ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 07/07/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


العسكرة والحرب

أسلحة الدمار الأيديولوجي الشامل

جون د. جولدهامر

ترجمة : خالد الفيشاوى

الإرهاب مشكلة إيديولوجية، وليست عسكرية.  انه مرض عقلي تسببه حزمة مدمرة من الديناميكيات السامة للجماعة تتنكر في شكل دين.  لقد مر زمان طويل على الوقت الذي يجب فيه أن نخلع عن أيدينا القفازات البيضاء "الناصعة سياسيا" حتى نتعامل مع ما يسمى بالجماعات الدينية التي هي في الحقيقة عصابات من المجرمين الخطرين خاضعين لعمليات غسيل المخ مستمرة.

ماذا يحدث عندما تخلط سياسات القوة بتيار مسيحي أصولي دينيا؟  انك تحصل على حمى سامة من العجرفة والاستبداد؛ حالة نحن-في مواجهة-هم شبيهة بما ساد في العصور الوسطى، عقلية يد-الله-فوق-أيدينا التي تصب في فيضان البارانويا الجماعية للمنظمات الإرهابية الإسلامية.  وهكذا يؤسس كل جانب أفعاله وردود أفعاله على نفس الديناميكيات القاتلة، وكل منهم يغذي معين هستريا الطرف الآخر.

تستمر الرطانة السياسية حول منطق الحرب الاستباقية، كما حدث مع العراق، في ترديد أصداء شبيهة بالدعاوى الدينية للحملات الصليبية، وهي النتائج السياسية المنطقية لديناميكيات جماعات الفرق-الدينية، التي ترى البقاء يعتمد على خلق أعداء خارجيين.  وللسخرية التي تثير القلق، في محاولة يائسة لتدمير احد أضلاع "محور الشر" الذي هندسه جورج دبليو بوش، أصبحنا نحن الجانب المعتدي، أصبحنا بلطجي الكوكب، نثير الرعب لآلاف المدنيين الأبرياء (الذين قتلوا في العراق وحدها ما بين 6806 – 7797، طبقا لتقديرات جماعة الأبحاث البريطانية الأمريكية ومقرها لندن).  الآن هل نحن ماضون إلى أن نكون بوليس العالم السياسي، نفرض مفهومنا عن الديموقراطية على سائر الكوكب؟

من المؤكد أن تكون الحرب مكافئة "لأسلحة الدمار الشامل"، ولكن سياستنا الاستباقية/الوقائية بالعدوان على امة ذات سيادة تؤدي فقط لإلقاء مزيد من الوقود على الوباء الإيديولوجي المنتشر، للأصولية الإسلامية الموجه ليس فقط ضد العالم الغير إسلامي وضد معظم العالم المتحضر، ولكن أيضا ضد المسلمين الآخرين الذين لم يقعوا فريسة لجنونهم.

استبدادية بوش، تحت شعار "إما أن تكون معنا أو تكون ضدنا"، التي تبعث على الانقسام، وتضغط دائما على الزناد، تماثل بشكل مريب استبداد المتطرفين المسلمين، في إصرارهم على إرهاب وتدمير "الكفار" – الذين هم أنت وأنا – وأي شخص آخر لا يتزلف إلى أجندتهم الإيديولوجية.  إنهم يؤمنون، كما جاء في كلمات احد آيات الله الإيرانيين المشهورين، بأن "لا يملك المسلمون أي بديل...لحرب الجهاد المقدس ضد الحكومات الكافرة... حرب سوف تكون...فرضا عينا على كل ذكر بالغ صحيح البدن أن يتطوع لجهاد، غايته الأسمى هي سيادة حكم القرآن على الدنيا بأكملها من أدناها لأقصاها."

يقول جورج دبليو بوش، وهو حبيس نظرته العالمية، المحكومة بأيديولوجية جماعته الخاصة، التي تعتقد أنها على حق، "إننا في صراع بين الخير والشر، ولسوف تنادي أمريكا على الشر باسمه."  وطبقا "لمذهب بوش"، الولايات المتحدة الأمريكية "مكلفة برسالة جلب نعمة الله بالحرية إلى كل إنسان على ظهر الكوكب" – وهي أنباء طيبة للمسيحيين، وأخبارا غير سارة للمسلمين وكل الملل الأخرى – خطيرة، تبعث على التحزب والاستقطاب، ومجردة من الإنسانية.

يلخص سلوك نظام بوش كثير من الخصائص الخطرة في شيعة دينية متكاملة الصورة: أيديولوجية تعاني من خلل وظيفي لجماعة تطمس الضمير الإنساني الفردي للمسيحيين والمسلمين واليهود على السواء؛ أيديولوجية تصبح تطرف وهستريا جماعية ثم تصبح آليات لعقلنة الشر الأعظم من كل الشرور، الحرب.  فور الإصابة بعدوى هذا الفيروس العقلي المجرد من الإنسانية، فانه عادة يحول الأشخاص "الطيبين" إلى ماكينات قتل معدومة الضمير.  ليس هذا بدين.  انه الجنون.

الحزب السياسي، أو الجماعة، أو الفرق الدينية والأديان التي فسدت يتطلبون أعضاء مخلصين طائعين يتركون التفكير النقدي المستقل جانبا ويكبتون حسهم الداخلي بما هو صواب وما هو خطأ في سبيل رسالة مثالية عميقة المدى.

