ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 22/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الوطن السعودية :الشاعر الإسباني أنطونيو جالا: آتي إلى دمشق طفلا مولعاً بمعرفتها

دمشق: علي العائد

قال الشاعر والروائي الإسباني أنطونيو جالا في أمسية شعرية أعدت له في مكتبة الأسد بدمشق، مساء أول من أمس، وحضرها نائب رئيس الجمهورية نجاح العطار: إنه يأتي إلى دمشق طفلاً يرغب بمعرفتها منذ أن عرف نفسه.

وأضـاف جالا: إن من يحمل وردة إلى دمشـق كمن يحمل رملاً إلى الصحراء، لكن وردتي خاصة جداً. إنها وردة قرطبية، ولن أفعل شيـئاً غير أنني سأردها إلى موردها.‏ وتابع الشـاعر الإسباني: دمشق أكثر روميـة مـن رومـا، وأكثـر كونية منها، وأكثر ديمـومة وتقلباً وانسـجامـاً من أي مدينـة على وجـه الأرض، وأكثـر امـتلاء بالحيوية الساطعة.

وختم بالقول: لقد احتفظت بقطعة صلصال صغيرة كسبابتي، ووقفـت متواضعاً أمام كتـابتـها الأوغـاريتية، ففيها أبجدية العالم الأولى. وبالنسبـة لشخص تقتصر حياته على الكتابة.. لا توجد روعة أعظم.‏

ثم ألقى الشاعر الإسباني عدداً من القصائد التي تصور إعجابه بحضارة سوريا وتراثها، بدأها بقصائد عن دمشق ومعلولا، ثم عن حلب وقاسيون ليلاً، التي قال فيها:

الحياة التي تنبض في سفح الجبل

هذا الغناء المتلألئ والأخرس للحباحب الأخضر

والورود البيضاء والذهبية

أفكر بك أيتها الملاك مبهوراً بليل

كلما اشتد حلكة ازددت انبهاراً.‏

وانتقى جالا من كتابه (شهادة أندلسية) الـذي تمـت ترجمته إلى العربية مؤخراً عدداً من القصائد، من بينها (جبال قرطبة الحمراء ـ الوادي الكبير ـ في سان لوكار).

يذكر أن لأنطونيو جالا روايات شهيرة مترجمة إلى العربية، منها: (المخطوط القرمزي) التي يحكي فيها عن أبي عبدالله الصغير آخر ملوك بني الأحمر في غرناطة، و(الوله التركي) التي تعالج الموضوع الشرقي، ويخص فيها سوريا بالذكر، حيث يتحدث عن تاريخ حلب ودمشق. ومن رواياته أيضاً (غرناطة بني نصر) التي يتحدث فيها عن المدينة العربية الأندلسية

==============================

الحياة :طريق إيران إلى السلاح النووي طويلة

الاربعاء, 21 أكتوبر 2009

دايفيد ايغناتيوس*

نقلت مجلة «نوكلييونكس» الاسبوعية، في عددها الصادر في الثامن من الشهر الجاري أن اليورانيوم الايراني القليل التخصيب، وهو حلقة من حلقات تصنيع قنابل نووية، غير نقي، وأن الشوائب فيه قد تُعطل أجهزة الطرد النووية الإيرانية، في حال حاول الايرانيون زيادة تخصيب اليورانيوم القليل التخصيب وإعماله في صناعة القنبلة. وقد تكون هذه المشكلة وراء الانفراج النسبي في المفاوضات بجنيف، مطلع الشهر الجاري، وقبول ايران نقل تخصيب 1500 كلغ من اليورانيوم القليل التخصيب الى الخارج.

وجاء في التقرير أن الشوائب في اليورانيوم، وهي نوع من المركبات المعدنية الفلورية metallic fluoride compounds قد تؤثر في عملية تخصيب اليورانيوم في مفاعل نتانز. وفي حال صح ما تنقله المجلة، قد يكون البرنامج النووي الايراني في حال سيئة لم يحتسبها المراقبون. وعليه، ليست ايران النووية مصدر خطر وشيك. فالوقود الملوث الذي أنتجته ايران لا يصلح لتصنيع أسلحة نووية. والمشكلة هذه ترتب على ايران العودة الى الخانة الصفر لتخصب اليورانيوم تخصيباً خالياً من الشوائب. وتخصيب اليورانيوم غير النقي قد يدمر أجهزة الطرد المستخدمة في العملية. وفي جعبة شركة «آريفا» الفرنسية تكنولوجيا ومعدات تنقي اليورانيوم القليل التخصيب من أوساخه.

ولجأت ايران الى المجتمع الدولي لتنقية الوقود النووي، وتخصيبه في الخارج تخصيباً لا يتعدى عتبة الاستخدام المدني. وأظهرت الخطوة هذه أنها في مثابة تنازل وقرينة على استعدادها للتعاون مع المجتمع الدولي، في وقت لم تملك هي بديلاً عن مثل هذه الخطوة.

ولكن كيف بلغت الشوائب طريقها الى اليورانيوم الايراني؟ وهذا سؤال محير وملغز. ويبدو أن المشكلة برزت في مفاعلات أصفهان حين تحويل اليورانيوم الخام أو الصافي الى حال غازية قبل تخصيبه. ولم تنزع الموليبدينوم وغيره من الطفيليات من اليورانيوم. ولكن من اين أتت ايران بالعتاد «المعطوب» الى مفاعلات اصفهان؟ وأغلب الظن أن المشكلة هذه تؤرق بال الايرانيين، وأن الايرانيين يتساءلون أي أجزاء من مفاعلاتهم لن يطول الامر بها قبل أن تتعطل. وتبعث هذه المشكلة والاسئلة المترتبة عليها مشاعر الارتياب في صفوف الايرانيين، شأن تسرب خبر المنشأة النووية في قاعدة الحرس الجمهوري، على مقربة من قم. وقد تكون أشواط مديدة أمام ايران قبل أن تحوز القنبلة النووية. فاليورانيوم الايراني المخصب قد يلحق الضرر بأجهزة الطرد، في حال حاولوا تخصيبه لتصنيع قنبلة.

* صحافي ومعلق، عن «واشنطن بوست» الاميركية، 16/10/2009، إعداد منال نحاس

==============================

الحياة : الحروب الباردة... ولِّت

الاربعاء, 21 أكتوبر 2009

عبدالله غل *

وقعت تركيا وأرمينيا، في زوريخ العاشر من تشرين الأول (أكتوبر)، اتفاقين («بروتوكولين») في رعاية ممثلين أجانب، أميركيين وروس وأوروبيين. ورعاية هؤلاء التوقيع ليست أبداً قرينة على تدخل أو إلحاح أجنبي. فسياستنا ترمي الى إرساء الاستقرار والأمن في هذه المنطقة، والى بناء علاقات متينة وحسنة بجيراننا، وحل المشكلات العالقة بيننا. ولكننا نشكر الذين ساعدونا على بلورة هذه العملية، ونعلن امتناننا لهم. ومفتاح كسر الجمود هو اقتناعنا بأن أمن القوقاز هو المدخل الى التنمية والازدهار. فزمن الحروب الباردة ولى وانتهى. والدول كلها حريصة على تلبية حاجات شعوبها وسكانها، وتسلك طريق التعاون. والحق أن النزاعات الخامدة قد تستفيق وتشتعل في أي وقت، على ما رأينا في الحرب التي اندلعت فجأة بين روسيا وجورجيا. وعليه، ينبغي التصدي لمشكلات القوقاز وحلها. وينتظر تنفيذ البروتوكولين موافقة البرلمانين، التركي والأرمني، على توقيع وزيري الخارجية. وفي هذا المعرض، يقول المثل التركي: «من صفت نيته كان حصاده على حسب نيته». وآمل أن تصفو نية الجميع.

وفتح الحدود هو مقدمة الى إرساء علاقات طبيعية في المسائل كلها. ونأمل أن يتخطى حسن علاقات الجوار بين تركيا وأرمينيا نظيرها بيننا وبين اليونان! فخطؤنا في سبيل منتدى السلام والتعاون والاسقرار في القوقاز تشمل أرمينيا. ونحن لا نزن الاتفاق في ميزان التنازلات والمساومات، وإلا فاتنا تحقيق السلام، وهو غايتنا. فما يتقدم التنازلات والمساومات، ويفوقها أهمية، هو الرؤية البعيدة الأمد والشاملة. ولا ريب في أن الاتفاقين الموقعين لا يتطرقان إلى مسألة كاراباخ، حيث ترابط قوات أرمينية إلى اليوم. واحتلال بلد أراضي بلد آخر ينبغي ألا يقبل به أحد أو يرضاه. والحوار هو السبيل إلى حل المسألة. والمبدأ الذي أدعو إليه هو على الدوام: «علينا أن نوسع رؤيانا!» فلماذا لا تعمد أرمينيا وآذربيجان إلى تحسين علاقاتهما الواحدة بالأخرى؟

وأما أراء الأرمن وخلافاتهم الداخلية فليس من صلاحياتي إعلان رأي فيها. ولكنني أريد توجيه نداء الى التعاون. والأرمن المقيمون في بلدان الشتات المتفرقة بعيدون من أرمينيا. وإذا رغبوا في مساندة أرمن أرمينيا، فعليهم مساندة العملية الديبلوماسية والسياسية. وكنت أود ألا أقول إن من ينعم بحياة هانئة في واشنطن أو باريس، يسير عليه ألا ينشغل بمصير إخوانه بأرمينيا، وألا يقضّ مضجعه مصيرهم! ولو أقام الألمان والفرنسيون على بعث ذكريات العداوة بين بلديهم لما تصالح البلدان، ولما خطت أوروبا خطوات على طريق الوحدة، على ما هي حال اليوم.

ونحن لا نتكتم على اختلاف نظرتينا إلى الحوادث التاريخية الماضية، (المسألة الأرمنية). ولكن مبادرتنا إلى فتح أرشيفنا التاريخي، وأرشيفنا العسكري جزء منه، قرينة على ثقتنا بأنفسنا. ونحن ندعو إلى تحكيم لجنة مؤرخين تضم اختصاصيين من بلدان غير بلدينا في المسألة، ونلتزم خلاصاتها. وليس ثمة رابط بين سياستنا بإزاء أرمينيا وبين سياستنا بإزاء الاتحاد الأوروبي. فسياستانا في الموضوعين مستقلتان الواحدة عن الأخرى. ولم يذهب تفكيرنا إلى الاتحاد الأوروبي حين انتهجنا سياستنا بإزاء أرمينيا.

* الرئيس التركي، عن «لكسبريس» الفرنسية، 15/10/2009، إعداد و. ش

==============================

الحياة :درس سياسي من تقريري غولدستون وتاغليافيني

الاربعاء, 21 أكتوبر 2009

أندريه لييبيش *

لا يقتصر الشبه بين تقرير غولدستون عن حرب غزة، وتقرير السفيرة السويسرية هايدي تاغليافيني عن حرب جورجيا، على عدد صفحاتهما الستمئة في الحالين، ولا على نبرتهما الهادئة وسعيهما في الحياد. فكلاهما يبذل وسعه في سبيل تقويم المسؤوليات وتقديرها عما يتعلق بأسباب انفجارهما أو بطريقة قيادتهما وإجرائهما. ويسوغ عدد التفاصيل، والتدقيق في الوقائع وتقليبها ظاهراً وباطناً، استظهار المتحاربين بالتقرير، والزعم أنه يُميل كفة الحق إليه ويدين خصمه.

وحمل هذا الصحافة على إبراز تقاسم كلا المتحاربين، في النزاعين، المسؤولية عن النزاع. فأعلن مكتب الأمم المتحدة الإعلامي نشر تقرير غولدستون وإذاعته تحت العنوان التالي: «بعثة الأمم المتحدة تخلص الى تحميل الجهتين المسؤولية عن جرائم حرب في غزة»، واقتفت الصحف أثر المكتب الإعلامي.ولكن إسرائيل لم تكن من هذا الرأي. فبادرت السلطات والرأي العام والصحافة الإسرائيلية الى التنديد بالتقرير تنديداً عنيفاً وحاداً. وفاقمت يهودية القاضي غولدستون وميوله الصهيونية، والتزامه العميق قضية إسرائيل، المسألة. فكتب كاتب افتتاحية الصحيفة «سبيكتاتُر» البريطانية، وهي معروفة بميلها الى إسرائيل: «انقلاب ريتشارد غولدستون الأخلاقي»، وسأله كاتب موقع «ذا أوجيين ستايبلز»: «ماذا جرى لهذا الرجل؟».ً.

وأما معيار اختيار اللجنة الأوروبية السفيرة تاغليافيني على رأس لجنة تقصي الحقائق في حرب جورجيا، فمختلف. فالديبلوماسية المجربة ذات خبرة طويلة بالقوقاز، وتمثل بلداً محايداً وغير منتسب الى الاتحاد الاوروبي، فلا ينم تعيينها بانحياز، من وجه، ولا يتحمل عضو من دول الاتحاد الأوروبي المسؤولية عن تقصيها وتحقيقها. وعلى رغم هذا، فأصداء تقرير تاغليافيني شديدة الشبه بأصداء تقرير غولدستون. وذهبت الصحف الى أن التقرير يحمل الطرفين المتحاربين مسؤولية مشتركة عن نزاعهما.

وعلى خلاف الشبه بين الأصداء الصحافية في الحالين، تباينت مواقف الأطراف المعنية بالنزاعين. ففي حال جورجيا، رفع الطرفان عقيرتيهما بإعلان الانتصار. فنقلت صحيفة تركية أسبوعية، «توركيس ويكلي»، عن وزير جورجي قوله: «تقرير تاغليافيني يثبت استعدادات روسيا للحرب». ونقلت وكالة الصحافة الروسية، «ريا»، رأي وزارة الخارجية الروسية: «العدوان على أوسيتيا الجنوبية: تبليسي هي المسؤولة». وخلصت «نيو زورخير زايتونغ» الى أن كلا الطرفين يزعم أن التقرير يثبت رأيه.

ومضمون التقريرين ليس السبب في اختلاف أصدائهما، فالتقريران يتركان مسائل كثيرة من غير جواب. وهما لا يوصدان الباب في وجه تأويلات تتعدى الوقائع الكاتبة على نحو صارم، أو في وجه تناول الاستنتاجات من طرق مختلفة. وصرح القاضي غولدستون الى صحيفة «تيكّون» الأميركية اليهودية والتقدمية أن تقريره لا ينكر حق إسرائيل في استعمال القوة العسكرية دفاعاً عن نفسها، وعن سكانها المدنيين، من الصواريخ.

وهو يذهب، على زعمه الذي فاجأ بعض قرائه، الى أن تقريره لا يتهم إسرائيل بتعمد قتل المدنيين. وأما السفيرة تاغليافيني فتميز مراحل الحرب واحدة من الأخرى، وتوزع اللوم على الروس والجورجيين معاً. وتحمل السفيرة المجتمع الدولي التبعة عن ترك الحال المتغيرة بين البلدين تتردى منذ وقت طويل. ويحمل تقرير السفيرة الروس على المعتدين منذ تجاوزهم الدفاع عن أوسيتيا الجنوبية الى التوغل في الأراضي الجورجية. ولا يغفل الحوادث التي تنم باستفزازات الروس واستخفافهم وعدوانهم.

