الرئيسة \  تقارير  \  لا حياد بعد اليوم .. هل تضطر دول العالم قريباً للاختيار بين الصين وأمريكا؟

لا حياد بعد اليوم .. هل تضطر دول العالم قريباً للاختيار بين الصين وأمريكا؟

15.07.2023
تي ار تي عربي



لا حياد بعد اليوم .. هل تضطر دول العالم قريباً للاختيار بين الصين وأمريكا؟
تي ار تي عربي
الخميس 13/7/2023
في عالم يزداد ترابطاً، يشهد المشهد الجيوسياسي العالمي صراعاً كبيراً على السيادة بين عملاقين: الصين والولايات المتحدة. ومعه وجدت دول العالم نفسها في موقف حرج: أن تكون الولايات المتحدة حليفاً أمنياً لها، أو أن تكون الصين أكبر شريك تجاري لها.
"لا حياد بعد اليوم".. هل تضطر دول العالم قريباً للاختيار بين الصين وأمريكا؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا
مع تصاعد التوترات واشتداد المنافسة الأمنية والتجارية والتكنولوجية بين واشنطن وبكين، تجد العديد من البلدان - من أستراليا ونيوزيلندا، إلى اليابان وكوريا الجنوبية، ومن تايلاند والفلبين، إلى البرازيل وألمانيا - نفسها في موقف حرج: أن تكون الولايات المتحدة حليفاً أمنياً لها، أو أن تكون الصين أكبر شريك تجاري لها.
وسط معضلة الاختيار هذه، بات يُطرح سؤال مُلح - هل ستضطر دول العالم قريباً إلى الانحياز لأحد الجانبين؟. هذا ليس خياراً ترغب معظم الدول في اتخاذه. فعلى مدى العقود الماضية، أصبحت رؤوس الأموال الأجنبية تتمتع بمزايا أمنية واقتصادية من الارتباط بكل من الولايات المتحدة والصين، تدرك هذه الدول أن الانضمام إلى كتلة سياسية اقتصادية متماسكة سيعني التخلي عن منافع كبيرة من علاقاتها بالقوة العظمى الأخرى، وفقاً لتقرير نشره موقع فورين أفيرز.
ومع ذلك، لا تطالب الحكومتان الأمريكية والصينية صراحةً من الدول بالاصطفاف معها ضد منافستها، ليس بعد على الأقل، لكن الضغط لاختيار جانب في قضايا محددة أصبحت الآن سمة متكررة في الشؤون الدولية، ويمكن أن تكون مقدمة لفرز أوسع، حسب ذا أتلانتيك.
منافسة لا مفرّ منها
لاحظ جوزيب بوريل، كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، في اجتماع عام 2022 لمنتدى بروكسل- والمحيطين الهندي والهادئ أنه "لا تريد الأغلبية العظمى من دول المحيطين الهندي والهادئ، فضلاً عن الأوروبية، الوقوع في شرك خيار مستحيل".
بينما سارعت الولايات المتحدة إلى طمأنة حلفائها بأنها تشعر بالشعور نفسه. قال وزير الخارجية أنتوني بلينكين في مؤتمر صحفي في يونيو/حزيران: "نحن لا نطلب من أي شخص الاختيار بين الولايات المتحدة والصين". كرر وزير الدفاع لويد أوستن النقطة نفسها، متحدثاً في حوار شانغريلا في سنغافورة، على أن واشنطن لا "تطلب من الناس الاختيار أو البلدان للاختيار بيننا وبين بلد آخر".
صحيح أن واشنطن لا تصر على خيار الكل أو لا شيء، بالنظر إلى الروابط الواسعة التي تربط جميع البلدان - بما في ذلك الولايات المتحدة - مع الصين، فمن غير المرجح أن تنجح محاولة تشكيل كتلة متماسكة مناهضة للصين، لكن قد لا يكون من الممكن أن تجلس البلدان ببساطة على الحياد لفترة أطول.
فعندما يتعلق الأمر بمجموعة من مجالات السياسة، بما في ذلك التكنولوجيا والدفاع والدبلوماسية والتجارة، فإن واشنطن وبكين، في الواقع، تجبران الآخرين على الانحياز، حسب تقرير فورين أفيرز، المنافسة الأمريكية الصينية هي سمة لا مفر منها في عالم اليوم، ويجب على واشنطن التوقف عن التظاهر بخلاف ذلك، بدلاً من ذلك، يجب أن تعمل على جعل الخيارات الصحيحة جذابة قدر الإمكان.
هل تنجح واشنطن بالحفاظ على هيمنتها؟
