شغْب على عنوان "حلب ست الكل"
والعنوان في حد ذاته تعبير عن شعور بالغبن، لا يشعر به عادة السيد ولا الست…
في حلب التي عرفناها يقلن، أعني صويحبات "امرأة العزيز"، وفي رواية صواحب "يوسف عليه السلام"
يقلن: "الست بدها جارية" ثم يردفن "والجارية بدها ست"
هل نحن في عصر "أن تلد الأمة ربتها!! " لست أدري!!
قلت وعنوان "حلب ست الكل" تعبير عن شعور.. ولكن الحرائر لا ينافسن الضرائر.. والغبن لحلب قديم قديم…
ذكرتني به بالأمس خطبة شيخ المجاهدين، وتقرير إحصائي للأمم المتحدة %80 من الدمار في سورية في حلب…ويقابله %80 في المائة مما يسمى أنوال الاستثمار في غيرها!!
لا أشكو فكما قلت عنوان "ست الكل" كان فيه نغر "لفظة حلبية أفهمها ولا أستطيع أن أستبدلها.. ونحن في فضاء هذا المضمار في غنى عن النغر…
وكنت قد مررت بكلمة "ست " في كتب الصرف يوم كنت أصرف في الممتع لابن عصفور، أو لعله في الخصائص لابن جني، أو لعلى في المزهر للسيوطي..
"وذكروا بأنه قد يحذف بعض حروف الكلمة إذا كثر استعمالها.."
ومثلوا لذلك بقولهم
أب من أبو..
ودم من دمو
وست من سيدة..
"تخففوا من يائها، وجعلوا دالها تاء، وعوضوها التشديد.."
في حلب نقول عن الجدة "نانا" ونانتي..
وكنت قد قمت بجولة للبحث عن هذا الاسمو في كثير من اللغات السامية والهندو أوربية فوجدته منتشرا انتشارا كبيرا.. ويطلق على النسوة الكبيرات والصغيرات..
وأن مداره في كل من يطلق عليهن: على التحبب والتودد والدلع.. وهو عند الطليان أشهر…
وفي مدن شامية أخرى يطلقون على الجَد "سيدي" بتخفيف الشدة على الياء أيضا، وعلى الجدة "ستي"
وست وستوتة وما أحلاها هلبنوتة..!! هكذا كنا ندلع بناتنا…
وتعرفت على ما يستعمله أهلنا في الجزيرة السورية وأسمعهم يقولون: "حبابة وحبابتي"
في الفرنسية يقولون: غراند بير وغراند مير وكذا في الانكليزية ونحوها…
من أجمل ما حفظناه من المأثور: سيد القوم خادمهم. وسيدتهم او ستهم كذلك…
يقولون إن رواية "وعليّ جمع الحطب" لا تصح..،
وقد لا يصح المأثور تدينا، ويصح معنى..
وإذا زعمنا أن حلب "ست الكل" فهي ست بنطاقين وليست من اللواتي قيل فيهن: نؤوم الضحا لم تنطق عن تفضل..
أيها الحلبيون والحلبيات أعدوا وأعددن لهذا العنوان نطاقا بل أنطقة ونطاقات ونُطق..نسميها في حلب الحديثة: الصدرية، يرتدي مثلها الحداد واللحام وبائع اللبن والطبيب!!
أما النطاق فهو ما يشد على الوسط أثناء الخدمة..
الخدمة للسيدات والسادة..قدامية.. تكون تحت الوسط وفوقه…
أما أهل التمسيد.. فيقول الحلبي ساخرا "وضع إيدو على سيدو" وكذا تقول الحلبيات عنها..
وإذا جاء الرجل إلى البيت بغير حمل قالوا: جاء يد من ورا ويد من قدام.. الرجل الحكيم يوزع مشترياته على أيام الأسبوع، حتى لا تكتشف من تفتح له الباب عوره أو شيبه أو صلعه..
وعلقوا على قول الأعشى:
وَأَنكَرَتني وَما كانَ الَّذي نَكِرَت
مِنَ الحَوادِثِ إِلّا الشَيبَ وَالصَلَعا..
فقال وماذا بقي منه بعد الشيب والصلع!! غير أن ترتجف اليدان وتختلج الساقان!!
آه يا ست الكل والزعم وفاء..
وسقاني أربعا في أربع…
رهير سالم
الثلاثاء 16/12/2025