الرئيسة \
تقارير \ في مفهوم المواطنة... من العصور القديمة إلى سورية الجديدة
في مفهوم المواطنة... من العصور القديمة إلى سورية الجديدة
03.08.2025
شفان إبراهيم
في مفهوم المواطنة... من العصور القديمة إلى سورية الجديدة
شفان إبراهيم
العربي الجديد
السبت 2/8/2025
تتطلّب المواطنة، مفهوماً وتطبيقاً وممارسةً، استقرار الدولة والديمقراطية قبل كلّ شيء. وتعتبر أساسَ عملية الاندماج الوطني، وحجر الزاوية في بناء الدولة الوطنية الحديثة، ومدخلاً إلى إرساء أسس نظم حكم ديمقراطي فيها، وتحتاج المواطنة إلى إطار قانوني وسياسي مُحايد، وهي الدولة، التي يجب أن تساوي بين الجميع، من دون تمييز أو إقصاء. بل الدولة الحديثة والطبيعية هي التي تنقل جزءاً من صلاحياتها ومهامّها إلى مؤسّسات وطنية تحافظ على مبدأ المواطنة، وبذلك تتحوّل الدولة إلى الضامن الحقيقي للجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية لمبدأ المواطنة، وتحقيقاً للسلم والعدل الاجتماعي.
فالحقوق القانونية تحتاج ضمانات دستورية، تحقّق التقارب النسبي في الدخل والثروة والمكانة الاجتماعية والمستوى التعليمي، وتوفير فرص العمل والتعليم والرعاية الاجتماعية، ما يجعل من المواطنة عمليةَ مشاركةٍ ممكنة وفعّالة، وليست مجرّد ديكور للاستحواذ والإقصاء من السلطة باسم الديمقراطية، والأخيرة يجب أن تحقّق قدراً متزايداً من المساواة والعدل والإنصاف، أو ستبقى الديمقراطية والمواطنة شكلاً أجوف ينخر فيه الفساد، ولعبة بيد القوي ضدّ الضعيف.
وقد ارتبط مفهوم المواطنة عبر التاريخ بحقّ المشاركة في النشاط الاقتصادي، والتمتّع بثمراته، والمساواة في الحياة الاجتماعية، واتخاذ القرارات السياسية، وتولي المناصب العامّة. وتاريخياً نمت المواطنة عبر محطات حتّى وصل المفهوم إلى دلالاته المعاصرة.
قديماً وعند العرب والمسلمين الأوائل
تُعتبر دولة المدينة في العهد الإغريقي أقرب إلى معنى المواطنة المعاصر. ورغم أنه شمل فئاتٍ محدّدة ولم يُغطِّ جوانب المواطنة المعاصرة، لكنّه نجح في تحقيق المساواة بين المحكومين الأحرار. وشكّلت ممارسة أثينا الديمقراطية نموذجاً في المشاركة السياسية الفعّالة، وصولاً إلى تداول السلطة وتولّي المناصب العامّة. ولم تتوقّف مساعي البشرية منذ ذلك الحين لتعزيز مبدأ المواطنة الحقوقية، فاستمرّ الصراع من أجل تأكيد الإنسان ذاته، وللمطالبة بحقّ الشراكة في كُلّ شيء، وإعادة الاعتراف بكيانه وحقّه والمشاركة في اتخاذ القرارات. وخلال عصر الإغريق، استجابت الحكومات لمطالب بعض الفئات مثل النبلاء والكهنة والمحاربين، ومنحتهم درجاتٍ أعلى من غيرهم من السكّان. لكن استمرار تجاهل متطلّبات السلم الأهلي وإقصاء قطاعات مجتمعية عن المشاركة في اتخاذ القرارات، والاعتماد على شبكاتٍ من الحلفاء المُحدَّدين، انتهى بخلع الملوك وانهيار الإمبراطوريات. وهو ما حصل في العهدَين الإغريقي والروماني.
