ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 02/06/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مواقف

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

في تقدير الموقف

الثورة السورية والحل اليمني ..

هل يصلح المستر هايد بديلاً للدكتور جيكل...؟!

زهير سالم*

 

لا تبحث قيادات المجتمع الدولي المشغولة بهمومها ومصالحها عن هم إضافي يشغلها في هذا القطر أو ذاك . لقد رأت هذه القيادات على مدى قرن مضى في أنظمة الاستبداد الثوري الحاكمة في العالم العربي ضامنا لحالة من الاستقرار ، ولو بممارسة كل بشاعات الأنظمة السلطوية . لقد أتاح لها الاستثمار في هذه الأنظمة فرصا كثيرة ، ووفر عليها الجهد لمتابعة التغيرات والتطورات وحساب الاحتمالات . ومن هنا جاءت أنسام الربيع العربي مربكة لهذه القيادات إلى حد كبير . وكانت هذه الأنسام في سورية أشد إرباكا حيث ما زالت هذه القوى عاجزة عن توفير بديل ضامن يقنع القوى الثورية ويضمن ما ضمنه المجلس العسكري في مصر من أفق لهذه التغيرات .

 

يطفو على السطح اقتراح السيد أوباما أعلن فيه أنه سيدرس مع نظيره الروسي حلا في سورية على الطريقة اليمنية . !!!

 

بالنسبة إلينا يربط الشام باليمن دعاء نبوي كريم بالبركة للقطرين الشقيقين : اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا . وهو دعاء طالما اعتز به أهل الشام وأهل اليمن على السواء . ولكننا ومع تقليبنا لحقيقة طرح رئيس أقوى دولة في العالم لهذا الحل نتأكد أن الاقتراح إنما نشأ من فراغ كما ألقي في فراغ . وأن الرئيس الذي اقترحه إنما يريد أن يتخلص بأي طريقة من مشكلة فرضت نفسها عليه في عام تجديد ولايته فهو لا يستطيع تجاهلها ولا يستطيع التفرغ لها.. ويشكل هذا أحد وجوه تعقيد الأزمة على المستوى الدولي .

 

فلو قارب السيد أوباما الحل اليمني بموضوعية أو فعل ذلك له مستشاروه لتنبه أن الأشقاء العرب الذين قدموا الحل المعقول للوضع اليمني عن خبرة ودراية واطلاع قدموا في الوقت نفسه الوصفة المناسبة للحالة السورية عن خبرة ودراية واطلاع أيضا . ولكن ارتفاع كلفة الوصفة العربية للحالة السورية جعل الرئيس أوباما يستنجد بالوصفة اليمنية فقط لأنها أقل كلفة . لقد ذكرني السيد أوباما بطريقة جدتي يوم كانت تصر على تناول نفس الدواء الذي استخدمته جارتها فشفيت من مرضها بجامع أن كلتيهما كانتا تعانيان من ارتفاع الحرارة .

 

ربما لم يخطر على بال مستشاري السيد أوباما أن يقارنوا مثلا بين حصاد سياسات القمع في سورية وحصادها في اليمن . حيث لم يقتل في اليمن ثلاثة في المائة من عدد القتلى في سورية. لم يقتل في اليمن شهيد واحد تحت التعذيب ، وهذا أكثر أهمية من القتل نفسه . عدد الأطفال الذين قتلوا في سورية وحدهم ضعف عدد الشهداء الكلي الذين قتلوا في اليمن من جميع الأعمار. حالات الاغتصاب التي لا تعرفها القواعد البشرية المؤيدة لعلي عبد الله صالح تجاوز أتباع بشار الأسد في ارتكابها كل الحدود . وحالات التمثيل بالأجساد و الاعتقال والتعذيب وهدم البيوت وإحراق المحاصيل كل هذه الجردة من الملفات الإنسانية قد تجعل في المساواة بين الحالتين السورية واليمنية ضربا من العبث لا يقدم عليها من يبحث عن حل حقيقي ذي مصداقية . لقد أقر مجلس الأمن من قبل مبادرة كوفي عنان كنوع من إلقاء العبء عن الكاهل . وكان الجميع يعلم أن المبادرة فاشلة ومع ذلك لا تزال تشكل كما يقولون الخيار المتاح الوحيد ..

 

والمفارقة الثانية بين الحالتين السورية واليمنية هي حالة توازن القوة التي يتمتع بها المجتمع اليمني المسلح القادر في كل مرحلة على حماية دمه وعرضه وماله عندما يتعرض لتهديد حقيقي . لم يشهد اليمن أي حادثة يمكن أن نطلق عليها مصطلح مجزرة كالذي جرى في الحولة أو في كرم الزيتون أو في بابا عمرو أو في كفر عويد . سنرجع ذلك بالتأكيد إلى مستوى من الضبط الأخلاقي يتمتع بها الطرفان المتخاصمان . لا يجد المعارض اليمني غضاضة وهو يشن هجومه علي عبد الله صالح أن يقول الأخ الرئيس ؛ بينما قاد بشار الأسد المشهد في سورية بما ارتكب من فظائع أن ينظم لروحه وروح أبيه ترتيلة لعن تنطلق بها أصوات الثائرين ...

 

وبين الحد الأدنى من الأخلاقية العامة والشعور باللحمة المجتمعية على خلفياتها المختلفة وجدت المبادرة العربية في اليمن سياقها . يتنحى الرئيس لتتعامل القوى المتطاحنة في إطار من الشد والجذب. لقد تضمن الاقتراح العربي لسورية الانتقال بالمجتمع السوري أولا إلى الحالة اليمنية ، لإيجاد حالة من توازن القوة بين قاعدتي النظام العسكرية والميلشياوية المؤتمرة بأمره حتى عندما يأمرها بقصف المدن وتنفيذ المذابح وبين القوى المجتمعية المهددة دائما بالقتل والانتهاك والاعتقال لتكون قادرة على حماية وجودها . ربما يصلح هذا المدخل فيما بعد قاعدة لحل ما على الطريقة اليمنية ، حلا لا يقوم على العلاقة بين الجدلية بين الأعناق والسيوف .

 

ما لا يريد أن يقر به السيد أوباما والمجتمع الدولي هربا من كلفته أن كل المآسي والفجائع التي ارتكبت في سورية لم يقم بها بشار الأسد بشخصه – وهذا لا يعني إعفاء له من المسئولية – وإنما ارتكبتها قاعدته العسكرية والميلشياوية على السواء . وإن كنا لا نتصور فصاما أو خلافا بين الجزء الظاهر من سفينة النظام والجزء الغاطس منها فإننا نستطيع أن نقرر أن بشار الأسد هو وجه الدكتور جيكل الوادع لحقيقة مسترهايد الشرير . اقتراح الحل اليمني للحالة السورية يعني إسقاط البرقع عن وجه الشر ليواجهه السوريون كفاحا قد يكون هذا إيجابيا إلى حد كبير ولكن أي حل يمثله غير تسعير القتل وتأجيج النار ...

الخميس 31/5/2012م

----------------

*مدير مركز الشرق العربي

للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

 

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