الرئيسة \
تقارير \ هل تعرقل مخاوف تركيا الاتفاق الأمني بين إسرائيل وسوريا؟
هل تعرقل مخاوف تركيا الاتفاق الأمني بين إسرائيل وسوريا؟
29.09.2025
مصطفى رستم
هل تعرقل مخاوف تركيا الاتفاق الأمني بين إسرائيل وسوريا؟
مصطفى رستم
اندبندنت عربية
الاحد 28/9/2025
وبعدما اقتربت حكومتا بنيامين نتنياهو وأحمد الشرع من التوصل إلى اتفاق بعد مفاوضات امتدت لأشهر بهدف إنشاء منطقة منزوعة السلاح تشمل محافظة السويداء، تعثر الاتفاق خلال اللحظات الأخيرة.
يدور الحديث حالياً بصورة متزايدة عن مؤشرات لتجميد الاتفاق الأمني بين إسرائيل وسوريا على هامش اجتماعات الجمعية العامة بالأمم المتحدة، ومنها الخلاف على إنشاء ممر إنساني إلى السويداء.
لكن هناك عوامل أخرى ترجح فرضية وضع تركيا "العصى بالعجلات" لعرقلة حدوث اتفاق لا يراعي حضور أنقرة على امتداد الساحة السورية وبخاصة شمالاً، بالتالي هذا التعثر يشير إلى ضرورة مرور الاتفاق قبل إنجازه على الطريق التركي وحصوله على الضوء الأخضر أولاً، وفق مراقبين للشأن السوري.
ومن دون أدنى شك يعد الاتفاق الأمني المزمع توقيعه مع إسرائيل مزعجاً للأتراك وبخاصة البند الذي يمنع أنقرة من إعادة بناء الجيش السوري الجديد. وهذا الشرط تعده إسرائيل ذا أهمية استراتيجية، ويحظر الاتفاق نشر الأسلحة الاستراتيجية داخل الأراضي السوري بما فيها الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي للحفاظ على حرية الحركة والتفوق الجوي لسلاح الجو الإسرائيلي.
وبعدما اقتربت حكومتا بنيامين نتنياهو وأحمد الشرع من التوصل إلى اتفاق بعد مفاوضات امتدت لأشهر بهدف إنشاء منطقة منزوعة السلاح تشمل محافظة السويداء، تعثر الاتفاق خلال اللحظات الأخيرة، بحسب ما ذكرته وكالة "رويترز".
في هذا الجانب يرى مراقبون أن الأمر يبدو في ظاهره يتعلق بالسويداء (جنوب سوريا وتبعد من العاصمة دمشق نحو 110 كيلومترات)، لكن من المرجح أن يكون التدخل التركي في المفاوضات وراء عرقلتها، لأن هذا الاتفاق إذا ما حدث سيهدد الحضور القوي للأتراك ويكبلهم.
في المقابل رأى الباحث التركي في الشؤون السياسة الخارجية فراس أوغلو أنه إلى الآن من غير الواضح الأسباب الحقيقية لهذا التعثر الحاصل، لكنه ينبه خلال الوقت نفسه إلى أن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تشي بمخاوفه وغضبه في آن واحد من إسرائيل.
وقال أوغلو ضمن حديث إلى "اندبندنت عربية"، "توحي التصريحات التركية المباشرة من الولايات المتحدة تجاه إسرائيل بهذه المخاوف، وأظن أن مسألة الأجواء السورية ربما تكون نقطة الخلاف المخيفة، لأن إذا قيل إن حكومة نتنياهو تريد ممراً إلى إيران عبر سوريا سيبدو هذا الأمر كـ’مسمار جحا‘، ولن تقبله أنقرة لأنه سيصبح ممراً لإسرائيل إلى كل المنطقة، وستصل تل أبيب عبر الأجواء السورية إلى العراق، وتراقب تركيا".
وسبق أن أعلنت وزارة الدفاع التركية استعدادها للمساهمة في أمن واستقرار المنطقة، وتقديم الدعم اللازم لتطوير الإمكانات الأمنية والدفاعية لسوريا. ولم يخف المتحدث باسم الوزارة التركية زكي أكترك ضمن تصريح أخير له إصرار أنقرة على تعزيز التعاون مع دمشق في المجالات الأمنية والعسكرية، وتحقيق هذا التعاون في إطار الجهود المشتركة لحماية الحدود.
في الأثناء، تبدو سوريا على موعد غير محدد من تدخل عسكري تركي في حال فشل مسار دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ولعل هذا ما أشار إليه صراحة الرئيس السوري أحمد الشرع بقوله "إن بعض الأجنحة داخل ’قسد‘ وحزب العمال الكردستاني تعرقل تنفيذ الاتفاقات وبخاصة اتفاق مارس (آذار) الماضي".
وفي حال حدوث هذا التدخل عبر عملية عسكرية تركية (رابعة) هدفها استكمال المنطقة العازلة على الحدود الفاصلة بين سوريا وتركيا، فإن مخاوف إسرائيل ستتصاعد من ترسيخ الحضور التركي المتزايد على الأرض، لا سيما بعد عام 2016 وإثر ثلاث عمليات عسكرية (نبع السلام وغصن الزيتون، ودرع الفرات).
ومما زاد هواجس إسرائيل توقيع سوريا وتركيا مذكرة تفاهم منتصف أغسطس (آب) الماضي في مجال التدريب والمشورة العسكرية، سبقه اتفاق تعاون عسكري بعد إطاحة نظام بشار الأسد خلال الثامن من ديسمبر 2024 بهدف تعزيز أنظمة الدفاعات الجوية بالطائرات المسيرة والتكنولوجيا العسكرية، وهذا في حال حصوله يحد من الطلعات والغارات الجوية الإسرائيلية التي تجاوزت (ألف غارة) منذ سقوط الأسد قضت على البنية التحتية العسكرية والمقدرات الاستراتيجية، واستهدفت مبنى أركان الجيش السوري ومحيط قصر الرئاسة.
ولفت الباحث التركي الانتباه إلى عدم تقديم أنقرة أي شيء يؤكد قوتها على أرض الميدان بالنسبة إلى سوريا "ولم نشهد تطورات عسكرية ميدانية تخيف حكومة نتنياهو. ويفسر ذلك بأسباب عدة إما بسبب دمشق التي ربما تريد التوازن بين القوتين الإسرائيلية والتركية، لأنها ليست في وضع مناسب لدخول الحرب كونها تريد إحياء الدولة، أو أن تركيا غير قادرة، أو بسبب أن ضغط الولايات المتحدة ربما يؤثر في هذا الأمر.
وعلى رغم مساعي سوريا للعودة إلى اتفاق فك الاشتباك لعام 1974 بوساطة أميركية، تحاول إسرائيل ترجيح كفة ميزان الأرباح لصالحها من هذا الاتفاق المرتقب، وهذا بالفعل ما أكده مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن ضرورة "ضمان مصالح إسرائيل، التي تشمل من بين الأمور نزع السلاح في الجنوب الغربي من سوريا، وضمان سلامة وأمن الطائفة الدرزية".