الرئيسة \
تقارير \ قانون جديد يعزز سيطرة الأسد .. على أموال المنظمات الدولية
قانون جديد يعزز سيطرة الأسد .. على أموال المنظمات الدولية
17.08.2024
محمد كساح
قانون جديد يعزز سيطرة الأسد .. على أموال المنظمات الدولية
محمد كساح
المدن
الخميس 15/8/2024
يأتي القرار رقم (1692) لعام 2024، المتضمن النظام المالي والمحاسبي الخاص بالمنظمات غير الحكومية، استباقاً لمرحلة ما بعد الحرب، التي يمكن أن تشهد أولى مراحل إعادة الإعمار، وتعزيزاً أكبر لدور المصرف المركزي وأيدي المخابرات السورية في التحكم بتدفق الأموال عبر المنظمات غير الحكومية.
ونقلت جريدة "الوطن" الموالية، عن وزير الشؤون الاجتماعية والعمل لؤي عماد الدين المنجد، أن "إصدار النظام المالي الجديد جاء بغية تنظيم العمليات المالية في المنظمات غير الحكومية، وفق معايير عمل شفافة وواضحة للقائمين على هذه المنظمات وللمستفيدين والمتبرعين على حد سواء، وبهدف الإفصاح والشفافية بما يتناسب مع واقع عملها والمعايير الدولية بهذا الشأن".
وأكد أن "الوزارة اليوم بصدد إجراء مراجعة شاملة للأنظمة والتعاميم المرتبطة بقانون الجمعيات والمؤسسات رقم 93 لعام 1958، بما يلبي الاحتياج المالي لهذه المنظمات ويتفق وأحكام القانون".
ضبط نشاط المنظمات
ويرى الباحث ومدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم، في حديث لـ"المدن"، أن القرار الجديد والذي تأخر صدوره سنوات طويلة، يحضر للمرحلة المقبلة في سوريا، والتي تعتمد على التعافي المبكر والمرحلة الأولى من إعادة الإعمار، إذ تعتمد كلا المرحلتين على شركات الإعمار والمنظمات غير الحكومية، بشكل أساسي.
ويضيف أن "النظام يسعى إلى ضبط نشاط المنظمات سواء من الناحية المالية أو الأمنية، تحسباً لأي ضغوط ناجمة عن التطبيع العربي، يمكن أن تؤسس لمنظمات مجتمع مدني تعمل خارج الإطار الذي ترسمه حكومة النظام السوري".
ويأتي القرار، بحسب الكريم، ضمن الاتجاه الذي بدأته زوجة رئيس النظام أسماء الأسد، للاستحواذ على منظمات المجتمع المدني من جهة، وأموال التعافي المبكر من جهة أخرى.
وبناء عليه، يرجح أن "قطاع المنظمات الحكومية لدى النظام يمكن أن يغدو المسيطر على أموال التعافي المبكر، وبالتالي يفرض شروطه على المنظمات العاملة في مناطق المعارضة".
ويتوافق القرار مع قرار تجريم التعامل بغير الليرة السورية، ما يجبر المنظمات على التعامل بالليرة السورية، سواءً في تثبيت الموازنات أو دفع رواتب موظفيها، بخلاف ما كان يحدث سابقاً، ما يعزز من قبضة المصرف المركزي على هذه المنظمات، ويوفر له مزيداً من القطع الأجنبي.
ثغرات لصالح النظام
وبالرغم من أن البنود التي يضمها القانون تضبط عمل المنظمات غير الحكومية، إلا أن الأجدى كان تعديل القانون السابق وإصداره بنسخة جديدة، تلافياً للتناقض بين القانونين، بحسب حديث المنسق في المجال الإغاثي والطبي، مأمون سيد عيسى.
ويلاحظ سيد عيسى في حديثه لـ"المدن"، وجود عدد من الثغرات في القانون، تصب في صالح النظام السوري، وأهمها "عدم وضع قيود وضوابط لتدخل المخابرات السورية في شؤون المنظمات التي يمكن أن تتدخل تحت حجة مراقبة قواعد الصرف والتحصيل الخاصة بالمنظمات".
ويضيف أن "عدم توضيح معيار التدخل المخابراتي يترك المجال للمتنفذين في الحكومة، للتحكم في تدفق المساعدات، وإمكانية شطب أسماء مستفيدين تحت ذريعة كونهم من مناطق كانت معارضة للنظام".
وينتقد سيد عيسى المادة (13) من القانون، التي تحدد قيمة التبرعات وفق القيمة السوقية العادلة، بتاريخ الوعد والالتزام، نظراً لعدم استقرار قيمة صرف الليرة السورية، ما سيتسبب في مشكلات تتعلق بفارق قيمة الصرف. يضاف إلى ذلك أن التبرعات ستأتي عبر القنوات المصرفية الرسمية وفق الفقرة (5) من المادة (35) من القانون، التي تخلق فارقاً بين سعري الصرف الرسمي والنظامي.
ويعتبر أن هذا الفرق سيصب في صالح النظام، إذ سُرقت مئات ملايين الدولارات في السنوات الماضية، عبر هذا الفارق الكبير، الذي يُعتبر تجاوزاً لا يجب السكوت عليه من المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة.
بالموازاة، يستغرب سيد عيسى المادة (20) من القانون، التي تؤكد أن الليرة السورية هي العملة الوظيفية للعمليات والتقارير في المنظمة، نظراً لأنها تحتم على المنظمات تثبيت موازناتها بالليرة السورية، وسيكون هذا غير عادل بسبب اختلافات قيمة الليرة وعدم استقرارها، كما يمكن أن تشكل هذه المادة بوابة للسرقة من داخل بعض الموظفين الفاسدين ضمن المنظمات.
من جهة أخرى، يرجح سيد عيسى أن "يستفيد النظام من الفقرة المتعلقة بالتأمين على الممتلكات والأشخاص من خلال إحالتها إلى شركات التأمين الحكومية، ولأن رسوم التأمين كبيرة فستفتح المادة بوابة مصاريف واسعة، تستقطع من مبالغ التبرعات وتحرم قسماً لا بأس به من المستحقين لهذه التبرعات".