وعلى خلاف تقرير غزة، تزعم روسيا وجورجيا تبني التقرير عن حرب جورجيا، وتقران بمشروعيته. وإسرائيل امتنعت من التعاطي مع لجنة غولدستون، ولم تجز لها دخول أراضيها. وعوّلت إسرائيل على حرمان التقرير من الصدقية. وأخطأت إسرائيل الحساب. فمعظم الرأي العالمي يقر للتقرير بالأمانة والصدق والحياد بين الطرفين المتحاربين، فلو أقرت إسرائيل للجنة بالصلاحية الأدبية لوسعتها الاستفادة من النتائج التي تسوغ، ولو جزئياً، مسلكها. ولوسعها التعلل بصدقها ورغبتها في التعاون. والإجابة بـ «حاضر» خير من التغيب.

* خبير، عن «لو طان» السويسرية، 17/10/2009، إعداد و. ش.

==============================

الحياة :احتضار الدولار اشاعة

الاربعاء, 21 أكتوبر 2009

مارتن ولف *

حلّ موسم الذعر من الدولار. ويذهب صقور الضرائب وغيرهم الى أن الدولار الأميركي، العملة المهيمنة منذ الحرب العالمية الأولى، يلفظ أنفاسه الأخيرة. وعلى رغم أن ما يسوقونه من قرائن يفتقر الى المنطق، يشوب النظام المالي العالمي، والدولار الأميركي عموده الفقري، شوائب.

وفي موجة الذعر الأخيرة، سارعت الدول الى الاحتماء بالولايات المتحدة، وكأنها في مثابة والدة لهم، على رغم أنها أسهمت في اندلاع الأزمة. فارتفعت قيمة الدولار. وعندما عادت الثقة الى الأسواق، انخفضت قيمته.

وبين تموز (يوليو) 2008 وآذار (مارس) 2009، ارتفع سعر الدولار 20 في المئة، ثم بدأت قيمة الدولار تنخفض، وخسر ما حازه من ارتفاع. وعليه، يبدو أن عَرض انهيار قيمة الدولار حميد. وليس مؤشراً الى إخفاق وعجز.

ولكن هل ثمة مؤشرات الى قرب طي العالم هيمنة الدولار الأميركي، على ما يزعم من ينعونه، ويقولون أن ارتفاع أسعار الذهب هو المؤشر الى احتضار العملة الأميركية؟ ولكن المؤشر هذا لا يعتد به في رصد مخاطر التضخم المالي. فأسعار الذهب ارتفعت ارتفاعاً كبيراً في كانون الثاني (يناير) 1980، عشية انحسار التضخم. وأسعار الذهب العالية هي مرآة مخاوف السوق، وليس مرآة أحوالها وواقعها.

والحق أن مصدر الخطر المحدق بالاقتصاد العالمي ليس التضخم المالي، بل الانكماش. وليس هبوط سعر الدولار مسألة طبيعية وسائرة فحسب، بل ثمة فائدة ترجى منه. فهو يقلص مخاطر الانكماش،

ويسهم في تقويم اختلال «التوازن العالمي»، وهذا من أسباب الأزمة. وأسهمت الاستثمارات الأجنبية في تقليص مخاطر الأزمة.

ولا شك في أن اليورو هو العملة الوحيدة التي في وسعها مضاهاة الدولار، ومنافسته على مكانته. ولا يسع العملة الصينية الحلول محل الدولار، قبل تحرير سعر صرف اليوان وإرساء أسواق سيولة مالية راسخة. و 65 في المئة من الاحتياط العالمي هي بالدولار الأميركي، و25 في المئة باليورو. وقد يتغير التوازن هذا تغيراً بطيئاً. ومخاطر انهيار الدولار ضئيلة. واحتمال استبداله بعملة أخرى لا يعتد به ولا يُذكر. ولكن اعتماد النظام المالي العالمي على عملة بلد واحد هو مسألة شائكة. فالمخاطر ترتفع، منذ اتفاق «بريتون وودز2» الى اليوم.

وأدى النازع الى مراكمة احتياط العملات الى عجز في رصيد (ميزان المدفعويات) الولايات المتحدة. واثر الأزمة المالية في التسعينات، لجأت دول نامية الى ربط نمو الاقتصاد بنمو الصادرات لتحصين أنفسها من الأزمات. فتراكمت ثلاثة أرباع احتياط العملات العالمية، في عقد واحد، ما أدى الى اضطراب طويل الأمد. وينظر القادة الصينيون بعين القلق الى مخاطر تقلص قيمة احتياط الدولار الصيني الكبير. وهم يلجأون الى سياسة تفاقم الأزمة، وتدور في حلقاتها. ويدعمون الدولار دعماً منفلتاً من عقال لحماية قيمة السندات الخارجية المحلية. وليس التدخل لضبط قيمة الدولار في الخارج من صلاحيات الاحتياط الفيديرالي الأميركي.

والحق أن البحث عن بدائل عن النظام الحالي حان وقته. فدور الدولار الأميركي العالمي ليس في مصلحة الولايات المتحدة. فهو يقوض الاستقرار المالي المحلي الأميركي والعالمي معاً.

* معلق الصــحيفة الاقتــــصادي، عن «فايننـــشل تايــمز» البريطانية، 14/10/2009، إعداد م. ن

==============================

الحياة :كوشنير وإرجاء الزيارة إلى إسرائيل

الاربعاء, 21 أكتوبر 2009

رندة تقي الدين

يستحق وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير التهنئة لأنه ألغى زيارته الى إسرائيل والأراضي الفلسطينية. فهو لم يخضع لارادة اسرائيل التي كانت تريد منعه من التوجه الى غزة.

وهذا الوزير الذي يحظى بشعبية كبرى في فرنسا والعالم لإنسانيته وتعاطفه مع المآسي، تأخر في الحقيقة في زيارة غزة التي شهدت كارثة إنسانية وحرباً إسرائيلية لا مثيل لها.

ان مأساة غزة وما نتج منها من سقوط ضحايا مدنيين واستمرار الحصار والإغلاق، تحتاج فعلاً الى أكثر من زيارة لمسؤول غربي مثل كوشنير. فكوشنير المعروف بلقب "الدكتور الفرنسي" كان دائماً في طليعة زوار الأماكن الصعبة حيث المآسي والحروب. وهو دائماً سريع التحرك الى الأماكن التي تحتاج الى التضامن الإنساني، ولكن "الدكتور" كوشنير لم يتمكن حتى الآن من زيارة غزة. والسبب هو التعنت الإسرائيلي الذي منعه من ذلك، إضافة الى أن كوشنير لم يكن راغباً في زيارة قطاع يقع تحت نفوذ إسرائيل وأيضاً حركة "حماس".

فإلى متى تستمر إسرائيل بهذا النهج؟

القاضي اليهودي ريشار غولدستون أقر بكل موضوعية ولمصلحة بلد يحبه، بمسؤولية الجيش الإسرائيلي عما حدث في غزة كما أقر بمسؤولية بعض عناصر "حماس".

وعندما نرى مأساة الطبيب الفلسطيني عز الدين أبو العيش، الذي فقد بناته الثلاث خلال القصف الإسرائيلي الوحشي على غزة، نتساءل عما إذا كان مسموحاً لإدارة الرجل الذي حاز على جائزة نوبل للسلام، باراك أوباما، ان تصوت ضد تقرير غولدستون؟ فهذا الطبيب الفلسطيني الذي كان يعالج إسرائيليين قرب تل أبيب، لأنه مسالم ولأنه يريد ممارسة مهنته من دون استثناء أحد من مرضاه وقع ضحية القنابل الإسرائيلية. ودعوة عز الدين أبو العيش للتعامل مع الآخر بشكل إنساني ينبغي أن تكون مثالاً للدول التي تجد باستمرار تبريرات لما تقوم به إسرائيل.

ولفرنسا موقف مميز مقارنة مع الولايات المتحدة حيث أنها كانت دائماً أقل انحيازاً الى إسرائيل. إلا أنها اليوم، ومع طموح رئيسها نيكولا ساركوزي للعب دور على المسار السلمي، تتخذ مواقف غير مفهومة، فتتغيب عن التصويت خلال جلسة اللجنة الدولية لحقوق الإنسان، كي لا تصوت ضد تقرير غولدستون مثل الولايات المتحدة.

والسؤال هو لماذا كان ينبغي أن تصوت فرنسا ضد القرار ولماذا امتنعت عن الحضور؟

الأوساط تقول انها رغبت بالمزيد من الوقت لكي يتم تعديل قرار خلط بين تقرير غولدستون وغيره من ممارسات إسرائيلية. لكن الحجة ضعيفة لأن تقرير غولدستون هو حول الممارسات الإسرائيلية وهو تقرير موضوعي أقرت باريس أنه جدي. لكن باريس رأت في توصيات القرار نواحي تقنية وقضائية لا علاقة لها بالسياسة.

إلا ان تقرير غولدستون بمضمونه وتوصياته يفضح حقائق وجرائم إسرائيلية تريد الدول الغربية غض النظر عنها. فهي لا ترغب بالتوصيات لأنها تفرض نفسها على من يتحمل مسؤولية الأفعال.

ان مأساة غزة هي مأساة بشرية عززتها الممارسات الإسرائيلية، فكم هناك من ضحايا على نمط ما حدث لعائلة الطبيب عز الدين أبو العيش؟

عندما يدور الحديث مع أي مسؤول غربي عن سبب عدم معاقبة إسرائيل على كل انتهاكاتها للقوانين الدولية، ينظر الى محاوره كأنه مناضل وإيديولوجي لا علاقة له بسياسات الدول لأن العقوبات على إسرائيل أمر مستحيل.

فأوروبا تريد إراحة ضميرها نتيجة جريمة المحرقة بحق اليهود، لكنها لا تساعد إسرائيل على ضمان مستقبلها، فهي تعزز شعور الدولة العبرية بأنها فوق العقاب وان باستطاعتها المضي في نهجها الحالي.

واليوم وبعد إرجاء جولة كوشنير الى المنطقة رسمياً بسبب تعذر تحديد المواعيد المطلوبة، فإن السبب المبطن والذي امتنعت عن إعلانه الأوساط الرسمية هو ان إسرائيل لا تحبذ زيارة كوشنير لغزة. وهناك أيضاً قضية تقرير غولدستون التي تشغل الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب وتحرج الغرب.

فالوزير الفرنسي صاحب شخصية إنسانية، ولا يمكنه أن لا يزور غزة في حال توجه الى إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وأفضل الحلول كان ان يعدل عن الزيارة ويتجنب مشكلة ديبلوماسية مع إسرائيل.

==============================

هناك في واشنطن من يعرف أصول اللعبة / خيرالله خيرالله

الرأي العام

هناك وجه آخر لفلسطين في واشنطن. وجه يحترمه الأميركيون كما يحترمه العالم المتحضر، هذا الوجه الفلسطيني الذي يمكن أن يحقق اختراقاً داخل الولايات المتحدة نفسها يعمل تحت مظلة اسمها «فريق العمل الأميركي من أجل فلسطين». قبل أيام، مساء الخامس عشر من اكتوبر الجاري، أقام فريق العمل الذي يرأسه الدكتور زياد عسلي عشاءه السنوي في أحد الفنادق الكبرى في العاصمة الأميركية. كان المشهد من النوع الذي يستحق التوقف عنده لأسباب عدة... في مقدم الأسباب حضور الجنرال المتقاعد جيمس جونز مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي وقوله في كلمته التي اختتم بها العشاء أنه جاء لتمثيل باراك أوباما، وهذا يعكس في طبيعة الحال الأهمية التي يوليها الرئيس الأميركي للقضية الفلسطينية من جهة، ومدى استعداده للذهاب بعيداً في جهوده الهادفة إلى تحقيق تسوية في الشرق الأوسط من جهة أخرى.

في وقت يتردد كلام كثير عن تراجع إدارة أوباما في شأن الاستيطان، تحدث الجنرال جونز الذي يعرف الضفة الغربية عن ظهر قلب، كما يعرف الفلسطينيين والإسرائيليين وطبيعة النزاع، عن «انهاء الاحتلال الذي بدأ في العام 1967». لا يمكن في طبيعة الحال الاستخفاف بمثل هذا الكلام، خصوصاً بعد تأكيد جيمس جونز أنه جاء إلى العشاء ممثلاً لباراك أوباما وليس بصفته مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي فقط. أراد أن يقول ان هناك سياسة محددة للإدارة تقوم على أن ما يرسم حدود الدولة الفلسطينية الخطوط التي كانت قائمة في العام 1967 قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية. وهذا يعني في طبيعة الحال أن حدود الدولة الفلسطينية لا ترسمها المستوطنات، أو على الأصح المستعمرات الإسرائيلية، وهو ما يطمح اليه بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي لا يريد السماع بمفاوضات فلسطينية- إسرائيلية، بل يعمل كل ما يستطيع من أجل أن تكون هناك شروط إسرائيلية تمنع أي فلسطيني من الدخول في مفاوضات أو حتى ولوج بابها.

على النقيض من الموقف الإسرائيلي، كان الجنرال جونز واضحاً كل الوضوح في تأكيده أن هناك احتلالاً إسرائيليا للضفة الغربية وأن الحل يكون بقيام دولتين على أرض فلسطين. تكمن أهمية ما يقوم به «فريق العمل الأميركي من أجل فلسطين» في أنه يعمل في اتجاه دفع القضية الفلسطينية إلى أمام من خلال النظام المعمول به في الولايات المتحدة. مثل هذه السياسة تنفع في المواجهة مع إسرائيل في المكان الذي يوفر لها أكبر مقدار ممكن من الدعم على كل المستويات وفي كل الميادين. ليس صدفة ان العشاء السنوي لـ «فريق العمل الأميركي من أجل فلسطين» كان تحت شعار «فلسطين في محاذاة إسرائيل: الحرية، الأمن، الازدهار». لم يكن مطلوباً في أي شكل الدخول في صدام مع الأميركي. كان مطلوباً تأكيد واقع يتمثل في أن الفلسطيني هو الضحية وأنه ضحية الاحتلال تحديداً. لفظ الرئيس أوباما بواسطة أحد أبرز مساعديه كلمة «احتلال». المشكلة في الاحتلال وفي كيفية التخلص منه، لن يتخلص الفلسطينيون من الاحتلال من دون جهود، تبذل على الأرض الفلسطينية وفي واشنطن نفسها على وجه التحديد، تستهدف تأكيد أن الأرض الفلسطينية ستكون أرضاً آمنة وأن الانسحاب الإسرائيلي لن يؤدي إلى إقامة قاعدة لـ «القاعدة» في فلسطين أو إمارة على الطريقة الطالبانية، نسبة إلى «طالبان»، كما حصل في غزة. كل ما يريده الفلسطينيون هو السلام والعدالة والحرية والازدهار، والعيش بأمان وسلام مع المحيطين بهم.

كانت الرسالة واضحة. كانت رسالة دعم لما تقوم به السلطة الوطنية في الضفة الغربية ولجهود الحكومة الفلسطينية المنبثقة عن السلطة برئاسة الدكتور سلام فياض. ولذلك، شهد العشاء تكريماً لشخصيات فلسطينية وعربية وأميركية على علاقة بكل ما هو حضاري، كان هناك تكريم للدكتورة نجاة عرفات خليل عالمة الفيزياء النووية وابنة نابلس، وزوجها وزير الطاقة والمناجم الجزائري السابق شكيب خليل، وللطبيب الفلسطيني الدكتور فؤاد جبران، والدكتور شبلي تلحمي. وكان هناك اعتراف بما قدمه ويقدمه فلسطينيون وأميركيون من أجل قضية السلام... وبين هؤلاء السفير روبرت بلليترو الذي مثل الجانب الأميركي في أول لقاء رسمي بين الولايات المتحدة و«منظمة التحرير الفلسطينية» قبل عشرين عاماً. كان هناك باختصار وجه آخر لفلسطين في واشنطن دي. سي، عاصمة العالم من الناحية السياسية.

