مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم السبت 26 / 10 / 2002م

ـ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار |
ـ

.....

   
 

كتـــــب

الكنز المرصود في قواعد التلمود

القسـم الأول

كتاب الدكتور (روهلنج)

عن عقائد اليهود بحسب التلمود

تمهيـد

جمع الدكتور روهلنج كتابه المسمى (اليهود على حسب التلمود) وبين فيه معتقدات بني إسرائيل بغاية التفصيل، وطبع في باريس بعد ترجمته باللغة الفرنساوية بمعرفة مارتيني.

أما الدكتور (روهلنج) فهو مدرس في مدرسة (براج). فمن قراءة هذا الكتاب يمكنك أن تقف أيها القارئ العزيز على كل ما يختص بالقواعد التلمودية وما كانوا يصفون به العزة الإلهية تعالى الله عما يشركون. ويمكنك أن تعرف منه سبب عدم تقدم هذه الأمة التعيسة وعدم تمدنها. فهي كما جاء عن أفرادها(1) (ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون)(2) فلا تراهم مشغولين إلا بنهب أموال العالم التي يقولون أنها تعلقهم(3) ولهم الحق في استردادها بأي طريقة كانت، ولو بالنهب والسرقة وارتكاب المنكر، نعوذ بالله من الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، المبشرين بعذاب أليم (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)(4).

الكتاب الأول

في معلومات عموميات(5)

الفصل الأول

(التلمود)

شروحات التلمود ـ ما يحتوي عليه ـ حيل الحاخامات التي يستعملونها لإخفاء تعاليمهم عن المسيحيين ـ طبعات التلمود المختلفة.

أخذ الربيون(6) والحاخامات تعاليمهم ومبادئهم عن الفرّيسيين الذين كانوا متسلطين على الشعب أيام المسيح، يحضونه(7) على اتباع ظواهر شريعة موسى، ويحفظون لأنفسهم تفسير التقليدات المتصلة إليهم.

وبعد المسيح بمائة وخمسين سنة خاف أحد الحاخامات المسمى (يوضاس) أن تلعب أيدي الضياع بهذه التعاليم، فجمعها في كتاب أسماه (المشنا).

وكلمة مشنا(8)، معناها الشريعة المكررة لأن شريعة موسى المرصودة في الخمسة كتب التي كتبها مكررة في هذا الكتاب. أما الغرض من المشنا فهو إيضاح وتفسير ما التبس في شريعة موسى، وتكملة الشريعة على حسب ما يدعون.

وقد زيد في القرون التالية على كتاب المشنا الأصلي شروحات أخرى صار تأليفها في مدارس فلسطين وبابل.

ثم علق علماء يهود على المشنا حواشي كثيرة، وشروحات مسهبة دعوها باسم (غاماراة). فالمشنا المشروحة على هذه الصورة مع الغاماراة كونت التلمود فكلمة التلمود معناها: كتاب تعليم ديانة وآداب اليهود.

وهذه الشروحات مأخوذة عن مصدرين أصليين:

(أحدهما) المسمى بتلمود أورشليم، وهو الذي كان موجوداً في فلسطين سنة /230/.

(وثانيهما) تلمود بابل، وهو الذي كان موجوداً فيها سنة /500/ بعد المسيح ولا يحتوي على أقل من أربع عشرة ملزمة. وهو تارة يكون بمفرده وأخرى مضافاً مع المشنا وتلمود بابل. وهو المتداول بين اليهود والمراد عند الإطلاق(9).

ويوجد في نسخ كثيرة من التلمود المطبوع في المائة سنة الأخيرة (أي في القرن التاسع عشر) بياض أو رسم دائرة بدلاً عن ألفاظ سب في حق المسيح والعذراء والرسل (عليهم الصلاة والسلام أجمعين) كانت مذكورة في النسخ الأصلية. ومع ذلك لم تخل من طعن في المسيحيين(10). فإنه يستفاد من الشروحات أن كل ما جاء في التلمود بخصوص باقي الأمم غير اليهودية كلفظ (أميين، أو أجانب، أو وثنيين) المراد منها المسيحيون(11).

