الرئيسة \
تقارير \ لوفيغارو : خيارات واشنطن الدبلوماسية حيال النيجر تثير قلق باريس
لوفيغارو : خيارات واشنطن الدبلوماسية حيال النيجر تثير قلق باريس
16.08.2023
القدس العربي
لوفيغارو : خيارات واشنطن الدبلوماسية حيال النيجر تثير قلق باريس
باريس- “القدس العربي”:
الثلاثاء 15/8/2023
تحت عنوان: “بعد الانقلاب في النيجر.. باريس تخشى من أن تتجاوزها واشنطن”، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، إن الولايات المتحدة الأمريكية برفضها منذ البداية وبشكل واضح، التدخل العسكري في النيجر، يبدو أنها تريد التحدث مع منفذي الانقلاب ضد الرئيس المعزول محمد بازوم.
ففي قصر الإليزيه ومقر وزارة الخارجية الفرنسية، فإن الخيارات الدبلوماسية الأمريكية موضع تساؤل. فالولايات المتحدة أظهرت حضوراً قوياً منذ بداية الأزمة في النيجر، بما في ذلك الزيارة التي قامت بها الشخصية الثالثة في الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند، يوم السابع من شهر أغسطس الجاري إلى نيامي، حيث أجرت محادثات وصفتها بالصريحة والصعبة مع كبار مسؤولي المجلس العسكري الحاكم. وتنقل “لوفيغارو” عن مصادر في الإليزيه والخارجية الفرنسية، قولها: “الأمريكيون فعلوا بالضبط عكس ما اعتقدنا أنهم سيفعلونه”.
“لوفيغارو”، أشارت إلى أن فرنسا اتّخذت منذ بداية الأحداث خطاً واضحاً وبدون تردد، والمتمثل في إعادة محمد بازوم إلى منصب الرئيس.
فبالنسبة لإيمانويل ماكرون، فإن مصداقية فرنسا، لا سيما من الخطاب حول الديمقراطية، على المحك، كما تنقل الصحيفة عن دبلوماسي فرنسي لم تذكر اسمه. أما الأمريكيون، حتى لو كانوا قلقين أيضا بشأن العودة السريعة للنظام الدستوري، فإن الأولوية بالنسبة لهم هي الاستقرار في المنطقة، يضيف الدبلوماسي الفرنسي.
على غرار الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد الأفريقي، أيّدت فرنسا قرار المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) عندما أعلنت الأخيرة يوم العاشر من أغسطس الجاري تعبئة “قوة احتياطية”، وهو شرط مسبق محتمل لعملية عسكرية. من جانبهم، سارع الأمريكيون إلى إدانة الخيار العسكري، حيث شدد رئيس الدبلوماسية الأمريكية أنتوني بلينكين على أنه “لا يوجد حل عسكري مقبول”. وتوقفت الولايات المتحدة بهدوء عن المطالبة بإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى منصبه، مركّزة على إطلاق سراحه وظروف احتجازه.
كانت فيكتوريا نولاند -المشهورة في أوروبا بتصريح “اللعنة على الاتحاد الأوروبي” الذي أطلقته في أوكرانيا عام 2014- قد اشترطت زيارتها بلقاء الرئيس بازوم، لكن رفض الانقلابيين لهذا الشرط لم يعرقل زيارتها في نهاية المطاف. ووصول السفيرة كاثلين فيتزجيبون المرتقبة إلى النيجر، بعد عام ونصف من الشغور في المنصب، لم يساعد. ويعتبر مراقب فرنسي أن تعيين السفيرة الأمريكية في هذا التوقيت والسياق هو “اعتراف رسمي تقريبا من واشنطن بالانقلابيين في النيجر”.