أدى صعود الصين من دولة فقيرة إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم في غضون 40 عاماً إلى تشجيع الدولة الآسيوية على توسيع حضورها اقتصادياً وسياسياً وتقنياً، يرى الكثير أن هذا التطور يمثل تهديداً للولايات المتحدة يمكن أن يؤدي إلى تغيير زلزالي في النظام العالمي الذي ساعدت واشنطن في تشكيله.
وفقاً لـمعهد الولايات المتحدة للسلام، لا تريد الولايات المتحدة أن ترى الصين تهيمن على منطقة شرق آسيا التي لا تزال واشنطن شريكاً مهماً لبعض حكوماتها. منذ عام 2017، سعت كل من إدارتي ترامب وبايدن إلى استخدام نفوذ واشنطن في المنطقة لتشجيع حكومات تلك الدول على خفض مستوى علاقاتها مع جمهورية الصين الشعبية وإظهار الوحدة ضد الصين. عزز بايدن على وجه الخصوص الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة وقدم وعوداً جديدة للتعاون الاقتصادي والأمني.
بقدر ما فعلت خلال الحرب الباردة، سعت واشنطن إلى تعزيز رؤيتها لعالم مقسم بين دول ديمقراطية تلتزم بالقواعد والسلطوية التي تهدد السلام والاستقرار الدوليين، في حين أنها لا تطالب صراحة الدول بقطع العلاقات مع الصين كما فعلت خلال الحرب الباردة، فإن المبادرات الأمريكية ليست مصممة بمهارة للتنافس مع الصين وكسب الدول الآسيوية إلى جانبها. على سبيل المثال، أطلقت إدارة بايدن الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الآسيان في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وذلك بعد عام تقريباً من قيام الصين بتأسيس شراكة مماثلة مع الرابطة.
لا شك أن واشنطن تأمل في استخدام حضورها المعزز في المنطقة لتشجيع المزيد من العلاقات العسكرية والأمنية مع الولايات المتحدة مع تثبيط المشاركة في المبادرات الاقتصادية التي تقودها الصين، لكن الضغط على الدول الآسيوية للاختيار بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على واشنطن اليوم، حسب المعهد الأمريكي.
في حين أن مناهج إدارة التنافس بين القوى العظمى تختلف عبر المنطقة الآسيوية، أوضح معظم قادتها أنهم ينظرون إلى المنافسة بشكل عام على أنها خطيرة. عندما اشتعلت التوترات بين بكين وواشنطن - كما كان الحال عندما زارت نانسي بيلوسي تايوان العام الماضي - أعرب قادة الآسيان عن قلقهم بشأن التقلبات وشجعوا الحوار.
ماذا لو اضطرت الدول للاختيار؟
نظراً لأن الطبيعة المتغيرة للعلاقة بين الولايات المتحدة والصين تعيد تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي العالمي، تتساءل عدة دول عما إذا كانت ستضطر في النهاية إلى الانحياز إلى جانب معين. إذا تعلق الأمر بذلك، فسيختار الكثيرون الانضمام إلى أمريكا، وفقاً لفرازر هاوي، المحلل المستقل الذي كتب كتباً عن الصين ونظامها المالي.
على الرغم من أن الكثير من دول آسيا أصبحت أكثر ثراءً على خلفية الصعود الاقتصادي للصين منذ بدء إصلاحات الدولة الشيوعية قبل 40 عاماً، فعملاق شرق آسيا لم ينجح في تنمية قوتها الناعمة كثيراً، حسبما قال هوي لشبكة سي إن بي سي.
حسب معهد الولايات المتحدة للسلام، إذا أرادت الولايات المتحدة تعزيز نفوذها ومكانتها في آسيا، فإن اتباع نهج أكثر صبراً وأقل إصراراً سيخدم مصالحها على أفضل وجه. أولاً، تحتاج الولايات المتحدة إلى منح الصين مساحة للفشل. ثانياً، يجب أن تظل الولايات المتحدة منخرطة في آسيا من دون السعي لمواجهة كل مبادرة صينية. وأخيراً، يجب على الولايات المتحدة أن تضمن استمرار نجاح الديمقراطيات الآسيوية مثل كوريا الجنوبية.