مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم السبت 22 / 06 / 2002م

التعريف  |   دراسات  |  متابعات  |   قراءات  |   هوامش   |  رجال الشرق  |  من أرشيف الشرقصحيفية الشرق العربي  |

.....

   
 

متابعات

قسم الترجمة والمتابعة

الديبلوماسية العامة : استراتيجيات فعالة للمستقبل

أهمية التبادل الأكاديمي والثقافي

هيلين كين فن: باحثة كبيرة، ورئيسة برنامج البحث التركي في معهد واشنطن.

فيما يلي تلخيص لمحاضرة ألقيت في جامعة جورج تاون في 2/4/2002. إن الدكتورة فن هي مسؤولة في دائرة الديبلوماسية العامة في الحكومة، معارة إلى معهد واشنطن. وتعتبر الآراء المقدمة في هذه المحاضرة تعبيراً عما تراه وليس بالضرورة عن آراء الإدارة.

الديبلوماسية العامة: تعزيز ثقافة التسامح..

في اليوم التالي للهجوم الانتحاري المدمر على المدينة الإسرائيلية في نتانيا، والذي قتل عشرين شخصاً كانوا يحتفلون بعيد الفصح، نشرت (ماريا روزا مينوكال) مقالة في النيويورك تايمز بعنوان (العصر الذهبي للتسامح)، ذكّرت فيها القادة بأنه ومنذ ألف سنة في الجزيرة العربية، أنشأت رؤية الإسلام المستنيرة الحضارة الأكثر تقدماً في أوروبا.. ما يصدمنا اليوم حول الأندلس هو أنها كانت جزء من التاريخ الأوروبي، الذي عاش فيه اليهود والمسيحيون والمسلمون جنباً إلى جنب، ورغم الاختلافات الكبيرة وثبات الحرب العدائية، ازدهرت ثقافة التسامح.

إن أحد أهداف الديبلوماسية العامة ينبغي أن تكون (ازدهار حضارة التسامح). إن الأحداث الرهيبة التي جرت في 11/9، قد شجعتنا لإلقاء نظرة أقرب على الأساليب التي نتعامل بها مع شعوب الحضارات الأخرى، خصوصاً مع هؤلاء الذين هم من رقعة ضخمة من البشرية، والذين يطلق عليهم (العالم الإسلامي)، لم تحطم الخلافة في قرطبة بسبب الحروب الإسلامية ـ المسيحية. فهناك نزاع مشابه واضح في العالم الإسلامي اليوم.. بين هؤلاء الذين يعتنقون قيم التسامح والفضول الفكري اللذين هما أساس المجتمع الديمقراطي الحديث، وبين هؤلاء الذين يريدون فرض رؤياهم الضيقة والمتزمتة للعالم على الآخرين.

إذا كانت الديبلوماسية هي المهنة التي تحكم العلاقات بين الأمم، فإن الديبلوماسية العامة هي الفن في هذا المجال الذي يعزز الفهم المتبادل. وإذا كانت أمريكا اليوم هي قرطبة العالم الإسبانية.. أي المجتمع الأكثر تقدماً واستنارة في حينها، فإنه يتعين على الأمريكيين مشاركة هذه القيم في سياق تقبلهم للعالم. إنهم لا يستطيعون إيصال أفكارهم بشكل فعال.. وتأكيدهم على حرية الفكر والكلام، وارتباطهم بإرثهم الغني التنوع.. إلا إذا كانوا قادرين بشكل كامل على فهم طموحات ومشاكل هؤلاء الذين نحيا بينهم كديبلوماسيين في البلدان الأخرى.

ينبغي أن يكون التبادل الثقافي والأكاديمي طريقاً ذا اتجاهين. في مؤتمر (الثقافة والديبلوماسية) قبل سنة تقريباً من هجمات 11/9، قام (الآغا خان)، أحد أبرز القادة المستنيرين والمعروفين في العالم الإسلامي، بطلب لمحاولة فهم أفضل للتاريخ الإسلامي والثقافة الإسلامية في الولايات المتحدة.

نهاية التاريخ

عندما انتهت الحرب الباردة، اعتقد البعض أننا وصلنا إلى (نهاية التاريخ)، وأن العالم بأكمله سيتقدم بثبات باتجاه منتج واضح نحو الديمقراطية الكاملة واقتصاد السوق. وحسبت الولايات المتحدة مصادر ضخمة في العالم الشيوعي الأسبق، رصيداً لها، وأخذت تراقب شعوب أوروبا الشرقية وأوروبا الآسيوية وهم يجربون المساعي التجارية والإعلام المفتوح.. وانبثقت حدود جديدة بين البلدان التي ظهرت من وراء ما كان يطلق عليه الستار الحديدي. وفي حين كانت الولايات المتحدة مندفعة لتعزيز الديمقراطية، في دول البلقان بعد أن أنهت اتفاقيات دايتون الحروب الرهيبة، التي نتجت عن انهيار يوغسلافيا، إلا أنها تجاهلت بشكل كامل الإخفاق المطلق للديمقراطية في معظم الدول العربية والإسلامية. إن هذا الشعب الهائل البالغ تعداده 1.2 بليون، بإمكانه أن يدعي وجود دولة واحدة فقط حديثة، وجمهورية علمانية وهي تركيا، وهي حليفة لحزب الناتو ومرشحة للاتحاد الأوروبي.. دولة توجد لأمريكا شراكة حميمة وقوية منذ الحرب الكورية.