التثبيت الاستراتيجي
“لوفيغارو”، نقلت أيضا عن دبلوماسي فرنسي متمركز في باريس، قوله إن “هدف الأمريكيين بسيط، وهو الحفاظ على قواعدهم.. وإذا كان يتعين عليهم نسيان مسألة العودة إلى الشرعية الدستورية لتحقيق هدفهم، فلن يترددوا”. ويضيف: “من المحتمل ألا يطرح الجيش النيجري مشكلة في مكان آخر.. فهم يعلمون أنه بدون قدرات المراقبة الأمريكية، فإن كل جهودهم لمحاربة الجهاديين ستذهب سدى”.
وتمتلك الولايات المتحدة قوة كبيرة نسبيا في النيجر، مع 1300 جندي بين قواعدهم في نيامي وأغاديز في شمال البلاد، وهي استراتيجية في نظر البنتاغون الأمريكي، إذ تقع في قلب ما يسميه الجيش “شريط الساحل والصحراء”. وهي قاعدة الإقلاع للطائرات الأمريكية بدون طيار، والمركز العصبي لقدرات الجيش الأمريكي الاستطلاعية في جميع أنحاء المنطقة، وخاصة في ليبيا، كما تُشير “لوفيغارو”.
اعتقد الأمريكيون أن لهم ميزة كبيرة مع الانقلابيين في شخص الجنرال بارمو، القائد السابق للقوات الخاصة، والذي أصبح قائدا لأركان الجيش، والذي تدرب على يد الولايات المتحدة، وحافظ على علاقة وثيقة بالأمريكيين. وهو الضابط الذي التقت به فيكتوريا نولاند خلال زيارتها لنيامي. وعلى الرغم من قنوات المناقشة الحالية، يشير كل شيء إلى أنه في الوقت الحالي، لم يُظهر “الرجل” أي علامة معينة على حسن النية تجاه المدربين السابقين، تقول “لوفيغارو”.
كبش فداء
تبقى الحقيقة أنه في الوقت الحالي، لم تطرأ أي تساؤلات حول اتفاقيات الدفاع الأمريكية من قبل السلطات في نيامي، على الرغم من مطالبة الشارع مرارا وتكرارا برحيل “جميع القوات الأجنبية من النيجر”. وعلى الرغم من أن فرنسا والولايات المتحدة تحتفظان بوحدات متشابهة الحجم نسبيا في منطقة الساحل، فإن معظم العداء تجاه القوات الأجنبية موجه ضد فرنسا، تُشير “لوفيغارو”. وتنقل الصحيفة عن مصادر دبلوماسية فرنسية قولها: “الولايات المتحدة، مثل حلفائنا الآخرين، معتادة على السماح لنا بتلقي الضربات”.
وتابعت “لوفيغارو” أن فرنسا بسبب ماضيها الاستعماري على وجه الخصوص، والدعاية السيئة التي نقلتها عملية برخان، تم تصنيفها (فرنسا) في وقت مبكر جدا من قبل السلطات العسكرية النيجرية على أنها كبش فداء للفشل الاقتصادي والأمني في البلاد، كما حدث في مالي المجاورة وبوركينا فاسو.
وأوضحت “لوفيغارو” أن الأمريكيين ليسوا الوحيدين الذين تميزوا عن الخط الفرنسي. في الوقت الحالي، لم يشكك أي من حلفاء فرنسا الموجودين في النيجر -ألمانيا، بلجيكا وإيطاليا- في شرعية مطالب السلطات العسكرية النيجرية، لا سيما عندما تطالب برحيل القوات الفرنسية.
في أوروبا أيضا، يلعب الجميع دورهم وفقا لمصالحهم. فألمانيا بحاجة إلى النيجر لضمان انسحاب قواتها من مالي. أما إيطاليا، المتواجدة عسكريا في النيجر، فهي أكثر اهتماما باستقرار البلاد مهما كان الثمن، لتفادي أزمة هجرة جديدة، حيث إن النيجر، في رأي روما، هي في الأساس أحد أقفال ممرات الهجرة بمنطقة جنوب الصحراء الكبرى.