يوم آخر في المجزرة السورية المستمرة!
07.10.2023
رأي القدس
رأي القدس
يوم آخر في المجزرة السورية المستمرة!
رأي القدس
القدس العربي
الخميس 5/10/2023
يمكن اعتبار المقتلة التي جرت في “كلية العلوم الحربية” في مدينة حمص السورية أمس، وخلّفت حسب آخر حصيلة، أكثر من مئة قتيل، والقصف الذي سبقها ولحقها على المناطق الخارجة على سلطة بشار الأسد، استمرارا للمقتلة الكبرى التي ابتدأها النظام الحالي كردّ على الثورة الشعبية العارمة التي قامت ضده عام 2011.
لا يختلف بيان جيش النظام الذي أصدره إثر حادث الكلية الحربية أبدا عن مجمل البيانات التي صدرت على امتداد السنوات الماضية، حيث اتهم “التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من أطراف دولية معروفة” وهو اتهام يتقصّد التعمية بدل الكشف، والالتباس بدل الإيضاح، لأنه اتهام جاهز يمكن فكه وتدويره وتلبيسه لأي طرف أو جهة أو جماعة.
بدأ الأمر، في الأشهر الأولى للاحتجاجات السلمية العفوية، مع سجن أطفال كتبوا شعارات على جدار مدرسة، واتهام شيخ جامع أعمى بالإرهاب وجمع الأسلحة في المسجد، وقتل نساء قرية اعتقدن أن حرمة العمر والأنوثة ستقيهن من العنف الوحشي، ليكرّ بعد ذلك مسلسل لا ينتهي، لم يتوقف فيه النظام عن ابتكار أشكال جديدة من القتل الطائفي والتطهير العرقي والديمغرافي وللعنف العسكري، الذي استخدمت فيه الطائرات الحربية والمدافع والدبابات وصولا لتجريبه عمليات الإبادة الجماعية بالأسلحة الكيميائية.
كما يحصل عندما تنفلت الحدود المنطقية للقتل وتحصد أعدادا كبيرة من البشر تتحوّل المطالبات بالحقوق البسيطة إلى حاجة ملزمة بالدفاع عن النفس، وسرعان ما تتحوّل الاحتجاجات السلمية إلى صراع عسكري أهليّ.
وكما يحصل عندما يخرج حكام بلد عن القوانين والشرع الدولية والأعراف الإنسانية يجرّ الصراع الداخليّ الأطراف الدولية والإقليمية للتدخّل ويتحوّل البلد إلى ساحة مفتوحة تستقطب الجيوش والميليشيات والأجندات السياسية المتضاربة، وينقسم السكان إلى لاجئين ونازحين ومشاريع هروب، وإلى قادة وعناصر تعيش على اقتصاد الحرب الناشئ الذي يتغذى من المجازر وتزدهر أعماله على دماء السوريين وكل من في حكمهم ممن يجد نفسه، طوعا أو كرها، ضمن دوامة العنف الدائرة التي لا يتوقف مسارها على مدار الساعات والأيام.
يُفصح يوم الخميس الدمويّ أمس عن الكثير من مفارقات هذه الوضعية. أول هذه المفارقات أن المجزرة حصلت في الموقع الذي يعتبر الكليّة العسكرية الأهم في سوريا، والتي تخرّج الضباط الذين يفترض، نظريا على الأقل، أنهم سيدافعون عن البلاد وأهلها، وتظهر الواقعة أن هؤلاء المدافعين المفترضين عن البلاد قد تعرّضوا هم أنفسهم للهجوم. لا تتفوق على هذه المفارقة الفظيعة إلا فكرة أن النظام لن يستخدم هؤلاء الضباط للدفاع عن نفسه ضد الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على مواقعه ومطاراته والقوى الحليفة له، بل سيزج بهم، كما فعل على مدار الأعوام الماضية، إما في التنكيل بمواطنيهم، أو في حراسة آلة صناعة المخدرات التي أصبحت المورد الاقتصادي الأهم بالنسبة للعصبة التي تحتكر السلطة.
