ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 02/10/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


قراءة أولى في كتاب "مدينة على جبل"

في البحث عن تآلف الحضارات لا تصادمها

غسان غصن

النهار 29/08/2004

باستثناء هذه الامسية، لم التقِ بالدكتور طارق متري سوى مرة واحدة، ولبضع دقائق، ربما عام 1995.  لكنني من خلال قراءتي لكتاباته، وكتابات الآخرين عنه، أشعر بانني اعرفه معرفة جيدة. فهو المتحدث باسم مجلس الكنائس العالمي في جنيف، يرأس فيه منذ سنة 1991 قسم العلاقات والحوار بين الاديان، وينسق برنامج الحوار المسيحي – الاسلامي. اكاديميا، يدرس في جامعة البلمند وبين الحين والآخر في جامعة جنيف في العام 1996، كان استاذا زائرا في جامعة امستردام الحرة، وفي العام الماضي امضى الفصل الدراسي الربيعي استاذا ومحاضرا  زائرا في جامعة هارفرد، حيث ركز على حوار الثقافات وبخاصة من المواقع الاسلامية والمشرقية. في السنوات الجامعية الاولى، لم يدرس طارق متري اللاهوت المسيحي، الذي له به الآن معرفة عميقة ويدرّسه في البلمند، بل درس الكيمياء والفلسفة في الجامعة الاميركية في بيروت، ثم نال شهادة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية من جامعة باريس العاشرة.

تأليفيا، اشترك مع زميل له في اصدار ثلاثة كتب بالعربية، وتولى تحرير كتابين بالانكليزية؛ كما ترجم الى العربية ثلاثة كتب وحققها. له ايضا عشرات الدراسات البحثية والمحاضرات بالعربية والفرنسية والانكليزية في مطبوعات جدية، عربية واوروبية واميركية؛ ويستضاف باستمرار في العديد من كبريات وسائل الاعلام في العديد من بلدان العالم.

أحدث انتاجه “مدينة على جبل؟ عن الدين والسياسة في اميركا”؛ وهو كتاب يقول عنه غسان تويني بحق: انه “سيكون الباب الفسيح لولوج المعرفة الحقة التي تجمع، صافية هادئة، الى العقلانية الفلسفية، تعمقا في التحليل الواقعي للتاريخ يندر ان تجاريه منهجية علمية اخرى”.

فهلموا معي الآن الى جبل ... طارق.

بعدما نشر سامويل هنتنغتون فرضيته المشهورة والشهيرة Clash of civilizations وعلق عليها الكثيرون من مختلف انحاء العالم؛ اعرب الكاتب عن استيائه من المعلقين الذين اسقطوا – عمدا او سهوا – علامة الاستفهام من العنوان. (وبين قوسين، اخطّىء الترجمة العربية الشائعة للعنوان – ونجدها مثلا في مقدمة الاستاذ غسان تويني لهذا الكتاب – وهي “صراع الحضارات”... التي ينبغي ان تكون – لغة ومعنى – “تصادم الحضارات”).

ثمة تشابه بين كتابي هنتنغتون ومتري يتمثل في تضمن العنوان علامة استفهام.... وهذا هو وجه الشبه الوحيد؛ لانه بالنسبة الى الكتابين والكاتبين اقول: بعيد التشبيه! فالخطوط المتشددة التي رسمها هنتنغتون لتجسيد الخوف من تصادم الحضارات – كما يقول تقرير التنمية البشرية العالمي لهذا العام – هي خطوط عمياء عن تاريخ العالم الى حد بارز.. تؤسس فيها التصنيفات بطريقة فظة على نحو استثنائي، وبسذاجة تاريخية بالغة”؛ في حين ان طارق متري مفكر منفتح لا يبحث عن التصادم بين الحضارات او الثقاقات او الديانات، وانما عن التقارب والتآلف في ما بينها – لا عما يفرق، بل عما يجمع.

مع ذلك، وربما رغم ذلك، فانني اتخيل الدكتور متري – مع ايمانه الحقيقي وتسامحه الأخلاقي – سوف يستاء قليلا ممن يسقط علامة الاستفهام من عنوان كتابه. فعلى نقيض هنتنغتون الذي يردّ على التساؤل بالايجاب، اي ان التصادم الحضاري حتمي، يدحض طارق متري بالقرائن والادلة مقولة ان الولايات المتحدة... مدينة على جبل.

