الرئيسة \  تقارير  \  نكسة 1967.. 6 أيام غيّرت خريطة الصراع العربي الإسرائيلي

نكسة 1967.. 6 أيام غيّرت خريطة الصراع العربي الإسرائيلي

09.09.2025
سيد توكل



نكسة 1967.. 6 أيام غيّرت خريطة الصراع العربي الإسرائيلي
سيد توكل
الجزيرة مباشر
الاثنين 8/9/2025
تُعرف “النكسة” في الأدبيات السياسية العربية، بالهزيمة التي تكبّدتها الجيوش العربية أمام الجيش الإسرائيلي في حرب يونيو/حزيران 1967، وهي الحرب التي استمرت 6 أيام واكتسبت في الخطاب العربي اسم “نكسة حزيران” أو “حرب الأيام الستة”
شاركت في الحرب كل من مصر وسوريا والأردن والعراق، بدعم فني ولوجستي من لبنان والجزائر والسعودية والكويت. وأسفرت المواجهة عن انتصار عسكري كبير لإسرائيل، التي تمكنت من احتلال مساحات جديدة من الأراضي الفلسطينية والعربية قُدرت بنحو 3 أضعاف ما سيطرت عليه عام 1948.
وشكّلت القضية الفلسطينية جوهر الصراع، إذ كانت الأراضي غير المحتلة عام 1948 موزعة بين إدارة مصرية في قطاع غزة وأخرى أردنية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وفي تلك المرحلة كانت المقاومة الفلسطينية، بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي تأسست عام 1964، تنطلق من مخيمات اللجوء في سوريا ولبنان والأردن لشن عمليات فدائية ضد إسرائيل.
الحرب خلّفت خسائر بشرية فادحة ودمارا في البنية التحتية العسكرية، إلى جانب فقدان مساحات واسعة من الأراضي العربية.
الأسباب غير المباشرة
تعود جذور الحرب إلى جملة من التطورات التي اعتبرتها إسرائيل تهديدا لأمنها بعد العدوان الثلاثي عام 1956. ومن أبرزها:
سباق التسلح الذي قادته مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
تصاعد العمليات السورية ضد المستعمرات الإسرائيلية على الجبهة الشمالية.
قرار القمة العربية في القاهرة عام 1964 بتحويل مياه نهر الأردن في سوريا ولبنان.
تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وما تبع ذلك من نشاط فدائي متصاعد.
الأسباب المباشرة
الأحداث التي سبقت الحرب مباشرة تعود إلى منتصف مايو/أيار 1967، حين طالبت مصر بسحب قوات الأمم المتحدة من سيناء وبدأت حشد جيشها هناك. وفي 22 مايو/أيار أغلقت مضايق تيران في البحر الأحمر أمام الملاحة الإسرائيلية، وهو ما اعتبرته إسرائيل إعلان حرب عليها.
وفي ظل معلومات نقلها وفد سوفييتي إلى القاهرة عن حشود إسرائيلية قوامها 11 لواء على الحدود السورية، أعلنت مصر تدخلها لمساندة سوريا، وهو ما منح إسرائيل الذريعة لبدء التخطيط لهجوم شامل مع مطلع يونيو/حزيران، في ظل تواطؤ إقليمي ودولي مهد الطريق لوقوع النكسة.
ميزان القوى قبيل الحرب
تتفق المصادر العسكرية على أن الجيوش العربية التي خاضت حرب يونيو/حزيران 1967 كانت تفوق الجيش الإسرائيلي عددا وعدة، وإن اختلفت هذه المصادر في بعض التفاصيل الإحصائية.
فقد بلغ تعداد الجنود العرب على الجبهات المصرية والسورية والأردنية نحو 355 ألف جندي، مقابل ما بين 240 و260 ألف جندي إسرائيلي.
كما امتلكت الجيوش العربية أكثر من 1800 دبابة مقارنة بنحو 1200 إلى 1400 دبابة إسرائيلية، إضافة إلى ما يزيد على 512 طائرة مقاتلة وقاذفة مقابل نحو 380 طائرة إسرائيلية.
