ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 03/06/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الشرق الأوسط منطقة آمنة لإسرائيل!!

نبيل زكي*

الواضح ان استراتيجية الامن الامريكية ومشروع القرن الامريكى الجديد ومجمل السياسات الامريكية الراهنة لاتوحى بأن الهموم الحقيقية للولايات المتحدة تتعلق بقضايا الديمقراطية والحريات السياسية فى العالم العربي.

والواقع يؤكد العكس تماما: ان امريكا صنعت من بعض العرب ارهابيين فى السابق، وهى تريد الآن معاقبة كل العرب على جرائم هى المسئولة عن وقوعها..

وكان العرب هم دائما ضحايا هذه الجرائم، والواقع يؤكد ان ما تريده امريكا هو فى حقيقة الامر ادخال المنطقة بأسرها ضمن مقومات الاستراتيجية الامريكية وجعلها ـ كلها ـ منطقة آمنة لاسرائيل الكبري.

قبل اكثر من عامين، شرح المساعد السابق لوزير الخارجية الامريكى مارتن انديك كيف تغلبت وجهة النظر الداعية الى تركيز الجهود على احلال السلام فى الشرق الاوسط على وجهة النظر التى تطالب بنشر الديمقراطية فى المنطقة.

واوضح مارتن انديك فى مقال نشره بمجلة فورين افيرز الامريكية عدد يناير ـ فبراير 2002 انه فى مستهل ولاية الرئيس كلينتون الاولى ظهرت نافذة فرص لتحقيق السلام الشامل فى الشرق الاوسط، وأن الفريق المعنى بشئون المنطقة بوزارة الخارجية الامريكية طرح حجة ان نجاح تأثير مفاوضات السلام سيكون من العمق بحيث يسحب من الحكام العرب ذريعة الصراع مع اسرائيل التى طالما استخدموها للامتناع عن القيام باصلاحات سياسية واقتصادية، وكان هذا الفريق بوزارة الخارجية الامريكية يرى ان الضغط الامريكى من اجل الاصلاحات قد يؤدى الى الحاق الضرر بجهود السلام وبالمصالح الامريكية فى الخليج وفى مصر.

لماذا الانقلاب؟

لماذا ـ اذن ـ انقلب موقف الولايات المتحدة رأسا على عقب وأصبحت قضية مايسمى بالاصلاح فى العالم العربى تشغل مكان الصدارة وتحتل اولوية مطلقة، فى الوقت الذى يتم فيه ترك قضية الصراع العربى ـ الاسرائيلى لارييل شارون لكى يتصرف فيها على النحو الذى يشتهيه؟ هل صحيح ان القمع الذى استهدف المتطرفين الدينيين فى السنوات الماضية فى الدول العربية دفعهم الـى نقل نشاطهم الى خارج بلادهم؟ وهل صحيح ان هؤلاء المتطرفين وجدوا صعوبة فى الاطاحة بالانظمة العربية الحاكمة الموالية لامريكا بسبب دعم واشنطن لهذه الانظمة فقرروا تعديل خططهم لكى يوجهوا الضربة الى الولايات المتحدة مباشرة؟ اصحاب هذا التحليل هم الذين يقولون ان الاصلاحات التى تطالب بها الولايات المتحدة تستهدف دفع هؤلاء المتطرفين الى تركيز نشاطهم ضد الانظمة الحاكمة فى بلادهم بدلاً من وضع الخطط ضد امريكا ! بحيث تتم اعادة توجيه الحرب الجارية الى حرب بين هؤلاء المتطرفين وانظمة الحكم فى بلادهم او فتح الطريق امام هؤلاء المتطرفين انفسهم لكى يشاركوا فى ادارة دفة الحكم فى بلادهم او حتى ينفردوا بهذا الحكم.

ويقول مارتن انديك ان الانظمة العربية الحاكمة وجدت ان التنديد بأمريكا واسرائيل اكثر فائدة ونفعاً ـ بالنسبة لها من توجيه الصراع ضد الحكومات التى تمثل هذه الانظمة.

