الرئيسة \  تقارير  \  فوز أردوغان في الانتخابات .. حقبة جديدة في السياسة الخارجية التركية

فوز أردوغان في الانتخابات .. حقبة جديدة في السياسة الخارجية التركية

03.06.2023
قدير أوستون



فوز أردوغان في الانتخابات .. حقبة جديدة في السياسة الخارجية التركية
قدير أوستون - يني شفق
الخميس 1/6/2023
يمثل فوز الرئيس أردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية نقطة تحول مهمة في سياسة تركيا الخارجية. وبفضل هذا النجاح، ستتاح لأردوغان الفرصة لترسيخ مكاسبه في السياسة الخارجية في السنوات الأخيرة. وبصفته زعيمًا منتخبا من قبل الشعب، أصبح أردوغان الآن في وضع أقوى لتشكيل استراتيجية الأمن القومي التركي وأهداف السياسة الخارجية في الساحة الدولية. ستشعر تركيا بشكل مستمر أنها بحاجة إلى تنفيذ سياسة خارجية ديناميكية في بيئة لا يمكن التنبؤ بها. هذه البيئة التي أوجدتها موازين القوى العالمية ومناطق الصراع الإقليمي. وهذا الوضع يجعل القيادة القوية والمتوقعة شرطًا أساسيًا للنجاح في السياسة الدولية.
بعد محاولة الانقلاب الفاشلة 15 يوليو/تموز على وجه الخصوص، اتخذت تركيا مخاطر محسوبة للارتقاء بسياستها الخارجية إلى مستوى أكثر فاعلية. كانت تركيا تسعى باستمرار إلى تشكيل تحالفات دولية للتدخل في سوريا بين عامي 2011 و2016، ولكن بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، انخرطت أنقرة بنشاط في الميدان من خلال العمليات العسكرية المباشرة. ولوحظ أن الفعالية الدبلوماسية ازدادت نتيجة تطور قدرات تركيا العسكرية والاستخباراتية. وبهذه الطريقة، نجحت تركيا في اتخاذ خطوات للحد من دعم الولايات المتحدة لتنظيم بي كي كي/واي بي جي الإرهابي، ولا سيما أن أنقرة أصبح لديها القدرة على تحديد الديناميكيات في الميدان من خلال عملية أستانا مع روسيا وإيران.
برزت المفاوضات التركية السورية العام الماضي. كانت الأهداف الرئيسية لهذه الاجتماعات هي العودة الطوعية للاجئين وتقييد مناطق عمليات تنظيم بي كي كي الإرهابي. وقد أظهر تحديد وتنفيذ هذه الأهداف جدية تركيا وتصميمها على ضمان الاستقرار في سوريا. أدى فوز أردوغان في الانتخابات إلى زيادة قدرة تركيا على تعزيز هذه العملية الدبلوماسية، وبالتالي تعزيز يد البلاد في مناورات السياسة الخارجية والمفاوضات.
وفي الوقت التي أصبحت فيه تركيا لاعباً رئيسياً في الحرب شمالي سوريا، برزت جهود أنقرة أيضا في الحفاظ على التوازن بالعلاقات مع كل من روسيا وأوكرانيا. فتركيا تواصل دعم أوكرانيا وهي بنفس الوقت لا تشارك في العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا على روسيا، ويمكن اعتبار الحفاظ على علاقتها مع روسيا إنجازًا. ومع ذلك، ووفقا لمسار الحرب في الفترة المقبلة، قد تواجه تركيا سلسلة من الخيارات الصعبة. إذا استمرت الحرب بشكل غير حاسم، فقد تواجه تركيا صعوبات في مجالات مثل زيادة التقارب الأوكراني مع الناتو واستمرار الاتفاقيات مع روسيا كاتفاقية نقل الحبوب.
من خلال منح واشنطن الضوء الأخضر للحلفاء لتصدير مقاتلات “إف 16” لأوكرانيا، تكون الولايات المتحدة قد بدأت في إنشاء أرضية للاندماج الفعلي لكييف في حلف الناتو. تركيا في وضع يمكن أن يكون لها الكلمة الأخيرة بشأن التوسع الإضافي لحلف الناتو بعد الموافقة على انضمام فنلندا والسويد. ويالطبع الكرة في ملعب السويد حاليا لأن يجب عليها تبديد مخاوف تركيا بشأن الإرهاب. في الوقت نفسه، شراء تركيا لطائرات حربية من طراز إف 16 يربطه الكونغرس الأمريكي بمسألة انضمام السويد. حتى لو تبين أن هذه العملية إيجابية، فإن استمرار دعم واشنطن لتنظيم بي كي كي/واي بي جي سيزيد من التوتر في العلاقات الثنائية بين تركيا وأمريكا.
قد لا يكون من الواقعي التنبؤ بتحسن سريع لدور تركيا في الناتو والعلاقات مع الولايات المتحدة، ولكن حقيقة أن الغرب يدرك أنه يتعين عليه العمل مع الرئيس أردوغان للسنوات الخمس المقبلة ستقوي موقف تركيا. في الآونة الأخيرة، نرى أن دول الشرق الأوسط تحاول إدارة التوازن بين تعميق التحالف الروسي الصيني والتحالف الغربي. تبدأ فترة تلتقي فيها دول المنطقة أكثر مع بعضها البعض من أجل تقليل التوتر الناتج عن الصراع العالمي على القوة وتخفيف النزاعات الإقليمية. يمكن إعطاء أمثلة على ذلك كجهود تركيا للتطبيع مع دول الخليج وتطبيع العلاقات بين إيران والسعودية. وسيؤدي ذلك بدوره إلى تسريع جهود التطبيع التركية مع دول المنطقة.
يمكن أن يؤدي تعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية مع أوروبا إلى تحسين الوضع الاقتصادي لتركيا. ويمكن لتركيا أن تعمق تكاملها الاقتصادي مع أوروبا من خلال زيادة الاستثمارات المباشرة لتصبح مركزا للصناعة، ومن خلال تطوير السياحة وزيادة التعاون في مجال التكنولوجيا المتقدمة. في موازاة ذلك، سيكون من الممكن لتركيا إبراز مكانتها في القضايا العالمية مثل تغير المناخ والهجرة وأزمة الغذاء. وبوجود موارد الغاز الطبيعي الجديدة في تركيا، يمكن الاستفادة من هذه الموارد لتلبية احتياجاتها المحلية من الطاقة، مع الحفاظ في الوقت نفسه على هدفها المتمثل في أن تكون دولة مركزية في نقل الطاقة العالمية.
إن فوز الرئيس أردوغان في الانتخابات سيساعد تركيا على تحقيق موقف أقوى على الساحة الدولية. تشير رسائل التهنئة من قادة العالم واستعدادهم المعلن للعمل مع أنقرة إلى الدور الحاسم الذي ستلعبه الدبلوماسية التركية تحت قيادة أردوغان. تواجه السياسة الخارجية التركية مهمة الحفاظ على المكاسب التي حققتها في مختلف القضايا الحاسمة من ليبيا إلى أذربيجان، ومن أوكرانيا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط ​​، بالإضافة إلى تحسين علاقات أنقرة الاقتصادية مع أوروبا، وزيادة فعاليتها داخل الناتو وإدارة آثار تحولات القوة العالمية. إن دعم الناخبين الأتراك لأردوغان سيمكن من تحويل هذه التحديات إلى فرص وتمكين تركيا من أن تصبح لاعباً بارزاً.