الضمير والاستقامة والإحساس بالمسئولية الشخصية هم أول الخسائر لأي أيديولوجية مخربة.  ولان الحياة في ظل جماعة اقل إجهادا وتوترا من حياة المسئولية الفردية والتفكير النقدي الفردي، يوجد دائما إغراءا قويا للسماح باستبدال عقل الجماعة محل الضمير الفردي.  تسير تلك العملية تقريبا على النحو التالي:

التعليم: يتعلم الناس، غالبا ما يكون الأطفال هم البداية، يتعلمون أن يكرهوا الآخر المختلف، ويتعلمون تفسير النصوص المقدسة، مثل التوراة والقرآن، حرفيا بدلا من تفسير ما ترمز له معاني الكلم.  حينئذ "الحرب المقدسة"، الجهاد، يصبح موجها للخارج، ويسلط على أعداء خارجيين يتم تصويرهم على أنهم أعداء، بدلا من الحرب المقدسة على الداخل، جهاد طبيعة النقائص في النفس البشرية.

خلق الأعداء: على الجماعة، سواء السياسية أم الدينية، خلق أعداء لها حتى تضمن البقاء والاستمرار: في صورة دول لأمم أخرى، أو أجناس أخرى.  يعقلن الشر الغير معهود في سبيل تحقيق الخير الأعظم، في سبيل تحقيق مصلحة رسالة الجماعة وإنجاز أجندتها.  انه "سوء حظ" أو "دمار مواز لا مفر منه – collateral damage" إذا ما ذبح آلاف الأبرياء خلال هذه العملية.

التصنيف: الإيديولوجيات المدمرة تصنف الآخرين على أساس صفاتهم الجماعية مثل اللون، أو الدين، أو العرقية، أو القومية، أو الحالة الاقتصادية بدلا من رؤية الإنسان الفرد.

النخبوية: أفكار القادة وتوجيهاتهم مقدسة، الهام، لا يلحق به أي نقد.  وهذا ما ينتج عنه تفوق مفترض من البداية فوق قدرة الآخرين ذوي الرؤى المختلفة، وينتج عنه تشجيع النخبوية، والانعزالية، والكراهية، والإجحاف.

اتخاذ المواقف المسبقة (الأبيض والأسود): المنظمات الهدامة تروج للفصل الأصولي بين النقي والغير نقي، الخير والشر: النقاء يعادل أن تكون في الجماعة أو على الأقل أن تفكر مثلهم؛ عدم النقاء والشر يعادل أن تكون من هؤلاء الذين هم خارج الجماعة، وهم الذين يجب قتلهم، أو دحرهم وتدميرهم.

الاحتكارية: الاعتقاد بان نظامهم، سواء السياسي أم الاقتصادي أم الديني هو الحل لجميع مشاكل العالم.  إنهم يملكون الحقيقة أما الكافرون فليس لديهم شيئا.  ربهم هو وحده الإله الحق؛ بمعني نظامنا السياسي/الاقتصادي هو السبيل الوحيد.

الرقابة: محاولة القيادة السيطرة على المعلومات والاتصالات الداخلة إلى والخارجة من الجماعة بالإضافة إلى ما يفكر فيه المرء بينه وبين نفسه.  الشكوك، والانتقادات، والأفكار المختلفة تصنف على أنها "عدم وطنية"، أو كأنها تهجم، عدم ولاء، نقص في الإيمان، أو مهادنة مع الأعداء وتقديم يد العون لهم.

ومن ثم ماذا نفعل مع الإرهاب والإرهابيين؟  أولا، يجب رفض الهبوط بمستوانا إليهم، بان نصبح "الشر" الذي نمقته في الآخرين.  ويجب أن نجد بدائل خلاقة للحرب، ونعمل مع حلفائنا والمجتمع الدولي لحل الأزمات الدولية المشروعة.  يجب أن نعمل معا، في تعاون دولي بيننا وبين كل المحبين للسلام الذين ينبذون العنف، لكشف أي فرد وكل فرد يرتكب جرائم إرهابية أو يقترف جرائم ضد الإنسانية والقبض عليه.  لا يجب أن يكون هناك مكان على الكوكب يستطيع مثل هؤلاء المجرمين الالتجاء إليه.  الإرهاب ليست عنده حدود جغرافية.  حدوده هي حدود العقل البشري.

ربما يكون قدرنا أن تتكرر الأهوال السابقة حتى يصح لنا الإمساك بالضرورة الحاسمة في تعليم أنفسنا وبشكل أكثر إلحاحا، أطفالنا في كل مكان، عن الآثار الفتاكة دائما للجماعات الهدامة والأيديولوجيات الهدامة.  واجبنا أن نصبح مدافعين عن الحرية والديموقراطية، أن نصبح قوة خيرة في العالم من خلال ضرب المثل بأنفسنا، وألا نكون مهيجين دجالين نرتدي العباءة المظلمة للتعالي والسلطة والاستبداد الديني، وبناء الإمبراطوريات.

أسلحة الدمار الشامل التي يجب أن تثير قلقنا هي العقلية السامة للجماعات الأصولية التي أصابت بعدواها الدين الإسلامي والدين المسيحي كليهما.  وقد صور شكسبير الفكرة بحق، في مسرحية العاصفة، عندما كتب، "لا يوجد سجن أكثر ضيقا من تلك الأشياء التي لا ندركها."

ــــــــــــــ

-- جولدهمر Ph.D ، كاتب من سياتل- واشنطن، طبيب نفسي، ومؤلف لكتاب "تحت الضغط: الآثار المدمرة لديناميكيات الجماعة.

2004.زي نت

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