مرة اخري، نطرح السؤال: لماذا انقلب موقف الولايات المتحدة رأسا على عقب؟ الاستراتيجية الجديدة فى استراتيجية الأمن القومى للولايات المتحدة ، التى اطلقها الرئيس جورج بوش أمام الكونعرس فى نوفمبر 2002، تقرر اعتماد مواقف ومفهومات يمكن ان توصف بأنها انقلابية على مرحلة مابعد الحرب العالمية الثانية، فقد كانت الامم المتحدة هى المكان الوحيد والشرعى فى تلك المرحلة لاتخاذ القرارات على الصعيد الدولي، ولارساء العلاقات بين الدول، وكان ميثاق الامم المتحدة هو المرجعية الرئيسية او الوحيدة لتسوية المنازعات.

وجاءت المجموعة الانقلابية فى البيت الابيض والبنتاجون لكى تلغى مبدأ تحريم اى حرب اذا لم تكن دفاعية ولم يكن هناك مجال للتشاور والتنسيق على النطاق العالمي، ولم يعد هناك مجال للتوافق على ايجاد حلول للأزمات، إن الاستراتيجية الجديدة توكل الى الولايات المتحدة مهمة اتخاذ القرارات بصورة منفردة على مستوى العالم، وكذلك مهمة تحديد الاخطار وحجمها والتصدى لها، واذا شاء الآخرون اللحاق بالولايات المتحدة، فانها لاتمانع على ان يتم كل شئ تحت قيادة امريكا.

والنموذج الوحيد المقبول بالنسبة لواشنطن هو النموذج الامريكى ونمط الحياة الامريكية تحت لافتة: اقتصاد السوق والحرية السياسية والديمقراطية.

لم يعد المطلوب هو تحقيق العدالة وانما اشعال الحروب طوال الخمسين سنة القادمة او حتى آخر القرن الجديد، واصبح مجرد محاولة المدفعية العراقية المضادة للطائرات التصدى للطائرات الامريكية والبريطانية المغيرة على ارض ـ ايام نظام الحكم السابق ـ اعلانا عن التحدى للارادة الامريكية العليا، ودليلاً على التمرد كما اصبح مجرد مقاومة المحتلين والمغتصبين للاراضى الفلسطينية ارهابا ينبغى سحقه وتصفيته.

واصبحت مواجهة العدوان الخارجى الاجنبى هى العدوان بعينه، اما المعتدون الحقيقيون فهم رسل الحضارة والديمقراطية والاصلاح والاقتصاد الحر الذين يضربون البرابرة فى اوكارهم ويحررون البشرية منهم! نظريات للحرب ومن هنا طرحت الاستراتيجية الجديدة نظريات الحرب الاستباقية والوقائية والاجهاضية وتطهير الدول التى يصيبها الوباء ، وباء التمرد على الهيمنة الامريكية، وهى حروب بلا حدود جغرافية او زمنية ضد الشر ولابد ان تنتصر فيها قوى الخير ، التى هى الولايات المتحدة نفسها.

والدول التى لاتسير فى الفلك الامريكى هى دول مارقة او شاردة او منبوذة ولذلك فان الحرب هى وسيلة حل الازمات، ولابد ان يكون رئيس الولايات المتحدة هو رئيس زمن الحرب ! ولما كان العالم كله قد انقسم الى معسكرين: الخير والشر او الولايات المتحدة والارهابيين، فانه لاينبغى اهدار الوقت فى مفاوضات عقيمة وجانبية كما جاء فى استراتيجية الامن القومى للولايات المتحدة ولا وجود لقواعد للحرب او حقوق مدنية للاعداء وتكون معسكرات من نوع جوانتانامو من الامور العادية والطبيعية.

وهكذا انتهى عصر سادت فيه مفاهيم التعايش والوفاق واصبح من الضرورى تحويل جميع الدول الى عربات ملحقة بقاطرة الولايات المتحدة لاطريق امامها سوى ان تتبع قائدها.

وفى ضوء ذلك يصبح الحديث عن ميثاق الامم المتحدة او بروتوكول كيوتو او محكمة الجزاء الدولية او القانون الدولى او سيادة الامم او رفض التدخل فى الشئون الداخلية او الوطنية والقومية مثاراً لسخرية السادة الجدد.

وفى ظل هذه العقلية، لامكان للمنافسة سواء كانت تجارية اواستراتيجية او عقائدية، والطريق مفتوح امام شركات مثل هاليبرتون و بكتل وحتى بيتزا هات وبيرغر كنغ ! ولم يعد السؤال هو: هل اصبحت الولايات المتحدة دولة امبراطورية وانما؟ ما نوع الامبراطورية التى يريدها الامريكيون؟ ومن السهل ان تسيطر الهستيريا على السادة الجدد مع صعود الحمى الامبراطورية فيتصورون ان الارهابيين فى كل مكان، وان هناك مساحات واسعة من افريقيا فارغة وبلا حكومات، وتستخدم لتدريب الارهابيين، وتشكل مرتعاً لعدم الاستقرار، ومن هنا ينبغى تطويق الكرة الارضية بحزام من الفولاذ، وتعزيز القوات الامريكية ونشرها فى جميع قارات العالم وتوسيع وجودها الى اقصى حد.

