مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم السبت 06 / 12 / 2003م

ــــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع |ـكتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحة اللقاء | البحث في الموقع |
ـ

.....

   
 

اتفاقات .. الياقات

افتتاحية جريدة البعث السورية 3/12/2003

يستند كل فعل إلى ذهنية توجهه. والذهنية ـ لا شك ـ تتشكل وفق عوامل كثيرة، ربما كان من أهمها مجمل الوضع الذي يعيشه صاحب الفعل، إضافة إلى عوامل بنيته الشخصية والفكرية، وأطر وعيه ومضامين هذا الوعي..

في كثير من الأحيان تتقاطع العوامل المكونة للوعي، وتفترق بين مجموعة العوامل الأصلية المتجذرة في أرضية ثقافية معينة، ومجموعة العوامل المرتبطة بالوضع الشخصي لصاحب الفعل، بما يؤدي إلى تراجع المكونات المبدئية للوعي، مقابل تقدم المكونات الوضعية..

وغالباً ما يكون (الوضع) محصلة لشروط ملموسة تنتج نمطاً من التفكير يتعارض ـ خطياً ـ مع النمط المرتبط بالوعي المبادئي..

هذه الحالة ليست نظرية أو مجردة، وإنما هي حالة تكاد تغلب على التعامل السياسي مع الوقائع والحقوق.

أنت تنام في الفندق ذاته، أو بالأحوال ذاتها، مع الذي اغتصب حق شعبك، وتسهر وتلبس (الياقة) ذاتها، فتميد أركان الصورة الحقيقية للأوضاع أمام ناظريك، وتشعر أنك (متساو) معه تماماً، مما يجعلك تعتقد ـ في شعورك الخفي ـ أن (قضيتك) مساوية تماماً (لقضيته) وأن له (الحق) تماماً كما لشعبك الحق، وأن الحل هو في مكان ما في منتصف الطريق..

تتساوى أمام ناظريك، تماماً، قضية الدبابة والبلدوزر، مع قضية الشوارع الملطخة بدماء الأطفال والبيت المهدم على رؤوس أصحابه والشعب المشرد منذ كثر من نصف قرن..

تتساوى أمام ناظريك، تماماً، فأس العدوان وشجرة الزيتون المقتلعة من أرضها، بل ربما توجه الاتهام إلى هذه الشجرة المشاكسة التي لا تستطيع أن تصل إلى مستوى (حضاري) مناسب كي تفهم (قضية) الفأس وحاجاته..

وتصبح (حضارياً) و (واقعياً) و(متفهما)، بل لعلك ـ في أعماق نفسك ـ تسخر من الأطفال (الرومانسيين) الذي يواجهون الدبابة بحجر والمدفع بصدر عار إلا من اليقين بالحق.. والوطن.

تسخر في أعماقك حتى من دماء تلك الشابة التي أتت من أمريكا، شهيدة فلسطين، (ريتشيل كوري) وتستغرب كيف لم يفهم جسدها المطحون طحناً على الأرض المقدسة (حقوق) البلدوزر الذي دهسها و(مصالحه).

ولا تنس، وأنت توقع أو تحاور، أن تتلمس ياقتك وربطة عنقك كلما فعلها (محاورك) الذي يحتل أرضك. ألست (متساوياً) معه ؟.. أما الابتسامة فهي ضرورية أمام كاميرات (العالم المتحضر)، بانتظار الابتسامة الكبرى عند استلامك ـ ربما ـ جائزة نوبل (للسلام).

مناظر جميلة على شاشات التلفزيون، ليست كتلك المناظر التي تشاهد فيها أجساد عشرات الأطفال والنساء والشيوخ العرب ممزقة في شوارع أقدس أرض في هذا العالم..

ويبدو أن الاحتلال والعدوان، والتحرير وحقوق الشعوب مفاهيم لا معنى لها (غير حضارية) و(غير واقعية) ألم يعلمك أستاذك الكبير (العزيز هنري) بأن الحق حقان، حي مبادئي يجب أن يحبس في خيال الناس، وحق (واقعي) ينتج عن الـ (status quo) هو (الحق) الوحيد الممكن..

أما (المقاومة) فربما كانت ركناً من أركان (الشاعرية العربية) ومنتجاً من منتجات (الخيال العربي الواسع). فمقاومو لبنان وفلسطين، الشعب الصامد في الجولان، كلهم مجرد شخوص خرجت ـ ربما ـ من (ألف ليلة وليلة) ولا وجود حقيقياً لهم على أرض الواقع.

لتوقع الياقات ما أرادت من اتفاقات ووثائق (سواء كانت في إطار الديبلوماسية العامة أم الرسمية). وقد وقعت اتفاقات كثيرة في العقود الماضية.. لكن الكلمة الأخيرة تبقى لأولئك (الرومانسيين) الذين (يحلمون) بالسلام الحقيقي، الذي هو نقيض تام للاحتلال والعدوان.

رئيس التحرير

مهدي دخل اللهالسابق

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

for

S&CS

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

ــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |
ـ