مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الثلاثاء 08 / 07 / 2003م

ـــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |
ـ

.....

   
 

متابعات

معهد واشنطن لسياسية الشرق الأدنى

    متابعة سياسية رقم 750

سياسة الولايات المتحدة والنفط العراقي

التحديات القادمة

سيمون هندرسون: زميل لمعهد واشنطن يقيم في لندن، مؤلف (طموح صدام للعراق)، وهو سيرة حياة الديكتاتور العراقي الأسبق.

هذا الخميس، ستقوم منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، وهو اتحاد منتجي النفط الذي يعد العراق عضواً مؤسساً فيه، بالاجتماع في فينا لمناقشة تخفيضات الإنتاج التي يقصد بها الإبقاء على سعر النفط الحالي، المرتفع نسبياً. لا يتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بإرسال ممثل عن العراق، وبين أن واحداً أو أكثر من بين الجماعات السياسية الكثيرة في الدولة المحررة قد يرسلون ما يمكن اعتباره ممثلاً، إلا أن من غير المرجح أن يمنح مقعداً. وبينما يتم تجاهل الاجتماع، فإن واشنطن ماتزال بحاجة لتوضيح الكيفية التي يتوقع بها بإعادة إنشاء صناعة النفط العراقي والاستفادة من احتياطيات الأمة النفطية الضخمة، التي تحتل المرتبة الثانية بعد السعودية العربية.

ـ وجهة نظر جارنر

منذ أسبوع، قام الجنرال المتقاعد جاي جارنر، المدير المستقبلي لمكتب إعادة الإنشاء والمساعدة الإنسانية لعراق ما بعد الحرب، بإخبار النيويورك تايمز بأن عائدات من نفط العراق الذي سيعاد إنتاجه سيستخدم (لإعادة بناء البلاد ولتحسين أوضاع المواطنين العراقيين) وأضاف أن العائدات (يجب  أن تتم إدارتها من قبل وكالات محايدة، مثل البنك الدولي، حيث سيكون من الممكن تدقيقها بشكل كامل والإبقاء على الشفافية). في الواقع، فإن من المتوقع أن يتم الإشراف على وزارة النفط العراقي، وكذلك الوزارات الأخرى، من قبل عراقي يساعد مستشار أمريكي كبير، الذي سيكون مسؤولاً فقط أمام جارنر. تقول التقارير، وهذا المستشار الكبير الذي لم يتم الإعلان عنه بعد سيكون مدير النفط التنفيذي الأمريكي فيليب كارول. في بغداد، عاد مدراء النفط التنفيذيون إلى العمل في مبنى وزارة النفط الذي تم الاستيلاء عليه، يحرسهم الجنود الأمريكيون. كونها تائهة في مخطط سياسة النفط، اقتبست التايمز تصريح جارنر بأنه لم يكن هناك تساؤل حول تشكيل النفط الأساس لثروة جديدة في  العراق: (في السنوات القليلة القادمة سيكونون قادرين على مضاعفة، وتكرير منتوجهم من النفط. وقد يصبحون أغنى دولة في الشرق الأوسط)، إن ملاحظات كهذه، والتي تعكس بشكل ساخر تعليقات النظام العراقي السابق، تمثل كذلك حكومة تقليدية، فاحتياطي العراق الذي يصل إلى 112.5 بليون برميل، أي أكثر من 10% من إجمالي النفط العالم، بإمكانه أن يسوغ معدل إنتاج أكبر بكثير من الـ 2 مليون برميل يومياً والذي كان معدل الإنتاج في عام 2002. إن تاريخ العراق الحديث، الحرب مع إيران أثناء عقد الثمانينات، واجتياح عام 1990 للكويت والهزيمة العسكرية التي تلت ذلك، ورفض الموافقة على التصدير مع سيطرة الأمم المتحدة على العائدات ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء حتى عام 1996، يعني أن صادرات البلاد الحقيقية الممكنة لم يتم الوصول إليها أبداً. ربما تكون الفائدة الوحيدة من تقليل الصادرات أن العراق قد تجنب نظام الكوتا لمجموعة أوبك، الآلية التي غالباً ما تراقب عند حدوث انتهاك فقط، والتي تحاول بها مجموعة أوبك السيطرة على الأسعار.