آندفاع وجرأة

لقد قررت الولايات المتحدة اعادة تشكيل الشرق الاوسط ، وتحاول اقرار واقع جديد باندفاع قوى وتتحدث عن النموذجين الالمانى واليابانى لفترة مابعد الحرب العالمية الثانية، وزادت الجرأة الامريكية الى حد ان يكتب احدهم قائلا: إما ان تتخلص المملكة العربية السعودية من مناهجها التعليمية او نتخلص منها !! وهنا يجب التذكير بما ورد فى ورقة اعادة بناء الدفاعات الامريكية الاستراتيجية والقوات والموارد فى القرن الجديد ، التى تنص على ان الحضور الامريكى فى الخليج مسألة حيوية للاستراتيجية الامريكية وعلى وجوب ان يكون هذا الحضور دائما.

لقد صارت امريكا صاحبة ثقافة ذات لون واحد وتريد ان تغير الآخرين لتجعلهم على صورتها، لم تعد امريكا الفضاء المفتوح للتفكير والتعبير بلا قيود، وانما ارتدت لتصبح امريكا المكارثية الاكثر خطورة والاكثر شمولية، فهى تتهم الآن شعوبا وثقافات بأكملها بأنها حاضنة للارهاب، وهى تتجاهل الخصوصيات الثقافية فى المجتمعات، وتقرر تغيير الشرق الاوسط بشروطها وفرض اجندتها عبر البوابة العراقية.

نموذج واحد

وتوضح استراتيجية الامن القومى للولايات المتحدة ان امريكا تقود الامم الاخرى نحو النموذج الواحد ذى الديمومة فى النجاح القومى ، انها عودة الى موقف الرئيس الامريكى الاسبق ودرو ويلسون الذى توجه الى فرساى فى عام 1919 لابلاغ العالم بأنه ينوى جعله مكاناً اكثر صلاحاً للديمقراطية! وقد تناسى ويلسون، كما يتناسى جورج بوش الآن، تحذير جون كوينسى آدم عام 1821 من انه اذا نجحت الغواية، واصبحت امريكا ديكتاتور العالم، فانها لن تعود لتصبح قادرة على التحكم فى ذاتها فما تنفقه الامبراطوريات فى الخارج هو مالا تنفقه فى الداخل على المستشفيات او الطرق او المدارس، ولن تسهم ميزانية عسكرية اخطبوطية متضخمة الا فى تفاقم الفشل المستمر لامريكا فى تحقيق وعد المساواة بين ابنائها.

واعباء الامبراطورية كثيرة، منها ضرورة اعتقال مواطنين امريكيين بلا توجيه اتهام، وعدم السماح لمحاميهم بمقابلتهم، وابقاء معتقلين اخرين على جزيرة اجنبية فى حالة حرمان كامل من اى حماية قانونية، ووضع اجانب، مطيعين للقانون، تحت رقابة مستمرة، بينما يتم ترحيل آخرين بعد جلسات سرية، وليست هذه تصرفات جمهورية تخدم حكم القانون، وليس هذا بنموذج يصلح لكى يكون قدوة للآخرين.

وكانت المؤسسات الامريكية توجه انتقادات حادة ـ فى السابق ـ لدول فى الشرق الاوسط تتصرف على هذا النحو ـ او اقل فى المستوى ـ فى مواجهة الارهابيين الذين يضربون فى كل مكان، وتتباكى على الحريات الديمقراطية وتعطى قادة الارهاب حق اللجوء السياسي، بحجة ان بلادهم تقدمهم لمحاكم عسكرية تجرى محاكمة بعض معتقلى غوانتانامو الآن امام محاكم عسكرية .

أسئلة مشروعة

واذا كان مارتن انديك يحذرنا الآن من ان على اصدقاء امريكا من العرب ان يتوقعوا من الآن فصاعدا حضور الاصلاح السياسى والاقتصادى كعنصر دائم فى جدول الاعمال الامريكى فانه يجب ان يعلم ان زعزعة استقرار الانظمة الحاكمة فى غياب بديل ديمقراطى حقيقى وقوى ـ انما يعنى ان واشنطن تزرع بذور دمارها بنفسها، وعلى واشنطن ان تجيب على اسئلة كثيرة، وهى تسعى الى تنفيذ اجندتها فى المنطقة، مثلاً:

* كيف ستكون الاجواء فى واشنطن لو ان برلمان دولة بترولية كبيرة قرر عدم السماح لحكومته بابرام صفقة اسلحة بعدة مليارات من الدولارات، لأنه يعتبر مثل هذه الصفقة اهدارا للمال فيما لايعود بالنفع على الشعب الذى انتخب اعضاء هذا البرلمان؟

* ماذا لو ان حكومة منتخبة ديمقراطيا فى العالم العربى قررت تقديم دعم سياسى ودبلوماسى ـ إن لم يكن عسكريا ـ للانتفاضة الفلسطينية، من زاوية ان الاوضاع فى الاراضى المحتلة تشكل تهديداً لأمنها ومصالحها؟

* ماذا ستفعل الحكومة الامريكية اذا وجدت ان التغيير الديمقراطى فى بلد عربى من شأنه ان يعرض مصالحها فى مجالات البترول والامن للخطر او يهدد بوقف التوسع الاسرائيلي؟

* بل ماذا سيكون موقف المسئولين الامريكيين لو ان حكومات عربية منتخبة ديمقراطيا قررت حماية المصالح الاستراتيجية لشعوبها وحقوقها فى ثرواتها واستغلالها فى مشروعات التنمية، مهما كلف الامر؟ كاتب هذه السطور يستطيع ان يتكهن برد الفعل الامريكى فى حالة قيام حكومة ديمقراطية منتخبة فى دولة عربية انه نفس رد فعل وزير الخارجية الامريكى الاسبق هنرى كيسنجر عندما انتخب مواطنو تشيلى بطريقة ديمقراطية رئيسهم سلفادور الليندي.

قال كيسنجر: ان الولايات المتحدة لاتستطيع تحمل انعدام المسئولية لدى الشعب التشيلى !! وهو نفس موقف عدم المسئولية الذى دفع الشعب الفلسطينى الى انتخاب ياسرعرفات عبر تصويت ديمقراطى تحت اشراف دولي، الامر الذى دفع الحلف الامريكى ـ الاسرائيلى الى عرقلة اجراء انتخابات جديدة فى فلسطين خشية اعادة انتخاب عرفات! انه نفس الموقف الامريكى من حكومة الدكتور محمد مصدق فى ايران، الذى انتخبه الشعب الايراني، وتآمرت الولايات المتحدة ضده حتى نجحت فى اسقاطه واعدام اقرب المقربين اليه.

أسئلة منطقية

تبقى اسئلة اخرى منطقية: هل هذا الذى يجرى فى العراق تعبير عن سياسة دولة تراعى مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان؟ وهل كل هذا الدعم الامريكى المطلق لزعيم يحترف ارتكاب المجازر وتحتل قواته اراضى شعب آخر تعبير عن احترام لحقوق الشعب فى تقرير مصيرها ولحق الانسان فى الحياة الحرة على ارضه؟ ومن هنا تتكشف ابعاد محنة مشروع الشرق الاوسط الكبير وهى اننا بازاء سكير يريد تأسيس جمعية لمنع المسكرات!! ان فاقد الشئ لايعطيه ولايمكن للشعوب العربية ـ فى ضوء السياسة الامريكية الحالية ان تصدق ان الولايات المتحدة تريد لها اصلاحاً وديمقراطية والشئ الوحيد الذى يمكن ان تلمحه وتصدقه فى ضوء تجاربها المريرة مع الولايات المتحدة هو ان المطلوب هو اقامة حكومات تابعة ذات واجهة عصرية، وكل هذا لايعنى ان الدول العربية ليست فى حاجة الى اصلاح ولكنه اصلاح من نوع آخر غير الذى يفكر فيه الامريكيون، ونقطة البداية فى الاصلاح هى انتخاب حكومات تنتهج سياسة قومية تحررية تضع المصالح القومية العليا للأمة العربية فوق مصالح اى دولة اخري، بما فى ذلك الولايات المتحدة الامريكية.

* كاتب وصحفى مصرى

العرب اون لاين

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