الرئيسة \
تقارير \ هل تضحي موسكو بالأسد للبقاء في المياه الدافئة؟
هل تضحي موسكو بالأسد للبقاء في المياه الدافئة؟
24.09.2025
مصطفى رستم
هل تضحي موسكو بالأسد للبقاء في المياه الدافئة؟
مصطفى رستم
الاندبندنت عربية
الثلاثاء 23/9/2025
محاولة فرنسية تتجه إلى وضع الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد خلف القضبان بعد قرابة تسع أشهر من هربه إلى روسيا، حيث يعيش إقامة دائمة في مسكن بحي فاخر بعيداً من الأضواء، تزامناً مع معلومات عن تراجع صحته كان آخرها تسممه ودخوله المستشفى، بينما لم تؤكد موسكو أو تنفي صحة الأنباء المتداولة.
وفي تطور لافت يتابع حقوقيون من سوريا وفرنسا الأعمال القانونية لمحاكمة الأسد من بوابة القضاء الفرنسي الذي أصدر أخيراً سبع مذكرات توقيف في حق مسؤولين من النظام السوري السابق من بينهم رئيسه الأسد على خلفية قضية مصرع صحافيين بحمص عام 2012 أثناء الصراع المسلح الدائر بين القوات النظامية والمعارضة.
ماذا حدث في بابا عمرو؟
في الـ22 من فبراير (شباط) من عام 2012 لقيت الصحافية الأميركية ماري كولفين مصرعها، وكذلك المصور الفرنسي ريمي أوشليك، إثر قصف استهدف مقرهما في حي بابا عمرو، بمدينة حمص، وكان تابعاً لقوات المعارضة التي انتفضت بوجه حكم عائلة آل الأسد (1970 - 2024)، وأشارت أصابع الاتهام إلى جيش النظام السوري بقصف مقر الصحافيين الأجانب. وحينها، دانت منظمات صحافية وحقوقية الحادث، وانضمت شبكة "مراسلون بلا حدود" إلى القضية كطرف مدني معني في مارس (آذار) عام 2012، عندما فتحت السلطات الفرنسية التحقيق بالقضية وظلت تتابع مجريات التحقيق حتى عام 2022. وقال الأمين العام لـ"مراسلون بلا حدود" كريستوف ديلوار "بعد 10 سنوات من الإفلات من العقاب نتوقع صدور اتهامات ومذكرات اعتقال".
في المقابل رد الأسد في مقابلة عبر محطة "أن بي سي" التلفزيونية على مقتل الصحافية الأميركية والمصور الفرنسي عام 2016 "أنها كانت تعمل مع الإرهابيين، ولأنها جاءت بصورة غير قانونية، فإنها مسؤولة عن كل ما أصابها".
مصير محاكمة الأسد
في الأثناء وصل الأسد إلى العاصمة الروسية موسكو في ديسمبر (كانون الأول) عام 2024 بعدما تهاوت كل المدن الخاضعة لسيطرته من حلب شمال البلاد حتى حمص والعاصمة دمشق جنوباً إثر عمليات تحرير واسعة وسريعة نفذتها قوات غرفة العمليات العسكرية بقيادة فصيل "هيئة تحرير الشام"، وكان قائد العمليات آنذاك أحمد الشرع الذي آلت إليه مقاليد الحكم، وتسلم الحكومة الانتقالية بعد هرب الأسد في الثامن من ديسمبر، وأطلق على المعركة اسم "ردع العدوان".
من باريس شرح الباحث في القانون الدولي فراس حاج يحيى أبرز القضايا المتعلقة بمحاكمة الأسد قائلاً "منذ خروج بشار الأسد من السلطة باتت الحصانة الشخصية التي كانت تمنع ملاحقته في فرنسا غير قائمة، ومحكمة النقض الفرنسية أبطلت مذكرة عام 2023 لأنها أصدرت، وهو رئيس في المنصب، لكنها قالت صراحة إن إصدار مذكرة جديدة ممكن الآن، والمحاكمة (حتى غيابياً) واردة قانوناً، لكن التنفيذ سيبقى مرهوناً بمكان وجوده وتعاون الدول المعنية"، ولفت النظر إلى أن فرنسا، بموجب الاختصاص القضائي العالمي، تستطيع محاكمة الأسد، لكن بشروط واقعية وإجرائية. وأضاف "فرنسا تجرم استخدام الغازات السامة كأسلوب قتال، وتتيح ملاحقة جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية". وتحدث الباحث في القانون الدولي عن وجود ملفات أمام القضاء الفرنسي ترسخ ما وصفه بـ"الولاية، إذ أصدر قضاة التحقيق الفرنسيون مذكرات جديدة في سبتمبر (أيلول) الجاري على خلفية قصف مركز صحافي في حمص نفذ عام 2012، حيث قتل أوشليك، وهو رابط اختصاص مباشر لفرنسا". وتابع، "عليه يمكننا القول إن المحاكمة الغيابية ممكنة"، مشيراً إلى أن باريس حاكمت بالفعل غيابياً ثلاثة من كبار مسؤولي النظام في إحدى القضايا وقضت عليهم بالسجن المؤبد في مايو (أيار) عام 2024 "مما يبرهن توفر آلية المحاكمة من دون حضور المتهم إذا تعذر توقيفه".