الرئيسة \  تقارير  \  سورية وإسرائيل نحو اتفاق "خفض تصعيد": ماذا سيتضمن؟

سورية وإسرائيل نحو اتفاق "خفض تصعيد": ماذا سيتضمن؟

27.09.2025
عدنان علي



سورية وإسرائيل نحو اتفاق "خفض تصعيد": ماذا سيتضمن؟
عدنان علي
العربي الجديد
الخميس 25/9/2025
- تركزت المفاوضات السورية الإسرائيلية على اتفاق "خفض التصعيد" لوقف الهجمات الإسرائيلية مقابل عدم نقل معدات ثقيلة قرب الحدود، لكن التقدم كان محدودًا بسبب العطلات والتعقيدات السياسية.
- تواجه المفاوضات عقبات مثل إصرار سورية على العودة إلى اتفاق 1974 ورفض إسرائيل لذلك، بالإضافة إلى عدم وجود ضغوط أميركية كافية، وتدخلات إقليمية تزيد من تعقيد الوضع.
- تسعى إسرائيل للسيطرة على أراضٍ في الجنوب السوري، حيث استولت على 400 كيلومتر مربع وأقامت قواعد عسكرية، وترفض إدخال أنظمة تحد من أنشطتها الجوية.
انخفضت التوقعات في المفاوضات الجارية بين الجانبين السوري والإسرائيلي بشأن التوصل إلى اتفاق أمني شامل بينهما، إلى الحديث عن اتفاق "خفض تصعيد"، بما يذكر بالتسميات التي كانت سائدة في شمال غرب سورية برعاية روسية تركية، بين النظام السوري السابق والمعارضة. وذكر المبعوث الأميركي إلى سورية، توم برّاك، أن الجانبين السوري والإسرائيلي يقتربان من الوصول إلى اتفاق "خفض التصعيد" الذي سيكون خطوة أولى نحو الاتفاق الأمني الذي يتفاوض عليه الجانبان. وقال برّاك في تصريح للصحافيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مساء الثلاثاء الماضي، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "سعى إلى التوصل إلى اتفاق بين الجانبين سيتم الإعلان عنه هذا الأسبوع، لكن لم يتم تحقيق تقدم كاف حتى الآن، كما أن عطلة رأس السنة العبرية هذا الأسبوع أبطأت العملية". وأوضح أن اتفاق "خفض التصعيد" ينص على أن توقف إسرائيل هجماتها على سورية، بينما توافق الحكومة السورية على عدم نقل أي آلات أو معدات ثقيلة قرب الحدود مع الأراضي المحتلة، معتبراً أن "الجميع يتعاملون مع الأمر بحسن نيّة، وأن الاتفاق سيمثل انتصاراً لإدارة الرئيس ترامب".
رشيد حوراني: لا ضغوط جدية من الادارة الأميركية على إسرائيل تلزمها بالعودة إلى اتفاق 1974
الاعتداءات الإسرائيلية على سورية
وتجري سورية وإسرائيل محادثات للتوصل إلى اتفاق تأمل دمشق أن يضمن وقفاً لاعتداءات إسرائيل على أراضيها، وانسحاب قواتها التي توغلت في جنوب سورية. وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد قال إن إسرائيل قامت باعتداءات كثيرة على سورية بلغت نحو ألف غارة و400 توغل، وما زالت تحتل الجولان، لكن سورية تسعى لتجنب الحرب، لأنها في مرحلة بناء. وأضاف الشرع خلال لقائه بقمة كونكورديا في نيويورك، الاثنين الماضي: "نحن متجهون نحو التهدئة وأن تعطى سورية فرصة للبناء، وإذا نجحت التهدئة وكان هناك التزام من إسرائيل بما يتم الاتفاق عليه فربما تتطور المفاوضات". وأوضح انه إذا نجحت المرحلة الأولى من المفاوضات وتم التوصل إلى الاتفاق الأمني الذي يعيد إسرائيل إلى اتفاقية 1974، فستمضي دمشق نحو مناقشة ملفات أبعد، تتعلق بمصير الجولان المحتل، والعلاقة بين سورية وإسرائيل على المدى البعيد. وأكد استعداد سورية لمناقشة مخاوف إسرائيل الأمنية.
وأرجع الباحث في مركز جسور للدراسات رشيد حوراني عدم توصل الطرفين إلى اتفاق كامل لعدة أسباب، أولها "إصرار سورية على العودة إلى اتفاق فض الاشتباك 1974 بينما ترفض إسرائيل ذلك، وترى ضرورة الحفاظ على ما كسبته خلال توغلاتها البرية التي بدأت في 2022 واستمرت لما بعد سقوط النظام وسيطرتها على قمة جبل الشيخ". وأضاف حوراني في حديث لـ"العربي الجديد" أن السبب الثاني هو عدم وجود "ضغوط جدية من الادارة الأميركية على إسرائيل تلزمها بالعودة إلى اتفاق 1974 رغم أنها هي من رعت هذا الاتفاق". وإضافة إلى ذلك "تدخّل دول إقليمية في مسألة الجنوب السوري كتركيا والأردن، وتخوّف إسرائيل من دعم هذه الدول مستقبلاً للحكومة السورية وتقويتها، خصوصاً أن تركيا ترفض إخلاء الجنوب من السلاح الثقيل، كما تتخوف إسرائيل من التعاون العسكري المتنامي بين سورية وتركيا وما يمكن أن ينتج عنه من آثار مستقبلاً".
