ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 16/09/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مواقف

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

في تقدير الموقف

الرهائن ...

........، ......... ، .......... ، و أنا وأنت

زهير سالم*

 

كانت نواة هذا المقال تعليقا على ما جرى ويجري في ليبية و مصر وتونس احتجاجا على الفيلم السخيف .وتجسدت الرهينة ابتداء في قيادات الربيع العربي التي وجدت نفسها أسيرة واقع لم تستطع أن تجد منه مخرجا . وبعد مقاربة الموضوع بشكل أكبر تبين أن تجسدات ( الرهينة ) أكثر من أن يحاط بها ، وأن الكثير ممن يتحرك حولي وحولك هم رهائن لحالة تملكهم ولا يملكونها ، وأنني وإياك قد نكون بعضا من هؤلاء. راهن ومرهون ومرتهن .

 

 ( يملكوننا ولا نملكهم ) استعارة تاريخية من سيدنا علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يعبر عن حاله يوم الفتنة الكبرى . ويوم وجد نفسه محمولا على الموج إلى بيعة لم يكن يتطلع إليها ، ولم يجد لنفسه سعة في التخلي عنها . هل ترانا نعيش اليوم ذلك الواقع بطرائق مختلفة ؟! هل نحن أسرى واقع يملكنا ولا نملكه . أو ركاب قارب على ظهر الموج بلا شراع ولا مجداف ولا ربان .

 

لا أحد من المسلمين يستطيع أن ينافس أخاه في حب رسول الله والغيرة عليه صلى الله عليه وسلم وبأبي هو وأمي . ولكن ما يجري في دول الربيع العربي من ردود فعل غير رشيدة يجعلك تنظر إلى قيادات هذه الدول وكأنها رهائن في أيدي قوى لا تسيطر عليها ، وتتحمل مسئولية أفعالها .

 

نصبح اليوم بعد أن بتنا منذ ثلاثة أيام على قتل وحرق في القنصلية الأمريكية في بنغازي بطريقة لا يقرها شرع ولا عقل ولا خلق ؛ نصبح اليوم على أخبار دهس في السودان وقتل في مصر وفي تونس وفي اليمن ، سبعة شهداء – أراني أقولها شهداء -  ومئات الإصابات من أبناء الوطن الواحد . فلماذا يفترض هؤلاء الغاضبون أن الشرطي الذي يرجمونه بالحجارة وبغيرها هو أقل حبا لرسول الله وأقل غضبا من العدوان عليه .

 

لا أريد أن أوجه الموقف في أي اتجاه ، فأنا غاضب مع الغاضبين ، ورافض مع الرافضين ، ولكن كما أرفض ذلك الفيلم المسيء أرفض أن يُقتل أي إنسان في جريمة لا يد له فيه ، ولم يكن من جناتها ، وأرفض الكراهية على الهوية والغضب باتجاه بوصلة أثبتت انها لم تكن دائما ممغنطة بطريقة سليمة . وأرفض أيضا أن يقتل هؤلاء المواطنون الأبرياء من أبناء السودان ومصر وتونس . وأرفض أن ُنساق جميعا وراء حالة من الفوضى لا يضبطها ضابط ، ولا يتحكم باتجاهها حكيم . وأشعر أن القوى التي ارتفعت على موج الثورة عندما كان موجها ضد المستبدين ؛ أصبحت الآن رهينة هذه القوى التي رفعتها نفسها ، فمن يضبط من ؟ ومن يقود من ؟ ومن يفكر ويقدر لمن ؟ هل تحولت قيادات الربيع العربي إلى ( رهينة ) لواقع يملكها ولا تملكه ، وتجد نفسها مضطرة ( لممارسة القتل ) للسيطرة عليه ؟!

 

وأعود إلى الواقع السوري ويبدو أنه لن يكون من السهل تسمية الحقائق بأسمائها ، وتسمية الحقائق بأسمائها أول الحكمة كما تقول بعض الشعوب وهو الدليل الأول على حالة الارتهان التي نعيش . وربما يجب الاحتراز أكثر ونحن نتحدث عن رهائن وعن ارتهان  فهذا الحديث لا يتعلق بالارتهان إلى قوى خارجية أو داخلية ؛ وإنما يتعلق بالارتهان إلى واقع معقد ومتشابك لا يسع كل من يقاربه أن يصفه بالصراحة والجرأة التي يستحق . ولا يسع من يقاربه إلا أن يغرق فيه .

 

من أين نبدأ ؟ وأين ننتهي ؟ والكل يحاول أن يتماهى مع الواقع رضي أو لم يرض به . وتبرير الواقع ، وإعادة تفسيره ، وترقيعه ، والهروب منه ؛ كل ذلك تعبير عن حالة من الارتهان لا تجرؤ على مواجهة هذا الواقع ولو ( بلا ) دبلوماسية لطيفة  .لا أحد من الرهائن في مراتبهم ودوائرهم المختلفة يملك القدرة على قرار ، أو على تحمل مسئوليته ..

 

وهكذا تتسع دائرة الارتهان وتمتد ، وبعيدا عن الاتهام بسوء النية ، نجد أن العقل الفردي والجماعي ، والعقل السياسي والاجتماعي وأحيانا العقل الشرعي أصبح رهينة لا يقدر على التفكير ولا يمتلك حرية التعبير .

 

دوامات الارتهان هذه التي لا يكاد يفلت منها أحد ، كما لا يكاد يسيطر عليها أحد تجعل الكثير من القوى التي لا تقبل أن تضع قدمها في موطئ زلق تتردد كثيرا في المراهنة على رهائن سيعتذرون – وإن حسنت نياتهم وحاولوا أن يفوا بوعودهم  - أنهم لا يملكون من أمر الذي يجري حولهم شيئا .

 

لندن : 15 / 9 / 2012م

____________

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

              

 

ملاحظة : ما يكتبه مدير مركز الشرق العربي يعبر عن رأي المركز فقط


 


 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