ورغم هذا التفوق العددي، رجحت كفة إسرائيل بفعل كفاءة تنظيمية وقيادية أعلى، واعتمادها على السلاح الغربي الأمريكي والبريطاني والفرنسي، بينما اعتمدت معظم الجيوش العربية –باستثناء الجيش الأردني– على السلاح السوفييتي، الذي عانت قياداته من ضعف التدريب والقدرة على التوظيف الميداني.
الضربة الجوية الإسرائيلية
في صباح الاثنين الخامس من يونيو/حزيران 1967، شنت إسرائيل عند الساعة الثامنة و45 دقيقة هجوما جويا مباغتا استمر ثلاث ساعات، استهدف المطارات المصرية في سيناء والدلتا والقاهرة ووادي النيل.
وتوزعت الغارات على ثلاث موجات: الأولى بـ174 طائرة، والثانية بـ161، والثالثة بـ157، بإجمالي 492 غارة. وأسفرت عن تدمير 25 مطارا حربيا وشل أكثر من 85% من سلاح الجو المصري وهو جاثم على الأرض.
وبحسب البيانات الإسرائيلية، تم تدمير 209 طائرات مصرية من أصل 340، بينها 30 طائرة “تي يو-16، و27 “إليوشن” قاذفة، و12 “سوخوي”، إلى جانب عشرات المقاتلات وطائرات النقل والمروحيات.
الرد العربي والتوسع الإسرائيلي
ردت القوات الجوية الأردنية بقصف مطار قرب كفار سركن، فيما قصف الطيران السوري مصافي النفط في حيفا وقاعدة مجيدو، بينما استهدفت الطائرات العراقية بلدة نتانيا على ساحل المتوسط. لكن إسرائيل سرعان ما وسعت هجماتها لتشمل مطارات أردنية بينها المفرق وعمان، حيث دُمرت 22 طائرة مقاتلة و5 طائرات نقل ومروحيتان.
كما استهدفت الطيران السوري فقُصفت مطارات دمشق والضمير، ودُمّرت 32 طائرة ميغ مقاتلة وقاذفتان من طراز “إليوشن 28”. وامتد الهجوم الإسرائيلي ليصل إلى قاعدة “هـ3” الجوية في العراق.
خسائر الحرب ونتائجها المباشرة
تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن مجمل ما دُمر من الطائرات العربية بلغ 416 طائرة مقاتلة، في حين لم تخسر إسرائيل سوى 26 طائرة خلال العمليات الجوية الأولى للحرب، وهو ما منحها تفوقا ساحقا في السيطرة على السماء منذ الساعات الأولى للمعركة.
وخلال ستة أيام فقط، تمكنت إسرائيل من احتلال سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية ومعظم مرتفعات الجولان السورية، مضاعفة مساحتها ثلاث مرات مقارنة بما سيطرت عليه عام 1948، لتصل إلى نحو 20 ألف كيلومتر مربع من أصل 27 ألفا.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أسفرت الحرب عن مقتل ما بين 15 و25 ألف عربي وإصابة نحو 45 ألف آخرين، في مقابل مقتل ما بين 650 و800 إسرائيلي وإصابة قرابة ألفي شخص. كما أدت إلى تهجير حوالي 300 ألف فلسطيني من الضفة وغزة نحو الأردن بشكل أساسي.
القدس والاستيطان
كان احتلال القدس الشرقية حدثا مفصليا مكّن إسرائيل لأول مرة من فرض سيطرتها على ما تسميه “القدس الكبرى”، وهو ما أطلق شرارة مشروع التوسع الاستيطاني في الضفة وغزة ونهب مواردهما.
ورغم انسحاب إسرائيل من سيناء عام 1979 بموجب اتفاقية السلام مع مصر، ثم توقيعها معاهدة وادي عربة مع الأردن عام 1994، فإنها ما زالت تحتل الضفة الغربية والجولان، بينما انسحبت من غزة عام 2005 مع الإبقاء على حصارها البري والبحري والجوي.
السيطرة على الأرض
تستغل إسرائيل نحو 76% من مساحة المناطق المصنفة (ج)، وتستخدم 18% من أراضي الضفة للقواعد والتدريبات العسكرية، بينما أدى جدار الضم والتوسع إلى عزل أكثر من 10% من مساحتها.
كما صادرت منذ عام 1967 حوالي 353 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية بدعوى تحويلها إلى “محميات طبيعية” بانتظار السيطرة الكاملة عليها.