ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 02/02/2013


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مواقف

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

في تقدير الموقف

في فضاء العلاقة الوطنية ..

نتفق أو نختلف : بلا تخوين ولا تشكيك ولا تهوين ...

زهير سالم*

ربما كانت بعض العدوى قد سرت إلى المناخ الوطني السوري من الأبعد الفاشي المستبد الفاسد . فلقد ابتليت الأذن السورية أن تستمع أن الخيانة والعمالة للصهيونية والامبريالية هي التفسير الوحيد والمباشر لموقف كل مخالف في الفكر أو السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع أو الفن . خلال نصف قرن مضى كان كل شيء يتم فرزه شاقوليا ، وكل اختلاف مرده إلى الخيانة والعمالة للاستعمار والانبطاح للصهيونية .

إننا في العصر الثوري ، وفي تصورنا لسورية الجميلة التي نحلم بها يجب أن ندرك جميعا أن الاختلاف هو طبيعة أساسية من طبائع البشر . وكما يختلف الناس في ألسنتهم وألوانهم وطبائعهم وبلدانهم فإنهم يختلفون في معتقداتهم ومللهم ونحلهم ومذاهبهم في الفكر والفن والثقافة ورؤاهم في السياسة والاقتصاد والاجتماع ..

يرجع سر هذا الاختلاف في بعضه إلى عوامل تكوينية فطرية ، وبعضه إلى عوامل ثقافية وبيئية ، ومنها ما يرجع إلى ما يتوفر لدى كل فرد من المعلومات ، أو ما يصح لديه منها وقدرته على استيعابها وتفسيرها وإسقاطها على الواقع ..

دائما في فهمنا وتحليلنا للاختلاف وأسبابه من المهم أن نقصي عن عقولنا الأسباب الاتهامية : التكفير والتفسيق والتبديع على المستوى الديني ، والتخوين والتشكيك والتهوين والتصغير على المستوى المدني ..

ودائما في فهمنا وتفسيرنا للوقائع والأحداث السياسية والاجتماعية يجب أن نتجنب التفسيرات الأحادية . التفسيرات الأحادية في الغالب هي تفسيرات مضللة . الوقائع والظواهر السياسية والاجتماعية والاقتصادية أكثر تداخلا وتعقيدا . الرجل الذي يستطيع أن يدرك العوامل الحقيقية الكامنة وراء الظاهرة يستطيع أن يتعامل معها سلبا أو إيجابا بطريقة مجدية ومثمرة . ورمي المسئولية على الشيطان في الشأن الديني ، وعلى الاستعمار والصهيونية والامبريالية في الشأن المدني هو نوع من السلوك الهروبي دائما يقول أصحاب هذه المدرسة نحن كاملون ( والحق على الآخر ) .

إن الخطوة الأكثر أهمية في سياق الفهم والتفهم أن يكون الإنسان قادرا على الفصل بين الواقعة وبين الشخص . مناقشة الفكرة ، أو مناقشة الواقعة أو الظاهرة تتم بعيدا عن النيل من أصحابها . نقول هذا موقف خاطئ أو سيء وهذه سياسة مدمرة ، دون أن تمتد العبارة إلى الشخص أو إلى دوافعه وشخصيته . من وصايا الإمام الشهيد حسن البنا الذهبية ( تجنب تجريح الأشخاص والهيئات ولا تتكلم إلا بخير ) .

إن مناقشة الأفكار ، وتوضيح الأخطاء ، والتحذير من الأخطار ، وشرح المواقف ، والتنديد بالانحرافات كل ذلك يتم بعيدا عن شخصنة القضايا وتحويل المواقف العامة إلى صراعات ذات أبعاد شخصية تستجر العداوة والبغضاء بين الناس . كم هو ضروري أن نلتفت مع القرآن الكريم إلى بعض أسرار تحريم الخمر والميسر (( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ )) هل يمكن أن ينسحب حكم الخمر والميسر على كل فعل يوقع بين أفراد المجتمع العداوة والبغضاء ؟! ..

وحين نتحدث عن حرية الرأي والتعبير ينبغي أن نحذر من تحويل هذه الحرية إلى سوط نلسع به ظهور الآخرين ، ونصادر به حريتهم ، فيجد المرء نفسه عاجزا عن الجهر برأيه حذرا من شتم الشاتمين واتهام المتهمين وإرجاف المرجفين . لا يحق للمرء أن يجعل من لسانه سوطا كسوط الجلاد ينال به من كرامة كل إنسان يخالفه الرأي في كبير الأمر أو صغيره على السواء . يجب أن ننظر إلى هذا على أنه نوع من الاستبداد جديد لا يقل بشاعة عن استبداد الأبعدين بشار وشبيحته .

نتفق أو نختلف مع أي جماعة أو حزب أو هيئة أو مجموعة أو شخص في الإطار الوطني لا ينبغي أن يكون السبق إلى إضفاء العصمة إن رضينا أو إلى الرمي بالسوء إن سخطنا . بكل الحب والطاعة نردد قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )) . ( يصلح لكم أعمالكم ) نقول عنها جواب الطلب وتعني إن فعلتم أصلح الله أعمالكم ..

كل ما سبق هو حديث في إطار العلاقات العامة سواء على الصعيد الإنساني العام أو على الصعيد الثقافي أو على الصعيد الوطني ؛ أما حين يكشر الشر عن أنيابه الكالحة في صورة الفعل الإجرامي البين كالذي يفعله القتلة المجرمون اليوم بوطننا وشعبنا فهذا واقع له حكمه من قوله تعالى (( وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ..)) نعم يجب أن يستبين للناس المجرمون وسبيلهم حتى تسقط مدرسة الإجرام بكل رموزها . وعدا ذلك فلا علينا أن نختلف على ما سبقت إليه أي مجموعة أو هيئة أو شخصية وطنية . بشرط أن نتكلم في أجواء الحب والود والتقوى . عسى الله أن يصلح أعمالنا ..

لندن : 20 ربيع الأول 1434

1 / 2 / 2013

____________

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

              

 

ملاحظة : ما يكتبه مدير مركز الشرق العربي يعبر عن رأي المركز فقط

 



 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