مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الأحد 24 / 03 / 2002م

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |

.....

   
 

متابعات

لــغة الإرهاب

ايفي. جي . جوريستين ـ عضو في معهد واشنطن

بعد انقطاع ثلاثة أسابيع تلت هجمات 11/9 على مركز التجارة العالمي والبنتاغون، شهد يوم الثلاثاء تكرر تفجيرات سيارة في إسرائيل. ومع ذلك فليست إسرائيل وحدها التي تواجه تهديداً من إسلاميين راديكاليين إرهابيين، ولكن أيضاً الدول العربية. بالنظر إلى هذه الحقيقة، فإن أكثر ما يصدم (المرء) أن الكثير من القادة المسلمين الدينين (الذين يشكلون) الاتجاه السائد ما يزالون لا يوافقون على شجب التفجيرات الانتحارية عموماً، بصرف النظر عن القضية التي يناصرها المفجرون.

بيان رجال الدين والقادة:

في 14/9 ظهر بيان في صحيفة (القدس العربية) اليومية اللندنية، موقعا من قبل 46 قيادي مسلم من تسعة عشر دولة.. (وقد) وصفتهم الصحيفة على أنهم "رجال الدين وقادة المجتمع الإسلامي" بمن فيهم القيادة العليا لحماس في فلسطين، و(الإخوان المسلمون) في مصر، والأردن، وسوريا والسودان. وقد شجب البيان "القتل، والتدمير، والتخريب والهجوم" الذي حدث في 11/9، وعبّر عن أعمق مشاعر الأسف والأسى" حول الأحداث و"أنكرها على أسس إنسانية وإسلامية، انسجاماً مع الحكمة الإسلامية." بالإضافة إلى كلمات الترضية هذه، شجب البيان وسائل الإعلام لـ "استهدافها الواسع للإسلام ومشايعيه." وفي حين أن البيان جدير بالملاحظة "لشجبه لجميع الهجمات على الأبرياء الذين لا علاقة لهم"، فإنه جدير بالملاحظة أيضاً لما لم يشجبه.. أي التفجيرات الانتحارية. في الحقيقة، فإن العديد من الموقعين لديهم سجل طويل في دعم الهجمات الانتحارية.

إن الموقّع الأكثر بروزاً على الوثيقة هو يوسف القرضاوي، رئيس دائرة دراسات السنة في جامعة قطر وضيف برنامج أسبوعي ذي شعبية على الشبكة التلفزيونية الفضائية ذات القاعدة القطرية، (الجزيرة). ربما يكون القرضاوي العالم الإسلامي الرئيسي المدافع عن الهجمات الانتحارية. فبالنسبة للقرضاوي، فإن هجمات حماس ضد إسرائيل ليست "عمليات انتحارية " بل هي بالأحرى "عمليات استشهاد بطولية". في ظهوره الأحدث مؤخراً على التلفزيون، عبر العالم العربي في 16/9، كرر القرضاوي فتواه المعلنة سابقاً (أمر إسلامي) بأن "كل رجل فلسطيني لديه الحق في أن يصبح قنبلة بشرية" في إسرائيل.

ولا يثير الدهشة أن قائد حماس أحمد ياسين.. والذي وقع أيضاً وثيقة 14/9.. يردد آراء القرضاوي. لقد ذهب ياسين إلى وصف التفجيرات الانتحارية على أنها "حق ديمقراطي" فلسطيني. موقع آخر بارز رئيس (جماعة) الإخوان المسلمين الأردنية عبد المجيد الذنيبات، قد أكد على أن "مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بطريقة خالد مشعل.. هي حق دستوري وشرعي والذي ليس هناك أي حكومة مخولة بتضييعه." لقد دعا خالد مشعل "كل فلسطيني ليكون قنبلة موقوتة.. لمحاربتهم (الإسرائيليين) بكل الوسائل." موقّع آخر.. راشد الفنوشي، الإسلامي التونسي المنفي المحكوم عليه بالإعدام غيابياً لدوره في مؤامرة 1991 لاغتيال رئيس تونس.. والذي قالت التقارير عنه أنه في الـ 1991 أعطى الأمر بـ "إيجاد شهداء بالسرعة الممكنة ليشاركوا في تغيير المناخ غير الآمن الذي ننشده."

لقد سمعت آراء مشابهة حول الإرهاب الانتحاري من عدة من غير الموقعين، بمن فيهم رجال الدين المقدمين في مصر والسلطة الفلسطينية (بي.إيه) لقد قدم شيخ الأزهر الكبير محمد سيد طنطاوي، والذي هو موظف لدى الحكومة في مصر أساساً منطقياً دينياً لدعم الهجمات الانتحارية ضد المعتدين" مثل إسرائيل لكنه شجب بشكل علني الهجمات في أمريكا.

لقد قال في 10/2000 أن مقاتلة إسرائيل هو واجب، إنه إلزامي، على (العالم الإسلامي) كله دعم (الفلسطينيين) في جهادهم. في حين اعترض الطنطاوي على ما يتعلق بالهجمات ضد النساء والأطفال "الذين ليس لهم علاقة بالحرب"..وفقاً له، "فهذا ليس مقبولاً في الشريعة الإسلامية".. إن الذين ماتوا وهم يهاجمون عدواً يحتل أراضيهم أو ينتهك أماكنهم المقدسة أو حريتهم يعتبرون "شهداء".

