الرئيسة \  مواقف  \  وجهة نظر : إعلان براءة

وجهة نظر : إعلان براءة

16.06.2025
زهير سالم



وجهة نظر :
إعلان براءة

زهير سالم*
رحم الله الإمام الشهيد حسن البنا.. ورفع مقامه مع الشهداء والصالحين..
‏في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، كنا مجموعة من الشباب الجادين العاملين في تراتبية جماعة الإخوان المسلمين السوريين، وكان الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى، بعد أن قاد مركب الجماعة في الأعوام الصعبة في تلك المرحلة، قد قرر أن يعود ليتفرغ لخدمة العلم الذي نذر نفسه له.. لجأنا إلى شيخنا رحمه الله تعالى نستشيره، بأننا أيضا نريد أن نعتزل، ونجد لنا في جنبات الأرض ما يجده أقراننا من الناس "مراغما وسعة"، على ضوء ما كنا نعاني من واقع مر كل ما فيه…
‏رفع إلينا عينين دامعتين وقال: "لا.. بل اصبروا واثبتوا وامضوا، هذه جماعة مباركة، وغرسة رجل مبارك صالح، هو حسن البنا، وارجو الله لكم فيما أنتم فيه.." ومضينا وما زلنا نرجو الله في الصبر على لأواء هذا الطريق..
‏إن من أشد ما عانيناه على مدارج هذا الطريق على مدى ستة عقود، ما قرره الله تعالى في أمر الكثير من الخلطاء. ويمنعنا الحياء أن نبث ، وأقول وربما يمنع نظراءنا أن يشكوا أيضا..
‏قرأنا الإمام البنا رحمه الله تعالى يصف هذه الجماعة بأنها: "روح يسري ونور يهدي، وأنها ترود للأمة طريق خلاصها."
‏ومعنى ترود؛ أنها تكون الرائدة المتقدمة صاحبة الأولة، تسير ويسير طلاب الهداية خلفها…
‏وما ظننا أننا نعيش لزمن يصبح فيه اسم هذه الجماعة المنيفة بكل تضحياتها ورقة لعب، يقذفها من يزعم أنه…على طاولات الآخرين ..
‏لم ننس بعدُ يوم وعد أحدهم حسن نصر الله بعشرة آلاف مقاتل .. وما زلنا نتذكر الكلمة ونغص، ونستغفر لقائلها..
‏وما زلنا نسمع منذ زمن ممن هانت عليهم سمعة هذا الجماعة، وهانت عليهم دماء من يجب أن يكونوا إخوانهم، وهانت عليهم أعراضنا في العراق والشام واليمن وما زلنا نسمعهم في ريبهم يترددون فنغص ونغضي..
‏إلى جميع الذين يقرؤنني من أجيال المسلمين:
‏لقد اكتشفت جماعة الإخوان المسلمين في سورية ، أمر مشروع طغمة الملالي في حب النفود والسيطرة، وتمزيق أديم الإسلام والمسلمين، منذ 1980 .
‏ولم تترك وسيلة إلا حذرت بها وأنذرت وفضحت هذه الزمرة المريبة، التي ما وسد إليها الأمر إلا لتمزق أديم المسلمين. ونعتقد اليوم أن هذه الزمرة وقد أدت دورها، واشتد أمرها، استحقت تأديب مشغليها الأصليين.. الذين أسندوا إليها دور العصا القذرة فأدوه بكل القذارة.
‏في جماعة الإخوان المسلمين في سورية ما تركنا وسيلة إلا وحذرنا فيها من من مشروع خميني وخمنئي وكذب شعارهم المزعوم: الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل..
‏فأصدرت الجماعة البيانات محذرة مبينة على مدى نصف قرن، وكتب مفكروها الكتب، ودبج كتابها المقالات..
‏ثم جاء الامتحان الذي ابتلى الله تعالى به هذه الزمرة ليفضحها فمع إطلالة الربيع العربي زارهم الرئيس الشهيد محمد مرسي محاولا أن يمد يدا ببر، فزوروا خطابه على رؤوس العالمين.. ألا تعسا وبؤسا لفئة تزاود حتى على دماء شهدائها بثمن قليل..
‏ثم كان ما كان في سورية المسلمة العربية حين أعلنها السيء المقبور على أبناء سورية الأحرار الأبرار: حربا وجودية صفرية.. أنصح كل المتجحفلين وراء هؤلاء القتلة المجرمين، تحت أي عنوان، أن يراجعوا المعاجم السياسية ليدركوا معنى الحرب الوجودية الصفرية، وقد ثبت لدينا أنهم من الذين لا يعلمون..
‏في سورية وعلى مدى عشر سنوات، لم ترقب ميليشيات الولي الفقيه، التي تأسست تحت الفسح "الأمريكي - الصهيوني" في أديم السوريين إلّا ولا ذمة؛ فقتلت وبقرت البطون، وذبحت الأطفال واستباحت الحرمات ودمرت المساجد ودنست كل الحرمات..
‏ثم كانت اليوم هذه الحرب التي يخوضها أعداء أمتنا، ضد بعضهم. وقد آن الأوان لنعلن أن هذه الحرب ليست حربنا. وأن مخرجاتها مهما. تكن مخرجاتها ستكون وبالا علينا، ما بقينا في ريبنا مترددين، وفي تبعيتنا سادرين.
‏أقول لكل الذين تقدموا فتحملوا أمر هذه الجماعة، ما أجمل أن نكون رأسا رائدا في الخير ولا يمكن لجماعة أسسها الإمام الشهيد حسن البنا أن تكون ذيلا في قطار اهل الباطل..
‏أؤكد البراءة من الولي الفقيه ونظامه وميليشياته وعصاباته.. ومن كل من والاهم، من أهل الرخاء المتكئين على آرائك القرار المتفكهين بلحم أطفال سورية وأعراض نسائها.
‏ وأضم إلى تأكيد هذه البراءة من عدونا المتربص بنا في طهران، براءتنا من عدونا المتربص في تل أبيب..
‏النصر والتمكين لرواد هذه الأمة على طريق الحرية والكرامة والمجد.. اللهم فرج عن أهلنا في غزة، واعقد لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك. من رواد التبعية والذلة لعبادك الصالحين.
لندن: 19/ ذو الحجة/ 1446
15/ 5/ 2025
____________
*مدير مركز الشرق العربي