لم يكذّب النظام خبرا طبعا، فردا على ما حصل في الكلية الحربية، تابعت قواته استهداف عشرات المواقع، ولكن ليس في إسرائيل، ولكن في سوريا نفسها، وتابع بذلك ما نشأ وتعود عليه في اعتبار الشعب السوري هو العدو الأول له، وليس أعداء البلاد، الذين ساهموا، في أكثر من لحظة فاصلة، أثناء السنوات التي مرت، في حمايته، ومنعه من السقوط.
لم ينس النظام أن يهنئ نفسه طبعا بالحديث عن خروج وزير دفاعه علي عباس، ومحافظ مدينة حمص، من الكلية الحربية قبل وقوع الهجوم!
لم توقف الواقعة التي جرت في حمص، أيضا، تحرّكات القوى الإقليمية والعالمية على الأرض والأجواء السورية، فتابع “التحالف” الذي تقوده أمريكا، عملياته “الخاصة” التي تعتمد إخباريات ذراعه العسكري في سوريا، “قوات سوريا الديمقراطية” وتابعت الميليشيات الإيرانية تحرّكاتها على الحدود العراقية ـ السورية وفي المواقع والمطارات والمخازن في الداخل السوري، وتابعت تركيا هجماتها على حزب العمال الكردستاني ردا على العملية الأخيرة في أنقرة.
تتعامل الأطراف هذه كلها، بما فيها النظام، مع سوريا وسكانها كجغرافيا وديمغرافيا مستباحة، وتحدث، أثناء ذلك، بعض الاشتباكات غير المحسوبة، بين الدول والجهات والقوات التي تتحرّك في كل الاتجاهات، ثم تعود الأمور إلى “طبيعتها” حيث تتكرر الأيام الدموية السورية من دون نهاية منظورة.
=============================
توماس فريدمان : عصر الفوضى .. 4 قادة يقلبون العالم رأسا على عقب
الجزيرة
الخميس 5/10/2023
قال الكاتب الأميركي توماس فريدمان إن العالم دخل في حقبة سماها "ما بعد بعد الحرب الباردة" التي تعد بقليل من الرخاء والقدرة على التنبؤ، في ظل غياب إمكانيات جديدة كالتي ميزت حقبة ما بعد الحرب على مدى 30 عاما منذ سقوط جدار برلين.
وأضاف أن هناك من الأسباب ما يدعوه لقول ذلك، لكن ليس منها ما هو أهم مما يقوم به 4 من قادة العالم الرئيسيين، الذين يجمع بينهم شيء واحد هو أن "كُلا منهم يظن أن قيادته لا غنى عنها، وأنهم مستعدون لبذل قصارى جهدهم للتشبث بالسلطة قدر استطاعتهم".
وأوضح أنه يعني بذلك فلاديمير بوتين روسيا، وشي جين بينغ الصين، ودونالد ترامب الولايات المتحدة وبنيامين نتنياهو إسرائيل.
وتابع أن أربعتهم -كلا بطريقته الخاصة- تسبب في اضطرابات هائلة داخل وخارج بلدانهم بدافع من مصلحة ذاتية بحتة، وليس مصالح شعوبهم.
وأضاف أنهم جعلوا من الصعوبة بمكان على دولهم أن تضطلع بوظائفها بشكل طبيعي في الوقت الحاضر، والتخطيط بحكمة للمستقبل، على حد تعبير فريدمان.
خذ بوتين مثلا، فقد بدأ كمصلح نجح في تحقيق الاستقرار لروسيا ما بعد الرئيس بوريس يلستين، وأشرف على طفرتها الاقتصادية، وذلك بفضل ارتفاع أسعار النفط.
ولكن ما إن بدأت عائدات النفط بالتراجع حتى أقدم على "تحول كبير" في مستهل ولايته الرئاسية الثانية في 2012 عقب اندلاع أكبر المظاهرات المناهضة له في 100 مدينة روسية، وتعثر اقتصاده.