لا تزدهر المواطنة إلا في ظلّ دولة ديمقراطية محايدة، تساوي بين جميع مواطنيها وتكفل لهم الحقوق من دون تمييز
وأبرز وثيقتَين في الفكر الإسلامي حول المواطنة، أولاها في حلف الفضول في مكّة، حين أوشك الإسلام على البزوغ، والذي كان (الحلف) يتدخّل لنصرة المظلوم، سواء كان من أهل مكّة أو من زوّارها. وقيل فيه شعراً في ديوان العرب "إن الفضول تحالفوا وتعاقدوا/ ألا يغرّ ببطن مكة ظالم/ أمرٌ عليه تعاهدوا وتواثقوا/ فالجار والمعتزّ فيهم سالمُ". الثانية صحيفة النبي/ صحيفة المدينة، التي تحوّلت نظاماً سياسياً يحقّق المساواة والعدل والإنصاف بين الجميع، مسلمين وغير مسلمين.
كما دعت بعض الآيات القرآنية الكريمة إلى المساواة في الحقوق والواجبات: "يا أيها الناس، إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وقوله سبحانه: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها وبث منها رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به الأرحام". لكن تسخير الحكّام للفكر السياسي في تبرير نظم حكمهم، أدّى إلى ارتدادات سالبة، سياسية وشعبية عميقة، ومُيّز المواطنون المسلمون من غيرهم.
إعادة اكتشاف المواطنة في أوروبا
اعتمد الفكر السياسي الأوروبي على المواطنة مرتكزاً لتأسيس نظم سياسية حيّة وفاعلة، وذات قبول فكري وتقبّل نفسي. وحقّقت قدراً متزايداً من الاندماج الوطني والمشاركة السياسية الفعّالة وحكم القانون، الذي شكّل حجر الزاوية للمذاهب الديمقراطية في أوروبا الغربية. ومرّت التغيّرات السياسية التي أسّست مبادئ المواطنة في الدول القومية الديمقراطية المعاصرة بتحوّلات كبرى، أولها تكوين الدولة القومية في دائرة الحضارة الغربية نتيجة سعي الملوك إلى نزع السيادة من الكنيسة. وشكلّ اختراع البارود عاملاً بارزاً في قيام الدولة القومية الحديثة، إذ استطاع الملوك فرض سيطرتهم على ممالكهم وإخضاع الأمراء لسلطتهم، وتحصيل الضرائب منهم ومن جميع السكّان مباشرة، وبواسطة المدافع تمكّن الملوك من دكّ قلاع الأمراء والقضاء على ازدواجية السلطة في ممالكهم. وبذلك تفوّقوا في القوة العسكرية، وفشل الأمراء من الاستمرار. ثانياً، سعت كلّ قومية في أوروبا إلى تكوين دولتها على أساس قومي تاريخي يسعى إلى قوة الأمّة ونجاحها، تعبيراً عن وعي السكّان بوحدتهم، والتعبير عنها في الدولة القومية. إيطاليا وألمانيا مثالان على العامل القومي في تكوين الدول. ثالثاً، بعد استحواذ الملوك على حقّ السيادة من الكنيسة والأمراء، تحولت المشاركة السياسية إلى الفعل الأبرز في تكوين الدولة الحديثة، فأصبحت علاقة الدولة/ المملكة مباشرة مع الشعب صاحب السيادة، إضافة إلى حاجة الملوك إلى إيرادات كافية تدفعهم إلى فرض الضرائب وتحصيلها، وهو ما يتطلّب وجود تمثيل لدافعي الضرائب لإقناعهم بدفعها ومراقبة سبل صرفها.
