء التام والسريع على الجوع” عندما يجتمعون في روما في إطار مؤتمر الأمن الغذائي المقرر أن يُعقد في 16-18 نوفمبر/ تشرين الثاني .

وفي خطابه الافتتاحي السنوي لاحتفالات يوم الغذاء العالمي، حثّ ضيوف على زيادة الاستثمارات في القطاعات الريفية، وطالب دول العالم بزيادة نصيب الزراعة من مساعدات التنمية من النسبة الحالية التي تساوي 5% إلى 17% سنوياً، وهو المستوى الذي كانت عنده سنة 1980 .

وكان الموضوع الرئيسي في يوم الغذاء العالمي لهذا العام، هو “تحقيق الأمن الغذائي في أوقات الأزمة” . فالجوع العالمي، كما تقول مصادر منظمة التغذية والزراعة، آخذ بالتصاعد، وبخاصة في أعقاب أزمتيْ الاقتصاد والغذاء الأخيرتين . ومع الزيادة في عدد الجياع في سنة 2009 التي تُقدّر بنحو 105 ملايين إنسان، هنالك للمرة الأولى في تاريخ الجنس البشري، 02 .1 مليار إنسان في العالم،يعانون سوء التغذية، مما يعني أن سدس البشرية تقريباً يعاني الجوع .

وقد انتقد ضيوف عدم التوازن في المخصصات المالية التي تُفردها الحكومات، وقال “إن مبلغ ال 44 مليار دولار من مساعدات التنمية، الذي نحتاج إلى تخصيصه للزراعة، زهيد جدّا بالمقارنة مع مبلغ ال 365 مليار دولار، الذي أُنفِق سنة 2007 لدعم الزراعة في الدول الغنية، ومبلغ ال 1340 مليار دولار التي ينفقها العالم كل عام على التسلح، وترليونات الدولارات التي تم توفيرها في الحال لدعم القطاع المالي” . وقال ضيوف إن الدول المانحة، والدول النامية ومؤسسات المساعدة، عليها جميعاً الآن أن تركز على السياسات التي ستساعد ال 02 .1 مليار إنسان، الذين يعانون نقص الغذاء في العالم . ولمعالجة القضايا المتعلقة بالجوع، من الضروري إصلاح نظام إدارة الأمن الغذائي العالمي، واتخاذ إجراءات ملموسة على الفور . وأضاف أن نظام إدارة الأمن الغذائي غير فاعل، ولا منسَّق ليعالج أزمة الغذاء الحالية، والتحديات الجديدة التي سنُضطر إلى مواجهتها في المستقبل .

ويتركز الجياع في مناطق العالم الأكثر ازدحاماً بالسكان، حيث يبلغ عددهم في آسيا 642 مليوناً، وفي منطقة جنوب الصحراء الافريقية 265 مليون شخص .

وفي تقرير أصدرته في يوم الغذاء العالمي، المنظمة الخيرية البريطانية “آكشين ايد”، التي تعمل في أكثر من 40 بلداً، امتُدِحتْ البرازيل والصين، لجهودهما في معالجة مسألة الجوع، بينما تم توجيه اللوم إلى الهند وغيرها من الدول، لعدم فعل ما فيه الكفاية للتخفيف من حدة المشكلة، كما ذكرت البي بي سي، (16/10/2009) .

وقد صنّف التقرير الدول الغنية قائلاً إن لوكسمبورغ، تبذل أفضل الجهود في محاولة إنهاء الفقر العالمي، بينما تأتي الولايات المتحدة ونيوزيلندا في ذيل القائمة .

ويقول التقرير، ان الجوع “اختيار نصطفيه، وليس قوة تفرضها الطبيعة” . ويضيف قائلاً “يبدأ الجوع باللامساواة”، ثم يكبُر بعد ذلك، بسبب “السياسات المُجحفة التي تعامل الغذاء باعتباره سلعة محضة، لا حقّاً من الحقوق” . و”بسبب هذه السياسات، لم يعُد معظم الدول النامية يزرع ما يكفي لإعالته، كما بات مزارعو تلك الدول من بين أفقر الناس في العالم وأشدّهم جوعاً” .

