وجهة نظر :
لست ناصحا .. وإنما أعرض عليكَ وجهة نظر فقلبها على كل الوجوه ثم افعل بها ما تريد
زهير سالم*
لا أتوقع منك، ولا أدعوك، كما أنأى بنفسي، أن نمثل دور سيدنا عمر رضي الله عنه، بين يدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذاك دور متقدم عزيز، استمد شرعيته من أمرين: الأول مقام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثاني المبادرة العمرية المبنية على العزيمة والقوة والحمية...
كان سيدنا عمر رضي الله عنه كلما عرض أمر منافق أو معاند أو مخالف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يبادر إلى القول على سبيل الحمية: دعني يا رسول الله أضرب عنقَ هذا المنافق...
لا احصي المرات في كتب السير التي قرأت فيه هذه العبارة "الجوهرة" العمرية، التي لم يكن يستطيعها غير القليل.
لم يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه استجاب مرة لعمر، ولم يؤثر أنه راجعه فيما قال، ولكنه كان دائما يمضي لما أراه الله من الحق والحكمة ولما طبعه عليه من الرفق والرحمة...
هذا شطر موقف أحب أن أجهر به في آذان رجال أعرفهم، وأتابعهم، وآنس منهم رشدا، وأظن فيهم خيرا...
أما الشطر الآخر فيمثله بالنسبة إلي، وبه أنصح نصيحة أزجيها عامة لمن بلغت، وخاصة لمن أرتجي، هي سلالة حكمة، أستلها من واقعة بناء ما عرف في تاريخ السيرة النبوية "مسجد ضرار" وما ترتب عليه، وما جاء في سياقه من آيات، ولاسيما قوله تعالى (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً)!! كل السر فيما أقرر يكمن في الخوف على أنفسنا أن نكون من طلاب الوليجة...
لا نتددس. لا نحاول أن نجعل العدو صديقا، ولا نتخذه. قد بدت العداوة من أفواههم، وما تخفي صدورهم أكبر. هم لا يعادون فئة منا، وإنما يعادوننا نحن جميعا، على خلفيتنا، وكل الذي يتذرعون به ذرائع. رضعوا عداوتنا كابرا عن كابر. وقد أدير ظهري، وقد أسدُّ أذنيّ، وقد أكف عليّ لساني ، وقد أقول: إن على الذي أصعد الحمار على المئذنة أن يتكفل بإنزاله...ولكنني لا أبتغي عند حمار المئذنة وليجة أبدا...
ولا أقبل أن أقول للحمار ما دمت على المئذنة فأنت المؤذن!!.. وإن أنكر الأصوات لصوت الحمير.
أعلم أن العديد منكم سيقول لي ما فهمنا شي!! ولكن المعنيين بهذه الرسالة من أحباب أحبهم وأقدرهم وأرجو لهم الخير، وأدعو لهم بهم، بكل تأكيد فهموا...
رسالة حاطب ابن أبي بلتعة إلى قريش، كانت وليجة لنفسه ولعياله، كانت خيانة وإثما، وإنما غفرها الله له بما سبق من بدريته، ولا أظن أن فينا بدريا منذ ذلك اليوم...
لا ندافع عن البلايا.. ولن نركب متن الخطايا...إنما ولينا الله ورسوله والذين آمنوا وهو يتولى الصالحين... نريد الإصلاح، نتبنى العدل نقتضيه ونبذله، ولكن لا نركبها منتة عمياء في الليلة الظلماء
ونثق لو أنهم مروا بنا يوما مدنفين، ما سقوا واحدا منا أي منكم شربة ماء. دعوا من تولى قارها يتولى حارها...
والسلام...
لندن: 9/ ربيع الأول/ 1447
2/ 9/ 2025
____________
*مدير مركز الشرق العربي