وحول ما يمكن أن يتضمنه الاتفاق المرحلي (خفض التصعيد) الذي يجري الحديث عنه، قال حوراني إنه سيتضمن على الأرجح "وضع حد للتوغلات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، ومعالجة وضع المهجرين من القرى التي توغلت فيها القوات الإسرائيلية، ووضع ضمانات ألا تعود سورية ممراً وشريان حياة لحزب الله وتمرير الدعم الإيراني له عبرها"، مشيراً إلى أن "إسرائيل تتخوف في حال استمرار ضغطها على الجانب السوري، من أن يتم هناك تحالف ضمني ما بين الأطراف المنزعجة من العربدة الإسرائيلية في سورية المتمثلة بتركيا وسورية وإيران. كما أن الاتفاق يمكن أن يشمل ما يعالج التخوفات الأمنية للكيان".
من جانبه، أعرب الباحث السوري رضوان زيادة عن اعتقاده بأن التعنّت في الموقف الإسرائيلي ورفض العودة لاتفاق 1974، ومحاولة فرض شروط جديدة، هي ما حدا بالجانب السوري إلى رفض هذه الطروحات. وعبّر زيادة في حديث لـ"العربي الجديد" عن اعتقاده أن الأولوية الآن هي محاولة الوصول، بدعم أميركي، إلى اتفاق مرحلي يوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية. وحول ما إذا كان الإخفاق في هذه الجهود انتكاسة لترامب الذي ربما سعى للوصول إلى اتفاق أمني كامل بين الجانبين يقدمه بمثابة إنجاز له، اعتبر زيادة أن الملف السوري ليس أولوية لدى الإدارة الأميركية الحالية رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها المبعوث توم برّاك والتي هي غالباً جهد شخصي من جانبه.
إبراهيم عبد الكريم: استولت إسرائيل على 400 كيلومتر مربع من الأراضي السورية منذ سقوط الأسد
أطماع إسرائيل في سورية
في الصدد، صدرت دراسة موسعة عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ومقره في بيروت، بعنوان "الجنوب السوري ومخاطر السيطرة الإسرائيلية" للباحث إبراهيم عبد الكريم، جاء فيها أن لإسرائيل أطماعاً في أراضي الجنوب السوري، وأن إسرائيل قدمت وثائق خلال المفاوضات مع سورية عام 2000 في عهد حكومة إيهود باراك تزعم أن هناك 58 ألف دونم مملوكة لليهود في سورية، منها خمسة آلاف دونم في الجولان، والباقي في أنحاء سورية، خصوصاً في منطقة حوران (محافظة درعا). وقال الباحث عبد الكريم لـ"العربي الجديد" إنه وفق تقارير إسرائيلية فإن مساحة الأرض التي استولت عليها إسرائيل في سورية منذ سقوط نظام الأسد نهاية العام الماضي بلغت 400 كيلومتر مربع، أقامت فيها عشر قواعد عسكرية من جبل الشيخ شمالاً إلى درعا جنوباً. وأضاف أنه حسب تقارير إسرائيلية، فقد أكد الجانب الإسرائيلي خلال الاجتماعات مع الأتراك في باكو عاصمة أذربيجان في إبريل/نيسان الماضي، على "خطين أحمرين" في سورية، هما: "نزع كل الأسلحة من المنطقة الواقعة في جنوبي سورية، حتى عمق 80 كيلومتراً من الحدود، وحرية طيران سلاح الجو الإسرائيلي في أجواء سورية ولبنان".
ووفق التقارير، فإن إسرائيل لن تسمح بإدخال أنظمة رادار أو أنظمة أخرى إلى سورية من شأنها أن تحد من أنشطة طيرانها، وأن الجيش الإسرائيلي يعمل على منع أي جيش أجنبي من الحصول على موطئ قدم في سورية. ولفت التقرير إلى أن جيش الاحتلال قسم المناطق الجنوبية بين الحدود ودمشق إلى ثلاثة مجالات عمل، الأولى منطقة الفصل بعمق حتى خمسة كيلومترات عن الحدود، والثانية مجال الأمن حتى 15 كيلومتراً عن الحدود، والثالثة مجال النفوذ الذي يتواصل حتى طريق دمشق السويداء، بعمق 60 إلى 65 كيلومتراً. وأوضح أن المسؤولين الأمنيين في إسرائيل يقولون إنهم بحاجة إلى الاحتفاظ بـ"منطقة سيطرة" بعمق 15 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، لضمان عدم إطلاق الصواريخ نحو الجولان، إضافة إلى الاحتفاظ بـ"منطقة نفوذ" تمتد بنحو 60 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، تكون خاضعة للسيطرة الاستخباراتية الإسرائيلية للتأكد من عدم نشوء تهديد في المستقبل.