إن مستقبل اتحاد أوبك ليس واضحاً. في الوقت الحالي، تقدم إنتاجيتها الجماعية للنفط (وليس الصادرات فقط) ما هو أقل بقليل من ثلث التزويد العالمي الذي يصل إلى حوالي 77 برميل يومياً. رغم ذلك، فإن الأوبك تؤثر بشكل فعال، إن لم تكن تتحكم، بأسعار النفط العالمية لأن نفطها الخام يشكل أكثر من نصف النفط الذي تتم المتاجرة به دولياً. إذا كان العراق سينتج كميات كبيرة، وسيعمل خارج نطاق الأوبك، فإن قدرة الاتحاد على التأثير على الأسعار ستقل بشكل كبير.

حتى لا يتم اتهامهم بابتزاز الثمن، يفضل أعضاء الأوبك تصوير أنفسهم على أنهم يضمنون تقديم كمية كبيرة من النفط للاقتصاد العالمي بسعر عادل لكل من المنتجين والمستهلكين، رغم أن ما يشكل بالضبط سعراً عادلاً هو أمر للجدل على نحو كبير. إن انهيار أسعار النفط في أواخر عقد التسعينات إلى ما هو أقل من 10 دولارات / برميل، والذي تصادف مع ارتفاع أسهم السوق، في حين أن العودة اللاحقة لهذه الأسعار كانت متوازية مع حدوث ركود في كثير من الدول. عندما كان سعر النفط منخفضاً، اعتبرت مجموعة الأوبك أن معدل 15 دولار ـ 8 دولار/ برميل هو سعر عادل. وعندما ارتفع السعر فوق هذا المدى تبنت الأوبك سعراً جديداً عادلاً يتراوح بين 22 دولار ـ 28 دولار/ برميل. وقد دعي إلى اجتماع يوم الخميس لأن سعر سلة النفط الخام الخيالي، رغم أنه يزيد عن 26 دولار/ برميل، إلا أنه قد اعتبر ضعيفاً. (إن السعر الهامشي لبرميل النفط الخام في الكثير من الحقول السعودية والعراقية أقل من 2 دولار، مما يمثل ربحاً استثنائياً. في أجزاء أخرى من العالم، فإن السعر الهامشي أكبر بكثير، ربما يصل إلى 12 ـ 15 دولار لكل برميل).

ـ المشاكل التقنية والقانونية:

إن فشل قوات صدام في إحراق ما هو أكثر بقليل من حفنة من آبار النفط العراقي يعني أن صناعة النفط العراقي قد استمرت بشكل جيد أثناء الحرب خلال ساعات الصراع القليلة الأولى، لقد حافظت القوات البريطانية الخاصة على آليات الحمولة الرئيسية بعيداً عن الشاطئ في الخليج الفارسي الشمالي. إن بناء أنبوب النفط الداخلي في البلاد سليم كذلك، وكذلك أنابيب التصدير فيها. إن المشكلة الفيزيائية العظمى هي في أن نظام صدام ربما يكون قد دمر حقول النفط في السنوات الأخيرة باستخدام آليات فقيرة للحفاظ على مستويات الإنتاج. تقنياً، ينبغي أن يكون من الممكن إعادة إحياء إنتاج النفط واستئناف مستويات التصدير لحوالي 1.6 مليون برميل يومياً خلال أسابيع. نظراً لاستثمار عدة بلايين من الدولارات، فإن إمكانية تصدير حوالي 4.5 مليون برميل يومياً ينبغي أن يكون ممكناً في غضون سنتين أو ثلاثة. إن الأموال المتوفرة في السنوات الستة السابقة، كانت الأمم المتحدة التي تدير برنامج النفط مقابل الغذاء قد وضعت جانباً تمويلات لصناعة النفط في العراق، تشكل ما مجموعه 5 بلايين دولار تقريباً. فقط ما مقداره 1.6 بليون دولار من معدات صناعة النفط كانت قد سلمت ؛ إن مبلغ الـ 3.4 بليون دولار من التمويل العراقي الذي احتفظت به الأمم المتحدة كاف  فيما لو وافقت الأمم المتحدة على جعل هذه التمويلات متاحة.