ويُشير التاريخ الاقتصادي لأوروبا ومستعمراتها إلى العلاقة بين الحاجة لجني الضرائب من السكّان، والمشاركة السياسية. كمثال، تمت المشاركة السياسية في دول الشمال الأوروبي (الدول الاسكندنافية وبريطانيا) بسبب حاجة الملوك للاعتماد على شعوبهم في تحصيل الضرائب، وتشجيعهم على الإنتاج وزيادة قدرتهم الضريبية، من خلال السماح بمزيد من المشاركة السياسية واستتباب الأمن الاجتماعي. في المقابل، تأخّرت المشاركة السياسية في دول أوروبا الجنوبية، وعلى الأخصّ إسبانيا والبرتغال، بسبب قدرة الملوك على الاستفادة من ذهب المستعمرات في أميركا (ريع الاستعمار). ومنذ ذلك الوقت، أخذ مبدأ التمثيل النيابي، وما صاحبه من حكم القانون، بالانتشار جغرافياً، والتحسنّ نوعياً في دائرة الحضارة الأوروبية، بفضل التجربة البريطانية، وبفضل فكر فلاسفة عصر التنوير، حتى أصبحت الشعوب تعتقد بحقّها في السيادة.
انتشرت سيادة القانون في دائرة الحضارة الأوروبية، واتسع نطاقها مع إصدار الدولة القومية في أوروبا القوانين العامّة، وأصبحت القيمة والأهمية لعملية تنظيم العلاقات والسياسة والاقتصاد أكثر من السيف. ونتجت من ذلك ولادة القانون في دائرة الحضارة الأوروبية الحديثة، لتتزايد معه المشاركة السياسية وتتسّع نطاقها، وأدت إلى تقاسم السلطة والفصل بين السلطات الثلاث، وتنظيم علاقات التعاون بينها وفق شرعية دستورية. وتحوّلت البلدان من الملكية إلى الجمهوريات، وأصبح الشعب مصدر السلطات. وبذلك نقلت دائرة الحضارة الأوروبية المفهوم التقليدي للمواطنة من الفكر السياسي الإغريقي والروماني إلى المفهوم المعاصر للمواطنة.
لم يعش السوريون تجربة المواطنة الحقوقية قط، بل كانت الهُويَّات تُستغلّ لتقسيمهم، لا لتوحيدهم
ملاحظات على المفهوم
تعرّف دائرة المعارف البريطانية المواطنة بأنها علاقة الفرد بالدولة وفقاً لقانون تلك الدولة، وبما تتضمّنه العلاقة من واجبات وحقوق في الدولة. في حين تدمج موسوعة كولير الأميركية بين مصطلحي المواطنة والجنسية، من دون تمييز، وتعرّفها بأنها أكثر أشكال العضوية في جماعة سياسية اكتمالاً. ويؤكّد التعريفان أنه في الدول الديمقراطية يتمتّع كلّ من يحمل جنسية الدولة من البالغين الراشدين بحقوق المواطنة فيها، في حين أنّه يختلف في الدول غير الديمقراطية، إذ تكون الجنسية مجرّد "تابعية"، ولا تتوافر لمن يحملها بالضرورة حقوق المواطنة السياسية، وهي غير متوافرة لغير الحكّام أو الحاكم الفرد المطلق.
ويمكن تقديم نموذج للعلاقة بين حقوق المواطنة وواجباتها وتفاعلاتها عبر تقسيم المواطنة لقسمين متداخلين: الأول، الوضع القانوني للمواطنة في بلدٍ ما، وتتفرّع منه الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية بشكل متساوٍ بين الجميع. الثاني، الاعتقاد، أي المشاعر والمواقف والسلوك، وتتفرع منه المناقب الحضارية والمواطن الصالح. ويشترك مع المبدأ الأول في قضية الجنسية والهويّة والانتماء. ويشترك المبدآن في الولاء والالتزامات المعنوية تجاه الدولة.