 

ويضع التقرير البرازيل على رأس قائمة الدول النامية التي حققت تقدّما ملحوظاً في التعامل مع مشكلة الجوع، ويمتدح مساندة الرئيس دي سيلفا للإصلاحات الزراعية، وتخصيص مطابخ لإطعام الفقراء . ويقول التقرير: “ان نجاح البرازيل، يبيّن ما يمكن إنجازه عندما تجتمع للدولة الموارد، والإرادة السياسية لمعالجة الفقر” .

 

كما يُطري التقرير الهند على خفضها عدد الفقراء بمقدار 58 مليون شخص خلال 10 سنوات، عن طريق الدعم القوي الذي قدمته الدولة لصغار المزارعين .

 

ولكن التقرير ينتقد الهند الليبرالية من الناحية الاقتصادية، حيث ازداد عدد الفقراء فيها بمقدار 30 مليون شخص منذ أواسط التسعينات، كما ينقص وزن 46% من أطفالها عن المعدل الطبيعي . ويقول التقرير، إن سبب الجوع في الهند لا يرجع إلى عدم وجود الغذاء الكافي، بل لأن الناس لا يستطيعون الحصول عليه، وأن استغلال الموارد الطبيعية أدّى إلى “تهجير رهيب” للناس، وأوقع العديد منهم بين براثن الفقر .

وتأتي نيوزيلاندا في آخر قائمة الدول الغنية، وتُتّهم بإجراء عمليات خفض صارمة بوجه خاص، في مساعداتها الرسمية للزراعة .

وتليها الولايات المتحدة، التي وصفها التقرير بأنها “شحيحة” في مساعداتها لمزارعي العالم النامي . ويقول التقرير، إن في عنق الولايات المتحدة ديْناً ثقيلاً إزاء الدول النامية، بسبب ما تُحدِثه في هذه الدول من تغير مناخي، ولذلك، يجب عليها ان لا تتوانى في إيجاد التمويل اللازم لمساعدة الدول النامية على التكيف مع التغير المناخي، والالتزام بالتوصل إلى صفقة عالمية عادلة .

 

ويقول التقرير، ان مستوى الجوع في العالم، “من أشدّ الأمور إثارة للخزي في التاريخ الحديث”، وليس ثمة من سبب لبقاء أي فرد من دون غذاء . وتقول مديرة السياسة في المنظمة الخيرية المذكورة، “في كل ستّ ثوانٍ تمُرّ، يسقط طفل صريع الجوع . .وتلك فضيحة يمكن تفاديها لو اتخذت كل الحكومات إجراءً جدّياً محدداً” .

وقد كتبت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلنتون في صحيفة “ذي تايمز اوف انديا”، (16/10/2009)، أن الأمن الغذائي، مسألة تتعلق بالأمن أولاً وأخيراً . فالجوع المزمن يشكل خطراً على استقرار الحكومات، والمجتمعات والحدود . والناس الجياع أو الذين يعانون نقص التغذية، ولا يملكون ايرادات وعوائد، ولا يستطيعون الاعتناء بعائلاتهم، يشعرون باليأس والقنوط . ويمكن لذلك اليأس أن يؤدي إلى التوتر، والصراع، وحتى العنف . وقد اندلعت منذ سنة ،2007 أعمال شغب بسبب الغذاء في أكثر من 60 دولة في العالم .

وعلى الرغم مما ورد في تقرير “آكشن ايد” السالف الذكر، عن الولايات المتحدة في هذا الصدد، تقول كلنتون: إن إدارة اوباما تعتبر الجوع المزمن أولوية رئيسية لسياستها الخارجية . “وستنضم الينا دول أخرى في هذا المسعى . وقد التزمت الدول الصناعية الرئيسية بتقديم 22 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات لحفز النمو الاقتصادي وفي مقدمته الزراعة . وكنت قد استضفتُ مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في 26 سبتمبر/ أيلول، اجتماعاً لزعماء من أكثر من 130 دولة لحشد الدعم .

=========================

صدع بين الحلفاء القدامى

ديفيد برودر

الشرق الاوسط

أحد الألغاز المحيرة هذا العام أن التأييد الأولي واسع النطاق من جانب الشركات الأميركية لجهود إصلاح نظام الرعاية الصحية لم يترجم إلى أكثر من مجرد حفنة أصوات من جانب الجمهوريين داخل مجلسي النواب والشيوخ.