أظهر الفلسطينيون أنهم شعب يؤمن بثقافة الحياة وأن لديهم ما يقدمونه غير العنف والكلام عن إلغاء الآخر، أظهروا أن ليس في استطاعة العالم أن يظل صامتاً عندما يتعلق الأمر بالاحتلال، أظهروا أخيراً أن ليس من العدل في أي شكل المساواة بين الضحية والجلاد. أكثر من ذلك، اثبتوا لمن يعنيه الأمر في الولايات المتحدة أنهم الضحية، وانه ليس صحيحاً انهم لا يؤمنون سوى بالإرهاب كما تدعي إسرائيل وحكومتها الحالية على وجه الخصوص، وهي حكومة تمارس إرهاب الدولة عندما تتمسك بالاحتلال. ولكن ما قد يكون أهم من ذلك كله، أنهم أكدوا بما لا يقبل الشك أنهم باتوا يعرفون اصول اللعبة داخل الولايات المتحدة نفسها، تقوم اللعبة على التحرك من داخل النظام المعمول به. انها مجرد بداية مشجعة أن يباشر الفلسطيني التحرك من داخل النظام الأميركي، تماماً كما تفعل إسرائيل ومن يناصرها. في النهاية، من يلعب من خارج النظام، يبقى على هامشه ولا يصل يوماً إلى التأثير على مركز القرار في واشنطن. لا يمكن بالطبع المبالغة على صعيد ما تحقق فلسطينياً... لكن رحلة الألف ميل تبدأ دائماً بخطوة!

خيرالله خيرالله

كاتب وصحافي لبناني مقيم في لندن

==============================

ميا فارو تتحدث عن الرعب الذي يتملك اطفال غزة

الوطن الكويتية

القدس (ا ف ب) - عادت الممثلة الاميركية ميا فارو الاحد الى الولايات المتحدة يرافقها شبح طفلة حدثتها بصوت خافت عن تدمير منزلها ومقتل احبائها في حرب غزة.

وقالت الممثلة البالغة الرابعة والستين في مقابلة اجرتها معها وكالة فرانس برس بعدما انتهت من زيارة لاسرائيل والاراضي الفلطسينية استمرت اسبوعا بصفتها سفيرة للنوايا الحسنة لمنظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) "لقد بدا الخوف على وجهها وتحدثت بصوت خافت..عن الظلم".

واكدت الممثلة انها لن تنسى ابدا وجه الطفلة البالغ الثانية عشرة التي حدثتها عن "اللحظة التي دمر فيها منزلها وقتل الناس". وتحدثت فارو كذلك عن زيارتها لمستشفى في غزة "حيث اضطر الاطباء الى اتخاذ قرار صعب جدا لاخراج رضع لا يزيد وزنهم عن كيلغرام واحد لعدم توافر عدد كاف من الحاضنات وعدم القدرة على الحصول على قطع غيار".

ويخضع قطاع غزة لحصار محكم تفرضه اسرائيل بعدما سيطرت حماس على المنطقة الفقيرة البالغ عدد سكانها 1,5 مليون نسمة، في حزيران/يونيو 2007.

وفي كانون الاول/ديسمبر 2008 شنت اسرائيل هجوما عسكريا مدمرا في محاولة منها لوقف اطلاق الصواريخ من القطاع على اراضيها. وقتل في الهجوم الذي استمر 22 يوما 1400 فلطسيني و13 اسرائيليا.

واضافت فارو "ثمة انطباع كبير بان القيادات في المنطقة اخفقت في كل شيء على حساب الفقراء والاطفال والمسنين والابرياء". وزارت فارو كذلك مدينة سديروت الاسرائيلية الهدف الرئيسي للصواريخ التي تطلق من قطاع غزة الذي تبعد كيلومترات قليلة عنه.

وقالت انها سمعت عن اطفال في سديروت (20 الف نسمة) لا ينامون الليل ويستفيقون مرعوبين. واضافت "الخوف هو الخوف ولا يريد احد ان يعيش اطفاله في الخوف. لكن ثمة فرقا كبيرا بين ما حصل في سديروت وما حصل لشعب غزة".

واوضحت "اعتبر ان الرد الاسرائيلي كان مبالغا به ومنافيا لكل القوانين الدولية والحد الادنى من اللياقة". وتشير الى انه في سديروت ثمة ملاجئ وصفارات انذار وقد وقعت اصابات اقل بكثير بالمقارنة مع غزة.

في المقابل في غزة "لم يكن امام الناس اي مكان يلجأون اليه. والهجمات كانت تأتيهم من الجو والبر والبحر. هذا امر لا يمكن تخيله سكان يبلغ عدد 1,5 مليون نسمة يعيشون في رعب مطلق".

لكن الممثلة حثت الفلسطينيين على وقف اطلاق الصواريخ باتجاه اسرائيل "فكل صاروخ تطلقونه يزعزع موقفكم. توقفوا فانكم بذلك تخسرون المعركة الاخلاقية".

وكانت ميا فارو عارضة سابقة ومثلت في اكثر من 40 فيلما بينها 13 الى جانب وودي آلن. وهي ام ل14 طفلا بينهم عشرة تبنتهم ومدافعة كبيرة عن حقوق الطفل منذ عدة سنوات.

==============================

الخليج :هل يستحق أوباما "نوبل للسلام" فعلاً؟    

غيلين غرينوالد

عندما طالعت صحيفة “نيويورك تايمز” وقرأت نبأ فوز أوباما بجائزة نوبل، كانت ردة فعلي الأولية والتي أجزم أنها كانت نفس ردة فعل أناس كثيرين غيري، هي أن هذا النبأ مجرد مزحة خرقاء انتقلت بالخطأ عبر مواقع الإنترنت . حصول أوباما على نوبل، يعتبر بالنسبة لي ولكثيرين سواي، مجرد نكتة أطلقها أحدهم وتحولت إلى حقيقة .

 

شخصياً أعتقد أن أوباما على الرغم من انتقاداتي له في ما يتعلق بالحريات المدنية وسياساته تجاه الإرهاب أظهر رغبته في إحداث “تغيير” بناء في سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وفي بعض المناسبات يستحق أوباما الثناء عليه لاتخاذه خطوات في طريق السلام العام الذي تقدم جائزة نوبل لمن يسهمون في تعبيده .

 

أوباما غير نبرة الصوت واللهجة التي كانت الولايات المتحدة تخاطب بها العالم عامة، والعالم الإسلامي خاصة . وقد كانت كلمته في القاهرة ومقابلته مع قناة تلفزيونية عربية في الأسبوع الأول لتنصيبه، ثم إرساله شريط فيديو يخاطب فيه إيران بلهجة تصالحية، مؤشرات قوية على النهج الجديد الذي يتعامل به أوباما مع العالم الإسلامي، وبالإضافة لذلك أبدى أوباما رغبته في التفاوض مع إيران عوضاً عن تهديدها وتعنيفها . ويحاول أوبما التمهيد للانفكاك من تبعية بوش ل”إسرائيل” وكسر سياسة الخنوع والرضوخ الكامل التي ميزت عهد بوش مع “إسرائيل”، ومارس أوباما ضغطاً على “الإسرائيليين” لوقف الأنشطة الاستيطانية، وقد جعله ذلك عرضة لمخاطر سياسية محلية وحملات استهداف خبيثة تسعى لتشويه سمعته، وقد كان رؤساء أمريكا من قبله يخشون الضغط على “إسرائيل” كي لا يتعرضوا لمثل هذه الحملات والمخاطر .

 

ومنذ اليوم الأول له على كرسي الرئاسة، أصدر أوباما أوامره بإغلاق غوانتانامو ومنع التعذيب ظاهرياً على الأقل، وأمر كذلك بإغلاق مواقع ال”سي .آي .إيه” السوداء، وقد كانت أوامر أوباما هذه بمثابة إشارات رمزية ذات دلالات إيجابية على العالم (على الرغم من أن الافعال التي تبعت تلك الإشارات الرمزية حولتها لرموز خاوية وجعلتها مجرد كلام منمق وخاوي يفتقر للتنفيذ الحقيقي) . كذلك رفض أوباما دعم قادة الانقلاب اليميني- ساحقي الحريات المدنية- في هندوراس لمجرد كونهم مناوئين لشافيز وحلفاء لأمريكا، وبذلك اختار أوباما الوقوف في جانب غالبية حكومات أمريكا اللاتينية وهذه خطوة لم يكن بوش أو ماكين ليقدما عليها أبداً، وكنتيجة لكل الخطوات المبدئية التي اتخذها أوباما والتي ذكرتها آنفاً، تقدمت الولايات المتحدة في استطلاع عالمي نشرت نتائجه مؤخراً، من المركز السابع للمركز الأول على “لائحة أكثر الدول نيلاً للإعجاب” .

 

بعد كل الذي ذكرناه، نرى أن هذه التغييرات ما هي إلا خطوات أساسية تمهيدية لا تخرج عما هو متوقع إذا أخذنا في الاعتبار أن أوباما لايزال في مرحلة مبكرة من رئاسته ولم يمض سوى تسعة أشهر في منصبه . ولذلك نلاحظ أن شعبية أوباما ازدادت في أوروبا الغربية، بينما في العالم الإسلامي لم يحدث تغيير يذكر، في ما يتعلق بصورة الولايات المتحدة في أذهان الناس، وبعد نشر نتائج الاستطلاع الدولي في يوليو/تموز الفائت، قالت مجلة “دير شبيغل” الألمانية “بينما تبدي أوروبا حماساً متقداً لأوباما لا تظهر أي علامات تقدم في المناطق التي تواجه فيها الولايات المتحدة المصاعب الكبرى في سياستها الخارجية”، فالناس الذين يعيشون في الأماكن التي طالما دمرتها الأسلحة الأمريكية لا يملكون ترف الانبهار بالعبارات المنمقة والخطب المعسولة فهم لن يصدقوا أن الولايات المتحدة ستتغير حقيقة من دولة صانعة حروب إلى دولة سلام ما لم تكن هنالك إشارات حقيقية ملموسة على أرض الواقع، تحمل في طياتها سمات تغير فعلي في سياسة الولايات المتحدة تجاه العالم الإسلامي . ولذلك استحقت لجنة جائزة نوبل الاستهزاء والسخرية بيد أن افتقار أوباما للإنجازات الحقيقية الملموسة، ليس هو السبب الأبرز الذي يدفع الكثيرين ويدهشهم من منحه جائزة نوبل، فثمة سياسات وبرامج أشرف عليها أوباما تعتبر بكل المقاييس معاكسة تماماً للسلم، فأوباما لم يكتف بتصعيد حرب أمريكا على أفغانستان، بل زاد على ذلك بأن أصدر أوامره بتنفيذ غارات جوية، دمرت القرى الأفغانية وخلفت آلاف الضحايا المدنيين فكيف ينال شخص يأمر بتصعيد الحرب وشن الغارات الجوية على المدن والقرى جائزة نوبل، وفي نفس السنة التي أمر فيها بتوجيه تلك الغارات والضربات الصاروخية الرهيبة؟

 

أوباما أشرف أيضاً على مواصلة الحرب الأمريكية في العراق، حيث لم تحدث عملية انسحاب فعلية من ذلك البلد، ولم ينبس ببنت شفة لمعارضة المذابح “الإسرائيلية” في غزة، تلك المذابح التي استخدم فيها الجيش “الإسرائيلي” أسلحة أمريكية، ومؤخراً خلص محقق من الأمم المتحدة إلى أن هذه المذابح ترقى لمرتبة جرائم الحرب، بل تعتبر جرائم ضد الإنسانية .

 

وعلى الرغم من تغير اللهجة تجاه إيران إلا أن إدارة أوباما تشدد مراراً وتكراراً على حفاظها على خيار قصف ذلك البلد، وإذا شنت الولايات المتحدة حرباً على إيران ستكون الحرب الثالثة على دولة مسلمة، وبذلك تكون أمريكا في حالة حرب مع ثلاث دول مسلمة تحت رئاسة أوباما .

 

وإلى جانب ذلك، يبذل أوباما كل ما بوسعه لحماية بلاده من أي شكل من أشكال المحاسبة على ما اقترفته من جرائم حرب خلال الأعوام الثمانية الأخيرة، وفي سبيل تحقيق ذلك، كاد أوباما أن ينتهك التزامات وتعهدات بلاده القانونية الدولية . وهو يشرف حالياً على توسيع الفجوة القانونية السوداء، وفي سجن باغرام، وفي الوقت نفسه يطالب بشدة بأن يكون لبلاده الحق في خطف الناس من كل أرجاء العالم وترحيلهم إلى باغرام واعتقالهم هناك لفترات غير محددة من دون توفير أي حقوق لهم .

 

صحيح القول بأن أوباما ورث هذه الصراعات ولم يشنها ولكن باستطاعته إنهاؤها وتغيير الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع العالم، تغييراً حقيقياً بالأفعال وليس بالكلام . ولو فعل ذلك فحينها يستحق جائزة ضخمة، ربما حتى جائزة نوبل للسلام، ولكنه لم يفعل شيئاً من ذلك .

 

ويبدو أنه على الأقل قد يفعل العكس، فهاهو يصعد احتلال أفغانستان الذي دخل عامه الثامن، ويقود العراق نحو مزيد من الصراع، ويشرف على مواجهة خطرة مع إيران، ويواصل نهج كثير من سياسات بوش/تشيني تجاه الإرهاب، والتي لطخت صورة الولايات المتحدة وشوهتها أمام العالم .

 

ويقود أوباما- وهذه ليست خطيئته- دولة صانعة حروب هائلة، تنفق على جيشها ما يقارب انفاق كل دول العالم مجتمعة، على تسليح جيوشها، والولايات المتحدة مسؤولة عن ما يقارب 70% من كل مبيعات الأسلحة العالمية . ونحن نحتل ونحارب حالياً، “دولتين” مسلمتين وأوضحنا بجلاء، ادخارنا “حق” مهاجمة بلد مسلم “ثالث” .

 

وأي شخص يحدث تغييرات حقيقية على هذه الحقائق سيصبح حينها رجل سلام بالفعل، وبالطبع ليس منطقياً أن نتوقع إحداث أوباما تحولاً سحرياً يغير الوقائع في تسعة أشهر فقط، وهو بالتأكيد لم يفعل ذلك، وعلى عكس المتوقع منه تماشى أوباما مع غالبية هذه السياسات الأمريكية السيئة وأشرف على المضي بها، رغم أنه قد يثور نقاش حول ما ارتكب من أخطاء في الماضي، ومدى مسؤولية أوباما عما يجري، ولكن في الوقت نفسه إذا دققنا النظر فلن نجد إنجازاً يذكر على صعيد السلام- حتى الآن على الأقل- بل على العكس يقود أوباما الكثير من السياسات المعاكسة للسلام . وهذا ما يجعل هذه الجائزة تبدو مهزلة مؤلمة تثير الرثاء .

 

لنعد قليلاً الآن للوراء، ونتذكر كيف كان الحزب الجمهوري يسعى بطريقة مقززة لتشبيه الليبراليين واليساريين بالإرهابيين بأن يقول بتطابق وجهات نظر الإرهابيين والليبراليين في قضية محددة، وكان الجمهوريون يقولون مثلاً إن اليساريين يعارضون الحرب في العراق تماماً مثلما تعارضها القاعدة أو أن خطب ابن لادن حول “إسرائيل” تتطابق مع رؤى “المخرج والمنتج السينمائي اليساري” مايكل مور .