والمواطنة في الفكر السياسي المعاصر مفهوم تاريخي شامل ومعقّد. ونوعية المواطنة في أيّ دولة تتأثر بالنضج السياسي والرقي الحضاري، كما تأثّر مفهوم المواطنة عبر العصور بالتطوّر السياسي والاجتماعي، وبعقائد المجتمعات وبقيم الحضارات والمتغيّرات العالمية الكبرى. وشكلّ التوافق المجتمعي على عقد اجتماعي القاسمَ المشترك المُعبِّر عن قناعة فكرية وقبول نفسي والتزام سياسي بمبدأ المواطنة، وبمقتضاه تعتبر المواطنة مصدر الحقوق ومناط الواجبات بالنسبة إلى كلّ من يحمل جنسية الدولة من دون تمييز ديني أو عرقي، أو بسبب الذكورة والأنوثة.
وتشترط المواطنة الغربية توفر خمسة مبادئ ديمقراطية؛ لا سيادة لفرد ولا لفئة على أخرى، والشعب مصدر السلطات؛ سيطرة أحكام القانون والمساواة؛ عدم الجمع بين أيّ سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية في يد شخص أو قومية واحدة؛ ضمان الحقوق والحريات العامّة دستورياً وقانونياً وقضائياً ومجتمعياً من خلال تنمية قدرة الرأي العام ومنظّمات المجتمع المدني على الدفاع عن الحريات العامّة وحقوق الإنسان؛ تداول السلطة سلمياً دورياً وفق انتخابات عامّة حرّة ونزيهة، تحت إشراف قضائي مستقلّ، وشفافية عالية تحدّ من الفساد والإفساد والتضليل في العملية الانتخابية.
المواطنة في سورية
لم يعش السوريون تجربةَ المواطنة الحقوقية، ولم يرَ نظام "البعث" السوري في الهُويَّات الفرعية سوى أدوات لتعميق الانقسام المجتمعي، وزيادة منسوب الصراع والنزاع والكراهية بينها. ولعلّ النقل الشكلي للديمقراطية إلى سورية بمعزل عن المشاركة الفعّالة لمعظم أفراد المجتمع، وغياب المشاركة في الثروة والسلطة وصناعة القرار السياسي خلال العقود الماضية، وتوظيفها لتكريس مصالح النظام، وترسيخ التبعية بكلّ أبعادها، تُفسّر الإحباطات الكثيرة التي شهدتها سورية. لذا عاشت البلاد عقوداً من الممارسات المُبتسرة للديمقراطية، التي أُفرغت من مضمونها الوطني، وكانت كفيلةً بإعاقة الديمقراطية وخلق التناقض بين نتائج الممارسة الديمقراطية المزعومة، والأهداف الوطنية للمجتمع الذي تطبّق فيه.
ودمّرت الصراعات والحروب التي مارسها نظام الأسد ضدّ الشعب السوري كثيراً من هياكل الدولة والمجتمع المدني، وأصبح المواطن السوري يعاني من غياب مبدأ المساواة والمشاركة السياسية، يُضاف إليه تحدّي التنوّع الثقافي والعرقي واللغوي، الحامل القوي للمواطنة في حال الاحتواء الإيجابي، ويقود إلى التفكّك المجتمعي في حال تعرّضه للاستغلال السياسي، وهنا يُمكن الحديث عن المواطنة متعدّدة الهُويَّات، التي تعترف بالتنوع اللغوي والثقافي والهُويَّاتي، وتضمن المساواة في الحقوق والواجبات، وإلا فإن سؤال قدرة الدولة على توفير الإطار القانوي المحايد، وتوفير فرص متساوية للمواطنين خاصّة في ظلّ الانقسامات السياسية والعرقية سيبقى مُعلقاً من دون الحصول على انسجام مجتمعي.
