الرئيسة \
تقارير \ سوريا اليوم .. من الحرب العالمية الثانية إلى 2025
سوريا اليوم .. من الحرب العالمية الثانية إلى 2025
12.07.2025
محمود حسن الدغيم
سوريا اليوم .. من الحرب العالمية الثانية إلى 2025
محمود حسن الدغيم
الجزيرة
الخميس 10/7/2025
الكاتب: في ديسمبر الماضي، سقط النظام أخيرًا، وأشرقت شمس كنا نعتقد أحيانًا أنها لن تشرق أبدًا! (الجزيرة)
مرت سنوات طويلة من القهر والمعاناة، سنوات كانت كفيلة بأن تغيّر وجه سوريا تمامًا.. 14 عامًا من ثورة صبَر فيها الناس، ودفعوا أثمانًا باهظة من أرواحهم وبيوتهم ومستقبلهم، قبل أن يسقط النظام الذي جعل سوريا في ذيل كل قوائم العالم.
هذا النظام لم يترك وسيلة لإذلال الناس إلا واستخدمها.. هرب السوريون إلى كل بقاع الأرض، حتى البحر لم يسلم من أحزانهم؛ غرق من غرق، ونجا من نجا، لكن الخوف لم يفارق وجوه من تبقّى. أصبح السوريون "زوارًا دائمين" على أبواب السفارات، وأوراقًا تنتظر الختم في الممرات الطويلة.
حتى الشباب، الذين كانوا يحلمون بمستقبلهم، صار همّهم الهروب من الخدمة الإلزامية، أو النجاة من الاعتقال، والجامعات تحوّلت إلى محطات انتظار للفرار، بدل أن تكون أماكن للعلم والحرية.
لكن في ديسمبر/ كانون االأول الماضي، تغيّر كل شيء.. سقط النظام أخيرًا، وأشرقت شمس كنا نعتقد أحيانًا أنها لن تشرق أبدًا! انتصر الشعب السوري، وبدأت مرحلة جديدة، لا تشبه شيئًا مما مضى.
سوريا اليوم تحتاج عقلًا جماعيًّا، وإرادة لا تهتز، ونقاشًا وطنيًّا واسعًا حول شكل الدولة التي نريدها. لا نحتاج فقط إلى الشعارات، بل إلى عمل حقيقي، طويل النفس، يبدأ من التعليم، ويمر بالمحاسبة، وينتهي بوطن يستحق الحياة
الآن، وبعد ستة أشهر فقط من هذا التحوّل، تبدو سوريا وكأنها تحاول الوقوف على قدميها للمرة الأولى؛ نعيش لحظة فارقة: بين الرغبة الكبيرة في النهوض، والواقع الصعب المليء بالحفر والعقبات.
وهنا، لا بد أن نتعلّم من تجارب الشعوب الأخرى.. ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية مثال يستحق التأمل؛ دولة خرجت من دمار شامل، لكنها لم تستسلم، بل بدأت مشروعًا وطنيًّا ضخمًا لإعادة البناء، ووصلت إلى ما هي عليه اليوم.
سوريا اليوم تحتاج عقلًا جماعيًّا، وإرادة لا تهتز، ونقاشًا وطنيًّا واسعًا حول شكل الدولة التي نريدها. لا نحتاج فقط إلى الشعارات، بل إلى عمل حقيقي، طويل النفس، يبدأ من التعليم، ويمر بالمحاسبة، وينتهي بوطن يستحق الحياة.
هذه ليست لحظة فرح فقط، بل لحظة مسؤولية.. نحتاج كل سوري، في الداخل وفي الخارج، من قاتل ومن كتب، من هاجر ومن بقي.. كلّنا مطالبون بأن نساهم، لأن النصر الحقيقي لا يكون بإسقاط النظام فقط، بل ببناء وطن لم يعرفه السوريون منذ زمن بعيد.