 

ويبدو أن الديمقراطيين درسوا وأتقنوا وتبنوا تكتيكات الجمهوريين وها هو براد ود هاوس مدير الاتصالات في الحزب الديمقراطي، يقول في مقابلة مع صحيفة “بوليتيكو” إن الحزب الجمهوري اصطف مع الإرهابيين، وانتقد أوباما على تلقيه جائزة نوبل بطريقة أشبه بانتقادات حماس وطالبان التي سمعناها هذا الصباح على الجائزة، وأضاف ود هاوس قائلاً “الجمهوريون يقدمون السياسة على الوطنية” .

 

وهكذا، يبدو وفقاً للحزب الديمقراطي ان من ينتقد منح نوبل لأوباما يصبح شخصاً يفتقر للوطنية وكارهاً لأمريكا .

 

* ناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان في الولايات المتحدة وله مؤلفات عدة حول السياسة الدولية وحقوق الإنسان أبرزها كتابيه “كيف يعمل المحارب؟” و”تركة مأساوية” ويتحدث في الكتابين عن مساوئ عهد بوش

==============================

نصدق ليبرمان    ميشيل كيلو

الخليج

قال وزير الخارجية “الإسرائيلي” إنه لا توجد إمكانية لتحقيق السلام مع الفلسطينيين في السنوات المقبلة. وهو صادق في ما قاله، رغم أن من سيحرجهم كلامه من ساسة العرب سيقولون، على جاري عادتهم، إنه يتكتك، أو يبعث برسائل كاذبة إلى العالم ليرفع ثمن القبول “الإسرائيلي” بالسلام، أو يناور ليضع حكومته أمام تصلب داخلي لا تستطيع التراجع عنه دون خسارة شعبيتها لصالح حزبه، أو يكذب ليظهر بمظهر الشخص الأكثر تمسكاً بمصالح “إسرائيل”، حيث لا تني الاتجاهات المتطرفة تزداد تطرفاً فيها، جاعلة من الصعوبة بمكان الرجوع عن سياسات الاحتلال والاستيطان، فمن الطبيعي أن يحاول وزير خارجيتها، بصفته من غلاة المتطرفين الأكثر تشدداً، تصعيد تحديها للعالم، قبل تبلور حل نهائي للمسألة الفلسطينية، بيد أمريكا المقتدرة.

 

كعادته، سيجد العقل السياسي العربي السائد مسوغات لكلام ليبرمان تحرفه عن قصده الأصلي، وتعتبره كلاماً عابراً مما يصدر عادة عن الصهاينة، يخفي مآرب تتصل إما بالصراعات الداخلية “الإسرائيلية”، أو بالسعي اليميني العنصري الصهيوني لإفشال سياسات الولايات المتحدة الجديدة في الموضوع الفلسطيني. وستحاول السياسات المعبرة عن هذا العقل أن تكرر هذه المرة أيضاً ما سبق لها أن فعلته مئات وآلاف المرات، حين نسبت مقاصد لأقوال وسياسات العدو تجافي مقاصدها الحقيقية، لتوهم رعاياها العرب أن ما يقال لا يستحق أن يؤخذ على محمل الجدية، ولا يستوجب تعديل أو تغيير سياسات العرب حيال فلسطين، وأن أمريكا ستدبر أمر من يتشدقون بأقوال متشددة من “الإسرائيليين”، وهم زمرة قليلة من المتطرفين، لا تقرر سياسات بلدها وليس لها غير تأثير جزئي ومحدود عليها، فلا يجوز تصديقها، وإلا دخلت سياساتنا في دائرة ردود أفعال تسيء إلى مصالحنا العليا، وفاتها خدمة قضايانا العادلة.

 

هل كان ليبرمان يكذب ويعبّر هذه المرة أيضاً عن سياسات حزبه المتطرف؟ وهل قال ما قاله لاعتبارات تتصل بصراعات داخلية فقط؟ أعتقد أن من الهبل تجاهل ما قال الوزير النازي أو اعتباره مجرد رأي شخصي لا يمثل سياسة “إسرائيل” الرسمية، ولا تعبر عن إجماع الأحزاب والمؤسسات الصهيونية، وتالياً عن إجماع وطني يتخطى أي تشكيل حزبي أو سياسي جزئي.

 

ليبرمان يقول الحقيقة، مثلما كان يقولها من قبل وايزمان وبن غوريون وشاريت وبيجن ودايان ورابين ونتنياهو وشارون وأولمرت، لكن العقل السياسي العربي السائد رفض دوماً تصديقهم، وانساق وراء وهم الأسباب الحزبية التي أملت تصريحاتهم، مع أن الوقائع كذبت استنتاجاته كل مرة، وبينت أن ما قاله هؤلاء اليوم صار غداً حقيقة الواقع “الإسرائيلي” والعربي. لكن الفهلوة العربية تواصلت، وتواصل بسببها اعتقاد سياسيينا أن حسابات “الإسرائيليين” هي نتاج اعتبارات ضيقة تشبه اعتباراتهم هم، وأنها تنصب جميعها، في ما وراء مظهرها الخارجي العام، على مصالحهم الشخصية، الخاصة والمباشرة، فلا يجوز أن نضفي عليها دلالات ومعاني تتجاوز حقيقتها،

 

وإلا وقعنا في كمائن مضللة، وعجزت أعيننا عن رؤية ما خلفها، فاستبدلنا جزئيتها بعمومية وهمية لا وجود لها في الواقع، واقترفنا أخطاء فادحة أضرت أفظع الضرر بنا.

 

عندما كان “الإسرائيليون” يقولون الحقيقة، توهم ساستنا أنهم يكذبون ويخادعون، وأن من الحكمة عدم تصديقهم. وعندما كانوا يكذبون، اعتقد ساستنا أنهم يقولون الحقيقة، وأن الحكمة تقتضي تصديقهم. وفي الحالتين استغفلنا أنفسنا، أو فاتنا فهم ما يحدث، ودفعنا ثمناً باهظاً بدا قليل الأهمية في نظرنا، نحن الذين نرى في محاسبة المسؤول فكرة غريبة عنا، نعدها مساً شنيعاً بكرامتنا الشخصية وعزتنا الوطنية.

 

ثمة، في ما يتصل بتصريح ليبرمان، فارق مهم بين ما يحدث اليوم وما كان يحدث بالأمس القريب. اليوم، لم تعد القضية الفلسطينية شأناً عربياً، لقد صارت قضية محض فلسطينية وحسب، أعفت الحكومات العربية من تصديق أو تكذيب الصهاينة أو من اتخاذ موقف من تصريحاتهم. المشكلة أن الفلسطينيين تبنوا موقف العرب وصاروا يتعاملون مع تصريحات الصهاينة باعتبارها جزئيات تتصل بمواقف حزبية داخلية، ولا تعبر عن حقيقة سياستهم ومراميها العملية، رغم أن نتائجها ملموسة يمكن رؤيتها في كل مكان من أرض فلسطين.

 

لا يصدق ساستنا ليبرمان، كي لا يفعلوا شيئاً من أجل فلسطين. لكن المواطن العربي يصدقه، ربما لكون مصالحه ليست من النوع الذي يتطلب تخليه عن عقله. يصدقه مواطننا العربي، الذي يرى انعكاسات ما قاله في الأراضي العربية المحتلة وتجاه شعب فلسطين. ويعتبرها بحق نتيجة لما بلغته الأوضاع العربية من انحطاط يطلق أيدي الصهاينة فينا، ويشجعهم على تهديد وجودنا المتلاشي، الذي لم يكن قريباً في أي وقت مضى من حافة الهاوية كما هو قريب منها اليوم.

واشنطن تكافئ الكيان بأضخم مناورات مشتركة اليوم

==============================

الخليج : فضيحة تجسس "إسرائيلية" جديدة في أمريكا    

واشنطن - حنان البدري:

أعلنت الولايات المتحدة، أمس، اعتقال جاسوس جديد لصالح “إسرائيل” يعمل في أكثر الدوائر العسكرية والأمنية حساسية في الولايات المتحدة، وزود “إسرائيل” بمعلومات بالغة الحساسية لقاء أموال، لكن الفضيحة الجديدة لم تلق أية ظلال على المناورات الجوية المشتركة بين الجانبين والمقرر أن تبدأ اليوم وتستمر قرابة خمسة عشر يوماً .

 

وألقت السلطات الأمريكية القبض على مسؤول سابق في “البنتاجون” بتهمة بيع معلومات فائقة السرية ل “إسرائيل” ومن المقرر أن يمثل اليوم أمام المحكمة الفيدرالية . المتهم ويدعى ستيوارت ديفيد نوزيت (52 عاماً) كان يعمل بوزارة الدفاع الأمريكية ووكالة ناسا الفضائية كما كان ضمن من صمموا تجارب أدت إلى قيام الولايات المتحدة مؤخراً بعملية تفجير في قطب القمر الجنوبي لاستكشاف المياه، كما كان حاملاً لتصريحات أمنية أتاحت له لسنوات طويلة الاطلاع على أسرار متعلقة بالأمن القومي الأمريكي كان يطلع عليها عدد محدود من كبار موظفي الدولة، كما سبق له أن عمل كمستشار في مجلس علماء الفضاء في البيت الأبيض . وتبين من خلال المعلومات التي سمحت وزارة العدل بالكشف عنها أن أجهزة الأمن تابعته لفترة، ورصدت قيامه بزيارة دولة لم تتم تسميتها حيث غادر الأراضي الأمريكية حاملاً ملفات الكترونية وعندما عاد لم تكن معه . وقام مكتب التحقيقات الفيدرالي “اف . بي . آي” بالتعاون مع محقق مركز التحقيقات الجنائية ومركز التحريات بسلاح الجو الأمريكي بملاحقته لفترة قبل أن يضع في طريقه عميلاً سرياً من ال “FBI” ادعى أنه ينتمي للموساد ويرغب في التعاون معه، وسجلت للمتهم جلسات التقى فيها مع عميل الموساد في أحد فنادق واشنطن حيث جرى الاتفاق على التعاون نظير أموال، وطلب المتهم خلالها الحصول على جواز سفر “إسرائيلي” .

 

ويبدو أن تلك الملاحقة منذ بدايتها ارتبطت بشكل أو بآخر باتهامات جنائية وتحقيق فيدرالي آخر كان يجري حوله بسبب اتهامات بسرقة معلومات من وكالة الفضاء “ناسا”، خلال عمله لشركة قام بتأسيسها حيث اتضح عمله كمستشار لشركة ايرو سبيس “الإسرائيلية” .

 

ورصدت الأجهزة الأمنية الامريكية قوله لأحد زملائه إنه إذا وجهت إليه اتهامات جنائية يقصد بها قضيته مع “ناسا” فإنه سيبادر بالهروب إلى “إسرائيل” أو دولة أخرى صنفتها التحقيقات بالدولة “أ” .

 

وكان نوزيت الذي سبق له العمل أيضا في معهد لورانسل ليفرمور “مركز التسليح النووي”، وسلاح البحرية والطيران ووزارة الدفاع حيث اشتغل على أنظمة الدفاع الصاروخي، قد اتفق مع عميل ال”FBI” على استلام مبالغ نقدية طلب الا تزيد على 15 ألف دولار في كل مرة حتى لا يضطر إلى تسجيلها في إقراره الضريبي أو الايداعي، نظير معلومات يتم نقلها عبر وسيلة يقررها “الموساد”، وقد تم استئجار صندوق بريد كان يتلقى من خلاله ظرفاً فيه اسئلة “الموساد” “المفترضة” ويعود ليضع في الصندوق المعلومات مكتوبة واحيانا معها ذاكرة الكترونية بها معلومات بعد ان يجد أظرفاً صفراء بها المبالغ النقدية، وتم ذلك مرتين حيث وجد في المرة الأولى الفي دولار “كاش” وفي الثانية تسعة آلاف دولار وضعتها له ال”FBI” بعد أن سجلت أرقامها .

 

ورصدت للمتهم تسجيلات للقائه الأول بعميل “الموساد” المفترض في 7 سبتمبر/ايلول الماضي، كما رصد قيامه بوضع قائمة المعلومات الأولى، وفي 15 سبتمبر/ايلول، وفي اكتوبر/تشرين الأول الحالي رصد قيامه بوضع ظرف به معلومات صنفت على أنها في غاية السرية حول أنظمة التجسس بالستالايت ونظام الانذار المبكر وقدرة الولايات المتحدة على الرد على أي هجوم وقدرات أمريكا في مجال الاقمار الصناعية العسكرية ومنظومات الانذار المبكر، وكان ضمن التسجيلات التي رصدتها أجهزة الأمن قيام توزيت باستعراض قدراته وحصوله على أعلى مراتب الترخيص بالاطلاع على الملفات السرية، إلا أنه عاد وقال إن تلك التراخيص لم تعد بحوزته إلا أنه يمكنه بيع ما لديه من معلومات في ذهنه والتي تبين لاحقاً أنها فائقة السرية لاسيما حول أنظمة الدفاع والرد على أية هجومات كبيرة وأجزاء من استراتيجيات الدفاع والنظم الامريكية ووسائل التجسس، كما رصدت أجهزة الأمن الامريكية قيامه بإبلاغ عميل ال”FBI” المتخفي بأنه كان يعلم بأن “الموساد” سيتصل به يوما ما .

 

وكالعادة فإن سفارة “إسرائيل” امتنعت عن التعليق على الواقعة أو معرفتها بنوزيت، إلا أن اللوبي “الإسرائيلي” بدأ استراتيجية دفاع مضادة في وسائل الاعلام الامريكية التي حاولت التعتيم على الأمر لتكريس الشعور بأنه حادث فردي وعادي والتشكيك في أن “إسرائيل” في حاجة لهذا الجاسوس لأن لديها بالفعل برامج نووية، حتى بعد أن تبين ان الجاسوس الجديد سبق له العمل في برنامج حرب النجوم والعديد من برامج الدفاع فائقة الحساسية .

 

وفي المقابل، أعاد اللوبي ووسائل الاعلام التابعة له الزعم بأن “إسرائيل” لم تخرق تعهدها بعدم التجسس على حلفائها، في حين بدأت أصوات غاضبة تتعالى في واشنطن تطلب وضع حد لاستمرار عمليات التجسس “الإسرائيلية” ومحاولات التغاضي عنها . ونشر هؤلاء قوائم بحوادث التجسس “الإسرائيلية” وأشهرها عملية التجسس الكبرى التي قام بها جوناثان بولارد الذي منحته “إسرائيل” جنسيتها وهو يمضي حكماً بالسجن مدى الحياة، ويصر قادة “إسرائيل” عاما بعد عام منذ فضيحة بولارد “1985” وحتى الآن في طلب الافراج عنه .

 

وفي الوقت ذاته، تبدأ “إسرائيل” والولايات المتحدة، اليوم، اكبر مناورات جوية مشتركة لهما تحت اسم “جونيبر كوبرا” تستمر حتى الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، في إطار تمرين وهمي لهجمات بالصواريخ على “إسرائيل” مصدرها سوريا أو إيران أو حزب الله، كما نقلت “ا .ف .ب” عن مصدر عسكري “إسرائيلي” . وأوضحت صحيفة “يديعوت” اليومية “الإسرائيلية” ان الهدف هو القيام بعمليات إطلاق وهمية لصواريخ بعيدة المدى آتية من إيران وسوريا أو لبنان واعتراضها في الجو . وأضافت “بحسب خطة عمل التمرين، في حال الحرب ستزود الولايات المتحدة “إسرائيل” بأنظمة دفاعية ستستخدم في موازاة المنظومة المضادة للصواريخ ارو 2 . ويشارك في المناورات ألف جندي أمريكي، ومثلهم من الجيش “الإسرائيلي” .

