ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 22/11/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


هارتس

قتل الأطفال الفلسطينيين بالمئات ليس مسألة هامة

في نظر أغلبية الإسرائيليين

خلال الأسبوعين الأولين من عملية "ايام الندم" قتل أكثر من 30 طفلا فلسطينيا. لا غرابة ان الكثيرين يعتبرون مثل هذا القتل الجماعي للأطفال "ارهابا". بينما تبلغ النسبة بين الطرفين من حيث عدد الضحايا في هذه الانتفاضة 3: 1 (فلسطيني: اسرائيلي) - تبلغ النسبة بصدد الأطفال القتلى خمسة فلسطينيين : إسرائيلي واحد. حسب معطيات بتسيلم قتل قبل العملية الحالية في غزة 557 حدثا فلسطينيا (حتى سن الثامنة عشرة) مقابل 110 حدثا إسرائيليا.

منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية تتحدث عن أرقام أكبر بكثير: 598 طفلا فلسطينيا قتيلا (حتى سن 17 سنة) حسب معطيات "المجموعة الفلسطينية للحفاظ على حقوق الانسان"، و828 طفلا قتيلا (حتى سن 18 سنة) حسب معطيات الهلال الاحمر. انتبهوا للفئة العمرية ايضا: حسب معطيات بتسيلم المعدلة حتى ما قبل شهر من الآن كان 42 من الاطفال القتلى في سن العاشرة، و20 في السابعة، و8 في سن عامين. وأصغر الضحايا: 31 طفلا قتلوا على الحواجز خلال عمليات الولادة.

في ظل هذه المعطيات الرهيبة كان من المفترض ان تتحول مسألة "من هو الارهابي" الى مسألة مزعجة منذ زمن بالنسبة لكل اسرائيلي. ولكن ما يحدث هو انها ليست مطروحة على جدول الاعمال في واقع الامر. قتلة الاطفال هم الفلسطينيون دائما وأبدا، أما الجنود فهم دائما المدافعون عنا وعن انفسهم ولتذهب المعطيات الاحصائية الى الجحيم.

الامور يجب ان تُقال بحزم: دم مئات الاطفال الفلسطينيين في رقابنا. ليس بامكان أي تفسير متعرج ملتوي يصدر عن الناطق بلسان الجيش والمراسلين العسكريين حول المخاطر التي تتربص بالجنود من ناحية الاطفال أو أي ذريعة مريبة لاعلامي ودعاة وزارة الخارجية حول قضية استغلال الفلسطينيين للاطفال - ان يغير هذه الحقيقة. الجيش الذي يقتل كل هذا العدد الكبير من الاطفال هو جيش منفلت لا كوابح له وفاقد لشيفرته الاخلاقية التي يسير عليها. كما قال عضو الكنيست احمد الطيبي في خطابه الانفعالي جدا الذي ألقاه أمام الكنيست انه لم يعد بالامكان مواصلة الادعاء بأن كل هؤلاء الاطفال قد قتلوا عن طريق الخطأ. الجيش لا يرتكب أكثر من 500 خطأ متشابها. هذا ليس خطأ وانما ثمرة فاسدة من ثمار سياسة التساهل في اطلاق النار المخيفة ونزع الصفة الانسانية عن الفلسطينيين. يطلقون النار على كل ما يتحرك بما في ذلك الاطفال، وهذه مسألة طبيعية الآن. كما ان العاصفة الصغيرة التي أثيرت للحظة حول مقتل الطفلة ايمان الهمص لم تدر حول المسألة الحقيقية. كان من المفترض ان تثور هذه الفضيحة حول اطلاق النار ذاته وليس فقط بسبب قيام الضابط بعملية التأكد من القتل.

ايمان لم تكن الوحيدة. محمد الأعرج كان يأكل قطعة خبز أمام منزله الذي يقع على أبواب مقبرة بلاطة فأطلق جندي عليه النار وقتله من مسافة قريبة. عمره كان ست سنوات. كريستين سعادة كانت في طريقها من زيارة عائلية في سيارة والديها فقام الجنود برشها بالرصاص. عمرها كان 12 سنة.

الشقيقان جميل واحمد أبو عزيز كانا على دراجتهما الهوائية في جنين متوجهان لشراء الحلوى فأطلق عليهما جندي المدفعية قذيفة فأصابهما اصابة مباشرة. جميل كان في الثالثة عشرة واحمد في السادسة. معتز العامودي وصبح صبح قتلا بنيران الجندي الذي كان واقفا في ميدان قرية برقين مطلقا النار في كل الاتجاهات إثر عمليات رشق بالحجارة. غدير محد من مخيم خانيونس كانت جالسة في صفها عندما أطلق الجنود عليها النار فقتلوها. عمرها كان 12 سنة. جميعهم قتلوا من دون أي ذنب اقترفوه على يد جنود فعلوا فعلتهم هذه باسمنا نحن.

في جزء من هذه الحالات على الأقل عرف الجنود انهم يطلقون النار على الاطفال، ولكن ذلك لم يمنعهم عن فعلتهم. الجندي الذي يطلق قذيفة على منزل يعرف في الواقع انه يطلقها نحو الاطفال. الاطفال الفلسطينيون لا يملكون ملاذا آخر، ومع ذلك يطاردهم الخطر وهم داخل منازلهم ومدارسهم وشوارعهم. لم يكن أي واحد من مئات الاطفال القتلى مستحقا للموت ولا يمكن ان تبقى مسؤولية قتلهم يتيمة بلا صاحب. هذه هي الرسالة التي يعطونها للجنود: ليس قتل الاطفال مسألة هامة، ولا أحد منكم يتحمل الذنب في ذلك.

الموت هو الخطر الأكبر طبعا الذي يتربص بالطفل الفلسطيني، ولكنه ليس الخطر الوحيد. حسب معطيات وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أصيب 3409 تلميذا خلال الانتفاضة - بعضهم أصبحوا معاقين مدى الحياة. وهناك عشرات آلاف الاطفال الذين عاشوا طفولتهم من صدمة نفسية الى اخرى ومن رعب الى آخر. منازلهم دمرت ووالديهم أُهينوا وأُذلوا أمام أعينهم، والجنود الذين يقتحمون منازلهم بوحشية في ظلام الليل والدبابات تقصف صفوفهم. وليست لديهم خدمات نفسية متاحة. هل سمعتم عن طفل فلسطيني مصاب "بالقلق والخوف"؟.

اللامبالاة الجماهيرية التي ترافق كل هذه المعاناة تحول كل الاسرائيليين الى شركاء في الجريمة. حتى الآباء والأمهات الذين يعرفون ما هو القلق على مصير اطفالهم يحرفون أنظارهم، لا يسمعون ولا يريدون ان يعرفوا عن قلق الوالد من خلف الجدار. من كان يصدق ان جنود جيش الدفاع سيقتلون مئات الاطفال من دون ان تنبس الاغلبية ببنت شفة؟ الاطفال الفلسطينيون ايضا تحولوا الى جزء من معركة نزع الصفة الانسانية: قتل المئات منهم لم يعد مسألة ذات شأن.

هارتس /2004-10-17

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