ولما اطلع المسيحيون على هذه الألفاظ هالهم الأمر، وتذمروا ضد اليهود فقرر المجمع الديني لليهود وقتئذ في مدينة بولونيا سنة 1631(م) أنه من الآن فصاعداً تترك محلات هذه الألفاظ على بياض أو تعوض(12) بدائرة على شرط أن هذه التعاليم لا تعلم إلا في مدارسهم فقط فيشرحون للتلميذ مثلاً أن المسيحيين مجبولون على الخطايا ولا يجب استعمال العدل معهم ولا محبتهم أصلاً !!

وقال المحامي (هارت روسكي) أنه يوجد كثير من اليهود لم يطلعوا على التلمود ولم يعلموا ما فيه. ولكن من اطلع عليه منهم يعتقد أنه كتاب منزَّل(13)، ويبذل الجهد في نشر قواعده المضرة بين أبناء جنسه، وهؤلاء يبجلونها ويستعملونها في الغالب.

وقد اعتني بطبع التلمود طبعات مختلفة. والمستعمل منها هي النسخ التي طبعت منها في مدينة البندقية وهي الطبعة الكاملة. أما ما طبع منها في مدينة (أمستردام) في سنة /1644/م، وفي (سلزباج) سنة /1769/م، وفي (فارسوفيا/ سنة /1863/م وفي مدينة (براغ) سنة /1839/م فكلها مشطورة وما لم يذكر من الألفاظ السالفة الذكر إلا في النسخ المطبوعة في مدينة البندقية يشيرون إليه في باقي النسخ بلفظ (بند)، أي ما هو محذوف في هذه النسخة موجود في النسخ المطبوعة في مدينة البندقية، فعليك بمراجعتها(14).

الفصل الثاني

التلمود هو من الكتب المنزلة عند اليهود

التلمود عند اليهود أفضل من التوراة ـ عصمة الحاخامات عن الخطأ ـ كل ما قالوه يعتبر كأقوال إلهية ـ حمار الحاخامات.

يعتبر اليهود التلمود من قديم الزمان كتاباً منزلاً مثل التوراة، ما عدا بعض المعاندين(15)، فإنه لا يعتقد ذلك بالطبع. ولكن إذا أمعن الإنسان نظره في اعتقاداتهم يتحقق أنهم يعتبرونه أعظم من التوراة ! كيف لا وجاء في صحيفة من التلمود:

(إن من درس التوراة فعل فضيلة لا يستحق المكافأة عليها، ومن درس (المشنا) فعل فضيلة استحق أن يكافأ عليها، ومن درس (الغامارة) فعل أعظم فضيلة).

وجاء في كتاب (شاغيجا):

(من احتقر أقوال الحاخامات استحق الموت، دون من احتقر أقوال التوراة، ولا خلاص لمن ترك تعاليم التلمود واشتغل بالتوراة فقط لأن أقوال علماء التلمود أفضل مما جاء في شريعة موسى).

وقد جاءت أقوال الحاخامات وعلماء اليهود مطابقة لهذا المبدأ فقال العالم بشاي: (لا يلزم أن تختلط بمن يدرس التوراة والمشنا دون الغامارة).

وجاء في التلمود أن أشعيا النبي هو الذي قسم أبوابه وفصوله (أشعيا 6.33) وأن الحديث مساو لشريعة موسى.

وجاء أيضاً:

(إن التوراة أشبه بالماء، والمشنا أشبه بالنبيذ، والغامارة أشبه بالنبيذ العطري، والإنسان لا يستغني عن الثلاثة كتب المذكورة كما أنه لا يستغني عن الثلاثة أصناف السالفة ذكرها. وبعبارة أخرى: شريعة موسى مثل الملح، والمشنا مثل الفلفل، والغامارة مثل البهار، فلا يمكن الإنسان(16) أن يستغني عن واحد من هذه الأصناف).

وقال الحاخام (روسكي) المشهور: (التفت يا بني إلى أقوال الحاخامات أكثر من التفاتك إلى شريعة موسى).

وجاء في أحد كتبهم المسمى (الهمار) وهو شرح على التوراة:

(إن الإنسان لا يعيش بالخبز فقط والخبز هو التوراة بل يلزمه شيء آخر وهو أقوال الله كقواعد وحكايات التلمود).