 

وذكرت “د .ب .أ” أن الاستعدادات للمناورات بدأت حوالي 18 شهرا . وستشارك في المناورات بطاريات صواريخ “حيتس /أرو 2” “الإسرائيلية” الصنع، المضادة للصواريخ، بالإضافة إلى بطاريات صواريخ أمريكية طراز “تائد” و”باتريوت” المضادة للصواريخ، وكذلك سفن من البحرية الأمريكية مزودة بمنظومات مضادة للصواريخ الباليستية . كما سيتم خلال المناورات تشغيل جهاز الرادار الأمريكي الحديث والذكي الذي كان نصب في “إسرائيل” قبل حوالي عام للإنذار بإطلاق صواريخ باليستية . وفي المرحلة النهائية من المناورات ستجري المنظومات الأمريكية عملية اعتراض (حيّة) بواسطة صواريخ .

==============================

حرب روسيا ضد الكلمة

كوامي أنتوني أبياه

الشرق الاوسط

تمر اليوم ثلاثة أعوام على مقتل الصحافية الشجاعة «آنا بولتكوفسكايا» التي كشفت الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في الشيشان بعد أن تلقت خمس طلقات في أثناء دخولها منزلها في موسكو. لم تكن آنا هي الصحافية الروسية الأولى التي يتم اغتيالها لأنها كشفت الحقائق الخفية. من المحزن حقا وقوع تلك الاغتيالات، ولكنه سوف يكون هناك المزيد. وجميعنا ندفع الثمن.

لقد كان الغربيون يميلون إلى الاعتقاد خلال الحرب الباردة بأن روسيا الديمقراطية سوف تكون أفضل بالنسبة إلى الروس وبالنسبة إلينا كذلك. ولكن بعد نحو عشرين عاما من سقوط الستار الحديدي، ما زالت الآمال في ديمقراطية حقيقية في روسيا لم تتحقق. ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى ظرف وسائل الإعلام الروسية المحفوف بالمخاطر، ففي الولايات المتحدة، يستطيع صحافي بالتحقيقات إزعاج ذوي النفوذ والحصول على أوسمة في مقابل ذلك، أما في روسيا، فإن مثل ذلك الصحافي يجب أن يتوقع أن يغتال بإطلاق الرصاص. فالديمقراطية الليبرالية تعتمد على الصحافيين الذين يتتبعون أحداث المجتمع ويعلنون عن ما توصلوا إليه. ولا يمكن أن تزدهر تلك الصحافة عندما يحمل الذين يراقبون الصحافة التحقيقية تصريحا غير رسمي بالقتل.

لقد كان هذا العام وحده عاما مفزعا بالنسبة إلى الصحافيين الشجعان الذين استمروا في العمل الذي ضحت لأجله بولتكوفسكايا بحياتها.

ففي يوليو (تموز) الماضي اختُطفت الناشطة الحقوقية ناتاليا أستميروفا من أمام منزلها في غروزني بالشيشان، ثم عثر على جثتها التي أطلق عليها الرصاص بعد ساعات في أنغوشيتيا، وهي إحدى مناطق الصراع الأخرى بروسيا. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تلقت أستميروفا أولى جوائز أنيا بولتكوفسكايا من جماعة حقوق الإنسان «الوصول للنساء كافة في الحرب».

وفي يناير (كانون الثاني)، أطلق الرصاص على ستانيسلاف ماركيلوف المحامي الناشط بحقوق الإنسان ورئيس معهد القانون الروسي في موسكو في أثناء مغادرته لمؤتمر صحافي كان قد عقده احتجاجا على إطلاق سراح أحد المسؤولين الروس المتهم بالعنف والوحشية خلال حرب الشيشان. وكان ماركيلوف الصديق المقرب لاستيمروفا معروفا بتمثيله لضحايا التعذيب وللصحافيين من أمثال بولتكوفسكايا. كما أُطلق الرصاص على أناستاشيا بابوروفا طالبة الصحافة بالصحيفة المستقلة نوفايا غازيتا (التي وظفت بولتكوفسكايا) والتي وافتها المنية بعد ذلك بعدة ساعات.

وليس الذين يغطون أحداث الشيشان هم فقط الذين يتعرضون للخطر، ففي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تعرض ميخائيل بكيتوف رئيس تحرير جريدة «خيمكي» (شمال غربي موسكو) ـ الذي كان يكتب موضوعات حول الفساد الحكومي المحلي ـ للضرب حتى الموت ثم تُرك في البرد القارس، مما تسبب في أن يفقد إحدى رجليه وبعض أصابعه من أثر عضة البرد. وفي فبراير (شباط)، عُثر على رئيس تحرير إحدى الصحف الأسبوعية في سولنتشنوغورسك (في أقصى الشمال الغربي لموسكو) فاقدا للوعي وينزف، حيث كان ينشر موضوعات تنتقد السياسيين المحليين.

وبالحديث عن آنا بولتكوفسكايا في ديسمبر (كانون الأول) 2006، قالت أستميروفا: «من الواضح لي أن هؤلاء الذين قتلوا كانوا يحاولون إسكاتها، ولكن ذلك لم يحدث. فالآن وفي نفس المكان الذي كانت تنشر فيه (نوفايا غازيتا) مقالاتها، ما زالت هناك وسوف تظل هناك معلومات من منظمة (ميموريال)» مؤسسة حقوق الإنسان الروسية المعترف بها دوليا. ولكن ومنذ مقتل أستميروفا، أغلقت منظمة ميموريال مكاتبها في غروزني، كما هجر العديد من الذين كانوا يعملون على رصد انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة.

والعديد من الأسباب يدفعنا لأن نعتقد أن جرائم القتل التي تعرض لها هؤلاء الصحافيون هي جرائم اغتيال، أي أنها جرائم قتل لها دوافع سياسية يقوم بها أو يتستر عليها أعضاء في وكالة الاستخبارات الروسية وتغض الحكومة، التي يفترض أن تكون مهمتها الأولى هي حماية حياة المواطنين وحرياتهم، الطرْف عنها. وللأسف، يبدو أن ما قالته أستميروفا حول مقتل بولتكوفسكايا صحيح وينطبق على تلك الجرائم كافة: «فحتى إذا اكتشفنا من الذي جذب الزناد، فسوف يظل الشخص الذي أصدر الأمر مجهولا».

لم تعد روسيا بحاجة إلى معسكرات الغولاغ لإسكات المعارضة، حيث كان معتادا أن يتعرض للعقاب من يلفت الانتباه إلى خطايا المقدسين من خلال محاكمة استعراضية ثم النفي الذي يتم في الأغلب إلى أحد معسكرات العمل. ولكن الصحافيين يتلقون الآن تهديدات بالعنف غامضة ولكنها ذات مصداقية، سواء بالنسبة إليهم أو إلى عائلاتهم سواء ضربا على أعتاب المنزل أو في بعض الأحيان الاغتيال في وضح النهار.

وليس الصحافيون الضحايا الوحيدين لسياسة الرعب تلك، حيث تدّعي روسيا أنها عضو في المجتمع الدولي للأمم الديمقراطية. ولكن الديمقراطية تصبح بلا فائدة عندما يُحرَم المواطنون من المعلومات الأساسية التي يستطيعون من خلالها الحكم على سلوكيات قادتهم. فعلى سبيل المثال، يخبروننا دائما بأن سياسات الحكومة الروسية في الشيشان تحظى بالشعبية بالداخل. ولكن هل نستطيع إذن أن نحمّل المواطنين الروس المسؤولية عن ما تفعله دولتهم إذا لم يكونوا على دراية فعلية بما يجري؟

فليست الخيارات الديمقراطية التي تتم من خلال السلبية مجانية بل إن لها نتائج حتمية، فحرية الصحافيين في كتابة التقارير حول الحياة في مجتمعاتهم هي أمر ضروري، لأنه دون ذلك يفقد المواطنون حريتهم كذلك.

لقد كان الأميركيون على صواب في أن يتمنوا أن يعود سقوط النظام السوفياتي بالفائدة علينا وعلى الشعب الروسي كذلك، ولكن الديمقراطية تبدأ فقط عند صناديق الاقتراع، ولكن الخطاب المستقل هو أمر حيوي. ويجب علينا أن نقوم بكل ما نستطيع القيام به لمساندة الصحافيين في هذا العمل المهم بما في ذلك الضغط على الحكومة الروسية لحماية الصحافيين وحريتهم في التعبير.

فاغتيال الصحافيين يؤثر لا على الصحافيين فقط، بل ويمكنه إعاقة الديمقراطية في روسيا، وهو ما لن يمثل مشكلة بالنسبة إلى روسيا وحدها.

* بروفسور في الفلسفة بجامعة برينستون، ورئيس مجلس أمناء مركز «بي إي إن» الأميركي وهو فرع لأقدم منظمة دولية للتعليم

وحقوق الإنسان

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»

==============================

عقيدة عسكرية روسية جديدة بقلم :جانا بوريسوفنا

البيان

تقضي عقيدة عسكرية روسية جديدة، بإجراء بعض التغييرات على الأصول القانونية المنظمة لاستخدام السلاح النووي وغيره من الأسلحة. صرح بذلك أمين مجلس الأمن القومي الروسي نيقولاي باتروشيف، الذي كان يتحدث للصحافيين في مدينة نوفوسيبيرسك الروسية. وقال باتروشيف إن العقيدة العسكرية الجديدة الجاري العمل في إعداد مشروعها، ستتضمن بعض المستجدات في ما يخص إمكانية توجيه الضربات الاستباقية بكل أشكالها، بما فيها النووية.

 

من الواضح أن العقيدة العسكرية الروسية الجديدة لن تكون شيئا جديدا تماما، فهي تستند بشكل عام إلى ما تتضمنه العقيدة التي تتقيد روسيا بها حاليا، والتي سبق الإعلان عنها في الربيع الماضي على لسان الرئيس الروسي ميدفيديف، الذي أعلن أن الجيش الروسي سيقوم بعمليات عسكرية خارج الأراضي الروسية، في حالة وجود تهديد فعلي لأمن ومصالح روسيا، وزاد ميدفيديف على ذلك أن الجيش أيضا سيدافع عن شعوب الدول الصديقة والحليفة. وبالفعل تم وضع قانون بهذا الأمر وعرض على البرلمان الروسي في سبتمبر الماضي وتم إقراره.

 

أما الجديد والمثير في العقيدة الجديدة المطروحة فهو «الضربات النووية»، حيث جاء في العقيدة العسكرية التي تبنتها الدولة الروسية في عام 2000، أن روسيا تحتفظ بحقها في استخدام السلاح النووي، في حال استخدام السلاح النووي وغيره من أسلحة الدمار الشامل ضدها أو ضد حلفائها، وأيضا في صد عملية عدوانية كبيرة يستخدم منفذها الأسلحة التقليدية ولكنها تمثل تهديدا حرجا لأمن روسيا. ولكن على ما يبدو أن أحدا لم يعر اهتماما لهذا الأمر عام 2000، عندما كانت روسيا في أسوأ أحوالها العسكرية والسياسية والاقتصادية.

 

وتقول العقيدة التي تبنتها روسيا عام 2000 إن روسيا لن تستخدم السلاح النووي ضد الدول أطراف اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية، التي لا تملك السلاح النووي، إلا عندما تهاجم إحدى هذه الدول روسيا أو حلفاءها أو الدولة التي تعهدت روسيا بتأمينها. كما يمكن أن تلجأ روسيا إلى استعمال السلاح النووي ضد دولة غير نووية، إذا أقدمت على الاعتداء على روسيا مدعومة من قبل دولة تملك السلاح النووي.

 

الأمر الآن يختلف كثيرا، حيث عادت روسيا لتمارس دورها على الساحة الدولية، كما استجمعت قواها العسكرية بكافة أفرعها، بما فيها القوة النووية، وأصبحت الآن في وضع الدولة الكبرى التي يجب أن يراعي الجميع مصالحها.

 

ورغم هذا ترى روسيا أن هناك من يسعى لمضايقتها وتهديد أمنها وتحجيم دورها على الساحة الدولية، وترى أن هناك من هو على استعداد تام لجرها لحرب لا تريدها، ولعل تجربة حرب القوقاز في صيف 2008 خير دليل على ذلك. وبالطبع لن تقف روسيا مكتوفة الأيدي تنتظر الاعتداءات عليها أو على حلفائها وجيرانها.

 

يرى المراقبون أن روسيا تعكف على إدخال تعديلات على القواعد الناظمةِ لاستخدام الأسلحة النووية. وهناك مقترحاتٍ بهذا الشأن مطروحةً في مشروع العقيدة العسكرية الجديدة.

 

وتعليقا على هذه المستجدات يقول نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما أندريه كليموف: إن العقيدة العسكرية الحالية أصبحت بحاجة إلى تنقيح، بما يتلاءم مع التغَيُّرات التي شهدها العالم خلال السنوات الأخيرة. فقد ظهر السلاح النووي في بلدان لا يُمْكن التنبؤ بتصرفاتها، كما أن التَّوزع الجغرافي للأسلحة النووية في تغير مستمر.

 

وأضاف كليموف أن هذه المستجدات تُملي على روسيا تهيئةَ الأرضية القانونية لمواجهة الأخطار المحتملة، أي أنه ينبغي على العقيدة العسكرية الجديدة أن تُوسِّع الهامشَ القانوني الذي يُسمح لقيادة البلاد في إطاره باستخدام السلاح النووي. ولم يستبعد كليموف أن يكون للتعديلات المقترحةِ ارتباطٌ بمشروع القانون الذي يَسمَحُ باستخدام القوات المسلحة الروسية خارج حدود البلاد.

 

ومن المنتظر أن يحال مشروع العقيدة العسكرية الجديدة إلى الرئيس دميتري ميدفيديف لإقراره قبل نهاية العام الجاري.

كاتبة روسية

==============================

تركيا وضعت 'خطة شاملة' لسلسلة مصالحات عربية تنهي ازمات الجوار

القدس العربي

عمان ـ 'القدس العربي': كشف وزير الخارجية التركي احمد اوغلو النقاب عن خطة معدة بعناية وضعتها بلاده لاحتواء الخلافات البينية المستعصية بين الدول العربية في المنطقة الاقليمية للشرق الاوسط، وقال بأن انقرة لن تترك الخلافات بين جيرانها للتفاقم بعد الآن ملمحا لاطار زمني وجدول يشمل زيارات متكررة لعدة بلدان عربية حتى قبل نهاية العام الحالي 2009 على امل التمكن من معالجة الخلافات الصغيرة ووضع اطار زمني لمعالجة المشكلات المستعصية. وتحدث اوغلو عن اهتمام بلاده الكبير بمعالجة الخلافات والمشكلات بين الدول العربية وقال ان تركيا ترى انها في موقع ريادة اقليمية الآن ويقع عليها واجب التدخل لصالح احتواء ومعالجة مشكلات الجيران في المنطقة، مشيرا على هامش جلسة خاصة جمعته بنخبة من السياسيين والدبلوماسيين في العاصمة الاردنية عمان مؤخرا الى ان بلاده ستبذل المزيد من الجهد لادامة حالة الود والمصالحة بين الجيران.

