مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأحد 23 / 02 / 2003م

ـــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |
ـ

.....

   
 

متابعات

سورية تعمل على تغيير صورتها

جون داينزوسكي

نقلاً عن لوس انجيلوس تايمز

دمشق - 20 شباط -

إذا كان هنالك أي حكومة شرق أوسطية لديها سبب يدعو إلى شعورها بالقلق من غزو أمريكي للعراق ـ إضافة إلى حكومة الرئيس العراقي صدام حسين فقد تكون سورية.

الحرب في جوارها لا تجلب فقط ألماً اقتصادياً شديداً ـ يمكن أن تخسر سورية صفقتها المشهية حول النفط العراقي الرخيص ـ بل يمكن أن تجلب أيضاً مخاطر الاضطرابات الاجتماعية، وموجات اللاجئين وفرصة لانتشار المواد البيولوجية أو الكيماوية الناجمة عن الحرب، عبر الحدود، حسبما يقول محللون هنا.

علاوة على ذلك، فإن الحكومة هنا تعرف أن بعض صانعي السياسية الغربية المتنفذين يرون أن سورية أكثر بقليل من كونها عراقاً ثانياً، ويصورونها كديكتاتورية ميالة إلى دعم الإرهاب وقمع حقوق الإنسان وحيازة أسلحة دمار شامل. وهنالك خوف من أن الصقور في الغرب إزاء قضية العراق لن يكترثوا ذات يوم بالتوجه ضد سورية أيضاً.

لكن بدلاُ من التراجع إلى موقف دفاعي، فإن الرئيس السوري بشار الأسد يعمل جاهداً لحماية صورة بلده، وتجديد الصداقات في أوروبا وروسيا، والقيام بحملة ديبلوماسية قوية لترسيخ الإجماع العربي ضد العمل العسكري.

قال الأسد خلال زيارة قام بها إلى لندن في شهر كانون الأول: إن الحرب ضد العراق يمكن أن يكون لها أثر مباشر على اقتصادنا. وهي يمكن أن توسع الفجوة بين العرب والغرب. وتعيدنا عقوداً إلى الوراء وتثير الإرهاب بدرجة كبيرة.

كان أوضح رمز للتعاون السوري مع الغرب تصويتها المفاجئ في مجلس الأمن الدولي في تشرين الثاني لدعم جولة جديدة حازمة من عمليات التفتيش على الأسلحة العراقية.

لكن الرئيس الأسد، 37 سنة، الذي جاء إلى السلطة بعد موت والده، الرئيس حافظ الأسد، يتحرك بطرق أخرى، حسبما يقول الديبلوماسيون هنا وتشمل تحركاته توفير الاستخبارات حول الإرهاب للولايات المتحدة مثل، المشاركة في المعلومات التي تم الحصول عليها من استجواب محمد حيدر زمار، وهو الذي يقال أنه جند إرهابيي الحادي عشر من أيلول، والمحتجز حالياً في سورية.

كما أن حكومة الرئيس بشار الأسد عينت وجوهاً جديدة لطرح حجة سورية أمام المجتمع الدولي وكبحت الحوادث العنيفة على امتداد حدود إسرائيل مع لبنان، وهو دولة تابعة لسورية.

المتحدثة الجديدة باسم الرئيس الأسد، بثينة شعبنان، تقول أن بلدها يواجه مشكلة صورة.

قالت أن صورة سورية التي يحملها الكثيرون في الغرب تغاير الحقيقة، وقالت أن بلدها لا يدعم الإرهاب، فقد دأب على محاربة المسلحين الإسلاميين من نوع القاعدة منذ عقود وأضافت أنها بدلاً من حيازة أسلحة دمار شامل فإن سورية تريد تخليص المنطقة منها.

وهي أيضاً تنفي أن بلدها يعارض إسرائيل بشكل ثابت وتقول أن سورية تريد إنهاء الآلام في الشرق الأوسط، وهي تعرض السلام والأمن والعلاقات الطبيعية إذا انسحبت إسرائيل إلى حدود 1967 وأعادت للعرب مرتفعات الجولان السورية والأراضي الأخرى.

بالنسبة لمراسل يتجول في الأزقة الحجرية المظللة في دمشق الحافلة بمساجدها وكنائسها القديمة، ومحلات بيع الآثار والمقاهي المشغولة بالزبائن والتي تقدم الخمور اللبنانية والقهوة التركية القوية والمعجنات الشرقية، فإن سورية تشعر بأنها واحة في جزء مضطرب من المعمورة.

وبسبب الحكومة العلمانية في سورية في عاصمتها تستذكر حقبة لم يكن الشارع العربي يبدو في حرب مع الأفكار الغربية، والذي كان أقل تشبعاً بالحماس الديني.