ليست المواطنة صفة قانونية فقط، بل أيضاً ممارسة اجتماعية وثقافية وسياسية تُبنى على المساواة والعدالة والمشاركة
ولا يجوز أبداً إهمال العلاقة بين المواطنة والعدالة الاجتماعية، وتوفير فرص متساوية في التعليم والصحّة والرعاية الصحّية والعمل. المشكلة الأخرى للمواطنة في سورية أن الطبقات الاجتماعية متفاوتة من حيث النفوذ والموارد، لتكوّن الطبقات مؤثّرة بشكل مباشر في مستوى المواطنة، فالمواطن في الطبقات الأقلّ قيمةً، من حيث المال والسلطة والتعليم والنفوذ الحكومي، لا يملك الفرص نفسها التي يمتلكها المواطن من الطبقات العليا. والواضح غياب الأدوار الفاعلة للأحزاب السياسية والمجتمع المدني ضمن الدولة والسلطة، ودورها في مراقبة عملها، إضافة إلى أن القيود المفروضة على حرّية التعبير والرأي هي الأخرى تقيّد المواطنة. وتبدو تصوّرات المستقبل بالنسبة للمواطنة في سورية صعبة المنال والتوقّع، فالحديث عن دولة مدنية حديثة تحترم حقوق مواطنيها وتضمن المساواة والتعدّدية وبناء التوافق الاجتماعي بين مختلف الفئات المجتمعية داخل سورية يبدو صعباً في ظلّ ما أنجز حتى الآن من إعلان دستوري منحاز لفئة على حساب فئة أخرى، وغياب أيّ تصوّر للعدالة الانتقالية، واستمرار استخدام مفاهيم العنف عوضاً عن الحوار، وأساساً الديمقراطية مغيّبة مفردةً وتطبيقاً، عدا عن أن الحوادث في الساحل وجرمانا والسويداء أثبتت غياب عقل الدولة، وبقاء سورية حالياً ضمن دائرة ما دون الدولة.
تحتاج المواطنة في سورية إلى الديمقراطية، والأخيرة تحتاج إلى دولة حديثة، وهي الأخرى عليها أن تكون محايدةً، وبناء المواطن السوري ليس من طريق الامتثال للقوانين فقط، بل من خلال تعزيز قدرة الفرد على المشاركة الفعّالة في حياة مجتمعية عامّة من الجوانب كافّة، فهي ليست صفة قانونية فقط، بل واقع تربوي واجتماعي. لذا فإن الحدّ الأدنى لاعتبار سورية دولة مراعية لمبدأ المواطنة من عدمه يتمثّل في وجود شرطين جوهريين: أولهما زوال وجود مظاهر حكم الفرد أو القلّة من الناس وتحرير الدولة من التبعية للحكّام ومن خلال ضمان مبادئه ومؤسّساته وآلياته الديمقراطية على أرض الواقع، وثانيها، اعتبار جميع السكّان اللذين يتمتّعون بجنسية الدولة أو لا يحوزون عليها، والمقيمين على أرض الدولة منذ سنوات طويلة، متساوين في الحقوق والواجبات.
خاتمة
لا يُمكن للمواطنة أن تستقيم في مجتمعٍ مختلّ التوازنات طوال نصف قرن مضى كالمجتمع السوري، ففكرة المواطنة هي تضامن بين أناس متساويين في القرار والدور والمكانة، يرفضون التمييز بينهم في درجة مواطنيتهم وأهليتهم العميقة لممارسة حقوقهم، بصرف النظر عن درجة إيمانهم التي لا يمكن قياسها، وقدرتهم على استلهام المبادئ والتفسيرات الدينية، وكذلك ممارسة التفكير واتخاذ القرارات الفردية والجماعية لتوليد السياسة بمفهومها الجديد.
مصطلح المواطنة غريب عن السوريين، ولم يوفّر معناه خلال عمر الدولة السورية حديثة النشأة، ولم يعايشوا مبناه، ولم يُسمح حتى اليوم للسوريين بنيل حقوق مشتركة متساوية. لذلك، يشكّل الطرح بالشكل الحالي للمواطنة خطوةً متأخّرةً عن أطروحات الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، التي ترفض اعتبار المواطنة حالةً خاصّة، ولا بدّ من الامتثال إلى المواطنة وعصر حقوق الإنسان في سورية، عندها يصبح كلّ شخص مواطناً دوماً، ويتمتّع الجميع بحقوق مدنية وسياسية واجتماعية، كما يطبّق الأفراد جميعهم واجبات متساوية من دون تمييز.