ويربط مراقبون بين ما تحدث عنه اوغلو في عمان والوساطة التركية التي انتجت المصالحة السورية ـ السعودية مؤخرا، وقالت مصادر سياسية اردنية استمعت لاوغلو ان الرجل تحدث عن دور ابوي لبلاده في احتواء الازمات الاقليمية وبدا واثقا جدا من كلامه ومن قدراته.

وعبر اوغلو في نفس الحوار عن وجود مصالح مباشرة لتركيا تتطلب ضمان نزع فتيل الازمات بين دول الجوار، مشيرا الى ان التبادل التجاري بين بلاده والدول العربية وصل لتسعة مليارات العام الماضي لكنه يتجاوز العام الحالي 36 مليار دولار، الامر الذي يعني بأن المصلحة تتحقق لجميع الاطراف في حال الاستقرار وتجميد الخلافات وتجاهلها.

وقال مستمعون لاوغلو ان المحيط العربي المستقر والخالي من الخلافات يعني كما فهمنا تعزيز التبادل التجاري لصالح الاقتصاد التركي وهي مسألة تحدث عنها مباشرة الوزير اوغلو.

==============================

ما لنا وللعدل؟

عوفر شيلح

القدس العربي

يوم الخميس القادم ستحتفل الجمهورية التركية بالذكرى الـ 86 لتأسيسها. كما ان سفارة انقرة في اسرائيل دعت، كما هو متبع، وزراء وشخصيات هامة محلية الى الاستقبال الاحتفالي بمناسبة يوم الاستقلال. ولكن خلافا لعادتهم ـ من لا يحب التشريف والضيافة التركية التي ذاع صيتها ـ يعتزم وزراؤنا او على الاقل يقولون لوسائل الاعلام بأنهم لا يعتزمون تلبية الدعوة.

وهم يعللون رفضهم بكلمات حادة، تتعلق سواء بموقف تركيا الرسمي من اسرائيل ام بالتحريض ضدنا في المسلسل التلفزيوني الذي يبث هناك وبالاساس بتفوقنا الاخلاقي.

ومثلما أحسن صياغة ذلك الوزير دانييل هرتشكوفيتس فان 'الاتراك يمكنهم ان يتعلموا منا ما هي حقوق الانسان'. وزير الخارجية ليبرمان على ما يبدو سيتغيب هو الاخر؛ اما وزير الدفاع، حسب مكتبه، فلا يزال يدرس الامور في عقله التحليلي ويزن اعتبارات معقدة قبل ان يتخذ على عادته الخطوة غير الصحيحة.

على ما يرام تماما في نظري مقاطعة حدث رسمي لدولة اثارت اعصابنا، والاتراك بالفعل يحملون على ظهرهم احمالا اخلاقية في الغالب، وعلى رأسها المذبحة بحق الاقلية الارمنية ابان الحرب العالمية الاولى. ولكن مشوق بقدر لا يقل السؤال منذ متى كانت الاعتبارات الاخلاقية جزءا من السياسة الخارجية الرسمية وغير الرسمية لاسرائيل فهل بالفعل يتبقى لنا الحق في الاعراب عن الرأي او اتخاذ القرارات في ظل النبل الاخلاقي؟

الحقيقة هي انه منذ الازل، الاخلاق الوحيدة التي كانت شمعة نستضيء بها هي اخلاقنا، التي تقوم على اساس مفهوم البقاء. اسرائيل ترى نفسها كمعقل غيتو، الملجأ الاخير من التهديد الوجودي الحاد والمتواصل. وعندما يكون الطغيان كل الوقت على الباب وفي التو ستأتي مذبحة، فانك تصنف الاصدقاء والخصوم فقط على اساس المنفعة. المقياس الاخلاقي الوحيد هو مَنْ هو'صديق اسرائيل' ومن ليس كذلك؟

نفي الكارثة الارمنية (وما القصة هنا في قول كارثة اذ انه لا توجد سوى كارثة واحدة هي حصرية لنا)، او على الاقل الامتناع عن كل ذكر لها، هو سياسة عملية لاسرائيل لسنوات طويلة، من حكومات اليمين واليسار على حد سواء. وقبل عشرين سنة منعت وزارة الخارجية بث فيلم 'رحلة الى ارارات'، الذي عني بقتل الشعب الارمني، خشية الاضرار بالعلاقات مع تركيا.

في العام 2007 منع رئيس الوزراء اولمرت ووزيرة الخارجية ليفني بحثا في الكنيست في هذا الشأن، بمبادرة حاييم اورون من ميرتس. وكانت اسرائيل من الاصدقاء الشجعان في العالم لنظام الابرتهايد في جنوب افريقيا. النظام المشجوب في بريتوريا، الذي عمل تحت عقوبات عالمية، حظي بالتعاون من جهتنا بطرق عديدة، بما فيها (حسب منشورات اجنبية) في المجال النووي.

يمكن الايغال في طرح النماذج. يمكن ايضا القول، وبحق تام، بان الاخلاق في العيون الدولية هي نسبية. ولا توجد اي دولة حقا تتصرف بموجبها. الولايات المتحدة تزايد على كل العالم ولكنها ارتبطت وترتبط بانظمة القمع المظلمة عندما يخدم هذا مصالحها.

ولكن هاكم نقطة اخرى للتفكير: في نهاية المطاف، من يعمل دون اعتبارات اخلاقية يعاني عمليا ايضا. فحجج اولئك الذين قالوا ان علاقاتنا مع جنوب افريقيا ليست فقط اشكالية من ناحية اخلاقية بل وستلحق بنا الضرر (يوسي بيلين كان بين اوائل السياسيين)، وقعت على آذان صماء. اليوم نحن نذكر عند الاخرين كجنوب افريقيا الجديدة وفي جزء من القارة كمن وقفنا الى يمين النظام المشجوب.

المشكلة ليست العلاقات مع تركيا هذه ايضا سيعاد تصميمها في نهاية المطاف حسب المصالح. المشكلة هي وعينا الذي يتقلص من سنة الى اخرى الى نقطة عنيدة من البكائية والترحم على الذات.

المشكلة هي اننا فقدنا الحكمة التي كانت ذات مرة امرا مسلما به وان لم نتصرف دوما بموجبها، ان الادعاء بأننا نورا للاغيار وقدوة اخلاقية هو مصدر قوة، لعله المصدر الاهم وان لم نكن اخلاقيين سنضعف وسنخسر.

معاريف 20/10/2009

==============================

الدرس الاندونيسي

عمانويل شاحف

القدس العربي

في العام 1975، اجتاحت اندونيسيا تيمور الشرقية انطلاقا من موافقة صامتة للولايات المتحدة، استراليا ودول غربية اخرى. تيمور الشرقية كانت في ذاك الوقت مقاطعة صغيرة على شفا اعلان الاستقلال عن القوة الاستعمارية القامعة البرتغال. سبب الاحتلال والدعم الصامت من الغرب كان التهديد الذي يحدق، ظاهرا، من حركات شيوعية قادت الكفاح نحو الاستقلال في تيمور الشرقية. اندونيسيا سيطرت على اراضي المستعمرة السابقة في حملة عسكرية عنيفة على نحو خاص استمرت نحو 3 سنوات. في فترة الاحتلال، الذي استمر نحو 25 سنة، فقد حياتهم بين ربع وثلث السكان المحليين وهي معدلات وفيات هي الاعلى في اي نزاع بعد الحرب العالمية الثانية.

على مدى نحو 15 سنة تجاهل العالم بقدر كبير الاحتلال الاندونيسي. في هذه السنوات اقامت اندونيسيا مستوطنات عديدة في تيمور الشرقية، نقلت الى هناك مئات آلاف المستوطنين وعملت على محو ثقافة السكان المحليين، وهم مسيحيون تحت احتلال اسلامي. ولكن في العام 1989، مع انهيار النظام الشيوعي في الاتحاد السوفياتي، اختفى ايضا التهديد الذي كان مبررا للتأييد الصامت من جانب الولايات المتحدة والغرب لاحتلال اندونيسيا تيمور الشرقية. وفجأة غير الغرب رأيه وبدأ يهتم في الوضع الخطير لحقوق الانسان في هذه الدولة التي تحت الاحتلال الاندونيسي ويمارس الضغط المتزايد على حكم الرئيس الاندونيسي كاموزو سوهارتو، لانهاء الاحتلال.

الحكم في جاكارتا لم يفهم التغيير الدراماتيكي الذي طرأ مع انهيار الشيوعية ومعنى فقدان التأييد الامريكي، ولم يستوعب بأن عليه أن يكيف سياسته مع الوضع الجديد. اندونيسيا واصلت الاستثمار في تيمور الشرقية ولكن المقاومة ضد الاحتلال من جانب السكان المحليين نالت الزخم، بتأييد الغرب ايضا. محاولات السلطات الاندونيسية قمع المقاومة باتت اكثر عنفا، وكنتيجة لذلك وقعت عدة حوادث خطيرة حظيت بتغطية اعلامية واسعة. ضغط الغرب على الحكم في اندونيسيا اخذ في التعاظم.

في العام 1997 وقعت ازمة اقتصادية في آسيا، مست بشدة بالاقتصاد الاندونيسي وكشفت حكم سوهارتو بكامل ضعفه.

في أيار ( مايو ) 1998 فقد سوهارتو حكمه وفي تشرين الاول ( أكتوبر ) 1999 اضطرت اندونيسيا الى الانسحاب من تيمور الشرقية ونقل المنطقة الى سيطرة الامم المتحدة المعقدة.

من المهم الاشارة الى انه في نيسان ( أبريل ) من ذاك العام، قبل اربعة اشهر من اجراء استفتاء شعبي في تيمور الشرقية كانت فرضته الدول الغربية والامم المتحدة وحسمت نتائجه الكف في صالح استقلال تيمور الشرقية، قدر الحكم في جاكارتا بانه سيكون في وسعه الاحتفاظ بالمنطقة اذا ما منحها مكانة حكم ذاتي خاص.

عشرات مليارات الدولارات التي استثمرتها اندونيسيا ضاعت هباء، مئات آلاف المستوطنين اخلوا والقوات الاندونيسية المنسحبة ابقت ارضا محروقة.

مثلما لم يفهم الحكم في اندونيسيا التغيير الدراماتيكي في المكانة الدولية للدولة كنتيجة لانتهاء الحرب البادرة في نهاية الثمانينيات، هكذا حكومة اسرائيل اليوم لم تستوعب بعد التغيير الاستراتيجي الذي طرأ كنتيجة لانتخاب الرئيس باراك اوباما في الولايات المتحدة. رغبة اوباما في حل النزاع في الشرق الاوسط دون تحيز ووفقا للقيم الاساسية لميثاق حقوق الانسان، تستوجب انهاء الاحتلال. التطورات الدولية الاخيرة، الضغط المتعاظم ـ ليس فقط من الولايات المتحدة ـ لتجميد المستوطنات والشروع في مفاوضات ذات مضمون، طرح موضوع النووي الاسرائيلي في المداولات في الامم المتحدة، اعداد ونشر تقرير غولدستون والاستعداد لاجراء حوار حقيقي مع ايران حتى على استمرار وجود البرنامج النووي، هي نتيجة مباشرة لهذا التغيير.

اذا لم يفهم الحكم في القدس فورا بان هناك حاجة لانعطافة 180 درجة في سياسته، فان الاثار ستكون جسيمة، سياسيا واقتصاديا على حد سواء. دون التعاون مع الولايات المتحدة، فان اسرائيل تفقد صوابها.

' موظف حكومي كبير سابق، خدم كدبلوماسي في جنوب شرق آسيا

هآرتس 20/10/2009

==============================

غولدستون.. إذهب الى جحيم كل التقارير

افيعاد كلاينبرغ

21/10/2009

القدس العربي

تقرير غولدستون هو ظاهرة نادرة. في بلادنا على الاقل يخيل أن عدد الكتاب عنه يفوق عشرات الاضعاف عدد قرائه. قراءة التقرير حقا، صعبة. فهو مكتوب بالانكليزية وهو مليء بالتفاصيل المضنية. الحبكة ليست شيئا مميزا (نحن مرة اخرى نسارع الى حل المشاكل المعقدة بمطرقة: هناك الكثير من 'الاضرار الشمولية' المؤسفة ولكن المحتمة). تنقصه ايضا النهاية المحببة علينا جدا (النصر الكبير والساحق للمحقين والتصفيق العاصف من العالم الذي ذهل من الجيش الناجع وفي نفس الوقت الاكثر اخلاقية في العالم). كان بوسعنا ان نقول لكم مسبقا، ان الجمهور الاسرائيلي لن يحب هذا. أفضل له باولو كوالو ما.

اما الكتابة عن التقرير، بالمقابل، فليست صعبة. حتى بدون قراءته يشعر المرء ان هذا ليس جيدا وليس صحيحا. ما الذي لم يكتب عن تقرير غولدستون؟ كتب انه وثيقة لا سامية (الامر الذي استوجب تحليلا نفسيا لكاتبه اليهودي)، انه بيان مزدوج المعايير ضد حق الدفاع عن النفس للدول ضد الارهاب، انه محاولة ذكية للدفع نحو خراب دولة اسرائيل. بوق وزير الدفاع ايهود باراك ـ اذ اضافة للحاشية الرسمية لنابليون الرابع فان له بوقا في الصحافة العبرية ـ صرح حتى ان كومة الاوراق هذه ستجلب علينا الحرب القادمة، والتي اعطاها فورا اسما مناسبا 'حرب غولدستون'.

ليس الغباء السياسي الاسرائيلي، إذن، ضيق الافق، ليس الغياب التام لخطة حقيقية لحل النزاع، ليس الجمود الفكري (ذات مرة اسموه ببساطة 'المفهوم الجامد') الذي يسيطر علينا، ولا حتى الميل الاسرائيلي المشروع 'لاستخدام القوة مرة كل بضع سنوات'، على حد قول البوق، بل غولدستون. دماء الابرياء التي سفكها وسيسفكها (يبدو ان لا شك في ذلك) في رقبة غولدستون. اما بالنسبة لنا، فكل ما تبقى لنا هو رفع العتب والخروج بيدين نظيفتين. ولا تقولوا اننا لم نحذركم.

وما يغيظنا على نحو خاص هو الاحساس غير اللطيف بان هذا التقرير لا يريد أن يذهب على الفور الى جحيم كل التقارير، مثل امثاله المحليين. انظروا مثلا تقرير لجنة برودت (او باسمه الرسمي 'تقرير اللجنة لفحص ميزانية الدفاع'). فهذا لم يكن من زمن بعيد، في 2007. وتحدث التقرير عن سياقات من الارتفاع في النفقات الامنية، عن غياب الشفافية، عن انعدام التخطيط وعن تجاهل احتياجات الاقتصاد والمجتمع. واشار الى منظومة كاملة تحمي جهاز الامن من التدخل والرقابة المدنيتين. مبالغ طائلة تتدحرج تحت ورقة التين الهائلة للاحتياجات الامنية.

التبذير، النية وانعدام المسؤولية التي ظهرت في الرحلة الاخيرة لوفد وزارة الدفاع الى الصالون الجوي في باريس هي فقط طرف الجبل الجليدي الامني، الذي تحاول دولة اسرائيل بشكل ما المناورة حوله. وعلى طريقته تبنى الجيش الاسرائيلي بسرعة توصية اللجنة بزيادة ميزانيته ورد كل المطالب الاخرى التي كانت زيارة الميزانية مشروطة بها. إذن كان هناك تقرير. كان ولم يعد.