لتمويل استثمار صناعة النفط، فإن بإمكان العراق كذلك استغلال عائداته النفطية أو أن يقترض في مقابلها. ما هو أكثر إثارة للجدل، أن بإمكانه أن يستثمر لدى شركات النفط الأجنبية. يدعي نظام صدام أنه كان قد وقع عدة عقود مع شركات كهذه (غالبها روسي وصيني). إن الوضع القانوني لهذه العقود غير واضح، وقد تكون موضع نزاع مع الإدارة المؤقتة التي تتزعمها الولايات المتحدة وكذلك مع أي نظام تال. وفي حال ما طالت هذه النزاعات فإنها قد تتحدى آمال العراقيين في توسيع إنتاج النفط بشكل سريع.

إن مشكلة جارنر الأكثر إلحاحاً هي في أن استمرارية عقوبات الأمم المتحدة وبرنامج النفط مقابل الغذاء قد تجعل من الصعب بيع النفط العراقي إلا تحت رعاية الأمم المتحدة. إضافة إلى ذلك، فليس هناك إجماع في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول الكيفية التي يتوجب بها إدارة مبيعات النفط العراقي عقب انتصار التحالف.

تشويش أمام جارنر ذلك التقرير الذي يتضمن كون إسرائيل تريد إعادة إنشاء خط النفط القديم من كركوك إلى حيفا، رغم أن الأنبوب لم يتم استخدامه منذ 1948 وأن الجزء الذي يمر عبر الأردن قد بيع في مقابل الفتات من سنوات طويلة. وقد تم نشر تقارير عن ملاحظات وزير البنية التحتية الوطنية جوزيف بارتزكي بأن خطاً كهذه بإمكانه تقليل فاتورة طاقة إسرائيل بشكل كبير، تم نشرها على نطاق واسع في العالم العربي. حتى لو تم استخدام أنبوب النفط لتزويد الأردن باحتياجاته النفطية. إلا أن المنطق التجاري لأنبوب كهذا هي في موضع تساؤل. سياسياً، فأن تصبح إسرائيل معتمدة على أنبوب نفط من مصدر واحد يعبر خلال بلد ثالث قد يكون غير مستقر يبدو أمراً مشكوكاً فيه. إن طريقة أفضل لضمان انخفاض سعر النفط بالنسبة لإسرائيل سيبدو حصول إسرائيل على عدة مزودين متنافسين، يسلم كل منهم النفط عبر ممرات بحرية آمنة.

ـ سياسة الولايات المتحدة:

رغم التنبؤات بحدوث فوضى في سوق النفط، فإن سعر النفط لم يرتفع بشكل كبير أثناء الحرب، جزئياً لأن السعودية العربية، أكبر مصدر للنفط والدولة الوحيدة التي تمتلك قدرة إضافية، قامت بضخ كميات إضافية. في الواقع، فإن سعر النفط كان أقل خلال الحرب من خلال الأشهر السابقة للحرب والتي أدت للحرب.

إن أي تحرك الآن تقوم به واشنطن لإضعاف مجموعة أوبك سينظر إليه في الرياض على أنه جحود وستتم معارضته. منذ يومين، صرح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل (إذا كان ما تهدف إليه القوات المحتلة هو استغلال النفط العراقي، فلن يكون لديها أي أسس شرعية). وكما هو الأمر بالنسبة للحرب نفسها، فإن دوافع واشنطن ستكون موضع تساؤل، ولكن إعادة الحياة للاقتصاد العالمي معززاً بسعر منخفض للنفط قد تكون مكافأة بحد ذاتها.السابق

for

S&CS

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

ــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |
ـ