الرئيسة \  تقارير  \  عدوان إسرائيل “لحماية دروز سوريا”؟

عدوان إسرائيل “لحماية دروز سوريا”؟

19.07.2025
رأي القدس
رأي القدس



عدوان إسرائيل “لحماية دروز سوريا”؟
رأي القدس
القدس العربي
الخميس 17/7/2025
يوم الأحد الماضي، وفيما كان سائق سيارة خضراوات شاب من طائفة الدروز الموحدين يدعى فضل الله دوارة في الطريق إلى دمشق، تعرّضت له عصابة وسرقت منه مبلغا من المال. في السويداء، التي تعتبر المعقل الرئيسي للدروز في سوريا. حمّلت بعض الفصائل العسكرية التي تسيطر على المدينة المسؤولية لقبيلة بدوية تقيم في حيّ المقوّس في المدينة وتبادل الطرفان عمليات الخطف والقصف في مواجهات دموية عنيفة.
كان الرد الطبيعي من قبل السلطات السورية هو تحريك قوات لمنع المواجهات بين الطرفين، لكنّ دخول هذه القوات إلى القرى المحيطة الدرزية بالمدينة اعتبر من قبل أكثر القادة الدينيين الثلاثة تشددا ضد الحكومة السورية، الشيخ حكمت الهجري، والفصائل القريبة من تياره، محاولة من السلطات السورية لفرض سيطرتها على المدينة وليس فقط لوقف المواجهات وتثبيت الأمن، وهو ما أدى بإيعاز مباشر من الهجري، إلى مواجهات مع القوات السورية.
حصلت في هذه الأثناء، أشكال من الانتهاكات لمدنيين دروز (وكذلك لبعض الأسرى من الجنود والأمن) وكانت ذروة هذه الانتهاكات عملية إعدامات ميدانية لاثني عشر شخصا كانوا موجودين في مضافة لآل رضوان، إحدى العائلات الكبيرة في المدينة، كما حصلت عمليات سلب ونهب للممتلكات، وهو أمر يكشف عن عيوب تنظيمية وأيديولوجية خطرة ضمن القوات المنضوية ضمن مؤسسات الجيش والأمن السوريين بشكل شهد السوريون أمثلة خطيرة عليه أثناء أحداث الساحل السوري والمجازر التي تلتها ضد العلويين وهو ما أدى إلى ردود فعل عالمية ومطالب من “الاتحاد الأوروبي” لمحاسبة بعض المنظمات المحسوبة على دمشق.
في المقابل، يعكس الوضع بين دروز السويداء حالة من الصراع بين تيّارين بارزين، يمثّل الهجري وبعض الفصائل العسكرية، مثل “مجلس السويداء العسكري” اتجاها يرفض دخول السلطات السورية إلى المدينة، ويرتبط بعلاقات بارزة مع دروز إسرائيل الذين يقدّمون أشكالا من الدعم الماديّ لهذا الاتجاه، فيما يمثّل الشيخان حمود الحناوي ويوسف الجربوع وفصائل مثل “تجمع رجال الكرامة” الذي يقوده الشيخ ليث البلعوس، اتجاها آخر، يقول إن “الشيخ الهجري لا يمثل كل السويداء” وأنها “تحتوي تيارا وطنيا واسعا”.
رغم الاختلاف في المواقف فإن الحركة الآنفة قالت إنها أعلنت “النفير العام” بعد المواجهات ودفعت بمقاتليها إلى مواقع التماس “لحماية السلم الأهلي وردع من يستبيح أمن الناس” لكنّ الناطق باسمها قال إن الأحداث الجارية لا تتعلق باحتجاز سائق سيارة وسلبه مبلغا ماليا بل إلى “النيل من هيبة الدولة” السورية، ويرد على كلام الهجري حول وضع الرئيس السوري أحمد الشرع “أمام اختبار” بأن طرح الحكم الذاتي كان محل الاختبار وأن “النتيجة كانت فشلنا بالحكم الذاتي وإدارة شؤوننا”.
وجدت إسرائيل في الأحداث الأخيرة مناسبة جديدة للعدوان على سوريا فأعلن جيشها أنه أغار خلال 24 ساعة على 160 هدفا، حيث بدأ بقصف عناصر من الجيش والأمن داخل السويداء وريفها ودرعا، ثم توسّع القصف ليشمل غارات قرب مقر الأركان العامة والقصر الجمهوري، وأنه دفع بفرقتين عسكريتين إلى الحدود كما أمر بتوجيه عدد كبير من الطائرات، مشيرا إلى أن الهجوم “سيستمر أياما” وطالب وزيران إسرائيليان باغتيال الرئيس السوري، فيما اعتبر وزير الحرب السابق أن إسرائيل “لا تقوم بما يكفي لحماية الدروز”.
أعلن الشيخ جربوع، أمس، عن اتفاق جديد على وقف إطلاق النار و”اندماج المحافظة بالدولة” فيما طالب الشيخ الهجري، رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بـ”التدخل لحماية الأقلية الدرزية من الإبادة” قائلا: “لم نعد قادرين على التعايش مع نظام لا يعرف من الحكم إلا الحديد والنار”. يتجاوز تصريح الهجري، عمليا، كل ما سبق من دعوات “الحكم الذاتي” و”اللامركزية” إلى إعلان الرغبة في الانفصال.
لا يهمّ في هذا السياق، على ما يبدو، أن طلب الحماية من “الإبادة” المزعومة يوجّه إلى حكومة متهمة بالإبادة من قبل محكمة العدل الدولية، ومن مؤسسات في الأمم المتحدة، وأخرى حقوقية، ومن قبل دول وشخصيات عالمية، وأن نتنياهو شخصيا متهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولا يهمّ أيضا أن هناك خلافا رئيسيا ضمن الدروز السوريين أنفسهم حول الموقف من إسرائيل والدولة السورية، ولا يهمّ أن “حماية الدروز السوريين” على الطريقة الإسرائيلية، تعني القضاء على المقدرات العسكرية والأمنية للدولة السورية، وأشكال العدوان التي لم تتوقف على السوريين منذ سقوط نظام بشار الأسد حتى الآن.