تبادل البرامج الديمقراطية:

لقد كتب توماس فريدمان صاحب عمود في النيويورك تايمز الكثير مؤخراً عن المأزق الذي يواجه الولايات المتحدة في سياساتها تجاه العالم العربي. لقد ذكر الأمريكان بأن بلادهم لديها علاقات حميمة مع الحكومات غير الديمقراطية.. (إن الاستقرار في هذه البلدان متحقق لكون هذه الأنظمة تفتح أبواب حرية الكلام لشعوبها فقط في مهاجمة أمريكا وإسرائيل) وكتب في أحد أعمدته: لقد جعلت أحداث 11/9 الأمريكان يدركون أن عليهم إعادة تحديد أهدافهم. وقد خصص قدراً كبيراً من الانتباه للديبلوماسية العامة، وأدرك الكثير من صانعي السياسة أن عليهم أن يصلوا إلى جذر المشكلة، ويتعاملوا معها عبر ديبلوماسية وقائية، وحلول للنزاع، وأسلحة أخرى في مخازن أسلحة الديبلوماسية العامة.

إن النفقات المطلوبة حتى الأكثر كرماً للبرامج الديبلوماسية العامة تتضاءل بجانب التكاليف العسكرية، والأمنية التي تمر دون نقاش. إن العلاج الديبلوماسي العام الصحيح إذا أعطي مسبقاً فإن بإمكانه أن يمنع حدوث أي عمليات أكثر كلفة بكثير لاحقاً. إن الهدف الأساسي للولايات المتحدة ينبغي أن يكون التعزيز العالمي للديمقراطية. وينبغي على أمريكا أن تشجع الإعلام المفتوح، ومحو الأمية العالمي، ودراسة اللغة الإنكليزية، إن التمكن في اللغة الإنكليزية يتيح المجال أمام المرء للوصول إلى المعلومات العالمية الضخمة الموجودة على الإنترنت، والتلفزيون الدولي، والراديو.

إن برامج التبادل الأكاديمي من مثل (فلبرايث) بإمكانها أن تساعد في تطوير بنية تحتية ثقافية للبلاد، بتدريب أفضل وألمع الطلاب في مؤسسات في الولايات المتحدة.

بإمكان برامج تبادل المهنيين مثل (همفري وأيزنهاور)، تخريج مخططي سياسة في التعليم والاقتصاد والعلوم الاجتماعية، وفي ذلك عرض مباشر للبحث الأمريكي. إن برنامج تبادل الشباب، تمكن الشباب من قضاء سنة مع عائلة أمريكية مستضيفة، بينما يدرسون في مدرسة ثانوية أمريكية. إن برامج كهذه تترك تأثيراً مدى الحياة.

كيف نقتبس نجاح عملية التبادلات؟ إن عدداً كبيراً من خريجي برامج التبادل، يحتلون مواقع هامة كرؤساء حكومة، ورؤساء وزراء، وحكام، وصحفيين مؤثرين، وأكاديميين محترمين. على الجانب الثقافي، فإن هناك الكثير من الفرص للشراكة العامة ـ الخاصة. إن سفراء الولايات المتحدة حول العالم يطالبون ببرامج ثقافية. إن إخبار العالم عن الولايات المتحدة يجب أن تشتمل على برامج ثقافية، ولا ينبغي أن تترك للمنتجات الضحلة لثقافة البوب الأمريكية والآخذة في التكاثر في العالم النامي.

إن برامج التبادل الثقافي والأكاديمي تكون جيدة بقدر ما يكون الناس الذين يقومون بإدارتها جيدين. ولذلك فإن من الضروري، أن تجند أمريكا أكثر الشباب موهبة وتميزاً لحقل الديبلوماسية العامة.

التحويل الثقافي:

عندما سئل مفاوض سلام الشرق الأوسط، دينس روس، عما سيفعله بشكل مختلف في المنطقة أجاب: (المزيد من التبادل بين الشعوب). ليس هناك بديل للاحتكاك الإنساني المباشر، مرة أخرى فإن تركيا هي الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي الحديثة والعلمانية والديمقراطية، وتعود هذه الحقيقة بشكل كبير إلى جاذبية مؤسسها الأب، الذي فهم أهمية القيم الثقافية في تغير المجتمعات التقليدية.. لقد قال كمال أتاتورك مرة: (لو لم أكن رئيس الدولة، لاخترت أن أكون وزير الثقافة).

إن إنشاء (ثقافة تسامح) عمل ليس سهلاً. ينبغي أن تخصص أمريكا المزيد من الجهود والمصادر لهذا الهدف، في النهاية فإن هذه الجهود ستعود بالنفع على الولايات المتحدة بشكل هائل، لقد علمت أحداث 11/9 الأمريكان بأنه لا خيار آخر لديهم.

السابق

for

S&CS

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة     

   

ـ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامش  |  رجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي | مشاركات الزوار |ـ