ويقول فريدمان في عموده الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز، إن الحل الذي تبناه بوتين "تحويل الأساس الذي تستند عليه شرعية نظامه من تقدم اقتصادي إلى وطنية ذات نزعة عسكرية"، محولاً روسيا إلى "حصن تحت الحصار" لا يستطيع أحد سواه الدفاع عنه. وتحول من "موزع للدخل، إلى موزع للكرامة.. وكان غزوه لأوكرانيا لاستعادة الوطن الروسي الأسطوري الأم أمرا حتميا".
أما شي جين بينغ، فقد شهدت الصين في عهده تحولا بنحو 180 درجة بعد مرحلة من انفتاح متواصل اتسمت بتخفيف حدة الضوابط والقيود.
ومن الواضح أن شي كان يعتقد أن الحزب الشيوعي الصيني بدأ يفقد قبضته على مقاليد الأمور مما أدى إلى استفحال الفساد على نطاق واسع، فعمد إلى تكريس سلطته، في حين قضى على أي خصوم له. كما جعل الصين "أكثر انغلاقا" من أي وقت مضى، "واكتمل المشهد" باختفاء وزيري الدفاع والخارجية.
وانتقل فريدمان بعد ذلك للحديث عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مستهلا بالقول إنه لم تكن في خطته يقينا بعد ما قضى العمر كله تقريبا في متابعة "صراعات" إسرائيل، أن ينتهي به المطاف للكتابة عن أن "الخطر الأكبر للديمقراطية اليهودية اليوم يكمن في عدو داخلي، وهو انقلاب قضائي يفكك المجتمع والجيش الإسرائيليين يقوده نتنياهو".
ويستطرد إلى أن إسرائيل حليف يمثل اليوم "الثقل الموازن الرئيسي" لاحتواء تمدد القوة الإيرانية في أنحاء المنطقة كافة. لكنه يستدرك محذرا من أن 3 سنوات أخرى من حكومة نتنياهو "المتطرفة" والمتطلعة لضم الضفة الغربية وحكم الفلسطينيين بما يشبه نظام الفصل العنصري، قد تصبح معه إسرائيل مصدرا رئيسيا لعدم الاستقرار في المنطقة، وحليفا مشكوكا فيه.
وعرج فريدمان في النهاية على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ومحاولاته لأن يصبح مرشح الحزب الجمهوري في انتخابات 2024، موضحا أن مساعي ترامب لإلغاء نتائج الانتخابات السابقة، وإلهامه "الغوغاء" لنهب مقر الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021، تجعل من الانتخابات المقبلة هي الأهم على الإطلاق.
وأردف بأن ثمة قاسما مشتركا يربط هؤلاء القادة الأربعة، وهو أن جميعهم انتهكوا قواعد اللعبة السياسية داخل دولهم.
ومع ذلك -يؤكد فريدمان- أن هناك أيضا اختلافات مهمة بينهم، إذ يواجه نتنياهو وترامب تراجعا في ديمقراطيتهما، ولم يشعل أي منهما حربا.
أما الرئيس الصيني شي فهو "حاكم مستبد"، ولكن لديه أجندة لتحسين معيشة شعبه وخطة للسيطرة على الصناعات الرئيسية من تكنولوجيا حيوية وذكاء اصطناعي.
أما بوتين، ففي نظر الكاتب، لا يعدو أن يكون "زعيم مافيا متنكرا في هيئة رئيس، وسيتذكره الناس لتحويله روسيا من قوة علمية وضعت أول قمر صناعي على مداره عام 1957، إلى دولة لا تستطيع صنع سيارة أو ساعة أو محمصة".
ويصف الكاتب ترامب بأنه الأخطر بين الأربعة، مضيفا أن الرئيس السابق يحبذ تجاهل المتاعب حتى أنه أشاد بمثيري الشغب وببوتين.
وختم مقاله موجزا ما يحدث في العالم بأنه "عصر الفوضى".
المصدر : نيويورك تايمز