وجرت العادة على أنه عندما يقرر مجتمع الشركات التجارية رغبته في إقرار أمر ما في واشنطن، كان الجمهوريون يسارعون إلى الإنصات والاستجابة. المعروف أن حصة كبيرة من التمويلات التي يحصل عليها الحزب الجمهوري تأتي من قطاع الشركات. والواضح أن فلسفة الجمهوريين تخلق تناغما بينهم وبين من يعيشون في خضم عالم يقوم على التنافس داخل السوق.

عندما بدأ الجدال الذي شهده العام الحالي حول الرعاية الصحية، كان هناك كثير من الأسباب الداعية للاعتقاد بأن كثيرا من الشركات التجارية تخلت عن معسكر المعارضة الذي عاون في إفشال إصلاحات الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون التي طرحت عامي 1993 و1994. خلال السنوات التالية، تفاقمت تكاليف التأمين الصحي على كاهل الشركات، وكذلك الأفراد، بمعدل أسرع بكثير من التضخم، ما أجبر كثيرا من الشركات على تقليص مستوى التغطية التأمينية للعاملين لديها، بل والتخلي عنها تماما في بعض الأحيان. واشتكت شركات السيارات وكثير من الشركات الأخرى من أنها تخسر مكانتها التنافسية على صعيد المبيعات لصالح منافسين أجانب لا يتحملون عبء تكاليف التأمين الصحي. من ناحيته، أدرك البيت الأبيض بقيادة الرئيس الأميركي باراك أوباما هذه الفرصة وعمد إلى استغلالها عبر التواصل مع مجتمع الشركات التجارية، حيث عقد اتفاقات مع شركات دوائية وأطباء.

على امتداد الأيام القليلة الماضية، حثت شخصيات بارزة في الحزب الجمهوري، أمثال زعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ، بيل فريست، وحاكم ويسكونسن ووزير الصحة والخدمات الإنسانية السابق، تومي ثومبسون، وحاكم كاليفورنيا، آرنولد شوارزنيغر، حزبهم على مساندة نهج الإصلاح، بدلا من الرضا بالوضع القائم. إلا أن الرأي الأكثر شيوعا داخل ما سمعته يأتي من عضو الحزب الجمهوري بولاية ميسوري، روي بلنت، حيث قال: «لم تكن هناك أي ضغوط حقيقية من قبل الشركات» لدفع تشريع إصلاح الرعاية الصحية قدما. وأضاف أن «القادة (الديمقراطيين) في مجلسي النواب والشيوخ قالوا إنهم غير ملزمين بأية اتفاقات أبرمها البيت الأبيض».

من جهته، قال عضو الحزب الجمهوري من ميتشغن، فريد أوبتون: «لم أتعرض لأي جهود ضغط» من قبل أي من الشركات التجارية المناصرة لإصلاح الرعاية الصحية. وأضاف: «إنهم منشغلون بالعجوزات والديون». يذكر أن أوبتون يتميز بتوجهات معتدلة وتربطه صلات وثيقة بقطاع الشركات التجارية.

على الجانب الآخر، يطرح ممارسو جهود الضغط أمثال رئيس فريق العاملين بالبيت الأبيض في عهد إدارة ريغان، كين دبرستاين، وعضو مجلس النواب السابق، فين ويبر، وكارين إغناغني، التي تمثل جهات التأمين المعنية بالرعاية الصحية، أسبابا متنوعة للصدع بين قطاع الشركات التجارية والحزب الجمهوري. قال ويبر ودبرستاين إنهما سمعا أعضاء بالكونغرس من الجمهوريين يعربون عن نفورهم إزاء المجموعات التجارية التي أبرمت اتفاقات مع أوباما. أما إغناغني فأعربت عن اعتقادها بأن أعدادا متزايدة من المسؤولين التنفيذيين بالشركات التجارية باتوا أكثر حذرا حيال تحمل تكاليف الخطط الديمقراطية.

من ناحيتهم، قال المتحدثون الرسميون باسم «بيزنس راوندتيبل» و«لجنة التنمية الاقتصادية»، وهما مجموعتان تمثلان شركات تجارية سبق أن دعتا للإصلاح، إن كثيرا من العناصر الأخرى داخل القطاع التجاري يساورها القلق حيال تكاليف البرنامج المقترح. ويرفض آخرون من حيث المبدأ تكليف جهات التوظيف بتوفير تأمين أو الأفراد بشرائه.

