ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 13/01/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


التغيير والإصلاح والحرية والشورى

وحقوق الإنسان

عصام العطار

نظرة شاملة عميقة إلى واقع العرب والمسلمين الراهن في عالمهم وعصرهم ، على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وعلى كلّ صعيد .. تكفي لترينا سوء هذا الواقع ، ومدى عمق الحضيض الذي انحدرنا إليه.

ونظرة شاملة عميقة إلى واقع أكثر حكام العرب والمسلمين ، وأنظمتهم الفاسدة القائمة ، تكفي لِتُفسّر لنا كثيراً من أسباب هذا الانحدار والسقوط.

نعم ، إن أكثر هؤلاء الحكام باستبدادهم وفسادهم وجهلهم وتخلفهم ، وتحكيم المصالح والأهواء الفردية والعائلية والطائفية والحزبية الصغيرة الحقيرة في تصرفاتهم ، وشؤون أمتهم وبلادهم ، هم المسؤولون – عامدين أو غير عامدين – عما آلت إليه حال العرب والمسلمين من الضعف والفرقة ، والهوان والذلة ، والتخلف المذهل في مختلف المجالات ، وما نزل بهم من النوازل والأهوال ، وما يُتَرَقَّب أن ينـزل بهم مما هو أبشع وأفظع ، إن استمرتْ بهم هذه الحال ، في وقت كان العرب والمسلمون فيه مؤهلين بمواقعهم الجغرافية ، وثرواتهم الطبيعية ، وأعدادهم الكبيرة ، وتراثهم العريق ، وحوافزهم الدينية والحضارية ، المادية والمعنوية ، ليكونوا في مقدمة الركب البشري.

وإنه لمما يُحَيّر العقول ، ويَفْجَعُ النفوس ، ويدعو لأشد الاستنكار والاشمئزاز ، أن نرى هؤلاء الحكام متشبّثين إلى حد بعيد بنهجهم الخاطئ الآثم ، الذي دمّر البلاد والعباد ، وأوردهم موارد الهوان والضياع والهلاك.

إن أكثر حكامنا الذين فقدوا استقلالهم وكرامتهم ، وتنازلوا عن سيادة بلادهم ، للولايات المتحدة الأمريكية على الخصوص ، ولِدول غربية أخرى ..

إن أكثر حكامنا هؤلاء ينقادون للولايات المتحدة وبعض حلفائها ، في الحق والباطل ، والنفع والضرر ، وما يرضي الله وما يغضبه عزَّ وجلَّ ، ولا يستحي بعضهم من أن يكون أداتها في تمزيق العرب والمسلمين ، وضرب بعضهم ببعض ، وذبح بعضهم بأيدي بعض !! محافظةً على عروش وكراسيّ هانت بهوانهم ، ومناصب ومكاسب زائفة زائلة هي في حقيقتها خزي الدنيا والآخرة .

أمرٌ واحد تظهر فيه صلابتُهم ومقاومتُهم كلَّ الظهور ، ويرفضونه أصدق الرفض .. ذلك عندما يكون الحديث عن الديمقراطية والإصلاح السياسي ، عندها فقط ترتفع أصوات الحكام وحواشيهم بالحديث عن الخصوصيّات التي يجب أن تحترم : الخصوصية الدينية ، والخصوصية السياسية ، والخصوصية الاجتماعية والثقافية .. ويبدون إصرارهم على ألا يُفْرض عليهم في هذا الأمر شيء من الخارج ؛ وكأنّ الإسلام يرفض الحرية والشورى وحقوق الإنسان ، وكأنّ مجتمعاتنا العربية والإسلامية لا تتقبل الحرية والشورى وحقوق الإنسان ، ولا تستأهل الحرية والشورى وحقوق الإنسان !!

(كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا) [الكهف : 5]

وتستغل الولايات المتحدة الأمريكية ، والقوى الخارجية الأخرى ، ضعف الحكام وفسادهم ، وعزلتهم عن شعوبهم ، وعضَّهم بالنواجذِ على مناصبهم ومكاسبهم مهما كان الثمن ، لتخويفهم بالحرية والديمقراطية ، ليزدادوا تنازلاً لها ، وانقياداً لأمرها ونهيها ، في أمور كثيرة خطيرة أخرى ؛ وهي لا تبالي بعد ذلك إذا استنفدتهم ، وقضتْ أَرَبَها منهم ، ولم يعودوا هم الأصلحَ لها ، والأقدرَ على خدمتها ، أن تلفظهم لفظ النواه.

ولو عقل هؤلاء الحكام لَعَلِموا أنّ قوّتهم وحصنهم إنما هي شعوبهم إذا تخلوا عن استبدادهم واستئثارهم ، وظلمهم وفسادهم ، ورجعوا إلى هذه الشعوب صادقين ، والتجأوا إليها مخلصين ، وفتحوا معها صفحة جديدة تستدرك ما فات ، وتعمل بقوة لما هو آت.

هل يكون هذا يا ترى ؟ أكاد أقول : هيهات هيهات !! ولكن علينا ألاَّ نفقد الأمل.

أنا أتمنّى أن تتمّ مصالحة حقيقية في البلاد العربية والإسلامية بين الأنظمة والشعوب ، وأن يكون التغيير لما هو أعدل وأفضل بالوسائل السلمية ، وأن يتلاقى الجميع – لمصلحة الجميع – على مصالح البلاد والعباد العليا ، ومصالح العرب والمسلمين ، وأن يحاوروا العالم من حولهم مجتمعين لا متفرقين ، ليؤبه لهم ، ويستمع إليهم ، وتقوم علاقاتهم مع غيرهم ؛ بل علاقات البشر جميعاً فيما بينهم ، على أساس الحق والعدل ، والتعاون على البرّ والتقوى لا على الإثم والعدوان.

هل هذا خيال ؟ هل هذه أحلام ؟! كلا ، كلا ، إذا نشأ لهذه الأفكار والتطلّعات تيار جارف مُلْزِم في العالم العربي والإسلامي ، فيما يخص العالم العربي والإسلامي ، وفي العالم كله – إن أمكن – وما أروع أن يتلاقى ويتعاون أخيار العالم كله لخدمة العالم كله.

وأعود إلى العالم العربيّ والإسلاميّ لأقول :

لا بدّ من التغيير والإصلاح.

ولا بدّ للتغيير والإصلاح ، وامتلاك القدرة على مواجهة التحديات ، وصنع المستقبل ، من أن تنتصر الحرية والشورى وحقوق الإنسان ، وأن ينتهي الاستبداد والفساد والظلم ؛ فالحرية والشورى والكرامة الإنسانية ، وحقوق الشعوب في أن تتولّى أمرها ، وتختار قادتها ونهجها ، هي المدخل إلى كلّ تحرّر وتقدّم ، ومستقبلٍ كريم.

مجلة الرائد ـ العدد 251 ـ  03/01/2005

أعلى الصفحةالصفحة الرئيسة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