وتقرير لجنة فينوغراد،أتذكرون؟ التقرير اوصى بتغيير راديكالي في كل عملية اتخاذ القرارات في دولة اسرائيل. ومثل تقارير اخرى، اشار الى غياب الرقابة المدنية على جهاز الامن والى النتائج الخطيرة لهذا الغياب. حسنا؟ فقد ذهب الى جحيم كل التقارير. وتقرير لجنة التحقيق الرسمية في موضوع اقتصاد المياه للعام 2002، وتقارير لا تحصى عن وضع المواصلات وعن جهاز التعليم؟ اين التقارير كلها، تلك التي احببناها؟ كلها حملتها الريح.

فما العجب إذن من أن دولة اسرائيل ذهلت من حقيقة أن تقرير غولدستون (الذي ينطوي على خطر كامن مثل تقرير برودت) يرفض الاختفاء بالسرعة اللازمة؟ فضيحة. السياسة الاسرائيلية هي أنه من الاسهل اخفاء التقارير من معالجة المشاكل التي تشير اليها. خسارة انهم في العالم لم يفهموا هذا بعد.

يديعوت 20/10/2009

==============================

البرلمان العراقي يخالف نصا دستوريا مُلزِما أدى تجاوزه الى إبادة ومعاناة؟

د.عمر الكبيسي

القدس العربي

المادة 142 من الدستور الذي تم اقراره على ضوء اقتراع تباهت به سلطة الاحتلال ورئاساتها وتمت ادارة البلاد بنصوصه تشير:( يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من اعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي مهمتها تقديم تقرير الى مجلس النواب خلال مدة لاتتجاوز اربعة اشهر يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور، وتحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها. بهذا النص بدأت المادة '142' من الدستور الفقرة اولاً، فيما اشارت الفقرة ثانياً الى ان التعديلات المقترحة من قبل اللجنة تعرض دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت عليها، وتعد مقرة بموافقة الاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس، وركزت الفقرة ثالثاً على وجوب طرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب على الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لاتزيد على شهرين من تاريخ اقرار التعديل في مجلس النواب، ويكون هذا الاستفتاء ناجحاً وفق الفقرة رابعاً بموافقة اغلبية المصوتين، ما لم يرفضه المصوتون في ثلاث محافظات او اكثر) .

مادة صريحة واضحة الالزام لم تتطرق الى احتمالية التمديد او التسويف بما يعني ان اجراء التعديلات الدستورية امر حيوي وضروري له اسبقياته واعترفت جميع الكتل والرئاسات الثلاثة بعد تنصيبها بمثالبه وتناقضاته وبررت موافقتها عليه بتثبيت مواد ملزمة بتعديل هفواته بفترة وجيزة محددة من بدء تطبيقه .ستنتهي دورة البرلمان الحالي بعد اربع سنوات مضت من المزايدات السياسية والبهلوانيات المشهدانية والجولات المكوكية السامرائية والقرارات الاجماعية بزيادة المخصصات والحمايات والقروض والقصور والشقق، وليس اربعة اشهر كما نص دستور الاحتلال كأخر امد لاجراء التعديلات التي كان يجب ان تتم خلالها. خلال الاربع سنوات التي مارس فيها البرلمان مهامه كانت مواد الدستور التي اقترح تبديلها تشكل محور الخلافات والعنتريات التي شهدتها جلسات البرلمان سواء فيما يخص الفيدرالية او استثمار النفط او الاجتثاث، وحتى الاتفاقية الامنية التي تم تصديقها كانت مشروطة باجراء التعديلات والاستفتاء وشروط اخرى برر فيها المعارضون لها موافقتهم ولم تنجز الحكومة ولا البرلمان ماترتب على عقدها من التزامات!.

الغريب المحيِّر حول الدستور المثير للجدل ان الرئاسات الثلاث تجمع كلها على ضرورة اجراء التعديلات وانه مليئ بالألغام والقنابل الموقوتة ومع ان تعديله يفترض ان يتم بارادة عراقية صرفة، فان الدستور لم يعدل ولم يبت فيه بل تسابق معظم النواب مؤخراً الاعلان عن ترحيل مهمة تعديله الى الدورة القادمة !.

دورة البرلمان هذا بكل ماحصل النواب فيه من امتيازات وسفرات واجازات دورية واسبوعية الى حيث تقيم عوائلهم في عبدون والرابية والمزة والزبداني والمالكي او في ضواحي طهران الراقية وفلل لندن ودبي الفارهة مع معرفتها وادراكها ان هذا الدستور مليئ بالثغرات والقنابل الملغومة بما لايسمح للبرلمان اتخاذ أي قرار يحقق للشعب كوحدة اجتماعية مصلحة او منفعة لان الدستور يحمل صيغة تفتيت طائفي وعرقي تتحكم بطبيعة اهمية القرار لهذه الشريحة او تلك .

بسبب تجميد اوعدم تفعيل هذه المادة حصل الاقتتال الطائفي وفشل خطاب المصالحة الوطنية وعم التزوير في كل عمليات الانتخابات والاستفتاء ومررت قرارات بالجملة بقرارات توافقية ذات بعد طائفي وعرقي على قاعدة (البكج) أي بالجملة كان تمرير أي قرار منفرد منها غير ممكن بسبب غياب ثقة الكتل فيما بينها مما ادى الى تمرير قرارات يتفرد كل قرارمنها لصالح شريحة او مكون معين.وبنفس اسلوب الترغيب والترهيب تم تمرير الاتفاقية الامنية ولم يمرر ملحق مذكرة الاصلاح والتفاهم الملزم للموافقة ولم ينفذ الاستفتاء خلال الفترة الملزمة وبسبب هذا الدستور جمدت الكثير من الامور الهامة الخاصة باستغلال النفط والثروة ومصير المادة 140 الخاص بكركوك وماسموه المناطق المتنازع عليها.

لقد ادى تجميد المادة 142 الى استمرار العمل بدستور تم تشخيص وجود اكثر من سبعين مادة من مواده تحتاج الى تعديل من قبل اللجنة المصغرة لتعديل الدستور وبسبب استمرار العمل بهذا الدستور المثير للجدل والعنف والاستئثار والتفتيت حصلت واستفحلت امراض السياسة البغيضة بشكل وبائي لأربع سنوات مضت شهدت صراعات سياسية وعنف وارهاب واجتثاث وفساد مالي واداري وتكريس لنفوذ الطائفية وسياسة التقسيم وصراع الادارات المحلية مع ادارة الدولة المركزية والكثير من الاختراقات الاقليمية وتفاقم النفوذ الاجنبي وفقدان روح المواطنة العراقية والهوية العراقية والاستئثار بالسلطة وفقدان الوظيفة الرقابية للمجلس النيابي وانزلاق معظم النواب بملفات الفساد وغياب النزاهة واخيرا المعوقات التي يضعها النواب والكتل السياسية المتنفذة لإعاقة استجواب الوزراء والمسؤولين عن فسادهم المستشري وسوء الاداء الذي اعترف وهدد بتفاقمه رئيس الوزراء المالكي نفسه علنا .ناهيك عن اللجوء الى اسلوب التسويف واللف والدوران لاستصدار قانون انتخابي يكفل اجراء انتخابات على اسس القائمة المفتوحة المطلقة التي تضمن للمنتخب حق اختيار ممثليه باسماء المرشحين المعلنة من خلال قوائم مفضوحة الاسماء وليس بانتخاب الارقام والاعداد والازلام والمقامرة التي تخفي حقيقة ايضاح واشهار هوية المنتخب.

ان مسؤولية مخالفة النصوص الدستورية بتعمد وبقصد هي مسؤولية جماعية يجب ان يحاسب عنها هذا البرلمان البائس بالطرق الدستورية التي تكفل حق الناخبين والشعب وتحملهم جريمة ما نتــــج عن هذه المـــخالفة من عواقب وخيمة وخسائر معنوية ومادية جمة تستوجب ان ينبري لها رجال القانون واختصاصي القضاء المناهــضين للدفاع عن حقوق الشعب التي يكفلها الدستور واثبات جريمة الضرر العام الذي يتحمل مسؤوليته مجلس النواب بكامل طاقمه.

ان رئيس البرلمان المجبر على التقاعد وخليفته ورؤساء الكتل السياسية والمستقلين من النواب اعترفوا جميعا مرارا وتكرارا بفشلهم السياسي وسوء اداءهم مع انهم اليوم بسبب دوافع ومكاسب ذاتية يعلنون عن تقمص برامج جديدة بين ليلة وضحاها تتلبس بالوطنية والعلمانية تلبسا من اجل ان يعاد انتخابهم وتكريس فعلهم السيئ وكأن الوطنية والعلمانية ملابس جاهزة او معرض ازياء معروضة له موسمه ومستعرضيه.

لو كانت في عراقنا سلطة لدستور محترم وضوابط دستورية فعلا لما تجرأت هذه الوجوه ومنحت لنفسها حق التجديد والتشبث والترشيح، ناهيك عن تمتع كل واحد منهم برواتب ومخصصات وامتيازات منحوها لانفسهم مؤبدة ما داموا احياء هم وعوائلهم.

' كاتب عراقي

==============================

شهداء غزة يكشفون حقيقة اسرائيل مجددا

رأي القدس

21/10/2009

القدس العربي

لم نبالغ عندما قلنا ان 'لعنة غزة' ستظل تطارد الاسرائيليين لسنوات ان لم يكن لعقود قادمة، هذا اذا قدر لدولتهم ان تستمر بصورتها الحالية. فمنذ بدء العدوان الاسرائيلي اواخر العام الماضي واوائل العام الحالي (استمر ثلاثة اسابيع) والدولة الاسرائيلية تواجه الازمات، خاصة في اوساط العالم الغربي مصدر شريان حياتها الابرز.

ففي الوقت الذي تترنح فيه اسرائيل والمسؤولون فيها، من جراء الضربات القوية التي انهالت عليهم في صورة اقرار مجلس حقوق الانسان العالمي لتقرير القاضي غولدستون الذي فضح جرائم الحرب الاسرائيلية بشكل دقيق ومفصل في حق الابرياء في القطاع المحاصر، خرجت منظمة 'مراسلون بلا حدود' الامريكية المهتمة بحريات التعبير بتقريرها لعام 2009 الذي يوثق تراجع هذه الحريات او تقدمها على مستوى العالم بأسره.

التقرير الذي يحظى بمصداقية عالية في الاوساط المهنية الاعلامية افاد بأن اسرائيل تراجعت 30 درجة عن كونها اول دولة شرق اوسطية في مجال حرية الصحافيين، وأكد ان دولاً عربية، مثل الكويت ولبنان، تقدمت عليها على سلم الترتيب العالمي، حيث احتلت الاولى اي الكويت المرتبة الستين، اما لبنان في المرتبة الحادية والستين.

اسرائيل تراجعت الى المرتبة 93، بعد ان كانت تتربع على المرتبة 47 دون منازع، وتصنف مع دول قمعية تضع القيود والعراقيل امام اجهزة الاعلام بل وتعتقل الصحافيين.

فمن المؤسف ان المجتمعات الغربية، وبسبب ممارسات التعتيم والتضليل التي تمارسها بعض حكوماتها وصحفها، لا تعرف ان الرقابة العسكرية ما زالت صاحبة الكلمة الاولى والاخيرة فيما ينشر وما لا ينشر. فالمراسلون الاجانب مطالبون بتقديم تقاريرهم الاخبارية الى الرقيب العسكري الاسرائيلي قبل ارسالها الى صحفهم ومحطات التلفزة التي يعملون فيها، خاصة اذا كانت تتعلق بالقضايا الامنية وانشطة الجيش الاسرائيلي. واي خروج عن هذه الشروط يعني الطرد من البلاد او عدم تجديد التصريح الصحافي الذي يعتبر ضرورة لممارسة المهنة.

منظمة مراسلون بلا حدود ظلت طوال الاعوام الماضية، تتجاهل هذه الرقابة العسكرية، او بالاحرى لم تأخذها بالشكل المطلوب، اثناء تصنيفها لترتيب الدول في تقريرها السنوي، ولكن دماء اطفال غزة اجبرتها، مثلما اجبرت الكثيرين غيرها، على رؤية الوجه الاسرائيلي البشع على حقيقته.

ولا بد من الاعتراف ايضا للصحافيين والمراسلين في قطاع غزة، من ابناء القطاع او الذين انضموا اليهم من الخارج، بلعب دور كبير في اماطة اللثام عن هذا الوجه البشع، عندما تظاهروا امام مقراتهم المدمرة من جراء القصف الاسرائيلي.

ولعل الضربة الاكبر جاءت من خلال القرار الاسرائيلي المغرق في غبائه، بمنع الصحافيين والمراسلين الاجانب من دخول قطاع غزة اثناء العدوان، وحصرهم فوق تلة صغيرة على بعد كيلومترين من ميدان المعارك. فهذا التصرف الاخرق من قبل دولة تقول انها الديمقراطية الوحيدة المتحضرة في المنطقة اثار حالة من الغضب غير مسبوقة في اوساط هؤلاء، عبروا عنها بشكل مفصل في افلامهم الوثائقية بعد انتهاء العدوان.

احتفالنا بهذا الهبوط المريع لاسرائيل على سلم الحريات لا يخفي حزننا واسفنا من المكانة المؤسفة التي تحتلها دول عربية في ذيله، مثل سورية التي تحتل المرتبة 165، او ليبيا في المرتبة 156، و'العراق الجديد' الذي احتل المرتبة 145 والمغرب الذي جاء افضل قليلا وتربع على المرتبة 127. اما دولة الامارات العربية المتحدة صاحبة فكرة المناطق الاعلامية الحرة فتوقف ترتيبها عند المرتبة 86.

الحريات الاعلامية واحترام الحق في التعبير هي من ابرز ابجديات التقدم ومقاييسه في المجالات كافة، وترتيب الدول العربية الذي ذكرناه في هذا الاطار يفسر اسباب التخلف العربي عاما بعد عام.

«الكومونولث» المذهبي!!

 

كما تمنت إسرائيل ذات يوم سابق بعيد، وخططت لهذا منذ ذلك الحين، فإن هذه المنطقة أخذت تندفع نحو التمزق الطائفي والتفتت العرقي بل أن هذا التمزق وهذا التفتت أصبحا أمرا واقعا يخترق العيون والآذان والعقول وأصبحا حالة مزرية تتجسد يوميا وفي كل لحظة من صعدة وحرف سفيان والملاحيط في اليمن السعيد إلى لبنان والعراق وبلوشستان وسيستان ووادي خيبر ووزيرستان.

 

كان الذين أسسوا الدولة الإسرائيلية، التي باتت بعد إنشائها بستين عاما تشترط على العرب والفلسطينيين الذين أغتصبت أرضهم لإقامة هذه الدولة فوقها أن يعترفوا بها كدولة يهودية تمثل ال الشعب اليهودي !! وحده، قد أعلنوا أن بقاء دولتهم يقتضي تمزيق الشرق الأوسط ليصبح دويلات طائفية ومذهبية متناحرة تشكل إسرائيل بينها ما تشكله بريطانيا في الكومونولث البريطاني.

 

وحقيقة أن ما يحزن حتى الموت أن هذا الذي كان يعتبر خيالا مريضا ومجرد أوهام صهيونية قد تحقق أو أنه على الأقل يتحقق وإلا ما معنى أن تتفسخ اليمن، التي فرحنا بوحدتها في العام 1990 والتي اعتبرناها الرد القومي على انهيار الوحدة المصرية ؟ السورية في بدايات ستينات القرن الماضي، وينقسم المذهب الزيدي على نفسه ويعود اليمنيون ليقفوا أمام خيار التشطير الذي ظنوا أنهم قبروه قبل نحو عقدين من الأعوام وجها لوجه..؟!.