أوضح أحد أعضاء جماعات الضغط المعنية بالمستهلكين والمؤيدة للإصلاحات أن الجمهوريين «ما زالوا يذكرون كيف أن هزيمة مقترح إصلاح الرعاية الصحية الذي تقدم به كلينتون مهدت الساحة لسيطرتهم على الكونغرس عام 1994. ويخوضون مغامرة الآن على أمل أن يعيد التاريخ نفسه». إذن ليس هناك عامل واحد فحسب، لتفسير التباين بين مواقف كثير من عناصر القطاع التجاري وأعضاء الحزب الجمهوري. الواضح أن بعض الجماعات التجارية المؤيدة للإصلاحات راجعت موقفها بعدما باتت صورة التشريع المقترح أكثر وضوحا.

ويرفض الجمهوريون داخل الكونغرس وجهات نظر الجهات التجارية المؤيدة للإصلاح، وذلك بسبب؛ إما شعورهم بالازدراء حيال حلفائهم السابقين الذين أبرموا اتفاقات مع الديمقراطيين، أو لعقدهم رأيهم على أن الرفض فحسب، ربما يعود عليهم بمكاسب سياسية أكبر.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»

=========================

إيران والعرب والمجتمع الدولي.. نقاط الضغط والتأثير

رضوان السيد

الشرق الاوسط

ما عانت إيران منذ الحرب مع العراق ما تعانيه اليوم. إذ هي تحس أنها محاصرة من الداخل (بالانقسام بعد الانتخابات)، ومن الخارج باللطف الأوبامي الأميركي (الذي زاد في الرقة حتى انفلقا)! أيام بوش ما كان الأمر كما هو الآن؛ فقد أفادت إيران من الإدارة البوشية في عهديها كليهما: في العهد الأول من موقع الصديق أو الحليف السري، وفي العهد الثاني لبوش أفادت الجمهورية الإسلامية من موقع الخصم المحفوظة حصته، والمشكلة معه ليست تلك الحصة، بل ما يريده من زيادات عليها، ومنها النووي! أما اليوم فالمصيبة في الرقة الأميركية المتناهية، والغموض الروسي، والغلاظة الفرنسية غير المبررة. ثم هناك العرب الأصدقاء الذين يوشكون أن يتحولوا إلى خصوم مثل سورية. فسورية تخطب ود أميركا وإسرائيل علنا، وإن تكن متمسكة بتركيا، باعتبارها شبكة أمان مفيدة. وكأنما لم يكف ذلك كله، فعلى مشارف التفاوض مع الدوليين على النووي والتخصيب من جديد، تعود منظمة «جند الله» البلوشية المتطرفة إلى العمل على الحدود بين باكستان وإيران وأفغانستان، وتنجح في اقتحام اجتماع لشيوخ القبائل الشيعة والسنة مع ضباط كبار من الحرس الثوري الإيراني، يسقط ضحايا فيه يناهز عددهم الأربعين، بينهم خمسة عشر ضابطا من الحرس الثوري، ومن ضمنهم جنرال هو نائب قائد القوات البرية بالحرس. وبالنظر للضيق الذي تعاني منه إيران، فقد كان هناك من قال إنها سترفض القبول بشروط التفاوض، وإن تكن قد أظهرت قبولا في الشهر الماضي. كما كان هناك من قال إن ضغوط التهديد، وضغوط تشديد العقوبات (للمرة الرابعة)، كل ذلك سيدفع إيران لحني الرأس للعاصفة مؤقتا، حتى ترى كيف تنتقم من الدوليين ومن العرب فيما بعد في ظروف أكثر ملاءمة.

