وجهة نظر :
محنة في المحنة.. خاص بالذين يعقلون
زهير سالم*
سأقول كلاما وأرجو أن يفهم في إطاره، الأكثر خصوصية.
إن الأخطاء الحقيقية التي يقع فيها نظام الإدارة الحالية، والتي تقتضي من السوريين جميعا أن يتعاونوا معه، أو يتآلبوا ضدها، لتجاوزها هي أكبر وأكثر من أن تحيج بعضهم إلى أن يتحدث عن أخطاء مدعاة، نلصقها بالإدارة على سبيل الافتراء أو التضخيم أو الادعاء..
كلامي هذا لا يعني أنني متربص ولا شانئ ولا معارض، أنا مجرد ناصح، وأدعو ليس إلى تصيد الأخطاء بل إلى الحرص على التقويم. وتهولني عملية اختراع الأخطاء ولصقها بالإدارة كما تهولوني في الوقت نفسه عمليات الترقيع والتسويغ -ولو صحت لفظة التبرير عربية لاستعملتها-
حتى الأخطاء الاضطرارية، كان يمكن تدوير زواياها، وهذا مجرد رأي لا أعرضه من موقع الخلي، فإن لم أكن بعد نصف قرن من المحاولة في موقع الشجي، فمن يكون…؟؟
خذوا أمثلة..
لم يكن مقبولا هذا التراخي الذي كان منذ الأيام الأولى مع الجنوب.. وكتبت للمحافظ بكور مع كل الاحترام. وتذكرت حلم معاوية رضي الله عنه الذي قيل فيه: حلم معاوية قتل الرجل. وأنشدت أن وضع الندى في موضع السيف مضر بالعلى…
ثم لم يكن مقبولا شن الحملة على مدينة السويداء بالطريقة التي تمت..
ثم لم يكن مقبولا الأعمال غير المنضبطة التي مورست فيها.. العدوان المفتوح على الأنفس المعصومة ثم نعتذر…
ثم لم يكن صوابا الانسحاب من السويداء بعد أن صرنا فيها.. مع استحضاري لكل شيء..
ولن أتكلم عن الفزعة وتداعياتها..
في وطننا اليوم
كل شيء يخبرنا أن محاولات استرضاء من لا يرضى أبدا.. لن تنتهي، وأننا على طريقة عنفة للشر، لن نخرج من بين مخالبها وأنيابها..
إن لم نكن أصحابَ رأي وأصحاب عزيمة أيضا. تذكروا
فإن فساد الرأي أن تتردا
كل الملفات المدعاة المفتعلة تقدمت، بضعف المعالجة، على جميع أولوياتنا الثورية والوطنية الحقيقية…
أنا لا أزعم أن الإدارة القائمة لم تحقق خيرا أبدا كما يزعم الجاحدون. خير كثير تحقق وكان يمكن بقليل من الحكمة والتؤدة والحزم والاستشارة أن يتحقق أكثر وأكثر..
بكل ذلك كان يمكن أن نحقق مصالح أكثر، وأن ندرأ مفاسد اكثر، آخذا بعين الاعتبار كل الظروف التي نحن فيها.. حتى لا يشغب عليّ ذو شغب…
ترتيب ملفاتنا الثورية.. حتى أخْرنا أو سوّفنا ما حقه التقديم..
وليس كلاما عاطفيا أو انفعاليا أن نقول جميعا لا شيء يتقدم على دماء الشهداء ولا على بنات الشهداء ولا على أبنائهم.. ولا أحد يتقدم على ملفات خريجات وخريجي تدمر وصيدنايا..
كل ملفات إنصاف أبناء الشهداء الذين يعيشون على الهوامش أجلت لمصلحة استرضاء من كان يركب أكتاف الناس من قبل!! تعرفونهم..
في عهد حافظ وبشار الأسد، كان الطائفيون من كل الطوائف يركبون رقابنا نحن الأكثرية، رغم أنوفنا…
نحن اليوم مطالبون باسم الثورة التي انتصرتْ بدمائنا أن نصف كل طائفة بأنها "الطائفة الكريمة" وأن نشهد على أنفسنا بدلالة مفهوم المخالفة، بما يقتضيه ذلك المفهوم!!.. نحن اليوم مطالبون أن نقول: أهلنا في.. وأهلنا في.. وأهلنا في وسوادهم سوادهم. وننسى اللجنة العسكرية التي حملتنا كل هذا البلاء..
قبل أن ترد عليّ استذكر ماذا فعلت اللجنة العسكرية بجدك أو أبيك أو أخيك…
اليوم بفعل بعض الحمية وبعض الجهل وبعض العصبية
انعكست العداوة على سوادنا، لنتبادلها بيننا.
سيرد قولي خمسون أسوؤهم حالا من ما يزال يكتب باسم مستعار، يقول أخشى أن تدور علينا الدوائر : مستر إكس أو مستر زد..
المطلوب منا اليوم بفعل أننا انتصرنا أن نحمل كل أقلية، على رؤوسنا وننادي: يا حلاوة .. يا حلاوة.. فإذا لم نفعل فنحن ضد الثورة وضد الرئيس وضد الإدارة… وضد الوطن وضد الوطنية..!!
واسمحوا لي بهذا الكلام الطائفي
فأولويات الطوائف عين ودال وك وسين وعين ولام، مقدمة على أولوية دماء الشهداء وأبناء الشهداء وبنات الشهداء وعلى أولوية من قاوم وهاجر وبذل وأعطى.. الدماء النبيلة الزرقاء ليس في عرف منظمات حقوق الإنسان بل في عرف من اشتق أولوياته السياسية من أولوياتها…
ذكّرت بيوم السارين قبل اسبوعين حتى لا يقول أحد نسينا…
وإن لم أقل لهؤلاء وأولئك آمين
فأنا الشبيح كنت من قبل عند فريق واحد، وصرت اليوم عندي سبعين فريقا حتى اجتمع عليّ الشركاء المتشاكسون… وما كنت لأبالي
وإن كنتَ ابن أقلية فلا ابوك خير من أبي ولا أنت أحق بهذه الأرض مني.
ومن لم يقنع بالسواء يقنعه ما قيل عن…
لندن: 28/ صفر/ 1447
22/ 8/ 2025
____________
*مدير مركز الشرق العربي