ـ

ـ

ـ

الاثنين 10/01/2005

أطلقوا سراح الخبز

بقلم: ناديا غصن - دمشق

عندما أمر في الشوارع والأزقة يتراود إلى ذهني سؤال واحد , لماذا نحن فقراء ؟

فمشاهد الفقر والجوع تكفن الوجه والأماكن تغتال ضحكات الأطفال تشنق همم الرجال.كثيراً وقفت أتأمل أولئك الرجال المستلقين على الأزقة بانتظار من يطلبهم للعمل , كثيراً طعنت بخاصرتي لمشهد بيع الأجساد على الأرصفة , وأمام ذلك المشهد الذي يعجز فيه أب أو أم عن شراء طعام أو فواكه أو مأكولات لأطفالهم خاصةً الفواكه التي تعتبر الأقل زيارة لمنازلنا .وهذا يذكرني بموضوع قرأته يقول إن السيارة هي حلم في بلادنا , يبدو لي أن صاحب هذا الموضوع لم يعش يوماً معنا ,فالسيارة هي الشيء الذي لا تستطيع أن تصل إليه أحلامنا التي تنصب في تأمين طعامنا حتى نهاية الشهر , رغم أن البطالة منتشرة بقوة وهذا يعني أن هناك عائلات كثيرة تعيش دون راتب شهري .

نحن الآن في فصل الشتاء فصل المطر والخير والخضراوات والمنتجات الزراعية التي ومن الطبيعي أن تنخفض أسعارها لكن ما حصل هو العكس , ارتفعت الأسعار لدرجة انه أصبح من المستحيل لأي عائلة عادية أن تشتريها إلا إن كان قانون رفع الأسعار خطوة لتعويد المواطنين على الشراء بالقطعة الواحدة لا بالكيلو , والملفت أن خبر رفع الأسعار يعّد في كل دول العالم من أهم الأخبار إلا في بلادنا حيث نعتبره خبراً مشابهاً لأخبار الكوارث والزلازل والبراكين , والجانب الأخر في استخدام زئبق الأسعار هو وضع بعض التجار أسعار خاصة بهم مبررين ذلك بجودة المنتج , والبعض الأخر يخفض أسعاره للنصف تقريباً والسبب هو أن منتجاته وبضائعه فاسدة , ويكثر استخدام هذا الأسلوب في منتجات اللحوم والمعلبات , وقد نشرت الصحف السورية أخباراً كثيرة عن الأطعمة والمواد الفاسدة التي ضبطتها الحكومة , لكن الضحية أولاً وأخراً هو الفقير الذي يتفاجأ وهو الذي لا يأكل اللحم إلا بالمناسبات بسعر اللحم الرخيص فيفكر بمفاجأة أطفاله وهو لا يدري أنه قد اشترى بعرقه مواداً سامة وغير صالحة للاستهلاك البشري وهذا يضعنا جميعاً أمام سؤال هام , لماذا يملك أشخاص مزارع وشركات، ومن أين أتوا بها أو ليس الأجدر بأن تتوزع هذه الأموال على أبناء هذا الوطن الذين ضاقت بهم الدنيا ووصل صبرهم إلى عنق الزجاجة ؟ وأين الجمعيات الخيرية والأهلية صاحبة الشعارات وأهل النخوة والشهامة لدى أصحاب المقامات الرفيعة أم انهم خصصوا الخير في شهر واحد ولعائلات محددة ؟

أنا لم اسرد هذه الحالات لأضغط على جرح أحد لكنني وكما قال الكاتب الكبير سعد الله ونوس ( نحن محكومون بالأمل ) فأحببت أن اذكر بعض حالات الفقر والبؤس التي نعيشها أملاً بأن تقع هذه الصحيفة بيد أحد القادرين على الفعل أو أصحاب الخير وممن يمتلكون أموالاً وفيرة سواء في الخارج أم في الداخل ويتخذوا قراراً قد يساعد على النهوض بمجتمعنا, فمن المعروف أن الجائع لا يفكر إلا بمعدته, فحتى لا تبقى رؤوسنا في معدتنا ونتراجع عن ركب الحياة أطلقوا سراح الخبز والفواكه.

دنيا الوطن 08 / 01 / 2005

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