والذي أراه، وبغض النظر عن أهداف البرنامج النووي الإيراني، فإن إيران اختارت المزاوجة بين أمري الشدة واللين، وليس في النووي فقط، بل وفي الاقتصادي والاستراتيجي ومسائل العلاقات الثنائية والجماعية مع العرب. فبالنسبة للتفاوض في جنيف، لن ينتهي الأمر في هذه الجولة، وسيعود الدوليون مرة وربما مرتين لاستحثاث إيران بالكشف عن نواياها لجهة إنتاج النووي واستعماله. وإيران من جهتها ستماطل في المفاوضات دون أن تقطعها، وهي متعلقة بأمرين: التركيز على نشاطات الخصم ـ وهو في هذه الحالة إسرائيل ـ والتركيز على «دول الاعتدال العربي» (= دول التضامن العربي) من حيث نشر الاضطراب من حولها، ونشر بقع التفجير بداخلها وجوارها. والواقع أن الولايات المتحدة لا تريد إعطاء إيران شيئا في النووي، كما أنها لا تريد إعطاءها شيئا غرب الفرات. ولأن الطرفين يعرف كل منهما الآخر جيدا وباستمرار منذ نحو ثلاثين عاما، فليس من المنتظر أن ظهر موقف متحمس لحماس، والآخر للسلطة الفلسطينية خلال الأيام القادمة، وإنما من المنتظر أن تظل إيران مؤثرة في الموقف الأخير لحماس من المصالحة. ولا شك أن حماسا محرجة جدا الآن. فمن جهة اضطرت في الشهور الأخيرة إلى وعد المصريين جازمة بالتصالح والمصالحة. ومن جهة ثانية ليس هناك بدائل إن قررت حماس نقض الهدنة مع إسرائيل، أو شن هجوم صاروخي عليها. ولذا، واستجابة لأمر إيران حماسا بالتمهل انتظارا لنتائج المفاوضات، زعمت حماس أولا أنها لن تصالح فتحا والسلطة، لأن السلطة خانت بالموافقة على تأجيل تقرير غولدستون. فلما عاد التقرير على الطاولة وأقر بأكثرية 25 صوتا، اختلفت أسباب حماس لتأجيل المصالحة. فمنهم من قال لأن هناك ملاحظات سقطت من النسخة الأخيرة. وهناك من قال إن ها هنا ملاحظات لا نوافق عليها نحن ولا التنظيمات الأخرى، ولذلك لا بد من إبلاغها لمصر لترى رأيها قبل المصالحة. وقد رفضت مصر المحاولات والشروط، ودعت الفريقين الفلسطينيين للتوقيع الفوري. ولما فعلت ذلك فتح ولم تفعله حماس، غضب المصريون واتهموا حماسا بشتى التهم ومن بينها الإصغاء لدول عربية (دولة قطر)، وأخرى إقليمية (إيران). والواقع أن إيران هي التي تمثل الآن دور الرفض والممانعة، ولذلك فالمطلوب تأخير المصالحة الفلسطينية لإثبات النفوذ والتأثير، وإزعاج العرب، وربما إزعاج الأميركيين إذا عاد التوتر بين حماس وإسرائيل أو بين إسرائيل وحزب الله.

وإذا كانت حماس وكان الملف الفلسطيني نقطة ضغط وتأثير في يد إيران، فكذلك الأمر في الملف العراقي، أو بعبارة أخرى انفجار العلاقة بين العراق وسورية. وقد استمات الأتراك في محاولات التهدئة والإرضاء. لكن في زيارة أردوغان الأخيرة إلى بغداد، وتوقيع نحو خمسين اتفاقا، كان هناك من قال: نحن مستعدون لتوقيع خمسين اتفاقا آخر مع تركيا، لكننا لن نقبل وساطتها لحل المشكل مع سورية لأنه مصطنع، وعلى سورية أن تتصرف وليس تركيا!

وما تؤثر به إيران في إزعاج سورية لاندفاعها باتجاه الولايات المتحدة، وتصالحها مع السعودية، تؤثر به أكثر في لبنان. إذ عندها في لبنان حزب الله وسلاحه والتحالفات التي نسجها في السنوات الأخيرة على الساحة اللبنانية. والمعروف أن سعد الحريري، المكلف من مجلس النواب (الذي يملك أكثرية فيه) يحاول تشكيل حكومة منذ أربعة أشهر دون جدوى. وكان يظن أن سورية لا تريد، لكنها عبرت عن تأييدها للحريري بوسائل شتى بعد زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز لدمشق. على أن التأييد السوري ما سرع في تشكيل الحكومة، لتعمد حزب الله وحليفه الجنرال عون إظهار نفوذهم، وتعلق العرقلة والتشكيل معا بهم وليس بسورية.