وجاء في التلمود ما معناه:

(قد أعطى الله الشريعة على طور سينا، وهي التوراة، والمشنا، والغامارة، ولكنه أرسل على يد موسى الكليم التلمود شفاهياً، حتى إذا حصل فيما بعد تسلط أمة أخرى على اليهود يوجد فرق بينهم وبين باقي الوثنيين، وجاءت شريعة التلمود شفاهية لأنها لو كتبت لضاقت عنها الأرض).

ولكننا نستنتج مما جاء في التلمود وأقوال الحاخامات أنه ليس من الكتب المنزلة كما يعتبر اليهود ذلك، لجملة أسباب، منها:

أولاً ـ يثبت ذلك ما يحتويه من التعاليم. والحاخامات كلهم متساوون ولم يكونوا رسلاً مكلفين بتبليغ رسالة من قبل الله.

ثانياً ـ اليهود يعتقدون أن لكل الحاخامات سلطة إلهية، وكل ما قالوه يعتبر أنه صادر من الله.

يقول الرابي مناحم، كباقي الحاخامات:

(إن الله تعالى يستشير الحاخامات على الأرض عندما توجد مسألة معضلة لا يمكن حلها في السماء)!!

وذكر في التلمود: (إن الحاخامات المتوفين مكلفون بتعليم المؤمنين في السماء). وجاء في كتاب يهودي اسمه (كرافت) مطبوع في سنة 1509:

(اعلم أن أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء. وزيادة على ذلك يلزمك اعتبار أقوال الحاخامات مثل الشريعة لأن أقوالهم هي قول الله الحي فإذا قال لك الحاخام أن يدك اليمنى هي اليسرى وبالعكس فصدق قوله ولا تجادله فما بالك إذا قال لك إن اليمنى هي اليمنى واليسرى هي اليسرى).

وقال أحد علماء اليهود المسمى (ميمانود) المتوفي في أوائل القرن الثالث عشر (مخافة الحاخامات هي مخافة الله)

وقد جاءت العبارات الآتية في التلمود، وهي: (من يجادل حاخامه أو معلمه فقد أخطأ، وكأنه جادل العزة الإلهية)!!

وقال الحاخام(17) مناحم في أقوال الحاخامات المتناقضة لبعضها (إنها كلام الله مهما وجد فيها من التناقض! فمن لم يعتبرها، أو قال إنها ليست أقوال الله فقد أخطأ في حقه تعالى).

وذكر في كثير من كتب اليهود (إن أقوال الحاخامات المناقضة لبعضها منزلة من السماء، ومن يحتقرها فمثواه جهنم وبئس المصير).

والحاخامات الذين ألفوا التلمود يأمرون بالطاعة العمياء لهم، ويدعون أن ما جاء في التلمود من التناقض بين أقوال الحاخام (هلال) والحاخام (شماي) صادر كله من الله ولو أن هذين الحاخامين لم يتفقا على لفظة مهمة أو غير مهمة. وقد حصلت مشاحنة يوماً ما بين حاخامين أحدهما يدعى الرابي (شايا) والثاني (بار كبارة)، وحلف كل منهما أن أحد الحاخامات قال كيت وكيت مما ادعوه، ولم يفصل في الخلاف الواقع بينهما. فجاء الحاخام (روسكي) وقال (إن الحاخامين المذكورين قالا الحق لأن الله جعل الحاخامات معصومين من الخطأ)!!

وجاء في التلمود (صفحة/74):

(إن تعاليم الحاخامات لا يمكن نقضها ولا تغييرها ولو بأمر الله !! وقد وقع يوماً الاختلاف بين الباري تعالى وبين علماء اليهود في مسألة، فبعد أن طال الجدال تقرر إحالة فصل الخلاف إلى أحد الحاخامات الرابيين، واضطر الله أن يعترف بغلطه بعد حكم الحاخام المذكور(18))

وهذه العصمة لا تختص فقط بالحاخامات بل لكل ما بتعلق بهم أيضاً فقيل (إن حمار الحاخام لا يمكن أن يأكل شيئاَ محرماً)!!