الدين والسياسة – ليس في الولايات المتحدة وحدها، وليس في هذا الزمن الرديء وحده وانما عالميا وتاريخيا – هما الحقلان الاشد اثارة للجدال والخلاف والنزاع بين بني البشر، واميركا (بين مزدوجين) هي في اعتقادي الراسخ... البلد الاشد اثارة للجدال والخلاف والنزاع في عالم اليوم. وفي تخيلي لهذا العالم كمدينة واحدة، ارى العنوان معكوسا، ومن دون علامة الاستفهام: جبل على مدينة.

جملة اعتراضية مقتضبة: كنت افضل لو ان المؤلف استعمل كلمتي “الولايات المتحدة” بدل اميركا. فالمهاجرون الاوروبيون الاوائل لم يكتفوا بسلب البلاد من ابنائه الاصليين بعد ابادة جماعية مروعة، بل سلبوا ايضا اسم القارة بأكملها. فقد نجحت الولايات المتحدة الاميركية عبر هذا الاسم المختار لها قبل 228 سنة فقط، ومن ثم بسبب تعاظم جبروتها، في الاستئثار باسم “اميركا” – وكانها هي وحدها كل اميركا الشمالية والوسطى والجنوبية، وكأن سكانها هم وحدهم .. الاميركيون.

أود ان الفت الانتباه الى بعض ما يصفه الادباء بالهنات الهينات، وبخاصة في الترجمة... وهي ربما المجال الوحيد الذي لا اتفق معه فيه أنا... وأنا!

-1 قد اكون المعترض الوحيد على ترجمة كلمة evangelis      او  evangelicals  بكلمة “الانجيليين” فهذا التعبير كما فهمته يعني التبشيريين، المتسمين عادة بالاصولية المتعصبة والمتطرفة.

يقول المؤلف في الصفحة 41: “صحيح ان الانجيليين يعتبرون انفسهم مولودين من جديد (born again)، لكن ليس كل المولودين من جديد انجيليين. اما الاصوليون المسيحيون فهم كلهم  انجيليون ، لكن ليس كل انجيلي اصوليا”.

واقول: كل مسيحي هو انجيلي – نسبة الى الانجيل – ولكن ليس كل انجيلي اصوليا او تبشيريا.

-2 الدكتور متري هو من الكثيرين الذين يترجمون تعبير Neo – conservatives ، الداخل الى الانكليزية قبل نصف قرن فقط بـ”المحافظين الجدد. وانا من القلة الذين يترجمونه: المحافظين المحدثين. فهؤلاء لم يكونوا محافظين قدماء واصبحوا جددا، وليسوا ورثة المحافظين القدامى؛ بل هم – كما يقول قاموس وبسترز Former liberals espousing political conservatism  أي ليبيراليين سابقين يعتنقون او يؤازرون المحافظة السياسية، او معارضة التغيير السياسي.

-3 The National Council of churches of christ in the United states  والترجمة العربية في الكتاب هي: مجلس كنائس المسيح الوطني في الولايات المتحدة الاميركية – والصحيح، لتفادي اعطاء المسيح صفة الوطنية، المجلس القومي لكنائس المسيح في الولايات المتحدة الاميركية.

وقد شهدت الصفحات 127 الى 130 وضعا مماثلا في الكلام عن “مجيء المسيح الثاني” – فيما الصحيح هو طبعا: المجيء الثاني للمسيح.

-4 يترجم الدكتور متري كلمتي Christian Zionists  بالمسيحيين الصهاينة – وهو خطأ يقع فيه كثيرون، والصحيح: الصهيونيون – او الصهاينة – المسيحيون؛ لان النعت في الانكليزية، على عكس العربية، يسبق المنعوت – او الصفة تسبق الاسم.

-5 في المعلومات عن اعداد اتباع بعض المذاهب، استوقفني ما قاله المؤلف في مكانين – الاول، صفحة 38،عن ان عدد المشيخيين Presbyterians انخفض بين عامي 1967 و 1988 من 6% الى 4 % بما يوحي للقارىء، على اساس 250 مليون اميركي في اواخر الثمانينات – ان عددهم هو عشرة ملايين. وما اعرفه من مصادر متعددة ان عدد المشيخيين... ثلاثة ملايين.

