الرئيسة \  تقارير  \  هيئة المفقودين في سوريا تبدأ عملها بالتوثيق… ورئيسها: المهمة معقدة وتحتاج تعاون الجميع

هيئة المفقودين في سوريا تبدأ عملها بالتوثيق… ورئيسها: المهمة معقدة وتحتاج تعاون الجميع

08.07.2025
جانبلات شكاي



هيئة المفقودين في سوريا تبدأ عملها بالتوثيق… ورئيسها: المهمة معقدة وتحتاج تعاون الجميع
جانبلات شكاي
القدس العربي
الاثنين 7/7/2025
دمشق ـ “القدس العربي”: مع إعلان رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين محمد رضا جلخي عن إطلاق عمل الهيئة عبر البحث والتوثيق عن المفقودين من خلال لقاءات وتشاورات مع عوائلهم في الأيام المقبلة، طمأن رئيس هيئة العدالة الانتقالية عبد الباسط عبد اللطيف، أهالي الضحايا والمفقودين أن مسار العدالة بدأ وبدأت محاكمة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم في عهد نظام بشار الأسد من خلال تقديمهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم، على حد تعبيره.
إطلاق العمل
ونظمت هيئتا المفقودين والعدالة الانتقالية أمس لقاء مع عدد من عوائل المفقودين والمفقودات في مطعم “أليسار”
في منطقة باب توما في دمشق القديمة، وتم خلاله الإعلان الرسمي عن إطلاق عمل هيئة المفقودين عبر كلمة للجلخي، اعتبر فيها اللقاء أنه “بداية حقيقية وضرورية لمسار طويل وشاق” مشيراً إلى أن كلمته هذه هي الكلمة الرسمية الأولى له بصفته رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين، وبعد مرور شهر ونصف على مرسوم تشكيلها.
مرسومان
وكان رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع قد أصدر في 17 أيار/ مايو الماضي المرسوم 19 القاضي بإحداث الهيئة الوطنية للمفقودين، على أن تُعنى بالكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسراً، وجمع المعلومات المتعلقة بهم وتوثيق الحالات، بالإضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات وطنية شاملة وتقديم الدعم القانوني والإنساني لعائلاتهم.
ونص المرسوم على تعيين جلخي رئيساً للهيئة، حيث يُكلّف بتشكيل فريق العمل ووضع النظام الداخلي خلال مهلة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ صدور هذا المرسوم، وتمنح الهيئة الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وتؤدي مهامها في جميع أنحاء الجمهورية العربية السورية.
كذلك أصدر الشرع في اليوم ذاته المرسوم رقم 20 القاضي بإحداث الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، وتُكلَف بكشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي وقعت في البلاد خلال الفترات السابقة، ومساءلة المتورطين فيها، وإنصاف الضحايا وتعويضهم، وذلك في إطار تحقيق العدالة والمصالحة الوطنية، ومن منطلق الإيمان بضرورة تحقيق العدالة الانتقالية كركيزة أساسية لبناء دولة القانون، وضماناً لحقوق الضحايا، وتحقيقاً للمصالحة الوطنية الشاملة.
رئيس العدالة الانتقالية يؤكد أن محاكمة المجرمين بدأت من خلال تقديمهم إلى القضاء
وقضى المرسوم بتعيين عبد الباسط عبد اللطيف رئيساً للهيئة، ويكلف بتشكيل الفريق المعني ووضع النظام الداخلي خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ صدور المرسوم، وتتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وتباشر مهامها على المستوى الوطني.
ست مراحل
وعبر صفحتها الرسمية أعلنت “الهيئة الوطنية للمفقودين” أن المشاورات الوطنية لدعم صياغة تفويض الهيئة كانت قد انطلقت أول من أمس السبت، حيث اجتمع ممثلو عائلات المفقودين والمفقودات مع رئيس الهيئة وأعضاء من الفريق الاستشاري لمناقشة أهداف الهيئة وآلية عملها والاستماع لآراء العائلات، ليتم إشراكهم في تحديد ملامح عمل الهيئة ورسم أولوياتها.
وأمس الأحد، عاد الجلخي ليؤكد أن المشاورات التي بدأتها الهيئة، هي إعلان رسمي على إطلاق المرحلة الأولى من عملها ضمن خطة تتضمن ست مراحل تبدأ بالاستماع إلى عائلات المفقودين ومن ثم تصل إلى التوثيق والبحث.