وجاء في أحد كتبهم، حلا لمسألة مهمة، وهي حيث أنه يوجد في الكتب أقوال مناقضة لبعضها فكيف يعرف الإنسان الحقيقة ؟ فأجيب عن ذلك يما يأتي:

(كل هذه الأقوال هي كلام الله فافتح أذنيك مثل القمع واسمع، وليكن عندك قلب يفرق بين ما هو مباح لك وما هو محظور عليك تلك الأقوال معناها العربي: افعل ما شئت إذا تمكنت من ذلك. فإذا أراد أحد الربيين مثلاً أن يتمسك بالحقيقة والعدالة فلك أن تخالفه في قوله وتتبع قولاً آخر مناقضاً له، لأن الأقوال المناقضة لأقواله هي من كلام الله أيضاً. ولذلك ذكر في التلمود بأفصح عبارة: إن الإنسان مهما كان شريراً في الباطن وأصلح في ظواهره يخلص)!!

لنبحث الآن في أقوال الحاخامات الذين يعتبرون أنفسهم معصومين من كل خطأ وأن أقوالهم هي أقوال الله(19).

 

(1) يلحظ أن المترجم حقوقي ذو ميول أدبية. ومع أنه مسيحي كثيراً ما يستشهد بآيات قرآنية كما هنا. (م)

(2) (سور البقرة الآية 61)

(3) كذا في الأصل ولعل الأصوب تخصهم. (ز)

(4) (سورة التوبة الآية 35)

(5) طريقة تعبير تركية والأصوب معلومات عمومية أو عامة. (ز)

(6)  الربيون جمع ربي أو رابي وهم المشتغلون بالدين من أحبار اليهود. (ز)

(7) ضمير المفعول راجع إلى الشعب: أي يحضون الشعب أيام السيح.. الخ .(م)

(8) واضح من الكلمة السامية أن المشنا تقابل المثنى في اللغة العربية وتعني المزدوج أو المكرر. (ز)

(9) وتلمود بابل هو الذي كتب في الأسر الكبير وفي زمن القهر وتسلط الآشوريين على اليهود وضياع الكثير من أصول التوراة ولذلك جاء محرفاً وناقماً على الإنسانية أجمع. (ز)

(10) في الأصل (من طعن المسيحيين) بتركيب إضافي والصواب ما أثبتاه، لكي لا يذهب ظن القارئ إلى أن المسيحيين يطعنون في التلمود بينما المقصود أن نصوص التلمود تطعن في المسيحيين وتذمهم. (ز)

(11) لا خصوصية للمسيحيين، كما هو معروف من هذه الاصطلاحات اليهودية فهذه الأوصاف يريدون بها كل من سواهم من مسيحيين ومسلمين وغيرهم، وإذا كان حقدهم ينصب في الدرجة الأولى على المسيحيين والمسلمين لأسباب تاريخية معروفة. (م)

(12) في الأصل أو تعويض بدائرة ولا يستقيم والصواب ما أثبتناه والعبارة مختلة ولعل الأقوم أن يقال (يترك  بياض محل هذه الألفاظ أو تعوض بدائرة). (ز)

(13) وهكذا أحل الجهلة والمتعصبون هذه الشروحات التاريخية محل التوراة الأصلية التي وإن كان فيها هي الأخرى الكثير من التخريف إلا أن الأصل فيها هو أنها كتاب الله المنزل. (ز)

(14) يريد المترجم أن يقول أن طبعة البندقية كانت هي الطبعة الكاملة ثم هذبت باقي الطبعات المطبوعة في القرون التالية فإذا وصلوا إلى مكان فيه عبارة تنال من غير اليهود وتحرجهم أمام الشعوب التي يعيشون بينها فإنهم قد تواطؤوا على حذف تلك العبارات وأن يضعوا مكانها الأحرف (بند) المختصرة من لفظة بندقية وهو تطوير لقرارهم السابق بأن يتركوا محل هذه الألفاظ بياضاً أو أن يضعوا دائرة. (ز)

(15) وصف المعاندين هنا بحسب رؤية اليهود له، وإلا فهؤلاء هم المتنورون والمتفقهون الذين يعلمون حقيقة التلمود وأنه مجرد كتابات بشرية غير معصومة. (ز)

(16) كذا في الأصل والأصوب فلا يمكن للإنسان. (ز)

(17) في الأصل الحاخامات والصواب ما أثبتناه. (ز)

(18) تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً (م)

(19) لعنة الله تعالى الأبدية على الكاذبين. وصدق الله تعالى إذ يقول في قرآنه العظيم: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون). (م)السابق

 

for

S&CS

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

ـ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | كــتب | مجموعة الحوار |
ـ