الرئيسة \  تقارير  \  منطقة تقاطع نيران : تداعيات الحرب الإسرائيلية-الإيرانية على سوريا

منطقة تقاطع نيران : تداعيات الحرب الإسرائيلية-الإيرانية على سوريا

16.06.2025
منهل باريش



منطقة تقاطع نيران : تداعيات الحرب الإسرائيلية-الإيرانية على سوريا
منهل باريش
القدس العربي
الاحد 15/6/2025
شهدت مناطق شرق سوريا استنفارا أمنيا وتوترا الجمعة، تزامنا مع الضربة الإسرائيلية الواسعة ضد إيران، طال الاستنفار كامل المنطقة سواء التي تسيطر عليها “قسد” ومن خلفها التحالف الدولي شرقي نهر الفرات أو المناطق الممتدة بين نهر الفرات وقاعدة التنف جنوبا والتي تنتشر فيها إدارة حرس الحدود المتشكلة حديثا والفرقة 86. وردت قوات الجيش السوري الجديد على مصادر نيران مجهولة، مصدرها الجانب العراقي.
في الأغلب، ستنال سوريا حصة لا تفضلها، من الأضرار الجانبية مثل سقوط مقذوفات على المواطنين وممتلكاتهم بالخطأ، باعتبار أن السماء السورية مفتوحة بحكم الواقع للمقذوفات المتبادلة بين الطرفين، كما أن السماء السورية والأردنية هما منطقة العمليات الاعتراضية قبل دخول الصواريخ والمسيرات الإيرانية الأجواء الإسرائيلية.
من المتوقع أن تتجه التطورات إلى صراع مفتوح، وأن لا يتوقف الهجوم المتبادل بين إسرائيل وإيران في القريب العاجل، خصوصا من الخسائر الكبيرة المتركزة في البرنامجين النووي والصاروخي، إضافة لمقتل أغلب قادة الصف الأول في وزارة الدفاع والحرس الثوري.
ويرجح الباحث السوري عمار جلو عودة الضربات الإسرائيلية المكثفة شبيهة بتلك التي استبقت سقوط نظام الأسد بأشهر، تستهدف خلايا محلية أو غير محلية موالية لإيران أو خطوط إمداد وتهريب أسلحة لحزب الله اللبناني، أو حتى لتسلل فصائل عراقية إلى الساحة السورية لتنفيذ عمليات مؤازرة لإيران من سوريا. ولفت جلو في حديث مع “القدس العربي” أن القصف المحتمل “سيكون مفيدا لسوريا، عبر تنظيفها من خلايا موالية لإيران”.
وفي حال انجر الطرفان لصراع مفتوح وطويل، فإنه سيجعل من سوريا ساحة إنطلاق أو عبور عمليات من قبل الجانبين. وفي هذا السياق قال معن طلاع، مدير الأبحاث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية لـ”القدس العربي” إن استمرار الحرب سيجعل الإقليم قلقا وسينعكس على سوريا ويخلق توترا أمنيا على الحدود العراقية، كما أن موقع سوريا الجغرافي باعتبارها منطقة تقاطع نيران سيعيق مسارات التنمية وإعادة الإعمار وهو التحدي الأبرز لحكومة الشرع.
على الصعيد الجيو سياسي والتوصل إلى اتفاق أمريكي مع إيران، يعني خسارة الأخيرة لكثير من أوراقها في المنطقة بما فيها سوريا، وهو ما يعني إعادة صياغة التفاهمات بين أنقرة وتل أبيب ويغير قواعد فض الاشتباك بين الدولتين وبالتالي سيكون التركيز الإسرائيلي على فرض مشهد أمني جديد في جنوب سوريا.
وحول الحدود العراقية-السورية، يرى جلو أن الصراع الطويل سيجعل إيران تجدد المحاولة للعودة إلى الساحة السورية. ما يعزز “توريط” دمشق بمواجهة الميليشيات العراقية أو سواها من الميليشيات الولائية الراغبة بمساندة طهران في أي ساحة ممكنة.
