ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 09/03/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مواقف

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


بسم الله الرحمن الرحيم

الثامن من آذار.. ثلاثةٌ وأربعون عاماً من الخيبة

بيان جماعة الإخوان المسلمين في سورية

يا أبناء شعبنا في سورية الحرة الأبية..

لا يأتي هذا البيان في هذه الذكرى الفاجعة، في سياق حربٍ إعلامية، ولا نوعاً من تراشق الكلام بين خصومٍ متشاكسين؛ إنما هو دعوةٌ لوقفةٍ وطنيةٍ موضوعيةٍ هادفة، في مواجهة الحصاد المرّ للعقود العجاف التي عاشها شعبُنا وما يزال.

لن يكونَ بمقدور أحدٍ يتمتّعُ بالحدّ الأدنى من التفكير السليم، أن يجحدَ الإحصاءات، أو يتنكّرَ للوقائع، فيقلّلَ من حجم الانهيار الكبير الذي بدأ مع صبيحة الثامن من آذار 1963؛ الانهيار الذي أصاب الأرضَ والإنسانَ والدولةَ والمجتمعَ على حدّ سواء.

كانت أولَ ملامح هذا الانهيار، عزلُ شعبنا عن ميادين المشاركة في رسم سياساته واتخاذ قراراته، وعن التنافس الحرّ الشريف، في التنمية وبناء الذات. حالةٌ سياسيةٌ رهيبة، أناخت على قطرنا، كان أبرزَ عناوينِها غيابُ القانون واختفاءُ العدل، وتسلّطُ فئةٍ من المغامرين والمنتفعين على مقدّرات الوطن وحياة الناس؛ مما كرّسَ عطالةً عامةً وشللاً اجتماعياً، وقاد الوطنَ إلى حالةٍ من التصحّر الإنسانيّ والتنمويّ الذي نعيش. إنّ إخراجَ مجتمعنا من ميادين العمل الوطنيّ العام، والتنافس الحرّ البنّاء، كان الضربةَ القاصمةَ لكلّ محاولات النهوض. وإنّ وقفةً مجملةً عند حالة الحراك الإنسانيّ والقوميّ والوطنيّ، التي كان عليها الإنسان السوريّ عشيةَ السابع من آذار 1963، تجسّدُ الحقائقَ صارخةً في وجه من دمّروا الوطنَ وكبّلوا الإنسان.

كان البناءُ النفسيّ للإنسان السوريّ بذخره وعنفوانه، هو الهدفَ الأولَ في مخطّط التدمير!! فعْبرَ دوامةٍ قاسيةٍ من سياسات القتل والاعتقال والتهجير، ومحاربة الأرزاق، وشراء الذمم، والعدوان على القيَم.. تحوّلَ المواطنُ السوريّ من صانع أول وحدةٍ في تاريخ العرب الحديث، ومن متصدٍّ لموجات العدوان الخارجي، ومتمرّدٍ على كلّ محاولات الهيمنة الأجنبية، وطارحٍ لمشروع قوميّ لتحرير فلسطين؛ إلى متفرّجٍ يرقبُ الأحداثَ بطرْفٍ ساهمٍ كليل. وأصبحَ - بفعل سياسات التكبيل والتنكيل - بمقدور ساكن القصر الجمهوريّ في دمشق، أن يتباهى بالحديث عن المساومة على أرض فلسطين، تحت عناوينَ مموهّةٍ وشعاراتٍ مزخرفة خدّاعة.. دون أن ينطليَ شيءٌ من ذلك على شعبنا، أو يغيبَ عن وعيه وعقله. ولكنّ سطوةَ الحديد والنار، والقتل والتعسّف والانتهاك.. هي التي أسكتَتْ وما تزالُ تُسكِت الكثيرين.

