اخر تحديث
الأحد-05/10/2025
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أسماء شهداء الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ من نيويورك إلى سوريا: دروس هندسية من تجربتي في إزالة أنقاض مجمع التجارة العالمي بنيويورك
من نيويورك إلى سوريا: دروس هندسية من تجربتي في إزالة أنقاض مجمع التجارة العالمي بنيويورك
05.10.2025
المهندس هشام نجار
من نيويورك إلى سوريا: دروس هندسية من تجربتي في إزالة أنقاض مجمع التجارة العالمي بنيويورك
المهندس هشام نجار
مدير المشاريع الهندسية لإدارة الصحة بنيويورك
أعزائي القراء..
إنهيار مجمع التجارة العالمي في نيويورك في 11 ايلول 2001 كان مفاجأة كبرى للعالم ، وبحكم عملي في إدارة التصاميم الهندسية والاشراف على المشاريع في مدينة نيوبورك ، فكنت أحد المهندسين المختارين للقيام بمهمة الاشراف على الشركات المتخصصة بإزالة الانقاض بوزن تقريبي لكل برج حوالي 500,000 طن، مما يشير إلى أن الوزن الإجمالي للأنقاض من البرجين في حدود مليون طن كحد أدنى .
خبرتي في هذا الموضوع ممكن توظيفها في وطني سوريا في الشروع في المرحلة التحضيرية للبناء والتعمير .
المرحلة الأولى: المسح الميداني وتقييم سلامة الموقع بعد الكارثة
( يضاف لهذه المرحلة في سوريا مرافقة فريق متخصص في إزالة الألغام وبقايا القذائف التي خلفها العدوان الاجرامي على الأبنية والمنشاءات الأخرى )
عقب إنهيار مجمع التجارة العالمي في نيويورك يوم 11 أيلول 2001، كانت الساعات والأيام الأولى حاسمة في تحديد نهج التعامل مع موقع الإنهيار، والذي أطلق عليه رسميًا اسم “
Ground Zero
”.
المهمة التي أوكلت لنا ، لم تكن مجرد إزالة أنقاض، بل عملية هندسية معقدة ومتكاملة شملت تقييم السلامة الإنشائية للمحيط، وتأمينه ضد أي انهيارات ثانوية محتملة، ثم وضع خطة منهجية دقيقة لرفع الأنقاض وفرزها ومعالجتها.
1. المسح الميداني وتقييم المخاطر
تم تقسيمنا إلى فرق هندسية، بإشراف مباشر من سلطات المدينة في تقييم إستقرار الهياكل المحيطة، ولا سيما الأبنية المجاورة التي تعرضت لتشقق أو تشوه حراري.
تم استخدام أجهزة قياس الانحراف والتي تلصق على الجدران والأسطح لمعرفة تزايد فتحات الشقوق في كل ساعة ، ومرافبة الإهتزاز وأدوات تحديد أماكن الحرارة تحت الأنقاض، قبل السماح لأي آلية ثقيلة بالدخول.
كان الهدف الأول هو حماية الأرواح وضمان عدم وقوع حوادث إضافية خلال عملية الرفع، إذ كانت بعض القطع المعدنية الضخمة غير مستقرة وتشكل خطرًا كبيرًا على فرق العمل.
2. فرز المواد وتحديد القيمة
منذ اليوم الأول، تم إعتماد نظام فرز ميداني دقيق للأنقاض إلى فئات محددة:
- فولاذ هيكلي قابل لإعادة التدوير.
- خرسانة متفتتة تستخدم لاحقًا في مواد الردم و الأرصفة.
- معادن غير حديدية (نحاس، ألمنيوم، رصاص).
- مواد حساسة مثل الأجهزة الإلكترونية أسلاك من مواد ثمينة و زئبق، إضافة للوثائق، والمقتنيات الشخصية.
لقد كانت عملية الفرز تحت مراقبة أمنية مشددة للغاية، نظرًا لاحتمال وجود أدلة جنائية أو مواد ذات قيمة عالية سواء مالية أو رمزية، لذلك كانت كل شاحنة تُوزن وتُسجل إلكترونيًا قبل مغادرتها الموقع.
وقد نُقلت المواد القابلة للتدوير إلى مواقع معالجة معتمدة في ضواحي نيويورك، فيما أُرسلت كميات كبيرة من الأنقاض إلى مرامي محددة في ولاية نيوجرزي تم اختيارها بعد دراسة بيئية دقيقة لضمان عدم تأثيرها على السكان أو المياه الجوفية.
ومن الجوانب اللافتة أن المبنى كان قائماً على أعمدة فولاذية من نوع
I-Beams
عالية الجودة حيث يبلغ ارتفاع كل برج حوالي 417 مترًا، ، وقد تم تجميعها وفحصها ثم طرح جزء كبير منها في مزادات علنية عالمية تحت رقابة أمنية. وتشير معلومات لاحقة إلى أن الهند اشترت كميات معتبرة من هذه الأعمدة لاستخدامها في مشاريع إنشائية ضخمة،
3. الجوانب البيئية والصحية
نُفذت عمليات الرش المستمر بالماء لتقليل انبعاث الغبار، وتم توزيع كمامات خاصة على جميع العاملين مع كفوف ولباس خاص خشية تسرب ذرات من مادة الاسبيتوس المسببة لسرطان الرئة مع ضرورة أخذ حمام يومي بعد إنتهاء العمل لمنع أي عوالق ضارة بجسم الإنسان، كما أُجريت تحاليل هواء وماء يومية .
لذاك أكرر وأقول إن أحد أهم الدروس المستفادة هو : أن إزالة الأنقاض ليست عملية هندسية فقط، بل هي مهمة بيئية وصحية تتطلب مراقبة طويلة الأمد.إنها أمور هامة يتطلب تنفيذها لمرحلة قبل البناء في سوريا فهذه الأحتياطات ليست من الكماليات.
4. الدروس المستفادة لسوريا في مرحلة إعادة الإعمار
أعزائي القراء …
تُظهر هذه التجربة أن إدارة الكارثة الناجحة تبدأ من أول شاحنة أنقاض تُرفع من الأرض
في سوريا، حيث تنتظر المدن المدمرة انطلاقة إعادة الإعمار، يمكن الاستفادة من هذه الخبرة عبر:
- إنشاء مراكز فرز ومعالجة للأنقاض القابلة للتدوير.
- اعتماد مرامي صحية بعيدة عن المناطق السكنية والمياه.
- إشراف هندسي وأمني موحد لضبط عملية ازالة المواد المتفجرة والنقل والوزن والتوثيق.
في المقال القادم:
المرحلة الثانية – آليات الرفع والنقل والتعامل مع الحديد المنصهر والبنى المتشابكة.
أرجو تحقيق إلاستفادة
مع الشكر للمتابعة .