تشاهد في الشوارع سيارات تعود إلى الستينيات والخمسينيات ـ مرسيدس وشيفروليه وبلايموت قديمة، تعزز إحساساً بطفرة زمنية.

إن الاقتصاد الاشتراكي الراكد، وهو واحد من الأمور التي يقول الرئيس الأسد أنه يريد تغييرها، جعل الناس يحافظون على السيارات القديمة.

بالمقارنة مع الأنظمة في دول الخليج، فإن حكومة سورية تبقى التوجه العلني للدين بعيداً عن الحياة العامة.

فالمسيحيون والمسلمون يلتزمون بدينهم في سلام نسبي، ولا تطلق صفة الشياطين على النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب أو الرجال الذين يدخنون ويشربون الكحول علانية، حتى خلال شهر رمضان، وتوسعت هوامش الحرية السياسية والاقتصادية بعض الشيء، كما يظهر ذلك في البرامج التلفزيونية والصحف الخاصة التي تنتقد قرارات الحكومة وتطلق النكات على النخب العلوية في البلاد.

يقول بيار أشقر، وهو حرفي في الحي المسيحي في دمشق، والذي يعرض طاولات خشبية محفورة للتصدير إلى أوروبا والولايات المتحدة على الشارع الذي يقال أن القديس بطرس قد توصل إلى إيمانه قبل الفيتين: أقول لك الحقيقة، فهذا بلد جيد، يستطيع الناس أن يعيشوا فيه بشكل جيد، وهنالك سلام.

وبالطبع، فإن جزءاً من السلام يعود إلى نظام يتصف بمراقبة صارمة، حيث تحد قوى الأمن المتعددة من المعارضة.

لقد وقعت ثورة ضد الحكومة قام بها الإخوان المسلمون لكن المنشقين هزموا في عام 1982 بقبضة حديدية ومنذ ذلك الحين فإن البلد هادئ داخلياً.

إن برامج الأسد للتحديث والإصلاحات المتواضعة ـ مع أنها هامة بالنسبة للتاريخ السوري الحديث ـ لا تبدأ بمخاطبة القلق الرئيس للنقاد الغربيين، فالولايات المتحدة تبقي سورية على قائمة الدول التي تدعم الإرهاب، نتيجة فشل النظام في الحد من نشاطات حزب الله في لبنان وإيوائه ممثلين لحركات فلسطينية متطرفة مثل الجهاد الإسلامي وحماس.

تقول سورية أن مثل هذه الحركات ليست إرهابية لكن يتوجب اعتبارها جزءاً من المقاومة المشروعة للاحتلال الإسرائيلي.

قالت مصادر في دمشق أن حكومة الأسد عملت طوال الشهور الستة الماضية للحد من هجمات حزب الله، مما أدى إلى تقليص الحوادث قرب حدود إسرائيل مع لبنان، هي لا تسمح للحركات الفلسطينية داخل سورية إلا بتقديم المعلومات.

قال ديبلوماسي أوروبي هنا: أنهم يبقونهم تحت إبطهم حتى يتحدثوا، وهم ليسوا أغبياء إلى درجة إعطاء هذه الحركات ضوءاً أخضر للعمل. وأكثر من ذلك، فإن السوريين يريدون الاحتفاظ بكل الخيارات حتى يستطيعوا الاستشهاد بها.

في حرب الخليج 1991، انضمت سورية للتحالف الذي قادته أمريكا لإخراج القوات العراقية من الكويت، ومع أن المساعدة كانت ذات نتيجة عسكرية ضئيلة فإنها ساعدت الولايات المتحدة سياسياً، وقد رد الرئيس جورج بوش الأب صنيع حافظ الأسد بالضغط على إسرائيل لحضور مؤتمر سلام في مدريد والذي هدف إلى التوسط في الصراع العربي الإسرائيلي.

في ضوء المناخ المشحون جداً في الشرق الأوسط في هذه الأيام، فإن عدداً قليلاً من الناس يتوقعون إمكانية تكرار مثل هذه الاتفاقية، فقد جادلت سورية في اجتماعات الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي في الأيام الأخيرة ضد حرب تقودها أمريكا.

وقال الديبلوماسي أنه في حالة وقوع الحرب فإن من غير المحتمل أن تسبب سورية مشكلات.

إذا تركت سورية لوسائلها الخاصة بها فإنها قد تتخذ توجهاً يمكن أن يحبذه الغرب فالرئيس بشار، على عكس والده، وكان رجلاً عسكرياً، ونادراً ما غادر الشرق الأوسط. قد تعلم كطبيب عيون في لندن، وله زوجة سورية بريطانية ويشعر في أوروبا وكأنه في بيته، ومنذ أن أصبح رئيساً، زار بريطانيا وفرنسا، اللتين قام قادتهما بتشجيعه على تكثيف إصلاحاته.