اشتباك في البوكمال
أطلق مجهولون قذيفة “آر بي جي” على نقطة عسكرية سورية جنوب مدينة البوكمال بالقرب من معبر الهري، وهو المعبر الذي كانت تستخدمه الميليشيات الإيرانية كمعبر عسكري خاص، وجرى استهدافه عشرات المرات من قبل الطيران الإسرائيلي خلال الأعوام الأخيرة. وأشار مصدر عسكري في الجيش السوري من أبناء منطقة البوكمال في اتصال مع “القدس العربي” إلى “أن الفصيل العراقي النشط في منطقة القائم وجنوبها هو حزب الله العراقي ومن غير المحتمل أن يكون إطلاق النار على الدورية السورية حصل بدون تنسيق وإشراف من الفصيل المذكور، خصوصا وأنه المشرف على معبر الهري من الجانبين السوري والعراقي سابقا”. وتداول ناشطون شريطا مصورا لعناصر في الفرقة 86 في الجيش السوري التي يقودها العميد أحمد الهايس (ابو حاتم شقرا) وهم يردون بالرشاشات الثقيلة على مصدر إطلاق النار على الجانب العراقي، ويعتبر تبادل إطلاق النار هو الأول من نوعه منذ سقوط نظام بشار الأسد.
وأشار مصدر أمني سوري أن الهجوم الحدودي يأتي في سياق “تعطيل إعادة تشغيل معبر البوكمال الحدودي والذي كان مقررا يوم السبت، وبالفعل تم الافتتاح ولم يقف الهجوم عائقا بين الدولتين”، وختم في اتصال مع “القدس العربي” أن “الفصائل العراقية خارج إطار الدولة تضررت من افتتاح المعبر وإغلاق معابر التهريب التي كانت تسيطر عليها”.
أعلنت هيئة الطيران المدني السوري، الجمعة، إغلاقا مؤقتا للأجواء السورية، ضمن إجراءات السلامة الاحترازية.
وأعلنت الهيئة أن بعض الممرات الجوية ستبقى مفتوحة في المنطقة الوسطى والشمالية من البلاد، وتشمل هذه الممرات تلك التي تربط بين مطاري دمشق وحلب وشبكة الممرات الجوية الدولية.
وقال رئيس هيئة الطيران أشهد الصليبي، “هذا الإجراء يأتي كجزء من المتابعة الدقيقة لتطورات الوضع الجوي في المنطقة، وسنقوم بإعادة تقييم القرار فور انتهاء المدة المحددة، مع إمكانية تمديده أو إعادة فتح الأجواء، وفقاً لما تقتضيه متطلبات السلامة”.
ودعا الصليبي جميع شركات الطيران والمواطنين إلى متابعة التحديثات الصادرة عن الهيئة، مؤكداً أن “سلامة المسافرين والطواقم الجوية هي في مقدمة أولوياتنا”.
وفي سياق منفصل دعا وزير الطوارئ والكوارث السوري، رائد الصالح، المواطنين إلى عدم التجمهر أو الصعود إلى الأسطح لمتابعة التطورات الميدانية، حفاظاً على سلامتهم، في ظل التصعيد العسكري الذي تشهده المنطقة بين إيران وإسرائيل.
وقال الصالح في تصريح إنه “في ظل التصعيد العسكري في المنطقة، نهيب بالمواطنين عدم التجمهر أو الصعود للأسطح لمراقبة ما يحدث، وذلك حفاظاً على سلامتهم”.
كما حذر الوزير من الاقتراب من أي “جسم غريب أو حطام” قد يسقط نتيجة الأحداث الجارية، مشدداً على ضرورة “عدم لمسه، وترك التعامل معه لفرق الهندسة أو فرق إزالة مخلفات الحرب”.