وكما بدت الامتدادات الإيرانية في السنوات الأخيرة عنيفة أحيانا في العراق ولبنان وفلسطين، فإنها تبدو كذلك الآن في اليمن. فالحوثيون يعلنون دون تحرج عن استنارتهم بالنموذج الإسلامي الثوري في إيران، ووسائل الإعلام الإيرانية تنقل أخبارهم يوميا بالتفصيل. والواضح من حركتهم المستميتة أمران: محاولة اصطناع استقلالية لإقليم صعدة باسم المذهب (الشيعي) الزيدي، ومحاولة التمركز على الحدود السعودية إظهارا من إيران لنفوذها هناك، كما فعلت مع مصر من خلال حماس وغزة. وما كتمت وسائل الإعلام الإيرانية ـ كما سبق القول ـ دعم إيران للحوثيين، لكنها في المدة الأخيرة تشن حملات عنيفة على السعودية بحجة أنها تساعد الحكومة اليمنية في «حرب الإبادة» على الحوثيين.

تكشف إذن حركة إيران المتعددة الأوجه نحو المجتمع الدولي امتداداتها في العالم العربي، والتي اصطنعتها خلال العقدين الماضيين، وصارت حقيقة واقعة أيام الرئيس بوش الابن. فهناك ظاهرة حزب الله بلبنان، وهناك النظام الجديد بالعراق بشتى أطرافه، وهناك الحوثيون باليمن، وهناك الحماسيون والجهاديون بغزة، وهناك أخيرا إمكانيات تفجر العلائق المتوترة مع سورية.

ولكي يكون واضحا ما نقصده، فإن التفاوض مع الولايات المتحدة والغرب لا يشمل النووي وحسب، بل رزمة من الموضوعات والاهتمامات من جانب الطرفين. ولا يجوز اعتبار تطورات الملف النووي هي الحاكمة وحدها في طرائق استعمال إيران لامتداداتها العربية أو الإسلامية. فالواضح مثلا أن العلائق بالحوثيين وبحماس ليس لها مستقبل، ولذا فالذي أرجحه أن تستخدم إيران الأمرين بقوة الآن لاستنفاد كل الإمكانيات المتاحة فيهما. أما في العراق فتملك إيران نفوذا باقيا يبدو أن الولايات المتحدة تسلم به. وقد تستخدمه ضد سورية إذا تطورت علاقات سورية بالعرب الكبار (السعودية ومصر) وبالولايات المتحدة. وكذلك الأمر في تنفذها من خلال حزب الله بلبنان. إذ إنها تهدد من خلاله إسرائيل، كما تهدد العرب بنشر الاضطراب في بلد عربي مثلما فعلت وفعل الحزب خلال السنوات الماضية. وهكذا فهناك مناطق للتبادل مع الغرب ومع الولايات المتحدة. وهناك مناطق جرى التسليم من جانب الولايات المتحدة لإيران بها. وإذا كانت الصفقة الشاملة (على النووي وغير النووي) مستبعدة، فإن معنى ذلك أن الامتدادات الإيرانية بالعالم العربي سوف تستخدم بالتقسيط وحسب المصلحة وبالتدرج. ولدينا الآن وقائع لا يمكن تجاهلها: بدء التفاوض مع الغرب على النووي، وستحرص إيران على عدم انقطاعه أو وصوله إلى نتيجة حاسمة؛ فبذلك تأمن من زيادة العقوبات ومن تهديدات الحرب. والواقعة الأخرى: التوتر مع السعودية أو الجفاء على الأقل، والحذر والترقب الواصل إلى التوتر مع سورية. والواقعة الثالثة: التفجير الكبير الذي جرى ضد الحرس الثوري في بلوشستان. وهذا إشارة ذات دلالات، وتعني من ضمن ما تعنيه أن من يستخدم العنف ضد الآخرين يمكن أن يستخدم العنف ضده، كما تذكر إيران بوجود إثنيات ومذهبيات كثيرة على أرضها يمكن أن تضطرب وتثور، مثلما ثارت أو اضطربت الأقليات الشيعية المستثارة في العالم العربي. والواقعة الأخيرة في هذا السياق: أن المنطقة العربية لا تزال ـ لأسباب متعددة وليس بسبب إيران وإسرائيل وحسب ـ عرضة للانقسامات والاضطرابات، في الظروف المختلفة والمتباينة. وبذلك يمكن القول إن هناك حالة مسيطرة من الضعف والهشاشة، تتيح تحويلها إلى مناطق نفوذ للجوار، وللقوى الكبرى في العالم.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