وجهة نظر :
سورية المهدمة "ومشروع مارشال" المنتظر.. والخراب لا يبنى بالأماني
زهير سالم*
والبناء: إرادة وعزيمة وخبراء ومهندسون وعاملون وأولويات ومخططات ورفع أنقاض.. وغير ذلك فكفوا عنا جشاءكم أيها المتجشئون..
أولويات المستثمرين -حتى لو وفوا وصدقوا- غير أولويات الوطن والشعب المدنفين المستنزفين..
أحيانا كثيرا لا يرد علينا من يعدوننا -بالكلام الزين- ثمن الغداء الذي بذلناه من جوعنا لاستقبالهم..
وربما حين ندري تقول: لا أهلهم أهلي، ولا جيرانهم جيراني.
حتى الآن لم يسمع الشعب السوري المنهك والمدنف -معنى المدنف في لغة العرب الإنسان المقارب للموت- قالت امرأة في وصف زوجها المدنف: "لا هو حي فيرجى، ولا هو ميت فينسى" ويقول جبران خليل جبران عن بقع دم صدر مدنف، ما تزال تنذر صاحبها:
بقع تقول له تموت غدا .. وإذا ترق تقول بعد غد
وأرجو أن لا يرد عليّ المترفون، وبين المدنف والمترف قرابة في الإيقاع. وكذا لا يرد علي المنخرطون في السياحة الوطنية. وما أجمل بل ما أقسى أن يصبح الإنسان: سائحا في وطنه!! وأن يرسل لنا صورة تثبت أنه عاد، وأنه يتنعم بصحن الفول الذي طالما تشههاه.
سورية المدنفة، المدمرة، والتي شارك في تدميرها الروسي والأمريكي مع تحالفه من خمسين دولة، والصهيوني وكذا الإيراني وزعانفه المتعددة..مع الهارب الخائن المهلوع..كل أولئك يقال لهم اليوم: أدوا إلى الشعب الذي قتّلتم وشردتم بعض ما عليكم.
أحيانا تريد أن تعتب على الحكومة القائمة، فتسألها: أين؟؟ وأين؟؟وأين؟؟ وأين!! وأين!!
ثم تعود إلى نفسك فتذكر يوم كان سيدك يقول لستك: اطبخي طعيما فتقول له: عرّض الزنار!!
يعجبني أن أتساءل أمامكم ونحن على مشارف عام جديد عن حقيقة الميزانيات التي أودعت في صناديق الوزارات..؟؟
ليس جميلا أن تختلط أحاديثنا برجيع السكارى!!
ويوم خرجت أوربة من مطحنة الحرب العالمية الثانية، وكان للولايات المتحدة رغبة جادة في إسعافها لتقف، دولها على قدمين، تقدمت بما سمي خطة مارشال، ثلاثة عشر مليار دولار لإعادة بناء بريطانيا وفرنسة وألمانيا…حتى تجاوز الرقم بضع عشرة دولة…
سألت الذكاء الاصطناعي عن قيمة 13 مليار دولار من ذلك الزمان إلى هذا الزمان فأفاد: 13 مليار في 1950 تعادل 150 مليار في 2025
تحتاج الحكومة السورية إلى من يصب في صندوقها العام، ومن ثم صندوق جميع الوزارات ميزانيات تشغيلية أولية على مدى خمس سنوات. يجب أن يعلم الوزير عن حجم ميزانيته، حتى يخطط على أساسها على قاعدة: مد الرجلين على قدر الفراش!!
اللاجئون المقترون الذين يرقبون بيوتهم المهدمة، وأسواقهم المهدمة، وأحياءهم المهدمة، لا يمكن أن يغامروا بهجرة جديدة إلى الفراغ….
الخيمة البالية في المهجر، تستر أكثر من العراء، ولو كان العراء في وطن!!
المشكلات التي يخلقها أعداء الشعب السوري في الخارج والداخل ما تزال تستنزف قليل السوريين. يوم يشاهد السوريون الذين ما زالوا يترقبون بخوف وإشفاق سيارات رفع الأنقاض بدأت تحرك الركام عن صدور المحافظات السورية، ربما يبتسمون بأمل.
دعوا للسوريين عبء التكافل المجتمعي، ولعلهم يستطيعونه..ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس على طريق إعادة الإعمار.
إن دمارا أحدثته عشرات الدول حول العالم لا بد لها أن تجتمع لإعادة بنائه مثلها. أعيد التذكير التحالف الأمريكي الذي جثم في شمال شرق سورية وفرّخ من تعلمون، وصل تعداد دوله في مرحلة إلى بضع وستين دولة، ثم انحسر إلى تسع وأربعين..
بحسبة بسيطة بعض الذي كانوا يتمنون به بالإنفاق على مؤسسات إغاثة اللاجئين، يمكن أن يحول إلى صندوق البناء وإعادة الإعمار..
إلى السيد الرئيس أحمد الشرع وإدارته الموقرة: لا تقل فول حتى تراه في المكيول.
نصح محب ناصح.
لندن: 18/ ربيع الأول/ 1447
11/ 9/ 2025
____________
*مدير مركز الشرق العربي