ولفت إلى أنه تم إنشاء فريق استشاري يضم خبراء وطنيين ودوليين ليكونوا صوت ذوي المفقودين الحاضر في كل قرارات الهيئة، مشيراً إلى أن هذه المهمة كبيرة ومعقدة ومركبة ولا يمكن إنجازها إلا بالصبر والثقة المتبادلة، إضافة إلى تقديم الدعم من الجميع، أي من العائلات والحكومة والمجتمع المدني والشركاء الدوليين، وتابع: نحتاج إلى الوقت والموارد والعمل الجماعي حتى نصل إلى النتائج الملموسة.
احكوا قصصكم
وأضاف: نعدكم بثوابت لا حياد عنها وهي الشفافية الكاملة، وكل خطوة ستكون بالتشاركية معكم، إضافة إلى إعطاء أولوية مطلقة لكم ولاحتياجاتهم من خلال الدعم النفسي والمعنوي والاجتماعي والقانوني، داعياً أهالي المفقودين إلى عدم اليأس بقوله: صبركم هو الشريان الذي يبقي هذا الطريق حياً ولذلك احكوا قصصكم مراراً وتكراراً لأن القصة التي لا تروى تموت مرتين، ونؤكد أن قصتكم سوف تروى وتسمع وتحترم.
ولفت إلى أن الهيئة الوطنية للمفقودين وهيئة العدالة الانتقالية، هما حجر الأساس للسلم الأهلي في سوريا، مشيراً إلى أن هيئة المفقودين لها مهمتان رئيستان هما التوثيق ومن ثم الدعم، مشيراً إلى أنه بعد إحداث الهيئة تم العمل من عدة مستويات مع العوائل ومؤسسات المجتمع المدني وأيضاً مع المؤسسات الدولية إضافة إلى العمل مع الكثير من المختصين، وتم الاطلاع على العديد من تجارب الدول والوصول إلى مبادئ أساسية تحكم عمل الهيئة تنطلق منها في عملها منها التشاركية مع جميع عوائل المفقودين والشفافية والالتزام بمبدأ الشمولية، أي بأن يشمل عمل الهيئة كل السوريين، والمهنية والعلمية باعتبار أن ملف المفقودين إلى جانب أنه قانوني هو علمي أيضاً.
أما رئيس هيئة العدالة الانتقالية اللواء عبد الباسط عبد اللطيف فأكد أن مسار العدالة الانتقالية بدأ في محاسبة المجرمين من خلال تقديمهم إلى القضاء، مشيراً إلى أن مسار العدالة الانتقالية لن يكون فقط خلال سنوات الثورة، بل هو مسار على مدار 54 عاماً من حكم الأب والابن، وكلنا يتذكر المجازر التي وقعت في مدينة حماة وفي سجن تدمر وكذلك في مدينة جسر الشغور.
وأوضح في كلمة له أن مسار العدالة ينطلق من اعتبارين، الأول المساءلة والعدالة التي تتعلق بالمحاكم ومحاكمة المجرمين وذلك بعد تحويلهم إلى القضاء، أما الاعتبار الثاني فيتجسد في التدابير غير القضائية.
ويأتي في المرتبة الأولى كشف الحقيقة، وفي المرتبة الثانية جبر الضرر والتعويض، وفي المرتبة الثالثة الذاكرة الوطنية وحفظها من خلال سردية ما حدث خلال حكم الأب والابن، وأيضاً إصلاح المؤسسات مثل السجون، وضمان عدم تكرار أخطاء الماضي، وفي المرتبة الأخيرة مسألة المصالحة والسلم الأهلي.
وكشف عبد اللطيف أنه تم عقد لقاءات مع أكثر من 40 منظمة محلية وأجنبية منذ تأسيس الهيئة، وأنه بعد أيام هناك زيارة لجنيف، وفي نهاية الشهر من الممكن أن تكون هناك زيارة لمحكمة الجنايات في لاهاي، من دون أن يذكر تفاصيل أخرى عن الموضوع، مؤكداً أنه تم إنجاز النظام الداخلي للهيئة” وبعد أيام سوف نعلن عن الهيكلية الخاصة بها”.
وملف المفقودين من أهم الملفات التي تشغل الشارع السوري منذ سقوط نظام بشار الأسد. ووفق تقديرات من منظمات معنية في هذا الشأن، فإن هناك أكثر من 140 ألف مفقود في البلاد مجهولي المصير، في ظل توقعات بأن معظمهم لقوا حتفهم على يد نظام الأسد وتم دفنهم في مقابر جماعية يتم اكتشافها تباعاً.
وخلال اللقاءات، ورغم الترحيب بإطلاق عمل الهيئتين وشكر جهود القائمين عليها، ظهرت مطالبات بأخذ القضية على محمل الجد وألا يقتصر الأمر على اجتماعات وتشكيل هيئات، وإنما السرعة في البت بملف المعتقلين مطلوبة، إضافة إلى المطالبة بمعرفة مصير الكثير من المفقودين الذين تم اعتقالهم على حواجز النظام السابق واختفوا قسريا.
كما ظهرت مطالبات ومناشدات عدة من متابعين لعمل الهيئتين عبر صفحات التواصل الاجتماعي على معرفة بعناوين المكاتب الرسمية لهما، وإن كانت هناك فروع في المحافظات السورية، وهي معلومات غابت عن الصفحة الرسمية للهيئة الوطنية للمفقودين.