 

ما معنى هذا الذي يجري في العراق حيث تثبت قوائم الانتخابات المقبلة أن الفرز المذهبي والعرقي قد أستكمل وكأنه ليس هناك بلد واحد بل بلدان كثيرة تسعى لإلتصاق فسيفسائي بين بعضها بعضا فالشيعي شيعي والسني سني والكردي كردي والتركماني تركماني واليزيدي يزيدي والفيلي فيلي والمسلم مسلم والمسيحي مسيحي.. والعياذ بالله..؟!.

 

ما معنى أن يتكرس هذا اللبنان الطائفي الذي غدت طائفيته تفقأ العيون بعد كل هذه الحروب الأهلية وما معنى أن تستيقظ الدعوات المذهبية القديمة في أكثر من مكان وتصبح هذه المنطقة كلها تتنفس مذهبية وطائفية.. ما معنى أن ينقسم هذا الجزء المتبقي من فلسطين والذي لا يزال تحت الاحتلال إلى دولتين واحدة في غزة لها موالها وتوجهاتها والثانية في رام الله..؟!.

 

أليس هذا هو الكومونولث المذهبي والطائفي والعرقي الذي تحدث عنه بناة الدولة الإسرائيلية، التي تسعى الآن لفرض يهوديتها على الفلسطينيين وعلى العرب فرضا وبالقوة، وبقوا يعملون لتكون مكانة دولتهم فيه كمكانة المملكة البريطانية في الكومنولث البريطاني.. ؟ إننا نعيش الآن اللحظة المريضة التي بقينا نخشاها ونتخوف منها.. والغريب والمستغرب أن الذين ينفذون هذا المخطط القديم الجديد ينفذونه وهم يرفعون رايات الجهاد والنضال والوحدة والتحرر.. واللهم اشهد.

صالح القلاب

==============================

مسلسل الأخطاء الطبية مستمر.. ووفاة طفلة في العاشرة من العمر بعد إجرائها عملاً جراحياً

تحقيقات - سوريا نيوز

أهالي الطفلة: نتهم الكادر الطبي بأكمله بالتقصير وسوء المعاملة

الطبيب الجرّاح: الطب الشرعي برأني وإهمال فريق المتابعة أدى لوفاة الطفلة

بعد معاناتها من تشوه جسدها وعدم قدرتها على التحرك بطريقة طبيعية مثل صديقاتها, تجدد حلمها من جديد حين استطاع أهلها بمساعدة الأقرباء من جمع مبلغ 300 ألف ليرة سورية لإجراء العمل الجراحي الذي بات أملها الوحيد لتحقيق حلمها بالمشي بطريقة طبيعية وإزالة التشوه الذي رافقها منذ مجيئها للحياة.

انتهى حلم راما صالح (10أعوام) لحظة دخولها غرفة العمليات رغم بريق الأمل الذي كان يملئ عينيها, ورغم الكلمات البريئة التي قالتها لوالدتها قبل دخولها غرفة العمليات معبرة عن فرحها بإجراء هذه العملية التي ستعيدها إنسانة طبيعية في مجتمع لم يرحمها ولم يقبلها لاختلاف طبيعة جسدها عنهم, لكن الموت جعل من هذه الكلمات ذكرى تحرق قلب والدي راما وكل من عرفها والسبب.. خطأ طبي!!.

يوم الخميس 8/10/2009 تم إدخال الطفلة راما إلى مستشفى دار الشفاء بدمشق لإجراء عمل جراحي لها حيث كانت تعاني من جنف (تشوه في العمود الفقري) مما أثر على شكلها ووظائف الرئة لديها, ورغم "سير العملية بشكل جيد" حسبما أفادنا بعض الأطباء إلا أن "خطأ مزدوج من المستشفى والجراح كان من أودى بحياتها" كما يقول أهالي المتوفاة.

 

والد الطفلة : حاولوا إخفاء المعلومات وإيهامنا بأن الوفاة قضاء وقدر

التقت سيريانيوز مجموعة من أقارب راما بعد أن تلقوا خبر وفاتها بساعة وتحدثوا عن مفاجأتهم بموت ابنتهم نتيجة أخطاء طبية.

يقول نزار صالح والد راما" بدأت القصة منذ أن أتينا بطفلتي للمستشفى بناء على موعد أخذناه في الساعة السابعة صباحا من يوم الخميس, وتأخر الفريق الطبي 5 ساعات حتى أُدخلت راما إلى غرفة العمليات في الساعة الخامسة لإجراء عمل جراحي في العمود الفقري" ويتابع" وعند خروجها تفاجأنا بان راما عبارة عن كتلة جليد وعند سؤالنا الممرضة قالت إنها نائمة نوم غزلاني".

ويتابع" انتظرنا 10 دقائق وحين صدر صراخ بعض نسائنا المتواجدات بعد أن شككن بموتها وهي على سريرها, أتت بعض الممرضات ونقلوها إلى العناية المشددة وبقيت من الساعة 6 مساء الخميس لغاية السابعة من مساء يوم الجمعة, ليخبرونا بأن راما قد فارقت الحياة".

ويوضح إن" المرحومة ابنتي دخلت العملية وذلك بعد إجراء كامل الفحوصات والتحاليل اللازمة وجميعها طبيعية وحالتها جيدة, والعملية ليست بالدماغ وليست في القلب وليست خطيرة والمعالج أصر على نجاح العملية مئة بالمائة بالنسبة للتشوه".

واتهم نزار, كامل الكادر الطبي بالتقصير وبعدم إخبارهم حقيقة وضع راما الصحي خوفا من التعرض للمسؤولية وقال"كان هناك تقصير وعدم إتقان بالعمل بالنسبة للكادر الطبي, بل كان هناك عملية إخفاء للمعلومات لإيهامنا بأن الوفاة حدثت قضاء وقدر وليس نتيجة إهمال, اضافة إلى ذلك الممارسات التي عوملنا بها في المستشفى من كامل الأطباء وعدم التكلم معنا حتى على الجوالات وكذلك من قبل عاملي المستشفى"

واضاف والد الطفلة " و ما زاد الطين بله أنهم طلبوا لنا الشرطة, وعند عدم إعطائنا التقارير أو الإيضاحات استرعى انتباهنا أن هنالك خطأ طبي ومهني فادح أدى إلى قتل ابنتي, هذا غير حالة الفوضى والارتباك التي بدت على الأطباء والتي عمت أرجاء المستشفى, حيث تناوبوا الأدوار بالتلميح بصعوبة وضع راما وطلبهم منا أن نفقد الأمل بان تعيش وذلك كان مجرد تمهيد حتى نتقبل الوضع ونوقع على استلام الجثة دون شوشرة أو فتح تحقيق, لكن نحن لم نستلمها وطلبنا الشرطة وقدمنا ادعاء".

وختم والد الطفلة راما" طفلتي المرحومة كانت تعاني من تشوه في فقرات جنبها ولكنها كانت من الأوائل في صفها الخامس الابتدائي ونشيطة وذكية, وما كان لهذه الطفلة البريئة أي ذنب إلا أننا حاولنا تحسين وضعها الصحي لكي لا تمشي ببطء وجنبها ملتوي, ولكن قدر الله وما شاء فعل ويجب أن ينال المقصر عقابه مهما طال الزمن".

 

خال الطفلة : بقيت راما بنفس المواصفات والمعالم منذ خروجها من العملية حتى إعلان وفاتها في اليوم التالي

من جهته أكد المحامي أحمد صالح خال الطفلة المتوفاة على أن راما كانت مثل قطعة من الجليد عند خروجها من العملية وأن الوضع كان ليس طبيعيا وقال"بعد خروج راما من العملية وتحويلها للغرفة رقم /406/ بعشر دقائق كانت الطفلة بحالة ثبات تام وكانت عينيها محدقتين وثابتتين كما أنها كانت تضغط على لسانها بواسطة أسنانها, وبنتيجة الصراخ والبكاء تم نقلها إلى العناية المشددة من قبل الممرضات حيث لم يكن هناك طبيب مناوب, ومن لحظة دخولها العناية المشددة لحين إعلان وفاتها في اليوم التالي بقيت بنفس الثبات والمواصفات هذا ما أثار شكنا وما نحتاج لتفسيره من الجهات المعنية والمختصة".

ويتابع" لم يكن هناك عناية بوضع راما, خاصة بعد انتهاء العملية حيث لم يمر عليها ولا طبيب للإشراف على وضعها ومتابعة مضاعفات العمل الجراحي, لأنهم كانوا يعلمون أنها ميتة وكل هذه المماطلة كانت عبارة عن تبريد أعصاب الأهالي الذين تجمعوا خارج المستشفى, كانوا يتوقعون أن تسير الأمور كما أرادوها من خلال تسليمنا الجثة وإدراج الموضوع تحت جملة قضاء وقدر".

 

أوقف الطبيب الجراح والطبيب المخدر خمسة أيام وخرجا بعد تبرئتهم في تقرير الطب الشرعي الثاني

رفع الأهالي دعوى قضائية ضد كامل الكادر الطبي من أطباء ومشرفين وممرضين ومسؤولي إدارة المستشفى.

كما تم إيقاف الطبيب الجراح (ع.ح) والطبيب المخدر(ع.ع) خمسة أيام استنادا لتقرير اللجنة المكونة من خمسة أطباء شرعيين تم تشكيلها بناء على أمر من القاضي والذي جاء فيه أن "الوفاة لم تنتج عن اختلاط طبي بل جراء خطأ جسيم تسبب بحدوثه الجراح الذي أجرى العمل الجراحي".

لكن بعد ذلك أفرج عن الطبيبين عند تشكيل لجنة مختصة مكونة من سبعة أطباء وجاء بتقريرهم أن "العمل الجراحي كان من الناحية العلمية مقبولا كما أن التخدير والإنعاش كان في الحدود النظامية, ولكن كان هناك خللا في مراقبة النزف حجما وكمية و في التعويض سرعة وحجما".

 

الطبيب الجرّاح: إهمال فريق المتابعة في المستشفى أدى لوفاة راما

ولمتابعة الموضوع ومعرفة ماذا حصل أثناء وبعد العمل الجراحي التقت سيريانيوز بالطبيب الجراح (ع.ح) الذي أجرى العمل الجراحي للطفلة راما وقال" أجريت لراما صالح عملية جراحية لإصلاح /جنف خلقي/, وسار العمل الجراحي منذ البداية وحتى النهاية دون أية اختلاطات عصبية أو نزفية حيث حركت راما طرفيها السفليين خلال العملية وبعدها بشكل طبيعي وكانت كمية النزف مع سوائل الغسل خلال العملية لا يتجاوز 500 cc وهي نسبة قليلة ومسموح بها ثم تم تعويضها بوحدة دم خلال فترة العمل الجراحي من قبل المخدر".

وفيما يتعلق بالمسبب بالخطأ الطبي الذي أودى بحياة راما أجاب" إهمال الطبيب المقيم والتمريض أديا إلى حدوث الوفاة, حيث نذكر في تقرير العمل الجراحي أن على الطبيب المقيم أن يوقظ المريضة كل ساعة ويطلب منها أمام الأهل أن تحرك الطرفين السفليين نحو الأعلى والأسفل للتأكد من سلامة الجهاز العصبي, وعليه أيضا أن يراقب العلامات الحيوية وكمية النزف وكمية السوائل المعطاة كمتابعة لاحقة للعمل الجراحي, لكن للأسف هذا لم يحصل للأسباب التي سيذكرها التحقيق اللاحق في المستشفى".

 

تأخير 10 دقائق في إنعاش المريضة عند توقف قلبها حدث خلاله نقص أكسجه للدماغ

 

الغرفة التي وضعت بها بعد توقف قلبها

وحول حديث الأهل عن إخفاء المعلومات عنهم وخاصة فيما يتعلق بوضعها الصحي وبوفاتها لاحقا أوضح د.(ع.ح)" بعد ساعتين من انتهاء العمل الجراحي ( الخميس الساعة 7 مساء) شهقت المريضة شهقتها الأخيرة وتوقف القلب فصرخ الأهل وطلب التمريض وأنزلت إلى العناية المشددة, وحدث تأخير في إنعاش المريضة حوالي 10 دقائق حدث خلاله نقص أكسجه للدماغ, ولكن تم إنعاشها ووضعها على جهاز التنفس الاصطناعي وذلك بعد عشر دقائق من توقف القلب, وفي اليوم التالي وبعد 24 ساعة من التوقف الأول للقلب حدث توقف آخر وتم إجراء الإنعاش الثاني لمدة 1/2 ساعة دون جدوى فاعتبرت المريضة متوفاة"

و يتابع "هنا دخل أهالي المتوفاة إلى العناية وأحدثوا ضجة في هرج ومرج فتدخل طبيب العناية وأخرجهم عنوة وهددهم بطلب الشرطة إن لم يخرجوا حسب قول الأهل, لعدم إقلاق راحة المرضى الآخرين في القسم".

 

الطبيب الجرّاح: انا بصدد رفع دعوى على اللجنة الخماسية بسبب تعريض سمعتي وحياتي للخطر

خلص تقرير اللجنة الخماسية التي شكلت لمعرفة سبب وفاة الطفلة إلى أن "تبارز البراغي إلى جوف الصدر والبطن هو خطأ وليس اختلاط وهو خطأ جسيم تسبب بحدوثه الجراح الذي أجرى العمل الجراحي" .

بينما كانت نتيجة تقرير اللجنة المشكلة من سبعة أطباء أن" سبب اعتلال الدماغ هو الصدمة النزفية الناتجة عن النزف من مكان العمل الجراحي الذي نصفه بأنه كان ذو ساحة واسعة ونزف دموي شديد وهو عمل جراحي كبير وضخم, وأن العمل الجراحي كان من الناحية العلمية مقبولا, والتخدير والإنعاش كان في الحدود النظامية, وإن مراقبة النزف حجما وكمية, والتعويض سرعة وحجما كان فيه خللا" واعتبر "المستشفى مصدرا للإجابة عن من راقب المريض وراقب هذه الكميات من الخسارة".

وعن التناقض بين التقريرين قال د.(ع.ح)" ورد في التقرير الأول الكثير من الأخطاء إما بسبب الجهل أو لأسباب أخرى, وعند تشكيل اللجنة السباعية والتي ضمت أطباء مختصين في نفس المجال تبين معهم السبب الدقيق للوفاة وقامت بتبرئتي, كما برأني القضاء".

وتابع" أوقفت خمسة أيام على ذمة التحقيق ظلما وهذا ما أساء كثيرا لسمعتي, كما قاموا بتسريب معلومات تقريرهم قبل انتهاء التحقيقات لأهالي المتوفاة, مما عرّض حياتي وحياة الطبيب المخدر للخطر خاصة وأن القصة مازالت حديثة واحتمال الأخذ بالثأر كان وارد, وأنا الآن بصدد رفع دعوى قضائية ضدهم".

وختم بقوله" إهمال ساعتين من فريق المتابعة في المستشفى أدى إلى وفاة المريضة, وكاد أن يؤدي إلى كارثة اجتماعية وكان هناك احتمالية أن يذهب قتلى".

وحول مسؤولية الكادر الطبي والتأكد من الاتهامات التي وجهها الطبيب للمشفى حاولنا معرفة رأي مستشفى دار الشفاء حول الموضوع الا ان مجلس الإدارة فضل "عدم التصريح وانتظار انتهاء التحقيقات وإفساح المجال للقضاء".

محمد سويد - سيريانيوز

 

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