وكان المجتمعُ السوريّ بقيَمه السامية، وتكافله الاجتماعيّ، ولحمته الوطنية، هدفاً آخرَ لمعاول الهدم. بدأ العدوانُ على القيَم، وانتقل إلى الأسرة، وطاول بُنى المجتمع المدنيّ بكل صيغها التقليدية والمعاصرة، فخلخل البناءَ الأسَريّ، وحطّم رابطةَ العشيرة، ونخرَ سوسُ المفسدين الوحداتِ الاجتماعية، وصودِرَت الأوقاف، ونُهِبَت الجمعيات الخيرية، وحُلّت النقابات لتجريَ الانتخابات لمنتسبيها في أفقٍ حزبيّ متعصبٍ مقيت، وبثّ الهدّامون في مجتمع الوحدة الوطنية سياساتِ الاستئثار، وغذّوا مشاعرَ الكراهية، ورفعوا المتعاونين معهم فوقَ رقاب الناس، واشترَوا الذممَ الرخيصة ووظّفوها في خدمة مآربهم، فأثاروا النعراتِ الطائفيةِ والإثنية، ووظّفوا كلّ ذلك في خدمة مشروعاتهم  الشخصية، إمعاناً في تمزيق المجتمع وإذلاله.

  وطال الانهيارُ الدولة.. فكان الدستورُ الذي فرضوه وصمة عارٍ في جبين من شرّعه وزوّر إقراره؛ دستورٌ يلغي المساواةَ بين المواطنين، ويرفعُ فئةً من الناس تحت مسمّىً حزبيّ، إلى مقام الوصاية على الدولة والمجتمع، وكأنّ الشعبَ لم يجاهدْ ولم يبذل الكثيرَ من دماء أبنائه ليُسقطَ جميعَ أشكال الوصاية والانتداب. ثم أصبحَ هذا الدستور - على هُزاله - ألعوبةً بأيدي المتلاعبين، يعدّلونه عندما يشاءون، ويوظّفونه لخدمة مآربهم ومصالحهم. وشرع الهدّامون في بُنية القانون الذي سخّروه لمآربهم، فسنّوا قوانينَ للقتل، وأخرى للاستئثار، فكان القانون رقم (49) في عام 1980، الذي يحكم بإعدام المواطنين على هويتهم الدينية والفكرية. وكانت قوانين المصادرة والعبث بالمال العام، والتسلّط عليه تحت شعارات الاشتراكية.. وعزّزت ذلك حالةُ الطوارئ التي لا تزال مفروضةً على شعبنا، والمحاكمُ الاستثنائيةُ التي لا تزال تصدرُ أحكامها الجائرةَ بحقّ المواطنين.

وأضاع انقلابيو الثامن من آذار من السياسيين والعسكريين أرضَ الوطن، في ساعة هرجٍ عامَ سبعةٍ وستين، وكانوا من قبلُ قد فرّغوا الجيشَ من طاقاته وقدراته، وألقَوْا به أشلّ أعزل، في أتونِ حربٍ كانت مخطّطةً مبرْمَجَة، فكان من ضياع أرض الوطن ما كان. ثم حرَفوا الجيشَ عن مهامّه الأساسية، فأمسكوا بمفاصل القوة، وسيطروا على ضباطه وجنوده الأشاوس، وحوّلوهم من (حماة الديار) إلى حرّاس المصالح ونظّار المزارع.

ولم يكن الحصادُ المرّ لهذه العقود العجاف، قاصراً على شعبنا في سورية وحدَه، بل تجاوزَتْ سياساتُ الاستبداد والتسلّط والفساد حدودَ الوطن، فلم يسلَمْ منها شقيقٌ أو صديق.. ونالَ إخوتَنا أبناءَ فلسطين وأشقاءَنا في لبنان بشكلٍ خاص، نصيبٌ وافر، عندما تحوّلت الساحةُ اللبنانيةُ إلى مسرحٍ آخر لكلّ هذه السياسات والجرائم.

  أيها المواطنون الشرفاء.. إن سِفْرَ المأساة الذي افتتحت صفحاته منذ الثامن من آذار 1963، لأطولُ من أن يحيطَ به بيان. لكنها وقفةٌ مع الذات نفتحُ من خلالها أمامَ الإنسان السوريّ، والمجتمع السوريّ، والجيش السوريّ.. نوافذَ الأمل على طريق العمل الوطنيّ المشترك، لاسترداد الحرية والكرامة والمكانة والعنفوان.. (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون..)

لندن في 8 من آذار (مارس) 2006

جماعة الإخوان المسلمين في سورية

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