وجهة نظر :
قولنا الفصل... في انفراط عقد حلف الصادات البئيس
زهير سالم*
نحن ضد الحرب عموما، وضد الحرب،خصوصا حين تشنها قوى الهيمنة والنفوذ على الشعوب وأصحاب الحقوق. ولا نسمي المظلوم حين ينتصر أو ينتصف محاربا، بل نسميه مدافعا.
شعبنا في غزة يدفع عن نفسه. شعبنا في سورية حين ثار ضد المستبد الظالم كان يدفع عن نفسه. وعن نفسه في معجمنا تعني عن دين وعن دم وعن عرض وعن أرض وعن مال..
مفكرنا الذي علقه الظالمون على عود المشنقة، يقول:
سأثأر .. لكن لرب ودين..
في رؤيتنا لما يجري في المنطقة منذ نصف قرن، نحن نرى أن الحلف الاستكباري الأمريكي - الصهيوني- الصفوي بدأ يتفكك..
بدأ يتفكك بعد أن أدى حمالو الحطب فيه دورهم الشائه البئيس..
ونرى أن أكبر خدمة قدمها حمالو الحطب هؤلاء في هذا التحالف: هي: إحياء شرخٍ ظل عميقا في وجدان هذه الأمة، على مدى القرون. الشرخ الطائفي وشعارات يالثارات…
وعندما فتحنا أبصارنا على الواقع في ستينات وفي سبعينات القرن العشرين، لم يكن هناك من يستحضر الخلاف السني- الشيعي هذا عند كل منعطف. ولم يكن من يتحدث عنه إلا القليل.. بل على ضفتنا الإسلامية لم يكن يستحضره من القليل إلا الأقلُّ.
وأسمع أقوام يعيبون علينا، في نخب هذه الأمة عامة، في جماعة الإخوان المسلمين، خاصة أننا حاولنا..نعم حاولنا إدراكا منا للتبعة، وتقديرا للخطر، وليس انهماكا في الضلال.
أتذكر وأنا في المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين السوريين منذ السبعينات، أننا استقبلنا ثورة الخميني بترحاب وبحذر معا.. كل العلماء والقادة الذين خاضوا تجارب التقارب والتقريب، لم يكونوا أغبياء ولا جهلاء ولاسيئي التقدير، ولكنهم كانوا يقدرون خطورة إحياء هذه النعرة الوبيلة، أتذكر مجلسنا في مدينتنا حلب منذ 1978 ونحن نستقبل أخبار الثورة ضد الشاه، ونقدر التبعات، ونستشعر الخطر، ونتخذ القرار: علينا أن نحاول. علينا أن نبذل الجهد، ولعلنا نتجاوز بالأمة هذا المعبر الضنك. قال أحدنا: عندما تصطدم السحب الكبيرة تحدث الصواعق، والصواعق قد تحرق وتغرق.
لقد استقبل جمهور الأمة ثورة الخميني بترحاب، ولاسيما حين أعلنت عن نفسها أنها ثورة المستضعفين، وأنها ضد قوى الاستكبار العالمي، وأنها صاحبة مشروع القدس وفلسطين..
ولم يمض عقد على هذا الكلام حتى بدأت الحقائق تتكشف لأولي الأبصار..بالنسبة إلينا نحن السوريين، كان خبزنا على الصاج، وخلال عام تكشفت لنا الحقيقة، وتحولنا من فقه جلب المصلحة إلى فقه درء المفسدة، على علم وعلى بصيرة. وبالقدر الذي نستطيع، وبالقدر الذي تتحمله عقول المخاطبين.
وكان ظهور واستعلاء هذه الزمرة الطائفية الكالحة، بشعار المقاومة وفصائلها، وتوريط هذه الفصائل في معارك غير محسوبة؛ من أولى ثمرات هذا التحالف الثلاثي المريب.
ثم كان تدمير العراق العربي، وبناء عراق بريمر، الذي تأسس على قاعدة "العرب السنة" وكأن لبريمر عند العرب السنة ترة!!
ثم تدمير سورية، وتقتيل أهلها، تحت شعار "لن تسبى زينب مرتين"
أسأل الصحفي المصري المرموق "فهمي الهويدي" الذي كان بالأمس يعظ على منبر قناة الجزيرة ضد الطائفية: من الذي يحتضن ضريح السيدة زينب في القاهرة، والمجسم الرمزي لمقام سيدنا الحسين. ولكن من يوم يومك يا زبيبة…
لقد جاء الفرع الصفوي في حلف الصادات القذر ليتمم الدور الذي قام عليه الحلف بشعبه الثلاثة الصليبي- الصهيوني- الصفوي..وما زال…
ثم إن أعظم إنجاز حققته الشعبة الصفوية في هذا التحالف هو أنها أرهبت بعض الأنظمة العربية، التي تضعف أعمدتها عن تحمل تبعة مشروع، حتى جعلتها تُهرع إلى التطبيع مع الصهيوني، وتستريح إلى خياره، وتتقي غضبة البيت الأبيض الأمريكي، وتحثو له أموال الجزية حثوا..
لقد كان تدمير الدول والشعوب الأكثر حيوية في المنطقة: العراق وسورية. ثاني الاهداف الرئيسية لحلف الفئة الصفوية المباشرة..
واليوم حين يظل الذين تعودوا على السير بين الجدارين، جدار يصد وجدار يرد، يعيبون علينا موقفنا نقول: واها.. ثم واها.. ورمتني بدائها وانسلت..
هذه الحرب التي تجري بين شُعب الحلف الواحد ليست حربنا..
وويل لأمة تنتظر من عدوها أن يدافع عنها.
ويل لنا إذا انتصر الصفوي ثم ويل وويل، وويل لنا إذا انتصر الصهيوني ثم ويل وويل.
وويل لكل المتخاذلين والمتقاعسين والمتواكلين من القاعدين الطاعمين العراة.، أولئكم أمم النمل تطؤها أقدام العابرين..
أقول لكل الذين ينتظرون أن يحميهم الصهيوني من الصفوي، أو الصفوي من الصهيوني؛ يا أيها النمل لن ينفعكم اليوم أن تدخلوا مساكنكم فعلى الطريق ألف قدم للعابرين.
لندن: 22/ ذو الحجة/ 1446
18/ 6/ 2025
____________
*مدير مركز الشرق العربي