الثاني – في الصفحتين 50 و51، يذكر الدكتور متري ان عدد اليهود ستة ملايين، والمسلمين مليون ونصف مليون... وفقا لما يصفه بأكثر الارقام جدية، وهي تلك الصادرة عام الفين عن مركز GLENMARY. ثم يذكر في الصفحة 52 ان اليهود المنتسبين فعليا لا اسميا الى مذاهبهم الثلاثة اقل من رقم الملايين الستة المقترح، في حين ان المسيحيين الارثوذكس والمسلمين هم بلا شك اكثر عددا من الذين احصتهم الدراسة، حيث تشير التقديرات الاسلامية الى ان عدد المسلمين يراوح بين خمسة وستة ملايين. الواضح هنا ان Glenmary  ليست صاحبة الارقام الاكثر جدية، بل تعبر عن المحاولات اليهودية المتكررة بتخفيض عدد المسلمين الى ادنى حد ممكن، كي يبقى اليهود كبرى الاقليات المذهبية اللامسيحية... ويبقوا على التعبير الذي يعملون منذ عشرات السنين على ترسيخه: التراث اليهودي – المسيحي (او كما اختصره انا: اليهوسيحي. في المقابل، يريد المسلمون دخول هذا التراث – ولعلنا نسمع مستقبلا تعبير: اليهوسيحلامية. نقطة اخيرة هنا، ان باحثين مسيحيين مستقلين يقدرون بأن عدد مسلمي الولايات المتحدة يتجاوز عدد يهودها. وحتى مالكولم هونلاين، مدير مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الاميركية الرئيسية قال في صحيفة “هآرتز” الاسرائيلية خلال الشهر الماضي  لغرض في نفس يعقوب: “حذرت قبل عشر سنوات من مغبة تنامي الجالية الاسلامية في الولايات المتحدة، لكن ما من احد فهم التحذير في ذلك الحين. ويقدر انه يوجد حاليا نحو عشرة ملايين مسلم مقيمين بصورة غير شرعية، وتواجه السلطات صعوبة بالغة في ايجادهم”. هذا العام، وتحديدا في 15 تموز الماضي، خلال المؤتمر السنوي للكنيسة المشيخية، اتخذت الجمعية العمومية بأغلبية ساحقة قرارا يساوي بين سياسة الدولة اليهودية وسياسة الفصل العنصري\ الأبارتهايد.

وذكرت الصحيفة العبرية (يديعوت احرونوت) ان هذه هي المرة الاولى التي تقرر فيها كنيسة اميركية اتخاذ خطوات عملية ضد اسرائيل. جاء في البيان الصحافي للكنيسة: “ان لم يغير اي شيء آخر من سياسة اسرائيل ضد الفلسطينيين، فان علينا توجيه رسالة اقوى واوضح – وهي في اعتقادي الرسالة المسموعة اسرائيلياً... واميركيا، لانها تتكلم بلغة... الدولار.

فقد اوصت الكنيسة اتباعها بعدم التعاون مع اسرائيل، او مع الشركات التي تستثمر اكثر من مليون دولار او توظف ارباحها في اسرائيل. وبموجب هذا القرار، فان صندوق الضمان الذي ترعاه الكنيسة المشيخية، ويقدر بعدة مليارات من الدولارات، سيمتنع عن استثمار الاموال في الاسهم او سندات الخزينة الاسرائيلية – او في الشركات الدولية التي تتعامل مع اسرائيل – وهو امر لا يقدم عليه الكثيرون من اثرياء العرب والمسلمين.

في العام 1755، وصف بنجامين فرانكلين (صورته على المئة دولار)  الديموقراطية والحرية على  النحو التالي، الذي ينطبق على الوضع الحالي:

الديموقراطية: ذئبان وحمل يتباحثون في ما سيتناولونه من طعام في العشاء.

الحرية: حمل متسلح جيدا، مستعد لتحدي قرار الاغلبية.

فاللعنة على ذئاب الديموقراطية والعزة لحملان المشيخية والتحية للعلمية “المترية”.

النص هو تقديم لكتاب متري في ندوة عقدت في المنصف بدعوة من حركة الشبيبة الارثوذكسية.

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