أن مفتي القدس الذي عينته السلطة الفلسطينية أكرم صبري، ألقى خطاباً في 1997 حول "أمريكا رئيسة الإرهابيين" داعياً الله لـ "تدمير أمريكا". في أعقاب هجمات 11/9 اعتقلت السلطات الإسرائيلية صبري. وكان قد عاد لتوه من زيارة لجنوب لبنان، حيث قابل مسؤولي حزب الله (هناك). وفقاً لتقارير 17/9، فقد أخبر صبري السلطات الإسرائيلية بينما كان لا يزال في الحجز، بأن "البيت الأبيض سيتحول إلى أسود بعون الله، وأن أمريكا وبريطانيا وإسرائيل يجب أن تدمر." على العكس من ذلك، فإن المفتي الأكبر للسعودية العربية، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، قد شجب التفجيرات الانتحارية على أنها "غير شرعية" وليس "لها علاقة بالجهاد في سبيل الله". لقد شجب هجمات 11/9 على أنها جرائم فادحة وآثام شريرة." لم يكن عبد العزيز الزعيم الديني الوحيد الذي شجب هذه الهجمات. إمام الحرم الشريف في مكة، الشيخ عبد الرحمن السديس، عرض توضيحاً بأن "الإسلام ينكر الإرهاب بشكل كلي.. الإسلام يمنع الظلم والعنف والهمجية، وهؤلاء الذين يمارسونها هم في الحقيقة مجرمون." وحض على الحوار والتفاوض بدلاً من العنف.

الإرهاب الانتحاري: الخبرة العربية:

بإجازتهم لبعض أنواع التفجيرات الانتحارية، فإن قيادي رجال الطبقة الدينية العرب المسلمين لا يزيدون فقط من مخاطر الإرهاب ضد إسرائيل والولايات المتحدة، ولكنهم أيضاً يهددون الدول العربية. إن الهجمات الانتحارية هي مشكلة (تواجه) عدة أنظمة في الشرق الأوسط.

لقد واجهت الجزائر هجمات انتحارية من الجماعة الإسلامية المسلحة خلال الحرب الأهلية بين الإسلامويين والجيش والتي بدأت في 1991. على سبيل المثال، في كانون الثاني 1994، قتل مفجر انتحاري 42 شخصاً وجرح ثلاثمائة آخرين قرب مخفر الشرطة المركزي الجزائري. لاحقاً، في 1994، في قضية لها رنين خاص اليوم، اختطفت (الجماعة الإسلامية المسلحة) طيارة تعود للخطوط الجوية الفرنسية، وأجبروا (طيارها) على الهبوط في مارسيليا، هناك، حيث طلبوا تزويدها بوقود إضافي وكانوا يهدفون إلى رطم الطائرة المملوءة بالوقود ببرج إيفل. قد أحبط الهجوم عندما اقتحمت قوات الكومندوز الفرنسية الطائرة.

لقد خبرت مصر أيضاً الهجمات الانتحارية من قبل الإسلامويين. على سبيل المثال، في هجوم االـ 1997 في الأقصر، قتل ستة رجال مسلحين من الجماعة الإسلامية ثمانية وخمسين سائحاً أجنبياً. بقي الرجال المسلحون في موقع الهجوم لمدة 45 دقيقة، يتصيدون السياح الذين كانوا قد اختبأوا. ولم يحاول الرجال المسلحون الفرار، مثابرين على مهمتهم المميتة وأحياناً يشربون مشروبات خفيفة حتى وصلت قوات الأمن أخيراً وقتلتهم بسهولة. لقد كان هذه بكلمات أخرى، عملية انتحارية. لقد نفذت الجماعتان الراديكاليتان الأكثر بروزاً في مصر.. الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي، عمليتان انتحاريتان خارج البلاد. تم توجيه الأولى إلى مركز شرطة في كرواتيا في 10/1995، والأخرى إلى السفارة المصرية في باكستان بعد ذلك بشهر واحد.

وفقاً لمجلة جين للأنباء، فقد عانى لبنان من 48 هجمة انتحارية في العشرين سنة الأخيرة، نفذها حزب الله وجماعات أخرى ذات اتجاه سوري في لبنان. لقد شهدت الكويت هجمة انتحارية كذلك؛ في 1983، عندما هاجم الجهاد الإسلامي سفارة الولايات المتحدة هناك.

دروس لصانعي سياسة الولايات المتحدة:

إذا لم يكن هناك دروس أخرى، فإن الدرس من 11/9 هو أن التفجير الانتحاري.. والأساس المنطقي (المستمد) من الدين المستغل لتبريره، مشكلة خطيرة لكل من الولايات المتحدة والشرق الأوسط. بالإضافة إلى الرد على التحدي الفوري من منظمة القاعدة (التابعة) لابن لادن، فإن أمريكا تحتاج لإقناع حلفائها الحداثيين في الشرق الأوسط باجتثاث خلايا الإرهاب خاصتهم.. الخلايا التي تهدد هذه الحكومات العربية الحداثية تماماً كما تهدد الولايات المتحدة. كل نظام في المنطقة سينصح جيداً يتوجيه رجال الدين المحليين إلى متضمنات مواقفهم من التفجيرات الانتحارية؛ أي، أن هذا الإرهاب سيتفشى عائداً ليهدد بلادهم هم. إن المعركة ضد "التحريض" هي في صالح جميع قوات الحداثة في الشرق الأوسط. السابق

for

S&CS

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |