ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 11/01/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


درس للعرب من سيريلانكا

عبد الباري عطوان

سيريلانكا ليست دولة اسلامية، ولا هي عربية، وتواجه هذه الايام كارثة انسانية وبيئية ادت الي مقتل عشرات الالوف من ابنائها غرقا، بفعل الزلزال البحري (سونامي) وتبعاته، علاوة علي تدمير بناها التحتية، وخسارة بضعة مليارات من الدولارات، ومع ذلك رفضت السماح لاعضاء وفد اسرائيلي بالدخول الي اراضيها لتقديم المساعدة الطبية والمالية لضحايا الزلزال.
الحكومة السيرلانكية المنتخبة، في انتخابات نزيهة حرة وفي ظل تعددية حزبية راسخة لم تدع في اي يوم من الايام انها حكومة ثورية، ولم ترفع لواء المعارضة للولايات المتحدة ومشاريعها التدميرية في العالم، ولكنها ترفض استقبال وفد اسرائيلي يدعي الحرص الانساني، بينما حكومته تقتل الآلاف من الابرياء في الضفة الغربية وقطاع غزة بالرصاص الحي والصواريخ والطائرات.
ومن المفارقة ان هذا الموقف السيريلانكي المشرف يأتي في وقت يواجه فيه مؤتمر شعبي خليجي لمقاومة التطبيع، انعقد قبل يومين في الدوحة، الاهمال التام من قبل المشاركين المدعوين، ويختصر اعماله من يومين الي يوم، ويتحول الي ندوة حوار بين من حضر.

ومن المفارقة ايضا انه بينما تصر حكومة سيريلانكا ان تكون عربية اكثر من العرب وتدير ظهرها للتطبيع مع الدولة العبرية، يقوم الرئيس المصري حسني مبارك بجولة تشمل البحرين والكويت لحث حكومتي بلديهما علي اقامة علاقات دبلوماسية مع هذه الدولة، ويوقع اتفاقات لاقامة مناطق صناعية مشتركة لفتح ثغرة كبري في الاقتصاد المصري امام رؤوس الاموال الاسرائيلية.

اما ثالثة الاثافي فتأتي من قبل الرئيس المقبل للسلطة الفلسطينية السيد محمود عباس (ابو مازن) الذي اعلن امس ان الشعب الفلسطيني يجب ان يتخلي عن المقاومة المسلحة والتسليم بأنه لا يستطيع ان يهزم اسرائيل عسكريا، والعودة الي مائدة المفاوضات لانها الطريق الوحيدة لاسترداد حقوقه واقامة دولته المستقلة.

وبسبب هذه المواقف الحضارية يحظي السيد عباس بدعم غير محدود من الرئيس مبارك، والولايات المتحدة الامريكية، ورئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، الذي تحول بقدرة قادر الي رجل سلام قادر علي صنع المعجزات.

ولا نعرف علي اي اساس استند السيد عباس في نظريته هذه بالغاء الكفاح المسلح من القاموس الفلسطيني، وانهاء عسكرة الانتفاضة، مثلما لا نعرف طبيعة النماذج والتجارب التاريخية التي جعلته يحسم امره بهذه الطريقة الحازمة، ويختار طريق المفاوضات دون غيرها، باعتبارها البديل الوحيد الناجع.

شارل ديغول لم يطالب الشعب الفرنسي باسقاط خيار المقاومة والقبول بحكومة فيشي التي عينها الاحتلال النازي الالماني، كما ان بقاء نيلسون مانديلا ثلاثين عاما في سجون النظام العنصري في جنوب افريقيا لم يدفعه الي مناشدة ابناء شعبه لالقاء السلاح والتعايش مع هذا النظام المدجج بالاسلاحة الحديثة، والصواريخ النووية، لان بنادقه الصدئة لا يمكن ان تحقق النصر، وتهزم هذا العدو الجبار.

الشعب الفرنسي رفض حكومة فيشي وقاوم الاستعمار النازي حتي انتصر، وكذلك فعل مقاتلو العنصرية ونظامها في جنوب افريقيا، ومكافحو الاستعمار الامريكي الجبار في فيتنام، والفرنسي في الجزائر. فلماذا يريد السيد عباس ان يبث اليأس والقنوط في نفوس ابناء الشعب الفلسطيني بعد كل هذه التضحيات التي قدموها، وبدأت تعطي ثمارها انتصارا قريبا جدا علي الاسرائيليين في قطاع غزة وبعدها في الضفة الغربية، وقبلهما في جنوب لبنان.

السيد عباس يرأس منظمة تسمي منظمة التحرير الفلسطينية وهي تمثل فصائل المقاومة، وتراثا عريقا من الشهادة والشهداء، يمتد لاكثر من اربعين عاما. فاذا كان لا يؤمن بالتحرير من خلال المقاومة، فلماذا قبل ان يتولي رئاسة هذه المنظمة، ثم الطواف بالعواصم العربية، والخليجية بالذات، موزعا الاعتذارات يمينا ويسارا، وطالبا المساعدات والدعم السياسي والمعنوي، ومتحدثا باسمها، وممثلا لها؟

نسأل السيد عباس الذي يستعد وبعض مناصريه لدورات تأهيلية في مؤتمر لندن حتي يرتقوا الي مستوي نظرائهم الاسرائيليين في التحضر و التفاوض وقمع المعارضة ونزع سلاح المقاومة، نسأله عما سيفعل اذا فشلت نظريته الاستسلامية هذه، في استعادة الحقوق الفلسطينية كاملة؟ وهل يسمح للشعب الفلسطيني بمساءلته، ومحاكمته اذا اقتضي الامر، عن اخطائه بل كوارثه التي بدأت بتوقيع اتفاقات اوسلو؟

نريد ان نذكر السيد عباس بان الانتفاضة التي يريد نزع اسنانها ومخالبها في عصره العباسي السعيد، جاءت ردا علي فشل نهجه، واتفاقات اوسلو التي تفاوض عليها سرا، وبعد اتضاح حقيقة النوايا الاسرائيلية في تركيع الشعب الفلسطيني واستغلال هذه الاتفاقات لمضاعفة الاستيطان في الضفة وابتلاع ما تبقي من القدس.

الانتفاضات كانت تتفجر في الاراضي المحتلة، لانه كان هناك رجل اسمه ياسر عرفات، ومنظمة اسمها منظمة التحرير، ولكن من الواضح ان السيد عباس يريد انهاء هذه المنظمة وازالة كل اثر لزعيمها بعد رحيله.

نتمني علي السيد عباس ان يقوم بزيارة خاطفة الي سيريلانكا ليتعرف علي معدن رئيس وزرائها، ونوعية الدماء التي تجري في عروقه، لعله يخفف من طبيعة حماسه لصديقه شارون، وتلهفه علي لقائه بعد فوزه شبه المؤكد في الانتخابات الفلسطينية الرئاسية المقبلة. واذا تعذر عليه ذلك، نتمني عليه التعريج علي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في بلاطة، وجنين، والامعري وجباليا وخان يونس ورفح لعله يتذكر ان الثورة الفلسطينية انطلقت من قلب معاناة هذه المخيمات واهلها في الوطن ودول الجوار العربي.

شكرا لسيريلانكا وحكومتها، فقد ذكرتنا ان هناك دولا ما زالت تملك جينات الكبرياء والكرامة والانسانية بعد ان نسيتها معظم حكوماتنا العربية، بل معظم اعضاء قيادتنا الفلسطينية الجديدة .

القدس العربي ـ 2004/12/29

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