ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 28/06/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

ربع قرن في سجون القائد

 الخالد في الجحيم

معتقل تدمري سابق

كانت البداية من على باب المسجد بعد أن خرجت من صلاة الظهر و قبل أن أرتدي حذائي و إذ باثنين من العناصر المدنية المسلحة يتأبطان كلتا ذراعي بقوة رهيبة و يقوداني أمام جموع المصلين إلى سيارة بيجو بيضاء سرعان ما حشراني داخلها بعد أن استل أحدهم من جيبي قطعة ذهبية إشتريتها صباحاً لأهديها لزوجتي و سارت السيارة بعد أن أُغلقت عيناي بعصابة ضاغطة ستصاحبني في أغلب الأوقات طوال السنوات القادمة فتح باب الزنزانة و قذفت داخلها لكني لم أسقط على الأرض لأنه لا يوجد شيء في هذه الزنزانة و لا حتى الأرض إلا البشر فقد سقطت على كتل بشرية متكدسة فوق بعضها لقد كانت الزنزانة أشبه بمنحدر بشري فعند الباب لا يوجد إلا طبقة واحدة من البشر و لكن هذه النعمة ثمنها السياط و الجلد كلما فتح الباب أما في آخر الزنزانة فكانت هنا أربع طبقات بشرية متكدسين بطريقة عشوائية و مأساوية في نفس الوقت أما أنا فاخترت السياط و الجلد مع كل فتح للباب لا لشيء إلا لأني أحب الهواء كثيراً و لا أستطيع العيش بدونه فقد كان هناك بعض الأخوة يتقاسمون الهواء فيما بينهم فينتقل أحدهم من الطبقة الأولى للثانية ثم الثالثة ثم الرابعة حتى يحصل على الهواء و يومياً كان هناك بعض الأخوة يموتون اختناقاً قبل أن يصلوا للطبقة الرابعة بقينا على هذه الحالة لأشهر متعددة إلا أن الجثث الخارجة لم تقلل العدد لأنهم سرعان ما يأتون بأكثر من أخ واحد بدل الشهيد الخارج في مرحلة متقدمة و بعد انتهاء التحقيق (تلك المرحلة التي لن أستطيع الآن الحديث عنها) جردونا من ملابسنا تماماً و حشرونا في زنزانة من طبقتين بشريتين هذه المرة كان يلوذ بي في تلك الفترة أخ صغير كان في الثانية عشر من عمره كان يختبئ وراء ظهري بغية التستر من انكشاف عورته و بعد أربعة أشهر أعادوا لنا ملابسنا كان السبب في ذلك أننا ذاهبون إلى معتقل تدمر و لن نخرج منه إلا مع إغلاقه بعد قرابة ربع قرن ففي عام (2001) و في الشهر السابع تم إغلاق سجن تدمر و نقلونا لنكمل بقية ربع القرن في معتقل صيدنايا لنخرج إلى الدنيا وقد مر على آخر مرة ودعناها ربع قرن كامل لن أتحدث كذلك عن هذه السنوات الطويلة في سجن تدمر فليس المقام للإطالة و لكن سأذكر مشهدين :

ـ أحدهما للأخ الصغير الذي رافقني إلى معتقل تدمر و كان يلوذ بي دائما فقد فتح باب الزنزانة كالعادة لأخذ الطعام و كانت الأوامر أن يقف الجميع عند فتح الباب و وجوههم للحائط دون أي التفات و بالفعل وقفنا و إلى جواري ذلك الأخ الصغير و إذ بي أسمع صوت السجان ينادي على الصغير فلم يكد يقترب منه حتى عاجله بيد المغرفة التي يصب بها المرق في عينه قائلاً له و بأشنع الألفاظ لماذا التفت بطرف عينك يا..... و رجع الأخ الصغير إلى مكانه و قد امتلأت ثيابه بالدماء المتدفقة من عينه المفقوءة ليقف إلى جواري ريثما يغلقوا الباب علينا و بقيت عين الأخ الصغير متدلية على و جهه حتى استدعي للمحاكمة و كان رئيس المحكمة سليمان الخطيب فما أن دخل عليه الأخ الصغير و قبل استجوابه بادره سليمان الخطيب بالقول (ما هذا المنظر بماذا سوف أحكم عليك روح إعدام) و بالفعل بعد عودة الأخ الصغير من المحكمة بأربعين يوماً استدعي لتنفيذ حكم الإعدام و نفذ عليه و لم تكن عينه قد اندملت بعد.

ـ المشهد الآخر الذي لا يزال يراودني حتى الآن عندما فتح باب الزنزانة و كان يقف السجان و خلفه بعض العناصر فأخذ يشير لبعض الأخوة ليخرجوا عشوائياً دون تحديد للأسماء حتى اختار ستة عشر أخ و أبقى باب الزنزانة مفتوحاً و بدأ العرض فسرعان ما انقض العناصر على الأخوة و ألقوهم أرضاً و أخرجوا أمواس صغيرة من جيوبهم و بدؤوا بحز رؤوسهم لقد استغرق الأمر فترة طويلة لم نكن أمام مشهد لقطع الرؤوس بل لنتف الرقاب و عندما أنهوا عرضهم الدامي أغلقوا علينا الباب و انصرفوا. هذا غيض من فيض أحببت أن أهديه لروح القائد الخالد في ذكرى وفاته المتزامنة مع ذكرى مذبحة تدمر

(وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ).

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