في الظرف الذي نعيش فيه..
زهير سالم
بدأت أتفهم أكثر وأكثر مشكلة المجتمع الإسلامي الأول، مع مسلمة الفتح…
أبو سفيان وزوجته هند بنت عتبة وأبناؤهم يزيد ومعاوية..، وما أسرع ما تناسى الناس أم حبيبة، أم المؤمنين، ومهاجرة الحبشة الأولى…
وكذا عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل وطبقتهم…
هذه الطبقة الأولى من زعامات ووجوه قريش التي لحقت متأخرة جدا بالركب، بل وسبق لبعض أفرادها أن ساموا المستضعفين من المسلمين أصناف العذاب..
كان المستضعفون من المسلمين إذا مر بهم عكرمة رضي الله عنه، يقولون: هذا ابن عدو الله أبي جهل، حتى شكاهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: لا تؤذوا الأحياء بسب الأموات.
ويبدو أن هذه الأفعى ظل لها رسيس، تحت تبن الفتنة فيما بعد، حتى ارتفع شعار: اليوم نقاتلكم على تأويله كما قاتلناكم على تنزيله…
ونعلم أن انحياز المستضعفين من الصحابة إلى أي صف كان. أبو ذر رضي الله عنه الذي توفي منفيا في أيام سيدنا عثمان رضي الله عنه، كان له موقف محفوظ معروف. وعمار وسلمان وأضرابهم كانوا حيث نعلم..
رضي الله عن سيدنا عمر، عندما كنا يشكو من جلد بعض الناس، يعني قدراتهم ومن عجز الثقات.. كان يشكو من عجز أمثال عمار وبلال وابن مسعود ونحوهم، والمقصود بالعجز، ضعف قدرتهم على تحمل المسؤوليات وضبط أمور الناس..
وكان يحرص على إنصاف هذه المجموعة من الصحابة، وتوسيد بعض الأمر إليهم، ويتأول قوله تعالى: "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ " .فيحاول أن يجد الطرق لذلك..
وعندما جاء سيدنا عثمان رضي الله عنه، ولأنه ينتمي أصلا إلى هذه الطبقة من بيوتات قريش، حاول بعض المؤرخين أن يلبس الفتنة ثوبا طبقيا…!!
سيدنا علي ومع أن والده أبا طالب كان سيدا ووجيها من وجهاء قريش، إلا أنه لم يكن غنيا!! ومحفوظ قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه العباس: يا عم إن أخاك أبا طالب كثير العيال.. فخففوا عنه عياله لفقره، فضم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا، وضم إليه العباس جعفرا أو عقيلا..
ربما الغنى في بني هاشم كان في العباس وفي أبي لهب…!!
أسرح في هذا التفصيل لأخفف عن أقوام باتوا يشعرون هذه الأيام، أنهم خرجوا من مولد هذه الثورة بلا حمص، وكلهم يغني لسان حالهم:
وَإِذا تَكونُ كَريهَةٌ أُدعى لَها
وَإِذا يُحاسُ الحَيسُ يُدعى جُندَبُ
هَذا لَعَمرِكُمُ الصَغارُ بِعَينِهِ
لا أُمَّ لي إِن كانَ ذاكَ وَلا أَبُ
وأن نسمع من بعض وجوه قريش وقد دعي إلى كريهة أنه قال:
يتولى حارَّها من تولى قارها..
يلبس الحديد من لبس الإمارة.
أيها الباذلون السوريون جميعا من كل الطبقات..
أيها الباذلون جميعا من لحم ودم وعصب وعمر ومال…
لقد كانت بيعتنا جميعا، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العقبة الثانية: أن لنا الجنة، لا فوقها ولا تحتها..
وإن لنا موعدا مع نبينا صلى الله عليه وسلم على الحوض نرجو أننا لا نخلفه، ولا نسبق إليه:
إِذا اِشتَبَهَت دُموعٌ في خُدودٍ
تبين مَن بَكى مِمَّن تَباكى
زهير سالم..
2/11/2025