مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم السبت 18 / 10 / 2003م

ــــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع |ـكتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحة اللقاء | البحث في الموقع |
ـ

.....

   
 

الإعلام السوري الرسمي 

والخروج من عنق الزجاجة

رفيق قوشحة

إذا أردنا أن لا نخفي الشمس وراء غربال فيجب أن نعترف أن الإعلام في سوريا يعاني من أزمات ومشاكل عميقة تحتاج معالجتها إلى كثير من الجدية والحكمة وطول النفس، وليس عبثاً على الإطلاق أن يوجه رئيس البلاد منذ فترة لتشكيل لجان تقوم بإعداد دراسات لوضع الإعلام في بلدنا بغية الوصول إلى فهم واضح لمشكلاته وأزماته وبالتالي إيجاد الحلول المناسبة لإخراجه من عنق الزجاجة.

العام والخاص:

لعل جزءاً كبيراً من مشاكل الإعلام الرسمي ترجع إلى الوضع العام الذي تعاني منه مؤسسات الدولة كافة، مثل تضخم عدد الأيدي العاملة وتدني الأجور والتعويضات وقدم التعليمات والقوانين التي تحكم آليات العمل، إلا أن ثمة مشكلات تخص المؤسسات الإعلامية وحدها، ويمكن تجاوزها من داخل هذه المؤسسات مثل إصدار مطبوعات جديدة ومتنوعة لاستيعاب الكادر الكبير (وليس إغلاق مطبوعات كانت موجودة أصلاً) والاعتماد المكثف على الكفاءات المهنية وربط المردود بالإنتاجية وجودة الأداء وتعديل بعض القرارات المتعلقة بآليات العمل مثل قرارات حجم العمل وتعويضات الاستكتاب وغيرها، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تطوير ملحوظ في الأداء اليومي للمؤسسات الإعلامية الرسمية.

كفاءات متميزة:

ليس صحيحاً أبداً أن الإعلام السوري الرسمي معدوم الكفاءات بدليل أنه ومنذ عقود يرفد الصحف ومحطات التلفزة العربية بإعلاميين أكفاء يمارسون عملهم بمستوى أداء رفيع وتكاد لا تخلو محطة فضائية عربية متميزة من عدد من الإعلاميين السوريين المتميزين، وهذا ما يطرح سؤالاً طريفاً هو: لماذا يبدع الإعلام السوري في فضائيات وصحف العرب ويهبط مستوى أدائه في مؤسسات بلده؟! هذا يقودنا بالضرورة إلى الاعتراف بأن المشكلة ليست في ضعف الكفاءات أو ندرتها بل في ضعف أداء المؤسسات الإعلامية والمناخ العام للإعلام في بلدنا وآليات العمل البالية التي تهيمن على أداء هذه المؤسسات والمرتبطة بمجموعة من القوانين والأنظمة القديمة التي تحتاج إلى تغيير، إضافة إلى الضعف الشديد في مستوى الأجور والتعويضات.

من إعلام الدولة إلى إعلام الحكومة:

لقد تحول الإعلام في سوريا بحكم تطورات سياسية داخلية على مدى عدة عقود من إعلام للدولة يمارس دوراً نقدياً قوياً ومؤثراً إلى مجرد إعلام يروج للأداء المؤسساتي بدلاً من نقده وممارسة رقابة مدروسة عليه، كما كان الأمر حتى منتصف الثمانينيات الأمر الذي أدى إلى تضييق هامش النقد المتاح وانطواء الإعلام عن دوره الحقيقي، ومع دخول بعض المؤثرات الأخرى على الخط تحول الإعلام إلى مجرد التطبيل والتزمير بطريقة شعبوية وسطحية أدت إلى انحساره التدريجي من المجتمع (تدل على ذلك أرقام توزيع الصحف المتدنية) رغم التزايد الكبير في عدد السكان وانعدام المنافسة مع أي صحف أخرى تصدر في البلاد حتى وقت متأخر.

إن تغييب الدور النقدي لإعلام الدولة يفقده معناه وإن اقتصار دوره على مجرد نشر ما يحدث داخل مؤسسات الحكومة بشكل شبه محايد في الغالب يحوله من منبر للنقد والحوار مع المجتمع إلى مجرد منشور رسمي يقدم معلومات لا تهم أحداً بتضخيم مفتعل أحياناً كأن تنشر الصحف الرسمية أرقام مبيعات بعض المؤسسات الإنتاجية الحكومية أو أخبار جولات المسؤولين الروتينية إلى بعض المواقع أو أخبار قمع مخالفات السكن وغير ذلك مما لا يحتل أية حساسية أو أهمية لدى المتلقي في المجتمع.

إن الخروج من هكذا أزمة يعيشها الإعلام السوري فعلاً يقتضي قرارات جريئة وسريعة، ولم يعد تأخير منح الموافقات على إصدار صحف مستقلة أمراً مبرراً بأي حال من الأحوال ناهيك عن ضرورة تطوير المؤسسات الإعلامية الرسمية بشكل سريع وفعال كي لا يفوتنا القطار تماماً.

إن وجود أكثر من عشرين صحيفة في بلد عربي ناشئ مثل اليمن ووجود صحافة حرة في المحيط العربي لسوريا في الأردن ولبنان ومصر أيضاً يجعل من وضعنا الإعلامي مخجلاً حقيقة ولا يليق بسوريا حاضراً وتاريخاً وثقافة وشعباً.

نقلاً عن مجلة أبيض وأسود السوريةالسابق

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

for

S&CS

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

ــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |
ـ