وجهة نظر :
في باب فتر يفتر فتورا ..وفي الفترة بعد الحدة
زهير سالم
وقال في القاموس المحيط:
فتر يفتر ويفتر فتورا وفتارا ... فَتَرَ يَفْتُرُ ويَفْتِرُ فُتُوراً وفُتاراً: سَكَنَ بعدَ حِدَّةٍ، ولانَ بعدَ شِدَّةٍ. وفَتَّرَهُ تَفْتِيراً. ... وـ جِسْمُهُ فُتُوراً: لانَتْ مَفاصِلُهُ، وضَعُفَ. والفَتَرُ، محرَّكةً: الضَّعْفُ. ا.ه
وفي الحديث الشريف وصححوه:
لكلِّ عملٍ شِرَّةٌ ، و لكلَّ شِرَّةٍ فترةٌ ، فإنْ كان صاحبِها سَدَّدَ أو قارَبَ فارْجُوه ، و إن أُشيِرَ إليه بالأصابعِ فلا تَعُدُّوهُ..
وفي رواية: ومن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك..
وهذه الفترة في الجسم، أو في النشاط، أو في الهمة والانبعاث إلى الأمر..
وقد تكون الفترة في الزمان، أي امتداده والتراخي فيه.
ومن مصطلحات أهل الإسلام: مصطلح "أهل الفترة"، وهو عنوان للقوم لم تبلغهم دعوة، وربما لفجوة زمنية بينهم وبين الرسل، أو لانقطاع الرسل والداعين عنهم.
قالوا وبعض القول قرأته في كتب الإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، يقول: ولا تحصل الدعوة ولا البلاغ بالتسامع ، كأن يسمع غير المسلم بأن هناك رجلا كذابا ممخرقا محبا للسلطة والنساء خرج في جزيرة العرب، فادعى النبوة، وتبعه أوشاب ويقال أوباش من الناس وهما بمعنى واحدا بمعنى أخلاط..
يقول الغزالي رحمه الله تعالى ولا يتم البلاغ إلا بطريقة آمن على مثلها البشر..
يعني فيتحدث المبلِّغُ عن حال رسول الله صلى الله وعليه وسلم، في مكانته ونسبه وخلقه وجميل كل أمره، وجميل ما يدعو إليه وقبيح ما يحذر وينفر منه..
فكل من لم تبلغه الدعوة على الوجه الذي شرحت أو شرح أهل الفقه والفضل من علماء الأمة؛ عُدَّ من أهل الفترة. ولأهل الفترة عند أهل الإسلام أحكام، يظلون يتفاوضون فيها..
ومرجعهم في ذلك الاختلاف، قوله تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" فكيف يعذب الرحمن الرحيم اللطيف الخبير من لم تبلغه الدعوة على النحو الذي يبعث على الإيمان. ويزيد أهل الإسلام الاستشهاد بقوله تعالى "وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ" فكيف يحاسب الرحمن الرحيم من لم يبلغه القرآن، ويفيض بعضهم: وإنما تنقطع الدعوة بركون الدعاة وفتورهم وكسلهم وتشاغلهم حتى تضيع معالم الهدى والنور ويصير أمر الناس إلى ما ترون..
وإنما كتبت هذا وأنا أشعر بوهن شديد منذ الأمس، لأدفع عن نفسي شر الفترة..
وقد كان الحق الذي عليّ هذا اليوم أن أكتب مقالا أرد به على أحد المتفجلقين، يزعم فيه أن إيمان الناس بعقيدة هو الشر كله، وأن خير الناس من " اتخذ إلهه هواه" ثم فترتُ..
وإنما دخل عليّ أبو مرة بدبيب أن لا أحد يقرأ، ومن قرأ مطّ شفتيه، أو لوى عنقه..
فكتبت لكم عن فترتي رجاء أن أجعلها إلى سنة سيدي رسول الله، قال: فمن كانت "فترته إلى سنتي فقد اهتدى" اللهم اجعلنا هادين مهديين غير ضالين ولا مضلين، ولمن قال: آمين..
لندن: 27/ ربيع الآخر/ 1447- 19/ 10/ 2025
زهير سالم: مدير مركز الشرق العربي