الصحفي البريطاني باتريك سيل، وهو متخصص في الشؤون السورية وكاتب سيرة حافظ الأسد، يقول: إن التقدير البريطاني للرئيس بشار بعد سنتين ونصف السنة من حكمه هو أنه رجل واقعي ومعتدل وحذر يتمكن من السلطة بثبات ويلتزم فعلاً بإصلاح وتحديث بلده.

تتعاون سورية في كشف عناصر القاعدة، ومع أن التفاصيل قليلة فإن ديبلوماسيين رفيعي المستوى في دمشق قالوا أن المساعدة كانت بالغة الأهمية. ويرغب السوريون في جعل هذا الأمر معترفاً به.

قال الديبلوماسي الأوروبي: أنهم يشعرون بأنهم لم يكافئوا.

الإصلاحات التي بدأها الرئيس الأسد لم تلحظ بكثير من الانتباه، وذلك لأن كثيراً من الخارجين غير مقتنعين بأنه سيمضي إلى حد كاف، ففي داخل سورية قالت امرأة مهنية أن التحسينات ينبغي عدم المبالغة بها، وقالت: أنه نفس النظام لكن مع بعض التحسين.

عندما تولى السلطة، سمح الرئيس الأول في البداية بحقبة من الانفتاح النسبي وحرية الحديث والتي أخذت تعرف بربيع دمشق، فقد تم الإفراج عن أكثر من 700 سجين سياسي، وإغلاق سجن، وتقليص عدد من محاكم الأمن الخاصة، وعقدت المنتديات الحديثة حيث أعرب الناس عن القلق إزاء القرارات الحكومية وأهداف البلاد بعيدة الأجل.

لكن مع أواخر عام 2001، عاد جمود سياسي باعتقال أحد عشر معارضاً بارزاً للحكومة بمن فيهم عضوان في البرلمان وسواء جاءت عمليات الاحتجاز بمبادرة من الرئيس الأسد أو فرضت عليه من قبل الحرس القديم، المتبقي من عهد والده، فإنها أبرزت استئناف الحدود على التعبير السياسي.

رسام كاريكاتير، علي فرزات، محرر الصحيفة اليومية الهجائية، الدومري، قال أن الحملة كانت صدمة، لكنه لا يعتقد أن عملية الدمقرطة قد أوقفت، وقد سمح لفرزات بأن يصدر أول صحيفة خاصة في البلاد في عهد الأسد الشاب.

قال فرزات: هناك بعض الحدود المعروفة للجميع، مثل التحدث عن الأسرار العسكرية أو التشهير بالناس أو إطلاق اتهامات لا أساس لها. لكننا الآن نستطيع توجيه انتقادات واضحة لأشياء مثل المؤسسات الرسمية والوزارات.

وقال: لا شك في أن بعض الأمور تحتاج إلى الكشف عنها، وأن المزيد من الشفافية مطلوب، لكن الأمور تسير على نحو أفضل ببطء. ففي بعض المجالات يمكنك أن تتحرك بشكل أسرع، وفي مجالات أخرى بشكل أبطأ.

في مؤشر على أن بعض الانفتاح موجود، فقد أسست 15 صحيفة ومجلة خاصة كما أن مطبوعات تصدر في الخارج قد سمح لها بالتوزيع بما فيها مجلة التايم ومجلة نيوزويك والصحف التي تتمتع بحرية نسبية في بيروت. كما رفعت الحدود عن التلفزيون الفضائي,

هنالك مجال يهتم به الرئيس الأسد وهو الانترنت، فحتى قبل أن يصبح رئيساً كانت القوة الرئيسية وراء جمعية الكمبيوتر السورية، وكانت إحدى مبادراته منذ توليه السلطة تأسيس (الجامعة السورية البصرية)، وهي برنامج تعلم عن بعد يسمح للطلاب بالتسجيل مع الجامعات الأمريكية والأجنبية الأخرى دون مغادرة البلاد، وأسست شبكة من 15 مركزاً للكمبيوتر، والتي تسمح للطلاب في العالم العربي بأن يحصلوا على شهادات عبر الانترنت، وهي الأولى من نوعها في المنطقة.

قال هادي أبو عوق، مدير تكنولوجيا المعلومات البصرية: أعتقد أنه مشروع رائد، فقبل سنتين لم يكن لدينا أي شيء (فيما يتعلق بالانترنت) ونحن الآن لدينا جامعة بصرية وهي تصوره.السابق

 

for

S&CS

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

ــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |
ـ